قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل العاشر

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل العاشر

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل العاشر

في الساحل الشمالي
أستيقظ معتصم من نومه بكسل، أعتدل علي فراشه و هو ينظر حوله و أخذ يمرر أنامله بين خصلاته حتى وقع نظره على الصهباء ذات الشعر البرتقالي تجلس على الأرجوحة في الشرفة، تحيط كتفيها بشال من القطن باللون الأزرق، و على قدميها حاسوبها المتنقل و بجوارها طاولة زجاجية شفافة و عليها كوب من عصير البرتقال الذي تعشقه..

أبتسم بحب و هو يقف عن فراشه و يتجه نحوها، فتح باب الشرفة الزجاجي و أستند عليه قائلا:
-منمتيش ليه لحد دلوقتي؟!
وجهت نظرها إليه بإبتسامة جميلة و أردفت:
-مجاليش نوم قولت أقوم أكتب شوية، تعالي قرب
أقترب معتصم نحوها و دخل الي الأرجوحة الكبيرة و جلس علي الوسائد خلف زينة و ضمها بقوة الي صدره، و تحدث:
-طب مصحتنيش ليه أقعد معاكي
أمسكت بكوب البرتقال و أجابته:.

-كنا بنتفسح طول اليوم يا حبيبي قولت أسيبك ترتاح شوية، و كمان بكره هيكون فيه حفلة كبيرة في الفندق لازم تنام فيها كويس علشان تعرف تسهر
أرتشفت القليل من البرتقال ثم مدت الكوب إليه، فهز رأسه نافياً و تحدث:
-كمليها أنتي مش عايز يا برتقالتي
أبتسمت و أنفلتت من بين شفتيها ضحكة خفيفة و تحدثت:
-من لمَّا بدأنا شهر العسل و انت مش بتبطل تقولي يا برتقالتي ليه مش علشان شبهها يعني.

أحاط معدتها بذراعيه و وضع رأسه علي كتفها و تحدث بسخرية:
-أه شهر العسل اللي مكنتيش عايزة تروحيه غير بعد ما أستاذ عادل وعدك أنه هيسلم التحقيق لمنير لحد ما ترجعي و تستلميه منه.

-يعني من أمتي و الجو بيمطر جثث في أفراح الناس يا حبيبي، و بعدين أسمهان واضح أنها كانت مقتولة من فترة طويلة و لسه متحللتش مش عارفة إزاي، و طالما وقعت في الفرح يبقي فيه حد عاوزنا ندور ورا اللي حصل، و انا أكتر واحدة تقدر توصل لأصل التحقيق ده لإني عارفاها هي و أبنها
ألتفتت إليه برأسها و أكملت هي الأخري بسخرية:.

-و بعدين ما تشوف نفسك، مش أنت مرضتش تسافر بردوا غير لما خليت اللوا مجاهد يوعدك أنك هتستلم التحقيق من عبدالله لمّا ترجع
نظر معتصم بإستسلام الي شاشة الحاسوب و تحدث:
-انا برفع الراية البيضا في الكلام معاكي، وريني بقا بتكتبي أيه؟!
أغلقت زينة شاشة حاسوبها بسرعة و تحدثت:
-لمّا تخلص أحنا قولنا أيه
-هقرأ أخر جملة بس و الله لفتت نظري، أخر واحدة بس
أبتعدت عنه و أعتدلت لتجلس في مقابلة و هي تمد يدها قائله:.

-المقابل!
أمسكها معتصم بقوة من ذراعيها و قربها إليه و هو يضع قبلة قوية علي خدها الأيمن مردفاً:
- حلوه دي
ضحكت بخفوت و هي تعطيه حاسوبها و تحدثت:
-حلوه أمسك، أقرأ علي ما أدخل اجيبك جاكيت يدفيك الجو برد
هبطت من الأرجوحة و أرتدت حذائها المنزلي و هي تلف شالها جيداً حولها و ذهبت لتحضر له معطف ثقيل، بينما فتح هو حاسوبها من جديد و هو يقرأ جملتها الأخير:.

لقد خُلقنا أنصاف أرواح غير مكتملين، و خُلقت أنصافنا الآخري داخل شركاء حياتنا التي قدّر الله وجودهم معنا، فمن أبتعد عن الحب و خشي جرحه فلم يجد النصف الآخر من روحه بعد، السعادة التي تغمر القلب و الحزن الذي يفطره يكملان الحب سوياً، فالخوف من أحدهما يعرضنا الي خسارة الآخر، الحب كالحياة تماماً يمرّ عليه لحظات السعادة و الحزن، الأمان و الخوف، الحب أبيض و أسود، و إن أختفي أحدهما فهذا ليس بحب بل مثالية، و المثالية لا وجود لها علي أرض الواقع .

أبتسم معتصم و هو يقرأ تلك الكلمات، فكتب أسفلها:
أكتشفت مؤخراً أن الحب يتمثل في هيئة إنسان، يحتل مشاعرك فتتلون بمشاعره، إذا حزن أختنقت، و إذا فرح حلّقت، إنسان يشاركك و تشاركه كل معاني الحياة تحت مسمي الحب .

أبتسم و هو يلقي نظرة أخيرة علي ما كتبه ثم حفظ الملف و أغلق الحاسوب، فجاءت زينة مع جاكيت أرتداه معتصم، ثم صعدت الي الأرجوحة و جلست بجانبه فضمها هو بذراعيه، نام الأثنان بداخل الأرجوحة و هما ينظران الي القمر و النجوم و أستمر معتصم في تمرير أنامله بين خصلاتها لتهدأ زينة بين يديه و تنام فيرتاح بدنها، و قد تحقق ما أراده و بعد دقائق كانت قد ذهبت في نوم عميق، أمسك بالغطاء الموجود في الأرجوحة أسفل قدم زينة و وضعه عليهما و نام هو الآخر بإرتياح، حبيبته بجانبه ماذا قد يحتاج أكثر!

في السابعة صباحاً
في المقطم
جلست ريهام تحتسي كوب من الشاي الساخن و أمامها عبدالله يشرب كوب من القهوة، فتحدث:
- بصي يا ريهام، الموضوع بخصوص معتز الدهشوري
تقلصت ملامح وجه ريهام و شحبت بشرتها فوضعت كأس الشاي علي الطاولة و أكمل عبدالله:.

- طلب يقابل معتصم و لمّا عرف أنه مسافر طلب يقابلني انا، فروحت ليه، و قالي أقولك أنه أتنازل عن شركة الأنتاج لغريب مدير أعماله و بالتالي الفيلم بتاعك هيكمل و هينزل عادي جداً
نظرت له ريهام بتلعثم:
- أشمعني أنت!
- لأنه عرف أن أنا الظابط اللي راحلك بعد اللي هو عمله
وقفت ريهام و أمسكت بحقيبتها بتوتر و هي تقول:
- انا لازم أمشي
وقف عبدالله هو الأخر و تحدث بأسف:.

- أنا اسف اني جبتك الصبح بدري كده علشان الموضوع ده، بس انا فعلا عايز أتكلم معاكي بخصوص اللي قاله معتز
ضغطت ريهام علي أسنانها بغضب و دموع تخشي هبوطها و أردفت:
- مفيش أي سبب يخليني أسمع كلمه زيادة عن حيوان زي ده يا عبدالله
- طيب لو سمحتي أقعدي بس خلينا نتكلم، بعد أذنك
جلست ريهام من جديد و جلس عبدالله هو الأخر و تحدث:.

- ريهام، انا و انتي تقريباً الفترة اللي فاتت كنا شبه مقربين يعني بقينا معرفة زي ما بيقولوا و عندي ليكي نصيحة بس أتمني تسمعيها، معتز مقدملك عرض حلو هيفيدك في المستقبل، هيخليكي تبدأي حياتك العملية بجد، عارف أنك مش عايزة أي حاجة ليها علاقة بيه، بس أنتي أشتغلتي في الأصل مع غريب اللي هو أصلا بيدير كل حاجة يعني معتز كان مجرد فلوس بس في شركة الأنتاج دي.

-و ده سبب أكبر أني أرفض، لأن الفلوس دي حرام يا عبدالله و انا مش هبدأ مشواري بالحرام مع واحد زي ده
هز عبدالله رأسه نافياً و تحدث:.

- مش حرام يا ريهام، معتز قالي أن كل الفلوس دي من تعبه هو كدكتور و شغله في شركة والده الحقيقية، يعني مش من أعضاء ولا مخدرات ولا أي حاجة وحشة، مسألتيش نفسك هو ليه عمل شركة أنتاج؟!، ده لأنه كان حلمه يكون منتج بس والده طبعاً رفض و دخله طب زي ما أنتي عارفة، فمعتز بكل الفلوس اللي كان بيجيبها من شغله الحلال كدكتور و كرجل أعمال و عمل بيها شركة الأنتاج دي.

- بردوا لا، هو فاكر أن الفيلم هو اللي هيعوض اللي حصل و هو الإعتذار المناسب للي هو عمله، عبدالله، معتز دمرني، دمر حياتي كلها، حرمني من أني أفرح زي كل البنات، هز ثقتي في نفسي و دمر كل أحلامي اللي كنت رسماها لمستقبلي، أنا مش فولاذ زي زينة لو فضل يكسر فيها مش هيعرف، أنا إزاز يا عبدالله و ده عيبي الخبطة دي كانت بتوجع أوي، ضربني في الصميم زي ما بيقولوا، أتكسرت و بقيت حتت صغيرة مستحيل ترجع زي ما كان مهما حصل، أنا مش عاوزة الفيلم، أتنازلت عن حلمي كمخرجة و اتنازلت عن باقي حياتي كلها و مبقتش عاوزة حاجة غير إني أعيش في هدوء.

أرتشف عبدالله القليل من قهوتة و تحدث:
- مكنتش أعرف انك كده يا ريهام، كنت فاكرك نفس البنت القوية و الجريئة اللي في المستشفي صممت تعمل بلاغ بإغتصابها و مخافتش حد، كنتي عايزة تاخدي حقك
تكونت الدموع في عينيها و تحدث بصوت متحشرج:
- و أخدته، و معتز محبوس في السجن لباقي حياته، قصاد إني اخد حقي أتنازلت عن كتير أوي، و منهم شغلي و مسقبلي سواء المهني أو الأجتماعي.

- ريهام، أنا كلمت غريب و هو هيخلص الفيلم تماماً و مصمم أنه ينزل، و قال أنه هيفضل عنده لحد ما أنتي توافقي، و متنسيش ان كل ما الفيلم أتأجل هو هيخسر أكتر بس هو مهتمش لده أبداً و لسه علي قراره وقت ما تحبي يعلن إعلان الفيلم و ينزله في السينمات هو مستعد يعمل كده حتي لو بعد سنين، و شاهد أنك أكتر مخرجة شاطرة هو أشتغل معاها و مش عاوز يخسر الشغل معاكي لأي سبب، لمّا تحسي أنك محتاجة ترجعي لحياتك الطبيعية تاني كلميه.

هزت ريهام رأسها نافية بيأس و هي تقول:
- معتقدش يا عبدالله، بس شكراً علي تعبك معايا، وعلي الشاي كمان
أبتسم عبدالله بود و وقف هو و ريهام للذهاب بعد أن وضع المال علي الطاولة، فتحدث:
- تحبي أوصلك
- لا شكراً انا عايزة أتمشي شوية
- ماشي، خدي بالك من نفسك و لو فيه حاجة كلميني.

في الساحل الشمالي الساعة العاشرة مساءاً
تقدم معتصم الي حفل رأس السنة مع زينة التي تتأبط ذراعه و قدم بطاقات الحفل الي الحراس، فأشار لهم الحارس بالدخول بإبتسامة لطيفة، دخل الإثنان الي الحفل الذي كانت الأضواء فيه تشع مثل بريق الألماس، و الطاولات مرتبة و في غاية الجمال، بالإضافة الي ساحة الرقص كانت كبيرة و دائرية، و تهبط الستائر من السقف العالي ببراعة في منظر خلاب..
أقتربت زينة من معتصم و همست:.

- حاسة إني أميرة في فيلم ديزني من شكل الحفلة، حلوه أوي
أمسك معتصم بكفها و قبله بحب و أردف:
- أنتي أحلي من أميرات ديزني و تستاهلي حفلة أحسن من دي كمان، و أنتي فعلا برينسس الحفلة دي، مشوفتش فيها أجمل منك، مش شايف غيرك أصلا.

أخفضت زينة عينيها بخجل، فسحبها معتصم الي ساحة الرقص و بدأ الأثنان في الرقص بهدوء، و زينة تتنقل بين ذراعيه كالحورية و يتطاير حولها فستانها الطويل باللون الأحمر من خامة الحرير و بدأ الجميع بالنظر الي هذا الثنائي المذهل و أبتعد كل الراقصين عن ساحة الرقص سامحين لزينة و معتصم بإحتلالها برقصتهم الخلابة..

أما العاشقان فلم يشعرا بوجود أحد بجوارهم، كانا في عالم أخر أقرب للخيال، عالم صنعه الإثنان من حبهما، بدأت تلتف زينة حول نفسها و هي تمسك بيد معتصم فوق رأسها، و سرعان ما سحبها من خصرها لتلتصق به، فوضعت زينة يدها علي كتفه و تحرك كلاهما عدة خطوات الي الأمام ثم الي الخلف و عادت لتدور زينة مرة أخري، ثم أقتربت من جديد من معتصم الذي شبك أصابعهما ثم لف ذراعيه لتصبح زينة أسيرة ذراعيه و يقابل ظهرها صدره، و بدأ الأثنان في التمايل، ثم أطلقها معتصم بعيداً و سرعان ما سحبها من جديد لتقترب منه و يرفعها من خصرها و يمسك بقدمها اليسري لتحيط بجانبه الأيمن و دار حول نفسه و هي بين يديه كفراشة تتلاصق أنوفهم، ثم هبطت من جديد علي قديمها لتلتف حول نفسها ثلاثة مرات قبل أن يسحبها معتصم من جديد لتنحني بنصفها العلوي علي ذراعه اليمني و ينحني هو الآخر بجذعه عليها و هو يبتسم إبتسامة جميلة تذهب بعقل زينة و قلبها، و سرعان ما وضع قبلة صغيرة علي أرنبة أنفسها قبل أن يعتدل الإثنان..

نظرت زينة حولها بخجل من نظرات الناس و التصفيق الذي بدأ، فأمسك معتصم بكفها و وضعه في ذراعه و أتجه به نحو طاولة فارغة و جلس الأثنان عليها، فأقتربت زينة من معتصم و همست:
- مكنتش أعرف أن تدريب رقص شهرين كاملين مع مستر مراد و مدام جوري هيكون حلو للدرجادي
نظر في عينيها و هو يستند بذراعيه علي الطاولة و تحدث بتلقائيه:
-و الله ما فيه أحلي منك
أقتربت زينة و أخذت تداعب ربطة عنقة ببراءة قائله:.

-أوعي يا حبيبي يكون الدلع ده في الأول بس علشان في شهر العسل
ثم شدت ربطة عنقة بعنف قائله:
- علشان ده لو حصل هخلي الجرافات ده حبل مشنقة ماشي
نظر لها معتصم بإستنكار من مقاطعتها لتلك اللحظة التي كانا يعيشنها بعنفها هذا فتحدث بغيظ:
- ما تاخديلك قلمين أحسن يا زينة
عادت الي رقتها و هدوئها و هي ترتب ربطة عنقه و هي تقول:
- انا قولت أحذرك بس يا حبيبي.

أقترب أحد الحراس منهما و تحدث برسمية و هو يمد يده بظرف أبيض اللون قائلا:
- الظرف ده جاي لحضرتك و للمدام
سحبه معتصم منه بتعجب و سأله:
- مين اللي جابه؟
- معنديش علم يا أستاذ معتصم، عن أذنك
ذهب الحارس، فنظر معتصم الي زينة و تحدث بحيرة:
- نفتحه ولا نستني لما نكون لوحدنا
- لا أفتحه طالما اللي كتبه بعته دلوقتي يبقي فيه حاجة مهمة بخصوص الحفلة.

فتح معتصم الظرف و أقتربت منه زينة و هو يفتح الورقة المطوية و بدأ كلاهما بالقراءة:
-الترابيزة اللي أنتو قاعدين عليها فيه تحتها شنطة فيها ورق هيهمكم، و النور اللي حواليكم ميخرجش من لمبة مهما كانت قوتها
أنتهي الظرف بتوقيع صغير في أسفله بأسم مجهول ، نظر معتصم الي زينة بعدم فهم و لكن هبطت زينة الي الأرض و تحدثت بصوت طبيعي قائله:
- حبيبي، رباط جذمتك مفكوك.

وضعت زينة يدها أسفل الطاولة فوجدت الحقيبة، سحبتها الي الخارج و هي تمسك بحذاء معتصم و تفك عقدته ثم ربطتها من جديد و وقفت و هي تعطيه قبلة صغيرة علي خده الأيسر قائله بصوت هامس:
- الشنطة تحت لو مديت أيدك هتوصل ليها
جلست زينة بجانبها فأقترب معتصم بيده من خصلاتها ليرتبها و تحدث بصوت هادئ:
- حطي الشنطة تحت الفستان و أمسكيه لأنه طويل و قومي.

أمسك معتصم بالحقيبة و ناولها إياها من أسفل الطاولة ففعلت هي مثلما قال، ثم أردفت:
- أنا هروح التواليت
وقفت معتصم و وقفت هي الأخري و هي تمسك بفستانها و ترفعه الي أعلي قليلاً ليبدو الموقف بأكمله طبيعياً و سحب معتصم حقيبة يدها الصغيرة قائلا:
- تعالي يلا
ذهب الإثنان سوياً نحو الحمام و وقف معتصم امام الباب قائلا بصوت هامس:.

- أي حاجة في الشنطة تقدري تحطيها في شنطتك حطيها و الباقي بصي عليه و شوفي فيه أيه أو صوريه بالموبايل، و تسيبي الشنطة جوه الحمامات مفيهاش كاميرات
أبتسمت زينة و تحدثت بعد أن رأت سيدة مقبلة نحو الحمام قائله:
- أوكي يا حبيبي مش هتأخر.

تركت زينة معتصم في الخارج و دلفت الي الحمام ثم الي احدي غرفه الداخلية، و أغلقت الباب بإحكام و أغلقت غطاء الحمام و وضعت عليه الحقيبة و فتحتها لتجد أوراق كثيرة بداخله، وضعتها كلها بداخل حقيبتها بإحكام، ثم فتشت الحقيبة من جديد لتجد كارت شخصي لرجل أعمال، حاولت أن تتذكره و لكن لم تتمكن فوضعته في حقيبتها، ثم خرجت الي المرايا و غسلت يديها و أخرجت أحمر الشفاة من حقيبتها لتضع طبقة اخري تعدل شفتيها أمام السيدتان بجوارها، ثم خرجت من الحمام و نظرت الي معتصم و تأبطت ذراعه و ذهب الأثنان الي الخارج فقابلهما أحد الحراس قائلا:.

- خير يا فندم في حاجة؟!
تحدث معتصم بإبتسامة جميلة و أردف:
- أه المدام بس مش عارفة تتحرك في الفستان و هتروح تغيره
أعطاه الحارس بطاقتين و أردف بإبتسامة:
- تمام يا فندم، أتفضلوا و دول علشان الدخول مرة تانية.

ألتقطهم معتصم منه و شكره و غادر المكان بصحبة زينة، دخلا الي المصعد و ضغط معتصم علي الطابق السابع و هو يلاحظ الكاميرا التي توضع أعلي لوحة الأرقام فأعطاها ظهره و هو يقف أمام زينة و هو يعدل من خصلاتها و تحدث:
- عملتي أيه؟!
- كانت كلها أوراق حطتها في الشنطة و فيه كارت لرجل أعمال أسمه حمدي الصمدي لما نطلع أوضتنا هنشوف هو مين و أيه علاقته بالأوراق دي.

توقف المصعد و صعد معهما رجل، فأبتسم معتصم و هو يلف ذراعه حول زينة و يضع يده الأخري في جيب بنطاله، حتي وصل الأثنان الي الطابق السابع، فخرج معتصم مع زينة متجهين نحو غرفتهم..
مرت دقائق و كانت زينة تجلس علي الفراش و الورق يحيطها من كل جانب و تمسك بحاسوبها، بينما يقف معتصم أمام الفراش و هو يدقق النظر في ورقتين بين كفيه، فتنهد معتصم مردفاً:.

- بردوا مش فاهم مين حمدي ده، و مالها شركة الحراسة اللي عملها؟! و ايه كل أوراق التعيين دي
تحدثت زينة بعملية بحتة:.

- الفندق ده صاحبه أسمه جلال الدين نصر و تقريباً معندوش أي أملاك تانية غير الفندق و فيلا جنبه مع أن عنده ثروة ضخمة جداً و مش متجوز، و المدير بتاع الفندق هو معتز جلال الدين نصر، أبنه بالتبني و كتبه علي أسمه عنده 35 سنة درس إدراة أعمال في أسبانيا و رجع من 5 سنين بعد ما صفي كل شغله في أسبانيا
هزت حاجبها و قلبت شفتيها بسخرية:
- بدأت أقلق من أي حد أسمه معتز.

أمسك معتصم بالظرف من جديد و هو يقرأ الرسالة للمرة العاشرة تقريباً، و سرعان ما ضم حاجبيه و ألتقط هاتفه و بعد دقيقتان نظر الي زينة و تحدث:
-زوزو حبيبتي، أعتقد ممكن شهر العسل يتأجل كام ساعة علي ما نشوف الكارثة اللي حد حطنا فيها دي
نظرت له بعدم فهم و تحدثت:
-هو أنت فهمت حاجة لحد دلوقتي؟!

-اه فهمت تقريباً النص التاني من الرسالة، النور مش مجرد إضاءة عادية، دي لمبات جواها ألماس و بكميات تغطي علي جمالك اللي بعشقه يا قلبي
أعادت زينة نظرها الي حاسوبها بحيرة و تحدثت:
- و هنتأكد إزاي من اللي أنت بتقوله ده، أعتقد لازم نبلغ البوليس و نديله الورق ده
هز معتصم رأسه نافياً و تحدث:.

- اللي بعت لينا الورق ده كان ممكن يبعته للبوليس بس ده محصلش، يبقي بعته لينا لسبب، الورق ده مش هيدين حمدي الصمدي ده و وراه قصة كبيرة جداً، اما الألماس فهيعمل ضجة كبيرة جداً و محدش هيعرف يوصل للشخص الحقيقي صاحب الألماس، فيه صاحب فندق و مديره و منظم الحفلة و الراجل اللي أشتروا منه النجف و اللمبات اللي عاملة الإضاءة دي، العمال اللي كانو بيرفعوا النجف، و اللي كانو بيعاينو النجفة قبل ما تترفع علشان يتأكدوا أن رفعها مش هيضر حد من الضيوف، فيه عدد لا نهائي من الناس اللي هيعتبروا متهمين و ده هيقفل القضية علطول لأن مفيش دليل واحد ضد أي حد و البوليس هيتحفظ علي الألماس بس.

نظر معتصم الي زينة بعد أن خطرت بباله فكرة و تحدث:
- الحفلة اللي فاتت بتاعت أول أمبارح الإضاءة فيها كانت طبيعية و بعد ما خلصت الحفلة و احنا بنتمشي لقينا العمال بينزلوا النجف كله و بيتحط في عربيات و معرفش بيروح فين بس بيتقل من الفندق غالباً لمخزن بيحتفظوا بيهم فيه لحد ما يحتاجوهم تاني.

دخلت زينة الي الصفحة الرئيسية للفندق علي الفيس بوك، فوجدت أول منشور في وجهها هو مشاركة لحفلة عيد رأس السنة الماضي، دققت النظر بها و أبتسمت قائله:
- في حفلة رأس السنة بتاعت السنة اللي فاتت كان نفس النجف متعلق في السقف، يعني ثابت بإختلاف الديكورات، و واضح من التصوير إن الإضاءة شبه عالية، يعني يا إما النجف ده إضاءته مميزة جداً، يا إما فيه حاجة معينة بتحصل مرة كل سنة في يوم الكريسماس.

مد معتصم يده أمام زينة قائلا بإبتسامة سخرية تزين شفتيه و طريقة مسرحية:
- مدام زينة، أعتقد أن صورة سيلفي في الحفلة الجميلة دي هتكون توثيق حلو جدا للذكري الجميلة دي
أبتسم زينة بحماس بعد أن فهمت مقصده و وقفت سريعاً و هي تمسك بيده و تحدثت:
- خمس دقايق بس و هكون قدامك.

دلفت زينة الي غرفة تغيير الملابس و لم يمضي خمس دقائق حتي خرجت مجدداً بفستان باللون الذهبي طويل نسبياً، ثم وقفت امام المرآة لتزيل كل المشابك في شعرها ليهبط علي ظهرها ثم مسحت أحمر الشفاة لتضع أخر باللون القرمزي الغامق، قبل أن تقترب من معتصم و تتأبط ذراعه مستعدين الي النزول مجدداً الي الحفل بعد أن وضع معتصم كل الأوراق في خزنته في الغرفة، سحبت زينة حقيبة صغيرة في يدها باللون البنفسجي...

مرت ثواني قبل أن يتواجد كلاهما أمام الحارس من جديد الذي أخذ منهم الكروت فدخلا الأثنان و جلسا علي طاولتهما، و أمسكت زينة بهاتفها و وضعته أمام وجهها هي و معتصم و ألتقطت عدة صور بأكثر من وضعية، ثم نظرت الي الصور بإبتسامة جميلة و هي تتحدث:
- أعتقد حتي بعد الإيدت إضاءة الصور نفس اللي في صور الفيس
أخرج معتصم هاتفه و تحدث:.

- بس يا تري صور النجفة الجميلة دي بنوع اللمبات اللي فيها هتكون نفس الإضاءة و لا أخف
مرت دقائق و هو ينظر الي الكثير من الصور و يقرأ الكثير من الكلمات حتي وصل الي مراده و تحدث بإبتسامة سخرية:
- شكل مصنع اللمبات ده لازم يخلي إضاءة اللمبات عالية زي ما الألماس عامل، أيه رأيك في تمشية جميلة بالعربية بعد الحفلة
- موافقة طبعا.

في الطريق الصحراوي في مدينة العاشر من رمضان.

أستيقظ عادل من إغمائه و هو يشعر أن جسده في الجحيم بسبب كل الألم الذي يشعر به، أعتدل في جلسته و هو ينظر حوله بتعب و يلهث و كأنه كان في سباق للركض، فلم يجد سوي الرمال حوله في كل مكان و لكن يظهر طريق علي بعد أمتار كثيرة، وقف بتعب شديد و هو يحاول ان يستعيد نشاط جسده و عقله الذي يزال لا تعمل معظم وظائفه، و بدأ بالسير و بعد نصف ساعة وقف أمام الطريق يبحث عن سيارة تنقله الي المستشفي فهو لا يشعر بالإتزان..

و بعد عدة دقائق وجد سيارة تمر من أمامه و توقف سائقها سريعاً بعد ان أشار له عادل، فتحدث السائق بقلق:
- أنت مين و بتعمل أيه في الصحرا دي
هز عادل رأسه نافياً معرفته بسبب وجوده هنا و تحدث:
- معرفش، عايز أروح المستشفي أرجوك
أشار له السائق ليصعد عادل بجواره و أنطلق السائق سريعاً الي أقرب مستشفي، فسأله عادل بتعب:
-معاك ماية لو سمحت؟!

ألتفت السائق و أحضر زجاجة مياه من المقعد الخلفي و أعطاها لعادل الذي أرتشف منها الكثير، ثم سأله من جديد:
- هو أحنا فين؟!
- أحنا في العاشر يا باشا
أغمض عادل عينيه بتعب و أردف:
- و انا بعمل أيه في الشرقية! طيب النهاردة كام في الشهر
- النهاردة 31 ديسمبر يا باشا
أنتفض عادل من مجلسه و نظر الي السائق بصدمة قائلا:
- 31 أيه؟!

نظر له السائق بتعجب من هذا الرجل الذي لا يعرف تاريخ اليوم او مكانه، و لكن أوصله الي المستشفي، فشكره عادل و صعد الي المستشفي و تحدث الي الأستقبال قائلا:
- لو سمحتي، أنا محتاج دكتور بسرعة و عايز أبلغ البوليس بحاجة حصلت ليّا
اومأت موظفة الأستقبال برأسها و تحدثت:
-تمام يا فندم، حضرتك هتطلع الدور التاني تالت أوضة علي الشمال هتلاقي دكتور، و انا هبلغ البوليس حالاً، أسم حضرتك أيه؟

-عادل محمد السيد عبدالله
وضع يده في جيب بنطاله علي أمل ان يجد بطاقته الشخصية و نقود، و وجدهم بالفعل فأخرج البطاقة الي الموظفة و أعطاها لها، فملأت له إستمارة، و اعطتها له مع بطاقته ثم طلبت البوليس الي المستشفي..
مرت ساعة قبل أن يجلس الضابط بتعجب أمام عادل بعد أن انتهي من سرد ما حدث:
- يعني أيه حضرتك؟! أكيد مش هتفضل نايم 4 أو 5 شهور مفيش بني أدم كده، حضرتك كنت في غيبوبة؟!

أومأ عادل رأسه بالنفي قائلا:
- مستحيل، زي ما قولت لحضرتك انا أخر حاجة فاكرها هي أن حد ضربني علي دماغي في الشارع و بعد كده صحيت النهاردة، و الشخص اللي بيكون في غيبوبة لازم يكون تحت اجهزة معينة علشان الدكاترة يحافظوا علي صحته وعلي أنشطة دماغه، و اكيد مش هتخطف و أتحط تحت أجهزة لشهور علشان مموتش
دلف الطبيب الي الغرفة و هو ينظر الي عادل برعب و تحدث:
- مش غيبوبة
نظر له الضابط بتعجب و تحدث:.

- فيه أيه يا دكتور مالك؟!
أبتلع الطبيب لعابه بصعوبة قبل أن ينطق:
- أستاذ عادل دخل في مرحلة بيات شتوي و دي مش بتحصل غير عند بعض الحيوانات، و عينة الدم اللي أخدتها منه مليانة بالسم من نوع خطير جدا مش موجود غير في حيوان أسمه وحش جيلا، و ده بيعيش في أمريكا
نظر الضابط الي الطبيب بإستنكار فتقدم الطبيب من الضابط بحرص و تحدث:.

- ده كل الورق و التحاليل اللي تثبت كلامي، مش عارف ممكن نتحفظ علي أستاذ عادل فين بس لازم يفضل تحت المراقبة فترة لحد ما نفهم في أيه بيحصل بالظبط، لأن اللي بيحصل ده مش موجود في أفلام الخيال العلمي
ثم نظر الي عادل و تحدث:.

- حضرتك لازم محدش يشرب وراك و لا ياكل من وراك او مكان ما انت أكلت و مينفعش تقرب من أي حد و تختلط بيه عن طريق ضوافرك أو أسنانك لأن الشخص ده هيكون مصيره الموت بس و محدش هيقدر يلحقه و أي علاقة جنسية ممنوعة
أتسعت عيني عادل من هو المفاجأة، هل أصبح لتوه حيوان! لا بل نصف حيوان و نصف إنسان؟! لا يصدق أن ما يحدث له حقيقي، نظر الي الطبيب و تحدث بتلعثم:.

- انا عندي حياتي و حابب أعيشها، لازم يبقي فيه حل للي بيحصل ده
هز الطبيب رأسه بالنفي و أردف:
- لحد اللحظة دي حضرتك مستحيل تلاقي حل
- و انا مش هقبل أكون فار تجارب للدكاترة و العلماء علشان يلاقولي علاج أو يكتشفوا ايه اللي حصل
نظر الضابط الي الطبيب و هو يحاول التفكير ثم تحدث بيأس:.

- اللي بيحصل ده مستحيل، أيه الحل دلوقتي؟ أستاذ عادل عايز يعيش حياته بس في نفس الوقت ميقدرش يعيش من غير مراقبة و لازم نوصل للي خطفه و نفهم عمل فيه أيه ممكن يكون العلاج عنده!
صمت الضابط مرة أخري قبل أن يتحدث:.

- دلوقتي فيه حل واحد بس لحد ما نشوف ممكن يحصل أيه، أولا أستاذ عادل هيرجع لحياته الطبيعية بس هنعين ليه 3 حراس من شركة Deep للحراسة، و احنا هنبدأ تحقيق في قضية الخطف دي يمكن نوصل لحاجة، و أستاذ عادل و الحراس هياخدوا تعليمات دقيقة جدا من الدكتور علي الحاجات اللي المفروض أستاذ عادل يعملها و اللي مينفعش يعملها علشان محدش يخسر حياته بسببه، بس لو حصل و حد مات او اتأذي بسبب حضرتك هنضطر وقتها نعزلك و نخلي الدولة تتصرف.

هز الطبيب رأسه و تحدث:
- ده حل كويس، و انا هكلم رئيس نقابة الأطباء و هعرض عليه جرعة الدم و التحاليل اللي أخدتها من استاذ عادل و هو هيقدر يصعد الموضوع و علماء مصر وقتها ممكن يتصرفوا، و لو أحتاجنا ليك يا أستاذ عادل لازم تيجي فوراً، أرجوك
هز عادل رأسه بأسي قائلا:
- حاضر يا دكتور، و انا أكيد مش هكون عاوز أذي لأي حد.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة