قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ظلمها عشقا للكاتبة إيمي نور الفصل الخامس والعشرون

رواية ظلمها عشقا للكاتبة إيمي نور الفصل الخامس والعشرون

رواية ظلمها عشقا للكاتبة إيمي نور الفصل الخامس والعشرون

دخل عادل للمكان وهو يشير لصالح بالنهوض قائلا بتعجل
: انت لسه عندك بتعمل ايه، انا مش قلت تمشى من هنا حالا.

نهض صالح ببطء من مقعده قائلا بهدوء
: يابنى اهدى كده وفهمنى فى ايه، انا مش فاهم منك حاجة ولا من مكالمتك.

زجره عادل بخشونة وقد احتقن وجهه بشدة
: يابنى مانا عرفتك كل حاجة فى التليفون، انت مش عاوز تسمع الكلام ليه، ولازم كل حاجة تعند فيها.

اقترب منه حسن يحاول التهدئة وقد لاحظ احتقان وجه صالح هو الاخر ليسرع قائلا
: براحة بس ياعادل، وفهمنا ايه الحكاية.

التف اليه عادل صارخا بحنق
: الحكاية ان اخوك فى حد مبلغ عنه انه بيتاجر فى الحشيش وفى قوة من القسم طالعة على هنا حالا علشان تفتش.

صاح حسن بصوت مذهول
: انت بتقول ايه، ومين ده اللى بلغ؟

صرخ عادل مرة اخرى ولكن هذه المرة بقلق واضطراب وهو يشير لصالح
: انتوا لسه هتسألوا، يابنى اخلص وقوم، كلها دقايق ويوصلوا على هنا.

جلس صالح فوق مقعده يريح ظهره للخلف قائلا بهدوء
: يا اهلا بالبوليس ورجالته، بس انا مش عامل عاملة علشان اهرب منها.

هذه المرة من قام بالصراخ عليه هو حسن صائحا
: قوم ياصالح واسمع الكلام، البوليس مش هتحرك الا لو متأكد من البلاغ ومحدش عارف مش يمكن اللى بلغ ده حط ليك حاجة هنا ولا هنا.

عقد صالح حاجبيه بتفكير للحظة ظن عادل وحسن فيها اقتناعه بحديثهم ولكن اتت كلماته التالية صادمة لهم حين قال بهدوء شديد
: برضه مش هتحرك من مكانى، وزى ما تيجى.

صاح عادل بإحباط وهو يشد شعره من عند صديقه يقف هو وحسن يتطلعان الى بعضهم بقلة حيلة حتى صدح صوت السرينة الخاصة بالشرطة اعقبها دخول ضابط ومعه عدد من الرجال يسألهم بحزم
: مين فيكم صالح منصور الرفاعى.

اشار صالح الى نفسه يجيبه بهدوء ليتبع الضابط حديثه قائلا
: فى امر من النيابة بتفتيش شقتك والمغلق هنا كمان.

اقترب منه عادل متوجها بالحديث اليه قائلا
: انا عادل الحسينى محامى صالح ممكن اشوف اذن النيابة.

مد ضابط الشرطة يده اليه بورقة وهو يبتسم ابتسامة جانبية ساخرة
: لا واضح اوى انكم مستعدين والمحامى حاضر كمان، اتفضل يامتر الاذن اهو.

لم ينتظر انتهاء عادل من الاطلاع على الورقة التى بيده يأمر رجاله بالانتشار داخل المكان لتفتيشه بيما وقفوا هم فى انتظار انتهائهم وقد قلبوه رأسا على عقب حتى انتهوا اخيرا يتجمعوا مرة اخرى امامهم يهتف احدهم بصوت خشن غليظ
: مفيش حاجة ياباشا، المكان كله نضيف.

عادل موجها حديثه الى الضابط
: يا باشا ده اكيد بلاغ كيدى، واكيد التحريات كانت فى صالح موكلى.

الضابط وهو يرمق صالح الواقف امامه بهدوء شديد من اعلاه لاسفله بتقيم
: والله يامتر كيدى مش كيدى، ده شغلنا ولازم نشوفه، واظن ده ميضايقش حد لو موكلك زى ما بتقول نضيف.

ثم اشار الى صالح برأسه قائلا
: ادامى ياصالح علشان نشوف الشقة هى كمان.

وبالفعل توجه الجميع للمنزل وفى لحظات كانوا بالاعلى تفتح لهم فرح الباب شاهقة بفزع وعيون مصدومة وهى تتراجع للخلف تسأل صالح بخوف
: فى ايه ياصالح، البوليس هنا ليه؟

لم يجيبها بل اشار لها برأسه نحو الخارج قائلا بحزم
: انزلى انتى يافرح تحت ومتطلعيش الا...

قاطعه الضابط قائلا بحزم هو الاخر
: محدش هتحرك من هنا الا لما نخلص شغلنا.

ثم اشار لرجاله بالانتشار داخل الشقة بينما وقف صالح امامها يخفيها بجسده بحماية وقد تشبثت بظهر قميصه تراقب دخول هؤلاء الرجال فى انحاء الشقة تمر الدقائق بطيئة عليها حتى عاود الرجال التجمع اخيرا ويتم اخبار الضابط مجددا بعدم عثورهم على شيئ ليتجهم وجهه بشدة قبل ان يلتفت الى صالح قائلا
: الظاهر انه فعلا بلاغ كيدى، بس احنا كان لازم نشوف شغلنا ونتأكد.

هز له صالح رأسه موافقا قائلا بهدوء
: طبعا ياباشا حقكم ومحدش يقدر يعترض عليه.

اومأ له الضابط ثم اشار لرجاله بالانصراف وفى الحال خلى المكان من وجودهم يتبعهم الضابط ومعه حسن وعادل والذى استوقفه صالح مناديا اياه قائلا له بحدة وغضب مكبوت
: عاوز اعرف مين اللى بلغ عنى، اعمل اى حاجة ياعادل ومترجعش الا لما تعرف لى مين ابن ال ده.

اومأ له عادل موافقا ثم غادر المكان فورا بينما وقف صالح فى وسط شقته يجسد متوتر مشدود عينيه تطلق شرارات الغضب تدور داخل عقله دوامة من الافكار حتى انتشلته هى من داخلها حين شعر بها تلقى بجسدها المرتعش بين ذراعيه هامسة بخوف وارتعاب
: فى ايه ياصالح، فهمنى ايه اللى حصل، انا خايفة.

شدد من ذراعيه حولها مقبلا رأسها بحنو قائلا بصوت حاول جعله هادئ غير مبالى برغم كل ما يعتمل بداخله فى تلك اللحظة
: متخفيش من حاجة طول ما جنبك، وبعدين كل حاجة خلصت، كل الحكاية حد من معلمين السوق بس حب يعمل لنا شوية دوشة ودربكة قبل ما ندخل على الشغلانة الجديدة.

شددت من احتضانه اليها ترغب بأخفائه بين اضلعها وقد اثار بحديثه هذا خوفها اكثر واكثر لاتستطيع ان تصدق ان من الممكن ان تصل منافسة عمل الى هذا الحد وقد كانت على حق كما يعلم هو ايضا هذا جيدا.

لطمت كريمة خدها وهى تصرخ بلوعة تخاطب زوحها على الطرف الاخر من الهاتف
: وسمعت كلامه ليه يا مليجى، طب كنت عرفنى قبل ما تعمل كده...

مليجى بصوت مرتعش مختنق
: كنت هعمل ايه يا كريمة، هو قالى ان لازم حد يعمل البلاغ بأسمه علشان البوليس يتحرك بسرعة.

كريمة وهى تلطم خدها مرة اخرى باكية وهو يكمل حديثه غير عالم بحالها
: وبعدين انتى خايفة ليه، انتى مش حطيتى الامانة زى ما قلتى لظاظا، يبقى خلاص احنا فى السليم وكله...

صرخت كريمة به توقفه عن الحديث
: انا محطتش حاجة يا مليجى، انا ضحكت على ظاظا و فهمته انى عملت اللى طلبه منى، بس انا كنت ناوية من الاول اخد القرشين ومعاهم فلوس الحشيش وكان فى دماغى ان ادامى شوية عما البوليس يتحرك اكون انا ساعتها شوفت له بايعة، بس كله اتهد على دماغى ودلوقت هيتعرف ان انا اللى ورا الليلة.

انهارت قدمى مليجى يسألها بصوت مصدوم
: انت بتقولى ايه يابنت ال انتى، طب معرفتنيش ليه انك ناوية على كده.

صمت للحظة عاقد حاجبيه بشدة قبل ان تتسع بأدراك يصرخ بها موجها اليها عدد لا حصر له من السباب قائلا بعدها
: انتى كنتى ناوية تاخدى الفلوس لوحدك صح، كنتى ناوية تسيبى الحارة كلها وتسبينى صح يا بنت ال.

صرخت به هى الاخرى تتحدث بحرقة والم
: اه يا مليجى كنت ناوية على كده، كنت هاخد عيالى واسيب الحارة اللى بيتعايروا فيها بأبوهم وعمايله وكفاية عليا وعليهم شقى وغلب لحد كده، بس اهو كل حاجة ضاعت وزمان ظاظا عرف انى محطتش الحاجة وقليل اما قتلنى فيها، ده غير صالح واللى هيعمله.

مليجى بصوت انهزامى تتخلله غصات البكاء
: ده كل اللى همك ياكريمة بعد كل العشرة دى عاوزة تسبينى وتاخدى منى عيالى.

فزت كريمة واقفة تصرخ له بأوجاع سنين عشرتها له تفرغ من داخل جوفها كل ما ظلت تعانيه وتكتمه داخل صدرها من ذل المعيشة واهاانات لا حصر لها منه فى حقها وحق ابنائها
: عشرة ايه اللى بتكلمنى عنها، كانت فين عشرتك دى وانت كل يوم تصبحنى وتمسينى بعلقة ومشغلنى فى كل بيت شوية بلقمتى ولقمة عيالى، شوف يا مليجى انا هاخد العيال وهمشى وكفاية عليا وعليهم لحد كده.

لم تجد اجابة من الطرف الاخر يسود الصمت التام لتهتف به برجاء كاد يتحول لصراخ
: اوعى يا مليجى تجيب سيرتى، اوعى تعرف حد ولا تقول للبوليس ان انا اللى كنت هحط الحشيش لصالح فى شقته.

مرة اخرى لم تجد استجابة منه ولكنها لم تعير هذا الامر اهتماما هذه المرة، بعد ان وجدت امامها سماح تقف بالباب وهى شاحبة شحوب الموتى وعينيها جاحظة من شدة صدمتها يتضح من ملامحها ان قد استمعت الى كل ماقالته لتسقط جالسة فوق الاريكة بعد ان هربت منها اعصابها ترتجف بشدة وقد اصبح امر زوجها وما حدث له اقل مخاوفها الان...

فى اثناء ذلك كان انور ظاظا قد دخل المكان يهتف بمليجى الشاحب وعينيه تطلق شرارات الغضب والجنون
: طبعا بتكلم بنت ال مراتك صح، ضحكتوا عليا يا مليجى ولبستنى انت والو مراتك العمة.

اخذ مليجى يهز رأسه بالنفى بحركات هسترية خائفة وقد سقط الهاتف من يده ارضا متحطما يتراجع للخلف امام تقدم انور الهائج منه لكنه لم يتمكن من الهرب اكثر وقد اوقف الجدار تراجعه ليندفع نحوه انور كالوحش الهائج نحوه ينهال عليه بالضربات والركلات العنيفة حتى اسقطه ارضا لكنه لم يكن قد اكتفى يكمل فوقه بالضربات حتى اصابه بطرف حذائه فى مقدمة رأسه بقوة جعلته ينزف بغزارة لكن لم توقف انور بل زادته هايجا رؤيته للدم تزاد ضرباته وحشية وهو يصرخ كمن اصابه الجنون.

: اه ياعيلة و مجاليش من وراها غير المصايب والهم، ورحمة امى لدفعكم التمن غالى اووى واولكم بنت ال بنت اختك اللى ضعت بسببها.

استمر على ضربه ولكمه لميلجى حتى خارت قواه لينحنى عليه يمسك بشعره بين اصابعه بقسوة يرفع وجهه الغارق بدمائه نحوه قائلا بلهاث وشراسة
: قولى يابن ال مراتك عرفت صالح وقالت له كل حاجة مش كده.

هز مليجى رأسه بصعوبة بالنفى يهمس باعياء
: لاا وحياتك يا برنس، دى كانت ناوية تاخد الفلوس وتطفش بيها، ده حتى كانت خايفة ان صالح يعرف انها ليها يد فى الحكاية.

ضيق انور نظراته فوقه بعدم تصديق للحظات كان مليجى فيها يتطلع اليه برجاء ان يصدقه لينفض رأسه بعيدا بعنف تأوه له مليجى بألم وانور ينهض على قدميه قائلا بتفكير
: يعنى كده صالح ميعرفش انى ليا دخل فى الموضوع...

مليجى بلهفة واعياء وهو يحاول النهوض على قدميه
: اه وحياتك يا برنس ما يعرف حاجة، متخفش سرك فى بير.

التفت اليه انور وعينيه تلتمع بوحشية قائلا
: ولازم يفضل فى بير الا ورحمة امى اسلمك للبوليس بأيدى متنساش يابن الان البلاغ كان بأسمك انت، فاهم يا مليجى ولاا اوضح اكتر.

احنى مليجى رأسه بخنوع تتساقط دموعه يئن جسده من شدة الالم لكنه لم يكن شيئ مقارنة بما ينهمر فوقه من مصائب لاحصر لها لن تنتهى ابدا.

مرت عليه عدة ساعات مرهقة حتى استطاع اخيرا الرجوع الى المنزل واليها يحتاج الى دفن ارهاقه وتعبه بين ذراعيها واحضانها بعد ان تلقى الان صدمة معرفة ان خالها مليجى هو صاحب البلاغ عنه للشرطة قد استطاع عادل معرفة تلك المعلومة ليقوم بأخباره اياها بعد تردد منه فى وجود شقيقه حسن والذى ما ان عرف حتى هاج وثار وتمكن هو بصعوبة من السيطرة عليه واستخراج وعد منه بالا يخرج هذا الخبر عنهم هم الثلاثة خوفا من صدمة وشدة هذا الخبر عليها وحتى ايضا لا يقوم احد من اهل المنزل بمضايقتها بأى طريقة قد تمسها او تألمها حتى يتمكن من حل هذا الامر بعيدا عن الجميع...

دخل الى شقتهم يغلق خلفه الباب ولكنه توقف يتطلع حوله مستغربا وقد وجد ان الشقة يسودها الهدوء على عكس توقعه وقد ظن انها ستهرع اليه كالعاصفة حتى تستقبله كعادتها معه كل ليلة، يتقدم للداخل بحثا عنها بلهفة حتى قادته خطواته الى غرفة نومهم ليجدها اخيرا تجلس فوق فراشهم وهى تحنى رأسها وخصلات شعرها تتساقط حول وجهها تخفيه عنه فيناديها بنعومة ينبها لحضوره لكنها وعلى غير العادة تجاهلت ندائه تظل على وضعها ليسقط قلبه هلعا وقد ظن بها خطب ما يجرى نحوها قاطعا المسافة بينهم فى غمضة عين ثم يجلس عل عقبيه امامها يمد يده يزيح خصلات شعرها بعيدا عن وجهها حتى يستطيع رؤية ملامحها يسألها بلهفة وقلق.

: فرح مالك، قاعدة ليه كده.

لم تجيبه بل ظلت على وضعها تخفض وجهها بعيدا عنه ليتملكه القلق اكثر واكثر يسألها ثانيا وهو يقوم بأحاطت وجنتيها بكفيه يرفع وجهها نحوه ليصدمه شحوب وجهها الشديد وعينيها فارغة النظرات يرى التية والصدمة داخلهما ورعشة شفتيها وهى تحاول التحدث لكن لا يخرج من بينهم سوى همهمات غير مفهومة انتظرها هو بصبر يحثها بعينيه على التماسك حتى استطاعت اخيرا ان تتحدث تسأله بخفوت وتلعثم
: عرفت، مين، اللى، بلغ عنك.

زفر صالح براحة وقد قفزت الى ذهنه فى تلك الثوانى المعدودة الاف الاشياء المريعة ترعبه عليها يجيبها بمرح وهو يتلمس بأبهاميه بشرة وجنتيها بحنان
: بقى ده اللى عامل فيكى كده، ياشيخة وقعتى قلبى من الخوف.

نهض على قدميه واقفا ويوقفها معه يحيط بذراعيه خصرها يقربها منه قائلا بحنان
: يا قلبى من جوه متشغليش بالك انتى بالموضوع ده، ولا تفكرى فيه خالص...

فتحت شفتيها تهم بالحديث لكنه لم يملها الفرصة ينحنى عليه يحتضن شفتيها بشفتيه يقبلها بتمهل شديد لكنها كانت تقف بين ذراعيه متجمدة شفتيها ترتعش تحت شفتيه ولكن ليس بأستجابة كما ظن فى بادئ الامر بل من محاولتها السيطرة على تلك الدموع والتى تساقطت رغما عنها فتتذوقها شفتيه ليبتعد عنها فورا يتطلع اليها بذهول قلق هامسا
: ليه فرح كل ده، صدقينى ياقلبى الموضوع مش مستاهل كل اللى انتى فيه ده كله.

انفجرت كالبركان صارخة وصوتها مختنق بالبكاء
: لا ياصالح يستاهل، لما يبقى خالى هو اللى بلغ عنك يبقى يستاهل.

تجمد فى مكانه تضيق نظراته فوقها وهو يسألها بأقتضاب
: وانتى عرفتى منين الكلام ده؟

حاولت ابتلاع غصة بكاء حتى تجيبه وهى تشهق باكية كطفلة صغيرة قائلة
: سمااح، اتصلت من شوية، وقالت ليا.

عقد ما بين حاجبيه بشدة وقد اظلمت عينيه بطريقة ارعبتها وهو يسألها ببطء حذر
: وسماح ايه اللى عرفها بحاجة زى دى، اذا كان عادل نفسه مقدرش يعرف الا من شوية.

اتسعت عينيها بخوف وصدمة تتلعثم اكثر فى كلماتها
: يعنى، انت كنت عارف، انه خالى، اللى عمل كده.

هتف بها بحدة جعلتها تهب فزعا منه قائلا
: اختك عرفت منين يافرح ردى عليا.

ازدردت لعابها بصعوبة يزداد شحوبها اكثر واكثر بطريقة جعلت قلبه يرق شفقة عليها لكنه ظل على وجوم وجهه لا يتراجع فهو بحاجة لاجابتها تلك حتى تتضح له كل الصورة لا يحاول مقاطعتها حين قالت بصوت متقطع خائف
: سماح قالت ليا انها سمعت، انها سمعت...

لم تستطع اخباره وعينيها فى عينيه تشعر بالخجل والعار يلف بحباله حول عنقها فيختنق صوتها اكثر فأكثر لكنه لم يحتمل الصبر حتى تكمل يصرخ بها وقد توتر كل عصب به
: سمعت ايه يافرح انطقى، وخلصينى.

قفزت الكلمات من جوفها بسرعة بعد صراخه الحاد عليها تلقيها بأنفاس متقطعة كأنها حمم تحرقها ومعها شهقات بكائها
: سمعت كريمة وهى بتتكلم مع خالى بتترجاه انه ميجبش سيرتها للبوليس ان هى اللى كانت هتحط ليك المخدرات.

ساد الصمت التام المكان تقف امامه ترتعش اوصالها فى انتظار عاصفة غضبه والتى كان له كل الحق بها لكنه وقف كالصنم لا يتحرك به شيئ حتى عينيه وقد سلط نظراته المظلمة فوقها وهى تقف امامه كمن فى انتظار النطق بحكم اعدامه تمر عليها اللحظات بطيئة قاتلة حتى تحدث اخيرا بخشونة وحدة
: روحى البسى حالا، علشان هننزل على بيت اهلك.

انطلقت كلماته كالرصاص تستقر فى قلبها لينزف بين اضلعها وهو يئن بألم تتحرك من مكانها باتجاه خزانتها ببطء تجرجر قدميها تحت انظاره المراقبة لاتستطيع الافراج عن صرخة واحدة تعبر بها عن المها فى تلك اللحظة وقد علمت بانها النهاية بينهم فليس هناك من يستطيع ان يغفر تلك الفعلة او يتخطاها بسهولة تقف امام الخزينة وعيونها تغشاها الدموع تختطف من داخلها اول ما طالته يدها المرتعشة تهم بأرتدائه لكن اتت يديه من خلفها يمسك به يوقفها وهو يهمس فى اذنيها بحنان.

: فرح، انت فاهمة انا عوزك معايا ليه وانا رايح هناك صح، اصل ميصحش انى اروح لوحدى هناك كده ولا ايه.

وثب قلبها بفرحة فى صدرها تبتسم ببلاهة وعينيها تلتمع بعد ان كلماته تلك وقد اراد بها ان يوضح لها سبب طلبه لذهابها معه حتى لا يقفز عقلها الى شيىء اخر كعادته معها يشعر بصحة قراره بعد ان التفتت اليه تلف ذراعيها حول عنقه بسعادة طاغية تحتضنه بقوة جعلته يبتسم بحنان يضمها اليه هو الاخر بقوة وهو يهمس لها.

: انا عارف انك مجنونة وعقلك الصغير، بس مش لدرجة تخليكى تفكرى ان ممكن استغنى عنك ولو للحظة حتى ولو خالك ومراته عاملوا ايه...

ابعدها عنه يضع جبهته فوق جبهتها وانامله تزيح دموعها يكمل تختفى من عينيه اى اثر لظلامها السابق تشرق بالعشق لها قائلا بصوت اجش متحشرج
: عارفة حتى لو كنت اتسجنت بسببهم، برضه عمرى ما كنت ابدا هسيبك، انتى روحى يا فرح روحى اللى ردت ليا اخيرا، روحى الا عمرى ما هفارقها الا فى حالة واحدة بس وهى بموتى.

شهقت بفزع تضع يدها فوق شفتيه توقفه عن الكلام تهتف بلوعة
: متقولش كده ان شالله اللى يكرهك ويتمنى ليك الوحش، دانا عايشة فى الدنيا دى علشانك انت وبس يا روح وقلب ونن عين فرح من جوه...

لم يجد القدرة على مقاومتها وقد اختطفته وجعلته يقع اسيرها واسير كلماتها تلك ينحنى عليها يقبلها بكل شوق ولهفة يسرق معها لحظات من العمر سيظل يتغنى له قلبه عمره بأكمله حتى نفذت منهم الانفاس فيبتعد عنها بصعوبة قائلا بأنفاس متلاحقة سريعة لم تكن انفاسها بأبطأ منها
: يلا البسى، علشان ننزل، ونرجع بسرعة علشان نكمل كلمنا فى الموضوع ده ونشوف مين فينا اللى يبقى روح التانى اكتر.

شع وجهها بالسعادة تومأ له بسرعة وهى تسرع فى ارتداء ملابسها لا يهمها بعد الان اى شيئ فهى على استعداد لمواجهة العالم كله طلما معه ويدها بيده لا يهمها ماهو اتى مهما كان.

وبالفعل بعد نصف الساعة كانت تقف هى وهو داخل الشقة الخاصة اهلها وكريمة تقف امامهم تتصبب عرقا وهى تقص على مسامعهم كل ماحدث واتفاقها المخزى مع انور عليهم قائلة برجاء ودموعها تتسابق على وجنتيها تخاطب فرح
: غصب عنى الفلوس كانت كتير والشيطان ضحك عليا، بس والله يا فرح ما كنت ناوية اعمل كده، انا كنت هاخد الفلوس وامشى من هنا...

تطلعت اليها فرح واحتقار العالم فى نظراتها تمسك نفسها بصعوبة حتى لا تقوم بالهجوم عليها ونهشها باسنانها تمزقها اربا لكنها اشاحت بوجهها بعيدا عنها لا تطيق حتى النظر نحوها لتلتف كريمة الى سماح والتى جلست محنية الرأس واكتافها متهدلة بخزى قائلة برجاء
: قولى لهم ياسماح انا قلتلك ايه لما عرفتى، مش قلت انى هعترف بكل حاجة لسى صالح، وحتى هعطى لهم الفلوس ومش عاوزة منها حاجة صح يا سماح، صح.

لكنها لم تجد من سماح استجابة هى الاخرى لتسرع نحو صالح الواقف مستندا بكتفه على الحائط بعد ان اختطفت من فوق الطاولة كيس من البلاستيك اسود اللون تمد يدها به نحوه تهتف بلهفة
: اهى ياسى صالح الفلوس والحاجة بتاعت ظاظا خدهم انا مش عوزاهم، بس والغالى عندك تقولهم يسامحونى.

اعتدل صالح فى وقفته يمسك بالكيس من يدها يفتح ببط تحت انظار الجميع المهتمة ياخد من داخله رزمة المال ويلقى بها فوق الطاولة قائلا بصوت حازم قوى
: لا يام امير الفلوس متلزمنيش وهى عندك اهى اعملى فيهم ما بدى لك.

لوح امام عينى كريمة المنتبهة باللفافة داخل الكيس بحجمها الكبير وهو يكمل
: انا اللى يلزمنى الحاجة دى وبس، اما بخصوص اللى بينك وبين فرح وسماح فى دى حاجة تخصهم لوحدهم مقدرش ادخل فيها، كل اللى اقدر اقوله انك تحمدى ربنا علشان لولاهم انا كنت دفنتك حية مكانك.

تغيرت لهجته فى كلماته الاخيرة لتصبح قاسية عنيفة وقد توحشت نظراته لدرجة جعلت كريمة تتراجع للخلف عدة خطوات عنه تكاد ان تتعثر وقد شحب وجهها بشدة تتسع عينيها بخوف وارتعاب من تهديده العنيف.

ثم فتح صالح بعدها الباب يخرج من المكان فى حال بعد ان طلب من فرح ان تتبعه لتنهض سريعا نحو شقيقتها تقبلها وهى تطلب منها برجاء
: علشان خاطرى تعالى معايا، متقعديش هنا معاها.

هزت سماح لها رأسها بالرفض قائلة بأرهاق وخفوت
: مش هينفع انت عارفة، وبعدين متخفيش عليا هيحصل ايه تانى اكتر من اللى بيحصل لنا.

ربتت سماح فوق وجنتها هامسة بحنان
: روحى انتى يلا على بيتك متسبيش جوزك تحت مستنى وانا بكرة هكلمك.

وقفت فرح مكانها يظهر التردد عليها ورفضها لترك شقيقتها لكن اسرعت سماح تحثها على المغادرة مرة اخرى بحزم اطاعته فرح تغادر بعدها بعد ان رمقت كريمة بنظرة محتقرة كارهة تغلق خلفها الباب ليسود الصمت بعدها قطعته كريمة تنادى بأسم سماح برجاء لنتهض سماح من مكانها تتجه لغرفتها تترك لها المكان كله لكنها وقفت بعد خطوات قائلة لها بحزم وشدة.

: الفلوس اللى بعتينا علشانها مرمية عندك اهى يا كريمة، ياريت بقى اقوم الصبح ملقكيش هنا، واظن انك كنتى ناوية على كده من الاول يبقى ياريت تنفذى، وكفاية علينا لحد كده منك ومن جوزك.

دخلت غرفتها تغلق الباب خلفها بعنف بينما وقفت كريمة مكانها عينيها تقع فوق المال الملقى فوق الطاولة ولسان حالها يتسأل هل كان هذا المال يستحق كل ما فعلته من اجله، هل كل كان يستحق كل ما ضحت به من اجل الفوز به، تمضى بها الدقائق والساعات دون ان يصل عقلها لاجابة تريحه.

: تمام ياعادل، يعنى ادامك اد ايه وتخلص.

قالها صالح وهو يحمل هاتفه يتحدث من خلاله الى صديقه بعد عودتهم من منزل اهلها على الفور بينما تقف هى لا تعلم عن اى شيئ يدور حديثهم بعد ان تأخرت فى الصعود خلفه وقد استوقفتها والدته تسألها عدة اسئلة فضولية تحاول ان تستوضح بها عن سبب خروجهم فى هذا التوقيت حتى استطاعت اخيرا الفكاك منها بصعوبة تصعد ورائه على الفور لتجده فى منتصف حديثه الغامض هذا لا تفقه منه شيئ وهى تسمعه يكمل.

: كويس اووى، بس قبلها تعرفنى قبل الجماعة ما تتحرك، علشان اكون رتبت كل حاجة.

تلوت معدتها من شدة توترها وقلقها يخبرها حدسها انه يدبر لامر ما تسرع نحوه تسأله باضطراب وقلق فور ان انهى حديثه فى الهاتف يغلقه بعدها
: انت ناوى على ايه ياصالح، وجماعة ايه دى اللى بتتكلم عنهم.

التفت نحوها ببطء لتشحب بشدة وقد صدمها ما رأته من ظلام وغضب نظراته لكن سرعان ما تبدد كأنه لم يكن بطريقة جعلتها تشك فيما رأته وهو يتقدم منها وفوق شفتيه ترتسم ابتسامة كبيرة وهو يهتف بمرح صاخب يشير اليها قائلا
: ومعانا ومعاكم فرح هانم، ملكة الدراما الاولى
يكمل بعدها بجدية برغم ابتسامته المرحة
: هكون ناوى على ايه يا بنتى، ده مكالمة عن الشغلانة اللى كنت قلتلك عليها وبكلم عادل يخلص اوراقها.

تطلعت نحوه بشك تسأله بتوتر وارتباك
: يعنى انت مش بتدبر حاجة لانور ترد له القلم بيها.

صدحت ضحكة صالح عالية وهو يجذبها نحوها يلصقها به قائلا بصعوبة وبصوت يتخلله الضحك
: مش بقولك غاوية دراما ونكد، بطلى فرجة على افلام عربى يا فرحة قلبى اللى خلاص اكلت دماغ دى.

رفعت كفها تحيط وجنته به تتلمس خشونتها تحت اصابعها وهى تهمس له بخوف ورجاء
: طب ريح قلب فرحتك وقولى ناوى لانور على ايه، واخدت من كريمة لفة الحشيش ليه.

ابتعد عنها فجأة يتعطى لها ظهرها صائحا بأستياء
: هكون ناوى على ايه يعنى يافرح، ولا اى حاجة، كل الحكاية ان هروح اتكلم معاه ونخلص الموضوع بينا وبين بعض ونقفله لحد كده.

اسرعت بأحتضانه من الخلف تريح رأسها على ظهره وهى تضع راحتيها فوق صدره هاتفة بسعادة
: بجد ياصالح، متعرفش انت ريحت قلبى اد ايه دلوقت.

امسك بأحدى كفيها يرفعه الى شفتيه يقبله برقة قائلا بهدوء يناقض شراسة ملامحه والغضب الذى امتلئت به عينيه
: اطمنى يا قلب صالح ومتقلقيش، مفيش حاجة هتحصل تستاهل قلقك علشانها ابدا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة