قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية عازف بنيران قلبي للكاتبة سيلا وليد الفصل الثاني

رواية عازف بنيران قلبي للكاتبة سيلا وليد الفصل الثاني

رواية عازف بنيران قلبي للكاتبة سيلا وليد الفصل الثاني

دلفت إلى الصرح الضخم وهي تنظر بانبهار.
كان عبارةً عن مبنى ضخمٍ ذو واجهاتٍ زجاجية، تعطيه رونقًا خاصًا وتصميماتٍ هندسية دقيقة، دلفت تطالع الموظفين، تجلَّى في عينيها الدهشة من النظام الدقيق من قبل العاملين به، اتَّجهت نحو المكتب الموجود بالطابق الأرضي: - صباح الخير، لو سمحت أنا جاية علشان الوظيفة المطلوبة...

ردَّ عليها موظف الاستقبال التحية، وأشار لأحدهما: - هتطلعي الدور السادس، دا مكتب الباشمهندس المسؤول عن مقابلة الموظفين الجداد.
أومأت برأسها وشكرته متَّجهة لوجهتها.
بعد قليلٍ بالأعلى وقفت أمام الموظف المسؤول عن توظيف المهندسين.
نظر الرجل لها بعد إعجابه الشديد بقدراتها. أشار إليها: - لحظة وراجعلك يابشمهندسة.
اتَّجه لمكتب سليم، وقف أمام السكرتيرة وتحدَّث: - الباشمهندس فاضي؟

أجابته السكرتيرة بعملية: -أيوة لسة قدامه نصِّ ساعة على الاجتماع.
- طيب عرَّفيه إني محتاج أقابله ضروري.
أومأت برأسها بالموافقة وبعد لحظاتٍ أشارت له بالدخول.
بداخل المكتب كان يستند بظهره على المقعد وهو يحاول أن يجد حلًا وسطًا بين جدِّه وراكان، التي وصلت العلاقة بينهما للاصطدام ككلِّ مرةٍ يحدث بها اجتماعهم.

دلف المهندس المسؤول عن توظيف المهندسين، حمحم عندما وجده شاردًا في ملكوته، رفع نظره قاطبًا جبينه: - خير يامعتز فيه حاجة؟
- أيوة يافندم، بالنسبة للإعلان المنشور لتوظيف مهندسين الديكور، من إمبارح وأنا بقابل المتقدِّمين، والنهاردة الحمدلله موجود تلات مهندسين، وأنا محتار أختار مين فيهم، فلو ينفع تختارً بينهم.
نقر على مكتبه وأردف متسائلًا: - إحنا محتاجين كام مهندس للوظيفة دي؟

-والله يافندم إحنا محتاجين في كل قسم مهندسين على الأقل، أنا اخترت المعماريين، بس مهندسين الديكور دول اتقدِّم فيهم أكتر المبدعين. فتركت الاختيار لحضرتك.
نهض يضع يديه بجيب بنطاله وتحدث: -مش المفروض دا شغلك ولَّا إيه؟
حمحم معتز ثم تحدَّث آسفًا: - والله يافندم أنا محتار بين تلات مهندسين. التلاتة نفس المستوى ومحبتش أظلم حد. وبما إن حضرتك خبرة فقولت أرجع لحضرتك.

أومأ سليم برأسه وأشار بكفيه: تمام يامعتز. دخَّلهم واحدة واحدة وبعد كدا هشوف مين اللي ممكن نستفيد بخبرته.
أومأ معتز برأسه وخرج مستأذنًا، بعد قليل وقفت ليلى أمامه بسي في C. V.
دقَّق سليم بملفها ورفع نظره لها: - شهادتك ممتازة، لية ماشتغلتيش بعد ماخلصتي؟
ابتسمت بهدوء وأجابته: - لو حضرتك دقَّقت أكتر هتعرف إني كنت بحضَّر دكتوراه في السنتين دول، والحمد لله لسة مخلصة من شهرين بس.

فحصها بنظراته. ظلَّ للحظة ساكنًا يناظرها. فحمحم وتحدث بهدوئه المعهود: - تمام يابشمهندسة، دلوقتي ممكن أقولك مبروك، منتظر إبداعك.
أومات برأسها وأردفت: - شكرا لحضرتك وأتمنى أكون قد المسؤولية يافندم.
ضغط على زرِّه لاستدعاء السكرتيرة: - خدي المهندسة خليها تستلم شغلها مع المهندسة صابرين، وخلِّي محمد يشتغل في مكتب يافوز.
- تمام يافندم فيه أي أوامر تانية؟
- لا شكرا يانورة، هاتيلي قهوتي.

تحرَّكت السكرتيرة مع ليلى إلى مكتبها الجديد الذي سيغيِّر حياتها.
في مكتب راكان: بعد قصِّ حمزة ماحدث من راجح في قضيته مع عمِّه جلال، رجع برأسه على المقعد؛
- بس عمي جلال مستحيل يعمل كدا. أنا أعرف أنُّه بيحب الفلوس بس مبياخدش حاجة مش بتعته.
زفر حمزة وتحدَّث بشك: - أنا لو هقبل القضية هدوَّر ورا عمك، ولو الراجل دا له حق متزعلش هضطر أترافع عنُّه.

نقر راكان على مكتبه وبدأ يتحدث بشرود: - خلِّيني أشوف إيه اللي ورا عمِّي الأول. إنتَ عارف أنُّه له أسهم عايز يبيعها علشان يعمل شركة خاصة بيه على الأرض دي. وعلى العموم لو إتأكدنا إن الراجل دا كلامه صحيح فوقتها أعمل شغلك، عمري ماأدخل في حاجة مش من حقِّنا.

وقف حمزة وأردف: - تمام يابوص أنا قولت كدا بردو لازم تعرف قبل ماآخد أي قرار، دلوقتي أسيبك تشوف شغلك والموضوع بقى عندك ياسيادة المستشار، شوف وردِّ عليَّا بس متتأخرش.
أومأ له راكان: - تمام ياحضرة المحامي...
بقولك أنا عازمك النهاردة على العشا فيه
موضوع عايز آخد رأيك فيه.
قطب مابين جبينه متسائلاً: - موضوع إيه ياراكان؟ هتقلقني ليه..

ضحك على صديقه وأردف مبتسمًا: - فيه إيه يابني خوفت ليه كدا، هاخدك تحري ولَّا إيه، قهقه حمزة وهو رافعًا يديه: - وعلى إيه ياعم الطيب أحسن...
وقف حمزة أمامه وحدَّق به: - راكان مالك؟ فيه حاجة حصلت ولَّا إيه؟
وضع يديه بجيب بنطاله واتجه للشرفة وهو ينظر للخارج واسترسل بنبرةٍ حزينة: - جدي مش راحمني ياحمزة بيحاول يخنقني وأنا بحاول أتغاضى بأيِّ طريقة، عشان سيلين وأمي.

استدار يطالعه وأكمل بإبانة: - تخيَّل النهاردة كان عامل اجتماع عشان يجوز العيلة في بعضها.
اتَّجه ينظر إلى الفراغ بعينين تقطر ألمًا وملامح يكسوها الحزن فأردف مستطردًا: - لولا ماما ووعدي ليها، صدَّقني مكنتش رحمت حد. همَّا مفتكرين نسيت الماضي. أو تقدر تقول أنا أوهمتهم بكدا.

خيَّم الحزن على وجه حمزة فربت على كتفه وتحدَّث مواسياً: - لازم تنسى الماضي عشان تعرف تعيش الحاضر ياراكان. أوعى تفكر تمثيلك عليهم بيفرق معاهم. ليه دايمًا بتحطِّ صورة مش كويسة لنفسك قدام الكل؟
ارتسم تعبيرًا مندهشًا ممزوجًا بالغضب واستدار يتحدث باستنكار: - علشان أنا كدا بالفعل ياحمزة. أنا واحد مش كويس. وبلاش إنت اللي تتكلِّم وتقول كدا. دا إحنا دفنينه سوا ياصاحبي.

- لا ياراكان إنتَ اللي دايما بتوهم نفسك وبتوهم اللي حواليك بكدا. بلاش تخليني أتكلم كلامي هيزعلَّك. احمد ربنا فيه اللي اتخان وقادر يوقف على رجله.
- والله واللي حصلي مش خيانة؟ قولي ياحضرة المحامي هيَّ الخيانة إيه في منظورك غير الطعن في الضهر.
تحرَّك حمزة عندما وجد النقاش بينهما سيؤلمُ أحدهم: - أشوفك بالليل ياراكان لحدِّ ماتروق.

في مزرعة نوح: تجلس بمكتبها تراجع في بعض المراجع الخاصة بالنباتات، دلفت إحدى العاملات: والد حضرتك برة يابشمهندسة وعايز يقابلك، لم تكد العاملة تكمل جملتها حتى تفاجأت من ذلك الصوت خلفها، صوتًا تمنَّت أن تنساه للأبد.
أشارت للعاملة بالذهاب. دلف والدها وهو يبتسم بفخر: - كدا ياأسوم بقى بابا ماوحشكيش ياحبيبتي؟

اشتعل غضبها بصورةٍ كبيرةٍ من حديثه فاحتدت نظراتها واختنقت أنفاسها، عندما تذكَّرت مأساتها من ذلك الأب الذي أقلَّ مايقال عنه أنَّه أب في شهادة الميلاد فقط.
جلست بمقابلته وشعورًا مقيتًا تشعر به اتجاهه. حاولت السيطرة على حالها فأردفت: - خير يابابا إيه اللي فكرك بيا؟، بقالنا كتير متقابلناش.

جحظت أعين والدها من مقابتلها الجافة كما وصفها: - دي مقابلتك لبابا ياأسما بعد شهر، ثم رفع نظره وتحدث بحزنٍ علَّه يستعطفها: - وحشتيني يابنتي هتفضلي مقاطعة ابوكي لحدِّ إمتى؟
أمتقع لونها وانسحبت الدماء من أوردتها، عندما علمت هدفه من كلامه: - بابا لو سمحت مهما تعمل وتقول أنا هفضل زي ماأنا مستحيل أتجوز، وزي ماحضرتك شايف أنا مرتاحة في حياتي.

وقف والدها وحاصرها وهي تجلس على مكتبها، قائلًا بنبرةٍ شيطانيةٍ مستهزئًا: - اوعي تفكري يابتِّ إنك علشان اشتغلتي وقعدتي لوحدك تقدري تمشي كلامك على أبوكي، لاااا فوقي كدا واعرفي اللي واقف قدامك دا منير العشري يابت.
وضعت يديها على أذنيها وتحولت نظراتها إلى الكره الواضح، فاشتعلت عيناها كجمرتين من اللهب الحارق وصرخت بوجهه: - كفاية بقى إنت مبتزهقش، كل شوية منير العشري ابن حضرة الضابط كاظم العشري.

وقفت واتجهت له وكانت لحظات غضبها استحوذت عليها، فلوحت بيديها وهي تتحدث: - أسما كبرت ياحضرة منير العشري. وبقت تعرف تاخد حقها من كل اللي أذوها، ماهو بنت الوزِّ عوام. وأنا أحييك، علمتني كتيير أوي يامنير ياعشري.
اقترب والدها وهو ينظر لها شزرًا: - وياترى يابشمهندسة أبوكي أذاكي في إيه لدا كله. المفروض تشكريني لولا اللي كنت بعمله مكنتيش وصلتي لكدا. وبقيتي الباشمهندسة أسما العشري.

ضحكت بسخرية وهي تلطم يديها ببعضها البعض: - دا مفيش حد أذاني أدَّك للأسف.
آه منكرش إني اتعلمت جبروتك واتعلمت أخد حقي. لكن خسرت كتير أوي. قاطعهم دخول نوح: - صباح الخير ياأستاذ منير.
أزدردت ريقها بصعوبة تستجمع بعض الكلمات؛ التي هربت من بين شفتيها بسبب حالتها من دخول نوح.
أهلًا يادكتور نوح الحمدلله يابني إنك جيت وحضرتنا، علشان عايز أشكيلك من الباشمهندسة اللي مقاطعة أبوها دي...

نظرت لوالدها بعتابٍ بينما جلس نوح بمقابلتها، ينظر لها بهدوء وتدارك توترها فتحدث: - مزعلة والدك ليه ياأسما؟
انكمشت ملامح وجهها بامتعاضٍ من إفصاح والدها بما يصير بينهما.
وابتلعت غصةً مؤلمةً من نظرات نوح وأردفت: - مفيش حاجة يادكتور سوء تفاهم عائلي بينا وهيتحل إن شاء الله. مش محتاج للغرب التدخل. مش كدا يابابا، أردفت بها وهي تنظر لوالدها حتى يخرجها من مأزقها الذي ألقاها به دون رحمة.

مسح والدها على ذقنه بعلامة تفكير. كأنَّهُ يستغلُّ خجلها من نوح. ثم أومأ بعينيه دلالةً على فهم ماتشير إليه: - فعلًا يادكتور، ممكن يكون مفهمتش بنتي كويس...
وقف نوح وابتعد ومازل مسلطًا بصره عليها ثم تحدَّث: - جيت أقولك ياأسما، استلمنا خيول جديدة. كنت عايزك تشوفيهم، وتخلِّي الدكتور عاليا تشوفهم كويس.

ابتسمت بسخرية، وكأنَّ قلبها موشومًا بالوجع الذي أهلك روحها من ذاك الرجل، فأومأت إليه وهي ترمقهُ بعيونٍ حزينة: - إن شاء الله يادكتور هكلِّم عاليا تشوفهم، ظلَّ ينظر لها بعمقٍ وثار تمرده عليها عندما وضعت حاجزًا بينهم ونادته بتكليف، مما جعلَ عيناهُ تظلمُ من وجعها وتوجَّه بحديثه لوالدها: - بلاش تزعل الباشمهندسة ياعمِّ منير...

اقترب منير للخارج وهو يحدق ابنته ثم اتَّجه بنظره الى نوح: - إن شاء الله يادكتور، وزي ماقولت لحضرتك سوء تفاهم.
بالجامعة عند درة: جلست بالكافيه الخاص بالجامعة تنتظر محاضرتها التي ستبدأ بعد نصف ساعة. وصلت أروى إليها تحمل كوبين من عصير الفراولة وجلست بمقابلتها: - اشربي العصير دا هيروَّق دماغك وتعرفي تحلِّي الأسئلة صح.

مسحت على وجهها بعنف قائلة بانفعال: - والله يابنتي حليت زيهم كتير قبل كدا معرفش ليه دماغي واقفة كدا.
استمع عدي الذي كان يقف خلفها لحديثها صدفةً. فاقترب: - مالك يادرة بتتخانقي مع نفسك ليه. قالها بإستهزاء، نهضت تقف بمقابلته وصاحت بوجهه بغضب: - ابعد عني ياعدي عشان متتهزأش زي كل مرة. جذب مقعدًا وجلس بجوارهم وهو يطرق على الطاولة: - وأنا بموت في التلزيق وخصوصًا لما يكون من واحدة قمر زيك كدا.

أمسكت درة كوب العصير وسكبته فوق رأسه وتحدثت بشماتة: - أوبس، أصلي لقيت لو رديت على واحد زيك يبقى برفع من قدرك؛ وإنت الصراحة متساويش براية قلم رصاص من سوق الجمعة. قالتها ثم جمعت أشياءها وسحبت كفَّ أروى التي وقفت تنظر بذهول مما فعلته بعدي.
توقف جميع من بالكافيه وبدأو يضحكون بسخرية على هيئة عدي؛ خاصةً وهو يرتدي تيشيرت أبيض وسروالًا باللون نفسه.

ركل الطاولة وهو يصرخ بهم ويدفع البعض، اتَّجه سريعًا لصديقه الذي كان ينتظره ليرى ماذا سيفعل بدرة. تحرك وجحيم غضبه يسيطر عليه. أمسكه صديقه الذي يدعى بأحمد: -عدي! أوقف رايح فين ماإنت اللي غلطت في الأول والكل هيشهد بكدا.
دفعه بقوة وهو يزمجر قائلًا: - هي متعرفش مين عدي البنداري ولَّا إيه، والله لازم أفصلها من الجامعة دي وأخليها تروح جامعات الشحاتين.

قالها ثم تحرك سريعًا متجهًا خلفها. توجَّهت درة لقاعة المحاضرة وهي تضحك على مافعلته. هزَّت أروى رأسها وهي تشاركها ضحكاتها ثمَّ تحدثت: - بس دا مش هيسكت يادرة. خلي بالك. اتجهت وجلست بالبنش الذي يتوسَّط القاعة ووضعت أدواتها وأجابت صديقتها: - دا واحد مغرور ويستاهل اللي يجراله.

قطع حديثهم دخول الدكتور نور. ولكن قبل أن يلقي التحية رأى ذاك الذي أسرع باتجاه درة. ووقف أمامها وسحب يديها يجذبها بعنف: - أنا هعرَّفك ياحيوانة إزاي تتجرأي وتعملي كدا. اتجه الدكتور نور
- إنتَ ياحيوان بتعمل إيه عندك، إزاي تعمل في زميلتك كدا؟
رفع بصره للدكتور وأجابه بنبراتٍ غليظة: - آسف يادكتور، حساب ولازم نصفيه.
اتَّجه نور لدرة بنظراتٍ مستفهمة؛.

هزت رأسها وهي تحرُّر كفيها من كفِّ نور الذي يقبض عليه بقوة.
اتجه نور إليهما وتجمَّع كل من يوجد بالقاعة لفكِّ اشتباك عدي ودرة. دفعه الدكتور بعيدًا عنها.
ثم اتصل بالأمن عندما علم بهويته، اتجهَ
يسحبه للأمن الذي أخدوه لعميد الجامعة. استغلَّ الوضع لصالحه وقام بتقديم شكوى ضدَّ درة.
شهقةٌ قويةٌ خرجت من جوف درة عندما وجدت الموضوع وصلَ لرئيس الجامعة. هذا المعتوه حوَّل الأمر لصالحه.

مسدت أروى على ظهرها وتحدثت بعيونٍ مطمئنة: - اهدي إن شاء الله البنات اللي كانوا موجودين في الكافيه هيشهدوا.
- أنا مش خايفة منه أنا خايفة من تقديراتي تتأثر بسبب المشكلة. قالتها بملامح مرتجفة وعينينِ زائغتين.
وصلت ليلى للحرم الجامعي حينما هاتفتها أروى وقصَّت عليها ماحدث.

ضمَّتها لأحضانها حينما وجدت حالتها المرثية وعيناها المتورمة، فتحدثت بكلماتٍ لطمئنتها: - متخافيش حبيبتي محدش يقدر يئذيكي. تحركت متَّجهة للداخل حيث مكتب رئيس الجامعة، دلفت بعد الاستئذان، وجدت عدي يجلس وكأنه ابن من أبناء الوزراء.
ألقت التحية باحترام. ثم أردفت بهدوءٍ ووقار أمام رئيس الجامعة: - بعد إذن حضرتك يادكتور. ممكن أعرف اختي متحولة للتحقيق ليه؟

رمقها عدي بسخرية وهو يوزع نظراته بين درة التي وقفت صامتة وبين ليلى التي تقف أمام رئيس الجامعة كمحامي في قاعة المحكمة.
- اتفضلي أقعدي ياباشمندسة. أخت حضرتك تطاولت على الباشمندس عدي البنداري. اتجهت ليلى تطالع عدي بنظراتٍ تقيمية، رفع حاجبه ينظر إليها بطريقةٍ مستفزة وهو يشير على قميصه: - أختك سخرت مني قدام الجميع ودلقت العصير.

وقفت تطالعهُ لبعض اللحظات ثم اتجهت لرئيس الجامعة: - هوَّ أيِّ حد يجي يشتكي حد من غير دليل. وبعدين مش يمكن حضرتك يكون قلِّ أدبه. طبعًا آسفة في اللفظ. لكن من المفروض حضرتك تسمع جميع الأطراف ونشوف الشهود الموجودين، قاطعهم
دلوف يونس أثناء حديث ليلى مع رئيس الجامعة.
نهض رئيس الجامعة يحييه: - أهلًا دكتور يونس، نوَّرت الجامعة حضرتك.

اتَّجه يونس يطالع أخيه الذي يجلس وكأنه ليس المذنب. ثمَّ تحولت نظراته لليلى و درة.
جلس بعدما قام بفتح زرِّ بدلتهِ وبعد حديثه فترة مع رئيس الجامعة، أشار لأخيه ليحكي ماصار أمامهم، كما اتجه لدرة: - ومن حقِّ الباشمهندسة تدافع عن نفسها وتقول مبرَّر لفعلتها دي.
تحدث بإبانة لدكتور الجامعة وعيناهُ مسلَّطة على ليلى: أصل الصراحة مش كلِّ مانضايق من كلمة واحد يقولها ندلق عليه عصير مش كدا ولَّا إيه؟

مطَّ شفتيه وطالع ليلى الصامتة وأكمل حديثه: - دا لو معاكي سكينة كان ممكن تطعنيه. عشان ضايقك بالكلام.

حاولت ليلى السيطرة على غضبها وهي تضغط بقبضتها فوق ساقيها. ثم رفعت رأسها وابتسمت ابتسامةً لم تصل لعينيها: - طيب ليه حضرتك لو كلِّ واحد يحترم نفسه، ويعرف إنِّ بنات الناس دول خطوط حمرا ومينفعش نستقلِّ بدمنا عليهم ونستخفِّ ونرمي نفسنا ونقلِّ أدبنا؛ ولَّا عشان الدكتور له وزنه في المجتمع يرضى بتجاوز أخوه الغير أخلاقي.

أووبس. قالها يونس وهو يطالع شراستها، ابتسم تلقائيًا على ردها ثم تحدث: -اهدي حضرتك أنا مقولتش إن عدي مغلطش.
نهضت وتحدثت بهدوءٍ حاولت اكتسابه ثم أكملت: - حضرتك لو أختي غلطت من حقَّك تعاقبها بمجلس تأديبي زي ماحضرتك شايف. لكن تطاول في الأخلاق من الدكتور في حقِّ أختي مش مسموح.

وقف يونس مبتسمًا على شراستها فاقتربَ خطوةً يطالعها بهدوء. وجهها البرئ وعينيها التي تشبه عين الغزال بلونهما واتِّساعها. حدقها لبعض اللحظات ثم اتَّجه لرئيس الجامعة: -اعمل اللي باشمهندسة طلبته يافندم. ولو أخويا غلط يتعاقب. قالها وهو يرمق ليلى بابتسامة تسليةٍ ثمَّ خرج.

بعد عدَّةِ شهورٍ من عمل ليلى بالشركة، خرجت من غرفتها بعد أداء روتينها اليومي.
قامت بتحية الصباح على والدها مقبلةً يديه ثم اتجهت لوالدتها: - صباح الخير ياسمسم، عايزة منك دعوات تهدِّ جبل ياماما النهاردة.
شاكستها درة بغمزة: - ليه ياقلبي ناوية تقابلي صاحب الشركة المبجل ويقع في حبِّ الاميرة.
لكمتها في ذراعها: - بس ياهبلة خلِّيكي في مذاكرتك.

عقد عاصم حاجبيهِ متطلِّعًا لدرة: - متقوليش كده تاني يادرة عيب ياحبيبتي الكلام دا.
تأسَّفت درة لوالدها قائلة بأسفٍ حقيقي: - مكنش قصدي يابابا والله إحنا بنهزر.
مسدت ليلى على خصلات أختها: - ولايهمِّك ياقلبي، ثم همست لها.
علي فكرة قابلته يابشمهندسة.
جحظت عيناها وأردفت بسعادة: - قولي والله، ولسه ألوووون ياحضرة المهندسة العظيمة.
قاطعهم والدهم وأردفَ متسائلًا: -فيه عندك إيه ياليلي النهاردة؟

ارتجفت عيونها بقلق وأجابت والدها: - هيختاروا أفضل تصميم للمدينة الجديدة يابابا. ديكورات لبعض التصاميم ولبعض الفلل والقرى السياحية.
ربت والدها على يديها: - أنا واثق فيكي ياحبيبتي، حتى لو ماتوافقشِ على تصميمك خليكي فاكرة إن ربنا عنده الأفضل. وإنِّك مجتهدة وناجحة.
قبَّلت رأسهِ وأردفت مبتسمة: - أكيد يابابا ربنا مايحرمني منك ياحبيبي.

أتت والدتها بقهوتها: - خدي اشربي قهوتك ياحبيبتي، على طول مستعجلة، قبّلت خديها: - معلش ياماما يادوب إنتي عارفة زحمة المواصلات، والنهاردة أول اجتماع سنوي لمساهمين الشركة ماينفعشِ أوصل متأخر.
في فيلا أسعد البنداري: صباحًا على مائدة الطعام.

يجلس والدهم ويتحدَّث بهدوء: النهاردة الاجتماع السنوي للمساهمين في الفرع الجديد، اتجه بنظرهِ لراكان الذي يتفحَّص هاتفه: - لازم تحضر يابابا، وبلاش عصبيتك كلِّ ماتتقابل مع جدَّك وعمك ياحبيبي لو سمحت.

رفع نظره من هاتفه واتجه لوالده محاولًا السيطرة على غضبه فتنهَّد متحدِّثًا: - بابا أنا مبتكلمش، بس حضرتك عارف إن جدي بيضغط عليَّا جامد، ياريت يتعامل معايا في حدود. هو مالوش علاقة أتجوز ولا لأ. ومن الأفضل مايفتحش معايا الموضوع دا، ثمَّ أكمل مفسرًا: - أنا عاقل مافيه الكفاية مش محتاج حدِّ يقولي أعمل ايه...
لم يشعر بنفسه وهو يتحدث: - الراجل دا عمري ماهسامحه على اللي عمله وتدميره لحياتي.

نهض يجمعُ أشيائه الخاصة عندما تحجرت دموعهِ داخل جفونه حتى أصبحت ثقيلة.
وتحدَّث دون النظر لوالده: - أنا بحاول أسيطر على نفسي قدامه، صدَّقني عشان حضرتك بس. دا اللي مخليني راكان العاقل، أمَّا غير كدا كان زمانه تحت التراب من تلات سنين. قالها وبخطا متعثرة اندفعَ يركضُ للخارج إلى أن اصطدم بأحدهم.

صاحَ بغضب: - إيه مش تفتحي. عقدت ذراعيها أمامها وهي ترمقه بسخرية: - الظاهر إن حضرة المستشار اللي ماشي مش واخد باله. حضرتك اللي خبط فيا. قالتها عايدة وزمَّت شفتيها بملامح جامدة، التوت زواية فمه بشبهِ ابتسامة محتقرة: - شوف إزاي وأنا اللي فكرت إنك الغلطانة، دنا يهمس إليها: - لمِّي تعابينك أصل ورحمة أمي هخليكي تشوفي أيام أسود من لون شعرك. مع إنِّي مش متأكد من لونه الطبيعي.

رفع بصره لخصلاتها ذات الصبغة السوداء وأكمل مستهزءًا: - إنَّما لونه إيه يامرات عمي؟، قالها بإستهزاء وخرج بخطواتٍ ظاهرها ثابتة ولكنها متعثرة بوخزِ قلبه من طعنات الأقارب.
أسرعت فرح خلفه تناديه.
اشتعل نيران الغضب بعينيه ورغم ذلك تحرَّك متجهًا لسيارته، ولم يعري اهتمام للتي خلفه تحاول اللحاق به: - راكان استنى خدني معاك. قالتها فرح وهي تتجه إليه.

- عدِّيني على النادي عربيتي في التوكيل، أجابها بحاجبٍ مرفوعٍ وزاوية فم ملتوية بابتسامةٍ هازئة: - نعم ياختي. ليه حدِّ قالك أنا بشتغل شوفير الصبح. قالها وهو يرمقها بنظرة حارقة ثم استقلَّ سيارته وتحرك مغادرًا بسرعةٍ جنونيةٍ وكأنه يطارد عدوه.

توقَّف بالسيارة أمام النيل وذكريات الماضي تطارده بقوة.
فلاش باك: منذ ثلاث سنوات
بإحدى ليالي الشتاء ذات البرودة القارسة، كان عائدًا من حفل زفاف لأحدِ أصدقائه بالاسكندرية هو وابن عمه يونس، داخل السيارة.

فتح يونس موسيقى هادئة وهو ينظر لقطرات المطر الغزيرة بالخارج، فاتجه لراكان الذي يقود السيارة بحذرٍ شديدٍ بسب زخات المطر الشديدة، ثمَّ تحدث قائلًا: - بقولك ياراكي ماتيجي نبات هنا في أي فندق للصبح. الجو وحش أوي يابني وإنتَ شايف مفيش طيران للقاهرة دلوقتي.

توقَّف راكان بجانب الطريق. واتجه إليه: - تعالَ سوق شويا يايونس وبطَّل كلام. أنا عندي بكرة جلسة الساعة تسعة عارف دا معناه إيه؟ وطبعًا حضرتك مينفعشِ أكلِّم أي حد من صحابي قبل قضية تقيلة زي دي بساعات وأقوله اترافع بكرة.
ترجَّل يونس من السيارة وهو يزفر، اتجه سريعًا لينجو من قطرات المطر. استبدل الأثنين مقاعدهما، وفي أثناء سفرهما. كان راكان يشعل تبغه فقام بفتح نافذة السيارة ينظر للخارج مع تنفيث تبغه.

ولكن قطعه منظرًا لهروب فتاة من ذئاب بشرية وهي تصرخ. كانت تهرول بحثًا عن النجاة من أولئك الأوغاد. وهي تصرخ تكادُ تُقطعُ أحبالها الصوتية. حاوطها بعض الشباب الذين لاينتمون لبني البشر سوى أسمائهم فقط.

رفع راكان كفيه يحثُّ يونس على التوقف: - اقف يايونس بسرعة. توقف يونس فجأة حتى اصطدمت أجسادهم للأمام: -فيه يابني خضتني. أشار بيديه على الشباب الذين يحاوطون الفتاة ويحاولون التحرش بها: - شوف ولاد الكلب بيعملو في البنت إيه؟

تحرَّك يونس بالسيارة: - راكان دول شكلهم مجرمين وإحنا ممعناش أسلحة مش شايف ماسكين أسلحة بيضة على البنت إزاي؟ ظل يقود السيارة وهو يرمقه ثم تحدث: - وفيه بنت محترمة تخرج من البيت في الجو دا وفي الساعة دي، تلاقيها كانت متفقة على سعر واختلفوا. فحبت تعمل كدا. قالها بشبه ابتسامةِ سخرية.

هزَّ راكان رأسه وصوت ضميره يصفعه. فهناك شعور يؤلمه والذي كان كالسكين ينحر عنقه من مظهر تلك الفتاة وهي تستغيث بأحدهم. بسط يديه وحوَّل مجرى السيارة سريعًا مما أدى إلى ارتفاع صوت صريرها العالى وتهاوي أجسادهما.
صرخ يونس براكان: - أكيد اتجننت مش كدا، أشار بيديه على الطريق: - ارجع بسرعة يايونس مفيش وقت. مستحيل أشوف حاجة زي كدا واسكت. إيه إنتَ معندكش أخت يابني؟، مش خايف يتعمل فيها كدا؟

أفرغ يونس شحنات غضبه من ابن عمه وهو يضرب على قيادة السيارة: - مجنون وعايز تموتنا. أشار راكان بعينيه للطريق دون حديث.
أتى يونس لفتح فمه للتحدث. رفع سبابته أمامه بغضب: - ولا كلمه. مش عايز ولا كلمة.
امشي بسرعة لسة هترغي، بعد قليل وصلوا للمكان ولكن لا يوجد به أحد.
ترجل راكان من السيارة يبحث بعينيه. فالمكان مظلمٌ لغياب القمر والنجوم بسبب كثرة السحب السوداء التي تغطي سماء الاسكندرية بالكامل.

استدار لكي يعود وبداخله خيبة أمل، وصوتُ ضميره الذي يؤنِّبه، ولكن تسمَّرَ بوقفته عندما استمع لصراخها مرةً أخرى.
تحرَّك سريعًا. ترجل يونس خلفه وهو يسبُّه يبحث عنه. وصل راكان للمكان الذين يحتجزونها به، حيث يوجد به هؤلاء البشر الحيوانيين. انسدلت عبراتها وهي تضغط على جفنيها بألمٍ لاقترابها من موتها الحقيقي لأنثى ستحطَّم حياتها من تلك الأيادي الخبيثة.

حاولت بكل قواها التحرر من قبضتهم، صفعةٌ قويةٌ على وجهها أدَّت لضعف جسدها بالكامل حيث شعرت بتمزق روحها وعلمت أنها النهاية.
رفع أحدهم يديه وقام بتمزيق ملابسها ولكنَّهُ وجد نفسه طائرا بالهواء، أمسكه راكان ثم رفعه للأعلى تاركًا إياه يصطدم بقوة بالصخرة؛ حتى شعر بتهشيم جسده.

تراجعت الفتاة التي تدعى بشمس للخلف وهي تضمُّ ركبتيها لصدرها وتبكي بشهقاتٍ مرتفعة وهي تضع يدها على أذنيها كي لا تسمع شجارها، تحمد ربها لإنقاذها في الوقت المناسب.

حاوط الثلاثة شباب راكان بأسلحتهم البيضاء؛ وكلاً منهم حاول النيل منه ولكن قوته الجسمانيه وتدريباته القتالية ساعدته في تفاديهم. انضمَّ إليه يونس وبدأ الاثنان مقاتلتهم بكل قوة. رأى راكان أحدهم متجهًا ليونس من الخلف لطعنه. فجذبه من تلابيبه وأبرحه ضربًا وماكان على الآخر إلا أن طعنه. في هذه الأثناء وصلت الشرطة التي قام يونس الاتصال بهم بعد إصرار راكان على إنقاذها.

أسرع يونس لابن عمه عندما جثا على الأرض وهو يمسك بطنه والدماء تلطِّخ قميصه الأبيض. ومياه الأمطار التي اختلطت بدمائه حتى شعر ببركة دماء أسفل راكان، جحظت عيناه وهو يضمُّه ويصيح بغضب: - قولتلك بلاش. طالعه وهو يكاد يفتح عينيه: - بطَّل ياغبي دي مطوة في البطن مش في القلب. اتصرف. هو إنت مش دكتور ولَّا سرقت الشهادة وبتضحك علينا؟

فحصه يونس وهو يكزُّ على شفتيه بغيظ: - تعرف كان نفسي يقطعوا لسانك اللي بيرمي طوب دا.

شعر بالنعاس يداعب جفنيه ولم يقو على فتحهما. حاول فتح جفنيه
فاتَّجه بأنظاره للفتاه المنكمشة بجانب الصخرة تبكي وهي تطالعهم؛ لم تظهر ملامحها بسبب الظلام وكمية تساقط الأمطار.

وقف الضابط أمامهم ويونس يقوم بالإسعافات الأولية، وبعد بعضِ الأسئلة ووصول سيارة الأسعاف. رفع نظره ليونس وهمس بصوتٍ يكاد يُسمع: - اخلع الجاكيت بتاعك يايونس. قام بخلعه سريعًا يضعه على كتف ابن عمه ظنًّا منه أنه يشعر بالبرد، ولكنه أشار على الفتاه التي تقف مع الضابط وهي تلملم ملابسها الممزقة بيديها وتبكي وهي تقصُّ ماصار.

فهم يونس مايعنيه. فأسرع إليها ووضعه على أكتافها وهو يطالع ملامحها الباكية. كانت فتاةٌ تبلغ من العمر اثنا وعشرين عامًا.
اتجهت إلى راكان ويونس عندما وجدت المسعفين يضعونه على السرير المتنقل: - إنتَ كويس؟، . قالتها وهي تنظر اليه ودموعها تغرق وجنتيها، شكرًا، إن شاء الله هتقوم بالسلامة.

حدثها يونس بعنف عندما أغلق ابن عمه جفنيه وهدر بحدة: - بتعيطي ليه، فيه واحدة محترمة تخرج في الجو دا والوقت دا. قالها وهو يرمقها بنظرات محتقرة. ثم أسرع خلف راكان الذي دلف لسيارة الإسعاف.
بعد فترةٍ من الوقت كان يونس يقف أمام غرفة العمليات ينتظر الطبيب. وتجلس الفتاة بجوار والدها الذي أتى بعد اتصالها به وهو يضمُّها لأحضانه.
خرج الطبيب. أسرع اليه يونس: - إيه يادكتور طمني؟

- كويس مفيش خطورة، الطعنة كانت بعيدة عن الأعضاء الحيوية. هوَّ اتنقل لأوضة ممكن تروحو تشوفوه بعد مايفوق، قالها الطبيب ثم تحرك.
جلس يونس يمسح على وجههِ بعنف يكاد يقتلع جلده: - الحمدلله عدِّت. الحمدلله. اتجه بنظره للفتاة ووالدها وهو يرمقهم بنظراتٍ تفحُّصية، نهض إسماعيل والد شمس واتجه اليه، بسط يديه ليونس:
- أنا إسماعيل. أبو شمس.

قطب يونس حاجبه متسائلًا: - مين شمس.؟ أشار والدها عليها وتحدث بعرفان: - البنت اللي أنقذتوها. ربنا يبارك فيكم يابني وينجِّيكم دنيا وآخرة.
شعر يونس بالخجل من نفسه و عتابه على راكان فيبدو أنه تسرع في الحكم، فأومأ برأسه: - إحنا معملناش حاجة، أيِّ حد مكانَّا كان هيعمل كدا، قالها ثم تحرك متجهًا لغرفة راكان.

بعد فترة فتح عينيه، كان يونس غافيًا على المقعد بجواره، بينما في آخر الغرفة على إحدى الأرائك. تجلس شمس بجوار والدها تقرأ بمصحفها، نهضت عندما استمعت إليه وهو يتمتم: - يونس. ولكن يونس كان غارقًا بنومه، اتجهت إليه ووقفت وهي تضمُّ جاكيت يونس عليها وطالعته بعيونٍ مترقرقةٍ وتحدثت بشفتينِ مرتعشتين:
- إنتَ كويس؟ عامل ايه؟ أنادي الدكتور؟

أطبق على جفنيه عندما شعر بألم بطنه وتحدث بصوتٍ مرهق: - إنتي مين؟ استيقظ يونس ونهض يسأله بلهفة
- راكان إنتَ كويس؟ أومأ بعينيه وتحدث وهو ينظر للفتاة: - مين دي؟، قوَّس يونس فمه بسخرية وأشار عليها: - دي بنتِ عمِّ القمر. قالها غامزًا بعينيه لراكان. طالعها راكان كانت تنظر بعينيها للأسفل وتفرك بكفيها.

دنا يونس منه وهمس: - دي البنت اللي حضرتك عملت فيها فريد شوقي وأنقذتها. استيقظ والدها واتجه إليهم: - حمدالله على سلامتك يابني. مفيش كلمة شكر تعبَّر عن اللي عملتوه.
أومأ له بعينيه ومازالت نظراته تتفحصُ شمس، التي لم ترفع عينيها عن الأرض فأردف متسائلًا: - عملتوا إيه مع الشرطة. متخافيش منهم لازم تاخدي حقَّك. علشان لو كل واحدة سكتت عن حقها في كدا. هندِّي فرصة للي زيهم يتمادوا.

رفعت عيناها التي تشبه مياه البحر، فتقابلت أعينهم للحظاتٍ حتى ذهب بنومه مرةً أخرى.
غادرت شمس مع والدها. وظلَّ يونس بجواره ينتظره حتى يفيق كاملًا. ولكنه غفا بمكانه.
أسدلت الشمس ستائر نورها الدافئ ولاتزال سماء الإسكندرية ملبَّدةً بالغيوم، تارةً تحجب أشعتها وتارة تتغلَّب على سحبها السوداء فتنير الأرض.

اعتدل يونس وهو يمسك عنقه بسبب نومه على المقعد. نهض يفحص ابن عمه، ثم جلس مرةً أخرى ينتظر استيقاظه، أمسك هاتفه يتفحَّصه. واتسعت عينيهِ مما رأى.
فتح راكان جفنيه وحاول الاعتدال ولكنه تأوَّه متألمًا. ساعده على الاعتدال ثم تساءل: - حاسس بإيه؟ أومأ له وأجابه بصوتٍ مرهق: أحسن الحمدلله. تليفوني فين لازم أعمل مكالمة ضروري.
اعطاه يونس هاتفه وانتظر بعد إنتهائه من مكالمة عمله، ظلَّ يطالعه بنظراتٍ غاضبة:.

- قول ماتقعدش تبحلق فيَّا كدا. ولا أقولَّك قوم خلينا نمشي. أنا مبحبش المستشفيات. ظلَّ يونس صامتًا للحظاتٍ ثم تحدث متهكِّمًا: - إنتَ عارف العيال اللي اتخنقنا معاهم فيهم ابنِ المسيري؟
تجهَّمت ملامح السخرية بنبرته وهو يسأله: - ومين البتاع اللي قولت عليه دا؟

أرجعَ يونس خصلاته للخلف بغضبٍ وتحدث: - والله العيلة دي ماهتتبرَّى منِّي غير من أعمالك دي ياراكان. استعد لنار جدَّك لما يعرف. استعد ياحبيبي. ولا أقولك ولا كأننا عملنا حاجة ولو حدِّ سألني هقولُّهم إنَّك اتسممت وعملت تنضيف معدة.

ابتسم بسخريةٍ لم يستطع مداراتها وهو يعود بظهره على فراش المشفى للخلف مستندًا على مرفقيه: - قوم يابني يلَّا علشان نروح معرفش مخبوط على دماغك ولَّا مالك على الصبح. عكننت عليَّا إلهي ربنا يعكنن عليك دنيا وآخرة.
نهض وهو يميل عليه هامسًا
- المسيري ياراكان. اللي انضرب إمبارح وعملناله قضية اغتصاب. إنتَ فاهم معنى القضية ياحضرة النايب؟ يعني هيفتح علينا جحيم جهنم وياسلام لو جدَّك عرف. دا هنولَّع قبل مانوصل.

هنا تذكر ذاك الرجل. فحاول النهوض يستند على يونس: - طيب تعالَ نمشي، أومأ يونس برأسه: - أحسن برضو. لكن غريبة راكان يسمع كلامي من غير جدال. إيه اللي ناوي عليه ربنا يستر.
وصل بعد فترةٍ لسيارته بعدما أنهى يونس الأوراق الخاصة بالمشفى.
صعد للسيارة بهدوء بسبب جرحه، وجلس بصعوبةٍ ثم اتَّجه بنظره ليونس: - روح على القسم. عايز أعرف إزاي العيال دي طلعت في قضية أقلِّ حكم فيها عشر سنين.

هنا صفع يونس على وجهه وظلَّ يتمتم: - أحيه عليك ياراكان، وحياة ربنا أخرتي في العيلة دي على إيدك.
نهاية الفلاش.

خرج من ذكرياته على رنين هاتفه. زفر متخذًا نفسًا ورفع الهاتف: - أيوة ياسليم، تمام. قالها ثم أغلق هاتفه وقاد السيارة عائدًا لمنزله. وبدأت أنفاسه في الاضطراب وخفقاته تتسارع في سباقٍ؛ حتى شعر بأنه سيفقد وعيه بسب ماتذكَّره من ماضٍ مؤلمٍ لروحه.
وصل بعد قليل، ترجَّل من السيارة.

قابله والده وقفَ أمامه: - مش هتحضر الاجتماع ياراكان؟ براحتك يابني. أنا هروح الشركة مينفعش سليم يكون لوحده. ماهو مينفعشِ تكون تلات أرباع الشركة من نصيبنا وسليم يوقف لوحده في الاجتماع.
وقف أمام والده بجسدٍ مستقيمٍ رغم أحزانه التي تحرق قلبه فتحدث بصوتٍ رصين:
- بابا عايز تروح اتفضل. أنا هنزل بعد شوية.
سحب نفسا وطرده محاولًا أن يتحلَّى بالجَلدِ والصمود فخرج صوته معبًّأ بالألم:.

- ياريت تكلِّم جدي يخليه بعيد عني، زي ماكان بعيد عنِّي السنين اللي فاتت لو فعلا عايزني أروح الشركة.
زفر والده بحزن: - يعني يابني زعلان من جدَّك وإنتَ دلوقتي داخل على إتنين وتلاتين سنة؟ يعنى مش صغير زي ماإنت لسة قايل.
هرب اللفظ من بين شفتيه فأخذ نفسًا مطوَّلًا: - المطلوب من ابنك اللي داخل الخمسة والتلاتين إيه؟ قالها عندما اختنق من إصرار والده.
مال والده عليه ينظر بحدقيته فتحدث قائلًا:.

- أنا هتنازل عن مجلس الإدارة لحضرتك ياحضرة النايب. واعمل حسابك مفيش اعتراض. ماهو تعبي السنين دي كلها ميوقعشِ في الأرض عشان غضبك من جدَّك؛ وهتكون جنب سليم لحدِّ مايعرَّفك أسرار الشغل ورغم إني عارف ومتأكد إنَّك متابع كل حاجة، بدليل شركتك وأرباحها اللي بتزيد.
ربت على كتفه وأكمل: - راكان إنت الكبير مينفعش سليم يدير الأمبراطورية دي كلها لوحده. يونس إنت أدرى بعمايله، ونوح يوم في الشركة وعشرة لأ.

سحب أسعد نفسًا وطرده وأكمل بإبانة: - إحنا أكتر ناس هتضرَّر ياراكان. متنساش النصيب الأكبر في المجموعة بتاعنا والمعظم عايز المجموعة توقع.
زفر بضيق وحنقه بازدياد بسبب ذاك العمل.
فتحرك بعض الخطوات وتحدَّث: - حاضر هنزل الشركة مع سليم وكمان حضرتك ماتزعلش. لكن لوي الدراع دا بلاش منُّه تمام...
استدارَ بجسده يطالع والده. ثم أشار بكفَّيه: - عندي شروط لاستلام المجموعة. وأولَّها:.

- أيِّ غلط من أعمامي وجدي صدَّقني العواقب هتبقى وخيمة على الجميع على الكل يابابا. مش هرحم حد.
- تقصد إيه ياراكان؟، قالها أسعد.
احتدَّت نبرته وأجابه: جدي لو فضل مُصّر يفضل مسيطر عليَّا وعلى أخواتي هطلَّع القديم والجديد، صدَّقني مش هرحم حد. خاصةً سيلين.

تنهد أسعد بحزنٍ وحاول أن يستجديه بعطفه على سيلين فاستغلَّ نقطة ضعفه: - طيب ياحبيبي لو فعلًا خايف على أختك من جدَّك سكِّته واتجوز بدل مايحطِّ سيلين في دماغه مكانك. هو أهم حاجة عنده تتجوز.
اشتعلت عيناهُ كجمرتينِ من اللهب الحارقِ وصاح بغضب: - طيب خليه يقربلها وشوف هعمل إيه. أقسم بالله العيلة كلَّها ماتكفيني.
دنا أسعد منه بعد محاولته الفاشلة: - طيب لو قولت عشان خاطر أبوك ياراكان.

تسمع الكلام المرادي بس. إنتَ يابني على طول كدا. نفسي أفرح بيك وأشيل ولادك. ولَّاشايف دا كتير على باباك.
تنهد بحرقةٍ شديدةٍ وغاص في عتمة عناده وأردف بنفاذ صبر:
- بابا حضرتك شايف إني في مركزي دا، أستنى حدِّ يختارلي شريكة حياتي؟
ربت والده على يديه وتحدث بهدوء: -إنت مش كدا كدا هتجوِّز، ماهو مش معقول هتفضل يابني من غير جواز، خلاص اتجوز أيِّ واحدة تعجبك ياسيدي وجدَّك يسكت.

صمت هنيهةً يحاول تمالك أعصابه: -حاضر يابابا هشوف موضوع جوازي دا، بس ماأوعدكش حاليًا ومش علشان جدِّي. لا، علشان زي ماحضرتك قولت جه الوقت اللي أعمل عيلة.
وقف وتحدث: -أنا هطلع أغيَّر وأنزل على الشركة حاضر، قالها ثم تحرَّك للأعلى.
بعد قليلٍ وصل للشركة دلف لغرفة مكتب سليم.
- نهض سليم وهو يرفع يديه يادي النور، يادي الهنا، والله الشركة نوَّرت ياحضرة المستشار قالها سليم وهو يرفع حاجبه بشقاوةٍ أمام أخيه.

وقف بشموخٍ وبخطواتٍ ثابتةٍ متجهًا لغرفةِ الاجتماعات: - عارف يابني مالوش لزوم أعرَّفك، المكان اللي راكان البنداري بيدخله بيزيده شرف.
توقَّفَ سليم يقهقهُ عليه وهو يومأ برأسه ويرفع ذراعيه: - اتفضَّل سموّ الأمير على الرحب والسعة.
لكزه بكتفه ورفع حاجبه وأردف بفظاظة: - اسمها اتفضل سمو الملك. الأمير دا ابني اللي هجيي لمَّا ندفن جدك إن شاء الله.

قوَّس فمه معلقًا: أصلي خايف لو اتجوزت دلوقتي أجيب ولد شبهه. كفاية عمَّك خالد. تلاتة في العيلة كدا ممكن العيلة تولع.
توقف سليم بضحكاتٍ صاخبةٍ على حديث أخيه الذي خرج يجيب على هاتفه.
تحرَّك متجهًاا للمصعد ولكن قطعه رنين هاتفه، زفر بغضبٍ و توقف للإيجاب:
- أيوة يانورسين. أيوة في الشركة خلاص نازل، قالها ثمَّ أغلق قائلا: - بنت باردة. وعايزة قطم رقبتها، فجأة اصطدم بجسدٍ أنثوي مما أدَّى لتساقط هاتفه.

جزَّ على شفتيه ورمقها بنظرةٍ سريعة: - إيه قطر معدي. باراحة هدوسيني قدامك.
رمقته بنظرةٍ استخفافية. وتقدمت بخطواتٍ ثابتةٍ بحذائها العالي الذي كأنه يتحرَّك على جمرات غضبه منها. عندما لم تعيره أي اهتمام.
أغضبه تجاهلها كثيرًا فهمس بصوت: - يخربيتها دي ولا كأنَّها شافتني. لا ودخلت الأسانسير وسبتني.
وصل سليم يطالعه باستفهام:
- راكان واقف كدا ليه؟ وبتبصِّ على إيه؟ هزَّ رأسه وتحرك عندما فُتح المصعد.

بمنزل عاصم المحجوب:
دلفت سمية زوجته وهي تحمل كوبًا من الشاي الساخن، وضعته بجواره وهو جالسًا يقرأ بمصحفه. أغلق المصحف يطالعها:
- فيه حاجة ياسمية؟ ، جلست بجواره وتحدثت بإبانة: - فيه جمعية قدامي عايزة أدخلها علشان جهاز ليلي ياأبو ليلى؛ البنت معدتش صغيرة وبكرة ابن الحلال يجي وقتها نقوله استنى معلش أصلنا مجهزنهاش.

رجع بجسده على المقعد وربت على ساقيها: - ربك يسهل إن شاءالله حبيبتي. وقتها ربنا هيعينا.
قاطعته مستطردة: - أم محمود بتعمل جمعيات كبيرة وليلى ماشاء الله قبضها حلو ليه نستنى؟ أهو أدخل بجزء من مرتبها والباقي يكون لدروس كريم.
أومأ برأسه وتحدث بابتسامةٍ حنونة: -اعملي اللي إنتي شايفاه صح ياأم ليلى. ربنا يباركلي فيك يارب.

في شركة البنداري: بعد مرور أكثر من ثلاث ساعات في غرفة الاجتماعات، بوجودِ جميع المساهمين.
وقف سليم أمام شاشة العرض الكبيرة وتحدث بعملية: - طبعا آخر صفقة أخدناها حققت أرباح هايلة، وزي ماكلُّكم عارفين المشروع الجديد محتاج مننا أفكار جديدة، للمدن الحديثة اللي صممناها وطلعت بالمستوى الممتاز.

اتَّجه بنظره لشاشة العرض وتحدث بإبانة: - نيجي مثلا لمدينة () دا تصميمها أكتر من رائع والحمدلله يعتبر خلَّصنا حجز جميع الوحدات بيها.
دلوقتي محتاجين بس نصمِّم ديكورات جديدة لبعض القرى المحيطة بالمدينة دي.

أنا جمعت أفضل المهندسين اللي موجودين عندنا، وكلِّ واحد هيعرض فكرته وبناءً عليه هتختاروا فكرة واحد فيهم، ونبدأ نكمِّل فيها، علشان في الإعلان الأخير عن المدينة نذكر كل المواصفات الداخلية والخارجية. وبكدا هنكون حققنا أفضل مكسب.
أومأ والده وعمِّه خالد وبعض المساهمين من خارج العائلة بالموافقة.

اتَّجه كل مهندس بعرض فكرته للمنتجع الذي أقامته الشركة من مدن جديدة يحاصرها قري سياحية بإحدى المحافظات المطلة على البحر، وضَّح ثلاث مهندسين أفكارهم. فيما رفع سليم نظره لليلى لتوضِّح فكرة تصميمها.

نهضت ليلى للشاشة وهي ترتدي بدلةً نسائيةً سوداءَ اللون وحجابًا باللون الوردي، فظهرت بطلَّتها الخاطفة للقلوب. رآها يونس الذي قام بالتصفير المنخفض: - أيوة هو إنتي، مرحبًا أيتها القطة الشرسة. وأنا بقول شوفتك فين أتاريكي في أحضان البندارية.
رمقه الذي يجلس بمقابلته بنظرةٍ أخرسته.

اتجه ينظر بتمعنٍ لتلك التي تقف بثقةٍ أمام شاشة العرض مع بعض الرسومات التي قامت بتصميمها بدقةٍ عالية؛ لتخرج بأجمل صورة وبدأت الشرح بطريقةٍ عمليةٍ وجذابةٍ للاستماع لوجهة نظرها. أمال برأسهِ لسليم: - دي مهندسة جديدة ياسليم ولَّا بقالها فترة هنا؟
نظر إليه بصدمة: - راكان بيتكلِّم عن واحدة معقول تكون عجبتك، طيب الأهبل دا وعارفينه.

احتدت نظراته ثم رجع بنظراته إليها: -أنا بسأل ياغبي علشان وقفتها: دي وقفة واحدة مخضرمة بعملها مش علشان ملفته ولاحاجة، أهي زيها زي أيِّ بنت مفيش حاجه تميزها.
رفع يونس حاجبه ساخرًا: - فعلًا إنتَ هتقولي، فعلًا مفيش حاجة تميزها غير جمالها الهادي الملفت ولَّا صوتها الكرواني.

وقف يونس متجهًا إليها، يرمقها بنظرةٍ سريعةٍ واتجه بجوارها ينظر للجميع: - أنا شايف إنِّ التصميم دا أحسن واحد، وبدأ يشرح وجهة نظره ببعض النقاط الخاصة، وختم حديثه: - طبعًا أنا مش مهندس ولا أفهم بشغلكم زيكم بس لو هنيجي نقارن هنشوف دا مثلًا.

أكمل راكان حديث يونس وهو يرمقه بتحذير: - أنا مع يونس. ثم وزَّع نظراته للجميع وهو جالسًا بمكانه: وبدأ يشرح بدقة وجهات الاختلاف بين التصاميم الأربع، اعتمادًا على دقته بوظيفته بأدقِّ التفاصيل.
قاطعته نورسين ابنة أحدِ الشركاء: - بس أنا أختلف معاك ياراكان وزي ماإنتَ قولت إنَّك مش مهندس، أنا كعملي بقول إنِّ تصميم عامر أحلى، دا تحسه Simple أوي والطبقات الراقية عايزة حاجات تانية، ولا إيه ياعمو أسعد؟

اتجه أسعد بنظراته لراكان الذي يجلس بهدوئه وكأنه يعلم بإجابة والده: -أنا مع راكان ثم توجَّه لسليم.
وبما إنك المسؤول ياسليم مقولتش رأيك؟، وقف سليم متجهًا إليهما
وبدأ يشرح وجهة نظره هو كذلك، وافقه عمُّه خالد ومعظم الموجودين سوى نورسين التي نظرت لليلى بحقد على إشادة الجميع بعملها.
اتَّسعت ابتسامتها لإعجابهم بتصميماتها...

رفعت بصرها لراكان فتلاقت أعينهما سريعًا، فشرد للحظات يتأمَّلُ حدقيتها الواسعة. ولكن ذهب بشروده لأمواج بحره الذي غُدر قبل الوصول لشاطئه، استفاق سريعًا عندما استمع لبعض المناقشات حول التصاميم الهندسية الأخرى.
اتجهت ليلى لتجلس بمكانها.
أومأت بنظرها إليه تشكره على رأيه: - شكراً لحضرتك.

هزَّ رأسه وهو يطالع بعض الأوراق بيديه، وتحدث بصوتٍ رصينٍ ولم يلتفت إليها: - مفيش داعي للشكر. إنتي عملتي شغلك كويس، فإحنا وافقنا على أجمل تصميم.
ثمَّ رفع بصره وحدَّق بمقلتيها: -كان الأفضل تتأسفي مش تشكريني ياحضرة المهندسة.
تصاعد الغضب بداخلها فتحركت تجلس بجوار زميلتها والغيظ يتآكل داخلها؛ فطالعته مرةً أخرى وهو جالسًا وكأنَّ مايدور حوله لايعنيه فأردفت: - عامل زي الطاووس دايماً فعلًا واحد مغرور.

اتجه سليم على الطاولة التي توجد بها المخطوطات. بعد خروج المشاركون إلا من بعض المهندسين المسؤلين عن العمل.
أشار سليم إليهم جميعًا للتوجه للطاولة.
وقف سليم بجوارها ونوح الذي اتجه لمكان تواجدهم على التخطيط الهندسي.

عقد نوح حاجبيه وهو ينظر إليهم وهم يتحدَّثون عن التصاميم الموجودةِ أمامهم. فجلس أمام راكان وهو يرمقهم: - أنا ماليش في شغل الهندسة ياراكي. تحسِّ أنه معقَّد سبحان الله ماليش غير في الذوق الجميل.
استدار راكان وأجابه: -بالعكس يانوح الهندسة حلوة وعملية جدًا. وكل ماتتعمَّق فيها تحبها أكتر، ربنا يسامحه اللي كان السبب، ذهبت ذاكرته لذاك اليوم.
(فلاش باك).

ضمَّته زينب بحبٍّ ودموعها تتساقط عبر وجنتيها: - ألف مبروك ياحبيبي. مش عارفة أوصلك فرحتي إزاي يابني، ربنا يوفقك ويسعدك دايمًا ياراكان زي ماأسعدتني بنتيجة النهاردة وتكون الأول على دفعتك، الفرحة مش سيعاني. وخصوصًا إنك هتحقَّق هدفك وتدخل الكلية اللي بتحلم بيها. مش كدا ياباشمهندس.

اتجه توفيق بنظرةٍ باردةٍ إليه: - جهَّز نفسك بقى علشان تدخل هندسة. وتتعلم كويس وسيبك من أحضان زينب اللي مش هتاخد منها غير الضعف، ثم صاح بغضبٍ بها: - ابعدي عن الولد يازينب إنتي نسيتي نفسك ولَّا إيه؟ ، متنسيش إنه كبر دلوقتي وبقى راجل. مش طفل علشان تاخديه في حضنك كدا.

بكت زينب بنشيجٍ وشعرت بدوارٍ يضرب رأسها من كلمات توفيق السامة. فأجابته بشفتينِ مرتجفتين: - أنا ياعمي هعلِّم ابني الضعف؟ وعايز تحرمني إنِّي أضمه لصدري!
رمقها بغضبٍ ونهض وهو يطلق لها نظراتٍ نارية: -إنتي بتردي عليَّا يابنت الحصري ورفع يديه حتى يصفعها، ولكن توقف راكان أمامها وتلقَّى الصفعة مكانها.

توسعت أعين توفيق من فعلة حفيده فصاح بغضب: - إنتَ عملت إيه ياولد؟ ابتلع ريقه بصعوبةٍ وهو يضمُّ والدته ثم قال بهدوء مفتعل: - لو شوفتك بتعمل كدا ياجدِّي في أمي وأسكت يبقى ماستهلش أكون ابنها، يبقى أنا واحد جاحد عاصي لبرِّ الوالدين...

نظر بداخل عينيه ولأولِ مرةٍ تمرَّد على جده فتحدث: - وقبل ماتقول أسطوانتك كلِّ مرة هتفضل أمي نور عيني لأخر لحظة في حياتي، قالها وهو يشدِّد على كل كلمة تخرج من بين شفتيه وكأنَّهُ قاصدًا استفزاز جده.

صفعةٌ أخرى هوت على وجنتيه وصاح بغضب به. صرخت زينب بأعلى صوتها: - راكان رفع عينيهِ إليها بنظراتٍ جحيميةٍ فأخرستها ثم لوَّح بيديه: - هستنى من تربية زينب إيه غير واحد عديم التربية زيك. هيَّ بنت الحصري بتعرف تربي، رفع سبابته: -اسمع ياولد متفكرش نفسك علشان خلصت الثانوي هتكون كبرت عليَّا. إنتَ هتعمل اللي هقولو وبس، وإياك تاني توقف قدَّام جدك بعدم إحترام.

هتجهَّز ورقك وتقدِّم في الهندسة ودا أمر من توفيق البنداري وخلي بالك عيني عليك.
وصل أسعد اليهم يوزِّع نظراته بينهم: - مالكم واقفين كدا ليه؟ رمق راكان جدِّه: - بابا أنا مش هدخل هندسة، صاعقة أصابت زينب وهي تهزُّ رأسها بالرفض لما نطقه راكان، بعيونٍ مترجية: - حبيبي متخليش انفعالك يخليك تاخد قرارت تندم عليها طول عمرك وإنتَ بتحلم بالهندسة.

نظر بداخل عين جده وأردف بإصرار: - كان زمان ياماما دلوقتي لا، قالها بصوتٍ مرتفع. قهقه توفيق بسخريةٍ وأردف: - ومين اللي هيخليك تعمل كدا ياولد. دنا من والده ونظر إليه: - بابا وأنا وغير كدا محدش له سلطة عليا.
نهض توفيق سريعًا يحاول الفتك به ولكن توقَّف أسعد أمام والده: - بابا لو سمحت حضرتك بتعمل إيه؟ حضرتك شايف إن راكان طفل علشان تضربه.

- لا متخافش من الحتة دي يابابا لأن جدي قام بالواجب وزيادة. أنا مش هدخل هندسة ودا آخر كلامي. قالها ثم اتجه يقبِّل رأس والدته يطالع ملامحها الحزينة بأسف: - سامحيني نوع الكلية مش تقييم للإنسان ياماما. تقييم الإنسان بنجاحه اللي بيوصله. قالها ثم تحرك للأعلى.
خرج من ذكرياته وتلألأ الدمع بعينيه، وقف سريعًا متجهًا لشرفة الغرفة وأخرج تبغه ينفثه بدخانِ غضبه الماثل بصدره.

جلست ليلى مع زميلتها وزميلها عامر وبدأو يتحدَّثون عن التصميم ويطبِّقون الملاحظات. ابتسم عامر على ذكائها: - فعلًا ليكي حق يادكتورة إنِّك ماتحبيش شغل الجامعات...

أمسكت قلمها وبدأت ترسم خطوطًا عريضةً وتتحدث وهي تعمل: - لو اشتغلت في الجامعة هفضل دكتورة بدرس للطلبة من غير تجديد، رفعت نظرها له وأردفت مفسِّرة: - يعني روتين ممِّل، أما شغلي الحر دا بيحبِّ الإبداع والتغيير. وكمان ممكن أدرس حاجات كتيرة وأطبَّقها فهمتني؟
صفَّق بيديه وأردف يهنِّئها بسخاء: -برافو ياليلى. اقترب وهمس لها: تسمحيلي أقولك ياليلى بدون ألقاب؟

قاطعهم سليم: -عامر شوف التصميم دا وراجعه كويس مع نورسين.
أومأ عامر برأسه وخرج وهو ينظر لليلى: - هستناكي في مكتبي.
استغربت حديث عامر، ورغم ذلك نظرت لبعضِ الأوراق التي تُوضع أمامها.
كان يقف بجوار النافذة يراقب مايحدث مرَّةً وينظر لمرور المارة بالخارج، وهو ينفث تبغه. سالت قطرةُ ضعفٍ من عينيه على ذكرياته المؤلمة. رفعت نظرها إليه وكأنَّها ترسمه بملامحها.

شخصًا هادئًا بملامحٍ غامضة. ملامحَ يكسوها الوجوم. ملامحٌ ثابتةٌ جامدةٌ على عكس طلَّته الجذابة، شعره الناعم الغزير مع لحيته، ولون عينيهِ التي تتغيَّر بتغيُّر ملامح وجهه، اقتربت نورسين منه وهي تضع يديها على ذراعه: - الشركة نوَّرت ياراكان. مصدَّقتش لما يونس قال إنَّك هتنزل وكمان تستلم الشغل.

التزم صمته وهو ينظر للخارج. أمَّا هي فقد راق لها التقرُّب منه والتلذُّذ بملامحه الرجولية التي تتميَّز بوسامتها، رفعت كفيها تلامس وجنتيه.
تراجع للخلف وهو يرمقها شزرًا: - اتجننتي إحنا في المكتب بين الموظفين، توسَّعت ابتسامتها: -سعيدة أوي بوجودك ياراكان بجد.

رفع حاجبه ورسم بسمة سخرية: -أفهم من كدا إنك مبسوطة من وجودي؟، اقتربت وطوَّقت ذراعه وهي تقترب منه حتى أصبح لا يفصل بينهما إنشًا واحدًا: - أوي ياراكان إنتَ عارف أنا بتمنى كدا من زمان.
مطَّ شفتيه للأمام وناظرها بهدوئه الغامض، ثم رفع يديه يزيح خصلاتها المتمردة من على كتفها: - هنشوف يانور، قعدتي في الشغل هتعمل إيه.

تحركت ليلى متجهةً إلى سليم عندما أشار بيديه إليها: -شوفي المنتجع دا عايزه عالمي، حاجة تخصِّ اسم البنداري...
أمسكت بعض المساحات التي عرضها سليم أمامها: - تمام هشوف الباشمهندس عامر ونشتغل عليه، قاطعهما راكان ونورسين: - سليم أنا هروح على المكتب، بس بلاش شغلك إنتَ ويونس وتلمولي شغل الشركة كله وتعملوا عليا خبراء.

جذب التصميم من يد ليلى: دا بتاع نورسين مش كدا؟ اتَّجهت نورسين له وابتسمت ثم تحدَّثت بفخر: -والله، ماهو إنتَ عارف أهو.
-شوف ياسليم التصميم دا مش عاجب أخوك بتاع القانون. ثم توقّّفت تنظر له وأردفت: - إنتَ عرفت إزاي صحيح؟ دا من بين تصاميم كتير.

تحرَّك وهو يتحدث: - نور أنا مش مجرد كرسي بتفرَّج على الموظفين، عارف كل واحد بيعمل إيه، أوقفه سليم: - استنى ياراكان. لسة بيظبَّطوا لك المكتب مكنتش عامل حسابي إنَّك هتداوم النهاردة. خليك معايا هنا لحدِّ مايخلصو.
جذب مقعدًا بجوار سليم وجلس دون حديث.
دلف المهندس المختصِّ بالتنفيذ: - مهندسة ليلى ممكن حضرتك تيجي نتناقش في التصميم؟

أشار له سليم: -تعالَ هنا ياآسر نراجع مع بعض، علشان من أول الأسبوع نبدأ التنفيذ.
جلس آسر وبدأ يعترض على بعض النقاط، اتَّجه سليم بالنظر اليهم: -بعدين نشوف أنا تعبت، اعتذرت ليلى: - لازم نخلص مش معقول تصميم الانتهاء هياخد أكتر من شهر.
كان يطالعها بعمق.

- فتاة ذكية منمَّقة بعملها، حاصلة على أعلى الدرجات، واثقة بنفسها بدرجةٍ عالية، أسلوبها وحديثها وإقناع الغير بوجهةِ نظرها بطريقةٍ سلسة. ناهيك عن حجابها الذي أعطاها هالة من النور، قطعَ شروده بها عندما تحدَّث آسر: -ليلى عندها حق. رفع بصره لإيمي المهندسة الأخرى: ممكن ناخد ريست ونكمِّل.
وصل يونس إلى مكتب سليم وهو يرمق ليلى: - سليم أنا ماشي. عندي عمليات كتيرة وماليش في جوِّ العكننة دا.

قالها ومازالت نظراته مثبَّتة على ليلى.
-استنى يايونس فيه موضوع مهم لازم نتكلِّم فيه.
قطب جبينه وتساءل: - هتتأخَّروا يعني، رفع نظره لساعته: - نصِّ ساعة بالكتيير. تنهَّد ثم جلس بجوارهم وهم يتناقشون، انتبه يونس لحديث ليلى فابتسم وتحدث: - بقولك يا، قالها يونس وهو يطالعها بهدوء، رمقته ليلى باستخفاف وأجابته: - اسمي ليلى.

طيب يابشمهندسة ليلى ممكن تبعتي التصاميم لمكتب المهندس التنفيذي وسليم هيتعامل؛ وزي ماقولتي مش معقول هنفضل علشان حتة انتهاء من تصميم اليوم كلُّه غير إنِّي جوعت والله، أنا بقول نطلب بيتزا إيطالي، وأقعد أكلها هنا معاكم وأسكِّ على العمليات النهاردة.

في الجامعة وخاصةً كلية الهندسة: -خرجت من المدرج مع صديقتها أروى: الحمد لله كنت خايفة أوي من موضوع عدي البنداري، لولا دكتور نور ربنا يباركله يارب أنقذني، وطبعًا ليلى شغالة عندهم ربنا يستر. واحد مستفز، لازم أروح أشكر دكتور نور.

ضحكت أروى مازحة: - ليكون معجب ياغزال، لكمتها بكتفها: - عيب ياأروى ماتقوليش كدا مهما كان دا دكتور. اتَّجهت الفتيات إلى الكافتيريا وطلبا مشروبهما الذي هو عبارة عن قهوةٍ سريعةِ التحضير الكابتشينو.
اتَّجهت مها وهي طالبة من فرقتهما: - أهلاً يادرة عاملة إيه؟ سمعت عنِّك كل خير النهاردة.
رفعت درة نظارتها الطبية وتحدثت: - فيه إيه يامها مالك؟

جلست أمامها واضعةً ساقًا فوق الأخرى: إلَّا نور يادرة، سبتلك شباب الدفعة كلُّهم وبما فيهم عدي البنداري.
ضيَّقت درة عينيها ونظرت لأروى رافعةً أكتافها: -مالها دي ومين نور دا،؟
وقفت مها مرتديةً حقيبتها: -متستهبليش يادرة مش علشان إنتي حلوة شوية تتغرِّي بنفسك فيه أكتر منك حلاوة ياقلبي. أنا بحذَّر مرة واحدة. شاوووو.

في شركة البنداري: اتَّجه راكان إليهم بعد ساعتين. بعد تركهم وذهابه لعمله بمكتبه، ذُهل من استمرار عملهم...
-سليم لسة كتير؟
أشار سليم بالجلوس وهو مازال يتحدث بالعمل، جذب المقعد وجلس بجوارها، ارتفع صدرها بشهيقٍ طويلٍ من قربه ورائحته، أنفاسه الممزوجة بتبغه وعطرهِ الذي تسلَّل لرئتيها حتى منعت تنفسها.
-شوف ياسليم الوقت واحسب عليه وحوِّل الشغل كمجموعة بلاش الفردية دي، أنا شايف كلِّ مهندس شغال على حدة.

كانت ترمقه بين الحين والحين بنظراتها التقييمية. فأجابت على كلماته وهي تنظر لسليم: - حضرتك كلِّ اتنين شغالين على تصميم معين.
نظر إليها صامتًا وانتظر حديث سليم: -إحنا يعتبر تقريبًا خلصنا ياراكان.
نهضت تضع التصميم أمام سليم، فكانت قريبةً منه حتى لامست ثيابها وجهه: - أنا خلصت شغلي المطلوب حاليًا، وممكن أكمِّل الباقي في البيت ياباشمهندس، حضراتكم ممكن تشوفوا المناسب.

تدخَّل آسر: -خلاص ياليلى، إنتي خلَّصتي الجزء الأكبر وأنا ممكن أساعدك الباقي في البيت. وهخلِّي عامر يراجع بتاع المهندسة نورسين.

نهضت وهي تلملمُ أشياءها. عندما أذن سليم إليهم بالانصراف. تحرَّكت ولكنها نسيت هاتفها بجوارهِ على الطاولة. تسمَّرت فجأة: - ليلى قالها راكان. متجهًا بنظره وهو يرفع يده بهاتفها، فتحرَّكت إليه ونبضاتها تتخبَّط بعنفٍ بين ضلوعها وكأنَّ قلبها سيخرج من صدرها، جذبت الهاتف من يدهِ وأردفت: - شكرا لحضرتك يافندم، أومأ برأسه دون حديث.

كان سليم جالسًا على مكتبه وهو يرمق يونس بنظراته الغامضة: - هتفضل هلَّاس لحدِّ إمتى؟ مالك ومال ليلى!
غمز بعينيهِ لسليم واتجه بجوار راكان يربت على ساقه: -نوَّرت الشركة والدنيا كلها ياراكي إنما مقولتليش: - إيه رأيك في الشغل ياحضرة المستشار؟
رمقه سليم بغيظٍ عندما تجاهل سؤاله.

رجع راكان برأسه للمقعد وأغمض عينيه: -أنا بزهق بسرعة من شغلكم دا، دلف العامل بقهوتهم: -وضع القهوة وقال: المهندس آسر بيقول لحضرتك هيخلَّص الشغل بتاع المهندسة ليلى. وهيبعته لحضرتك.

عند آسما بالمزرعة: كانت تتحرَّك بين الخيول هي والدكتورة البيطرية عاليا ويتحدثون عن احتياجاتهم، توقَّفت أسما عندما استمعت إلى رنين هاتفها. ابتسمت حينما وجدتها ليلى: - لولة حبيبتي وحشتيني أوي، كدا من يوم حفلة نوح ماتقبلناش. كانت ليلى تستقلُّ سيارة أجرة عائدةً لمنزلها: - وإنتي كمان ياأسومة وحشتيني أوي. آسفة ياباشمهندسة. وقتي بقى ضيَّق بس وعد هحاول أعمل أجازة و أقضيه كله في المزرعة، وأهو أقعد مع نوح شوية.

سحبت نفسًا طويلًا وزفرته ثمَّ تحدثت: -أسما أنا قابلته النهاردة. قطبت أسما حاحبها وأردفت متسائلة: - هوَّ مين دا اللي قابلتيه ياليلى؟
نطقت بصوتٍ ممزوجٍ بمشاعرها التي جاهدت طويلًا لدفنها بداخلها: - راكان ياأسما اتقابلنا النهاردة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة