قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ظلمها عشقا للكاتبة إيمي نور الفصل الثامن

رواية ظلمها عشقا للكاتبة إيمي نور الفصل الثامن

رواية ظلمها عشقا للكاتبة إيمي نور الفصل الثامن

بجسده كجمرة النار وعيونه المظلمة وقف يحدق فى حروف اسمها الظاهرة فوق شاشة هاتفه فبرغم تجاهله لرسائلها طيلة اليوم وهى تتوسله فيها تارة وتهدده تارة اخرى لكنه لم يتوقع ان تكون بتلك الجرأة والجنون وتقوم بالاتصال به بمثل هذا الالحاح فى هذا التوقيت لاعنا نفسه لعدم قيامه باغلاق الهاتف لكن خشى عودة مليجى وقيامه بشيئ يستدعى تدخله وقتها لذا لم يجد امامه حلا وقد طفح به الكيل سوى بالرد عليها ووضع الامور فى نصابها الصحيح معها يتحرك مغادرا الغرفة متجاهلا نداء فرح الملهوف له لمعرفة هاوية المتصل..

يقف بعدها بجسد مشدود واصابعه تضغط فوق الهاتف بعد ان ضغط زر الاجابة يهتف بها بحدة وغضب
: اتجننتى خلاص يا امانى وكمان بتتصلى بيا فى وقت زى ده.

ساد الصمت من طرفها لحظة قبل ان تجيبه بصوت مرتعش خائف كأنها صدمت لهجومه العنيف عليها
: غصب عنى، مقدرتش استحمل وكان لازم
اكلمك.

ضغط صالح على اسنانه يفح من بينهم وصوته يحمل الوحشية والقسوة رغم محاولاته للسيطرة
: انا ماسك نفسى عنك طول اليوم وانتى عمالة تبعتى فى رسايلك ال، واقول معلش هتعقل وتفوق للى بتعمله واخرها بتهددينى يا امانى تيجى هنا وتفضحينى.

هتفت امانى به بحرقة والم يتحشرج صوتها بالبكاء
: كنت عاوزنى اعمل ايه وانا شيفاك بتضيع منى وبتبقى لواحدة غيرى، انا بموت ياصالح بموت، خايفة انام مصحاش من كتر الوجع اللى فى قلبى.

زفر بقوة يضغط فوق جسر انفه بقوة قائلا لها بصوت هادئ لين لعله يبث به بعض من التعقل داخل عقلها
: خلاص يا امانى اهدى ملهوش لازمة عياطك ده، اللى حصل حصل، والظروف حكمت بده، يبقى تهدى وبلاش تعملى فى نفسك كده.

لكن زادت حالة الهياج لديها بعد رده الهادئ هذا عليها صارخة به بجنون وغضب
: ده كل اللى عندك تقوله ليا، اهدى وبلاش اعمل فى نفسى كده.

التف حول نفسه يشعر بحاجته للحركة قبل ان يقوم بركل وتحطيم شيئ ما هامسا بحدة وعيون مظلمة من شدة غضبه
: صوتك مايعلاش عليا فاهمة ولا لا، واقفلى يلا، انا اللى غلطان انى رديت عليكى من الاساس.

توحش صوتها تهتف بغل تعميها نار غيرتها
: انت رديت مش علشان سواد عيونى ولا خوفك عليا، لااا انت خفت منى انفذ تهديدى واجى لعروستك اعرفها احنا اطلقنا ليه، علشان كده لازم تسمع كل اللى عندى.

تجمد جسده يقبض باصابعه بقوة فوق ظهر احدى الكراسى حتى ابيضت مفاصله يسمعها تتحدث اليه بخبث ساخر
: طبعا مصدوم انى عارفة و متأكدة انك خبيت عليها، علشان تعرف بس ان محدش قادر يفهمك ادى، بس عندك حق تخبى عليها وجعتك ماهى مش ملاك ونازل من السما علشان ترضى بوضع زى ده.

سرعان ما ان انخفض صوتها بمرارة يغلبه بالبكاء وهى تكمل
: بس عارفة هى برضه مسكينة وصعبانة عليا..
وهى بتضيع عمرها معاك على امل كداب يا عالم هيحصل ولا لا، وفى الاخر المطلوب منها لاما ترضى وتعيش عمرها كله من غير ماتسمع كلمة ماما، لاما تحن عليها وتطلقها فى الحالتين هى الخسرانة وهو كله فى الاخر لحكم الظروف.

صالح بصوت بارد برودة الجليد لا يظهر تأثره بكلماتها وقد كانت كل كلمة منها كفيلة بان تهدم جبلا
: خلصتى كلامك خلاص؟

امانى بصوت مهزوم خافت لكنه يحمل السم بين طياته
: ايوه ياصالح خلصت، ومبروك عليك الجوازة الجديدة، بس يارب تخلف ظنى وظنك تطلع اجدع من غيرها مع انى ماظنش ده هيحصل.

اغلق الهاتف ببطء ملقيا به فوق المقعد عينيه تلتمعان ببريق مظلم مخيف شفتيه مضمومتان بقوة وجسده متصلب يقاوم السقوط فى حجيم اضرمت نيرانه فيه من جديد يتشبث كالغريق حتى لا تجذبه السنة لهبه للسقوط بداخله، لكن وبرغم جميع محاولاته لم يستطيع المقاومة طويلا وقد عاودت لطمه حقيقة تجاهلها عن عمدا وقد القى بها خلف ظهره متجاهلا عواقبها تلبية لنداء قلبه العاشق المتيم بها وتوسل روحه ولهفتها لقربها.

لكنها عادت الان لضربه بسوطها اللاهب تنهشه دون رحمة او رأفة به.

مر عليها الوقت وهى ومازالت حبيسة تلك الغرفة تخشى الخروج منها مرة اخرى تحارب احباطها والالمها بعد رؤيتها لأسوء مخاوفها فى هذا الزواج تتحقق امام عينيها برؤيتها ضعفه وحنينه لزوجته الاولى وهرعه دون لحظة تردد واحدة للحديث معها فى ليلة زفافهم ومحاولة تهدئتها بصوته الحنون المراعى نبذاً خلفه عروسه المصدومة وقد ملأتها خيبة الامل والانكسار.

لتظل مكانها تشعر بالاختناق يحكم قبضته فوق صدرها فلأول مرة ومنذ دخولها تلك الغرفة اخذ يلح عقلها عليها بسؤال قاسى طعنها بوحشية وهى تتطلع فيما حولها، هل كانت هذه غرفته مع زوجته الاولى، هل ستقضى ليلتها فوق فراش شاركته غيرها فيه يوماً...

تغلغل الالم صدرها وقد ارتفعت غصة البكاء فى حلقها تخنقها لكنها لم تستطيع التمتع برفاهية البكاء الان تلعن نفسها لقبولها بهذا الوضع وقد اغشى عشقها له عيونها وجعلها تتنازل عن ابسط حق لها فى هذه الزيجة.

تنهدت بألم وعينيها تدور فوق اثاث الغرفة كأنها تحاول انكار ما ادركته الان هامسة بصوت موجوع
: ده مهنش عليه يغير الاوضه علشانى حتى، معقولة لدرجة انا قليلة عنده..

جلست فوق احدى المقاعد بجسد هامد مهزوم تتطلع امامها بعيون مصدومة تملأها الدموع للحظات كانت كالدهر عليها ثم فجأة تبدل حالا فورا تجذب نفس عميق داخل صدرها وهى تنهض واقفة تهتف بعزم وكبرياء برغم دموع الاهانة التى تلتمع بها عيونها
: لاا وحياة غلاوته عندى مايحصل ولا هيمس منى شعرة لو اللى فى دماغى ده صحيح، انا مش قليلة ولا عمرى هكون ولازم يفهم ده كويس.

توجهت نحو الباب يحركها شعورها بالغضب والاهانة وتجاهله لوجودها تفتحه ثم تتجه خارجه بخطوات صامتة سريعة تبحث عنه بعينيها فى ارجاء المكان وهى تحارب دموعها الخائنة المطالبة بالتحرر تتوقف بعتة مكانها بتجمد حين وجدته يجلس فوق احدى المقاعد يستند بمرفقيه فوق ساقيه محنى الرأس وكتفيه متهدلين بشدة كانه تحت وطأة ثقل هم شديد لا تعلم لما زادت رؤيته بهذا الشكل من وهج غضبها وطعم الخسارة بحلقها كالعلقم تعميها غيرتها بعد ان ادركت من المسئول عن حالته تلك ولماذا...

لذا هتفت به دون مقدمات بحدة وعنف
: شوف بقى انا استحالة هنام فى الاوضة دى، واعرف كمان انك مش هتمس منى شعرة طول ما الاوضة دى موجودة.

مرت لحظة صمت قاتلة بعد حديثها المندفع هذا له وقفت خلالها تتململ فى وقفتها وهى تهيئ نفسها لاستقبال ردة فعله مهما كانت على ما قالته تطول بهم لحظات الصمت حتى اتسعت عينيها برهبة واضطراب بعدما رفع اخيرا عينيه ببطء اليها دون ان تتحرك فى جسده عضلة اخرى يحدق بها بنظرات ثابتة جعلت البرودة تسرى فى عروقها تجمد الدماء بها وهى تتابع مرتجفة نهوضه البطىء من مكانه متقدما نحوها بثبات لتزدرد لعابها بصعوبة وهو ينحنى عليها تتقابل نظراته بعينيها دون ادنى تعبير بهما ووجهه ثابت كأنه مصنوع من حجر هامسا بصوت جليدى.

: الشقة عندك واسعة، والمكان اللى يريحك نامى فيه، تصبحى على خير.

ثم غادر فورا تاركاً لها خلفه شاحبة مترنحة تشعر بالدوار يلفها وقد تلقت للتو اعنف ضربة لكبريائها الانوثى فرده البارد اللامبالى هذا كان اشد ايلام وقسوة عليها من اجابته لاتصال طلقيته منذ قليل.

لم يغمض لها جفن منذ ان تركها تجلس فوق احدى المقاعد بجسد مرهق وعيون تتساقط دموعها بغزارة تغرق وجنتيها حتى غلبها الارهاق والنعاس اخيرا تسقط نائمة مكانها دون حراك حتى الصباح وبعدما اخترقت تحركات واصوات قربها غيمة نومها تبددها لتنهض تتأوه بألم وهى تحاول ان تمسد باناملها عضلات عنقها المتيبسة بشدة تتأوة بألم لكن أتى صوته الحازم مناديا لها من خلفها فتوقفت حركاتها تلتفت اليه سريعا ليكمل وقد وقف بكامل ملابسه امامها يمسك بعلاقة مفاتيحه قائلا.

: انا نازل، و عندك الفطار جاهز فى المطبخ..

ثم تحرك متوجها ناحية الباب يكمل بصوته البارد غير المبالى
: وبعد كده ابقى نامى فى اوضة، الاطفال.

تحشرج صوته وتابطأ فى كلمته الاخيرة لكنها لم تنبه وهى تسرع ناهضة تجرى خلفه تسأله بلهفة وارتباك
: انت رايح فين الصبح كده؟!

التفت لها بوجه خالى من التعبير
: نازل الشغل، فى طلبية هتوصل المخازن ولازم اكون موجود هناك حالا.

انتهت قدرتها على التحمل والتظاهر بالقوة واللامبالاة تسأله بصوت مرتجف حزين
: صالح احنا اتجوزنا امبارح بس، مفكرتش شكلى هيبقى ايه لما الناس تشوفك نازل كده الصبح بدرى يوم الصباحية؟!

زفر بحدة هاتفا بنزق وخشونة
: يقولوا اللى يقولوه محدش ليه حاجة عندى..
بعدين مش المفروض اقعد جنبك فى البيت علشان كلام الناس وانا ورايا شغل.

اومأت له بوجه شاحب حاكى وجوه الموتى تضم جسدها بذراعيها تتراجع للخلف خطوة هامسة
: عندك حق شغلك برضه اهم، مع السلامة.

تركته فورا تهرع من امامه بعد ان تتعالى شهقات بكائها بصوت كان غمد سكين بصدره تلحقها قدميه فورا ودون لحظة تردد منه بخطوات سريعة متجاهلا نداء عقله له الا يفعل فقربه منها كالخطر جسيم يلغى كل ما اتخذه من قرارات ليلة امس تمسكها يده من خصرها يلفها له بقوة ثم يجذبها الى صدره لتدفن وجهها به تبكى بشدة وانهيار يرتج جسدها من عنف شهقاتها فتوتر جسده بشدة يلعن نفسه من بين انفاسه يهمس لها بعدها بكلمات مهدئة معتذرة وانامله تربت فوق خصلات شعرها بحنان حتى هدئت شهقاتها اخيرا ليسألها بخفوت وبصوت اجش وهو يزيد من ضمها اليه.

: احسن دلوقت؟

هزت رأسها بالايجاب ووجهها مازال مدفون فى صدره واناملها تتشبث بقميصه من الخلف ليحدثها بصوت رقيق هادىء شعرت معه كأنها طفلة مشاغبة يحاول تهدئتها
: طيب تعالى اغسلى وشك، وافطرى.

تجمد جسدها مبتعدة عنه بأنف محمر وعيون منتفخة يتلطخ وجهها بأثار دموعها تهتف به بغضب وتذمر
: مش هغسل حاجة، ومش هفطر، وبطل تعاملنى على انى عيلة صغيرة ادامك.

التوت شفتى صالح قائلا بسخرية متهكما من نفسه
: ماهو لو كنت شايفك غير كده كانت امور كتير اتحلت ما بينا، اولهم جوازتنا دى.

اتسعت عينيها متألمة تتطلع اليه مشدوهة هامسة
: عندك حق، ماهو مفيش واحدة كبيرة وعاقلة ترضى بجوازة عارفة من اولها انها كانت غلط، حتى ابسط حقوقها فيها محصتلش..

ضغطت شفتيها معا تمنع ارتعاشتهم تكمل
: بس وايه يعنى، ماهى برضه عيلة غلبانة وهتفرح بجوازة وشقة مكنتش تحلم بيهم حتى لو مش ليها من الاساس.

اتسعت عينيه ذهولا من اساءتها لفهم كلماته واشارتها مرة اخرى وتوبيخها الخفى له عن اهماله تغير غرفة نومهم قبل زواجه بها كأنه تعمد فعل هذا يهم لشرح حقيقة الامر لها لكن اتى صوت جرس الباب قاطعا اى حديث بينهم ليزفر صالح بنفاذ صبر وحدة يلتفت ناحية الباب قائلا
: مين اللى هيجيلنا بدرى على الصبح كده..

ثم التفت اليها عينيه تدور فوق ملامحها الحزينة للحظات قبل ان يتحدث اليها بهدوء
: ادخلى اغسلى وشك وغيرى هدومك عما اشوف مين، بلاش حد يشوفك كده.

التمعت عيونها بالتحدى ترميه بنفس كلماته منذ قليل
: اللى يشوف يشوف محدش ليه حاجة عندى..

جز صالح فوق اسنانه ينحنى عليها قائلا من بينهم ببطء وتحذير جعلها تتراجع للخلف عنه تتسع عينيها بخشية وخوف
: لو مش عوزانى اعاملك زى العيلة الصغيرة زى ما بتقولى، يبقى تنجرى تسمعى الكلام وتدخلى الاوضة ومتخرجيش منها الا لما اندهلك، فاهمة.

اسرعت بهز رأسها بالايجاب تفر من امامه تختفى داخل غرفة النوم فى لمح البصر ليقف هو يتابعها يهز رأسه بأبتسامة صغيرة مرحة حتى اختفت عن انظاره ثم ذهب فى اتجاه الباب لفتحه تتسع عينيه بذهول لمرأى اخيه وزوجته يقفان امامه قبل ان تدوى من سمر زغرودة طويلة قائلة بفرحة لم تصل لعينيها
: مبروووك ياصالح مبروك ياخويا..

افسح لهم صالح الطريق للدخول بوجه متجهم مرحبا بهم بجمود لتسرع سمر قائلة بعد دخولهم وعينيها تدور بحثا فى المكان
: اومال العروسة فين علشان نبارك لها..

اجابها صالح وهو يوجهم لغرفة الاستقبال قائلا
: اتفضلوا، ثوانى وجاية حالا، ازيك ياحسن وحشنى يا راجل.

قالها صالح بتهكم موجها الحديث شقيقه الصامت منذ لحظة دخوله ليجيبه حسن بضيق قائلا
: الحمد لله بخير، مبروك يا صالح.

اسرعت سمر تعتدل فى جلستها قائلا بحزم
: انا عارفة انك زعلان منى انا وحسن، بس وحياتك عندى ياخويا، احنا والله فرحانين لك من قلوبنا، وربنا يجعلها جوازة الهنا عليك، ومتطلعش زى اللى قبلها ابدا يارب.

نكزها حسن بمرفقه بقوة لتشهق ضاغطة فوق شفتيها باحراج تنظر ناحية صالح متظاهرة بالاسف والخجل لكن تطلع نحوها صالح بهدوء لكن ظلمة ووحشية عينيه جعلتها تشحب بشدة تسرع قائلة بمرح مصطنع فى محاولة لتدارك الامر
: جرى ايه ياخويا انت مش هتنده العروسة نسلم عليها ولا ايه.

نهض صالح من مقعده قائلا
: هقوم اندها تسلموا عليها علشان عاوز انزل ورايا شغل.

شهقت سمر مستنكرة بحدة قائلة
: شغل؟! شغل ايه اللى عاوز تنزله يوم صباحيتك ده، انت عاوز الناس تتكلم ولا ايه.

توقف صالح يلتفت ببطء تتطلع عينيه نحو شقيقه بخيبة امل واسف للحظات فأحنى حسن رأسه حتى كادت تلامس ذقنه صدره من شدة خجله وارتباكه قبل ان يغادر صالح المكان مسرعا دون الرد عليها لتهتف سمر بحسن بعدها قائلة وابتسامة شامتة فوق شفتيها
: جدع انك قلتله انك تعبان ومش هتنزل الشغل الفترة الجاية..

حسن ونظراته تتبع شقيقه بحزن وتذمر
: تعبان فين بقى، وانا طابب عليه زى القضا المستعجل الصبح كده، يعنى خلاص لازم نطلع ليهم فى وقت زى ده.

سمر وهى تنكزه بحدة
: اسكت انت مش فاهم حاجة، مانا كان لازم اطلع واشوف بعنيا عروسة الهنا عملت ايه بعد مكالمة امانى امبارح لاخوك.

حسن بنزق وهو يعتدل جالسا
: وده هتعرفيه ازى بقى..

ابتسمت سمر بخبث هامسة
: لاا مانا هعرف يعنى هعرف، ويارب تكون امانى عرفت تطينها صح على دماغهم ليلة امبارح.

: انت مش بترد على تلفوناتى ليه ياعادل من امبارح.

زفر عادل بقوة يرجع للخلف الى ظهر مقعده قائلا
: علشان لو كنت رديت عليكى كنت هقولك كلام مش هيعجبك منى ياياسمين.

جلست ياسمين فى فراشها تصرخ به بعصبية عاقدة حاجبيها بعبوس
: ليه، علشان ايه كل ده، علشان قلتلك مش عاوزة اسكن فى شقة فى الحارة.

صرخ عادل بها هو الاخر عينيه تطلق شرار الغضب
: لاا مش علشان كده يا ياسمين، وانت عارفة كويس انتى عملتى ايه.

تنهدت ياسمين تقلب عينيها بملل قائلة
: طب خلاص يا سيدى متزعلش، بس انت عارف انا مبحبش حد يقولى لا على حاجة عوزاها.

عقد عادل حاحبيه يسألها ببطء وهدوء ما قبل العاصفة
: يعنى ايه بقى كلامك ده مش فاهم؟!

ياسمين وهى تتطلع الى اظافرها تهز كتفها بلا مبالاة قائلة
: يعنى انا متعودتش حد يرفض ليا طلب، واظن انا من حقى احدد هعيش فين ومع مين يا عادل.

عادل بصوت بارد
: طيب ولو قلت لا يا ياسمين مش هعمل اللى طلبتيه، ولا هسيب بيت اهلى ابدا؟

احتقن وجهها من رده البارد عليها لكنها اجابته بغرور وثقة من يملك الورقة الرابحة
: يبقى ساعتها اقولك كل شيئ قسمة ونصيب، وتعال علشان تقعد مع باباه وتنهى كل حاجة معاه.

ساد الصمت من طرفه فترة طويلة ليدب الخوف فى قلبها تختفى ثقتها وهى تناديه بعدم يقين ليأتى صوته بعدها قائلا
: خلاص يا ياسمين اللى تشوفيه، وماشى كلامك.

ارتفعت نظرة غرور فى عينيها تنشق شفتيها ببسمة انتصار و لكن سرعان ما اختفت فور ان سمعته يكمل ببرودة شديدة وحسم
: بلغى عم منصور انى جاى بعد المغرب، وزى ما قلتى كل شيئ قسمة ونصيب.

اغلقت المكالمة من طرفه بعد حديثه فورا فاخذت تتطلع الى الهاتف بعيون مصدومة وفم مفتوح ذهولا
فلم تكن تتخيل ان يكون رده عليها حاسم وبهذه السرعة فما قالته لم يكن سوى تهديد فارغ منها فى الهواء لم تريد به سوى الضغط عليه حتى يرضخ لتنفيذ طلبها ترتجف رعبا مما هو اتى وهى تفكر كيف ستبلغ ابيها وصالح بما حدث الان فلو قتلوها بعد علمهم بما فعلته وقالته سيكون قليلا عليها من وجهة نظرهم.

دلف الى داخل الغرفة تتسمر قدميه حين وجدها تقف امام المرآة تحاول وضع القليل من الزينة على وجهها ليهتف بها بحدة
: انتى بتعملى ايه، متحطيش اى هباب من ده على وشك.

رمت القلم من يدها بحدة فوق طاولة الزينة تلتفت له هاتفة بغضب ومازال الارهاق والاحمرار ظاهر فى عينيها
: يعنى عاوزنى اطلع لضيوفك بوشى عامل كده.

اقترب منها ببطء وفوق شفتيه ابتسامة اذابتها رغما عنها ونظراته المحدقة بها والتى تنبض بالحياة اذابت قلبها تتقاذف نبضاته بشدة فى صدرها حين انحنى عليها يهمس برقة ونعومة اذابت الباقى منها
: ومالك كده، مانت زى القمر اهو..

اغمضت عينيها ترتجف بقوة وهى تشعر بشفتيه تلامس وجنتيها برقة ثم يعتدل ببطء عينيه تتطلع فى عينيها بشغف لم يستطع السيطرة عليه هامسا
: ده يمكن حتى انتى احلى منه كمان..

شعرت كأنها تمسك النجوم وتطفو فوق غيمة وردية صنعتها كلماته لها لكن سرعان ما اختفت بعد ان نهرت نفسها لسقوطها تحت تأثير سحره عليها يحل بدلا عنها اخرى عاصفة محملة بالصواعق فقد سئمت تلاعبه بها وتقلبه الدائم معها من البارد الى الساخن والعكس لذا دفعت بكفيها فى صدره تدفعه بقسوة تبعده عنها هاتفة بغضب وعصبية
: طب ابعد كده علشان انا خلاص قربت اجيب اخرى.

تحركت ناحية الباب بخطوات غاضبة لكن اوقفها صوت المتسائل بجدية رغم الابتسامة على شفتيه
: وايه هو اخرك بالظبط يا فرح؟!

اجابته بهدوء دون ان تلتفت له ويدها فوق مقبض الباب تمسكه بقوة
: صدقنى انا نفسى مش عرفاه، بس متأكدة انه لو حصل ساعتها مش هيعجبك ولا هيعجبنى.

جلس انور ومعه ثلاثة من الرجال مفتولى العضلات فى احدى المقاهى يهتف بهم بتحذير وحدة
: عاوز ضرب موت مش عاوز فى جسمه حتة سليمة ولو ممكن كمان خبطة مطوة تجيب اجله يبقى حلو اووى.

هز احدى الرجال رأسه برفض قائلا بصوت اجش غليظ
: لاا يا معلم ضرب المطاوى ده ملناش فيه، عاوزة علقة موت مااشى لكن نزفر ادينا لااا.

انور بغلظة هو الاخر ووجه مستنكر
: لاا راجل ياض، ده على اساس دمه اللى هيسيح من الضرب ميبقاش تنزفير..

نفخ من انفه بغيظ واحباط يكمل بعدها موافقا على مضض
: ضرب ضرب، المهم يتعجن فيها وعلى القليل يقعد فيها سنة فى الفرشة مدغدغ، مين عارف مش يمكن يخلص فى اديكم وهتبقى جت من عند ربنا.

همهم الرجالة له بالموافقة ليدخل انور يده داخل جيب بنطاله يخرج منه رزمة من الاوراق المالية يدفعها ناحيتهم اختطفوها منه بعيون جشعة وايدى متلهفة فيهتف لهم بحزم
: مش هواصيكم عاوزة علقة موت، مش عاوز امه نفسها تعرفه من كتر الضرب اللى هياخده.

التمعت عينيه بالغل يكمل هامسا بحقد وغيرة يتأكلاه
: وتبقى تفرح بنت ال بجوازة الهنا وعريس الغفلة وهو راجع لها مفيش فى جسمه حتة سليمة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة