قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل السابع عشر

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل السابع عشر

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل السابع عشر

في الزمالك
كان تيسير يجلس في معمله في حين تسربت رائحة غريبة الي أنفه، نظر نحو باب المعمل ليجد معتصم يقف بجوار زينة و في يدهم منديل و على وجوههم كمامات تحميهم من هذه الرائحة، نظر لهم تيسيير بصدمة و أردف:
-أنتو جيتو إزاي هنا!

شعر تيسيير برأسه يدور قبل أن يسقط فاقداً وعيه، في حين أقترب منه معتصم و و حمله الي أقرب مقعد ثم بدأ في تقييده بقوة في المقعد، و خرجت زينة لثواني قبل أن تدخل الي المعمل و خلفها عشرون من رجال الشرطة ثلاثة منهم خبيرين مفرقعات و و خمسة منهم من المعمل الجنائي جميعهم يرتدون كمامات تحميهم من أثر المخدر الذي نشروه في الغرفة، و بدأ الجميع في تفتيش المعمل و محاولة إتلاف القنبلة التي تمكن تيسيير من صنعها، في حين أقترب زينة من معتصم الذي يقف بجوار تيسيير و بدأ الأثنان في مراقبة ما يحدث بهدوء و هم يتذكرون ما فعلوه صباح اليوم للتخلص من هؤلاء الحمقي أولاً.

قبل بضع ساعات
في المهندسين بشركة Deep
كان كل من معتصم و خالد يراقبان الشركة من بعيد في محاولة لإيجاد ثغرة دخول لها بصفة غير رسمية و إيجاد مكان الحراس، و أستمرت هذه الحركة ما يقارب السبع ساعات حتى علم معتصم أنه يتم تغيير الحراس كل ست ساعات، فنظر الي خالد مردفاً:
-أشمعني يغيروا الحراسة أربع مرات في اليوم
هز خالد رأسه بجهل و أردف:.

-معنديش أي فكرة، بس أحتمال ان الحراس بيتدربوا كل يوم بإستمرار علشان يزيدوا من لياقتهم البدنية طبعا، فيبقي 6 ساعات حراسة و 6 تدريب و الباقي ممارسة حياة طبيعية أو شبه طبيعية
هز معتصم مقتنعا ً بإجابة خالد، ثم تحدث:
-بص ورا الشركة فيه فيلا، تفتكر دي تبع الشركة و الحراس هناك
قضم خالد حاجبيه بتفكير قبل ان يردف:
-بس عدد الحراس كبير أوي، أكيد محتاجين حاجة أكبر من كده
هز معتصم رأسه نافياً و أردف:.

-خد بالك أنهم ودوا حراسات كتير لناس أكتر فعدد الحراس قل عن الطبيعي كتير، غير الجمهورية اللي محاوطة الشركة من كل مكان من فوق و من تحت و حتى في معظم البلكونات، يعني ممكن تلاقي النص أو التلت في الفيلا دي و أعتقد الفيلا ممكن تاخدهم
نظر خالد بإعجاب من تحليل معتصم ثم سأله:
-و ده تخمين و لا متأكد
أبتسم معتصم في سخرية قائلا:.

-تقدر تقول تخمين متأكد منه، يلا نتحرك على هناك و يا رب ميكونش معاهم تعليمات بقتلنا.

تعالت ضحكات خالد الذي سار بجوار معتصم نحو الفيلا الخلفية للشركة، وجد بابها مفتوح على مصرعيه و يرتفع منها الضجيج بصورة واضحة، فدخل كلاهما و كان ما رأوه هو صدمة لهم جميعاً، فلا بد أن الحراس قد فقدوا السيطرة بصورة كاملة على عقلهم و أصبحوا يقاتلون بعضهم في وحشية و شراسة غريبة، و سرعان ما ارتفع صوت معتصم صادراً أمر للجميع بإلتزام الهدوء و النظام، فوقف الجميع في هدوء تام و نظام في صفوف، فتحدث معتصم بشفقة:.

-شباب أصغر و أكبر منى و مش قادرين يتحكموا في عقولهم بسبب مخبولة عايزة تحكم العالم هي و أبوها
تحدث معتصم بصوت مرتفع هذه المرة قائلا:
-اللي تبع أي هيئة أو منظمة عسكرية يقفوا قدام في صف منتظم
أقترب الكثيرون في صفين منتظمين، فتحدث معتصم:
-انتو مش هتسمعوا كلام حد غيري أبداً مفهوم
تعالت أصواتهم في نبرة واحدة:
-تمام يا فندم
فأكمل معتصم:.

-ومش عايز مخلوق يعرف إني جيت هنا أبداً ولا أني شوفتكم، و أي أمر أخدتوه من حد غيري ميتنفذش أبداً، و دلوقتي قولي يا ابني فين باقي زمايلكم
أجاب الشاب في رسمية واضحة:
-في القبو يا فندم بيتدربوا و مدخله هي السلالم اللي في نهاية الممر
أومأ معتصم برأسه في حين أردف خالد في غموض:
-المجرمين يقدموا خطوة لقدام
لم يتقدم واحداً منهم خطوة للأمام فنظر معتصم الي خالد قائلا:.

-أكيد منى سابت البوليس بس بذاكرتهم علشان يقدروا يساعدوهم في حصولها على اسلحة عسكرية
ألتفت معتصم الي الجميع و تحدث:
-كملوا تدريبكم بصورة طبيعية و أياكم و التعامل زي الحيوانات تاني خلال التدريبات.

عاد الجميع ليكمل تدريباتهم في صورة هادئة و سلسة، فتقدم معتصم مع خالد الي الطابق السفلي و صدم هذه المرة أيضاً فمن أمامه هم مراهقين لم يتجاوزوا العشرون من عمرهم بعد و كانو يتصارعون مثل الثيران المكسيكية، و من بينهم لاحظ معتصم وجهاً مألوفاً لديه من بينهم و سرعان ما تذكره، إنه زغلول مساعد ماندو، و سرعان ما سمع صوت أنثي ضعيف يتخلل أذنيه، فلا بد أن تلك المعتوهة منى هنا تراقب تدريبات الجميع، أمسك معتصم بزغلول بسرعة و أداره إليه قائلا:.

-أياك تسمع كلام حد غيري فاهم
-فاهم يا فندم
أبتعد به عن وسط الحشود المتصارعة و سأل معتصم:
-فيه باب يخرج من هنا على الشارع ولا لأ؟!
أومأ زغلول برأسه و أجابه:
-أيوه يا فندم من السلالم اللي هناك دي هتطلعك للجنينة اللي حوالين الفيلا و منها تقدر تخرج
أومأ معتصم برأسه و هو ينظر الي خالد و زغلول قائلا:
-طيب يلا تعالو معايا.

خرج الثلاثة من القبو متجهين بسرعة شديدة الي سيارة معتصم التي تبتعد أمتار كثيرة عن الفيلا و ذهابهم الي مركز الشرطة في المقطم..
جلس أمام اللواء مجاهد بعد أن سرد على مسامعه كل ما حدث، و بعد دقائق من الصمت في محاولة إستيعاب الامر أردف:
-أنت ليه مقولتش من الأول
هز معتصم رأسه بيأس قائلا:.

-مكنتش اعرف أن الموضوع كبير للدرجادي، مكنتش عايز المخابرات و الصاعقة يتدخلوا، لأن تدخلهم هيعلن حرب ضد ناس بتاخد أوامر و تنفذها بس و ناس أبرياء كتير هيموتوا مكنتش عايز ده، بس لما وصلت لأبعاد الحكاية كلها و لقيت أن الموضوع أكبر منى كان لازم أجي أقولك لسيادتك تتصرف بس أرجوك بلاش الناس اللي ملهاش ذنب دي تموت
وقف مجاهد خلف معتصم و ربت على كتفه قائلا:.

-هعمل كل اللي أقدر عليه يا سيادة النقيب متقلقش، و دلوقتي يا ريت تسيب الشاب ده هنا علشان هنعمل عليه بعض التحاليل و الأشعات و كمان هنكلم عادل و نستدعيه و نأكد صحة كلامك بأنه بقا مسموم
أومأ معتصم برأسه ثم وقف أمام زغلول قائلا:
-زغلول اسمع كلام الظابط الكبير ده فاهم و أعمل الصح متعملش أي حاجة غلط و خد بالك من نفسك على ما أجيلك تاني، ماشي
-تمام يا فندم
عودة الي اللحظة الحالية.

نظرت زينة الي معتصم بإبتسامة أنتصار فأشار معتصم حوله قائلا:
-هتقتلي التعبان أقطعي راسه مش ديله
نظرت زينة له بتوتر و أردف:
-طب أحنا كده أثبتنا أن تيسيير و منى متورطين و معاهم صلاح
-صلاح بمجرد ما يعملوله أشعة هيعرفوا أن فيه شريحة في دماغه و أنه مكنش في عقله و بعدين هيفرجوا عنه
أردفت زينة بحزن شديد:
-طب و باقي الحراس اللي اتحولوا أو أتجندوا أيه اللي هيحصل معاهم؟!
رفع معتصم كتفيه بجهل و حيرة قائلا:.

-معرفش بالظبط، بس اللي أعرفه إني واثق أنهم هيرجعوا طبيعيين، و كده يبقي مش فاضل غير ألفريد ده يتقبض عليه في أمريكا بعد ما تيسيير و منى يعترفوا عليه
أمسك معتصم بيدها قائلا:
-التحقيق خلص و ده المهم، الباقي مش شغلنا، دلوقتي نقدر نحتفل بالإنتصار ده، و نستني محاكمة تيسيير و مني
نظر مجاهد الي معتصم ثم أقترب منه بإبتسامة قائلا:.

-اللواء ممدوح مبسوط جداً باللي انت و مدام زينة عملتوه يا معتصم و بيتوعدكم بمكافأة كبيرة جداً على كشفكم للمؤامرات دي
هز معتصم رأسه بالنفي قائلا:
-احنا معملناش حاجة يا سيادة اللوا، صلاح هو اللي جه و قال لينا على كل حاجة و أحنا قولنا لحضرتك
ربت مجاهد على كتف معتصم بهدوء و هو يقول:.

-انتو عملتوا يا معتصم، أنتو اللي كشفتم لعبة منى في الحراس و حكاية الشريحة، و انتم اللي تابعتم الموضوع من الأول و جبتوا البيان اللي قاله تيسيير من سنين و مسحه من غير مساعدة صلاح و ده كان دليل كفاية على كلامكم، لولاكم أنتم وصلاح كمان مكناش وصلنا لهنا يا سيادة الرائد
أبتسم معتصم بفخر قائلا:
-شكرا يا فندم دي شهادة أعتز بيها.

و سرعان ما قضب حاجبيه بتعجب و نظر الي زينة التي قفزت السعادة الي وجهها و قفزت لتحتل ذراعيها عنق معتصم قائلة:
-مبروك الترقية يا سيادة الرائد
أبتسم معتصم و نظر الي مجاهد بتساؤل الذي فسر له ما يحدث:
-سيادة اللوا ممدوح أصدر امر بترقيتك و وصي بترقية زينة كمان و دلوقتي عن أذنكم هتابع اللي بيحصل و انتو تقدروا تروحوا ترتاحو.

تركهم مجاهد و أستمرت زينة في تعلقها بعنق معتصم الذي تعالت ضحكاته فور خروجهم قائلا:
-هتفضلي متعلقة فوق كده زي السلسلة
وضعت زينة قبلة قوية على خد معتصم الأيمن قائله:
-مبسوطة يا معتصم مبسوطة
و سرعان ما أحتلها القلق من جديد و هي تردف:
-تفتكر هيقدروا يسيطروا على الموقف
-انا واثق من كده اتطمني

في 12: 00 منتصف الليل بتوقيت مصر.

خرج عبدالله بصحبة ريهام من مطار القاهرة الدولي بعد إتمام جميع الإجراءات و أستقلوا سيارة أجرة متجهين نحو المقطم، فأردف عبدالله:
-أهدي يا ريهام أنتي متلجة كده ليه؟!
-متوترة شوية بس مفيش حاجة
ضمها عبدالله الي صدره قائلا:
-أهدي طيب متخافيش أنا جنبك.

ساد الصمت بينهما الي أن وصلوا أسفل منزل كامل، فأعطي عبدالله المال الي السائق ثم أخذ حقائبهم و أتجه الأثنان الي الشقة الخاصة بكامل، دق عبدالله الباب و هم يستمعون الي ضجيج قوي من الداخل، و سرعان ما فتح معتصم الباب لينظر بدهشة الي ريهام و عبدالله و سرعان ما قضب حاجبيه قائلا:
-مكنتش تعرف عنها حاجة صح!
ضرب عبدالله على كتف معتصم بقوة قائلا:
-بعدين يا رخم مش وقته.

أبتعد معتصم عن الباب فدخلت ريهام و خلفها عبدالله فتهللت أسارير جنات و هي تقترب من ريهام و تحضنها بقوة و أكملت بكائها قائله:
-الحمدلله يا رب الحمدلله، بناتي الأتنان رجعولي في نفس اليوم الحمدلله
أغلق كامل الباب لينطق بحدة:
-دلوقتي نقعد بقا و نعرف الهوانم الأتنين كانو مختفيين فين!

نظر الجميع الي كامل بقلق و شعروا بإنقباض قلوبهم، و لكن سرعان ما جلسوا جميعاً في الصالون فأستأذنت منهم أميرة لتذهب لطفلها الذي يبكي، و تركتهم وحدهم، نظر كامل الي عبدالله الذي يقف بتوتر، فأردف كامل و هو ينظر الي ريهام قائلا:
-يا تري الكبيرة عاقلة كانت فين خمس شهور و قافلة موبايلها!
أرتعدت ريهام بخوف، فعاد كامل سؤاله من جديد في حدة و كاد عبدالله أن يتحدث و لكن أوقفه كامل بإشارة من يده قائلا:.

-ولا كلمة لحد ما أقولك أتكلم و أشوفك جاي مع بنتي في نص الليل بتعمل أيه، دلوقتي انا عايز أسمع منها هي
نظر كامل الي ريهام من جديد التي بدأت في سرد ما حصل بإيجاز قائله:.

-انا كنت حامل من معتز و مقولتش لحد و روحت أسكندرية علشان أشوف هعمل أيه، و هناك قابلت عبدالله و فضلنا سوا يومين تقريباً و في اليوم التالت أعصابي كانت بايظة و أخدت حبوب أجهاض كتير و صحيت في المستشفي و كنت أجهضت التؤام و عرفت أني كنت في غيبوبة يومين بسبب اللي حصل، و طلبت من عبدالله يساعدني أخرج بره البلد فترة علشان أريح أعصابي شوية و هو ساعدني و سافرت موسكو.

أحاطتها نظرات الجميع الصادمة مما تقوله فأردفت زينة بذهول:
-أنتي مجنونة يا ريهام! بتقتلي عيالك!
أجهشت ريهام في البكاء و هي تتذكر كل ما حدث لها ثم أردفت:
-كنت عايزة أموت معاهم، أنا تعبت من اللي حصل فيّا وقتها و بعدين لقيت نفسي حامل من حيوان أغتصبني، أتصرفت بغباء وقتها بسبب اللي حصل و في المستشفي مقدروش يلحقوهم
سألها كامل ببرود شديد:.

-و مجيتيش هنا ليه و قولتيلنا اللي حصل! هنعضك! هنضربك! هنقتلك! مجيتيش ليه و قولتي زي ما بتعملي علطول يا ريهام، و تبعدي 5 شهور من غير حتى ما تتصلي بالتليفون تطمنينا، انتي شايفة أن تصرفك ده طبيعي!؟
هزت ريهام رأسها بالنفي و تحدثت برجاء و أسف:
-لا طبعا يا بابا انا غلطانة و عارفة كده كويس، و انا أسفه، بس كنت محتاجة فترة أرتب فيها أفكاري بعيد عن أي حاجة
نظر كامل الي عبدالله و تحدث بنفس نبرته الباردة:.

-أولاً اعتذارك مش مقبول و ثانياً لما تعوزي ترتبي أفكارك تخلي واحد غريب يساعدك مش كده
شعر عبدالله بالإحراج الشديد، فتحدثت ريهام:.

-أنا مش بعتبر عبدالله غريب يا بابا و من قبل ما أسافر اسكندرية احنا أتقابلنا أكتر من مرة، هو اللي لحقني قبل ما أموت وسط نار معتز، و أتقابلنا في فرح زينة و كنا مع بعض تقريباً طول اليوم، و أتقابلنا مرة كمان لما كان جايبلي رسالة من معتز أنه عايزني أكمل الفيلم و أنه أتنازل لغريب عن شركته، و بعدين أتقابلنا في أسكندرية و لحقني مرتين من الموت، أنا بثق في عبدالله يا بابا علشان كده طلبت منه يساعدني.

تجاهل كامل كل ما تفوهت به ريهام و لو يجيبها بل نظر الي عبدالله و تحدث:
-انت عايز تقول حاجة!
هز عبدالله رأسه بالنفي فأردف كامل بهدوء شديد:
-تمام، شكرا على اللي عملته مع بنتي، بس أنا بعتذرلك لأن دي أخر مرة هتدخل فيها بيتنا، أنت كنت الظابط المسئول عن قضية اختفائها و كنت عارف هي فين و مقولتش لينا، فأنا مش بثق فيك و مش هدخلك بيتي تاني، أتفضل بره
نظرت جنات بحدة الي كامل و أردفت:.

-كامل، اللي بتقوله ده مينفعش، الراجل في بيتنا و كتر خيره على اللي عمله مع ريهام
نظر كامل الي عبدالله بنظرة أخيرة لينفذ ما قاله، و سرعان ما فتح عبدالله الباب بإحراج قبل أن يغادر و يغلقه خلفه، ثم تحدث كامل الي ريهام بدون أن ينظر لها:
-مفيش خروج من البيت لمدة 5 شهور يا ريهام نفس المدة اللي بعدتي فيها
نظرت له ريهام بإستنكار و لكن سرعان ما نظر لها كامل بحدة و أردف:.

-الجزاء من جنس العمل، و دلوقتي على أوضتك يلا
نظرت ريهام الي جنات حتى تتحدث و لكنها أكتفت بالصمت، فغادرت ريهام الي غرفتها، فنظر كامل الي زينة و معتصم و تحدث:
-و انتو؟!
تنهد معتصم و بدأ في سرد كل ما حدث بإيجاز في حين ينظر له كلاً من عادل و جاسر و جنات في صدمة، فهز كامل رأسه بهدوء دون أن يعلق على ما قاله معتصم، فنظر معتصم الي زينة و تحدث:.

-هتفضلي قاعدة معاهم لحد ما اشوف حل للشقة ولا هتيجي تقعدي معايا في بيت العيلة القديم!
أمسك زينة كف معتصم بإبتسامة قائله:
-معاك طبعاً
أومأ معتصم برأسه و هو يشد من قبضته على يدها، و جلس الجميع في صمت الي أن دخلت جنات الي غرفتها تاركةً الجميع و ثواني و لحق بها كامل الذي ما أن دخل الي الغرفة حتى أشارت له جنات في حدة:.

-أطلع بره الأوضة يا كامل، انا مرضتش أحرجك قدام العيال بره بس لحد ما تعتذر على اللي عملته مع عبدالله ده مش هتدخل الأوضة دي يا اما و رحمة أمي لهسيبلك البيت و أمشي
أقترب منها كامل بهدوء و جلس بجوارها وأحاطها بذراعيه مقبلاً رأسها قائلا:
-أنا أسف يا جنات حلو كده
-الأسف ميكونش ليا أنا يا كامل
هز كامل رأسه بالنفي قائلا:.

-مش هعتذرله، أنا وثقت فيه و هو حتى مكلفش نفسه يطمنا أن ريهام كويسة، متطلبيش منى حاجة أنا مش هعملها، انا تعبان و عايز أنام هتسيبيني أنام في الأوضة ولا أطلع بره
تركته جنات و دخلت الي الحمام و قبل أن تختفي عن ناظريه أردفت بجمود:
-أخرج بره.

ثم أغلقت الباب خلفها لينظر لها كامل بذهول فلم يكن يتوقع ما قالته أبداً، إنها المرة الأولي التي تفعل بها جنات هذا! و لكن سرعان ما أستجاب لرغبتها و خرج من الغرفة فوجد زينة تضع رأسها على قدم معتصم و أغلقت عينيها أستعداداً لبعض الراحة و معتصم يمرر يده في خصلاتها بهدوء و هو يستند برأسه الي الأريكة لينام هو الآخر، و لكن ما أن رأه الأثنان حتى أعتدلت زينة قائله بقلق:
-فيه حاجة يا بابا!
-هنزل أتمشي شوية.

جاءهم صوت معتصم الذي وقف قائلا:
-أنا كمان عايز أتمشي مع حضرتك لو تسمح
أشار معتصم الي زينة بهدوء قائلا:
-أرتاحي شوية لحد ما أرجع و شوفي ماما لو عايزة حاجة قبل ما تنامي
فهمت زينة ما يرمي إليه معتصم، فأومأت برأسها و ذهب معتصم مع كامل الي الخارج، و بعد دقائق من الصمت تحدث معتصم:
-أنا أسف على أخر مرة أتكلمت فيها مع حضرتك كانت طريقتي وحشة جدا.

أومأ كامل رأسه بصمته فعاد معتصم الي صمته وسرعان ما وقف في دهشة عندما وجد امامه فرقة من حراس شركة حمدي بزيهم المشهور و يمسكون أسلحتهم في إيديهم..
نظر كامل الي معتصم، الذي وقف أمامه و أخرج سلاحه قائلا:
-متتحركش يا عمي علشان مش هيترددوا لحظة أنهم يموتوك
ثم أرتفع صوت معتصم الذي أحتلته نبرة الامر قائلا:
-أرموا أسلحتكم حالاً.

ألقي الجميع بأسلحتهم ثم جلسوا على ركبتيهم رافعين أيديهم خلف أعناقهم كما أمرهم معتصم الذي أمسك هاتفه بسرعة و أتصل باللواء مجاهد قائلا:
-سيادة اللوا، فيه قدامي فرقة من شركة Deep أزاي ده حصل؟!
صمت للحظات يستمع لمجاهد ثم تحدث:
-تمام يا فندم و يا ريت بسرعة أنا في المقطم شارع رقم 9
أغلق معتصم هاتفه و نظر الي كامل قائلا:
-أرجع البيت بسرعة و أنا هفضل هنا لحد ما البوليس ييجي
.

وقف معتصم أمام منى التي تحاول الإفلات من قيودها بيأس و أردف بغضب:
-بقولك مين اللي أدي المجندين أمر بمهاجمتي؟!
تعالت ضحكات منى الشيطانية التي تحدثت بجنون:.

-لو فاكر ان الموضوع كله هيخلص بمجرد ما تقبض علينا تبقي غلطان، ده لسه هيبدأ، فيه أكتر من فرقة واخدين أوامر مختلفة أنهم يهجموا على أماكن عشوائية في مصر و يقتلوا الناس علشان نخلي الأمن فيه خلل و ده عامل اساسي في نجاح خطتي، ولحد ما أنا أوقف كل الفرق دي عن الهجوم هيفضلوا يقتلوا في الناس من غير رحمه و في ثانية هتلاقي الشعب بينتهي
ثم أبتسمت في خبث حية و هي تقول:.

-أو عندك فرصة تهربني و هخليك دراعي اليمين يا معتصم في العالم الجديد اللي ناوية أبنيه
أمسكها معتصم من خصلاتها بقوة و أقترب منها مردفاُ بإبتسامته الساخرة:
-اه العالم الجديد اللي بوابته طلعت ثقب اسود و مقدرتوش تبنيه أنتي و أبوكي، ولا العالم الجديد اللي هتسيطري عليه بريموت كنترول بيتحكم في عقول كل المجندين! أو يمكن بأنصاف البشر اللي لسه مش عارفة تخلي ولاؤهم ليكي.

نظرت له منى بصدمة قبل ان تنطق بتلعثم واضح:
-انت عرفت كل الكلام ده منين؟! مستحيل تكون وصلت ليه لوحدك!
جلس معتصم في المقعد أمامها بهدوء و أردف:
-فعلا مكنتش لوحدي، تخيلي كان معايا مين! حمدي الصمدي، او نقدر نقول صلاح اللي قدر يسترجع سيطرته على عقله و بلغنا بكل حاجة و قدرنا نوقعك
صرخت منى بقوة قائله:
-هقتله و الله هقتله، و هقتلك أنت كمان يا معتصم و العقربة مراتك كمان.

قلب معتصم شفتيه في تهكم قبل أن يهبط كفه على خد منى بصفعة قوية خرج صوتها الي السائرين في الممر خارج المكتب، ثم وضع يديه على المكتب قائلا:
-دلوقتي خلينا نتكلم بوشوش مكشوفة
أقترب منها و هو يحل قيدها قائلا:.

-عندك حل من أتنين، يا إما تعترفي بكل حاجة و نقدر نسيطر على اللي بيحصل ده، يا إما هتكسبي عدو جديد صدقيني هتستسلمي ليه في الأخر و هتنفذي الحل الأول، و خدي بالك كل ما ساعدتيني أكتر كل ما عقوبتك هتتخفف أكتر
أنتفضت منى بسرعة عن المقعد و رفعت قدمها اليمني لتبادر معتصم بركلة قوية تحطم فكه و لكنه هبط الي الأسفل في مهارة قبل أن يلكمها بقوة في وجهها مسبباً أصوات تهشم عظام أنفها الواضحة قائلا بسخرية:.

-يبقي شكلك قررتي تلجأي للحل التاني
شعرت منى بالألم الشديد في أنفها و لكن لم تهتم كثيراً بل أحتلها الغضب و حاولت تسديد لكمة قوية الي عنقه فتلقاها معتصم على ساعده و صفعها بقوة أرتدت أثرها متران الي الخلف قائلا بنفس النبرة الساخرة:
-فرصة كويسة إني أجرب تدريبات خالد على أرض الواقع يا مني.

ركضت منى نحو و قفزت الي الأعلي لتحيط عنقه بقدميها و قبل ان تتمكن من الإلتفاف به الي الأرض كان معتصم قد هبط بها بقوة الي الأرض ليرتد جسدها بقوة مصدراً صرخة متألمة ضعيفة ثم وقف و تحدث:
-معنديش استعداد أكمل للصبح و اتمني تغيري رأيك بالنسبة لقرارك
وقفت منى من جديد و هي تشعر بأن عمودها الفقري قد تحطم، و عادت تنطلق نحو معتصم من جديد بعدة لكمات أستطاع هو صدها في براعة مردفاً:
-بس أعتقد فيه أختيار تالت.

أمسك بذراعيها بقوة ثم حملها بين يديه كعصفور صغير و ألقاها بقوة على الحائط لتصطدم به بقوة ثم تهبط على الأرض و تفقد وعيها فأكمل معتصم:
-و هو أني مضيعش وقتي في اللعب معاكي بدون فايدة
أمسك بها معتصم و وضع جسدها المرتخي على المقعد و عاد يقيدها من جديد ثم توجه الي الخارج و أصدر الأمر الي العسكري بعدم إقتراب أي شخص من المكتب لحين عودته..
.

وقفت أميرة في شرفة المنزل و هي تستنشق الهواء ممسكة كوباً من عصير الفراولة، ثم وقع نظرها على والدها الذي خرج الي شرفته في البناية المقابلة، أستمرت في مراقبته بحنين شديد لمدة نصف ساعة، حتى رفع أشرف رأسه الي الأعلي و لمحها تقف فنظر لها بسخط قبل أن يدخل الي غرفته من جديد و يغلق الباب خلفه، و سرعان ما سمعت أميرة صوت جاسر من خلفها يقول:
-أكيد هييجي يوم و يسامحك، مهما طالت مدة زعله منك.

وقف خلفها تماماً و أحاطها بذراعيه قائلا:
-أول مرة أشوف فراولة بتشرب فراولة ما تجيبي شوية
ألتفتت إليه أميرة في أبتسامة و قدمت له الكوب و لكنه وضع قبلة صغيرة على خدها قائلا بخبث:
-لا كان قصدي حتة
حاولت أميرة أن تهدأ من صوت ضحكتها ثم أحتضنت جاسر بقوة قائله:
-أنت صاحي من النوم بعد الفجر يعني قلقان و ليك نفس تهزر بس.

-حسيت بفراغ جنبي و مش متعود على كده فقومت أشوفك، و بما إني صحيت هروح أتوضي و أصلي الفجر
نظر لها و أشار بإصبعه نحوها بشك قائلا:
-صليتي ولا كسلتي؟!
-لا صليت متقلقش يلا روح انت

جلس صلاح على مقعده خلفه المكتب قائلا:
-قولتلي خدرها و خدرتها، و بلغ البوليس و بلغت، و أنت قبضت على الأتنين بعد ما قدمت أدلة كفاية ضدهم، فيه أيه تاني بقاا
جلس معتصم أمامه و تحدث:.

-أول حاجة أسف علشان صحيتك في الوقت ده و خليتك تيجي هنا، و تاني حاجة أنا عايز أسألك إذا كنت تعرف مكان جهاز التحكم بتاع مني
صمت صلاح لثواني قبل أن يضع كلتا يديه على المكتب و شبكهما في رسمية شديدة قائلا:
-و أيه المقابل؟!
نظر له معتصم بتعجب و سأله:
-مقابل أيه؟! الوزارة هتصرفلك مكافأة كبيرة عايز أيه تاني!
هز صلاح رأسه نافياً و أردف:.

-لا ده كان مقابل المعلومات القديمة اللي ساعدتكم بيها، دلوقتي فيه حاجة تانية أنتي عايزها و عاوز مقابل ليها!
نظر له معتصم و قد بدأ الشك يتسلل الي قلبه و سأله:
-عايز كام يعني؟!
وقف صلاح و أتجه ليجلس امام معتصم قائلا:
-مش عايز فلوس انا هاخدها من الوزارة، انا عاوز حاجة تانية!
نظر معتصم في عيني صلاح بتحدٍ واضح قائلا:
-اللي في دماغك ده تشيله خالص لأنك بتحلم و مش هتطوله غير على جثتي.

عاد صلاح بظهره الي الخلف و هو يضع قدماً على الأخري قائلا بخبث:
-ده اللي عندي، اخر حاجة تخص منى و اللي عملته مقابل حرمك المصون، زينة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة