قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ظلها الخادع للكاتبة هدير نور الفصل التاسع عشر

رواية ظلها الخادع للكاتبة هدير نور الفصل التاسع عشر

رواية ظلها الخادع للكاتبة هدير نور الفصل التاسع عشر

. دخلت مليكة غرفة الاستقبال هاتفه بسعاده متجاهله والدتها التي كانت جالسه ترتشف قهوتها مع راقيه...
=نوح عجبه الاكل...
لتكمل بينما تجلس بجوار راقيه تحتضنها بلطف
=شكراً يا ماما راقيه، مش عارفه من غيرك كنت هعمل ايه،؟!
ابتسمت راقيه مربته فوق خدها بحنان لكن تلاشت ابتسامتها تلك عندما هتفت فردوس بينما تضع فنجان قهوتها بحده فوق الطاوله
=ماما راقيه،؟!

غمغمت راقيه بارتباك بينما تمرر عينيها بين مليكه و فردوس بحذر
=مليكه متعوده تقولي كده بس لو ده هيضايقك بلاش...
قاطعتها مليكه بينما ترمق والدتها بحده وتحدي في ذات الوقت
= لا طبعاً ايه اللي هيضايقها في كده مش كده برضو يا فردوس هانم
اجابت فردوس بارتباك و قد ادركت انها جعلت سخريتها واضحه امام راقيه و هذا ما لاتريده فهي تريد ان تكسب جميع من بهذا القصر.

=طبعاً، طبعاً يا راقيه هانم، انا مش مضايقه خالص انا بس استغربت ان مليكه بتقولك ماما...
لتكمل بصوت منخفض ضعيف مصطنعه الحزن
=اصل عمرها ما قالتلي كلمة ماما دي بتقولي زي ما انتي شايفه كده بتقولي فردوس هانم...
قاطعتها مليكه بسخريه عندما وجدتها سوف تبدأ بتأليف كذبه جديده تظهرها بها قاسيه بلا قلب و هي الام المضحيه البريئه
=مش انتي اللي قولتيلي مقولكيش ماما، و اقولك فردوس...

لتكمل بسخريه لاذعه بينما تبتسم في وجه والدتها بتحدي ضاغطه على كل حرف من كلماتها
=انتي بتنسي ولا ايه يا فردوس هانم
غمغمت راقيه باستنكار بينما تضغط على يد مليكه التي تستريح بين يديها
=ليه كده يا فردوس هانم حد يحرم نفسه من اجمل كلمه في الدنيا دي كلها
همست فردوس بارتباك بينما وجهها احمر من شدة الانفعال و الغضب
=اصل، اصل انا مبحبش حد يكبرني في السن، بعدين موكااا متعوده على كده...

قاطع حديثها صفيه التي دخلت الغرفه مغمغمه بتوتر
=مليكة هانم، نوح بيه عايز حضرتك في مكتبه.
انتفضت مليكه واقفه وعلى وجهها ارتسمت ابتسامه مشرقه فور سماعها هذا
=عن اذنكوا هروح اشوف نوح عايز ايه...
ثم اسرعت بمغادرة الغرفه دون ان تنتظر اجابتهم غافله عن نظرات والدتها الغاضبه التي كانت تتبعها حتى ان اختفت عن مجال نظرها...

دخلت مليكه غرفة المكتب بعد ان طرقت الباب وعلى وجهها لازالت تلك الابتسامه المشرقه مرتسمه لكن تلاشت تلك ابتسامتها تلك ببطئ عندما وجدت انه لم يكن بمفرده كان يوجد شخص اخر معه...
تراجعت للخلف بقوه وقد دب الذعر بداخلها عندما رأت ذلك الرجل ينتفض واقفاً يهتف بحده بينما يندفع نحوها محاولاً مهاجمتها فور ان رأها تدخل الغرفه
=فين فلوسي يا نصابه يا حراميه...

شعرت بالخوف يشل اطرافها فور سماعها تلك الكلمات اسرع نوح نحوهم واقفاً امام ذاك الرجل دافعاً اياه بقسوه بصدره مانعاً اياه من الاقتراب منها هاتفاً بشراسه بثت الرعب بداخل ذلك الرجل
=انت اتجننت عايز تمد ايدك على مراتي، ده انا ادفنك حي قبل ما تلمس شعره منها...
غمغم الرجل بارتباك بينما يفرك صدره مكان ضربة نوح له
=معلش يا نوح باشا، مقدرتش امسك نفسي لما شوفتها قدامي...

قاطعه نوح الذي كان على حافة ان يهدم هذا البيت فوقه و فوق تلك الملتصقه بالباب و جهها شاحب من شدة بخوف
=اترزع اقعد مكانك...
اومأ الرجل بصمت بينما يتجه نحو مقعده يجلس فوقه مره اخري
التف اليها ليجدها واقفه بجسد مرتعش و اعين محتقنه قاوم رغبته بجذبها نحوه و احتضانها حتى يختفي خوفها هذا لكنه لا يستطيع فعل هذا حتى يفهم ما يدور حوله زمجر بقسوه لها
=تعالي...

ظلت مكانها تنظر اليه بتردد لكنها تحركت بالنهايه مقتربه منه بخطوات بطيئه متردده حتى اصبحت تقف بجانبه احاط كتفيها بذراعه مقرباً اياها منه
=كنت بتقول ايه بقي يا استاذ مرتضي
هتف مرتضي بينما يرمق مليكه بقسوه.

=من حوالي 3سنين جالي و سيط وقالي ان في حته ارض حلوه تمنها يعدي ال5 مليون و ان صاحبتها مستعجله وعايزه تسافر علشان كده هتبيعها ب4مليون جنيه وافقت و روحت شوفت الارض و عجبتني بعدها روحت قابلت صاحبة الارض اللي اسمها هناء متولي اللي هي مرات حضرتك طلبت مني 2مبيون جنيه في الاول لكن انا رفضت و ادتلها مليون جنيه وكتبنا العقد الابتدائي على انها تاخد مني باقي الفلوس ال3 مليون جنيه وقت تسجيل العقد في الشهر العقاري بعدها اختفت. كأنها فص ملح و داب.

معرفتش اوصلها غير لما شوفت صور فرحكوا بالصدفه في الجرنال وقتها عرفت هي مين، و مرات مين
كانت مليكه تستمع إلى ذلك شاعره بالدماء تنسحب من جسدها ببطئ همست بصوت بينما تتراجع إلى الخلف بعيداً عن يد نوح التي اشتدت بقسوه حولها
=و الله العظيم مش انا، مش انا.

لتكمل بهستريه اكبر عندما رأت مرتضي يخرج من جيبه هاتفه الخاص و يعرض عليه فيديو يبينها وهي تتفق معه على بيع الارض فيديو مماثل تماماً لفيديو شقيقتها ملاك مع راقيه الكحلاوي عند احتايلها عليها
صاح الرجل بغضب بينما يشير بالهاتف الذي بين يده امام وجهها
=انتي هتستعبطي والفيديو ده ايه هااا ايه...
لم يدعه نوح يكمل جملته واندفع يقبض على فكه يعتصره بقوه مزمجراً بشراسه و قسوة
=قولتلك صوتك ده ميعلاش عليها...

ليكمل بقسوه دافعاً اياه إلى الخلف ليسقط فوق مقعده
=فلوسك هتاخدها، و مش عايز اسمعلك نفس تاني فاهم
اومأ مرتضي برأسه بصمت بينما يعتدل في جلسته على المقعد
امسكت مليكه بذراع نوح عندما وجدته يتجه نحو مكتبه مخرجاً دفتر شيكاته من جيبه لتفهم على الفور ما ينوي فعله
=بتعمل ايه يا نوح، والله ما خدت منه حاجه صدقني مش انا...
قاطعها بقسوه مزمجر من بين اسنانه بقسوه
=مش عايز اسمعلك صوت، فاهمه.

ابتلعت الغصه التي تشكلت بحلقها بصعوبه بينما ترتمي جالسه فوق الاريكه التي باقصي الغرفه تتابع ما يفعله باعين متسعه محتقنه شاعره بان عقلها قد اصيب بالشلل من شدة الخوف والصدمه في ذات الوقت
بدأ نوح يكتب فوق دفتر شيكاته
مغمغماً بقسوه بينما يلقي الشيك نحو مرتضي
=ده شيك ب2 مليون جنيه، مليون اللي اتاخد منك، ومليون علشان بوقك ده يتقفل ومسمعش صوتك تاني.

نهض ملتفاً حول مكتبه حتى اصبح يقف امام مرتضي الذي كان يتفحص الشيك الذي بين يده بلهفه قام بنزع هاتفه من يده الاخري قائلاً بينما يعبث بهاتفه حتى وصل إلى الفيديو الخاص بمليكه قام بارساله لنفسه من ثم قام بحذفه
= الفيديو ده معاك نسخه منهتانيه
هز مرتضي رأسه قائلاً
=لا يا نوح باشا، النسخه دي بس
اومأ نوح برأسه قائلاً بينما يضرب فوق كتفه بقسوه بثت الرعب بداخله.

=تمام، كده تقدر تمشي بس عايزك بقي اول ما تخرج من باب الاوضه دي تفقد الذاكره يعني اسم مراتي تلغيه من عقلك كأنك مسمعتوش قبل كده لو نطقت به حتى بينك وبين نفسك همحيك من على وش الدنيا...
ابتلع مرتضي الغصه التي تشكلت بحلقه بخوف
=اطمن يا نوح باشا. عمري ما هفتح بوقي...
اشار له نوح بيده صارفاً اياه ليجمع الاخير اشياءه ويفر هارباً من الغرفه.

بعد ان اصبحوا بالغرفه بمفردهم ظل نوح واقفاً بمكانه بمنتصف الغرفه يتطلع نحوها باعين تلتمع بالغضب والقسوه صاح بصوت حاد لاذع
=قوليلي سبب او مبرر واحد للي انتي عملتيه...
انتفضت في مكانها بجسد مرتعش خائف هامسه بتضرع محاوله جعله ان يصدقها برغم معرفتها ان هذا من المستحيل فلا يوجد شئ واحد يثبت صحة كلامها
=والله، يا نوح مش انا، دي ملاك اختي، والله مش انا...

نهضت واقفه على قدميها التي كانت ترتجفان بقوه بينما تضم يديها إلى صدرها اقتربت منه ببطئ حتى اصبحت تقف امامه همست بصوت مختنق
= انت ليه مش مصدقني، طيب، طيب حتى دور عليها هتلاقيها هي في امريكا...
قاطعها صائحاً و هو يقرب وجهه منها ينظر اليها بعينين تلتمع بوحشية مما جعلها تخفض عينيها في ذعر.

=ادور،؟! فكرك اني كنت ساكت كل الفتره اللي فاتت دي، مفيش مكان في امريكا او في مصر مدورتش فيه عليهت كان نفسي تطلعي انتي الصح وانا اللي غلط...
ليكمل هاتفاً بشراسه ارعبتها بينما يقبض على كتفيها يهزها بقوه
=لما نصبتي على ماما راقيه. بررلتك ده انك كنت محتاجه فلوس بسبب تعب باباكي، وضحكت على نفسي وقولت خلاص اللي فات مات المهم مليكه البريئه اللي معايا، علشان كنت عايزك، و كنت عايز اكمل معاكي حياتي...

ليكمل بصوت مختنق بينما يبتلع الغصه المتشكله بحلقه
=لكن دلوقتي هبررلك نصبك على الراجل دي بايه...
قرب وجهه منها هامساً بعجز وعينين تلتمعان بالرجاء
=قوليلي اي حاجه غير موضوع اختك ده و انا هصدقها، هضحك على نفسي وهصدقك كنت محتاجه ايه، ايه خالاكي تعملي كده
هدد الضغط الذي قبض على صدرها بسحق قلبها بينما ترفع يدها تمررها برفق فوق خده هامسه من بين شهقات بكائها المعذبه
=والله يا نوح مش انا، مش انا...

ابتعد عنها متراجعاً إلى الخلف بحده ثم التف مغادراً الغرفه لكنه توقف عندما لحقته مليكه للخارج التف اليها قائلاً بحده بينما يضغط على فكيه بقسوه محاولاً تمالك نفسه فقد كان يشعر بكامل عالمه ينهار من حوله...
=اطلعي على اوضتك...
همست بصوت مرتجف بينما تنفجر في البكاء مما جعله يهتز بداخله
=نوح...
صاح بقسوه مقاطعاً اياها
=قولتلك اطلعي اوضتك...

ظلت واقفه تنظر اليه باعبن ممتلئه بالالم قبل ان تركض صاعده الدرج وشهقات بكائها تتعالي مع كل خطوه لها ظل واقفاً يراقبها بوجه شاحب متألم لكنه ابعد ضعفه هذا من ثم اتجه نحو غرفه الاستقبال ليجد فردوس و راقيه لازالتان جالستان تتحدثان...
=فردوس هانم، عايز اتكلم معاكي شويه...
نهضت فردوس بارتباك قائله
=خير يا نوح، في حاجه يا حبيبي...
رسم فوق وجهه ابتسامه محاولاً عدم اظهار اي شئ لها مما يثور بداخله.

=ابداً، بس انتي من وقت ما رجعتي من استراليا واحنا مقعدناش نتكلم خالص سوا، علشان نتعرف على بعض اكتر
اشرق وجهها بابتسامه مشرقه فور سماعها ذلك بينما نهضت راقيه قائله بمرح
=طيب هسيبكوا تتكلموا سوا انتوا بقي واقولكوا تصبحوا على خير ميعاد نومي جه
ردت تحيتها فردوس التي كانت متلهفه لجلستها تلك مع نوح بمفردهم بينما قبلها نوح على خدها متمنياً لها ليله سعيده قبل ان تغادر و تتركهم بمفردهم...

بدأ نوح يتحدث معها عن احوالها وعن كيف كان وضعها المادي باستراليا و ديونها...
=طيب الديون دي كلها سددتيها ازاي،؟!
اجابته فردوس متصنعه الحزن
=بعت كل املاك المرحوم. و الحمدلله قدرت اسدد كل ديونه...
تراجع نوح للخلف في مقعده قائلاً بهدوء مخالف لما يثور بداخله
=طيب و ملاك اخت مليكه وضعها المادي عامل ايه...
غمغمت فردوس بارتباك و صدمه
=مم، ملاك،؟!
لتكمل ضاحكه و قد ادركت ما يحاول فعله فقد كان يحاول استدراجها.

=ملاك اخت مليكه مين، انا معنديش اولاد غير مليكه بس...
انسحبت الدماء من جسد نوح فور سماعه ذلك فقد كان لديه امل، حتى و ان كان بسيط بان لا تكون مليكه بتلك البشاعه والكذب غمغم بحده بينما ينهض واقفاً.
=معلش يا فردوس هانم نكمل كلامنا بعدين، مضطر امشي افتكرت حاجه مهمه لازم اعملها...
اومأت له فردوس مبتسمه متصنعه الجهل وعدم معرفتها بما يحدث معه...
راقبته وهو يغادر الغرفه بخطوات غاضبه كأن هناك شياطين تلاحقه.

=زكي، و دماغ كمان، و انا زي الغبيه كنت هقع بلساني...
لتكمل و هي تتراجع في مقعدها للخلف زافره بارتياح
=بس الحمدلله لحقت نفسي، و الا كنت هروح في داهيه...

كانت مليكه مستلقيه فوق الفراش تدفن وجهها بالوساده بينما تنتحب بقوه رفعت رأسها عن الوساده ببطئ واضعه يدها فوق صدرها ضاغطة على موضع قلبها في محاوله منها للتخفيف من الالم الذي لا يطاق به...

فهي لا تدري كم مر عليها من وقت وهي على حالتها تلك تنفست ببطئ محاولة تهدئت انفاسها الثقيله المتسارعه، وقد انتابتها موجة خوف جديده فمنذ وفاة والدها وهي تتعرض لتلك النوبات عندما تشعر بالعجز وهي الان اكثر من عاجزه بكثير لا تعرف كيف يمكنها الخروج من ورطتها تلك فالامر يتعلق بخسارتها المحتمله لنوح وهذا ما لن تستطيع تحمله ابداً فالموت ارحم لها بكثير من كل هذا، فالحل الوحيد الذي امامها لكشف حقيقة شقيقتها هي ان تخبر والدتها نوح بكل الحقيقه لكنها تعلم جيداً انها لن تخبره فهي لن تضحي بابنتها العزيزه من اجلها هي النكره.

اخذت تتذكر نظراته لها فلأول مره ترا تلك النظره بعينيه فقد بدا ضعيفاً للغايه. انفجرت في البكاء مره اخري فور تذكرها لاوقاتهم السعيده معاً عالمه بانها لن تتكرر مره اخري فقد خسرته للابد رفعت رأسها هاتفه بتضرع و الم
=ياااا رب، يا رب انت اللي عالم بحالي يا رب...
اختفت باقي كلماتها وسط شهقات بكائها التي اخذت تتعالي بقوه ضمت ساقيها إلى صدرها في حمايه جسدها الذي كان يرتجف بشدة...
بعد مرور ساعه...

دخل نوح الجناح الخاص بهم ليجد مليكه مستلقيه فوق الفراش نائمه بوجه محتقن متورم فيبدو انها قد امضت الساعات الماضيه في البكاء حتى سقطت بالنوم شعر بقبضه حاده تعتصر قلبه فور تخيله لها تبكي طوال تلك المده اقترب منها متأملاً وجهها الذي ارتسم فوقه معالم الالم و الحزن ابتلع الغصه التي تشكلت بحلقه قبل ان يستدير ويولي لها ظهره قبل ان يضعف فلم يعد يستطيع تحمل كل ما يمر بهم. فقد امضي الساعات الماضيه في التفكير في وضعهم هذا فهو يعلم بانه لن يستطيع ان يتركها لذا لا يوجد امامه سوا ان ينسي كل شئ و يسامحها على كل مافعلته في الماضي، لكن شيطانه يظل يهمس ماذا اذا لم تتغير بالفعل، ماذا اذا كانت لازالت تلك المحتاله، او كل ما رأه منها من برائه و عاطفه كان تمثيل من اجل ماله فقط لعن بقسوه مبعداً تلك الافكار بعيداً، حتى لا يقوم بما سوف يندم عليه طوال حياته يجب ان يفكر بعقله ويبعد عواطفه تلك بعيداً فهو يحبها لا بلا يعشقها حد الجنون اصبحت كل شئ له بهذه الحياه لن يستطيع خسارتها بتلك السهوله، اخرج ملابس نومه ارتداها ببطئ و لاتزال الافكار تتزاحم بعقله زفر بحنق شاعراً بألم يعصف بداخله يكاد يزهق روحه.

توجه ببطئ وتثاقل نحو الفراش استلقي بجانبها ظلت عينيه مسلطه فوقها متأملاً شعرها الحريري الذي يغطي جانب وجهها المتورم شعر بجسدها ينتفض بينما تهمس بشئ ما غير مفهوم من ثم بدأت بالبكاء بنومها مخرج نشيج متألم هامسه بكلمات اوضح
=نوح، نوح متسبنيش...

بدأت تهزي من بين انتحابها فمظهرها هذا جعل قلبه يتحطم إلى شظايا داخل صدره اقترب منها على الفور جاذباً اياها بين ذراعيه يحتضنها بقوه و شغف كما لو كانت اغلي شئ بهذه الحياه بالنسبه اليه...
بدأ يمرر يده بحنان فوق ظهرها محاولاً تهدئتها حتى استكانت تماماً بين ذراعيه وانتظم تنفسها اخفض رأسه نحوها متأملاً وجهها الباكي وهي لازالت نائمه همس بصوت اجش متعذب.

=يارتني كنت اقدر اسيبك و ابعد بسهوله زي ما انتي فاكره...
لم يستطع مقاومة ان يخفض رأسه ويلثم وجهها المتورم بقبلات لطيفه متتاليه قبل ان يدفن رأسه بعنقها يقبله بشغف ايقظها من ثباتها العميق.
تلملمت في نومها هامسه بصوت اجش من اثر النوم وهي لازالت لم تستوعب قبلاته فوق عنقه.
=نوح...
زمجر مجيباً اياها بينما يزداد عنف مشاعره فتصبح اكثر حدة.

حتى رفع رأسه يقبلها في عناق حار يبث به غضبه و خوفه و جميع تلك المشاعر التي اهلكته منذ الصباح حتى اصدرت مليكه صرخه محتجه لكنه حجز صداها داخل فمه.
ثم دس وجهه في عنقها مرة اخرى فحاولت مليكه تحمل عنفه وغضبه الواضح هذا لكنها لم تستطع التحمل كثيرا تطلق صرخة قوية بينما رأسها يتراجع للخلف دافعه اياه بقوه في صدره...

ابتعد عنها على الفور ينظر اليها باعين متسعه اخذ يتفحص شفتيها المكدومتين بقسوه و ما صنعه عنف مشاعره فوق بشرتها ليعن بقسوه
قبل ان ينتفض ناهضاً من فوق الفراش
هتفت مليكه بصوت مرتجف عندما رأته يخرج بدله من بدلاته من الخزانه و يبدأ بارتداءها سريعاً
=نوح، انت. رايح فين،؟!
اجابها بقسوه و حده بينما يغلق ازرار قميصه باصابع متعثره
=همشي، همشي من هنا.
انتفضت واقفه مقتربه منه قابضه على قميصه قائله بتضرع و الم.

=لا، علشان خاطري كله، الا ده
لتكمل بينما تنفجر في البكاء مما جعل قلبه يرتج بداخله
=كل حاجه هنحلها، بس علشان خاطري بلاش تبعد و تسبني، بلاش تسيب اوضتنا انت عمرك ما عملتها متحسسنيش ان اللي ما بنا انتهي و مش هينفع يتصلح
احاط وجهها بكفتي يديه المرتجفه هامساً بصوت متعذب
= لو فضلت هنا، غضبي هينهي كل حاجه بنا هأذيكي و هأذي نفسي معاكي...

همست بصوت مرتجف ضعيف باسمه محاوله منعه من المغادرة لكنه التف مغادراً الغرفه بعد ان التقط سترته مغلقاً الباب خلفه بهدوء انهارت بعدها مليكه على الارض تبكي كم لم تبكي طوال حياتها...

في اليوم التالي...
هبطت مليكه للاسفل بوجه شاحب واعين منتفخه من شده البكاء فقد ظلت طوال الليل تنتظر عودة نوح لكنه لم يأتي حتى الان...
املها الوحيد الان هي والدتها فهي من تستطيع انقاذها من كل ذلك.

اتجهت نحو غرفة الاستقبال وهي تعلم بان راقيه سوف تكون ذهبت منذ الصباح الباكر للجمعيه الخاصه بها فاليوم هو الخميس و ايتن لن تعود حتى يوم السبت من سفرها فقد سافرت منذ اكثر من شهر مع اصدقائها للاستمتاع. اي ان هذا الوقت هو المناسب للتحدث مع والدتها...
دخلت الغرفه لتحمد الله عندما رأت والدتها جالسه ترتشف قهوتها بينما تتفحص هاتفها...
=عايزه اتكلم معاكي...

وضعت فردوس فنجان القهوه فوق الطاوله قائله بسخط بينما ترفع عينيها اليها
=علي طول كده مفيش حتى صباح الخ...
قاطعت جملتها هاتفه بحده فور رؤيتها لوجه مليكه الشاحب وعينيها المحتقنتين
=ايه ده في ايه، وشك عامل كده ليه...
جلست مليكه بجانبها قائله بصوت مهتز
=عايزاكي تقولي لنوح الحقيقه و تعرفيه ان ملاك هي اختي التوأم اللي بتعمل كل ده. و هي اللي نصبت على ماما راقيه...
انتفضت فردوس واقفه هاتفه بحده.

=لا. طبعاً عايزاني اقوله كده علشان اختك تتسجن...
لتكمل بشراسه بينما ترمق مليكه بنظرات قاسيه حاده
=انتي اصلاً انسانه انانيه مبيهمكيش الا نفسك...
همست مليكه بصدمه بينما تشير إلى نفسها بيدها
=انا، انا اللي انانيه.؟!
صاحت فردوس بغل
=ايوه انانيه، انتي جوزك سامحك، ومش هيقدر يعملك حاجه لكن اختك، اختك لو نوح الجنزوري عرف هيمحيها من على وش الدنيا و لو كانت مستخبيه فين...
قاطعتها مليكه بقسوه.

=نوح مين اللي سامحني انا حياتي مع جوزي بتتهد بسبب بنتك، بنتك اللي مكتفتش بانها تنصب على راقيه الكحلاوي، لا نصبت كمان على مرتضي الزيان والله اعلم نصبت على مين تاني...
شحب وجه فرودس بشده فور سماعه ذلك غمغمت بصوت مرتجف
=الله يخربيتك يا ملاك، الله يخربيتك...
اقتربت منها مليكه ممسكه بيدها قائله بصوت مرتجف.

=لو في قلبك ليا ذرة حب واحده، حاولي تساعديني نوح كل حياتي انا لو خسرته ممكن اموت مقدرش اعيش من غيره...
ربت فردوس على يدها قائله بهدوء
=هساعدك، هساعدك متقلقيش...
لتكمل وهي تبتعد عنها بصوت حاد
=بس لكل حاجه تمن...
وقفت مليكه تتطلع اليها بصدمه قائله بارتجاف
=تمن، تمن ايه؟!
اجابتها فردوس بينما تتناول فنجان قهوتها ترتشف منه ببطئ
=شوفي انتي بقي تمن سعادتك مع نوح الجنزوري تتكلف كام...

لم تستغرب مليكه كثيراً من كلامها هذا فقد لم ترا منها اي حنان او اي ما يدل على الامومه حتى تستغرب من فعلتها تلك لذا سوف تضحي بقطعة الارض التي تملكها مقابل سعادتها مع نوح اومأت رأسها قائله
=هكتبلك الارض بتاعتي دي تمنها يعدي دلوقتي ال4مليون...
ارجعت فردوس رأسها للخلف مطلقه ضحكه ساخره لاذعه
=الارض،؟!
لتكمل بينما تجلس فوق مقعدها مره اخري.

=الكلام ده كان ينفع قبل ما جوزك يسألني على ملاك وقولتله مفيش ليكي اخت من الاساس...
قاطعتها مليكه هاتفه بحده وغضب
=بتقولي ايه نوح سألك و انتي قولتيله ان مفيش ملاك...
تجاهلتها فردوس مكمله حديثها ببرود
=علشان يصدقني لازم اجبله ملاك لحد عنده و يشوفها وطبعاً ده هيكلفني كتير علشان كده عايزه منك 10مليون جنيه...

هتفت مليكه بهستريه خارجه عن سيطرتها فقد اصبح كل شئ فوق احتمالها فقد تحملت الكثير و الكثير من والدتها لكن هذه كانت النقطه التي جعلت كوب صبرها يفيض
=انتي ايه، صنفك ايه؟!
يا شيخه حرام عليكي انتي بتعملي فيا كده ليه مكفكيش اللي عملتيه فيا دمرتي حياتي في الاول، و يوم ما ربنا عوضني بالشخص اللي عوضني عن كل قسوتك وظلمك في حقي جايه انتي وبنتك تهدموا كل حاجه...

اخذت تصرخ بهستريه منفعله مما جعل فردوس تتراجع للخلف بخوف
=عايزين مني ايييييه، حرام عليكوا ارحموووني بقي كفايه...
اندفعت نحوها دافعه بيدها فنجان القهوه من بين يدها ليرتطم بقوه بالارض متحطماً امسكت بذراعها بقسوه جاذبه اياها من فوق مقعدها
=انتي تمشي من هنا مش عايزه اشوف وشك تاااني في اي مكان انا فيه...
هتفت فردوس بصوت منتحب تعجبت له مليكه
=بتطردي امك من بيتك، طيب هروح فين يا بنتي انا ماليش غيرك.

صاحت مليكه بحده بينما تجذبها نحو الباب بقسوه
= ايوه بطردك من بيتي و ميهمنيش تروح في اي داهيه، مش عايزه اشوف وشك تاني...
لكنها توقفت عن تكملة جملتها تبتلع لعابها بخوف فور ان استدارت وهي تجذب والدتها نحو الباب لتجد نوح واقفاً يتطلع نحوها بقسوه و غضب بينما يراقب ما تفعله بوالدته زمجر بحده و هو ينظر اليها بازدراء
=وصل بيكي القرف، انك تطردي مامتك بالشكل ده...

شعرت كما لو ان احدهم طعنها بنصل حاد في قلبها عندما سمعت كلماته تلك و رأت نظرات الاحتقار الواضحه في عينيه التي كان يرمقها بها...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة