قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الثالث والعشرون

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الثالث والعشرون

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الثالث والعشرون

سطعت شمس يوم جديد، و غمرت المكان بأشعتها الذهبية، فسقط شعاع منها على عيني الصهباء التي وضعت كفيها أمام عينيها بتكاسل، و أعتدلت ناظرة حولها بتعب، و لكن لم تجد زوجها بجوارها، عقدت حاجبيها بإستغراب، و أمسكت هاتفها لتتصل به، و جاءها رده السريع، و قال معتصم:
-صباح الخير يا قمر
أبعدت الغطاء عن قدميها بعنف، و قالت بضيق:
-أنت فين يا معتصم؟ إزاي تنزل من غيري؟

أبتسم الآخير ليجيبها بنبرة لطيفة محاولاً إبعادها عن حالة الغضب التي ستسيطر عليها الآن:
-حبيبتي، أنتي طول الليل صاحية معرفتيش تنامي، و طالما نمتي يبقي مش هصحيكي، و أتصلت بمنير أخدت ليكي أجازة النهاردة و بكره
قاله جملته الأخيرة بتردد، فردت عليه زينة بنبرة تملؤها الشك:
-النهاردة و بكره ليه يا معتصم؟
تنهد معتصم بقلة حيلة، و أجابها:.

-لأني في مأمورية يا زينة، و يومين و هرجع إن شاء الله مش هتأخر عن كده، و مش عايزك تقعي في مصيبة و انا مش جنبك، و مفيش حد هيلحقك فأخدتلك أجازة
توجهت زينة نحو الصالون قائله بنبرة غاضبة:
-يعني مش بس سافرت من غير ما تقولي، لا كمان أخدتلي أجازة! بتقرر سيادتك بدالي! و أنا قبل ما أتجوزك كان مين بيلحقني؟ ولا كان بيجرالي أيه أصلا؟
ثم قالت بعناد شديد و هي تجلس فوق الأريكة:.

-أنا هغير هدومي و رايحة شغلي، و أنت بقا حر أقعد يومين أسبوع شهر سنة، خد راحتك ما أنت كده كده مش فارق معاك الجارية اللي أشتريتها في البيت
أبعدت الهاتف عن أذنها بسرعة ما أن أستمعت الي نبرته القوية و الحادة و هو يقول:.

-أياكي تخرجي من البيت يا زينة، أنتي عارفة أن سفري دلوقتي غصب عني، أنا في المنوفية و راجع بعد يومين، و أنتي متخرجيش، أنتي المشاكل مش بتستناكي تروحيلها دي بتيجي لحد عندك و انا مش عايز ارجع ألاقيكي ميتة، فاكرة كريم لما بعت رجالة طحنوكي في الشارع قبل ما نرتبط! ولا ثرية اللي خلت الحيوان بتاعها يشوه جسمك بالسوط و فضلتي تتعالجي شهور! ولا منى اللي جابت ناس تقتلنا في الشقة لولا أننا هربنا ولا ألفريد اللي خطفنا! ولا ال100 قضية و تحقيق اللي مسكناهم من لما رجعنا و كنا هنموت فيهم أكتر من مرة، البيت متخرجيش منه، و منير انا أكدت عليه و قالي مش هتدخلي حتى الجريدة لحد ما انا أرجع مفهوم؟

ثم أكمل بنبرة هادئة و حنونة:
-أنا بحبك و مش عايز أخسرك، أرجوكي راعي ده و متزعليش مني
أردفت زينة بغيظ و سرعة:
-أنا بكرهك يا معتصم، و هنزل الشغل وريني هتمنعني إزاي
أغلقت الهاتف في سرعة، و وقفت متجهة نحو غرفتها لتأخذ حمامها الدافئ قبل أن ترتدي ملابسها، و تتوجه نحو باب المنزل، حاولت فتحه ولكنها فشلت، فضربت الأرض بقدميها في غضب قائله:
-و كمان قافل الباب و عايز تحبسني يا معتصم.

نظرت الي هاتفها الذي أرتفع رنينه للمرة العاشرة، و كالعادة وجدته معتصم، أغلقت الأتصال و أغلقت الهاتف بأكمله، و وضعته في حقيبتها بإهمال، و بحثت عن مفتاح للباب و لكنها لم تجد أي نسخة أخري، وضعت يدها في خصلاتها لتسحب مشبك شعرها المعدني، و عالجت قفل الباب بسرعة و في مهارة، ثم أبتسمت بإنتصار و هي تعيد مشبك شعرها الي مكانه، و أغلقت الباب خلفها، و ألتفتت لتقف بصدمة تحتل كيانها عندما وقعت عيناها على أخر من تريد أن تراه في هذه اللحظة، صلاح.


أبعد معتصم الهاتف عن أذنه بغضب بعد أن سمع رسالة مسجلة أن هاتف زينة مغلق، ثم أتصل بجنات التي أجابته بسرعة قائله:
-أزيك يا معتصم؟ عامل ايه يا حبيبي؟
تنهد معتصم بهدوء، و أجابها:
-الحمدلله يا ست الكل، و انتي أخبارك أيه؟
-الحمدلله كويسة، خير في أيه على الصبح كده؟ مش عوايدك تتصل دلوقتي!
زفر معتصم بضيق و أجابها:.

-انا في مأمورية يومين في المنوفية، و سايب زينة في البيت و أخدتلها أجازة من الشغل علشان مش عايز أرجع ألاقيها في مصيبة، بس قالت أنها هتخرج و هتروح الشغل و زعقت و قفلت موبايلها، تقدري تتطمنيلي عليها و تخليها عندك اليومين دول بس
أبتسمت جنات من تصرفات صغيرتها و حيرة معتصم في أمرها كالمعتاد، و قالت:.

-حاضر يا معتصم، أنا هروح ليها بنفسي، و هجيبها تقعد معانا لحد ما أنت ترجع، و مش هخليها تعمل مصايب، هحاول يعني موعدكش
ضحك معتصم بخفة، و هتف:
-يكفيكي شرف المحاولة يا ست الكل، زينة دي عايزة تتكلبش في السرير و مش هتسكت بردوا، حاولي معاها
هزت جنات رأسها بالإيجاب و قالت:
-حاضر متقلقش، روح أنت شوف شغلك علشان ترجع ليها بسرعة، خد بالك من نفسك يا حبيبي.

-و أنتي كمان يا ست الكل، و خدي بالك على زينة، و سلميلي على جاسر و عمي
-يوصل يا معتصم، مع السلامة
أغلقت الأتصال، و نظرت أمامها بحيرة من امر أبنتها، ثم وقفت متجهة نحو خزانة الملابس مردفة بنبرة منزعجة:
-وربنا لو طلقك يبقي ليه حق

في أدغال البرازيل.

وقف سيرجي خلف شجرة، و قلبه يكاد يخرج من مكانه من شدة الخوف، بينما يقف عبدالله خلف شجرة أخري بجواره في صمت و هو يراقب هذا القط البري أمامهما، ينتظر اللحظة المناسبة للإنقضاض عليهما، فهمس سيرجي بخوف:
-اللعنة عليك سنموت بسبب أحلامك و أحلام ريهام، أريد الخروج من هنا.

أصدر القط صوتاً يشبه زئير الأسد، قبل أن يقفز نحو سيرجي الذي صرخ و أبتعد عن الشجرة بسرعة، ثم صدر صوت أطلاق نار، و أنتصب سيرجي واقفاً أمامه قبل أن يلتفت ليجد القط يصدر مواء ضعيف، نظر الي عبدالله الذي يوجه مسدسه الي القط، ثم قال بدهشة:
-لقد كان معك منذ البداية و لم تقتله!
رفع عبدالله كتفيه بلامبالاة قائلا:
-أستنيت اللحظة المناسبة و أديني قتلتله
أقترب منه سيرجي بغضب، و صرخ:.

-أنت مجنون، في البداية تأتي للبرازيل حتى نذهب الي الأدغال، ثم تترك الفوج السياحي و المرشد و الأمن، و الآن نحن نسير في وسط الأدغال لا نعرف طريق العودة، و حياتنا معرضة للخطر في كل لحظة تمر، ما الحل الآن أيها العبقري؟
سار عبدالله أمامه و تجاهله، فذهب سيرجي ورائه و أكمل صراخه:
-أجبني ما الحل؟
ألتفت له عبدالله بحذر، و نطق بعد تردد صغير:
-هنرجع للطريق، و هناك هنلاقي عربيتي و هنرجع للفندق.

عقد سيرجي ساعديه بملل، و سأله من جديد:
-ياللبساطة، كيف لم أفكر في هذا؟ كيف سنعود و نحن نجهل الطريق؟
أبتسم عبدالله ببلاهة و أجابه:
-ما هو ده السر، أن أنا حفظت الطريق و أحنا جايين هنا، و عارف طريق الخروج من الأدغال!
وقف سيرجي معتدلاً، و نظر لها بصدمة و عدم تصديق، فعاد عبدالله خطوة للوراء قائلا بقلق:
-أحنا ممكن نرجع الفندق و بعدين تضربني عادي علفكرة، يلا نمشي.

ألتفت عبدالله ليكمل طريقه، فأمسك سيرجي بقميصه من الخلف، و أقترب ليهمس في أذنه بغضب:
-أقسم أنك ستندم على كل هذا القدر من الخوف و القلق الذي سببته لي
ثم تركه، و سار جواره في صمت، بينما كان عبدالله يحاول كتم ضحكاته حتى لا يهجم عليه سيرجي الآن، و بعد دقائق توقف في مكانه، و قفزت صورة ريهام الي رأسه، أرتفعت دقات قلبه في إشتياق، فنظر له سيرجي و سأله بقلق:
-ماذا؟ هل أنت بخير؟

نظر عبدالله حوله بتمني و أجابه:
-نفس الأحساس بتاع كل مرة، حاسس انها جنبي و حوليّا يا سيرجي، هي ممكن تكون عايشة؟ بس إزاي!
ربت سيرجي على كتفه بشفقة و قال:.

-لا تضيع عقلك بين صفحات الماضي، أنت تعلم جيداً انها ماتت، و لم تعد هنا بيننا، و لكن ربما أنت تشعر بروحها تحوم من حولك دوماً سعادةً بتنفيذ أحلامكما سوياً، ريهام ليست في هذه الدنيا، و لكنها هنا في قلبك تماماً، حافظ عليها بداخله، ولا تفسد عقلك من أجل أوهام لا أساس لها من الصحة
أشار الي صدر عبدالله الذي تنهد بوجع، و أكمل الطريق مع سيرجي في صمت..

عقدت زينة ساعديها أمام صدرها بضيق و قالت:.

-خير، صدقني لو فيه حد مش عايزة أشوفه في وشي دلوقتي هيبقي أنت، رجعت ليه أحنا مش كنا قفلنا صفحتك
أجابها صلاح بحنان، و هو ينظر الي عينيها تماماً:
-وحشتيني يا زينة، وحشتيني أوي
رفعت سبابتها في وجهه و أردفت بتحذير:
-لم لسانك و أتكلم عدل بدل ما أقطعهولك
أعتدل صلاح في وقفته، ثم قال برجاء:
-طيب ممكن ندخل نتكلم شوية، انا ما صدقت معتصم سافر يومين، عاوز أتكلم معاكي.

أمسكته زينة من قميصه بقسوة، و سألته و القلق يفطر قلبها:
-أوعي يكون سفر معتصم أنت ليك يد فيه!
هز صلاح رأسه بالنفي، و أجابها:
-لا و الله، أنا مراقبكم بقالي كتير، و أول ما عرفت انه سافر جيتلك علطول ممكن نتكلم بقاا
تركته زينة بسخرية، و أحاطته بنظراتها من رأسه الي قدميه قائله:
-لسه جبان و خسيس زي ما أنت، بس الفرق أنك نضفت شوية
ثم أكملت بحدة واضحة:.

-مليش كلام معاك، و لو هيكون فيه هيكون جوزي جنبي، فاهم ولا تحب افهمك بطريقة مش هتعجبك!
تمسك صلاح بالصندوق الذي يمسكه في غضب، و هتف بحدة:
-يمكن أه مليش علاقة بسفرية جوزك بس ده مش معناه أن فيه 2 بيراقبوه، و مستنيين مكالمة علشان يخلصوا عليه، تفتحي الباب بقاا و نتكلم دلوقتي، ولا أنا اللي أعاملك بأسلوب مش هيعجبك.

رفعت قبضته، و توجهت لكمتها الي فكه مباشرةً، و لكنه أمسك كفها بحدة، و قربها اليه أكثر قائلا:
-شكلك مستغنية عن جوزك و عن روحك، بقول يلا هنتكلم
حاولت زينة تحرير كفها من قبضته و لكنها عجزت تماماً عن هذا، بينما ألقي هو بالصندوق على الأرض، و أخرج مفتاح من بنطاله، و فتح الباب، ثم دفعها الي الداخل بعنف، و سحب الصندوق و دخل مغلقاً الباب خلفه، فنظرت له زينة بغضب قائله:.

-كمان مفتاح البيت معاك، انت عارف أنك دلوقتي في بيتي و لو قتلتك مش هاخد فيك 3 دقايق حبس
أقترب صلاح منها مرة أخري و قال بحب:
-عارف، ممكن نتكلم بقا، أنا مش عايز غير أننا نتكلم، و أوعدك أنتي و معتصم في أمان، أقعدي بقاا
جلس صلاح على الأريكة، بينما ظلت الآخري واقفة أمامه تعقد ساعديها أمام صدرها، ثم نظرت الي ساعة على الحائط و قالت:
-قدامك 5 دقايق، أتكلم و غور.

وضع صلاح الصندوق على الطاولة، و قال بإبتسامة:
-أول حاجة دي هدية بسيطة ليكي يا رب تقبليها
نظرت زينة للصندوق بملل، و قالت:
-مبقبلش هدايا، غيره
حاول صلاح تمالك نفسه، فرسم إبتسامة أخري و قال:
-حاضر يا حبيبتي
قاطعته زينه بنبرة حادة و قوية:
-لسانك!
زفر صلاح بضيق، و وقف قائلا:.

-بقولك أيه بقا، انا مش هسكت كتير، أنتي عارفة كويس أني بحبك و عايزك معايا، أتطلقي من معتصم و تعالي نتجوز، و هوفرلك كل اللي ممكن تحتاجيه، أنتي عارفة أني معايا فلوس أضعاف معتصم، و هخليكي عايشة أميرة
صفقت زينة بيدها مرة و تعالت ضحكاتها، بينما تراقبها نظرات صلاح الغاضبة، ثم قالت:
-أتجوزك! و أتطلق من معتصم صح! انت جاي تهزر ولا أيه؟ هتقول كلام مفيد ولا تبقي شرفتنا و أتفضل بره.

أمسك صلاح ذراعها بقوة، و قال بضيق:
-أنا مش بهزر، ولا بقول نكت، انا بقول بحبك و عايزك معايا، و برضاكي و من غيره هتكوني معايا و ليّا أنا يا زينة
دفعته زينة بقوة شديدة فسقط صلاح على الأرض، و قالت بنبرة مرتفعة و غضب:.

-لا يا أخويا فوق كده و صحصح، انا زينة السعيد، عارف يعني أيه! أنا لا كنت ليك ولا هكون، انا لواحد تاني لو تعرفه، أسمه معتصم، معتصم السيوفي، و الا أنت دلوقتي في بيته، يعني تقف كويس و تتكلم بإحترام، و إلا هوريك حرمه ممكن تعمل أيه فيك؟ و دلوقتي أتفضل بره و متورنيش وشك المقرف ده تاني، بدل ما هعملك فيه عملية تجميل، غور بره
وقف صلاح و قد تملك منه الغضب، و رتّب ملابسه، ثم أردف بنبرة متوعدة:.

-ماشي يا زينة، خليكي فاكرة أني جيتلك بالحسني و أنتي رفضتي، متبقيش تزعلي من اللي هيحصل
كاد أن يذهب، و لكن أوقفه صوتها الحاد و القوي تقول:
-أياك تفكر تمس معتصم بسوء، أنت في بيتي و أتهجمت عليّا و فيه كاميرات مراقبة في كل مكان في البيت، و على باب الشقة، يعني أي حاجة هتحصل لمعتصم هخلي عشماوي يمرجحك، يلا غور.

تركها صلاح و أنصرف غاضباً، و أغلقت هي باب المنزل، ثم جلست على الأريكة، و فتحت هاتفها، ثم أتصلت بمعتصم الذي أجابها بسرعة:
-أخيراً يا هانم
ظهر صوتها المختنق من رغبتها في البكاء، و هي تقول:
-خد بالك من نفسك
شعر معتصم بالقلق من نبرتها التي يعملها جيداً، فسألها:
-زينة مالك؟ حد عملك حاجة؟ انتي كويسة؟
هزت زينة رأسها بالنفي، و أنفجرت في البكاء و سردت له كل ما حدث، و صمت معتصم للحظات، ثم قال بحزم:.

-مامتك جايالك في الطريق يا زينة، هتروحي معاها عندكم و أياكي تخرجي من عندها لحد ما ارجع، و أنا هتصرف متقلقيش
تحدثت بنبرة ضعيفة و مرتجفة:
-خد بالك من نفسك علشان خاطري
أبتسم معتصم رغماً عنه و قال بحنان:
-حاضر، اهدي و بطلي عياط، أمسحي دموعك يلا، و قومي جهزيلك شنطة صغيرة علشان تروحي لمامتك، و أنا هفضل معاكي على الفون لحد ما هي تيجي و تروحوا.

هزت زينة رأسها بالإيجاب، و توجهت الي غرفتها لتبدأ بتجهيز حقيبة صغيرة، بينما يلقي معتصم على مسامعها عبارات مطمئنة حتى جاءت جنات، و أخذتها معها الي منزلها.

أغلق معتصم الأتصال أخيراً مع زينة، و زفر بضيق من صلاح، و شرد قليلاً يحاول التفكير في حل لإبعاد صلاح عنهما تماماً، و لكن قاطع شروده صوت أنوثي من خلفه، فألتفت محاولاً رسم إبتسامة، و سألها:
-خير يا فِكر؟ كنتي بتقولي أيه؟

رفعت فكر حاجبها الأيمن بتعجب، و عادت تكرر:
-بقول لحضرتك سرحان في أيه؟ النقيب شوكت و عصام مستنيينك من بدري
هز معتصم رأسه بتفهم، و توجه نحو الإثنان المتمركزان حول طاولة صغيرة، و قال بهدوء:
-أسف يا جماعة، كان معايا تليفون مهم، نرجع تاني للي كنا بنقوله
ثم نظر خلفه، و قال بحزم:
-أيه يا سيادة الملازم، هتفضلي واقفة كده!

أقتربت فِكر منهم و أعتذرت، و بدأ معتصم شرح المهمة و أبعادها، و تعاون الجميع لوضع أفضل خطة للهجوم على أكبر وكر للمخدرات في مصر..

أرتفع صوت جرس الباب، فتوجهت زينة لفتحه، و أبتسمت عندما وجدت كامل و جاسر أمامها، فدخل الأثنان الي المنزل و هم يطالعونها بنظرات تعجب من ملابسها المنزلية التي تجلس بها، و بعد أن جلس الجميع، سألها كامل بذهول:.

-أنتي بتعملي أيه هنا يا زينة؟ ولابسة كده ليه؟ أنتي أتخانقتي مع جوزك؟
أنقلبت ملامح زينة، و قالت بإعتراض:
-لا يا بابا بعد الشر، بس معتصم في مأمورية و قالي أجي أقعد عندكم هنا علشان مش عايز يرجع يلاقيني في كارثة
ثم نظرت الي جاسر بحماس، و سألته في فضول:
-عملت الأنترفيو؟
هز جاسر رأسه بالإيجاب في صمت، فعادت زينة تسأل:
-طب أيه الأخبار؟!
وقف جاسر في غضب، و قال بنبرة مرتفعة:.

-هيكون أيه يعني، عادي، كان يوم عادي جداً، ممكن بقاا توقفي فقرة الأسئلة دي لأني أتسألت بما فيه الكفاية النهاردة
أنكمشت زينة في مقعدها، و نظرت لجاسر بعتاب، و تركتهم و أتجهت الي غرفتها، فزفر جاسر بضيق و عاد يجلس على مقعده، و وجد كامل يربت على ظهره في حنان، و قال:
-أدخل أوضتك أنت كمان خد شاور و غير هدومك و أرتاح شوية، و أنا هبعت السواق يجيب أميرة و عماد من البيت، خلينا نقضي كلنا يومين هنا.

هز جاسر رأسه في صمت، و توجه نحو غرفته، بينما تنهد كامل بتعب من حال جاسر الذي ما زال متأثراً بقوة بعد موت ريهام، و توجه نحو المطبخ، فوجد جنات تستند الي الطاولة و التعب بادي على وجهها، أقترب منها بلهفة و قلق و سألها:
-جنات مالك؟ أنتي كويسة!
سحب مقعد بجوار الطاولة، فجلست جنات عليه بتعب، و أجابته:
-دوخة عادية يا كامل متقلقش، ما أنا بقالي يومين مش باكل كويس، وطي بس على الأكل ولا أقفل بدل ما يتحرق.

نفذ كامل ما قالته في صمت، ثم عاد إليها و سألها بعتاب:
-طب أنتي تعبانة، و زينة هنا مش بتعمل معاكي ليه؟
-و من أمتي أي حاجة أنت بتاكلها زينة بتمد إيديها فيها يا كامل؟ أنت عارف أكلك لازم اعمله بنفسي
أبتسم كامل بحزن و طبع قبلة صغيرة على كفها، و قال:
-طيب أبقي خليها تساعد بأي حاجة، متتعبيش نفسك يا جنات علشان خاطري
هزت جنات رأسها بالإيجاب، ثم سألته:
-جاسر كان بيزعق ليه؟

ربت على ظهرها بحنان، و أردف بشرود:
-متشغليش بالك أنا هتعامل، يلا قومي انتي أرتاحي و أنا هكمل الغدا
تركته جنات و غادرت المطبخ كما أمرها، و خلع هو جاكيت حلته الزرقاء، و وضعه على ظهر المقعد، ثم رفع أكمام قميصه القطني، و ألتقط هاتفه و أتصل بالسائق ليحضر أميرة و حفيده عماد، و عاد يغلقه ليكمل طهي الطعام بدلاً من زوجته..
.

أنتهي جاسر من أرتداء ملابسه، ثم خرج متجهاً نحو غرفة زينة، و دق الباب مرتان قبل أن يدخل، فنظرت له زينة بغضب، و قالت:
-أنا مش قولت قبل كده متدخلش غير لما أقولك
لكزها جاسر في ذراعها بخفة، و قال بمشاكسة:
-خلاص بقا متعمليش فيها زعلانة و مقموصة و مستنياني أصالحك
دفعته زينة عنها بحدة، و هتفت:
-لا و الله، طب أخرج بره بقاا.

أمسك جاسر ذراعها و حاول ضمها، و لكنها وضعت كفيها على صدره لتمنعه، و بعد عدة محاولات تمكن أخيراً، و قال لاهثاً:
-في أيه يا بنتي؟ كل ده علشان حضن! خلاص بقا متزعليش مني، أنا أسف يا ستي
أبعدته زينة عنها من جديد، و عقدت ساعديها أمام صدرها، و قالت بطفولة:
-لا مليش دعوة
وضع قبلة على خدها، و جلس امامها ممسكاً بكفيها و قال بحب:.

-متزعليش بجد، بس النهاردة كان يوم رخم أوي، و طلع فيكي، فكي بقاا مش عايزك زعلانة، أنا مليش غيرك
ضربته زينة على قدمه قائله بإبتسامة:
-خلاص سماح المرادي، أيدك على 500 جنيه بقاا
أنقلبت ملامح جاسر، و وضعه يده على أذنه قائلا:
-أيه ده مش سامع! السماعة شكلها بايظة ولا أيه؟
ضربته زينة على صدره، و ضحكت بخفة، ثم ضمته إليها بحب، فأبتسم جاسر و ضمها هو الآخر بإبتسامة...
.

مر يومان، و عاد معتصم الي القاهرة، و توجه مسرعاً نحو منزل كامل، و ما أن وصل حتى دق الباب بلهفة، فوجد زينة تفتح له، أبتسم بإشتياق قبل أن يحملها بين يديه، و تتعلق هي في عنقه بشوق، و قالت بحب:
-وحشتني أوي
دفن معتصم وجهه بين خصلاتها بحب، و أجابها:
-و أنتي كمان وحشتيني أوي
جاءهم صوت جاسر يقول بمشاكسة:
-طب مش على السلم كده، أدخلوا حضنوا جوه.

أبتسم معتصم، و كاد أن ينزل زينة و لكنها تعلق في عنقه بقوة، فقال بإحراج:
-أزيك يا جاسر
أبتعد جاسر عن الباب ليعطيهم فرصة للدخول، و أجابه:
-الحمدلله، حمدلله على سلامتك
-الله يسلمك
دخل معتصم الي المنزل، فأغلق جاسر الباب، و أردف:
-زينة جوزك جاي من سفر، أنزلي كفاية متتعبيهوش
أبتعدت زينة برأسها عن عنقه، و نظرت الي معتصم قائله:
-عايزني أنزل؟

أبتسم معتصم و هز رأسه بالنفي، فعادت تضمه من جديد بشوق، فسأل معتصم:
-فين بابا و ماما؟
أقترب جاسر يجلس على مقعد، و أجابه:
-نزلوا من بدري، خرجوا شوية سوا يغيروا جو، تعالي أقعد مفيش حد هنا، و أميرة نايمة جوه هي و عماد
هوي معتصم بجسده على أقرب مقعد، و زينة مازالت على قدمه تضمه إليها، فنظر معتصم بتساؤل على حالة زينة، و رفع جاسر كتفيه بجهل، فقال معتصم:
-حبيبتي مالك؟ أنتي كويسة.

أبتعدت زينة عنه، و أجابته:
-أه كويسة متقلقش، زهقت ولا أيه؟
وضع معتصم يده على خدها بحب، وأجابها:
-مزهقتش ولا حاجة، بس عايز أتطمن عليكي
أشار جاسر نحو غرفة زينة و قال:
-أدخل خد شاور و أرتاح شوية يا معتصم، و أنا هجيبلك هدوم، وأنتي يا زينة أعمليله أكل خليه ياكل.

هز الأثنان رأسهم بالإيجاب، و توجه معتصم نحو غرفة زينة، بينما توجهت هي الي المطبخ لتحضر له طعام خفيف، ثم خرجت بعد دقائق و توجهت الي غرفتها، و وضعت الطعام على طاولة صغيرة، و أقتربت من الحمام و دقت الباب بخفة، و سألت:
-انت نمت جوه ولا أيه؟

جاءها صوته يخبرها أن تدخل، فدخلت بتعجب، و وجدته يقف أمام المرآة، و يلف خصره بمنشفة، و يمسك بماكينة الحلاقة الأحتياطية التي يضعها في منزل كامل، فأقتربت منه و قالت بإعتراض:
-أنت بتعمل أيه؟
رفع الماكينة في يده، و قال بسخرية:
-سيادتك شايفة أيه؟
سحبت منه الماكينة و وضعتها مكانها، و جلست أمامه على رخام الحوض، و وضعت يدها على خديه قائله:
-أنت عارف اني بحب دقنك طويلة.

نظر معتصم الي نفسه في المرآة، و قال بتردد:
-طويلة! أنتي بتحبي دقني طويلة؟! أمتي ده!
أنكمشت ملامحها بذعر و قالت:
-نعم؟ هو أيه اللي امتي؟
نظر معتصم الي عينيها بذهول، و قال:
-لا فوقي كده، أنتي بتستعبطي صح؟ أنتي بتحبي دقني خفيفة
تكونت الدموع في عينيها، و قالت بنبرة مختنقة:
-بستعبط! أنا مش بهزر علفكرة؟
أستند معتصم على الحائط بتردد، و عقد حاجبيه بتعجب، ثم هتف:.

-لا ما أنا لسه لا أتجنيت ولا عندي الزهايمر! أنا بخفف دقني بإستمرار علشانك
لمح شبح إبتسامة على شفتيها سرعان ما أختفي، فأقترب منها ممسكاً ذراعيها بغيظ و قال:
-بتستعبطي عليّا أنا! طب وحياة أمك ما انا مخففها دلوقتي
تعالت ضحكات زينة، ثم تركها معتصم و خرج الي الغرفة، و دق الباب، فقال معتصم بغيظ:
-أدخل يا جاسر
دخل جاسر الي الغرفة، و نظر له بتعجب من هيئته، و سأله:
-مالك عفاريتك طالعة كده ليه؟

خرجت زينة من الحمام، و هي تحاول كتم ضحكاتها و لكن ما ان نظر لها معتصم حتى أنفجرت من جديد، فهز جاسر رأسه بتفهم، و قال:
-أه مقلب مستفز، عادي يا معلم المفروض تكون اتعودت، خد ألبس و أرتاح شوية
ثم وجه نظراته و حديثه الي زينة و قال:
-و أنتي بطلي رخامة، معتصم راجع تعبان أكيد
و توجه جاسر نحو الباب ليخرج، و لكن سرعان ما عاد ينظر الي معتصم، و قال بعدم رضا:
-وأبقي خفف دقنك، شكلك أوفر.

ثم تركهم و غادر الغرفة مغلقاً الباب خلفه، و كادت زينة أن تقترب من معتصم، لكنه تركها و توجه الي الحمام من جديد ليرتدي ملابسه، و خرج بعد دقائق صغيرة، و هوي بجسده على الفراش، فأقتربت منه زينة قائله:
-خلاص متتقمصش
أمسك معتصم كفيها، و أسقطها بجواره على الفراش في غيظ، و اعتلاها قائلا:
-أنتي عارفة أني لثواني تخيلت أنك مش بتهزري؟ و شكيت في نفسي!
أحاطت عنقه بذارعيها، قائله بحب:.

-متزعلش مني، خلاص بقا قلبك أبيض
تركها معتصم، و عاد ينام على الفراش في صمت، فوضعت زينة رأسها على صدره، و قالت بحزن:
-خلاص بقا يا معتصم ده مقلب صغير
أحاطها بذراعه ليطمئنها، فتمسكت هي اكثر بقميصه القطني، و قال معتصم بتعب:
-أنا منمتش بقالي يومين، و بجد عايز أنام، ممكن؟
رفعت زينة رأسها، و سألته بلهفة:
-طيب كُل حتى؟ أنت وشك أصفر و
قاطعها مربتاً على خصلاتها بحب، و هتف:
-بعدين، بجد عايز أنام.

هزت زينة رأسها بالموافقة، و أعتدلت على الفراش، فوضع معتصم رأسه على صدره، و ضمها بقوة، بينما أبتسمت هي و مررت أناملها بين خصلاته حتى غطي في نوم عميق..

بعد ساعات أستيقظ معتصم، و خرج مع زينة ليجلسوا مع باقي العائلة، و سرعان ما أستأذنوا ليعودوا الي منزلهما، و بعد نقاشات بسيطة، وافق كامل على ذهابهم، فتوجه الأثنان الي المنزل من جديد، و ما ان دخلا حتى جلسا على الأريكة بتعب، فأقتربت زينة برأسها من قدم معتصم، و نامت عليها، و سألته بفضول:
-كان في أيه بقا في المنوفية؟
عاد معتصم برأسه الي الخلف، و أجابها:.

-قبضنا على تاجر مخدرات كبير في مصر، و حرزنا حوالي 35 طن مخدرات
عقدت زينة حاجبيها بذهول، و سألته:
-كمية كبيرة أوي دي مش كده؟
هز معتصم رأسه في صمت، فأعتدلت زينة و سألته بحماس:
-جبتلي حاجة حلوه من هناك ولا نسيتني؟
وضع معتصم يده على رأسه، و قال بقلة حيلة:
-يا سلام، و هو أنا أقدر أنسي، أفتحي الشنطة و هتلاقي فيها الحاجة الحلوه يا نغة.

نظرت له زينة بتعجب، و جلست على قدمه، و رفعت وجهه ليقابل وجهها و سألته بحنان:
-مالك يا حبيبي؟ أنت مش مظبوط خالص
-بفكر في حل لزفت الطين صلاح ده غير إني أروح أقتله و أخلص منه
ثم قال بتذكر:
-أه صح، انا كلمت سعد بعد ما قفلت معاكي بشوية و قولتله ييجي يغير كالون الباب، و هتلاقي النسخ كلها في الشنطة بردوا أنا عديت عليه أخدتها منه، قومي بقا هاتي الشنطة اللي فيها كل حاجة دي.

أومأت زينة برأسها، و أحضرت الحقيبة عائدة بسرعة الي معتصم، ففتحها و أخرج منها حقيبة متوسطة و قدمها إليها، و فتحتها زينة بفضول فوجدت حقيبة ظهر صغيرة باللون الأبيض، فقال معتصم:
-دي الشنطة رقم 13 اللي أجبهالك، أسمع صوتك بتقولي معندكيش شنط هرميكي من البلكونة
وضعت قبلة عنيفة على خده الأيمن و قالت بفرحة:
-بحب ذوقك أعمل أيه!
رفع معتصم حاجبيه بشك و قال:
-ذوقي بس؟

أبتسمت زينة و كانت على وشك أن تجيبه بأنها تعشقه، و لكن قاطعها نظرات معتصم المتعجبة و المتجهة خلفها، فنظرت الي ما ينظر له، و أغمضت عينيها بضيق، فلقد كان الصندوق الذي أحضره صلاح لها، كم تمقت هذا الأبلة!
عادت تنظر الي زوجها من جديد، و وجدت في عينيه الكثير من التساؤولات، فتنهدت قبل أن تخبره أنها من صلاح، و سرعان ما فتحت عينيها بسرعة، و قالت بحماس:.

-أستني، هو مش وجود بصماته عليها يأكد أنها بتاعته، و هي هنا في البيت و أحنا مكناش في البيت، فهو كده أتهجم على بيتنا و
قاطعها معتصم بضيق و مازالت نظراته موجهة الي الصندوق، و هتف:
-هيخرج منها بسرعة يا زينة، ده محتاج مصيبة كبيرة علشان يفضل في السجن لحد ما يعفن.

ظهر الأحباط على وجه زينة، ثم نظرت الي الصندوق من جديد، و أقتربت منه و ألتقطته، ثم ألقته ببساطة شديدة في صندوق القمامة بجوارها، ثم عادت الي معتصم من جديد و جلست بجواره، فضمها الي صدره، و أمسكت هي بجهاز تحكم التلفاز و فتحته، فهمس معتصم بجوار أذنها تماماً:
-قومي غيري هدومك يا كسولة
أبتعدت زينة عنه بسرعة، و وجهت أصبعها أمام وجهه قائله بتحذير:
-متتكلمش بالطريقة دي في ودني، بتلغبط و قولت كده 100 مرة.

عاد معتصم يقترب منها من جديد و قال بنبرة ذات مغذي و عينيه تتركز أمام عينيها:
-طب ما تخليهم 101.

دفعته زينة بقوة، و قفزت مسرعة الي الغرفة لتبدل ثيابها، بينما زفر معتصم بضيق، و أمسك بجهاز التحكم و بدأ يغير المحطات بملل، حتى دق باب منزله، فنظر الي ساعة يده بتعجب، الوقت متأخر للغاية! من سيأتي الآن! و كان يعلم تماماً أنه لن يحصل على إجابة الا بعد أن يفتح باب المنزل، فأقترب و فتحه بهدوء، بينما كفه يتركز على سلاحه المعلق في حذامه، و أتسعت عينيه بدهشة عندما وجد أمامه أربعة: شقيقته الصغيرة نيرة، و زوجها مرتضي، و عمته الكبيرة شوقية، و أخيراً الأفعي ذات الوجه البشع و التي لم تكن سوي، عزة!

.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة