قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل السادس عشر

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل السادس عشر

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل السادس عشر

في المقطم بمنزل كامل
جلست جنات على فراشها تبكي بحدة و حولها كلاً من جاسر و أميرة و امامها كامل، سيطر الحزن على المنزل بأكمله بعد أن مضت خمسة أشهر منذ أختفاء معتصم و زينة و أغلاق هواتفهم و كذلك ريهام التي لم تعود من الأسكندرية بعد أسبوع كما قالت..

أبلغ كامل الشرطة عن الثلاثة و لكن لم يتمكنوا من إيجادهم حتى هذه اللحظة، أرتفع رنين هاتف جاسر الذي مسح دموعه و أجاب على الرقم المجهول و بعد ثواني من التعارف علم جاسر أنه غريب المنتج، فتحدث جاسر بتعجب:
-خير يا أستاذ غريب في حاجة؟!
-أنا بحاول أوصل للأنسة ريهام من فترة طويلة و هي تليفونها مقفول
أنتبه جاسر بإهتمام الي حديثه و أردف:
-و لقيتها؟!
-لا، انا جبت رقم حضرتك قولت أنت ممكن توصلني ليها!

تنهد جاسر بحزن و يأس و أردف:
-ريهام مختفية بقالها فترة يا أستاذ غريب، انا عارف أنك خسرت كتير في الفيلم ده بس أنا مستعد أعوضك المبلغ اللي أنت عايزه
تحدث غريب بلهجة سريعة:
-لالا يا جاسر، أنا هنزل الفيلم، أنا بس منتظر ريهام توافق و تمضي و أكيد هينزل، الموضوع كله مسألة وقت بس
-أنا بكرر أعتذاري ليك يا أستاذ غريب
أنتبه جاسر فجأة و تحدث بسرعة:.

-لحظة واحدة، انا عارف هي ممكن ترجع إزاي و الفيلم ينزل إزاي من غير ما تكون موجودة
صمت جاسر لثواني يستمع الي غريب الذي شجعه على الحديث فأردف:
-ريهام عملالي توكيل، انا أقدر أمضي مكانها و الفيلم ينزل، و أول ما ينزل هي هترجع أكيد علشان تعرف أيه اللي حصل و إزاي نزل من غير إذنها!
صمت غريب يجمع كلماته و يحللها ثم تحدث بخفوت:
-بس هي كده هتتضايق
-بس هترجع بردوا و ده اهم اننا نعرف هي فين.

أقتنع غريب بكلمات جاسر و سرعان ما حدد معه معاد للمقابلة، و أغلق الخط و نظر جاسر الي الجميع و سرد عليهم ما حدث فأردف كامل بيأس:
-يا رب ترجع هي و أختها بقاا، قلبي واجعني عليهم و انا معرفش هما فين ولا حصلهم أيه
ربتت أميرة على كتف كامل بحنان قائله:
-ان شاء الله هيرجعوا يا بابا أتطمن

في مخزن مهجور في المعادي.

وقف كلاً من مدرب الفنون القتالية خالد العياط ومعتصم و زينة التي حولت لون خصلاتها للبني حتى لا تكون ملفتة للأنظار، بعد أن أستمروا لساعة كاملة في تدريب قاسي على ما تعلموه خلال الخمسة الأشهر الماضية حتى تمكن الأثنان من هزيمة خالد أخيراً، جلست زينة على الأرض بتعب و هي تلقي بعصاتاها الخشبية على الأرض و كذلك فعل الباقيين، و تحدث خالد بهدوئه المثير للأعصاب:
-هتفضلوا هربانين كده كتير؟!
أجابه معتصم بتعب:.

-احنا مش هربانين أحنا بنحمي نفسنا من منى الشاذلي هي و أبوها، و بعدين ما انت عارف أننا أخدنا أجازات وهمية من شغلنا و شغالين على القضية من بعيد، أنت ناسي التليفون اللي جالي و من بعدها البيت كله أتضرب بالنار و مكنش فيه حتة سليمة
وضعت زينة يدها على قدمها و بدأت تدلكها في تعب قائله:
-يا رب بس نخلص القضية دي قبل ما نتقتل، أنا حاسة بنار في رجلي.

أقترب منها معتصم و بدأ هو في تدليك قدمها بإحتراف و تحدث الي خالد:
-المهم انت بتوصل كل اللي بنقولك عليه لسعد و منير
-أه متقلقش، و الاتنين بيقولوا أن منى و تيسيير مفيش عليهم أي دليل
نظرت زينة بتعب الي معتصم و أردفت:
-أحنا محتاجين ورق نكتب فيه اللي وصلناله يمكن نقدر نربط أي حاجة ببعض و نشوف حل بقاا
وقف خالد و أحضر لهما أوراق بيضاء كثيرة و معها عدة أقلام قائلا:
-خدي انا جبتهملك.

أمسك زينة الأوراق و بدأت في كتابة عدة عبارات و كل واحدة محيطة بدائرة
تيسيير عالم في الهندسة الكمية و منى عالمة في الكيمياء و دكتورة جراحة
شريحة الأوامر في العقل و أستحالة خروجها من غير موت
أختفاء بيان تيسيير من 9 سنين عن تغيير العالم
حمدي الصمدي تحت تأثير منى بالكامل
مكالمات و رسايل من مجهول

محاولة قتلنا .

اختفاء أعداد كبيرة من الشباب و 40% منهم من أفراد الأمن المركزي و الصاعقة و الشرطة المصرية
زيادة التعيينات في شركة Deep
نثرت زينة الأوراق على الأرض فترك معتصم قدمها و بدأ في فحصهم بعينيه بدقة شديدة و كذلك خالد، و بعد ما يقارب النص ساعة تحدث خالد:
-دكتور زين اللي قولتلكم عليه واخد دكتوراه في جراحة المخ و الأعصاب زمانه على وصول، ممكن لمّا ييجي يساعدنا
أجابه معتصم بقليل من القلق:.

-انا واثق فيك يا خالد و في أي حد تبعك، بس معرفش ليه قلقان
تحدثت زينة و قد تملكها الشعور بالعجز:
-أنا حاسة إن البلد هتروح في داهية، احنا بقالنا 5 شهور مختفيين مش عارفين نوصل لأي حاجة ضدهم حتى مع مساعدات سعد و منير، أكيد تيسيير و منى جندوا ناس كتير معاهم و زرعوا الشريحة في عقولهم و بقوا تحت سيطرتهم، و احنا كل ما بنظهر بيحاولوا يقتلونا.

صمت معتصم للحظات يراجع ما قالته زينة و سرعان ما ظهرت الصدمة على وجه مردفاً:
-دي تبقي مصيبة لو ده حصل فعلا ً
تحدث خالد بقلق شديد:
-هو أيه ده يا معتصم!؟
أمسك معتصم بإحدي الورقات و أردف:
-الناس اللي مختفية دي و من ضمنهم الشرطة و الصاعقة، أكيد اتجندوا و بقوا تحت تأثير منى و تيسيير
هزت زينة رأسها بصدمة قائله:
-كده عيونهم بقت في كل حتة سيطروا على البلد.

أرتفع صوت دقات على باب المخزن و أنطلق خالد ركضاً و يتمني أن يكون القادم هو زين صديقه، و ما ان أقترب حتى سمع صوت زين الذي أردف:
-أفتح باب جهنم الشيطان وصل
فتح خالد الباب سريعاً و سرعان ما أحتضن زين بقوة قائلا:
-وحشتني أوي يا عم كل دي غيبة
دفعه زين و دخل ساحباً حقيبته و أردف:
-وحشتك! هي دي كلمة سر يا ابو وحشتك جهنم و شيطان ليه لوسيفر قدامك.

أغلق خالد باب المخزن بمرح و هو يضع يده على كتف زين و دخل معه قائلا:
-زعلان من شيطان و جهنم! ده أنت كلها كام شهر و لا كام يوم و تلاقي جهنم على الأرض من اللي بيحصل
أقترب زين ليجد معتصم و زينة واقفين، صافحهم بأدب قبل أن يجلس الجميع و بدأ خالد بتعريفهم، ثم سرد كل ما حدث على مسامع زين الذي قضب حاجبيه و هو يحاول أستيعاب الأمر، ثم تحدث:
-طيب فين صورة الأشعة بتاعت الحارس ده.

سحب خالد حقيبته من خلفه و أخرج منها الأشعة و بدأ زين في التطلع إليها قائلا بذهول:
-البنت دي مجنونة أكيد! أي محاولة إننا نخرج الشريحة من رؤوس الكل تقريباً مستحيلة من غير ما الإنسان ده يموت
ثم عاد يقضب حاجبيه بتفكير ثم أردف:
-كتخمين، اي حد أتزرعت في دماغه الشريحة دي مش فاقد وعيه بشكل كامل
نظر الجميع له بعدم فهم فأكمل زين ببساطة:.

-الشريحة مش مسيطرة بشكل كامل على المخ، يعني المجند بيكون بينفذ اللي بيتقاله بالحرف في حين أن شخصيته الحقيقية لسه جواه بتفكر و مش قادرة تسيطر على الجسم، يعني بيكون مزدوج شخص له تفكيره مش بيخرج و شخص بينفذ الأوامر بدون تردد
فكر معتصم قليلاً و نظر الي زينة التي نظرت له في نفس اللحظة و تحدثت بسرعة:
-طيب هو ممكن الشخصية الحقيقية اللي مكبوتة جوه دي تطلع للحظات أو دقايق
أومأ زين برأسه قائلا:.

-ده احتمال وارد أكيد
جاء دور معتصم ليتحدث قائلا:
-معني كده أن اللي بيبعت لينا الرسايل و بيتصل ده ممكن واحد منهم
وقف خالد و بدأ في الدوران في المكان ثم توقف فجأة قائلا:
-و ده نفس اللي وقّع أسمهان يوم فرحكم، حد يعرف زينة و معتصم كويس و مجند، يعني صلاح اللي هو دلوقتي حمدي الصمدي، تفكيري صح ولا أيه؟!

تثبت تفكير الجميع عند هذه النقطة فها هم قد وصلوا الي أول خيط ليكشفوا اللعبة الخاصة بمني و تيسيير، و سرعان ما وقف معتصم و ذهب خلف أحد الصناديق الكبيرة في المكان و بدأ في تغيير ملابسه، فتحدثت زينة:
-هنروح لصلاح صح؟!
أجابها معتصم بالإيجاب في سرعة و خرج بعد ثواني و قد بدل ملابسه ثم توجه نحو زينة و رفعها عن الأرض و تحدث:
-هنحاول منتأخرش ممكن نوصل لحاجة لو شوفناه
أمسك خالد معصم معتصم بسرعة قائلا:.

-أنت أتجننت ولا أيه!؟ يا معتصم منى بتدور عليكم و عايزة تموتكم
-و احنا مش هنفضل مستخبيين كده زي الفيران كتير و مش قادرين نعمل حاجة، مش هي عاوزانا، أحنا هنروح ليها برجلينا
وقف زين و أردف:
-ده الأفضل كل لحظة بتعدي و أحنا ساكين محدش عارف بيحصل فيها أيه.

ركض معتصم و كذلك زينة الي الخارج في سرعة، صعد هو خلف عجلة القيادة و هي في المقعد الخلفي، و أنطلق بسرعة نحو منزل صلاح و رفع زجاج السيارة الأسود حتى لا يتعرف عليهم أحد و كذلك بسبب تبديل زينة ملابسها في الخلف و عندما أنتهت أنتقلت للمقعد الأمامي خلفه و هي تمسك بهاتفها الجديد و تفتح المسجل ثم وضعته أمامها و نظرت الي الخلف و أحضرت سلاحها و سلاح معتصم و تأكد من إمتلاء مخزنيهما ثم وضعت خاصته في حزام بنطاله و كذلك فعلت في سلاحها، فأردف معتصم:.

-جاهزة ولا احنا رايحين للموت؟!
أبتسمت زينة في سخرية قائله:
-لو هنروح للموت فهيكون من نصيبهم، احنا مش هنموت قبل ما نكشفهم
-القتل بمسدس مرخص في غير ملكيتك جريمة قتل عادية يعاقبك عليها القانون يا قلبي
تحدثت زينة في نبرة تملؤها الغموض و الخبث:
-بس إصابات طفيفة محدش هيقدر يفتح بؤه والا كل أسرارهم هتتفضح
-و هما أيه يخليهم متأكدين إن معانا أسرارهم.

-بعتوا اللي يقتلنا من خمس شهور، وكل ما نظهر يحاولوا يقتلونا، تفتكر ليه غير علشان عرفوا أننا كشفناهم!
أومأ معتصم بإقتناع بإجابة زينة، ثم أمسك هاتفه و ضغط على بعض الأرقام و أتاه الرد بعد ثواني فأردف معتصم:
-أستاذ حمدي الصمدي مظبوط؟!
-أيوه مين حضرتك
-حد بتدور عليه، و عارف مكانه فين في نفس الوقت
-انا مش فاهم حاجة!
-هقابل حضرتك في كافيه جراند اللي في المهندسين بعد نص ساعة.

أغلق معتصم الخط ثم اغلق الهاتف ثم ركز في الطريق أمامه، و مرت نصف ساعة و وصل الي المقهي، فخرج من السيارة و تبعته زينة الي الخارج و دخلا الي المقهي و بدأت رؤوسهم تدور بحثاً عن حمدي الذي كان يجلس في منتصف المقهي، فأقترب الأثنان منه و جلسا فسرعان ما تحدث حمدي بدهشة:
-زينة و معتصم!
نظر حوله بسرعة ليراقب المكان ثم عاد بنظره اليهم و سألهم في خفوت:
-أنتو أتجننتم بتعملوا أيه هنا!

نظرت زينة الي معتصم بتعجب فأردف معتصم:
-صلاح أنت اللي بتـ
هز صلاح رأسه بسرعة نافياً و أشار الي شفتيه ليصمت الأثنان في تعجب، فأخرج ورقة و قلم دوّن بهم عبارة أسفل الطاولة، ثم وقف قائلا في رسمية و هو يزرر جاكيت بدلته:
-سبق و قولتلك أنا حد غير، انا أسمي حمدي الصمدي، و على العموم فرصة سعيدة
مد صلاح يده و صافح معتصم ثم ذهب سريعاً فقبض معتصم يده بسرعة ثم وقف قائلا:
-يلا نمشي بسرعة.

أتجه معتصم و زينة الي السيارة، فتح معتصم قبضته و قرأ الورقة ثم تحرك بسرعة قائلا:
-مني مراقباه بطريقة ما، و أداني عنوان و معاد نقابله هناك
شبكت زينة يديها بإسترخاء قائله:
-حلو أوي، شكل صلاح قدر يسيطر على نفسه بشكل كامل
-هنقابله الفجر.

هزت زينة رأسها بصمت و أستمر معتصم في القيادة بدون هدف الي ان جاء الفجر فذهب الي حيث العنوان المتفق عليه و هناك وجد سيارة صلاح و هو واقف وحيد أمامها فأقترب منهما صلاح و جلس في الخلف قبل أن يهبط الأثنان و تحدث:
-العربية بتاعتي أكيد متراقبة أنما دي لا، دلوقتي بقا فهموني عايزين أيه بالظبط و إزاي تظهروا كده فجأة منى هتموتكم!
سأله معتصم مباشرة و تجاهل حديثه:.

-انت اللي كنت بتبعت الجوابات من لما كنا في شهر العسل صح!

-أيوه يا سيدي أنا، هحكيلكم كل حاجة، منى في اليوم اللي عملتلي فيه عملية زراعة الشريحة في راسي حكتلي كل حاجة عنها و بالتالي لما صحيت بعد العملية حسيت أني عايش بس مليش سيطرة على نفسي و ان حد تاني مسيطر عليا، حاولت أتغلب على الموضوع ده و في الأول كنت بقدر أسيطر عليه لدقايق بس كنت ببعت ليكم فيه خيوط توصلكم، و دلوقتي بمثل على منى إني لسه زي ما انا و أن الشريحة مفقدتش سيطرتها عليا
سألته زينة بتعجب:.

-طب و ليه بتنفذ كل اللي هي عايزاه؟ و ليه متبلغش البوليس باللي هي بتعمله؟! أقل حاجة بتعمل عمليات جراحية غير رسمية بدون إرادة الناس! دي قتلت مامتك أنت عارف!
هز صلاح رأسه في ضيق و تحدث:
-أيوه عارف، قتلتها لما بدأت تسأل كتير عليا بعد ما أختفيت في معمل منى بعد العملية و كنت في غيبوبة فقتلتها ومش بس كده دي جربت عليها دوا هي صنعته بحيث يحافظ على الجثة من غير ما تتحلل زي التحنيط كده بس مش بيستمر كتير!

نظرت زينة الي معتصم الذي أردف:
-و ده كده بيفسر كلام الدكاترة إن الجثة ميتة من زمان بس التحليل بدأ من فترة صغيرة
أكمل صلاح متجاهلاً أستنتاجهما:.

-أنا مش هقدر أقول للبوليس حاجة، لأنه لو أتقبض عليها أو لاً، هي معاها جهاز تحكم في كل الشرايح دي و بضغطة واحدة بس ممكن تفجر رؤوسهم كلهم و منى مجنونة تعمل كده من غير تردد، و بنفذ كل اللي هي عايزاه علشان متحسش إني متغير أو إني رجعت طبيعي وقتها ممكن تقتلني و أكيد انا مش عايز ده
صمت صلاح للحظات و كأنه قد تذكر شيئاً ما لتوه و أكمل:.

-في مرة دخلت عليهم المكتب بعد ما الشريحة فقدت سيطرتها، و سمعت و عرفت حاجات مهمة و خطيرة جداً، تيسيير بيبني بوابة، بوابة لعالم تاني هو بناها أصلا بقاله كتير بس بيعمل واحدة أكبر، البوابة دي في البداية كان فاكر أنه من خلالها ممكن يوصل لعالم تاني و يعمره، بس أتضح إن البوابة دي زي الثقب الأسود كده بالظبط بيبلع أي حاجة و مش بترجع، علشان كده قرر إن كل الضحايا نتيجة الثورة اللي ناوي يعملها في العالم علشان يسيطر عليه هيرميهم في البوابة دي، بس أستقرار البوابة دي مش ثابت، يعني لو حطيتي أيدك جواها مش هتبلعها و تقدري تشديها تاني لبره عادي، إنما لو رميتي جواها أرنب مثلا مستحيل يرجعلك لأن وقتها البوابة بتبلعه.

ظهرت الصدمة على وجهي معتصم و زينة فأكمل صلاح و هو يحاول أعتصار عقله حتى لا ينسي أي معلومة:.

-اه صح، منى عملت حاجة غريبة أوي، قرروا يستغلوا منصب عادل مديرك في الشغل يا زينة و تيسيير اتنكر في هيئته شهور و بعدين عادل رجع تاني بس مش راجع عادي، ده راجع نص حيوان و نص بني آدم، منى حقنته بحاجة تخلي فيه صفات حيوان سام جداً أسمه تقريباً وحش جيلا، و حقنت ناس كتير بأكتر من حاجة و بقي فيه في مخزنها مجموعة كبيرة من أنصاف البني أدمين و الحيوانات السامة و المفترسة، زي المستذئبين كده مثلا، و الحارسين اللي كانو مع عادل طول الوقت دول، ده لما عادل رجع جابهم علشان لو عمل اي حركة غلط خربش واحد مثلا أو عض واحد أو حد شرب أو أكل بعده هيتسمم بسرعة و دول كانو موجودين علشان يمنعوا حاجة زي دي تحصل و طبعاً كانو تبع شركتي و بعدين عادل حصله بيات شتوي زي الحيوان اللي أتحول ليه بالظبط فرجع تيسيير تاني متنكر في شخصيته.

و أكمل صلاح أخيراً:.

-و فيه واحد أسمه ألفريد تقريباً فرنسي، ده بيساعدهم و نفس اللي حصل في مصر هيبدأ يحصل في أمريكا بعد فترة و من أمريكا هيتنقل على فرنسا و كوريا و ألمانيا و اليابان و الصين و الهند و بعد كده مش فاكر أيه الترتيب بس لحد ما يسيطروا على العالم يعني، و تيسيير هيبدأ الموضوع ده بقنبلة ذرية هتضرب فوق المحيط الهندي في طيارة هليكوبتر فيها واحد من أفراد الصاعقة المجندين، كل اللي هما قرروه ده هيبدأ يحصل بالترتيب خلال شهر.

نظر معتصم أمامه و هو يحاول إستيعاب الأمر و كذلك زينة التي تحدثت بلاوعي:.

-يعني أحنا المطلوب مننا نوقف 2 علماء مجانين عايزين يسيطروا على العالم و هما عندهم مجندين هيكونوا واخدين أوامر بالقتل فوراً، و مجندين تانيين هيتفقوا على البشر لأنهم حيوانات و بشر ده غير ثقب أسود و قنابل ذرية، و طبعا مش معانا أي وسيلة نقدر نوقف بيها اللي بيحصل ده، و لو القيادات العالية في الدولة عرفت هتقلب حرب و بنسبة كبيرة هيكون الفوز ليهم و العالم كله هيتحول لبحر من الدم، الموضوع غلب مذبحة هتلر لليهود و مذبحة محمد على أحنا قدام تطورات علمية أحنا منفهمش فيها أي حاجة و لازم نحاربهم لوحدنا.

تحدث صلاح بتوجس:
-انا لازم أمشي دلوقتي وخدوا الورقة دي هتلاقوا فيها كل العنواين اللي ممكن تحتاجوها علشان توصلوا لأي حاجة، زي مثلا معمل منى و معمل تيسيير التاني لأن الاولاني ورا المكتبة اللي في مكتبه، و مكان أنصاف البشر دول، و طبعا أنتو عارفين إن المجندين عندي في الشركة، انا مش هقدر أفيدكم بأكتر من كده أياكم تتصلوا بيا تاني لأي سبب، و لو قدرتوا تنجحوا وقتها هيبقي لينا مقابلة تانية اكيد.

خرج صلاح من السيارة و توجه الي سيارته و غادر المكان، في حين أطبق معتصم بقوة على الورقة في يده قائلا:
-لازم نفكر و نتحرك بسرعة قبل ما يستعدوا لكل حاجة ويبدأوا تنفيذ ده بيقول فاضل أقل من شهر
أنطلق معتصم هو الآخر مسرعاً بسيارته نحو المخزن، و وصل بعد نصف ساعة و دق الباب و عندما شعر بأحدهم خلف الباب أردف:
-أفتح باب جهنم الشيطان وصل.

فتح خالد الباب فدخل معتصم و خلفه زينة و أغلق خالد الباب و جلس الجميع، فتحدث زين بقلق:
-أنتو مش مظبوطين! وشكم أصفر ليه و بترتعشوا!
بدأ معتصم في سرد كل ما قاله صلاح على مسامع خالد و زين و كان الصمت و الذهول حليفهما، و جلس الجميع ما يقرب من الساعة في سكون و صمت تام كلاً منهم يحاول أستيعاب ما قاله صلاح و التفكير في حل لتلك الكارثة التي حلت على الجميع...

في موسكو.

كانت ريهام تجلس في أحد المقاهي الفاخرة و هي تحتسي قهوتها، و سرعان ما تصاعد رنين هاتفها، فأبتسمت و أجابت بمرح قائلا:
-لسه فاكر أن فيه واحدة مكلمتهاش بقالك يومين
أبتسم عبدالله و أردف:
-أصل عبدالله قال يخلص كل الشغل اللي وراه علشان عاملك مفاجأة
سألته ريهام بفضول شديد بعد أن تجرعت بعض القهوة قائله:
-مفاجأة أيه يا تري!

شعرت ريهام بأحدهم يضع قبلة خاطفة على خدها الأيسر و ألتفتت لتعاتبه و لكن وجدت عبدالله امامها و في يده باقة رائعة من الزهور الحمراء فأبتسمت بفرحة شديدة قائله:
-أنت قدامي بجد ولا أنا بحلم
أقترب عبدالله و وضع قبلة أخري على خدها الأيمن و تحدث:
-كده يبقي أيه!
طوقت ريهام عنقه بيدها في فرحة شديدة و تحدثت:
-وحشتني أوي اوي
أختل توازن عبدالله للحظات قبل أن يعتدل و هو يرفعها من خصرها و يضمها إليه قائلا:.

-و انتي كمان أوي أوي
أنزلها عبدالله و قدّم لها الزهور قائلا بعذوبة:
-احلي ورد لأحلي وردة في الدنيا
ألتقطت منه ريهام الباقة في فرح شديد و سرعان ما أنكمشت ملامحها في ضيق و عادت تجلس مكانها فجلس عبدالله على المقعد مقابلها قائلا بإستغراب:
-مالك صدرتي البوز ليه؟!
-متصلتش بيا بقالك يومين ليه يا عبدالله مش يمكن مت ولا حاجة!
رفع عبدالله أحد حاجبيه في تعجب ثم تعالت ضحكاته فنظر الجميع إليه وأردف:.

-أنتي قالبة بوز علشان مكلمتكيش و انا قاعد قدامك دلوقتي
صمتت ريهام و لم ترد عليه فوقف عبدالله و ألتفت خلفها ثم ربت على كتفها برقة فألتفتت ريهام بتعجب، فتحدث عبدالله برقة:
-أنا أسف جدا لو هضايقك بس أنتي أحلي واحدة عيني وقعت عليها في يوم من الأيام، تسمحيلي أنول الشرف و أقعد معاكي.

حاولت ريهام إخفاء إبتسامتها و هي تشير له بالجلوس، فعاد عبدالله يجلس من جديد و مد إليه قبضة يده مظهراً الخاتم في أصبعه قائلا:
-أعرفك بنفسي، عبدالله مجاهد جوز حضرتك، و حضرتك أسمك أيه؟!
مد له ريهام يدها قائله برقة بالغة:
-مدام ريهام السعيد مرات حضرتك
أمسك عبدالله يدها بحب و وضع قبلة عليها قائلا:
-أحلي مدام ريهام في الدنيا
سحبت ريهام يدها من كفه بخجل قائله:
-أيه الأخبار في مصر؟
تنهد عبدالله و أردف:.

-الدنيا كلها مقلوبة عليكي و على زينة و معتصم
-هما لسه ملقوهمش!
هز عبدالله رأسه نافياً بأسف قائلا:
-لا لسه
أمسك عبدالله بيدها من جديد ليكمل:
-حبيبتي، باباكي و مامتك هيموتوا من الخوف عليكي، أنتي سليمة الحمدلله كلميهم و طمنيهم عليكي كفاية وجع قلبهم على زينة و مش عارفين عايشة ولا بعد الشر جرالهم حاجة
تحدثت ريهام بفزع قائله:.

-بعد الشر يا عبدالله، بس لا أنا مش عايزة اكلم حد، و مش عايزة أرجع، كفاية اللي حصلي في مصر أنا مش مسعدة أواجه حد باللي حصل ولا بحملي و إجهاضي اللي أنا زي الغبية كنت السبب فيه ولا قادرة أواجه حد بأنك جوزي و دي أصعب حاجة
ثم أكملت بسخرية شديدة:
-مش بس أتجوزت من ورا أهلي، ده انا أتجوزت واحد أصغر منى ب 5 سنين
قضب عبدالله حاجبيه في ضيق قائلا:
-أنتي ليه فاكرة أني دي حاجة وحشة يا ريهام!

أمسك ريهام يده بحب و أردفت:
-عبدالله، جوازي منك أحلي حاجة حصلتلي في حياتي كلها، بس الناس مش هتبص ليها كده، هيبصوا على السن و هيقولوا لفّت عليه لحد ما وقعته علشان يداري على اللي حصلها، هيقولوا كتير أوي يا عبدالله انا مش قده
وقف عبدالله و أخرج بعض المال وضعه على الطاولة ثم سحب ريهام و بدأو في السير و تحدث عبدالله في محاولة لإقناعها:.

-أنا أبويا عاوز يشوفك يا بنتي، عاوز يشوف أبنه اتهبب و أتجوز مين، و لو على الناس و جوازك مني، احنا مش هنعرفهم حاجة و هنتخطب عادي و بعدين نتجوز و لما ييجي وقت كتب الكتاب يبقي ربنا يفرجها يا ريهام، و الناس مش هيعرفوا فرق السن ما بينا و لو عرفوا فدي مش حاجة عيب ولا تعيبنا يا ريهام
تحدثت ريهام بيأس:
-و لما أرجع هقول أيه لأهلي! بنتكم هربت علشان كانت حامل و سقطت.

-و ليه تقوليلهم، خلي اللي حصل بينا يفضل ما بينا يا ريهام، أنتي اتغابيتي لما أجهضتي و هما أصلا مكنوش يعرفوا بحملك، يبقي ليه يعرفوا ده كله، بلاش نزعلهم منك لأي سبب، و باباكي متفهم و هيتفهم أنك كنتي محتاجة تريحي بعد اللي حصل
سحبها عبدالله الي صدره بقوة قائلا بعنف:
-يا بت وافقي يا بت بدل ما أضربك
ضربته ريهام بقوة في كتفه قائله:.

-أنت أمتي هتستوعب إني مش مجرمة من اللي بتمسكهم و تعاملني على أني ست و بنتعامل برقة
أمسك عبدالله يدها و قبلها بحب قائلا:
-حلو كده يا أجمل ست على وش الأرض
هزت رأسها بالإيجاب فضمها عبدالله الي صدره في حب قائلا:
-أنا أخذت أجازة تانية يومين كده هنقضيهم هنا و بعدين نرجع، يلا تعالي بقاا وريني بيتك يا سنيوريتا ريهام

في الزمالك.

سرت القشعريرة جسد منى التي وقفت بسرعة و هي تطالع الحارس أمامها في ذهول و نطقت بعدم تصديق:
-أنت قولت أيه دلوقتي!
أجابها الحارس في جمود:
-مقولتش حاجة يا مدام مني
أعادت منى سؤالها عليه:
-أنت عندك كام سنة؟!
أجابها الحارس بعد ثواني في رسمية شديدة و جمود يسيطر عليه:
-لا يوجد إجابة لهذا السؤال، بداية الذاكرة من أربعة أشهر و ثلاثون ساعة
جلست منى على فراشها بصدمة و هي تضع كلتا يديها على شعرها و تحدثت:.

-كل حاجة ضاعت، أكيد فيه حد سأل سؤال غريب و جاوبوه كده، أكيد أتكشفوا و مستنيين يكشفوا مين اللي عمل كده، لازم أبدأ بأسرع وقت في خطتي انا و بابا
أشارت الي الحارس أن يخرج و هي تصرخ بغضب شديد:
-اطلع بره و متدخلش هنا تاني
خرج الحارس في حين فُتح الباب و دخل صلاح الذي سمع ما دار بينها و بين الآخر قبل قليل، فأقترب منها في هدوء و هو يمسك بذراعيها في حب قائلا:
-مالك يا حبيبتي متعصبة ليه؟!

نظرت منى الي صلاح ثم سألته هو الآخر:
-أنت عندك كام سنة يا صلاح؟!
تحدث صلاح بإبتسامة جميلة قائلا:
-حبيبتي انا حمدي الصمدي مش صلاح و عندي 35 سنة
طردت منى الفكرة من رأسها فهي التي أخبرت صلاح بسنه المزيف هذا ليقوله للجميع إن سأله أحدهم، فوضعت رأسها على صدره في تعب و ضعف قائله:.

-كل اللي خططتله هيفشل يا حمدي لو مقدمناش معاد تفجير القنبلة في المحيط و لو بابا مجهزش البوابة تستقبل الضحايا، و مش هنلحق نسيطر على أنصاف الحيوانات بحيث يحاربوا عدونا مش يحاربونا أحنا، مش هنحلق نحط ليهم كلهم شرايح في المدة الصغيرة دي و نسيطر عليهم
ربت صلاح على خصلاتها بحنان و أردف:
-أنا معاكي قوليلي عايزة أيه و أنا هعملهولك.

أبتعدت منى عنه و بللت شفتيها ثم وقفت و أخذت تعدوا في الغرفة ذهاباً و أياباً في تفكير حتى أقترب منها صلاح و ضمها الي صدره قائلا بتمثيل متقن:
-توترك ده مش هيخليكي تعرفي تفكري، أسترخي يا حبيبتي أسترخي
حملها صلاح بين يديه قبل أن يضعها على الفراش و سحب منديلاً قطنياً من أسفل الوسادة و فتح طيته ثم تحدث بإبتسامة عذبة:
-هروح أغير هدومي و أجيلك علطول، حاولي تهدي أعصابك.

تركها صلاح و ذهب سريعاً الي غرفة الملابس، في حين بدأت تشعر منى بهدوء و ارتياح غير طبيعي جعلها تنام في حالة من الأسترخاء و الخمول، نظر لها صلاح من الغرفة و أبتسم و أقترب منها و هو يضع يده على أنفه و يزيل المنديل القطني بجوارها قبل أن يطويه من جديد و يضعه أسفل صنبور الماء في الحمام لتختلط به المياه و تخفي أي أثر للمخدر بداخله، ثم عاد الي الغرفة و بدل ملابسه و عاد لينام بجوار منى سابحاً بتفكيره الي أجمل من رأت عينيه على وجه الأرض، و أكثر من عشقها قلبه الصهباء التي حولت لون خصلاتها للبني ..

.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة