قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الرابع عشر

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الرابع عشر

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الرابع عشر

في المعادي.

نظر معتصم الي ساعة الحائط امامه التي تجاوزت الثانية عشر ليلاً و لم تأتي زينة الي المنزل بعد، أتصل بها من هاتفه الثاني عدة مرات ولكن في كل مرة تأتي الجملة التي يكرهها الرقم الذي طلبته مغلق أو غير متاح ، و حاول الوصول إليها عن طريق تتبع السلسلة التي تطوق عنقها و لكن لم يحصل على نتيجة لأن زينة قد علمت بأمرها مسبقاً و تركتها في المنزل قبل خروجها، فكر في أن يذهب الي كاميليا أو يتصل بها لتخبره بعنوان المدعوة ثرية، و لكن خشي أن تشك بأمره و تتصل بثرية فتخبرها بكل ما حدث و تكشف حقيقة زينة أمامها و لن يعلم مصيرها وقتها سوي الله، شعر بعجزه التام بعد ما حدث..

سرعان ما أنتفض و أرتدي ملابسه و ذهب الي مركز الشرطة، فلقد كان يعلم مسبقاً أن زميله سعد سيكون موجود الليلة في القسم، و بعد مدة وصل الي المركز و توجه مسرعاً نحو مكتب سعد و دخل إليه، فتحدث سعد بفزع:
- بالراحة يا معتصم مالك طب خبط الأول
أقترب منه معتصم بسرعة و هو يتناول كرسي و جلس بجانبها قائلا:.

- فيه واحدة أسمها ثرية أرملة و عايشة في فيلا لوحدها و معاها خدم كتير و مشتركة في نادي في شبرا غالباً، تقدر توصل لعنوانها
نظر سعد بإستنكار الي معتصم و تحدث:
- أنت أهبل يا معتصم؟ انت مقولتش تقريباً أي حاجة مفيدة! أنا كده بدور على إبره في كومة قش، هدور في نوادي شبرا و بعديـ
قاطعه معتصم بحدة شديدة قائلا:.

- إنجز يا سعد من غير رغي كتير و أبدأ شغلك، زينة كانت رايحة ليها تبع تحقيق من الصبح و مرجعتش لحد دلوقتي و تليفونها مقفول
ضغط سعد على شفتيه بتفكير ثم تحدث:
- هات رقم زينة أسهل ممكن أقدر أوصل ليها
أخبره معتصم برقم زينة و بعد ما يقارب ساعة من القلق تحدث:.

- أخر مكان كانت فاتحة فيه تليفونها كان في القليوبية في شبرا، أستني هدور على صاحب العنوان ده علشان متروحش هناك على الفاضي من غير ما تتأكد و تضيع وقت و خلاص
مرت نصف ساعة أخري قبل أن ينطق سعد:
- الفيلا دي بأسم واحدة أسمها ثرية عصمت فؤاد أرملة فعلا و جوزها ميت من 10 سنين و الفيلا دي كانت من ضمن ورثها منه لأنهم مجبوش عيال
تحدث معتصم بسرعة:
- هات العنوان بسرعة.

كتب سعد العنوان في ورقة و اعطاها لمعتصم الذي أقترب منه بغضب قائلا:
- المرة الجاية يا ريت تسبق السلحفاة يا حضرت الظابط
و سرعان ما غادر المكتب مغلقاً الباب خلفه فتحدث سعد بضيق:
- حد قالك إن مفيش مني 2 في الحاجات دي، ده أنا لسه بتعلم أنت تحمد ربك.

صعد معتصم الي سيارته بسرعة و أنطلق الي العنوان و تأكد من وجود سلاحه في السيارة، و بعد مدة طويلة نسبياً توقف بسيارته أمام منزل ثرية و هو يحاول إيجاد طريقة لدخوله، خرج من سيارته و أخذ يدور حوله كما فعلت زينة تماماً الي أن وجد هذه النقطة المنخفضة من السور، فتسلقها بسرعة و هبط الي الجانب الأخر، و أخذ يدور بحذر في المكان الي أن شعر أن الأرض تهتز من تحت قدميه، نظر حوله قبل أن ينحني ليتأكد من أهتزاز هذه النقطة ثم مرر يده عليها حتى وجد قرص حديدي سحبه ليرتفع باب خشبي تغطيه الحشائش الخضراء و يظهر من أسفله درج، أمسك معتصم بهاتفه و أرسل الي سعد رسالة، ثم هبط الي الأسفل بعد أن أغلق الباب خلفه، و على الفور تخللت أنفه رائحة بشعة و لكنه أستمر في الهبوط حتى وصل الي باب خشبي قديم و مرسوم أعلاه مربع من السلك الشائك و يظهر ما خلفه و لكنه لم يتمكن من النظر بدقة حيث كان المكان في الداخل تضيئه الشموع الصغيرة فقط، تعجب معتصم من هذا المكان المريب، و سرعان ما أرتفع صوت صرخات يعلمها جيداً، فلم تكن سوي صرخات زينة و لكن أمتزج معها صرخات فتاة أخري لم يتبين معتصم صوتها جيداً..

في الداخل.

كان هناك حوض أستحمام أبيض اللون و بجواره سلم خشبي متزن جيدا و يقف في نهايته رجل ممسكا بسكين، بينما فوق الحوض تماما كانت هناك سلسلة تهبط من سقف القبو معلقة بها فتاة مسكينة تصرخ بذعر و هي لا تعرف ماذا يحدث و لكنها متأكدة من موتها، و تقف ثرية مرتدية ثوب فضفاض من اللون الوردي و بجواره يقف أيمن و في يده سوطه، على حين كانت جثث الشابات في كل مكان و بجوارهم تقف حوالي تسعة فتيات آخريات مقيدين و مكممين يصرخون صرخات مكتومة من نهايتهم التي أقتربت بينما كانت زينة تصرخ بقوة و مازالت معلقة في الهواء و هي تردف برجاء:.

- لا متعمليش كده حرام عليكي هما عملولك أيه
وجهت ثرية نظراتها الي أيمن الذي تحدث:.

- ثرية هانم بحكم حبها للقراءة و عشقها للجمال قرأت في مرة عن ملكة حافظت على جمالها من تجاعيد الزمن بإنها كانت بتستحمي يومين في الأسبوع بدم بنات عذاري و بتفضل في الدم ده ساعة على الأقل، و جربت الموضوع ده مرة بسبب و أنبسطت جدا بالنتيجة، و كملت في الطريق ده لدرجة أنها بقت بتستمتع بصرخات البنات و هما بيتعذبوا و بيتوسلوها متموتهمش
نظرت لهم زينة و فكها يتدلي بذهول قائله بتعلثم:.

- بتقتلوا البنات علشان هي تحافظ على جمالها
ثم صرخت بقوة شديدة:
- انتو أكيد اتجننتم، انتو مجانين و السادية أتملكت من قلوبكم، صدقيني انا كمان هستمتع جدا بصريخك و انتي بتترجي البوليس يسيبك ولا بتعيطي بعد ما تاخدي إعدام
أمسك أيمن بالذراع الحديدية بغضب و سحبها الي الخلف فهبطت زينة الي الأسفل متلقية ضربة اخري من السوط في يده و صرخت بقوة في حين تحدثت ثرية بعجرفة:.

- أنتي مميزة جداً يا زينة، جسم جميل، بشرة حلوه، جمالك نادر، علشان كده هتستني للحمام الخاص اللي هستخدم فيه دمك و ده هيكون بعد بكره و انا عايزة أحافظ على حياتك لوقتها، متثيريش غضب أيمن لأنه ممكن يقتلك قبل معادك و انا مش عاوزة ده
بكت زينة و هي تنطق:.

- أنتي مجنونة و مخبولة، أنتي سنك طير عقلك تماماً و فقدتي حاجات كتيرة أوي قلبك و احساسك حتى جمالك فقدتيه يا ثرية، أنتي مش جميلة أبداً، أنتي مجرد واحدة عجوزة و باين السن جداً على وشك المقرف و على جسمك، التجاعيد معلمة في كل منطقة في وشك و مخلياكي أكبر من عمرك 100 سنة، أنتي مش جميلة أبداً و لا عمرك هتكوني جميلة بدم البنات دول، أبقي دوري على جمالك بقاا و انتي بتولعي في جهنم يا ثرية.

أٌقتربت ثرية من زينة بغضب شديد و أمسكت السوط من أيمن و هوت به على جسد زينة من جديد في نفس اللحظة التي دخل فيها معتصم الي القبو محاولاً التغلب على رغبته في التقيأ من رائحة الجثث و مما سمعه، و رفع مسدسه قائلا:
- كله يثبت مكانه فوراً بدل ما هخلص عليكم كلكم هنا
نظرت زينة الي معتصم بضعف شديد و قد أطلقت صرخة قوية أثر ضربة ثرية، فصرخ معتصم في ثرية قائلا:.

- أبعدي عنها يا ثرية بدل ما هزين وشك المقرف ده بخرم أسود بين عينك
تحدثت زينة بصوت أقرب الي الهمس قائلا:
- أقتلها يا معتصم
سرعان ما ادركت ثرية معرفة زينة و معتصم فأمسكت بها من رقبتها و أخرجت سكين حاد من ثوبها الفضفاض و وضعته على رقبتها قائله:
- سيب سلاحك حالاً بدل ما هطيرلك رقبتها
توتر معتصم لثواني و سرعان ما رفع أيمن رفع مسدسه في وجه معتصم قائلا:
- شكلك عايز موتها.

رفع معتصم يده سريعاً بإستسلام قائلا:
- لا لا خلاص، أهوه المسدس
ألقي معتصم بسلاحه على الأرض ثم دفعه بقدمه ليستقر أسفل قدم أيمن الذي أسرع إليه و معه حبل غليظ و قيد معتصم به في عمود خشبي ثم تحدث بسخرية:
- دلوقتي نقدر نكمل اللي كنا بنعمله
أبتعدت ثرية عن زينة و مازالت تمسك بسكينها و أشارت الي الرجل في الأعلي قائله:
- أبدأ.

صرخت الفتاة المسكينة قبل أن يمسك هذا الرجل برقبتها و يذبحها مثل الخراف، فأغمضت زينة عينيها في خوف و تقزز، في حين شعر معتصم بالغضب مما يحدث أمامه و هو ضعيف و مكبل وعاجز عن فعل أي شئ من أجل زوجته..

و بدأت دماء الضحية الأولي في السقوط في حوض الأستحمام و هي مقلوبة فأصبح جسدها مثل مصفاة ينزل جميع الدماء عبر رقبتها أستمر هذا الأمر لخمس دقائق و قبل أن تنتهي دماء الفتاة تماماً حتى ضربت ثرية زينة بالسوط من جديد لتصرخ الأخري بوجع و هي تشعر أن جسدها قد لفحته النيران، في حين تحرك معتصم بقوة في مكانه قائلا بصراخ:
- هقتلك و الله العظيم هقتلك يا ثرية.

نظرت ثرية ببرود نحوه و هي تشير لأيمن أن يحضر الفتاة الأخري، التي أقترب منها و حلّ القماشة التي كانت تغلق فمها فبدأت الأخري في الصراخ في رجاء ان يرحموها و لكن بلا فائدة فلقد حرك أيمن الذراع الحديدية الأخري لتهبط المسكينة الأولي التي ماتت ثم وضع مكانها الثانية لترتفع وسط صرخاتها و توسلاتها و لكن ما أن صعدت حتى أمسك الرجل برقبتها هي الأخري و ذبحها..

بدأت زينة بالبكاء أثر ما يحدث أمامها، كل هذا خطأها هي، فإن استمعت لحديث معتصم في العمل سوياً لمَ حدث كل هذا و كانت ستتمكن من إنقاذ كل هؤلاء الفتيات مع معتصم، أما معتصم فلقد كان يجلس كالجماد و هو يشعر بعجزه التام فلأول مرة لا يعلم ماذا عليه أن يفعل و كيف يجلس هكذا ليري ملاك الموت يتخطف الأرواح أمامه واحدةً وراء الثانية، شعر برغبة قوية في البكاء و لكن دموعه قد جفت بعد مصرع الفتاة الأولي، مرت ربع ساعة و قٌتلت خمس فتيات أخريات و لم يتبقي سوي ثلاثة و زينة رابعتهم..

و لكن في هذا الحين، نظر أيمن الي الحوض الذي شعر أنه أصبح ممتلأ و تحدث:
- كفاية كده لحد ما ثرية هانم تطلب تاني.

نظرت ثرية الي زينة نظرة أخيرة قبل أن تهبط السوط على جسدها مرة أخري فيرتفع صراخها مع صرخات معتصم الذي يتوعدها بضعف شديد، و أقتربت من حوض الأستحمام و بدون أي ذرة من الحياء خلعت ملابسها لتغطس في حوض الدماء أمامها، نظر معتصم لها بتقزز في حين شعرت زينة برغبة قوية في الغثيان و قد بدأت ثرية في تدليك ذراعيها الظاهرتين بالدماء ثم غطست الي اسفل برأسها لتصعد مثل شبح مخيف تملؤها الدماء من كل جانب فصرخت زينة في فزع و كذلك الأخريات، فتقدم أيمن من ثرية و ناولها كأساً من الزجاج لتبدأ في ملأه بالدماء ثم أبتلعته و عند هذا الحد لم يتمكن أي شخص من التحمل و بدأ الجميع في التقيأ بما فيهم معتصم..

شعر الجميع بحركة في الخارج من نفس الباب الذي دخل منه معتصم و أرتفع صوت الرصاص ليتنفض الجميع في فزع في حين وضع أيمن سلاحه على رأس معتصم قائلا:
- شكلك بلغت البوليس ييجي يلحقك قبل ما تدخل، لعبت في عداد عمرك.

أرتفع صوت أيمن و هو ينادي الحراس الذين كانو يقفون خلف باب القبو تماماً في أنتظار إشارته، و دخلوا بسرعة و أحاطوا بثرية ليحموها، ثم أندفع الباب بسرعة و دخلت أفراد الشرطة و هي ترفع أسلحتها و يقودهم سعد الذي تحدث بهدوء:
- سلموا نفسكم المكان كله محاصر، يعني يا تستسلموا يا هتتصفوا
و سرعان ما أنقلبت الأحداث ليصبح الحراس الذين يحمون ثرية أنقلبوا ضدها و وجهوا إليها أسلحتهم، فتحدث أيمن في غضب:.

- أنتو بتعملوا ايه يا بهايم!؟
نظر له سعد ببرود ليكمل حديثه:
- دول مش رجالتك، دول رجالتي أنا و دلوقتي سيب مسدسك بدل ما أبهدل هدوم معتصم بدمك.

و في حركة سريعة حرك معتصم قدمه في تجاه قدم أيمن الذي يقف بجواره فتعثر و وقع على الأرض و أسرع سعد يمسك بذراعيه و يضعهما خلف ظهره ثم زينهما بالأصفاد و كذلك فعل باقي رجال الشرطة مع ثرية المغرقة بالدماء و مع الرجل الذي قتل كل تلك الفتيات، و أسرع سعد بعد ذلك يحل وثاق معتصم و باقي العساكر يحلون وثاق باقي الفتيات، وقف معتصم بسرعة و أتجه نحو زينة و أمسك بوجهها في قلق قائلا:.

- أنتي أستحملتي كتير كفاية كده
أشار معتصم الي سعد قائلا:
- هات مفتاح القفل بتاع زينة، اكيد مع الحيوان اللي في الأرض ده
رفع سعد أيمن و بدأ في تفتيشه حتى تمكن من العثور على المفتاح و ألقاه الي معتصم، و فتح الأقفال ثم حل وثاق السلسلة الحديدية من حولها لتقع زينة بين يديه و كأن ما كان يمنع سقوطها هي السلسة، أمسك بها سريعاً لتنطلق أهه خافتة من بين شفتيها و تحدثت بصوت خافت:.

- مش قادرة أستحمل حد يلمسني يا معتصم، و انا مش هيغمي عليّا زي ما بيحصل علطول
بدأت في البكاء فتحدث معتصم بهدوء:
- يبقي أستحملي يا زينة لحد ما نوصل للمستشفي
حملها معتصم بسرعة يتخللها بعض القسوة فتأوهت زينة مرة أخري و هي ترخي ذراعيها تماماً، توجه معتصم الي سيارته و وضعها بداخلها ثم قاد بها الي مستشفي المقطم، فتحدثت زينة بضعف:
- أنا اسفه على كل اللي حصل.

ثم تهاوت أثر سرعة السيارة برأسها على جسد معتصم الذي أسندها بسرعة و تحدث في برود و هدوء:
- لما تبقي كويسة نبقي نتكلم

مرت ساعات منذ دخلوهما الي المستشفي بينما مرت دقائق على خروج أحد الأطباء الذي طمأن معتصم عن حالة زينة و أخبره أنها ستسعيد وعيها بعد دقائق، فهوي أخيراً الي أقرب مقعد و هو يضع رأسه بين كفيه، فوجد شخصاً ما يضع يده على كتفه، رفع بصره ليجد نصر الذي جلس الي جواره قائلا:.

- انا لسه جاي و الدكتور خارج من عندها و عرفت منه كل حاجة و طمني عليها، متقلقش هتكون كويسة
هز معتصم رأسه بصمت شديد، فتحدث نصر من جديد:
- انا هقوم أستلم الشفت بتاعي و أشوف الأشعة اللي طلبتها.

لم يجيبه معتصم من جديد، فنهض نصر الي مكتبه و أرتدي معطفه الأبيض و نظر الي مكتبه فوجد صور الأشعة عليه، أمسك بها و تأكد من أسم المريض، ثم أمسكها و وضعها على شاشة في غرفته و تأملها لثواني قبل أن يفتح عينيه على مصرعيهما و يردف:
- مستحيل
أمسك بصور الأشعة بسرعة، و أتجه نحو معتصم الذي وجده مازال في مكانه، فتحدث بسرعة و هو يحاول أن يستوعب ما حدث قائلا:
- فيه حاجة غريبة أوي يا معتصم في الأشعة.

نظر له معتصم بإهتمام فأردف نصر:.

- هشرحلك كل حاجة و حاول تفهمني، و هحاول مدققش أوي في تفاصيل مش هتفهمها، الموضوع بإختصار إن فيه حاجة صغيرة في حجم الشريحة جوه مخ عوض، و في الغالب هي شريحة، و هي موجودة في الجزء اللي بيصدر منه المخ الاوامر لباقي أعضاء الجسم و كل الأوتار الحساسة مربوطة في الشريحة دي، و اللي معاه الجهاز اللي الشريحة دي متصلة بيه يقدر يدي أوامر لعوض و ينفذ كل أوامر بالحرف، يعني أحفظ يبقي حفظ، اعمل يبقي عمل، قول يبقي هيقول.

قاطعه معتصم بشرود قائلا:
- و لو قاله أنسي يبقي هينسي
أومأ نصر برأسه قائلا:
- بالظبط، و بكده ده مبقاش بني أدم ولا بقي إنسان آلي، ده حاجة في النص بينفذ تعليمات زي الإنسان الآلي بجسم بشري
نظر له معتصم بإهتمام و تحدث:
- و لو الشخص المتحكم قال لصاحب الشريحة أسمع كلام الراجل ده مثلا في كل حاجة هيعمل كده؟
- أكيد، ده لو قاله أقتل نفسك هيقتل نفسه من غير تفكير
صمت الأثنان للحظات قبل أن يتحدث نصر:.

- أنا مش فاهم إزاي ممكن يكون فيه حاجة زي كده! مكنتش أعرف إن العلم أتطور للدرجادي
أنتفض معتصم من مكانه مردفاً:
- العلم ده هيدمر العالم، هيخليه تحت إيد ناس معينة متحكمة في كل البشرية
ألتفت معتصم الي نصر سريعاً و تحدث:
- أنت تعرف حد أتكلم قبل كده عن حاجة زي دي؟
أومأ نصر برأسه و تحدث:.

- العلماء كتير و العلماء المجانين أكتر، فيه ناس كتير طلعت و قالت كلام كتير عن حاجات مستحيلة و إنهم قادرين يحققوها، زي مثلا الروبوت و إنهم ممكن يبدأوا بتصنيع روبوت يساعدهم في حياتهم سواء في البيت أو في الشغل أو حتى يقوم بمهنة ضباط المرور في الشوارع، بس حاجة زي دي هتهدد البشرية كلها، لإن الروبوت ده هيكون عقله عبارة عن ذكاء أصطناعي، زي الكمبيوتر كده بالظبط، محدش يقدر يغلب الكمبيوتر في لعبة، فما بالك بإنسان من الحديد أقوي منك و أذكي منك، أكيد هيكون نفسه يحكم العالم و يتخلص من البشرية مع مرور الوقت، دي واحدة من الأفكار المجنونة اللي العلماء أقترحوا وجودها بس الموضوع ده أترفض تماماً.

جلس معتصم على مقعده من جديد مردفاً بسخرية شديدة:
- يعني أنا و مراتي اللي بتموت جوه دي المطلوب مننا نوقف علماء منعرفش هما مين غالباً هدفهم يسيطروا على العالم
أقترح نصر بعد تخمين:
- الخطوة الصح هي أنك تبلغ رئيسك باللي أنت عرفته و الموضوع وقتها هيكبر و فيه ناس خاصة هيقدروا يتعاملوا مع الموضوع ده
نظر معتصم الي نصر و هز رأسه نافياً:.

- لا، لا صاعقة ولا قوات خاصة ولا مخابرات ينفع يتدخلوا دلوقتي، دي عناصر مهمة في البلد مينفعش يروحوا هدر، على الأقل لحد ما نحاول نوصل العلماء دول مين و وصلوا لأيه، محدش ضامن يكونوا جندوا كام واحد يا نصر، و مع تدخل أي عنصر من دول المتحكمين دول هيستدعوا كل المجندين يدافعوا عنهم، و ناس كتيرة أوي هتروح ضحايا في حاجة ملهومش ذنب فيها، و هيبقي بحر دم
نظر معتصم أمامه من جديد و تحدث:.

- هنأجل أنهم يعرفوا شوية لحد ما نشوف هنوصل لأيه أنا و زينة
ثم أعاد بصره حيث نصر و تحدث:
- و انت يا نصر متتكلمش، لأن أي كلمة ممكن يعرفوها و المجانين دول صدقني مش هيترددوا ثانية أنهم يموتوك
هز نصر رأسه بالموافقة، و وقف معتصم متجهاً نحو غرفة زينة، أغلق الباب خلفه و أقترب منها فوجدها قد فتحت عينيها بتعب، فسألها بنفس البرود الذي كان يحدثها به:
- اناديلك الدكتور.

هزت زينة رأسها بالنفي، فأمسك معتصم بمقعد و جلس بجوار فراشها في صمت، و طال صمتهما طويلاً جدا ما يقرب الساعتان و كلاً منهما ينظر في أتجاه مختلف و يملأ عقله الكثير و الكثير، وأخيراً بادرت زينة معتصم في الحديث قائله:
- معتصم، أنا أسفه على اللي قولته، و أسفه إني خرجت من وراك، و أسفه إني مقدرتش إن ده شغل و إننا شركاء و لازم نكون مع بعض.

أنتفض معتصم من مقعده بغضب شديد و كأنه كان بإنتظارها لتتحدث، فصرخ بها قائلا:.

- و أسفه إنك خليتيني بموت في كل لحظة أتأخرتي فيها بره البيت و انا مش عارف أوصلك، و أسفه على موبايلك المقفول و أسفه على السلسلة اللي قلعتيها من رقبتك و أسفه إنك كنتِ نقطة ضعف قدامي و أسفه إن بسببك أنا قصرت في شغلي و أستسلمت و شوفت موت سبع بنات ملهوش مش أي ذنب قدام عيني و أسفه إنك حسستيني إني عاجز و ثرية و أيمن بيضربوكي بالسوط، انتي أسفه كتير أوي يا زينة، انتي لازم تبقي أسفه لأن بغبائك بدل ما ننقذ الكل و ننفذ مهمتنا، احنا خسرنا و سعد هو اللي نفذ المهمة دي، سعد اللي لولا إني بعتله رسالة بالباب اللي شوفته في الجنينة قبل ما انزل كان زمانا كلنا ميتين، صدقيني يا زينة أنا ماسك نفسي عنك بالعافية علشان مكسركيش و انتي في راقدة في السرير كده، بس أنا وعدتك بحاجة و رغم أني كنت واخد عهد على نفسي ممدش إيدي على واحدة ست بس أنتي تستاهليه يا زينة.

هبط كفه بقوة على خدها الأيمن فصرخت زينة بوجع و أمسكها معتصم من ملابس المستشفي و تحدث بغضب شديد:
- عايزة تفضلي مراتي يا بنت الناس و زميلتي في الشغل يبقي تنفذي اللي هقوله، مش عاوزة يبقي تقدمي أستقالتك و تطلبي الطلاق فاهمه
دخل الطبيب بسرعة الذي سمع صراخ زينة و كذلك سعد الذي جاء يطمأن عليها بعد ما حدث، فأسرع سعد يبعد معتصم عن زينة قائلا:
- أهدي يا معتصم مالك!

أنفجرت زينة في البكاء و تعالت شهقاتها، فتحدث الطبيب بسرعة و غضب شديد:
- أطلع بره يا أستاذ، حالاً أطلع بره بدل ما أطلبلك البوليس
خرج معتصم بصحبة سعد الي الخارج فضربه سعد بقوة على صدره و تحدث بصوت خافت:
- انت أتجننت يا معتصم، إيدك معلمة على وشها إزاي تضربها
- لأنها تستاهل و أكتر من كده يا سعد و أبعد عني دلوقتي بدل ما أمد إيدي عليك انت كمان بدل ما أشكرك.

دفع معتصم سعد بعيداً ثم خرج من المستشفي و صعد الي سيارته و أنطلق بها مسرعاً في غير وجهه، و بعد ما يقارب الساعة أمسك بهاتفه و أتصل بكامل و أردف بدون أن يستمع إلي حرف واحد من كامل:
- زينة في مستشفي المقطم التخصصي.

ألقي بهاتفه الي الخلف بدون أن يغلق المكالمة حتي، و أستمر في القيادة، ثم توقف في منطقة صحراوية و خرج من سيارته و وقف مستنداً على سيارته و في ثواني كانت مشاهد السبع فتيات يُذبحون قد أحتل تفكيره فضرب عربته بقدمه بقوة و أخذ يصرخ في محاولة للتخلص من الضيق و الإختناق الذي يشعر به و لكن لم يتمكن فجلس على الأرض مستنداً على عجلات سيارته و بدأ في البكاء، فلقد كان هذا اليوم أكبر من ما يمكن أن يتحمله معتصم..

.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة