قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الحادي عشر

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الحادي عشر

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الحادي عشر

في الساحل الشمالي قبل منتصف الليل بدقيقة
أُغلقت الأنوار و بدأ العد التنازلي لحلول عام جديد، فتح الضيوف هواتفهم و فعّلوا كشافاتها و كذلك فعل زينة و معتصم، ثم ألقي معتصم نظرة خاطفة الي المصابيح الكهربية المعلقة و عاد نظره الي زينة سريعاً و همس:
-اللمبات اتقفلت بس لسه الألماس مأثر عليها
نظرت زينة الي الشاشة التي يتم عليها العد التنازلي، ثم ألتفتت الي معتصم بهدوء و تحدثت:.

-فاضل 10 ثواني على السنة الجديدة، كل سنة و انت طيب يا حياتي
ضمها معتصم إليه بإبتسامة جميلة قبل أن يرد عليها بلقبها المحبب الي قلبه:
-و انتي معايا دايما يا برتقالتي.

مرت الثواني العشر ثم بدأت الهتافات من الجميع مهنئين بعضهم بحماس و فرحة قبل أن تشتعل الأنوار ثانية و ترتفع أصوات الأغاني ليندمج الجميع في الرقص مرة أخري حتى حلول الفجر، شعر الضيوف أجمعين بجفونهم تجاهدهم من أجل أن تُغلق، فذهبوا من الحفل ملبيين نداء النوم، و كان أخر من يخرج من قاعة الحفل هي زينة مع معتصم، متجهين الي سيارتهم التي أستأجروها، و أنطلق بها معتصم بحذر نحو الباب الخلفي للقاعة و التي تخرج منه المصابيح الكهربية...

أستمر أنتظارهم ما يقارب ساعة، حتى أقتربت عربات نقل كبيرة و خرج العمال بعجلات نقل تحمل على سطحها المصابيح الكبيرة، ثم يدخلونها الي سيارات النقل التي تحركت بعيداً بعد أن امتلأت و تتبعها سيارة زينة و معتصم في حذر...
تحدثت زينة و هي تنظر الي السيارة امامها و تمسك بهاتفها و تلتقط عدة صور لها كما ألتقطت صور أخري أثناء وضع المصابيح الضخمة في السيارات:.

-هنستناهم لحد ما نعرف مين اللي هيستلم الألماس و هيسلمه لمين.

أكتفي معتصم بأن يومأ برأسه، و ساد الصمت بينهم من جديد، حتى وصلت السيارات الي مخزن ضخم يبتعد عن الفندق و عن الشوارع الرئيسية و هبط السائقين و أستقبلهم عمال من المخزن و بدأوا في نقل المصابيح و تمسك زينة بهاتفها تصور كل ما يحدث، الي ان دق شخص ما على زجاج نافذة معتصم، فأنزلت زينة هاتفها سريعاً و خبأته في حذائها الطويل، فتح معتصم النافذة فوجد رجل ضخم البنية يقف امامه، و سرعان ما أرتفع مسدسه و ألتصقت فوهته برأس معتصم و تحدث الرجل بهدوء الثعابين:.

-أنزل أنت و اللي معاك
نظر معتصم الي الرجل و كان أمامه خيارين: إما أن ينطلق مسرعاً بسيارته فيطلقون عليهم الرصاص و ربما يصابوا و يمسكوا بهم، أو يهبطوا معهم بهدوء و يدخلوا الي المخزن بحيث يتمكنوا من مراقبة ما يحدث عن كثب..
مرت ثانية واحدة كان قد أتخذ معتصم قراره و هبط من السيارة و كذلك فعلت زينة، و وضعا يديهما فوق رؤوسهم و ذهب مع الحراس الي داخل المخزن و كل منهما يلامس ظهره فوهة سلاح..

و بعد دقائق كان كلا من زينة و معتصم مكبلان بالحبال من إيديهم جالسين أرضاً، فأقترب منهم كبير الحراس على و تحدث:
-انتو فاكرين انكم بتتعاملوا مع أغبية ولا أيه؟ دايما بيكون فيه عربيات ورا كل حاجة رايحة و جاية من المخزن للحراسة
أتاه رد معتصم الساخر:
-ليه بتهربوا ألماس مثلا
ظهر الغضب على وجه على و تحدث:.

-لا بنهرب بني آدمين، بنهربهم من الدنيا كلها و انتو اللي عليكم الدور، للأسف مش هقدر ألمسكم لحد ما ييجي معتز باشا و وقتها هو يقرر هيعمل أيه
نظرت زينة بإستنكار نحو معتصم و قالت بنبرتها الساخرة:
-مش قولتلك مش برتاح لواحد أسمه معتز
أشار على نحوهما و قد أزداد غضبه بعد سماعه لجملة زينة الأخيرة و تحدث:
-كممهم مش عاوز أسمع صوتهم لحد ما معتز باشا ييجي.

أقترب منهم رجلان واضعين شريط لاصق على شفتي كل منهما ثم ذهب على تاركاً رجلين في حراستهما، فنظر كلاهما حول أنفسهم في محاولة لإيجاد ما يفك قيدهم مستغلين فرصة إعطاء الحراس ظهرهم لهما، و سرعان ما وقع بصر زينة على مفاتيح السيارة في جيب بنطال معتصم، فضربته في قدمه لتلف نظره، و سرعان ما نظر لها بإستفسار فنظرت الي مفاتيحه..

فهم معتصم مقصدها سريعاً و ألتقط مفاتيحه و أقترب من زينة و بدأ في قطع الحبال بهدوء من يد زينة التي ما أن قُطع الحبل الأول حتى أستطاعت إزالة العقدة كلها، ثم بدأت بفك عقدة معتصم، و نظر كلا منهما حوله فوجدا زجاجات زجاجية فارغة و عصا خشبية سميكة..

أمسكت زينة بالعصا و أقتربت بهدوء من الرجلان و ضربت الأول على رأسه بها ليفقد وعيه بسرعة بعد أن نزفت رأسه ثم وجهت ضربتها الثانية بسرعة نحو الحارس الثاني الذي ألتف سريعاً ليسقط مثل زميله تماماً..

جلس معتصم على أحدي ركبتيه و هو يفتح حذاء زينة الطويلة و يخرج هاتفها و يطلب رقم شرطة النجدة و أبلغهم كل ما حدث بهدوء شديد و صوت خافت حتى لا يدخل على أثره حارس آخر، أعطي الضابط العنوان ثم أغلق الهاتف بعد أن فتح الموقع في هاتف زينة و فتح جهاز التسجيل من جديد و وضع هاتفها في مكانه، ثم وقف ممسكاً بيديها و أتجه نحو صندوق كبير يختبأ بداخله هو و زينة و همس:
-شاطرة أنك كنتي فاتحة ريكورد قبل ما نيجي هنا.

حاولت زينة ضبط أنفاسها قبل أن تنطق بخوف:
-لو البوليس مجاش و لحقنا أحنا هنتصفي
وضع يده على شفتيها بسرعة و هو يستمع الي صوت أقدام بعيدة و بعض الحديث الخافت و غير المفهوم، و سرعان ما أستنتج أنه معتز قد جاء و غضبه من وجود شخص يتبعه..
وقف معتز امام الحبال و كذلك علي، فصرخ معتز به قائلا:
- هما فين يا على و رجالتك مرمين على الأرض كده ليه؟!
نظر له على بعدم فهم و تحدث بتلعثم و خوف واضحان:.

-كانو هنا يا باشا و الله معرفش راحو فين؟!
-أقلبوا عليهم المكان كله حالا و طلعوهم أكيد لسه مبعدوش، بسرعة قبل ما يبلغوا البوليس، خلي الرجالة يدوروا في المخزن و بره، و النص التاني ينقلوا الألماس على الشنطة دي فوراً، مش هنقدر نأجل الصفقة مستر لاندن في الطريق لهنا، أتحركوا بسرعة.

تحرك الجميع تبعاً لأوامر معتز و بدأوا في البحث عنهم، فأخرجت زينة هاتفها و بدأت بتصوير عملية نقل الماس و تصور معتز في فيديو عبر فتحة صغيره في الصندوق، و بعد دقائق أقترب أحدهم من الصندوق و هو يشهر سلاحه قائلا:
-أخرجوا حالاً بدل ما هخلي دماغكم تتفتت.

نظر معتصم الي الأعلي و كذلك زينة التي عادت لتخبأ هاتفها بسرعة من جديد و وقف كلاهما و أستجابا للحارس الذي تقدم بهم نحو معتز، و في نفس اللحظة أٌقترب على من معتز قائلا:
-مستر لاندن وصل يا باشا
أشار معتز اليهما بشر قائلا:
-يفضلوا هنا و المرادي خدوا بالكم منهم كويس جدا على ما أرجع
جلس معتصم مع زينة في مكانهم مرة أخري، بينما ذهب معتز بصحبة ثلاثة من رجاله، نظر معتصم الي ساعته بقلق و أردف:.

-البوليس مش هيلحق يوصل، لازم نشوف حل بسرعة مينفعش الشحنة دي تتسلم
خلع معتصم جاكيت بدلته و ربطة عنقه ثم فتح أزرار قميصه الأولي و شمر عن ساعديه و جميع الحراس ينظرون له بتعجب مما يفعله، أقتربت منه زينة و همست في أذنه قائله:
-هتعمل أيه يا معتصم؟!
-هعمل اللي المفروض اعمله، حاولي تعطلي التسليم.

أمسك معتصم بثلاثة من الزجاجات الفارغة خلفه تماماً، و في ثواني كان قد أستطاع أن يصيب رؤوس ثلاثة من الحراس الذين سقطوا فاقدين وعيهم في الحال، في حين أشهر الباقين أسلحتهم نحوه، و سرعان ما تحدث أحدهم:
-محدش يتغابي و يضربه بالنار علشان ميحصلش مشاكل، معتز باشا عاوزه حي.

أقترب ثلاثة أخرين من معتصم الذي تمكن من أمساك زجاجتان بسرعة شديدة و ضرب أثنان ممن أقتربوا منه، و سحبه الثالث من يده و وجه له لكمة قوية لم يتمكن معتصم من تفاديها، ثم سحبه الرجل ليتوسط خمسة من الحراس الذين بدأوا في ضربه بقوة و هو يحاول الدفاع عن نفسه قدر المستطاع..

أقترب الرجل المتبقي نحو زينة التي فعلت كما فعل زوجها و أمسك بزجاجة و قبل أن تسقط على رأس الحارس، أمسك بيدها و وجه لها لكمة قوية لتسقط على الأرض، شعرت بأنفها ينزف و بأن عظام أنفها قد اختلطت ببعضها كعجين سلس التشكيل، وضعت يدها على أنفها بوجع شديد، ثم أقترب الحارس من الرجال الآخرين، فوقفت زينة مستندة الي الحائط خلفها ثم خلعت حذائها الطويل ذو الكعب العالي، و هبطت به على رأس ذراع الحارس السادس ليقع منه سلاحه الرشاش و يصرخ بألم و يقع على الأرض بعد أن هشمت زينة رأسه بزجاجة أخري، ثم سحبت من ذراعه حذائها، نظر لها رجل أخر و ترك معتصم ليقترب منها فبدأت بالركض بسرعة و هو يركض خلفها، أستطاعت الاختفاء بسبب كثرة الصناديق في المكان، ثم وجدت قطعة خشبية أخري سميكة، أمسكت بها بسرعة و هي تنظر الي الحارس الذي يبحث عنها، دارت حول الصندوق لتقف خلف الحارس و تسقط الخشب على رأسه ليسقط على الأرض هو الآخر..

أمسكت زينة بسلاحه بتوتر و أقتربت من الذين يضربون معتصم بالعصا، و بسرعة شديدة ضربت أثنان منهما ليسقطا على الأرض و قد شعرا أن أعينهم قد أصابها العمي فمازالوا يشعرون بما حولهم، و تبقي ثلاثة أمامها، أمسك أحدهم بعصاها ثم سحبها من شعرها بقوة و صرخ في وجهها قائلا:
-أتهدي بقا بدل ما اقتلك.

ضربته زينة بقوة على أذنيه و حركت قدميها لتضربها في ركبته بقوة فسقط على الأرض بألم شديد فأعادت عصاتها و ضربته بها ليفقد وعيه، نظر إليها أخر إثنين و اللذان بدأ معتصم في ضرب أحدهم بينما حاول الأخر ضرب زينة فألتفتت خلفه سريعاً و هشمت عظام رأسه بعصاها ليسقط مثل زملائه تماماً، و أثناء أنشغال الأخير بالعراك مع معتصم ضربته بقوة ليسقط أخيراً..

أقتربت زينة بسرعة من معتصم بقلق شديد من الدماء التي تملأ وجهه و أردفت:
-معتصم، أنت كويس؟!
ضحك معتصم بمرح رغم آلامه و أردف:
-اه بس أبقي فكريني ضروري نتدرب كارتيه و كيك بوكس لأننا المرة الجاية هنتطحن و محدش هيحس بينا، يلا نخرج بسرعة نلحق المهزلة اللي هتحصل دي و يا رب البوليس ييجي بقاا قبل ما نخرج من الدنيا قبل ما ندخلها.

أمسكت بجاكيت بدلته بسرعة و وضعته على وجهه ثم أمسك كلاً منهما بسلاح و خرجا من المكان بحذر، و أخيراً أرتفع صوت أحد رجال الشرطة قائلا هجوم، فخرجت رجال الشرطة من كل مكان و نشبت معركة قوية بين الطرفين و كان النصر للشرطة نظراً لصلابة الرجال و كثرة عددهم..
أٌقترب معتصم و زينة من الضابط الذي تحدث بإرتياح:
-حضرتك اللي قدمت البلاغ صح؟
-مش باين على وشي ولا أيه!؟
أبتسم الضابط و أجابه:.

-لا باين، حمدلله على سلامتك انت و المدام، حضرتك تقدر تروح المستشفي علشان جروحك و تبلغنا بمكان سكنك علشان لما نحتاجك
أجابته زينة بهدوء شديد:
-تمام أحنا هنكون في الفندق بتاع معتز ده محل إقامتنا لأسبوع بعد كده هنسافر القاهرة، عن أذنك
أتجهت زينة مع معتصم نحو سيارتهم و جلست خلف عجلة القيادة و معتصم بجوارها ثم أنطلقت بها، فتحدث معتصم بتعب:.

-بقولك أيه، على الفندق علطول فيه هناك علبة أسعافات، انا تعبان و مش هقدر على تعب المستشفي و إجراءاتهم
-حاضر يا حبيبي بس أرتاح

في المقطم.

دخلت أميرة بصحبة جاسر الي الشارع و هي تلتفت حولها في خوف و تتمسك بجاسر بقوة، و الجميع ينظر لها بدهشة و بدأ الحديث و الكثير من الأقاويل الجانبية حتى أقترب عم أشرف والد أميرة و نظر لها، فأنكمشت أميرة في خوف خلف جاسر و لكن تمكنت يد أشرف من جذبها من خصلاتها ليبدأ في ضربها و الصراخ فيها و جاسر يحاول أبعاده عنها، و لكن كان أشرف مثل ثور هائج من الصعب إيقافه و أخذ يقول:.

-أه يا سافلة، بقاا ليكي عين تيجي هنا بعد ما جبتي لينا العار بعمايلك السودا، أنا مش هسيبك و هموت يا فاجرة
صرخت أميرة بدون أنقطاع و أشرف يحاول ضربها و لكن كان جسد جاسر الذي يقف في منتصفهما سوراً، و سرعان ما صرخ جاسر في أشرف قائلا:
-خلاص بقا كفاية أبعد عنها
دفع جاسر أشرف بعيداً عنها، و أحتضن أميرة و تحدث بحدة:.

-أميرة بقت مراتي و أم أبني يا عم أشرف، و هتفضل كده و مش هسمح لأي حد أياً كان مين انه يهينها أو يمد إيده عليها لإني هقطعهاله حتى لو كان أبوها أو أمها أو أخوها مفهوم، و هي مبقتش محتاجاكم خلاص ولا بقت سلعة متاحة للبيع للي يدفع أكتر، بقت مدام جاسر السعيد
ثم نظر جاسر الي الجميع حوله و صرخ بصوت أعلي ليسمعه الجميع قائلا:.

-و اللي هسمع لسانه بيجيب في سيرتها بالغلط هقطعوله، لا عاش ولا كان اللي يجيب في سيرتها بالغلط
رفع أشرف يده ليصفعه بقوة و لكن يد أخري أمتد لتمسك بيد أشرف و لم يكن هذا سوي كامل الذي دفع كامل بعيداً و تحدث بحدة:.

-أنت إزاي تستجري و ترفع إيدك على أبني يا أشرف أنت أتجننت ولا ايه؟! بنتك أه غلطت لمّا هربت من البيت و محدش قال أن التصرف ده كان غلط، بس ده كان ناتج من غلط أكبر صدر منكم أنتو علشان تجبروها على واحد أصغر منك بكام سنة يا أشرف علشان 10 فدادين، بنتك يعني لحمك و دمك يعني تشيلها فوق راسك و تخليها أميرة و تغليها في عيون الناس مش عايز تبيعها بالرخيص و تاكل من ورا لحمها اللي بعته الشهد، مش عايز بنتك أحنا عايزينها، بقت من عيلتنا و بنتي التالتة و مش هسمح لأي مخلوق أنه يغلط في بنتي و أبني فاهم يا أشرف.

رد عليه أشرف بتوعد شديد و هو ينظر الي جاسر:
-بنتي و أنا حر فيها يا كامل و هتشوف هعمل أيه فيها وفي أبنك المعيوب اللي حرضها ضد أهلها و خلاه تعصي كلامهم و تسيب بيتهم و تتجوز من وراهم
شعر جاسر بإنقباض في قلبه ما أن ذكر أشرف إعاقته، فوضع كامل يده على كتف جاسر و تحدث:.

-الراجل المعيوب بجد مش بيكون عيبة إعاقة ربنا أدهاله، بيكون معاق في تفكيره و هو عاقل، و قلبه حجر و هو بينبض، أنت اللي معيوب يا أشرف أنا أبني راجل و سيد الرجالة و رجالة الشارع كله يشهدوله، و أعرف أنت بتتكلم مع مين قبل ما تهدد لأني لو فيه اي حاجة مسّت جاسر ولا أميرة مش هتردد لحظة إني أطلبلك البوليس و بحكم منصبي كمذيع مشهور أنت عارف ممكن يحصل فيك أيه كويس، يلا يا جاسر.

أمسك كامل بيد جاسر الذي أخذ أحاط كتف أميرة و انطلق الثلاثة نحو منزل كامل، و ما ان دخلوا حتى فقدت أميرة وعيها و أمسكها جاسر بسرعة قبل أن تسقط على الأرض، و دخل الي غرفته تاركاً الجميع بلا رد عليهم، وضعها على الفراش بينما دخل هو الي شرفته و جلس على أرجوحته ضاماً ركبتيه الي صدره و احاطهم بذراعه و هو يفكر في حديث أشرف، حتى أنه لم يلتفت الي همسات الجميع و أصابعهم التي تشير إليه و هم يسردون ما حدث إلي بعضهما مضيفين بعض الأحداث الخيالية الي ما حدث..

دقت حسناء باب غرفته و لكن لم يأتيها رد، فدخلت بعد دقائق لتجد أميرة مازالت فاقدة لوعيها و جاسر يجلس على أرجوحته، أقتربت منه و جلست الي جواره و تحدثت:
-جاسر، أنا هسألك سؤال واحد بس يا حبيبي؟
نظر لها جاسر و هو يستمع الي سؤالها:
-لمّا تشوف نفسك فاشل و بقيت معدوم الأخلاق و الإحساس وقتها فكر في كلام الناس، انت شايف نفسك كده؟
هز جاسر رأسه بالرفض، ثم تحدث:.

-مش شايف نفسي معيوب يا ماما، بس عندي نقص عندي إعاقة، على الأقل الناس شايفاني كده؟

-الناس اللي بتتخدع بالمظاهر ميستاهلوش أننا نفكر فيهم و في كلامهم، و بعدين يا حبيبي الناس مهما حاولت ترضيهم مش هتقدر، أرضي نفسك و ضميرك و ربك و ملكش دعوة غير بالناس اللي يهمهم أمرك بجد يا جاسر اللي بيحبوك و عايزين ليك الخير، أما الأعاقة فأنت شكلك ناسي إذا أحب الله عبداً أبتلاه صح ولا أيه؟! و البلاء ده مش مقلل منك ده مكبرك في نظر ناس كتير أوي يا حبيبي، متزعلش أنا قلبي بيتقطع لمّا بشوف حد منكم زعلان ولا مهموم، انتو أغلي حاجة في دنيتي و عايزة أموت و أنا متطمنة على كل واحد فيكم في حياته، و عايزة أتطمن أنك هتمشي في طريقك اللي أنت راسمه يا جاسر و مش هتخلي كلام الناس اللي مش بيخلص يأثر فيك.

أمسك جاسر بيدها و قبلها بحب قائلا:
-بعد الشر عليكي يا ماما اوعي تقولي كده تاني
وضع رأسه على صدرها و ضمها فضمته هي الأخري و أردف جاسر:
-انا و اخواتي عايشين علشان أنتو معانا و في ضهرنا، متتكلميش في الحاجات دي تاني بالله عليكي

في الزمالك.

وقف صلاح أمام تيسيير و مني اللذان أرتفعت أبتسامتهما و هما يشاهدونه ينفذ جميع الأوامر بدون نقاش مثل إنسان آلي في جسد بشري، و سرعان ما أقتربت مني من صلاح و أستندت بذراعها على كتفه و همست في أذنه بصوت أقرب الي السمع قائله:
-أنسي صلاح و أمسح كل ذكرياته من دماغك، انت من النهاردة حمدي الصمدي صاحب شركة Deep للحراسة، فاهم يا صلاح
نظر إليها صلاح بإبتسامة جميلة و أردف:.

-أنا أسمي حمدي الصمدي مش صلاح يا حبيبتي
نظرت مني الي والدها بفخر و أردفت:
-خلاص يا بابا، وصلنا لأول الطريق أخيراً و دي كانت أول خطوة في تكوين جيش
أبتسم تيسيير في فخر و غرور شديد و تحدث:.

-خلال شهر واحد هيتم أول مؤتمر شبابي في مصر علشان نتقدم و نبص بنظرة المستقبل، جه وقت نخلي عدد سكان الأرض أقل، و نخلق أرض جديدة نعمرها و نحط فيها حاجات مش موجودة في الأرض دي، بني آدمين بصفات قوية، و تانيين خارقين، جه وقت نبني فيه جيش قوي في مدة صغيرة جداً للأرض التانية
تحدثت مني بحدة لتخفف من جنون العظمة هذا الذي يزداد في نفس والدها قائله:.

-خطوة زي دي مش سهله يا بابا علشان نعملها في شهر ولا 2، دي حاجة أحنا درسناها بقالنا سنين، و جه وقت ننفذها و أعتقد هتحتاج لسنين تانية بردوا بس مش مهم
أعادت نظرها نحو صلاح و أردفت:
-يلا يا حمدي على الشغل و أوعي تنسي الفحص الطبي للمجندين الجداد تبع شركتك
أنهت عبارتها بإبتسامة خبيثة مليئة بالغموض فأكمل صلاح:.

- عارف قصدك أيه، الدكتورة نرجس بنفسها هي اللي هتعمل ليهم العملية بمنتهي الدقة اللي علمتيها ليها يا مني، اتطمني، عن أذنكم
أغلق زر جاكيت بدلته ثم أنصرف بخطوات واثقة خارجاً من المكتب، فنظر تيسيير إليه في سخرية و تحدث:
-حلوه دروس الإتيكيت اللي أخدها منك خلته بني آدم بجد مش زي ما كان جاي لينا في الأول
جلست على مقعد أمام مكتب والدها و سألته:
-سيبك منه يا بابا، المهم عملت أيه مع عادل؟

جلس تيسيير على كرسي مكتبه و شبك يديه على المكتب قائلا:
-أديته الحقن اللي أنتي أدتيهالي بإستمرار زي ما أتفقنا، و بعد ما خلصت رميته في العاشر في الصحرا، و هيرجع مكتبه ميعرفش أي حاجة، و حذفت أي خبر لينا زمان كان موجود تبع الصحافة عن اللي حصل زمان، و كلمت مستر ألفريد داووين و هيوصل مصر خلال شهر بعد ما أجل سفره كتير بسبب اللي حصل لبنته، بس المرة دي راجع متقلقيش
أرخت مني جسدها على المقعد قائله:.

-كده تقريباً أنا قومت بدوري، فاضل انت يا عالم الهندسة الكمية تفتح لينا بوابة لعالم تاني و نشوف اللي هيدخل منه هيعرف يطلع تاني ولا لأ، و شوف أستقراره هيكون وقته قد أيه؟ و تقدر ترجع تفتحه تاني إزاي!
-متقلقيش انا شغال على الموضوع ده و كل شوية النتايج بتتقدم اكتر من اللي قبلها و قريب أوي هقدر أخلي البوابات مستقرة لأطول فترة ممكنة و بعدين نختبرها
.

أستيقظ معتصم من نومه الطويل و جلس على الفراش و وجد زينة تجلس بجواره على حاسوبها و في يدها تلك الرسالة التي جاءت إليهم في الحفل ليلة أمس، فتحدث:
-صباح الخير يا حبيبتي
نظرت له زينة بسخرية و أردفت:
-صباح أيه، أنت قومت الصبح و روحنا قدمنا إفاتدنا و شهادتنا ضد معتز و رجعنا و انت من وقتها نايم و الساعة بقت 8
فرك معتصم في خصلاته بتعب قائلا:
-هو أنا نمت كل ده و سبتك صاحية.

أقترب منها ليضع قبلة على رأسها قائلا:
-حقك عليّا يا حبيبتي بس انا خدت علقة سخنة أمبارح و جسمي كله مكسر
و قبل أن يقترب اكثر دفعته زينة بقوة قائلا بتهديد:
-أياك تقرب
نظر لها معتصم بتعجب قائلا:
-في أيه يا بت مالك؟!
أجابته بلهجتها الساخرة:
-مالي؟! لا ولا حاجة، امبارح بس قولتلي أستني أشوف مناخيرك و طلعت طرقعة غريبة منها حسيت أن روحي طلعت معاها
تحدث معتصم ببراءة مصطنعة:
-الحق عليّا كنت بردلك عضمها.

-وغالباً أنت قررت تكسرها مرة كمان امبارح
وقف معتصم و ألتف حول السرير ليصل لها ثم سحب الحاسوب و وضعه على الفراش و أزاح عنها الغطاء و حملها بين يديه قائلا:
-هتفضلي مقموصة و خايفة طول شهر العسل اللي مش ناوي يكمل ده يعني ولا أيه؟
دفعته بيدها على صدره قائله:
-أيه أيه رايح فين!؟
-هنخرج شوية، هفسحك نروح حفلة نروح مسرح، نتعشي بره أي حاجة المهم أعوضك عن ليلة أمبارح دي.

-و هنخرج بهدوم البيت صح مش كده، نزلني يلا و روح خد شاور سريع على ما أجهزلنا هدوم و نخرج نتمشي شوية
أنزلها معتصم بعد أن وافق على حديثها و ذهب نحو الحمام ليأخذ حماماً دافئاً، خرج منه و هو يحيط جسده بالروب خاص بالإستحمام (البرنص) و لكن وجدها تجلس على الفراش تحتل الدهشة كل أقسام وجهها، أقترب منها بتعجب و هو ينشف خصلاتها بمنشفة صغيرة قائلا:
-مالك يا زينة وشك مقلوب كده ليه؟

رفعت اللاب ليلتقطه معتصم و نظر بداخله فوجدها تبحث عن حمدي الصمدي فنظر لها بتعجب:
-اه أفتكرته ده صاحب شركة Deep للحراسة، مالك مصدومة كده ليه؟ قرأتي حاجة غريبة عنه أو تعرفيه؟ او تعرفي أيه علاقته بالرسالة!؟
أبتلعت زينة لعابها بصعوبة و هي تخبره بصوت أبى الخروج في البداية، ثم ظهر أخيراً قائله:.

-الجثة اللي وقعت في فرحنا، طنط أسمهان اللي حكتلك عنها، ده أبنها صلاح يا معتصم مش حمدي و انا متأكدة مليون المية، و هو ساب الشارع هو و أمه و اختفوا من ييجي 5 شهور كده و جه بدالهم كريم، صلاح ده غبي أصلاً و كان عايش بقوت يومه هو و أمه و لا ليهم قريب ولا غريب، جاب الفلوس دي كلها منين؟ و لا غير أسمه إزاي و بقي شخصية معروفة كده! ده بيفك الخط بالعافية
تنهد معتصم و هو يضع الحاسوب على الفراش قائلا:.

-فيه حد يعرفك كويس أوي يا زينة، ليه علاقة بالناس دي و عارف انك تعرفيهم، و بيحاول يوصلك لحقيقة مهمة تخصهم من لمّا أختفوا زي ما بتقولي
أمسك بالأوراق الخاصة بحمدي الصمدي و تحدثت بخوف و قلق:
-يا تري ايه اللي بيحصل؟ و أيه علاقة كل المجندين كحراس دول باللي بيحصل؟
نظرت زينة الي معتصم و أردفت:
-معتصم، انا عارفة أننا في شهر العسل بس إحنا لازم نقطع أجازتنا و ننزل، مش عارفين كل ما نتأخر أيه اللي ممكن يحصل.

ربت معتصم على كتفها بحنان و أردف:
-أنتي معاكي حق، انا هلبس و هنزل أعمل تشيك أوت و أنتي حضري الشنط بسرعة و هطلع أساعدك و غيري هدومك
أمسك بيده بسرعة و أردفت:
-أستني بس، الساعة 8 الطريق ضلمة و مش مضمون دلوقتي، استني للصبح
ربت معتصم على يدها قائلا:
-أكيد هعمل كده، بس علشان بكره الصبح نكون جاهزين للسفر علطول، اما هتلبسي دلوقتي ليه فعلشان هناخد جولة أخيرة في المكان قبل ما نرجع.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة