قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ظلمها عشقا للكاتبة إيمي نور الفصل الثاني

رواية ظلمها عشقا للكاتبة إيمي نور الفصل الثاني

رواية ظلمها عشقا للكاتبة إيمي نور الفصل الثاني

وقفت الحاجة انصاف فى وسط مطبخها تتابع الاعداد لوليمة الغذاء المقامة استعدادا لحضور اهل خطيب وحيدتها ياسمين تلقى بعدة تعليمات للفتاة العاملة لديها بشأن الطعام ثم تحركت ناحية الطاولة فى جانب المطبخ والتى جلست خلفها كريمة زوجة مليجى العايق وقد انهمكت فى اعداد الخضروات المتراصة امامها لتجلس بجوارها وتقوم بالمساعدة قائلة بأرهاق
: شكلى هندم انى مسمعتش كلام البت ياسمين وجبت طباخ بدل البهدلة دى.

رفعت كريمة وجهها تبتسم بشاشة قائلة
: ولا هتندمى ولا حاجة، هو فى احلى من عمايل ايدك ونفسك فى الاكل برضه.

تنهدت انصاف بحزن قائلة
: والله يا كريمة ماكان وقته ولا ليها لازمة بس هعمل ايه فى بنتى ودلعها.

: ومالها بنتك بقى ياست ماما؟!

قالتها شابة فى اوائل العشرينات متوسطة الجمال بتدلل وقد وقفت امامهم تضع قناعا للوجه اخضر اللون وترتدى احدى القمصان البيتية زاهية اللون لتجيبها والدتها قائلة بحنق
: مدلعة ياعين امك، ودماغك رايقة، ومش على بالك حد غير نفسك.

نظرت ياسمين باضطراب ناحية كريمة والتى تصنعت الانشعال بما فى يدها من اعمال قبل ان تتحدث قائلة بحرج وابتسامة مصطنعة
: ماما ياحبيبتى، اظن اننا خلصنا كلام فى الموضوع ده من يومين، فملهاش لازمة نفتحه تانى.

انصاف بأستهجان وصوت حزين
: موضوع ايه اللى اتقفل؟!، بقى مين عاقل ياناس يقول اعمل عزومة وهيصة وانا ابنى لسه مطلق من شهر وقلبه لسه مكسور.

ضربت ياسمين الارض بقدميها حنقاً تهتف وقد تناست وجود كريمة
: ومين قال برضه انى كمان مفرحش، المفروض ان خطوبتى كانت من شهر وحكمتوا عليا بعد اللى حصل ان البس الشبكة على الساكت، كمان مش عوزانى اعزم اهل خطيبى.

لم تعير انصاف لغضبها ادنى اهتمام قائلة بعبوس واستهحان
: ماهو ده اللى كان ناقص، نعمل خطوبة كمان.

صرخت ياسمين بغضب
: وانا مالى بكل ده، ولا هو طلاقه ده هيجى على دماغى، بعدين هو موافق وقالى اعملى اللى انتى عوزاه.

تنهدت انصاف بحزن تهمس
: هو طول عمره كده ياقلب امه، حزنه وفرحه جواه محدس بيحس بيه.

ثم التفتت الى ياسمين قائلة بعتب
: يبقى احنا نحس على دمنا ونراعى ده، مش نعيط وندبدب فى الارض علشان يتعمل لينا اللى عوزينه، ده خطيبك كان عنده دم عنك ومكنش موافق يجى لا هو ولا اهله.

لوحت ياسمين بيدها بلامبالاة تبتسم بسماجة
: وهو وافق فى الاخر وجاى، واللى عوزاه حصل ممكن بقى نقفل على الموضوع ده، وتقولولى هتعملوا ليهم غدا ايه.

هنا اسرعت كريمة تجيبها بأبتسامة بشوش تعدد لها اصناف الاطعمة المعدة لتصرخ ياسمين بعدها بأستهجان ورفض
: بس كده، ايه ده، وده بقى اللى بتعملوه من الصبح.

صرخت بها انصاف هى الاخرى تلقى بالسكين من يدها قائلة بحنق
: اه يا شملولة هو ده اللى بنعمله من الصبح مش عجبك شمرى ايدك واعملى معانا بدل مانتى واقفة تتأمرى علينا، واندهى مرات اخوكى هى كمان تساعد معانا.

ضغطت ياسمين فوق شفتيها قائلة بحرج مصطنع
: لا مش هينفع انا اصلى هاخد سمر ونروح نجيب كام حاجة من بره...

صمتت قليلا مفكرة قبل ان تهتف بانتصار بعدها
: بس انا عرفت اجيبلكم مين يساعدكم، ثوانى وراجعة.

ثم خرجت سريعا من المطبخ لتزفر انصاف بقلة حيلة تدمدم من بين شفتيها بحنق جعل كريمة تبتسم لها قائلة بتسامح
: معلش يا ست انصاف، صغيرة برضه ونفسها تفرح زى البنات.

هزت انصاف رأسها بالموافقة ولكن كانت عينيها تنطق بالحزن والاسف على ما اصبحت عليه صغيرتها من انانية وحب الذات وقد ساعدت هى ووالدها فى هذا عندما افراطهم فى تدليلها حتى صارت لا تبالى بأحد سوى نفسها فقط.

: مالك يابت قاعدة كده ليه وضاربة بوزك شبرين؟!
تسألت سماح وهى تتثائب خارجة من غرفتها حين وجدت فرح جالسة فوق الاريكة بالية الفرش بوجه مكفهر غاضب ينذر بهبوب عاصفة لتجيبها قائلة بحدة
: البيه خالك كلمنى من شوية وعوزنى اروح بيت الحاج منصور.

قطعت سماح تثائبها الثانى تهتف بحدةوقد اتسعت عينيها ذهولاً
: نعم، تروحى فين، وليه.

صرخت فرح بغيظ وعينيها تشتعل غضباً
: هيكون ليه يا فالحة يعنى..

ضاقت عينى سماح تضغط فوق اسنانها حنقاً
: هو هيشتغلنا تانى ولا ايه، مش كنا خلصنا منه موضوع الخدمة فى بيوت الحارة ده.

تنهدت فرح بحزن قائلة
: خلصنا ايه، واللى بتعمله مرات خالك من يوم موت امك ده يبقى اسمه ايه يافالحة.

زفرت سماح لا تجد ما تجيبها به تسألها بتوتر
: طب وانتى رديتى عليه بأيه؟

اسرعت فرح تجيبها بحنق وحدة
: قلت لا طبعا، وزعقت معاه كمان فى التليفون.

سماح بأضطراب وقلق
: ليه يافرح، كنتى روحتى وخلاص، اهو دلوقت هيجى يطلع عنينا.

صرخت فرح مستنكرة
: بتقولى ايه انتى كمان، اروح فين، ها اروح فين ياسماح.

اقتربت سماح منها تجلس بجوارها قائلة بأسف وحزن
: عارفة ياقلب اختك، بس هنعمل ايه ده حكم القوى علينا، اهو دلوقت يجى يفتح صوته ويلم الشارع علينا ويفضحنا.

فرح وهى تلقى بهاتفها من يدها بجوارها قائلة بحدة
: يعمل اللى يعمله، انا مش رايحة فى حتة، طب زمان كنت بعمل كده وبروح مع امك بس كنت عيلة وبفرح لما بروح هناك، انما دلوقت كبرت ومبقاش ينفع، ومن يوم اللى حصل رجلى مخطتش هناك حتى لو مع امك يبقى اروح تا...

قطعت حديثها بغتة حين تعالت طرقات عنيفة فوق الباب الخارجى يعقبها صوت رجولى اجش يهتف بغضب
: افتحى الباب يابت منك ليها، افتحوا لكسره على دماغكم يا ولاد ال
لطمت سماح وجنتيها تهمس برعب وهلع
: مش قلتلك، اهو جه وجايب فضايحه معاه.

لم تعير فرح صرخاته اهتماماً تجلس مكانها هادئة بينما اسرعت سماح ناحية الباب تفتحه سريعاً ليدلف مليجى بجسده الضخم وملابسه ذات الالوان الصارخة مكفهر الوجه غضباً وهو يوجه الحديث لفرح قائلا بخشونة
: مابتفتحيش الباب ليه يابت انتى، انا مش واقف بخبط من بدرى.

اجابته فرح ببرود قائلة
: وافتح ليه؟ما انت معاك مفتاح، ولا مكسل تطلعه وتفتح زى ما انت مكسل تعمل حاجات تانية كتير فى دنيتك.

احتقن وجهه بشدة وهو يندفع نحوها صارخاً بشراسة
: تقصدى ايه يابنت ال انتى.

اسرعت سماح بأمساكه من ذراعه توقفه بصعوبة قائلة بهلع تحاول تهدئته
: متقصدش ياخالى، والله ماتقصد حاجة.

سأل مليجى فرح بحدة وغضب متجاهلا محاولات سماح ايقافه
: وايه حكاية مش رايحة دى ياعين امك، انت تقومى تلبسى حالا وعلى بيت الحاج منصور، ومشفوش وشك تانى الا مع مرات خالك فاهمة ولا لا، قومى فزى يلا.

وقفت فرح على قدميها قائلة بتحدى
: مش رايحة فى حتة، واظن ده اللى قلتهولك فى التليفون.

هم مليجى بالانقضاض عليها مرة اخرى لتسرع سماح قائلة بتوتر ورجاء
: معلش ياخالى، اصل رجليها دخل فيها مسمار ومش هتعرف تمشى عليها، انا بقول يعنى لو اروح انا مكانها.

التف اليها مليجى يهتف بعند واصرار
: لا ياحيلة امك، انا قلت هى يبقى هى وكلامى هو اللى هيمشى.

صرخت فرح بحرقة رافضة
: وانا قلت مش رايحة يعنى مش رايحة، ايه انت ما بتفهمش.

انقلب حال مليجى فورا يحتقن وجهه غضباً وقد انتفخت عضلات صدره كأنه يستعد لمعركة حامية يدفع سماح للخلف بعنف لتسقط ارضاً صارخة بألم وبينما يتجه هو فوراً ناحية فرح يجذبها من خصلات شعرها بقوة حتى كاد ان يقتلعها بين اصابعه ثم يهوى فوق وجنتها بلطمة عنيفة جعلتها ترى ضوء ساطعاً اغشاها للحظة تصرخ متألمة وهو يقوم بهز رأسها بعنف قائلا بشراسة وقسوة.

: لسانك بقى طويل يابنت ال وبقيت عنيكى قوية عليا، وحشتك علق زمان ولا ايه؟

رماها ارضا بقسوة صارخاً
: ورحمة امك يافرح، ان كلامى ماتسمع لكون عامل الليلة عليكى وعلى المحروسة اختك حفلة ضرب للصبح، ومفيش مانع لما مرات خالك وعيالها ينوبهم من الحب جانب هما كمان.

التمعت عينيه وهو يبتسم بشراسة ثم يضع حذائه فوق قدمها المصابة يدعسها بعنف يكمل دون شفقة بدموعها وصرخاتها المتألمة
: شكلى بقالى كتير ماروقتش عليكم ونسيتوا مين هو مليجى العايق ياغجر.

اندفعت سماح نحوه تدفعه بعيدا عنها وهى تصرخ برعب وتذلل
: خلاص هتروح، ابعد بقى عنها، ابعد يا مفترى.

ثم جلست جوارها تحتضنها بين ذراعيها بحماية ليبتعد عنهما باصقاً عليهم بأشمئزاز قبل ان يغادر يغلق خلفه الباب بعنف ارتجت له جدران المنزل فتصرخ فرح بعد خروجه باكية بحرقة
: روح ربنا ياخدك يا بعيد ونرتاح منك.

اخذت سماح تهمس لها بحنان كلمات مواسية بينما انهارت هى باكية بدموع القهر تهمهم بكسرة
: امتى بقى نرتاح منه، هو احنا عملنا ايه علشان ربنا يعقبنا كده ياسماح؟

اخذت تكرر كلماتها تلك تنهار باكية تشاركها سماح هى الاخرى البكاء حزناً على مصيرهم الاسود وما يعانوه بسبب ذلك الوحش وافعاله السوداء.

كان يجلس امام محله الخاص بيع قطع غيار السيارات مراقباً حركة نساء الحارة المارة لا يترك امرأة تمر من امامه دون ان تلتهمها عينيه بشهوة وفجور حتى لمح مليجى يسير مسرعاً وهو يدمدم لنفسه بعضب ليناديه عالياً فينتبه مليجى اليه تتبدل ملامحه فوراً للفرحة وهو يسرع فى اتجاهه بتلهف حتى وقف امامه يلقى بتحية خانعة قائلا
: مرحب يابرنس الحارة، امرنى اى خدمة.

ابتسم انور غروراً وزهواً من كلماته قائلا
: عوزك تبقى تعدى عليا بعد المغرب كده، فى مصلحة وعوزك فيها.

تهلل وجه مليجى بفرحة يفرك كفيه معا قائلا
: تحت امرك يا برنس، بس ايه مفيش تحية حلوة منك كده زاى بتاعت امبارح.

هز انور رأسه بالايجاب غامزاً بعينه بخبث وهو يمد يده داخل جيبه يخرج منه لفافة صغيرة مغلفة يمدها نحوه قائلا
: فيه يا مليجى، واحلى من بتاعت امبارح كمان.

خطفها مليجى من يده بتلهف وهو يقبل كفه قائلا بتذلل
: تسلملى يابرنس الحارة كلها، والله مانا عارف اقولك ايه على كرمك ده كله معايا.

ابتسم انور وهو يتراجع فى مقعده قائلا ببطء وصوت مغرى يعد بالكثير
: ولسه يا عايق، دانا هغرقك وهيبقى كل يوم من ده، بس توافقنى على اللى عوزه منك.

اسرع مليجى يجيبه بتأكيد وحزم
: موافق على كل اللى تأمر بيه دانا خدامك يا برنس.

انتفخ انور زهواً زفراً ببطء وراحة وعينه يلتمع بداخلها بريق النصر وفقد اصبح قاب قوسين من هاجس اصبح يسرق منه النوم فى لياليه وجعله يتلظى بنيران شوقه ولهفته بسببه.

تسمرت قدميه عند مدخل منزلهم لحظة رؤيته لها يراها تصعد درجات الدرج ببطء يصله تمتمتها الخافتة بكلمات سريعة لكنه علم منها بمدى غضبها وحنقها مما جعله يبتسم وهو يتقدم نحوها بخطوات هادئة حتى اصبح يجاورها تماما يسألها بصوت متهكم ساخر
: يااساتر كله ده، مكنتش اعرف ان زيارتك لينا مضيقاكى اوى كده.

شهقت متفاجئة حين وصلها صوته تتراجع الى الخلف دون حذر حتى كادت ان تسقط من فوق تلك الدرجتين لولا ان اسرع نحوها يقوم بالامساك بها سريعا يجذبها اليه بتلهف يقربها منه بحماية لتتسلل اليها رائحة عطره الرجولى فتغمض عينيها مستمتعة وهى تتشربها داخل صدرها لتنسيها العالم وأين ومن هى حتى، تقف مرتجفة بين ذراعيه فى عالمها الحالم به وبقربه حتى أتاها صوته القلق يناديها ليسحبها الى واقعها مرة اخرى تشعر به كدلو ماء يلقى فوقها ينبها الى حالها فتسرع بالابتعاد تجذب نفسها بعنف بعيد عنه بحركة عنيفة كانت لعينيه كأتهام منها له باستغلال الوضع لبيتعد عنها هو الاخر قائلا بحدة وخشونة يكمل حديثه السابق كما لو كان لا شيئ قد حدث:.

: ومدام مضايقة كده، تعبتى نفسك وجاية ليه من الاساس.

شعرت بحرارة الحرج تكتنفها من طريقته الحادة معها لتسرع قائلة هى الاخرى بحدة ودون تفكير
: مكنتش جاية على فكرة، بس امك هى اللى بعتت مع خالى علشان...

تراجع صالح يستند الى الحائط خلفه مبتسما ببطء وعينيه ترمقها بنظرة ساخرة قائلا
: امك! هى بقى اسمها امك؟! مش المفروض كبرتى وبقيتى تعرفى تتكلمى ازى.

ازداد توترها وحرجها تدرك بأنها تستحق منه سخريته هذه ردا على سخافة ردها عليه لذا فضلت الصمت والصعود هرباً منه ومن هذا الحديث الحرج معه فتسرع بصعود الدرج بأضطراب وتعجل غافلة عن اصابة قدميها لكن ما ان وطأت قدمها فوق الدرج حتى شهقت بقوة وهى تنحنى عليها تمسك بها تعض فوق شفتيها بألم تلعن خالها داخل عقلها وما تسبب به من زيادة الالام لقدمها لكنها اسرعت باظهار التماسك والثبات على ملامحها حين سألها صالح بقلق ولهفة وهو ينحنى نحو قدمها هو الاخر.

: هى لسه رجلك وجعاكى، هو العلاج معملش نتيجه ولاايه؟!

ابعدت فرح قدمها عن مرمى يده تعتدل واقفة تجيبه بأرتباك وهى تتراجع بعيد عنه
: لااا، هى بقت كويسة خلاص ممكن بقى لو سمحت تتفضل تطلع انت انا مش عاوزة اعطلك.

اعتدل صالح ببطء بوجه هادئ غير مقروء التعبير لكن نظرات عينه كانت بعيدة عن الهدوء اميال جعلتها تزدرء لعابها متوترة تشعر كأنها تحت المجهر وهو يتحدث بهدوء متهكم
: ما انا كنت طالع بس قلت اخلينى وراكى اسندك احسن ما تندلقى من على السلم زى زمان..

هنا وشعرت بأن قدرتها على تحمل تهكمه الدائم عليها تكاد ان تنهار وقد ارتفعت غصة البكاء تكاد تخنقها ودموعها تنتظر منها السماح حتى تنفجر من عينيها وهى تدرك مقصده وحين اراد تذكيرها بمرات سقوطها المتعددة حين كانت تلهو فوق درابزين الدرج هنا مع شقيقته فى صغرها وهرولته نحوها مهدئا لها بكلمات حنون رقيقة تنسيها الالم وهو يداوى جروحها فى كل مرة لكن الان وبعد ان انتهت هذه الايام اسرعت تجيبه بغضب اصبح سلاحها المعتاد امام هجومه الدائم عليها فى كل مرة يراها فيها قائلة.

: لااا شكرا، مش محتاجة حد يسندنى، انا مبقتش صغيرة علشان اقع من على السلم تانى.

تراجع صالح متفحصا لها بدقة تعالت معها دقات قلبها كقرع الطبول تقف مكانها ثابتة وهو يرمقها بنظراته تلك ثم فجأة تعلو عينيه نظرة ساخرة قائلا لها ببطء وتهكم
: لااا ماهو واضح ياست فرح، ياكبيرة.

قالها ثم استدار فورا يصعد الدرج سريعا تاركاً اياها خلفه تلعن نفسها الف مرة على غباء قلبها الاحمق وحضورها الى هنا مرة اخرى حتى ولو كانت تحت ضغط من خالها تهمس لنفسها ضاغطة فوق شفتيها بحنق
: عجبك كده ياختى، اهو رجعنا تانى لقديمه علشان يتريق عليكى بلسانه اللى عاوز...

قطعت كلمتها زافرة بقوة تمنع نفسها عن اتمام جملتها ثم تكمل بعدها بندم
: لا بلاش ميهنش عليا برضه ده مهما كان صالح، قال وانا اللى بقول لنفسى كبرتى يابت يافرح وبقى ليكى هيبة ادامه، بلا نيلة عليكى على رأئى اختك سماح.

اخذت تدمدم لنفسها بكلمات غير مترابطة حانقة وهى تصعد الردج ببطء حتى وصلت اخيرا الى الباب الخاص بشقة والديه تصمت فجأة شاهقة بصدمة حين وجدته يقف امام الباب مستندا فوق الحائط المجاور له عاقدا ذراعيه فوق صدره وهو يرمقها بنظرة كسولة تعدل فورا بقامتها ترسم فوق ملامحها الجدية قائلة وهى تشير ناحية جرس الباب المجاور لرأسه
: ممكن لو سمحت ترن جرس الباب.

هز كتفه بلا مبالاة يشير برأسه ناحية الجرس العالى نسبياً عليها يحدثها بنبرة صوته العميقة الاجشة وقد تسللت داخلها تذيبها وتذيب قلبها عشقاً رغم التهكم بها وهو يهز كتفه بلا مبالاة قائلا
: رنيه انتى، اظن انك كبرتى وتعرفى ترنيه لوحدك ولا ايه؟

اتبع حديثه بالتحرك للجانب لكنه لم يغير من وضعية وقوفه فتقدمت بخطوات مرتعشة تصعد الدرجات المتبقية تقف امامه وعينيها تدور بينه وبين الجرس القريب منه بتوجس وخشية ثم تنفس بعمق وهى تتقدم من مكان وقوفه ببطء تتطلع فى عيونه برهبة قابلها هو بأبتسامة ساخرة اصبحت ضحكة عالية صاخبة تردد صداها فى المكان حين انتفضت تلتف حول نفسها تهرول هاربة وهى تهتف بتلعثم و أضطراب.

: مش عاوزة، انا هروح بيتنا، ابقى، قول لامك، انى...
لم تكمل حديثها بل اسرعت تهبط درجات السلم تتعثر فى خطواتها يطاردها صوت ضحكته وقد تردد صداها ليس فى المكان فقط بل داخل قلبها ايضا فتتسارع ضرباته كأنها على وشك الاصابة بنوبة قلبية ولكن هذه المرة ليس من تأثير جاذبيتها عليها بل حرجاً واستحياء من حمقها ولكن ماذا هى بفاعلة فليس بيدها حيلة فامامه دائما تصبح طفلة حمقاء متسرعة تسبقها افعالها قبل تفكيرها.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة