قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الرابع والعشرون

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الرابع والعشرون

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الرابع والعشرون

جلس الجميع في الصالون بعد الكثير من الترحيب، و جلست نيرة بجوار معتصم الذي يحتضنها بإشتياق، بينما أضطرت زينة للجلوس بعيداً عنه بجوار شوقية عمة مرتضي، فتحدث مرتضي أخيراً ببعض الإحراج:
-أعذرني يا معتصم جينا مرة واحدة، بس نيرة قالت أنها عايزة تعملهالك مفاجأة
وضع معتصم قبلة قوية على خدي نيرة، و أبتسم بفرحة قائلا:
-دي أحلي مفاجأة في الدنيا
ثم نظر له و سأله بإهتمام:.

-بس مش قولت هتيجي على الشهر الجاي؟!
هز مرتضي رأسه و أشار نحو عمته مجيباً:
-أه بس ده كان علشان عمتو عندها شغل، بس اتفاجئت بيها بتقول انها أجلت كل شغلها و عايزة تنزل خلال يومين، و مقدرتش أقول لأ و خصوصاً ان بابا تعبان
-ألف سلامة عليه، أن شاء الله هيقوم منها بالسلامة
أمّن الجميع على دعائه، فقالت شوقية بإبتسامة:
-طب مش يلا نمشي ولا أيه؟ كفاية كده خلينا نروح البلد!
نظر لها معتصم بدهشة و قال:.

-إزاي بس مينفعش أنتو لسه واصلين؟ هترتاحوا و هتقعدوا هنا يومين، ولا أيه يا زينة؟
أبتسمت زينة بترحاب، و أردفت:
-أكيد طبعاً مينفعش تمشوا، هتقعدوا هنا يومين لأن أكيد نيرة واحشة معتصم جداً و عايز يقعد معاها كتير، و أنتو تعبانين و لازم ترتاحو من السفر و البيت هنا كبير الحمد لله هيقضينا كلنا
أكملت زينة حديثها مع شوقية و مرتضي لإقناعهم، بينما نظر معتصم الي شقيقته الصغري بحنان و سألها:.

-عاملة أيه يا حبيبتي؟ أنتي كويسة!
أبتسمت نيرة، و أجابته بسعادة:
-كويسة جداً يا أبيه، كفاية أني معاك دلوقتي، أنت كنت واحشني اوي
أحتضنها معتصم بقوة و تنهد قائلا:
-بس أنتي جنبي بردوا يا نيرة و لسه وحشاني و مش عارف أشبع منك
همست في أذنه بطفولة:
-طنط زينة هتقنعهم نقعد هنا يومين، و هنفضل سوا علطول، حتى لما نيجي ننام مش هسيبك
ثم أبتعدت عنه و تبدلت ملامحها لتقول بعتاب:.

-بس أنا جيت ليك أهوه، انت ليه مش بتيجي ليّا هناك في بيت مرتضي؟
وضع معتصم قبلة صغيرة على خدها، فحقق هدفه و أبتسمت له فأجابها:
-لأن ظروف شغلي مش مخلياني عارف اخد أجازة طويلة أروح فيها لحبيبة قلبي، أوعدك أول ما هقدر هاجي أقعد معاكي يومين في أمريكا، مبسوطة بقا دلوقتي؟

هزت نيرة رأسها برضا، ثم تمسكت بملابسه بقوة فضمها معتصم الي صدره بحنان، ثم نظر الي زينة التي أبتسمت بحب من علاقته بصغيرته، و أخيراً بعد محاولات كثيرة وافقت شوقية على بقائهم هنا ليومين، و خلال كل تلك الأحاديث لم تتفوه عزة بحرف واحد، كانت تراقب معتصم و زينة في صمت، فتحدث معتصم لزينة:
-هتقدري تقومي تعمليلنا عشا ولا أطلب من بره!
وقفت زينة بإبتسامة و قالت:
-لا طبعاً هقوم، عن أذنكم.

أمسكت شوقية كفها بإحراج و قالت:
-حبيبتي ملوش لزوم
ربتت زينة على كفها الممسك بخاصتها، و قالت بإحترام:
-إزاي بس، كفاية وجودك في بيتنا، أنا لو أقدر هعملك وليمة كاملة مش عشا بس
شكرتها شوقية بإبتسامة إعجاب، ثم طلبت من زينة أن تساعدها في إعداد العشاء، و بعد نقاشات خفيفة وافقت زينة، بينما نظر مرتضي الي معتصم و تبادلوا أطراف الحديث حتى نامت نيرة على صدر معتصم بتعب، فوقفت عزة مقتربة منهما و قالت:.

-هاتها هدخلها ترتاح
هز معتصم رأسه بالنفي و قال بحدة:
-سيبيها معايا، انا هدخلها بعد ما تتعشي
أنحنت عزة ناظرة الي وجه معتصم و قالت بإبتسامة ماكرة:
-نيرة لو صحيت مش هتنام تاني، سيبني أدخلها
خرجت زينة بإبتسامة مرحة لتقول لمعتصم:
-حبيبي العشا جاهز
صمتت فجأة عندما وجدت عزة تقف في مقابل معتصم و تنحني أمامه بتلك الطريقة، فأقتربت منهما و أبعدت عزة بهدوء قائله بنفس إبتسامتها المرحة:.

-أيه ده القمر الصغيرة نامت؟ تعالي حبيبي دخلها ترتاح في أوضتنا
أمسكت عزة ذراع زينة و قالت بإبتسامة لطيفة:
-مفيش داعي أنا هدخلها
ربتت زينة على ذراعها بإبتسامة مستفزة و قالت:
-لا إزاي يا طنط ميصحش، أرتاحي أنتي و معتصم هيدخلها، يلا يا حبيبي
أمسكت عزة ذراع زينة بحدة بدون قصد و قالت:
-أيه طنط دي؟ أنا في سن معتصم علفكرة
أبعدت زينة كف عزة عنها، و قالت ضاغطة على شفتيها ببراءة مصطنعة:.

-بجد! معلش مخدتش بالي أصل شكلك أكبر منه بكتير، أتفضلي أرتاحي
وقف معتصم حاملاً نيرة بين ذراعيه الي غرفته، بينما أبتسمت زينة بإستفزاز الي عزة و عادت الي المطبخ، فجلست عزة بجوار مرتضي الذي قال بحدة:
-أنتي هتقعدي هنا شهر، أي حركة مش مظبوطة و الله العظيم لأجيب عمك يجيبك من هنا فهماني يا عزة
ردت عليه الآخري و هي تشتعل غيظاً منه:
-فهماك طبعاً، بس انت عارف ده بيكون غصب عني
همهم مرتضي بسخرية ليردد:.

-أه طبعاً غصب عنك، و علشان كده المفروض تكوني في مصحة نفسية يسيطروا عليكي، بس مع ذلك أنتي هنا، فبلاش تروحي مصحة يا عزة.

لم تجيبه و لكنها صمتت بغضب، هي تعلم أن مرتضي يعرف بأمر خدعتها، و لكنها دائماً ما تنكر هذا أمامه و تحاول التصرف بعفوية، و أخيراً بعد أنتظار سنتين بعيداً عن معتصم ها هي في منزله و لمدة شهر كامل، عادت تفكر بإنزعاج من زينة، تري هل ستتمكن من التقرب من معتصم بعد زواجه على الرغم من عجزها عن ذلك قبل الزواج! و لم تفكر و لو للحظات أن كل ما تتمناه من المحرمات..
.

عقدت ساعديها أمام صدرها بغيظ و هو يقف أمامها لا يعرف ماذا يفعل، فهمس أخيراً:
-زينة بالله عليكي خليكي أعقل من كده، ده احنا لسه بنقول يا هادي!
أمسكته من قميصه بحدة و قالت:
-أياك تسمح ليها تقرب منك فاهم يا معتصم بدل ما أرميك من البلكونة
ضمها معتصم الي صدره بحب و همس:.

-طب وطي صوتك نيرة نايمة، و حاضر مش هخليها تقرب مني، أنتي وجودك جنبي اللي مخليني موافق على وجودها هنا أصلا، متبقيش عيلة بقا و تزعلي من أولها، أنا لسه معاكي و هفضل كده
أبتعدت عنه لتنظر الي عينيه و قد أغرورقت عينيها بالدموع رغماً عنها و تمسكت بياقة قميصه، و قالت:
-أنت مقولتليش أنها حلوه قبل كده، هي أحلي مني
رفع معتصم كفيه ليحيط بوجهها، و أقترب منها قائلا بنبرة حنونة:.

-أبداً، و الله العظيم أنتي أحلي منها بمراحل، أنا مش شايفها أصلا، أنتي وجودك بيخليني مش شايف غيرك يا زينة
قلبت شفتيها و هي على وشك البكاء لتسأله:
-إزاي عرفت تقاومها زمان؟ هي فعلا حلوه أوي!
أبتسم معتصم و هو يشعر أنه أمام طفلة، و لكنه أجابها:.

-عرفت أقاومها علشان دي مرات أبويا، علشان ده حرام سواء هو عايش او ميت، علشان مينفعش، علشان أنا مش دي اللي تشدني حتى لو كانت حلوه، أنا لو كنت أختارت الرخيص من زمان يا زينة مكنش زمانك جنبي دلوقتي، انتي غالية أوي، مينفعش تحطي نفسك في مقارنة معاها أصلا، و علفكرة هي مكانتش كده، بس غالباً امريكا نضفتها شوية بس ده بردوا مش معناه أنها ممكن تعجبني بأي شكل من الأشكال، أنا بحبك أنتي و بس، و مش هكون لحد أو مع حد غيرك أنتي فاهمه.

هزت زينة رأسها بإبتسامة و هبطت دموعها رغماً عنها، فأحتضنها معتصم بحنان قائلا:
-متعيطيش، و يلا أمسحي دموعك خلينا نخرج ليهم.

مسح دموعها بأنامله، و وضع قبلة صغيرة على خدها، ثم أخذها و خرجا، لتتوجه هي للمطبخ حيث شوقية، و قاموا بوضع الطعام على المائدة، ليقترب الجميع و يشرعوا في تناوله في جو هادئ و مرح، و بعد أن أنتهوا وقفوا جميعاً أمام بعضهم في حيرة من أمرهم بشأن الغرف، و بعد محادثات طويلة أردفت شوقية:.

-خلاص انا و عزة كل واحدة هتنام على سرير في أوضة الأطفال، و مرتضي هينام في أوضة الضيوف و جيبوا نيرة تنام معاه، و أنتو في أوضتكم زي ما أنتم
هزت زينة رأسها بالنفي قائله بإبتسامة:
-معتصم عايز نيرة تنام في حضنه النهاردة، هياخدها منك النهاردة يا مرتضي
ربت مرتضي على كتف معتصم بإبتسامة و قال:
-خلاص براحتك، و لو عايز ترجعها تعالي عادي.

هز معتصم رأسه مع إبتسامة، و دخل الجميع الي غرفهم، و سحب معتصم ملابس لنفسه بسرعة و توجه نحو الحمام، فأقتربت زينة بغيظ و دقت باب الحمام قائله:
-متستعبطش يا معتصم بتجري على الحمام! أفتح عايزة أخد شاور
أجابها معتصم بلامبالاة من خلف الباب:
-أنتي عارفة أنا بقالي قد أيه قاعد بهدوم الخروج لحد ما أتخنقت! أنا عايز أخد شاور، عايزة تدخلي اتفضلي أنا مش قافل الباب بالمفتاح
أردفت زينة بذعر:.

-أنت عارف اني مش هدخل
-خلاص أبقي خلي كسوفك ينفعك، و أستني لحد ما أخرج
ترددت زينة قليلاً في أخذ ملابس لها و تدخل، ثم أبعدت الفكرة عن رأسها و جلست على الفراش بصمت في أنتظاره ليخرج، ففتح معتصم الباب و خرج عاري الصدر، و أقترب من زينة ليحملها بين يديه قائلا:
-مش هتدخلي غير كده
تمسكت برقبته بقوة و قالت بنبرة هامسة:
-معتصم نزلني، بقولك نزلني بدل ما أعلي صوتي و أصحي أختك تشوف أخوها المحترم بيعمل أيه.

نظر لها معتصم بدهشة و هتف:
-بعمل أيه؟ سيادتك مراتي ولا أنتي ناسية! خليكي يا أختي ياكش تولعي
أنزلها الي الأرض، و تركها و دخل للحمام من جديد مغلقاً الباب خلفه، فقلبت هي شفتيها بإنزعاج، ثم عادت تجلس في صمت، حتى خرج بعد دقائق و توجه الي المرآة في صمت ليعدل خصلاته، فأقتربت منه بتردد و كادت أن تتحدث و لكن قاطعها معتصم بنبرة هادئة:
-مش وقته الكلام، روحي خدي شاور.

تركها مرة أخري ليتجه نحو شقيقته الصغيرة و يجذبها لتنام على صدره و قد توسطت الفراش بينهما، فوقفت زينة في دهشة هذه المرة الأولي التي ستنام بها على ذات الفراش مع معتصم و لكن كلاً منهما في أتجاه معاكس للآخر، أتجهت للحمام في سرعة و اغلقت الباب خلفها..

بينما تنهد معتصم بحزن، فهو يعلم أنها بالتأكيد تبكي كعادتها في الداخل شدد على أحتضانه لصغيرته و أغمض عينيه في محاولة للنوم، و لكن هرب النوم من بين مخالبه، و أقترب الشوق ليقف مكانه، هو يشتاق لها يريد أن يضمها الي صدره، لا أن يتركها تبكي وحيدة في الداخل..
أبتعد عن نيرة، و أقترب من باب الحمام و دقه بهدوء و قال:
-زينة، أخرجيلي.

مرت ثواني قبل أن تفتح الباب لتقفز معانقة عنقه بقوة، و حاصرت خصره بقدميها، دفنت رأسها في عنقه و أكملت بكائها، فربت معتصم على ظهرها بهدوء و هو يهمس بإعتذارات لا تنتهي، ثم أختتم قوله قائلا:
-ممكن تهدي و تبطلي عياط، أنتي عارفة أني بكره دموعك.
أبعدت رأسها عن عنقه و مسحت دموعها و مازلت متعلقة بعنقه ليردف بحب:
-هتدخلي تاخدي شاور ولا تنامي
-هدخل
كاد أن ينزلها و لكنها تعلقت به أكثر، و قالت بتردد:.

-تعالي ساعدني
أبتسم معتصم و قال متجهاً بخطواته للداخل:
-سهلة يا ستي

جاء الصباح و شعرت زينة بأشعة الشمس مسلطة على عينيها بالإضافة الي صوت مرتفع بجوارها، أغمضت عينيها بقوة و دفنت رأسها في صدر معتصم أكثر، فضمها معتصم إليه، بينما أبتسم بنعاس و هو ينظر نحو نيرة التي أستيقظت و قالت:
-يلا يا أبيه قوم
وضع معتصم قبلة صغيرة على جبينها، و قال بإبتسامة:.

-هتلاقي مرتضي نايم في أوضة جنب باب الشقة روحيله على ما أصحي طنط زينة
هزت نيرة رأسها بسعادة و أسرعت تركض للخارج، بينما وضع معتصم قبلة صغيرة على شعر زينة و أردف:
-حبيبتي، يلا قومي ورانا شغل الساعة 7
رفعت زينة رأسها بنوم و سألته:
-هو مينفعش أخد النهاردة كمان أجازة؟
هز معتصم رأسه بالنفي مع إبتسامة و هو يداعب خصلاتها البرتقالية بأصابعه، فأبتسمت و عادت تسأله:
-تفتكر فيه تحقيق حلو النهاردة!

رفع معتصم كتفيه بجهل، و أجاب:
-كان نفسي أقولك يا ريت، بس مش هقدر، عايز أخلص شغلي بسرعة و أرجع البيت مينفعش نسيبهم كتير لوحدهم
هزت زينة رأسها بتفهم فأكمل معتصم:
-هقوم أدخل الحمام و أنتي فوقي كده
لم يكمل جملته فلقد أنتفضت راكضة نحو الحمام و أغلقت الباب خلفها، فنطق معتصم بغيظ:
-علفكرة أنتي بتغشي
-و أنا عايزة أخلص و أخرج ألبس و أروح شغلي سوري حبيبي.

زفر معتصم في صمت، و وقف ليخرج ملابسه و يضعها على الفراش، ثم خرج ليجد شوقية تجلس في الصالة، فأبتسم و جلس بجوارها يتبادلان أطراف الحديث، بينما خرج مرتضي و هو يشعر بالنعاس و نيرة تسحبه من يده و أبتسامة جميلة ترتسم على شفتيها، و لم تمر دقائق قبل أن تخرج عزة هي الآخري من غرفتها و تنضم إليهم، فوقف معتصم بتعب و قال:
-عن أذنكم هشوف زينة.

تركهم ليدخل غرفته، و أتسعت عينيه عندما وجدها ترتدي قميصه مع حزام أبيض صغير أسفل الصدر، فأردف بغيظ:
-علفكرة ده قميصي و عايز أخرج بيه
مشطت خصلاتها مجيبة:
- هياكل منى حتة صح!
ثم أتجهت إليه و قفزت لتتعلق بعنقه محيطة خصره بقدميها، و قالت:
-هطلعلك قميص تاني و سيبلي ده
أحاط معتصم ظهرها بذراعيه ليمسكها بقوة و سألها:
-أنتي عارفة ده القميص رقم كام يا زينة! يا بنتي هدومي حرام عليكي.

هبطت زينة لتعود أمام المرآة و تقول:
-أنت اللي قمصانك حلوه أعمل أيه؟
تنهد معتصم بيأس من إعادة قميصه، فدخل الي الحمام بينما أبتسمت الآخيرة، و أخرجت قميص آخر من الخزانة و وضعته على الفراش، و ألتقطت ورقة و كتبت:
كل سنة و أنت طيب يا اغلي حاجة في حياتي .

ثم تركت الورقة على القميص الجديد و توجهت للخارج، و بعد دقائق خرج معتصم ليجد قميص غريب على فراشه، أقترب ليمسكه فوجد الورقة، أبتسم فور أن رآها، ثم تأمل القميص بإعجاب، و بدأ في أرتداء ملابسه

خرج معتصم من غرفته ليجد نيرة تركض نحوه و في يدها صندوق هدايا متوسط الحجم، فحملها بإبتسامة بسرعة بينما أبتسمت هي بسعادة طفلة و قالت:
-كل سنة و أنت طيب يا أبيه
وضع معتصم قبلة قوية على خدها ليقول بحب شديد:.

-و أنتي طيبة يا حبيبة قلب أبيه
أرتفع صوت زينة التي تجلس على الأريكة أمام الطاولة التي تمتلئ بالهدايا، ثم ربتت على الفراغ بجانبها في حماس لتقول:
-تعالي حبيبي هنا
أبتسم معتصم ليقترب منها و يجلس بجوارها تماماً لتبتسم و تهمس بحب:
-كل سنة و أنت طيب يا حبيبي.

وضع معتصم يده على مؤخرة عنقها ليقربها منه بعشق و يطبع قبلة خفيفة على رأسها بينما وضعت هي يدها على صدره، و أبتعد عنها من جديد قائلا بنبرة حانية و هو ينظر في عينيها:
-و أنتي طيبة و معايا دايما يا برتقالتي
صرخت نيرة بسعادة لتقول بحماس طفولي و هي تنظر لمعتصم:
-أبيه خد شوف هديتي، أنا عملتهالك
نظر لها مرتضي بإستنكار و قد أنقلبت ملامح وجهه إلي بعض الطفولة، فضحكت نيرة و أشارت بأصابعها قائله:.

-بس مرتضي ساعدني شوية صغيرين بس.

ضحك معتصم على برائتها و أمسك بصندوقها ليفتحه بفضول، فوجد كتاب بحجم الصندوق، أبتسم معتصم و هو يسحب هذا الكتاب، و فتحه ليجد صوراً له مع نيرة عندما كانت صغيرة، و في جميع سنواتها العشر الأولي، و تتسع إبتسامته رويداً رويداً كلما وقعت عينيه على إحدي الصور المجنونة التي كان يصورها لنفسه مع شقيقته الصغيرة، و في النهاية وجد صورة حديثة له بجوار صورة أخري لها تم دمجهم ببراعة، فمن يراه سيظن بالتأكيد أنهما ألتقطا هذه الصورة سوياً، أبتسم معتصم بتأثر، و نظر الي نيرة و أحتضنها بقوة قائلا:.

-حبيبتي، دي أحلي هدية جاتلي في حياتي
ضمته نيرة من عنقه بقوة و سألته بسعادة تحتلها:
-بجد عجبتك يا أبيه؟
نظر معتصم الي مرتضي بإمتنان ليقول:
-بجد يا عيون أبيه
أقتربت شوقية تمسك أهدي صناديق الهدايا على الطاولة لتقترب تقدمها لمعتصم قائله:
-كل سنة و أنت طيب يا معتصم
ألتقطها معتصم منها بإبتسامة، و اجابها ببعض الإحراج:
-و حضرتك طيبة، مكنش فيه داعي تعبتي نفسك.

أبتسمت شوقية في صمت، لتصفق نيرة بيدها و تخبر معتصم أن يفتح الهدية، ليفعل فيجد ساعة رائعة فضية اللون مع بعض القطع الماسية الصغيرة حول دائرتها، لينظر الي شوقية قائلا بإمتنان:
-ده كتير و الله، تسلم إيدك الساعة حلوه جداً
عادت شوقية تقول بحب:
-كل سنة و أنت بخير دايما يا ابني
وقف مرتضي ليقدم هديته هو الآخر و قال بمرح:
-المرادي دي كلها بتاعتي محدش ساعدني فيها.

ثم أخرج لسانه الي نيرة التي أغتاظت كثيراً، ثم نظرت الي معتصم الذي قابل عبوسها بإبتسامة و أردف:
-قولتلك دي أحلي هدية جاتلي و ممكن تجيلي، متزعليش، لسه بتاعتك أحلي واحدة.

أبتسمت نيرة برضا، و نظرت الي مرتضي هذه المرة و أخرجت له لسانها بإستفزاز، فضحك الجميع على طفولتهما سوياً، ثم فتح معتصم الهدية ليجد زجاجة عطر فرنسية فاخرة، أبتسم و شكر مرتضي، ثم نظر الي زينة الصامتة و تنظر الي عزة ببعض الغيظ، فأقتربت عزة و في يدها صندوقها الذي ألتقطته من الطاولة و قالت بإبتسامة:
-كل سنة و أنت بخير دايما يا حبيبي.

كانت نبرتها عادية و هادئة للغاية، و لكن كلمة حبيبي أشعلت النيران في قلب زينة، و كادت أن تقوم لتجذبها من خصلاتها البنية، و لكن أمسك معتصم يدها بهدوء، و رد على عزة بإقتضاب:
-و أنتي طيبة يا مرات أبويا، شكراً
ثم وضع هديتها على الطاولة بعدم إهتمام، و نظر الي زينة التي أبتسمت له و سألها بحاجبان مرفوعان:
-أيه بقا كل الهدايا اللي على الترابيزة دي؟
رفعت زينة حاجباها بتسلية، لتجيبه مشيرة إليهم:.

-دي كلها هدايا ليك مني
عقد معتصم حاجبيه قائلا بنبرة محذرة كعادته:
-مبذرة أنتي يا زوزو
أشارت الي نفسها و تصنعت ملامح عدم التصديق لتقول:
-أنا! أبداً، بس أصل كل ما بجيب هدية برجع ألاقي حاجة أحلي و عايزة أجيبها و جبت كل ده، هما مش كتير متقلقش
ضحكت زينة ليبتسم معتصم و يضع قبلة آخري على رأسها و قال بنبرة حنونة:
-ربنا يخليكي ليا يا حبيبتي
شعر بنيرة تمسكه بقوة من قميصه و قالت بغضب طفولي:
-لا أنا حبيبتك.

نظر لها معتصم بإبتسامة و أردف:
-و أنتي كمان حبيبة قلبي، بس بالراحة على القميص علشان طنط زينة لسه جيباهولي هدية، و لو أتقطع هترميني أنا و أنتي في الشارع
تعالت ضحكات الجميع على حديث معتصم بينما ضربت زينة معتصم على كتفه بخفة، فضمها الي صدره و كذلك ضم نيرة، و بعد دقائق أعتذر الأثنان منهما من أجل العمل، و وعدوهم بالعودة سريعاً بعد أنتهاء الدوام، و خرج الأثنان معاً..
.

دلفت الي الجريدة بخطواتها المرحة كعادتها تلقي السلام على كل من تقع عيناها عليه، حتى أنتهي بها الأمر أمام مكتب رئيس التحرير، لتفتح الباب و تدخل دون أستأذان مردفة بغيظ:
-كده يا منير تخليني قاعدة يومين في البيت
ما أن أنهت جملتها حتى أتسعت عينيها بدهشة عندما وجدت عادل هو من يجلس على المكتب و قد رفع عينيه للتو عن أوراقه، فأبتسم على حالها و أردف:.

-مش هجازيكي على عدم تخبيطك على الباب لأنك كنتي فكراني منير
أستمرت على صمتها للحظات قبل تقترب منه بسعادة بالغة و مدت يدها لتصافحه:
-حمدلله على سلامتك يا فندم
صافحها عادل بإبتسامته الهادئة ثم أشار لها ان تجلس، فنفذت بسرعة و عاد عادل يقول:
-الفضل كله ليكي أنتي و معتصم بعد ربنا يا زينة، بس يا ريت الموضوع ده يفضل مقفول، الكل عارف أني كنت محجوز في المستشفي علشان جالي أرتجاج قوي في المخ مفهوم.

هزت رأسها بتفهم لتجيب:
-أكيد يا فندم متقلقش
عاد عادل ينظر في الملفات أمامه و يعبث بهم بحيرة في حين تنظر له زينة بفضول حتى أخرج ملف باللون الوردي ليقول بإبتسامة:
-أتفضلي، تحقيقك الجديد بس المرادي لوحدك لإن معتصم هيكون وراه شغل تاني
ألتقطت الملف بإبتسامة و ضمته بين كفيها ثم نظرت الي عادل من جديد لتسأله:
-حاجة خطر ولا عادية؟

-لا مش خطر و مش عادية، أقرأي الملف و هتفهمي و عاوزه بعد يومين على مكتبي تمام؟
هزت رأسها بإبتسامة من جديد قبل ان تستأذن و تنتفض ذاهبة لمكتبها المشترك مع منير، و بعد بعض المشاجرات الخفيفة بينهما، جلست على مكتبها ممسكة بهاتفها و أتصلت بمعتصم الذي أجابها بإبتسامة:
-أيه يا عيوني؟
-مستر عادل رجع يا معتصم، معني كده أنهم لقوا حل للي بيحصل، كده كل واحد رجع لحياته الطبيعية صح؟ و محدش اتأذي!

أبتسم معتصم و أجابها بصوته العميق و بنبرة حنونة:
-بالظبط كده، قولتلك مش هيسمحوا للأعداد دي كلها تموت من غير ذنب، أتطمني كل أنصاف البشر اكيد أستعادوا حياتهم الطبيعية زي مستر عادل بالظبط، و أكيد سيطروا على الشرايح أو شالوها و رجعولهم ذاكرتهم و بردوا كل واحد رجع لحياته الطبيعية، أنتي كمان خلاص أنسي اللي حصل و متبصيش وراكي، خليكي في اللي جاي بس
-حاضر، بس عندي سؤال صغير علشان أقفله.

قهقة معتصم بخفة ليقول:
-عارف أنا السؤال الصغير ده، حبيبتي أنتي مفهوم الأسئلة الصغيرة عندك غريب، سؤال صغير يعني محتواه صغير و أجابته صغيرة، انما أنتي أجابات أسئلتك بتحتاج لشهور و سنين، بس مع ذلك أسألي انا سامعك
صمتت زينة للحظات قبل أن تقول بخفوت:
-تفتكر الموضوع خلص لحد هنا؟
تنهد معتصم بقوة بعد ان أستوعب سؤالها، ليجيبها:
-معرفش، و مش هنعرف غير في المستقبل، بس أتمني يكون انتهي لحد هنا يا زينة.

-دي مش إجابة يا معتصم
أعتدل معتصم في مجلسه و أمسك بهاتفه على أذنه جيداً و أجابها:.

-الشر مش هيخلص يا زينة غير لما الحياة تخلص، طول ما أحنا عايشين هيكون الشر محاوطنا من كل أتجاه، سواء أحتلال و محاولة أستيلاء على العالم، و سواء تجارة في الممنوعات و البشر نفسهم، و سواء قتل أو غيره، فبالنسبة للشر نفسه مش هينتهي، و محاولات صنع عالم جديد بردوا مش هتنتهي، بس اللي اتمناه ان المحاولة الجاية تكون مع ناس جداد بعد سنين طويلة أوي، أو أن المحاولة اللي فاتت تكون الآخيرة لإن الموضوع مرعب و مش أي حد ممكن يستوعبه.

ثم أكمل بصوت ممتلئ بالحب:
-بس اتطمني دايماً أنتي جنبك و مش هسيبك و هفضل أمانك
.

هبط شاب بلحية خفيفة و بشرة سمراء بالإضافة الي حاجبين سميكين و شعر ناعم شبه طويل من طائرته القادمة من بومباي عاصمة الهند، و خلفه ثلاثة رجال أحدهم يسحب حقائبه الخاصة بعد إتمام بعض الإجراءات، و سرعان ما أستقل الثلاثة سيارة سوداء كبيرة أمام المطار، ليمسك رئيسهم هاتفه و ينقر عليه عدة مرات قبل ان يضعه على أذنه ليردف باللغة الهندية:
-لقد وصلت الي مصر، هل تمكنت من الهروب؟

-ليس بعد و لكن في أقرب وقت، و لكنني أوصيت أحد رجالي أن يعتني بك، و سيقوم بجلب كل أدواتك الخاصة و كل ما تحتاجه لحين خروجي من هذا السجن اللعين، لن يطيل الانتظار، و سيبدأ الأنتقام قريباً يا صديقي
أبعد الرجل الهندي الهاتف عن أذنه ليأمر السائق بنبرة قوية:
-أذهب الي العنوان المدون لديك، هيّا تحرك
.

خرج من مكتب اللواء مجاهد في وسط النهار و هو يشعر ببعض الإرهاق نتيجة لتحقيق أستمر طويلاً بالإضافة الي عدم تناوله لطعام الفطور، أبتسم عندما تذكر شقيقته التي تكمن في منزله الآن، شعر بكف عريض يُضع على كتفه، فألتفت سريعاً لصاحبه، و أبتسامة سعيدة ظهرت على شفتيه عندما رأي صديقه المقرب عبدالله قد عاد أخيراً بعد أجازة طويلة دامت لشهور، عانقه بحرارة و بادله الآخر بإبتسامة، ليقول معتصم بعد أن أبتعد:.

-أنت رجعت أمتي؟ و ليه مقولتليش كنت جيت خدتك من المطار؟
ربت عبدالله على كتف معتصم ليقول:
-أهدي بس ليجرالك حاجة، أنا رجعت أمبارح المغرب كده، و وصلت البيت على العشا، يادوب صليت و نمت و قولت أجي أستلم الشغل بقا كفاية لحد كده اجازة
نظر معتصم الي ساعته و ردد بسخرية:
-جاي تستلم الشغل الساعة 3 العصر؟ ليه شغال فين سيادتك؟ كنت أستنيت لبكره.

-أهوه اللي حصل، و بابا الله يسامحه أداني شفت مسائي هنا، يعني أنت ساعتين و تروح و أنا مواعيد عملي الرسمية هتبدأ كمان ساعتين
ضحك معتصم على حال صديقه، ثم أستأذن منه و تركه ليذهب نحو مكتبه، جلس على مقعد مكتبه، و كاد أن ينادي على العسكري و لكنه دق على الباب و دخل ليقول معتصم بتعب:
-جيت في وقتك، خلي عم عطية يعملي كوباية قهوة سادة
هز العسكري رأسه، ثم أقترب ليضع ملف على مكتب معتصم قائلا بلهجة رسمية:.

-الملف ده جه علشانك يا فندم
أمسك معتصم الملف بين كفيه يتفحصه بتعجب:
-مين اللي جايبه ده؟
-معنديش علم سعادتك
-طيب روح أنت أعمل اللي قولتلك عليه
ذهب العسكري و أغلق الباب خلفه، بينما فتح معتصم الملف بأعجوبة ليجد في صفحته الأولي صورة لطفل صغير، ذهب الي الصحفة التالية ليجد صورة له مع زينة في زفافهما، و ظل يمرر الصحفات بتعجب و هو يقرأ تلك العبارات المصاحبة للصور و يحاول ربطهما سوياً.

قمور أوي البيبي ده صح؟
بقالنا 9 شهور أهوه و أنت طلبت منى طلب و كان لازم أنفذه
أستعد للمفاجأة يا بيبي
لا مش هقدر أقول، شوف بنفسك
نظر بتعجب الي هذا الجهاز الصغير الملصوق بشريط لاصق شفاف، فحمله و علم ما هو بسرعة، ليظهر أمام عينيه خطان باللون الاحمر، صعق للحظات ثم ترك الجهاز من يده ليذهب للصفحة الآخيرة
مش فاهم صح؟ حسيتك، شوف التحاليل دي .

أمسك بالورقة أمامه ليجد أسم زينة يعتليها، فانتصب واقفاً في دهشة و هو يبحث بسرعة عن أختبار الحمل، فظهرت أمامه الكلمة التي أرادها، أبتسم بعدم تصديق و هو يردف بصوت مسموع و كأنه يخاطب أحداً ما:
-Pregnancy test: positive، ده بجد! أنا مراتي حامل! نهار أبيض انا هبقي أب.

وضع الورقة على المكتب سريعاً و أخرج هاتفه من جيب بنطاله ليتصل بزينة و لكنه أستمع إلي صوت هامس ينطق بإسمه، نظر خلفه ليجدها تخرج من وراء الستار بإبتسامة خجلة تحتل وجهها، أقترب منها بعدم وعي ليقف أمامها تماماً ويرفع وجهها بأنامله لتواجهه، فهتف بخجل و لكنها تنظر الي عينيه بحب:
-Happy birth day يا معتصم، دي هديتي الحقيقية ليك النهاردة.

أبعدت نظراتها عنه و لكنه أعادها إليه من جديد ليهمس أمام وجهها تماماً:
-أنتي بجد حامل يا زينة؟
-في الشهر التالت
أقترب أكثر ليلثم شفتيها بحب و عدم تصديق لكل ما يحدث حوله، فتعلقت هي بعنقه كعادتها، و طوقت خصره بقدميها، و تمسك معتصم بخصرها حتى لا تقع، و أتجه بها نحو مكتبه لتجلس زينة أعلاه، و فصل معتصم القبلة ليحتضنها بقوة مردفاً:
-ألف مبروك يا حبيبتي
أبتعد قليلاً و عاد ينظر الي وجهها ليقول بإبتسامة:.

-أنا فرحان لدرجة أني مش عارف اعمل أيه؟
وضعت يده على صدره تتحسس دقات قلبه السريعة لتردف بحب:
-و أنا ده كفاية عليّا أوي
-عرفتي أمتي؟
أعادت خصلة متمردة الي الخلف مرة أخري و أجابته بينما ما زالت تطوق عنقه بذراعيها و هو يقف أمامها ينظر أجابته:.

-لما بدأت أتخن شوية، أستغربت من ده و روحت لدكتورة تخسيس بس هي نصحتني أروح الأول عند دكتورة نسا و توليد، و روحت و عملتلي شوية تحاليل و عرفت أني حامل وقتها، و أن فيه حالات الحمل فيها بيكون مصاحب للتخن أو تضخم زي ما بيقولوا
-يعني عارفة من بدري و متقوليش ليّا يا زينة!
أردف جملته بعتاب شديد، لتمسك زينة وجهه بين كفيها بسرعة هاتفة:.

-و الله العظيم كنت بحاول ألاقي طريقة مناسبة و حلوه علشان أقولك، بس كل مرة كان بيطلع لينا مشكلة، و أخرها سفرك يومين للمنوفية، و قولت مفيش أحسن من يوم عيد ميلادك
ضحكت بخفة لتكمل:
-بس للأسف حتى ده كنت عملاله مخطط و فشل فشل زريع بعد ما أختك و جوزها و عمته و عزة جم
عادت تبتسم لتقول:.

-بس مش مهم، لأن مفاجأتهم ليك فعلاً فرحتك و ده أنا حسيته من أختك اللي واخدها في حضنك طول الليل و أنت خايف تصحي الصبح تكون حلم أو يمكن كنت عايز تشبع منها اليومين دول معرفش، بس اختك خلتني أشوف جنب جديد منك يا معتصم، جنب أنا حبيته جداً و عشقته زي ما أنا عاشقاك كلك
ألتقط قلم رصاص من أعلي مكتبه و أمسك خصلاتها و بدأ بتثبيتها بواسطة القلم مردفاً:
-يعني بقالك فترة طويلة بتبعديني عنك علشان الحمل؟

ضربته زينة بقوة على كتفه و قد تزينت وجنتيها بحمرة الخجل ثم أردفت:
-بطل قلة أدب يا معتصم، أه يا سيدي علشان الدكتورة قالت الحمل مش مستقر و كنت باخد أدوية كتيرة جداً علشان يثبت و حقن و كنت بروح ليها كتير جداً، ده موال طويل أوي
أحاط خصرها بيديه ليرفع أحد حاجبيه مردفاً:
-و كل ده من ورايا، حاسس أني المفروض اتضايق منك بس الفرحة مش مخلياني مفكر في أي حاجة وحشة
أبتسمت لتعيد ذراعيها يطوقان عنقه و تقول:.

-و أنا عارفة ان قلبك أبيض و مش هتزعل من برتقالتك
تنهد معتصم بقوة و كأنه قد تذكر شيئاً ما و أختفت معالم السعادة التي كانت واضحة على وجهه، فنظرت له زينة بتعجب لتردف:
-مالك يا معتصم وشك قلب كده ليه؟
عاد معتصم يبتسم مرة أخري ليقول:.

-لا يا حبيبتي مفيش، هنتكلم كتير لسه في الموضوع ده بس مش دلوقتي أولاً لأن ده وقت شغل و المكان مش مناسب خالص، و ثانياً بعد ما اللي في البيت يمشوا، و دلوقتي شوفي وراكي أيه و روحي يلا بسرعة و نتقابل في البيت أوكي يا حبيبتي؟
هزت رأسها مع أبتسامة، فساعدها معتصم على الهبوط الي الأرض، ثم مد كفه الي جيب بنطاله ليخرج محفظة النقود خاصته و يخرج منها مبلغ كبير و يعطيه الي زينة مردفاً:
-أطلبي الغدا من بره.

ألتقطت منه النقود لتضعها في حقيبتها، ثم رفعت ذراعيها تجذب وجهه لها و ولثمت شفتيه بخفة ثم تركته و أبتسامة عريضة تحتل وجهه، ليعود يجلس على مقعده و هو يتأمل أختبار الحمل أمامه و التحاليل، ليضحك أخيراً بسعادة، سيصبح أب بعد شهور!
و لكن دائماً ما تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن، و لقد بدأت بالفعل عاصفة الدمار بالإقتراب منهم..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة