قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الثالث عشر

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الثالث عشر

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الثالث عشر

في الأسكندرية
وقف عبدالله امام أحد المنازل بعد أن تلقي حارسه مبلغ ضخم من المال، ثم غادر الحارس ليضع عبدالله المفتاح في يد ريهام و أردف:
-و أدي يا ستي مفتاح أحسن شاليه في محطة الرمل كلها
تمسكت ريهام بقبضتها على المفاتيح ثم تحدثت:
-ميرسي يا عبدالله
أشار الي شالية أخر على بعد بعضه أمتار منها و تحدث:.

-ده الشاليه بتاعي، لو عايزة أي حاجة تعالي و متتردديش، و نمرتي معاكي، انا من كتر ما باجي أسكندرية حفظتها خلاص، لو عايزة تروحي هنا أو هنا قوليلي، أتفقنا!
أومأت برأسه مع إبتسامة ثم شكرته من جديد ليغادر عبدالله متجهاً نحو الشاليه الخاص به، في حين دخلت ريهام الي خاصتها و أغلقت الباب، أقتربت من غرفتها و ألقت بنفسها على الفراش و لم تشعر بشئ آخر و لم ترغب سوي في النوم..

و بعد مرور ساعات كانت تقف أمام مرآتها و قد أرتدت ملابس ضيقة بعض الشئ مع شال من اللون الوردي، ثم خرجت من المكان، و اتجهت نحو الشاطئ سريعاً و بدأت في السير بين المياه القليلة على الشاطئ و التي تشعر ببرودتها على قدمها العارية من الأحذية، ظلت تسير بلا هدف و هي تلف نفسها بشالها جيداً، و بعد دقائق وجدت نفسها أمام صخرة عملاقة الي حد ما و أسفلها بعض الصخرات الصغيرة، وقفت تتطلع اليها في حيرة إلي ان قررت تسلقها عبر تلك الصخور الصغير..

وضعت يدها على الصخرة و و قدمها على الصخرة الصغيرة أمامها و منها الي صخرة أخري على أرتفاع أعلي ببضع سنتيمترات، و لكن لم تكمل صعودها فلقد شعرت بمياه البحر قد أرتفعت أمواجها لتصدم الصخرة التي تقف عليها، و شعرت بعد ذلك بإنزلاقها عن الصخرة لتسقط في الأرض، و لكن يد قوية قد أمسكت بها، نظرت ريهام الي عبدالله الذي أنزلها عن يديه و تحدث:.

-لمّا تيجي تختاري صخرة تقعدي عليها لازم متكونش في نص الماية كده لأن الموجة مش هتهدي و مسيرك هتقعي أو هتتغرقي و في كلتا الحالتين كان هيجرالك حاجة
رفعت أصبعها في مواجهة وجهه و أردفت بغيظ:
-عبدالله أنت متأكد أنك مش مراقبني
ألتف عبدالله ليشير الي أحدي فتاة شقراء على بعد أمتار و تحدث:.

-شايفة المزة اللي هناك دي أنا كنت قاعد معاها، و لقيتك ماشية و مش حاسة بحاجة حواليكي فقولت أشوف مالك أو لو بتدوري على حاجة أساعدك
أعاد نظره الي ريهام و ضم ذراعيه الي صدره قائلا:
-هراقبك ليه بقاا؟! أنا جاي هنا أجازة.

صمتت ريهام و لم تجيبه و وضعت يديها على كتفيها و هي تشعر بالبرد فلقد سقط شالها عندما سقطت هي بين يديه، أنحني عبدالله و جذب الشال ليضعه حولها ثم لاحظ بطنها المنتفخ، فتح عينيه على مصرعيهما و تحدثت:
-أنتي إزاي مقولتيش
ألتقطت ريهام شالها سريعاً و هي تحيط كتفيها به و تخبئ بطنها و هي تلعن نفسها أنها أرتدت ملابس ضيقة، و أردفت محاولة لإظهار الغباء قائله:
-أنا مش فاهمه حاجة، مقولتش أيه!؟

نظر عبدالله الي عينيها بغيظ و تحدث:
-بتسوقي الأستهبال عليّا أنا، طيب تمام أنا بقا هتصل بمعتصم يبلغ باباكي أن بنته الجميلة بطنها منفوخة زي أي ست في بداية حملها و من الواضح أنها حامل في تؤام علشان كده بطنها ظاهره و هي في الشهر التالت، فيبعت ياخدك او يجيلك هنا و يوديكي لدكتور و يشوف معايا حق ولا ده من الأكل اللي هي مش بتاكله أصلا!

نظرت ريهام الي عبدالله بإضطراب و لم تتمكن من الرد عليه، فأمسك عبدالله يدها بهدوء و أقترب من أحد الصخور البعيدة عن المياة و صعد و ساعد ريهام لتصعد و أردف بهدوء:
-طلعتي جاية أسكندرية تقعدي فترة تصفي دماغك و تشوفي هتعملي أيه في حملك، أو يمكن مش أسبوع بس زي ما وهمتيني و هتقعدي هنا لحد ما تولدي، يا تري أنهي واحد من احتمالاتي صح!

سقطت الدموع من عيني ريهام بدون أن تتحدث فحاول عبدالله أن يهدأ من نفسه و ندم على كلماته القاسية، فألتفت إليها و أمسك بيدها قائلا:.

-ريهام أنا مش قصدي أضايقك، بس اللي أنتي بتعمليه ده غلط، كان لازم من لمّا عرفتي تقولي لأهلك، أنتي حتى شكلك مش بتتابعي مع دكتور، في فرح معتصم و زينة كنتي لابسة كعب رفيع جدا و أهوه أتكسر و كان ممكن تقعي و بعد الشر تسقطي أو يجرالك حاجة أنتي و البيبي، و هنا أهوه في أسكندرية و طالعة على صخرة عالية لوحدك من غير مساعدة و بردوا مهتمتيش أنك ممكن تقعي، ده غلط عليكي و على البيبي.

ضغطت ريهام على شفتيها بقسوة لتمنع هبوط دموعها و لكن ربت عبدالله على يدها و أردف بحنان:
-عيطي متمسكيش نفسك
أخفضت ريهام رأسها بتعب و بدأت في البكاء و أرتفعت شهقاتها و أردفت:
-مش هقدر يا عبدالله، مش هقدر أقول للناس إني حامل نتيجة أغتصاب، همّا أصلا بيتكلموا على موضوع أغتصابي ده، و مش هقدر أنزل أولادي انا كده بقتلهم و هما ملهومش ذنب، عايزاهم لأنهم اولادي و مش عايزاهم لأنهم من معتز اللي أخدني غصب.

هزت ريهام رأسها بالنفي و هي تكمل بدموعها التي لم تتوقف لثانية واحدة قائله:
-مش عارفة أخد قرار يا عبدالله مش قادرة
نظرت في عيون عبدالله و تحدثت بضعف شديد و أردفت:
-سألتني أنهي أحتمال جيت بسببه هنا، انا جيت هنا علشان أوقع نفسي في ماية أسكندرية و أخلص من حيرتي دي، أنا تعبت
أكملت بكائها و عبدالله مازال صامتاً يستمع إليه وبعد دقائق ربت على كتفها بحنان قائلا:
-طب بس أهدي، كل مشكلة و ليها حل.

أقتربت منهم فتاة أسكتلندية شقراء ترتدي ثياب صيفية لا تتناسب مع الشتاء في مصر و أردفت بالإنجليزية:
-What’s happened Abdo ?
أجابها عبدالله بإختصار شديد:
-I will see you later honey
أومأت الفتاة رأسها بتفهم ثم ذهبت من امامهم فتحدثت ريهام بعد أن جففت دموعها:
- روح لصاحبتك أنا هبقي كويسة؟!
- صاحبتي أيه أنا لسه عارفها من ساعة، قومي نتغدي أنا مش هسيبك تاني لوحدك، مش ضامن ممكن عقلك يوديكي فين.

هزت ريهام رأسها نافية:
- مش جعانة، و مش هعمل في نفسي حاجة متقلقش
وقف عبدالله و قفز ليقف على قدميه على الأرض ثم أمسك بقدمي ريهام ليقربها منه، قبل أن يلتقطها من خصرها و يضعها على الأرض قائلا:
- مش مهم انتي تبقي جعانة بس فيه أرواح جوه بطنك محتاجين ياكلوا، يلا الأول على الشاليه بتاعك ألبسي حاجة في رجلك و أنا عازمك على الغدا النهاردة في أحسن مطعم سمك في أسكندرية كلها

في شبرا الخيمة بالقليوبية.

توقفت سيارة زينة امام منزل ثرية، و تصاعد رنين هاتفها فأجابته:
- خير يا معتصم!
صرخ بها معتصم قائلا بقسوة:
- خير! ده انا هكسر دماغك لمّا أشوفك، بتسيبيني نايم و تخرجي من غير ما تقوليلي يا زينة، روحتي لثرية مش كده! لو أنتي ناسية يا أستاذة زينة فاحنا شركاء في الشغل و اللي عملتيه ده غلط
أخرجت زينة مفتاح سيارتها من مكمنه و هي تهبط من السيارة و تحدثت:.

-أحنا لو فضلنا شغالين سوا و رايحين و جايين من نفس المكان مش هنلاحق لا على البنات ولا على صلاح، ممكن تهدي شوية و تبص على التسريحة و هتلاقيني كتبالك جواب إني رايحة لثرية و أنت شوف هتعمل أيه مع صلاح على ما أجيلك
أبعدت زينة الهاتف عن أذنها قليلاً بعد أن أزداد صراخ معتصم بها و تحدث:
-أنتي أتجننتي، عايزة تروحي لواحدة كل البنات اللي بيشتغلوا عندها بيختفوا و لوحدك.

ضغطت زينة على الزر الآلي في مفتاح سيارتها و تحدثت:
-معتصم انا دخلت في تحقيقات أصعب من دي و لوحدي، يا ريت في الشغل ننسي أننا متجوزين شوية و نفكر بعقلنا و على أننا شركاء
تحدث معتصم بتهديد و وعيد:
-ابعتي عنوان الست دي حالاً يا زينة بدل ما وربنا لو شوفتك تاني هديكي بالقلم يفوقك طول حياتك كلها و انتي بتاخدي قرارات تاني من غير ما ترجعيلي.

كادت زينة أن تتحدث و لكن قاطعها معتصم قائلا بصراخه الذي عاد من جديد:
-و إياكي تقوليلي أقفل و هبعته و تقفلي تليفونك، قولي العنوان حالاً يلا
تنهدت زينة بضيق و أردفت و هي تتجه نحو منزل ثرية قائله:
-دي مش طريقة شغل دي علفكرة انا مش عارفة أشوف شغلي أنت بتخنقني يا معتصم
-بخنقك! أني خايف عليكي و عايز أحافظ عليكي دلوقتي بقي خنقة.

-أيوه يا معتصم خنقة، لأن ده شغل مش حياتنا الزوجية أبداً علشان تخاف عليّا، قولي أقعدي من الشغل أحسن لمجرد أنك خايف
ثم أردفت بحدة شديدة:
-كفاية يا معتصم و سبني أعرف أشوف شغلي براحتي أديني مساحتي شوية
صمت معتصم لثواني قبل أن يردف بجمود تام:
-ماشي يا مدام زينة، انا هروح أتابع صلاح، و للأسف الشديد تليفوني مش هيكون متاح و انا مشغول علشان لو حصلك أي مصيبة تتصلي برقم البوليس عارفاه طبعا مش كده.

-يا معتصم أسمعني
قاطعها معتصم بحدة شديدة لم تعتادها منه مطلقاً قائلا:
-النقيب معتصم يا مدام، يا ريت تحفظي الألقاب و دلوقتي عن أذنك ورايا شغل.

أغلق معتصم الأتصال، لتتنهد زينة و هي تلقي نظرة أخيرة على هاتفها و هي تشعر أنها تحدثت معه بطريقة فظة، و لكنها وضعت هاتفها في حقيبتها و بدأت تتجول حول منزل ثرية عدة مرات حتى تجد ثغرة جيدة للدخول، فهذا المنزل عبارة عن قصر صغير و تحيطه حديقة واسعة و سور مرتفع قليلاً، و هي لن تتمكن من الدخول من الباب الرئيسي تحت أي حجة أو ظرف فهي لا تعرفها..

وجهت زينة نظرها بإنتصار نحو السور أمامها الذي بدأ ينخفض قليلاً من خلف المنزل، ليظهر باب خلفي للدخول يطل على الحديقة، تعجبت في البداية من قِصر السور في هذه النقطة و لكنها لم تهتم كثيراً و انما قفزت عدة مرات حتى تمكنت من أمساك أخر السور و بدأت في تسلقه بصعوبة حتى وصلت أعلاه، ثم قفزت الي الجانب الأخر لتقع على الأرض مستندة على كفيها، و سرعان ما أنتفضت معتدلة و هي تنفض التراب و أعشاب الحديقة عن يدها و نظرت نحو الباب الخلفي لتقترب منه في حذر..

فوجدت طبق بلاستيكي قوي في الحديقة و يحتوي على ملابس خادمات يظهر عليها أنها جديدة تماماً، أمسكت بثوب من هذه الأثواب و أرتدت هذا الفستان الطويل نسبياً على ملابسها ثم خلعت بنطالها و طوته واضعةً إياه أسفل ملابس الخادمات، و ربطت على خصلاتها البرتقالية هذا التاج من القماش لتشبه الخادمات تماماً، أمسكت بالملابس بين يديها و بينهم كانت حقيبتها الصغيرة، دلفت الي القصر الصغير وهي تلتفت حولها لتجد الخادمات في كل مكان و سرعان ما أختلطت بينهم و هي تشعر بالخوف يقرع طبول قلبها، فإن كشفها أحد لا تعلم ما إن كانت ستظل على قيد الحياة أم لا!

أقتربت من أحدي الخادمات سريعاً و حاولت التحدث مع إبتسامة ودودة، فأردفت الخادمة الأخري بقلق:
-أنتي بتعملي أيه؟ أنتي ناسية أن ثرية هانم مانعة كلامنا مع بعض، بقولك أيه متقطعيش عيشي و روحي من هنا
سرعان ما أبتعدت عنها هذه الشابة، فنظرت لها زينة بتعجب و تمتمت في داخلها:
-أيه الست الغريبة دي؟ كل الخدم هنا شكلهم صغيرين و ممنوع أختلاطهم ببعض؟ يا تري في أيه! بس ده كويس بيسهل عليّا أمور كتيرة محدش هيعرفني.

سمعت صوت قادم من خلفها، فنظرت خلفها و وجدت سيدة في العقد الخامس من عمرها ترتدي ملابس أنيقة لا تناسب عمرها تقف على الدرج في المنزل، و أشارت الي زينة التي ذهبت لها في خطوات حاولت أن تكون ثابتة، فتحدثت ثرية بعجرفة:
-أنتي بتعملي أيه عندك؟! انا مش قايلة أول ما الهدوم تيجي من المغسلة تروح على الدولاب اللي عند الباب!
تحدثت زينة بتوتر و بعض الأرتباك حاولت إظهارهم في حديثها قائله:.

-انا أسفه يا هانم، أنا كنت رايحة أهوه!
أشارت لها ثرية نحو الخزانة بجوار الباب الرئيسي قائله:
-طب يلا على هناك و تعاليلي على أوضة السفرة عايزاكي.

سارت القشعريرة في جسد زينة التي أومأت برأسها و ذهبت في أتجاه الخزانة لتضع الملابس و هي تلمح بطرف عينيها الي أين تتجه ثرية حتى تتبعها، وضعت الملابس فوق الأخري الموجودة في الخزانة، ثم أتجهت خلف ثرية و لكنها لمحت أحد حراس البوابة الخارجية للمنزل يحمل الكثير من الثياب مثل التي ترتديها و قد بدت بحالة سيئة للغاية فتقريباً تملؤها الدماء مع الأتربة، أضطربت زينة و ذهبت وراء ثرية و هي تفكر، تري ماذا يحدث للخادمات هنا؟! فهي لم تجد فتاة واحدة ممن قد تلقت التحقيق بشأنهم، هل هي مخطئة في عنوان ثرية، ام هذه السيدة المتعجرفة تخبئ سراً!

أقتربت من ثرية و وقفت امامها، فأشارت لها ثرية بأن تجلس، حاولت زينة الإعتراض و لكن ثرية نظرت لها بحدة أجبرتها على إطاعة أوامرها، و سرعان ما جلست على المقعد جوارها، لتمد ثرية يدها تلمس وجهة زينة و هي تدقق عليها بنظراتها، أما زينة فلقد سرت في جسدها قشعريرة و هي تحاول أن تفهم مغذي ثرية من كل هؤلاء الخادمات، فسألتها ثرية بإهتمام:
-أسمك أيه و عندك كام سنة؟!
أخرجت زينة صوتها المملوء بالتوتر و أردفت:.

-زينة، عندي 27 سنة
نظرت لها ثرية بمزيج من الحدة و التعجب و هي تسألها:
-متجوزة؟!
هزت زينة رأسها نافية بسرعة، فأبتسمت ثرية بطريقة لم ترتاح إليها زينة، فأردفت ثرية من جديد:
-إزاي وصلتي السن ده من غير جواز أنتي جميلة أوي؟ و كمان معندكيش أي تجاعيد و كأنك طفلة لسه مولودة
أزدردت زينة لعابها بصعوبة و أردفت:
-مكنش بيحصل نصيب، و التجاعيد معرفش لسه بدري على ما تظهر.

أرتفع صوت ثرية بقوة منادية على ذراعها الأيمن أيمن الذي جاء مسرعاً قائلا:
-أؤمريني يا ثرية هانم
سألته ثرية بدون أن تبعد عينيها عن زينة:
-عملت اللي قولتلك عليه؟
-أيوه يا هانم، و الحمام بتاع حضرتك جاهز
أبتسمت ثرية كالأفعي و أردفت:
-طيب خد الجميلة دي و علمها إزاي تجهزلي حمام خاص لأنها بعد بكره هي اللي هتجهزه.

أومأ أيمن لثرية ثم أشار الي زينة لتتبعه، التي وقفت و سارت خلفه بدون أن تنطق بكلمة واحدة، و تذكرت الرسالة الصوتية التي أرسلتها الي معتصم أثناء دورانها حول المنزل لتعتذر منه على ما قالته، ثم أخبرته بعنوان ثرية قبل أن تغلق هاتفها، نظرت بتعجب الي أيمن الذي يهبط على درجات المنزل نحو القبو، فسألته زينة بتعجب:
-هو الحمام تحت مش فوق!

لم يجيبها أيمن و إنما فتح أحد الأبواب أمامه، فظهرت رائحة عفنة للغاية تخرج من هذه الغرفة، فوضعت زينة يدها على أنفها بسرعة و تحدثت بإشمئزاز:
-في أيه؟

أمسك أيمن بيدها بسرعة و ألقاها في الداخل و دخل معها هو الأخر، ثم أوصد الباب خلفهما بالمفتاح، في حين دارت زينة حول نفسها في صدمة شديدة، فلقد كان هناك ما يزيد عن العشرين فتاة على شكل جثث هامدة، إما مقطوعي الرقبة و ملقيين عن الأرض، و إما معلقين على السقف من أرجلهم و قد تم ذبحهم كالخراف، و جسدهم ملئ بالجروح التي لم تعد تستطيع تمييزها، كل فتاة منهم عُذبت بسادية مفرطة قبل أن تقضي نحبها، ألتفتت الي أيمن بسرعة الذي أمسك بذراعيها سريعاً و وضعهم خلف ظهرها لتصرخ زينة بقوة في محاولة لتخليص نفسها، و لكن لم تتمكن فلقد صفعها أيمن بيده اليمني لتسقط على الأرض بوجع شديد و هي تشعر بطعم دمائها الذي بدأ يتسرب من بين شفتيها، فحاولت الوقوف من جديد و لكن جلس أيمن أمامها و جذبها من شعرها بقوة و هو يلتقط دماء شفتيها بإصبعه ليضعها داخل شفتيها من جديد، شعرت زينة بالغثيان و سرعان ما تقيأت من أشمئزازها مما فعله فتحدث أيمن بسادية:.

-ثرية هانم عايزة كل نقطة دم منك يا حلوه.

و سرعان ما أمسك أيمن بها و اوقفها ليقترب بها من سلاسل تسقط من سقف القبو و بدأ في ربط يدها بالسلاسل الحديدية خلف ظهرها ثم أحاط باقي السلسلة بجسدها ليمنع حركتها تماماً و أحكم أغلاق السلسلة بقفل قوي، ثم نظر لها لتظهر الشراسة و القسوة في عيونه و هو ينظر إليها و هي غير قادرة على الوقوف أثر صفعته و تقيؤها، و سرعان ما سحب سوط كبير بجواره و أمسكه بإحكام في يده قبل أن ينطق بسخرية:
- بتعرفي تعدّي لحد كام؟

و في لحظة واحدة رفع أيمن السوط عالياً ثم هبط به على جسدها لتصرخ زينة بقوة فأكمل أيمن متلذذاً بصرخاتها:
- ليها حق مدام ثرية تخليكي لحمام خاص
و عاد ليهبط على جسدها بالسوط مرة أخري لتصرخ زينة من جديد و أستمر أيمن على هذا الحال ما يقرب الخمس دقائق و لم تتوقف صرخات زينة للحظة، إلي أن فقدت وعيها، فحمل أيمن دلو من الماء البارد و ألقاه على وجهها لتعود الي وعيها من جديد و هي غير قادرة على الوقوف، فأردف:.

-لسه، مينفعش يغمي عليكي دلوقتي
سألته زينة بضعف شديد:
-انت بتعمل كده ليه؟!
أبتسم أيمن إبتسامة مريضة و أردف:
-متقلقيش، ثرية هانم مش هتحرمك من الإجابة قبل ما تموتك
و قبل أن يسقط السوط على جسدها مرة أخري، سمع الأثنان دقات عالية على الباب و تحدث رجل من الجهة الأخري قائلا:
-ثرية هانم عايزاك يا أيمن
ألقي أيمن بالسوط جانباً و تحدث بضيق:
-عايزة أيه دلوقتي دي؟ حظك خدمك المرادي منك، إنما هرجعلك تاني.

سحب ذراع حديدية بجواره تنتهي بكرة كبيرة زرقاء، فأرتفعت زينة في الهواء نتيجة حمل السلاسل الحديدية لها، ثم خرج أيمن من الغرفة، فبكت زينة بقوة و ندمت لعدم سماعها لما قاله معتصم، فإن لم يأتي معتصم لإنقاذها، فستموت بلا شك خلال يومان كما هو حال باقي الفتيات المحيطين بها..

في المعادي.

هبط معتصم من منزله بعد أن أرتدي ملابسه و هو يشعر بالضيق الشديد لمَ قالته زينة، فوجد حارسان ضخمان يقفان أمام منزله، فتحدث معتصم بضيق:
-أنتو من شركة Deep؟
أومأ أحد الحارسين برأسه، فتحدث معتصم بغضب قائلا:
-و مفضلتوش ليه ورا المدام اللي المفروض تحرسوها
أجابه نفس الحارس بدقة مبالغ فيها:
-وصلنا من 7 دقايق و 14 ثانية بس يا فندم و مدام زينة مخرجتش من البيت أثناء وجودنا.

تدلي فك معتصم الي الأسفل من دقة الحارس الذي صدمته، ثم سأله في غموض:
-أسمك أيه؟!
-عوض حسين يا فندم
-أيه أول حاجة حصلت أول ما دخلت شركة Deep يا عوض؟َ
تحول وجه عوض الي الجمود و تحدث:
-لا يوجد إجابة على هذا السؤال، بداية الذاكرة كانت منذ 4 أيام حيث وجدت نفسي أحد حراس شركة Deep
حاول معتصم ألا يشعر أحدهما بأي شئ خاصةً أن عوض لا يتذكر سؤاله كما حدث مع حمدي، فتحدث معتصم:.

-عوض تعالي معايا، و انت أسمك أيه؟
أجابه الحارس الأخر:
-محمود درويش يا فندم
أومأ معتصم بالإيجاب و أردف:
-أنا هاخد عوض معايا و انت خليك هنا اوعي تتحرك غير لما تيجي المدام زينة و أول ما تيجي تتصل بيا فوراً ده الكارت بتاعي و فيه رقمي و لو خرجت تاني أوعي تسيبها
سحب محمود منه الكارت الشخصي و تحدث:
-حاضر يا فندم
ذهب معتصم و عوض بجواره حتى وصل الي سيارته و كاد أن يقودها، فتحدث عوض:.

-أنا اللي هسوق يا أستاذ معتصم ده من ضمن إجراءات الأمان
هز معتصم رأسه بدون نقاش و هو يعطيه مفتاح سيارته و صعد في الخلف في حين صعد عوض خلف عجلة القيادة فتحدث معتصم:
-أطلع على مستشفي المقطم التخصصي
-حاضر يا فندم
أنطلق عوض نحو المستشفي، فتحدث معتصم بشك:
-هو أنت هتنفذ كل اللي هقولك عليه يا عوض؟
-أكيد يا فندم
فأردف معتصم بلهجة آمره كإختبار:
-طب أقف هنا و أضرب إزاز العربية لكمة قوية.

ضغط عوض على المكابح سريعاً ثم رفع قبضته ليضربها في زجاج السيارة بقوة، فأردف معتصم بسرعة:
- خلاص خلاص، اطلع على المستشفي
و أكمل طريقه نحو المستشفي، فأردف معتصم:
-مش عايز مخلوق يعرف أيه اللي هيحصل النهاردة أبداً كل اللي هيحصل النهاردة سر بيني و بينك يا عوض مفهوم
أومأ عوض برأسه و أردف:
-حاضر يا فندم محدش هيعرف بأي حاجة هتحصل النهاردة.

ساد الصمت في السيارة حتى أن معتصم لم يلاحظ تلك الرسالة التي تلقاها على تطبيق الواتساب من زينة، و توقف عوض فجأة بالسيارة امام المستشفي، ليهبط معتصم قائلا:
-يلا تعالي معايا
أغلق عوض السيارة و توجه الي المستشفي مع معتصم الذي سأل عن صديق له في الأستقبال يدعي نصر عبدالرحمن فأخبرته الموظفة عن مكتبه، و بعد دقيقتان كان يجلس امامه بينما يقف عوض في الخارج، فتحدث معتصم بإهتمام:.

-بقولك أيه؟ فيه تحقيق مهم أنا عايز أوصل لأخره و انت لازم تساعدني فيه
تحدث نصر بإبتسامة:
-يا سلام أنت تؤمرني
-فيه حارس معايا بره، عايزك تعمله أشعه على المخ و لو لقيت اي حاجة غريبة كلمني علطول و مش محتاج اقولك ان مفيش مخلوق لازم يعرف حاجة عن الموضوع ده.

أومأ نصر برأسه فوقف معتصم و صافحه بإبتسامة جميلة و شكره، ثم سحب مفتاح سيارته و هاتفه من فوق المكتب، ليقع الأثنان على الأرض، أنحني معتصم و ألتقطهم و هو يحاول فتح هاتفه بلا جدوي فتحدث نصر:
-مش راضي يفتح؟
أومأ معتصم برأسه نافياً ثم تحدث:
-مش مهم هوديه للواد ماندو يصلحه، تعالي بقا أعرفك على الراجل اللي بره ده

في الزمالك.

في معمل تيسيير الموجود في غرفة مكتبه خلف الحائط، وقف و بجانبه مني، التي بدأت تنظر له بإهتمام حتى أنتهي مما كان يفعله و تحدث بفخر:
-و أخيراً خلصت، لو التجربة دي نجحت يبقي الخطوة التانية خلصت يا مني.

ضغط تيسير على زر أحمر في جهاز تحكم في يده، لتظهر دوامة صغيرة باللون الأزرق دائرية في حجم الدائرة الموجودة في الجهاز، فتهللت أسارير مني و هي تري هذه البوابة الصغيرة امامها، بينما أمسك تيسيير بقطعة خشبية طويلة و أدخلها في تلك البوابة الصغيرة التي تشبه الدوامة مستندة على حامل، و بدأ العد في ساعة الإيقاف التي يمسك بها في يده اليسري، بينما تقف مني على الجانب الآخر من البوابة و لم تجد أثر للقطعة الخشبية، فبدأت بالقفز في سعادة قائلا:.

-عملناها يا بابا عملناها، أول بوابة في التاريخ بتوصل لعالم تاني
نظر تيسيير الي الشاشة أسفل البوابة و تحدث:
-المهم نقدر نسيطر على أستقرارها و نعرف بتاخد وقت قد أيه و تقفل
أستمر صمت الأثنان لدقائق طويلة حتى أكتملت الساعة و وقتها سحبت البوابة العصا الخشبية ثم أنغلقت، فتحدث تيسيير في فخر شديد:
-أستقرارها ممتاز و أنها أخدت ساعة و قفلت ده إنجاز عظيم
قبل أن تجيبه مني أرتفع رنين هاتفها لتجيبه مسرعة:.

-في أيه؟
أجابها الطرف الآخر:
-الأستاذ عادل حصلتله تشنجات و طلع من بؤه سم وحش الجيلا و عيونه قلبت سودا تماماً و بقي ساكن في مكانه بس لسه بيتنفس و قلبه بيدق بس مش بمعدل النبضات الطبيعي للبني آدمين
أردفت مني في حدة شديدة:
-جيبوه فوراً لمعملي
أغلقت الأتصال و نظرت الي والدها بضيق قائله:
-عادل دخل في بيات شتوي تاني، شكلي عملت حاجة غلط، يا رب بس ميموتش بعد مجهود الشهور دي كلها
تحدث تيسيير بتخمين:.

-مش ممكن جسمه مستحملش دم الجيلا و سمها
أومأت مني برأسها نافية و أردفت:
-مستحيل، لو كان ده حصل كان مات من أول جرعة، ده غير إني كنت بعبي حاجات تانية في الحقنة تثبت الدم ده في جسمه و ترفع من أنشطته كلها بحيث ميتأثرش بالسم، بالعكس يتعود عليه.

-المرة الأولي كان بيدخل في بيات شتوي غصب عنه بسبب الحقن اللي كنتي بتديهاله مع دم الجيلا، بس متنسيش أن ده معاد البيات الشتوي بتاع الجيلا أصلا و أهيه زي الجماد هناك أهيه
ثم أشار بإصبعه نحو صندوق زجاجي يحتوي بداخله على أربعة من وحوش الجيلا الصغيرة فأكمل تيسيير:
-بقالهم كده فترة طويلة، أكيد جسم عادل بدأ يتأقلم على طبيعة أنه جيلا و بدأ في مرحلة البيات الشتوي زيهم
رفعت مني كتفيها بحيرة و تحدثت:.

-يا ريت ده اللي يكون حصل، المهم أنا رايحة المعمل و من هناك هطمنك
خرجت من معمل والدها و أغلقته خلفها ثم خرجت من المكتب بأكمله لتجد صلاح امامها فأبتسمت قائله:
-عامل ايه النهاردة يا حمدي؟!
أبتسم حمدي و أردف:
-كويس الحمدلله، انا لسه راجع من الشغل و هروح أخد شاور
أقتربت مني منه بحب و هي تفك زر جاكيت بدلته قائله بدلال:
-طب أنا عايزة أغير هدومي قبل ما امشي، ما تاخدني معاك.

حملها حمدي بين يديه بإبتسامة و هو يصعد الدرج الي غرفتهما، ثم وصل و وضعها على الفراش و ذهب تجاه الخزانة و ألتقط ملابسه و دخل الي الحمام فنظرت له مني بغيظ، ثم لانت ملامحها و هي تحتضن وسادتها بحب قائله:
- بحبه، بحبه و هو صلاح و و هو حمدي، كفاية أنه السبب أخيراً في نجاح تجربتي
و سرعان ما ألقت الوسادة على الأرض و هي تتذكر عادل فبدلت ملابسها سريعاً و غادرت الغرفة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة