قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ظلمها عشقا للكاتبة إيمي نور الفصل التاسع

رواية ظلمها عشقا للكاتبة إيمي نور الفصل التاسع

رواية ظلمها عشقا للكاتبة إيمي نور الفصل التاسع

خرجت يتبعها هو الاخر فى اتجاه غرفة الاستقبال لتنهض سمر فور رؤيتها تهتف بترحاب وابتسامة سعيدة مبالغ فيها فوق شفتيها
: اهلا بالعروسة القمر، مبروك يافرح الف مبروك ياحبيبتى.

همست لها فرح بالشكر تتقبل منها قبلاتها على وجنتيها قبل ان تمد يدها الى حسن بالمصافحة وهى تتلقى منه تهنئة مرتبكة يعاودا الجلوس مرة اخرى فتسألهم فرح بحرج وتلعثم
: تحبوا تشربوا ايه؟

اسرعت سمر تهتف بلهفة تقاطع رد حسن الرافض قائلة
: اى حاجة من ايدك ياحبيبتى تبقى حلوة.

هزت فرح رأسها مغادرة الى المطبخ لتهتف سمر من ورائها تنهض عن مقعدها للحاق بها
: استنى اجى معاكى علشان اساعد...

اوقفها صالح بحزم يشير لها بالجلوس مرة اخرى قائلا بأقتضاب
: خليكى انتى يا سمر متتعبيش نفسك، انا هروح اساعدها.

جلست سمر مكانها بأحباط تتطلع له تلوى شفتيها بغل بعد مغادرته وهى تتحدث الى حسن الجالس على جمر من شدة احراجه
: اخوك عاوز يروح يساعدها، شوفت العز والهنا اللى فيه بنت لبيبة.

اقترب منها حسن هامسا بأرتباك واحراج
: قومى ياسمر بينا نمشى شكلنا بقى زفت متزودهاش اكتر من كده.

نكزته بقوة تهتف به بحدة من بين اسنانها
: اقعد مكانك متتحركش، استنى نشوف عرسان الهنا عاملين ايه مع بعض يمكن نارى تهدى شوية.

فى اثناء ذلك كانت فرح تقف فى المطبخ تنظر حولها بأرتباك وتخبط ليقترب منها صالح مشيرا ناحية الخزانة قائلا بهدوء
: الكاسات موجودة عندك فى الضلفة دى، والعصاير فى التلاجة، ولو عاوزة تعملى شاى...

اخذ يشير لها على اماكن الاشياء تتبع هى اشاراته بأرتباك وتوتر قبل ان تتحرك ناحية احدى الخزائن تفتحها تتطلع بداخلها بتركيز ثم وقفت على اطراف اصابعها حتى تستطيع ان تطال الاشياء بداخلها لكنها فشلت لتزفر بأحباط اتبعها شهقة فزع حين شعرت به خلفها ملتصقا بها هامساً فى اذنها بنعومة شديدة
: تحبى اشيلك ارفعلك علشان تعرفى تطولى الرف؟

اغمضت عينيها تهز رأسها بقوة رافضة فيتنهد اسفا قائلا
خسارة، من زمان معملتهاش وقلت يمكن يعنى...

قطع كلماته حين التفتت اليه بحدة تدفعه بقوة قائلة برفض ووجه ممتعض
: شكرا، قلت مش عاوزة.

تراجع للخلف يرفع بكفيه امامه بحماية وقلق مصطنع قائلا بصوت ممازح
: خلاص اسف، وهسكت واقف اتفرج وانا مؤدب خالص اهو.

اقتربت منه تفح من بين اسنانها غيظا خشية ان يسمعها ضيوفهم بالخارج
: هتقف تتفرج على ايه؟! ايه مش هعرف اعمل عصير لضيوفك، اتفضل اخرج اقعد معاهم، مش عاوز حد معايا هنا.

اتسعت بسمته وعينيه تلتمع بشدة وهو يمرر نظراته فوقها ببطء شديد استقبلته هى ببرود مصطنع قبل ان يهز رأسه موافقا يتحرك من مكانه مغادرا لتزفر براحة تلتقط انفاسها بعد خروجه تتطلع الى الخزينة مرة اخرى باهتمام وتركيز.

خرجت بعد حين تحمل صنية التقديم وفوقها الكؤوس ليسرع واقفا يحملها من بين يديها قائلا بتلقائية وبصوت حنون
: تسلم ايدك ياحبيبتى.

رقص قلبها بسعادة من تأثير كلمته والتى شعرت بها نابعة من قلبه وهى تخرج منه بين شفتيه بتلك العفوية.

تمر الزيارة بعد ذلك سريعا بعد عدة محاولات من زوجة اخيه لفتح عدة مواضيع لحديث اغلقها صالح بحزم لتنهض بعصبية يتبعها حسن زوجها بعد مرور عدة دقائق مرت على فرح عصيبة وهى تحاول رسم ابتسامة سعيدة فرحة فوق شفتيها تنهض معهم لتودعهم حتى باب الخروج بعد ان اعلن صالح عن خروجه معهم هو الاخر يلتفت لها تحت مراقبة وعيون سمر الحاقدة يضع كفه خلف رأسها يجذبها اليه تحدق به بذهول وهو ينحنى على جبهتها يقبلها برقة يودعها ويتطلع الى عينيها بحنان بعدها قائلا.

: سلام يافرح، خلى بالك من نفسك ولو احتاجتى حاجة كلمينى، وانا ان شاء الله هرجع على ميعاد الغدا علشان نتغدى سوا.

هزت رأسها موافقة وهى ماتزال متسعة العيون لكن هذه المرة بفرحة وسعادة رغما عنها فيبتسم لها برقة وحنان قبل ان يغادر تغلق خلفه الباب تستند عليه بانفاس متلاحقة سريعة هامسة
: هتجننى معاك يابن انصاف، وهاجى فى مرة وقلبى هيوقف من لعبك بيا وعمايلك دى معايا.

انهت محادثتها تلقى بالهاتف ثم اخذت سمر تجوب ارض المكان وهى تفرك كفيها بغل وغضب صارخة فى زوجها الممسك بهاتفه يتطلع اليه غير مبالى بثورة غضبها وهى تهتف
: عجبك اخوك وقلة ذوقه، ايه خايف على ست الحسن مننا احسن هناكلها.

دمدم حسن بصوت هامس متذمر
: اهى هتيجى على دماغى زى كل مرة، وهتطلع غلها عليا.

لم تنبه له سمر تكمل والغيرة تتأكلها
: ولا شوفت وهو بيبوسها ادمنا ولا كأننا واقفين، الا عمرى ما شوفته عملها مع امانى، هى البت هبلته ولا ايه، قال وانا اللى طالعة اشوف مكالمة امانى نيلت ايه معاهم ليلة امبارح.

التوت شفتى حسن بسخرية يتراجع للخلف فى مقعده قائلا
: واضح انها ولا كان ليها اى تأثير، انتى مش شوفتى كانوا عاملين ازى ادمنا.

التفتت اليه تتسع عينيها محدقة به كما المجنونة تضغط شفتيها غيظا ليسرع لاصلاح كلماته قائلا بأضطراب وقلق
: بس لو انتى شايفة حاجة تانية غير كده، انا معنديش مانع.

تجاهلته تجلس فوق المقعد عاقدة بين حاجبيها بتفكير للحظات قائلة بعدها
: لاا بس سيبك من اللى كان ادمنا واللى قلته دلوقت لامانى، البت فرح شكلها مش مظبوط كانها معيطة وقلبى بيقولى ان مكالمة امانى قامت معاهم بالواجب امبارح.

توترت ملامح حسن هامسا بارتباك خشية منها ومن رد فعلها على ما سيقوله
: بقولك ايه يا سمر، ما تخلينا فى حالنا، وهما فى حالهم ونسيب الدنيا وزى ما تيجى تيجى.

تطلعت ناحيته بشراسة وقد تملكت منها الغيرة يعميها حقدها وهى تصرخ به
: اه عوزنى اقعد واحط ايدى على خدى زى جنابك ما بتقول واسيب اخوك يتجوز ويتهنى وكل حاجة تضيع مننا ياسى حسن، تصدق انا غلطانة اصلا انى بفكر فيك وفى مصلحتك.

هتف بها هو الاخر بعصبية وقد تملك منه الغضب لاصرارها الغريب هذا على تخريب حياة شقيقه
: مصلحة ايه اللى بتتكلمى عنها بس، فى الاول والاخر صالح ليه حق زيه زيى فى ورث ابويا سوا خلف ولا مخلفش.

حدقت سمر به ذهولا فلاول مرة ترى منه هذا الجانب واندفاعه الغاضب دافعا عن شقيقه لذا اسرعت لتدير الدفعة للجانب الاخر والذى نادرا ما يخطىء معه تبتسم له بحب وهى تخاطبه بهوادة ولطف كما لو كان طفلا صغيرا.

: ياحسن ياحبيبى افهمنى، انا بعمل كل ده علشانك انت وعلشان بحبك وعوزاك احسن راجل فى الدنيا، اخوك لو عدت السنة دى عليه من غير علاج زى ما الدكتور فهمنا انسى انه يخلف ولا يبقى ليه وريث يعنى كل حاجة عنده بعد عمرين طوال هتبقى ليك ولولادنا.

تنهد حسن يظهر على وجهه الرفض وعدم اقتناعه بحديثها لتسرع بالنهوض من مكانها تجلس بجواره مقتربة منه ببطء بحركات مثيرة لعوب تعلم تأثيرها جيدا عليه قائلة بصوت مغرِ
: يعنى ياقلب سمر وعيونها من جوا تهدى كده ونفكر مع بعض هنعمل ايه فى اللى جاى سوا.

ازدرد حسن لعابه بصعوبة وعينيه معلقة فوق شفتيها وقد مررت طرف لسانها فوقها ببطء قائلا بصوت متحشرج
: بس صالح...

وضعت سبابتها فوق شفتيه تنهى الباقى من كلماته هامسة ببطء واقناع
: هو احنا هنعمل فيه حاجة لقدر الله، داحنا هنشيله فى عنينا وولادنا هيبقوا ولاده، ولا ايه ياحبيبى.

هز حسن رأسه لها موافقا كالمغيب وهو لايدرى عن اى شيىء اتت موافقته تلك لبتسم سمر بأنتصار هامسة له بهدوء مؤكدة عليه
: يبقى تسيب مراتك حبيبتك تلعبها صح، وهو شهر واحد بس وهتلاقى فرح خارجة هى كمان من هنا بتعيط جنب اختها امانى.

وقف يتابع سير العمل بعيون شاردة وعقل مغيب لا يشغل تفكيره سوى ضحكتها ولمعة عيونها الذائب عشقاً بهما ترتفع زاوية شفتيه بابتسامة صغيرة عندما تذكر عيونها المتسعة ذهولا حين انحنى عليها يقبل جبينها برقة يحدثها بعدها غير عابئ بنظرات شقيقه ولا زوجته المراقبة له لا يهتم بشيىء سواها هى فقط وقد صدرت عنه حركته تلك كبادرة اعتذار منه لها فليس من ذنبها ما يحدث معه من تذبذب فى مشاعره تقلبه من الساخن الى البارد فى تعامله معها تؤلمه رؤيته تعاسة ودموع عينيها كما يؤلمه اكثر ان يكون هو المسئول عن تلك الدموع.

لكن مابيده حيلة فهو لا يستطيع اطلاق العنان لمشاعره سامحاً لها بالتحرر من قيدها فتكون كسيف مسلط الى عنقه حين تعلم ما يخفيه عنها يخاف بل يرتعب من ردة فعلها عند معرفتها بحقيقة تجاهلها قلبه عمداً حين خشى خسارتها مرة اخرى اوان تصبح لغيره يوما، يعلم بأنانية فعلته ولكن اليس كل عاشق بأنانى وهو عاشق لها حتى النخاع وسيظل دائما وابدا يهواها بكل جوارحه.

تنهد بحرارة يرفع سيجارته الى شفتيه ينفث بها عن نيران صدره لكن توقفت حركته فى منتصف طريقها عاقدا حاجبيه بشدة مراقبا وقد توقفت سيارة امام المحل مباشراً يخرج منها خمسة اشخاص مفتولى العضلات ويرتسم على وجوهم الشر والاجرام يقترب احداهم من احدى العمال لديه يسأله شيئا اشار بعدها العامل ناحيته ليعتدل فى وقفته منتبهاً وهو يرى اقترابهم منه يسأله احدهم بصوت جهورى خشن
: انت صالح الرفاعى؟!

هز صالح رأسه له بالايجاب يجيبه بصوت هادىء ليقترب منه هذا الشخص يهتف بغلظة
: عندى ليك رسالة من حد عزيز وبيحبك، بيقولك مبروك عليك جوازة الهنا يا عريس، وده بقى نقوطه ليك.

وفجأ اندفع هذا الشخص بجسده الهائل رافعا قبضته مزمجرا ناحية صالح والذى ادرك نيته فورا ليسرع بتخطى ضربته مائلا الى الجانب الاخر مبتعدا عن قبضة هذا الضخم والذى اسرع وهو وشخص اخر بتطويقه من الجانبين ثم يأتى ثالثهم من امامه ويقوم بلكمه فى معدته بقوة وعنف تأوه لها صالح بشدة لكن لم يمهله الرجل الوقت وهو يعاجله بضربة تلو الاخرى يسود المكان حالة من الهرج والمرج وقد حاول العاملون لدى صالح التدخل لكن قام الباقى من الرجال بأشهار اسلحة بيضاء فى وجوهم لمنعهم من ذلك وفى تلك الاثناء كان صالح حاول الفكاك من قبضة المعتدين عليه ليرتكز بمرفقيه على الرجلين المطوقين له من الجانب رافعا قدميه معا ويدفعهم بعنف فى صدر من يقوم بضربه من الامام فيسقط مرتطما بالارض بعنف ثم يلتفت الى الشخص على يمينه ناطحا له براسه بضربة عنيفة تراجع لها هذا الشخص الى خلف هو الاخر تنحل قبضته من حول ذراع صالح الممسك به ثم يلتفت الى الاخر يعاجله بلكمة قوية تدور بينهم معركة طاحنة تدخل بها الجميع تتطاير معها الواح الخشب والكراسى وقد تجمع العديد من اهل الحارة فى محاولة لمساندة صالح وقد صارت الامور لصالحه حتى عاجله احدى البلطجية بضربة من سيف عملاق ممسك به حاول صالح اقافها قبل ان تصل لرأسه معترضا طريقها بساعده ليشق نصل السيف طريقه فى لحمه بضربة قاسية صرخ لها صالح متألما تنبثق الدم منه بغزارة ثم عاجله بضربة اخرى فى اسفل ساقه سقط لها صالح ارضا فيهرع اهل الحارة ناحيته فى محاولة لانقاذه استغلها الاخرون وهرعوا من المكان فورا هاربين.

: انتى اتجننتى ولا ايه حكايتك بالظبط يابت انتى.

صرخت بها سماح بحدة وعنف فى شقيقتها الباكية وقد انهمرت دموعها فوق وجنتيها وملامحها الحزينة لكن لم يوقف هذا سماح بل اكملت بغضب
: بقى فى واحدة عاقلة تقول لجوزها كده ليلة دخلتهم.

رفعت فرح وجهها البائس بعيونها الحمراء وانفها التورم من اثر بكائها تهتف هى الاخرى بصوت مرير محطم
: كنتى عوزانى اعمل ايه بعد ما اسمعه بودنى وهو بيكلمها بحنينة ويقولها معلش متزعليش، ولما اعرف انه حتى مهنش عليه يغير اوضة النوم، هاا كنتى عوزانى اعمل ايه ردى عليا.

صرخت بكلماتها الاخيرة بأنهيار وألم جعل قلب سماح يرق لها لتجذبها الى صدرها تحتضنها بحنان قائلة برفق
: لو انا مكانك، كنت هكلمه وسأله واعرف منه كل حاجة، مش اروح ارمى دبشة اطربق بيها الليلة على دماغى ودماغه.

فرح بصوت مختنق تقاطعه شهقات بكائها
: مقدرتش يا سماح، نار وقادت فى قلبى لما سمعته بيكلمها، انا بموت يا سماح، ياريته كان فضل حلم بعيد ولانى اعيش معاه وهو قلبه مع غيرى.

انهارت تبكى شاهقة بحرقة يهتز جسدها كله بين احضان شقيقتها لتتنهد سماح قائلة بصوت متعقل هادئ حاولت به تهدئتها
: يابت بطلى عبط، وهو لو قلبه معاها كان طلقها من الاول ليه، ولو عاوز يرجعها ماكان ادامه بدل الفرصة عشرة، وبعدين ليه متقوليش انه اضطر يرد عليها.

رفعت فرح رأسها ببطء تمسح دموعها بكفيها تتطلع الى شقيقتها تنصت للباقى من حديثها بأهتمام تتطلع اليها بأمل يهفو له قلبها لتهز سماح رأسها بتأكيد تكمل
: ايوه صدقينى، وهو لما لقى واحدة رخمة بترن عليه فى وقت زى ده اكيد قلق ورد عليها علشان يعرف عوزة ايه، وطبعا زمانها عملت الشويتين بتوعها خلوها تصعب عليه وكده، عادى يعنى فرح.

التمعت عينى فرح بأشراقة املها تتوقف دموعها فورا لكن سرعان ما غيمت سحابة من الحزن عليهم مرة اخرى تسألها بخفوت
: طب واوضة النوم، صعبت عليه يغيرها هى كمان؟!

مدت سماح طرف اصبعها تزيح الباقى من دموعها قائلة بحزم تغلفه الرقة
: فرح، افتكرى جوزكم تم ازى وفى وقت أد ايه، ده حتى احنا نفسنا ملحقناش نجبلك كام هدمة تدخلى بيهم، عوزاه هو يغير اوضة نوم فى يوم و ليلة.

ابتسمت فى وجهها تربت فوق كفها تكمل بحنان
: استهدى بالله يافرح، ومتخربيش على نفسك وفكرى قبل ما تتكلمى وبلاش شغل الدبش بتاعك اللى هيوديكى فى داهية ده.

التمعت عينى فرح تنطق بعشقه الذائب قلبها به قبل لسانها هامسة
: بحبه يا سماح بحبه، وهو مش راسى معايا على حال شوية يرفعنى لسابع سما وشوية يرمينى لسابع ارض لما هيجننى معاه.

تنهدت سماح تهز رأسها صامتة للحظات قبل ان تسألها بهدوء
: طيب كمليلى بقى عملتى ايه بعد ما سابك بعدها.

تنهدت فرح بحزن تقص عليها ماحدث بعدها تستمع اليها سماح بعيون متسعة متحمسة وبأبتسامة بلهاء تزين ثعرها حتى اتت على ذكر خروجها لاستقبال شقيقه وزوجته لتلتوى شفتى سماح بامتعاض
: انا عمرى ما حبيت اللى اسمها سمر دى ولا برتاح لها.

اومأت لها فرح هى الاخرى برأسها مؤكدة على كلماتها قائلة بنفور
: ولا انا كمان بحبها ولا برتاح لها فاكرة كانت بتعمل ايه معانا لما كنا بنيجى هنا مع امك.

هزت سماح رأسها بالايجاب تهتف بعدها بحدة ووجسد متحفز
: اوعى تكون كلمتك وحش ولا عملت معاكى حاجة ضايقتك بنت ال دى.

فرح بأبتسامة ونظرة عاشقة فخورة
: وهى تقدر وصالح واقف، ده مخلهاش عارفة تفتح بوقها بكلمة طول القاعدة لحد ما قامت هى وجوزها وهو كمان نزل معاهم على طول بعدها.

احنت رأسها هامسة بخجل وارتباك
: بس باس راسى ادمهم قبل ما يمشى وقالى انه هيرجع على الغدا علشان نتغدى سوا.

ضحكت سماح بفرحة وسعادة تنكزها ممازحة
: طيب عاوزة ايه ابقى، ما الراجل بيصالحك اهو.

ابتسمت فرح بسعادة خجلة شاردة لوهلة قبل ان تهتف بنبرة مستنكرة
: ده بيعمل كده ياختى علشان كانوا واقفين، هو فى عريس ينزل يوم صباحيته.

صرخت سماح بنفاذ صبر تنهض من مكانها صارخة بأستياء
: لاااا دانتى ملكيش حل. انا هقوم قبل ما يجرلى حاجة بسببك، الله يكون فى عونه صالح.

امسكتها فرح بلهفة توقفها قائلة برجاء
: خليكى معايا شوية متسبنيش لوحدى، لحد ما صالح يرجع ونتغدى سوا.

هزت سماح رأسها رافضة تنهض وتنهضها معها قائلة
: لاا كفاية عليكى كده، انا هنزل علشان الحق الشغل وهبقى اجيب مرات خالك والعيال ونجيلك تانى.

تحركوا معا ناحية الباب الخارجى قبل ان تتوقف سماح غامزة بمرح خبيث
: وابقى جربى تلبسى القميص اللى جيباه معايا النهاردة يمكن عقدتكم تتفك، واعقلى يام مخ صغير وافرحى وفرحى جوزك.

حضنتها فرح بقوة وحب بادلتها اياه سماح هى الاخرى قبل ان تمد يدها تفتح الباب تهم بالخروج لكن سمرتهم مكانهم صرخات الحاجة انصاف تأتى من ناحية الدرج وهى تصرخ بلوعة وخوف
: ابنى، ياحسن، الحق اخوك ياحسن هيموتوه ولاد الكلب.

قفز قلب فرح ذعرا داخل صدرها حين ادركت من المعنى بصراخها تندفع فورا من الباب تتخبط بخطواتها على الدرج وهى تهرول فوقه الى اسفل تتبعها سماح وانصاف وفى لمح البصر كانت بالخارج تتجه قدميها كالمغيبة ناحية محل عمله لتتوقف مصدومة ترتعش رعبا حين طالعها المشهد من حولها.

فقد جلس صالح ارضا مغمض عينيه بقوة من الشدة الالم يشعر كما لو قد شقت ساقه و ساعده لنصفين يتفصد جبينه عرقا حين ساعدوه الاهالى على النهوض حتى يتوجهوا به الى المشفى لا يفهم من الحديث الدائر بينهم شيئاً فقد كان مغيبا عنه من شدة الالم حتى شقت صرختها الملتاعة الهاتفة بأسمه وصرخات والدته اجواء الحارة فتعيد له الانتباه يتوقف مكانه ملتفتا خلفه ببطء فيراها تهرع اليه بملابس المنزل ولا يغطى شعرها شيئا وخلفها والدته وسماح ليهتف بها بحدة رغم الضعف والالم بصوته مشيرا لها بيده.

: ارجعى على البيت، امشى اطلعى على فوق حالا.

تسمرت مكانها من الحدة فى امره وعيونها تتطلع اليه برجاء ان يدعها تطمن عليه بينما تهتف والدته بجزع وهى تهرع له باكية بحرقة وعيونها فوق جروحه بصدمة تحتضنه بشدة ليطمئنها بصوت حنون هادىء ثم يلتفت اليها يبتسم بضعف لها يطمئنها هى الاخرى بصوت ثقيل مرتجف وقد وقفت تبكى بأنهيار امامه قبل ان يطلب منها العودة الى المنزل مرة اخرى بحزم وعينيه تدور فوقها ولكن حين وجدها مازالت تتطلع اليه وهى على حالتها من الصدمة والانهيار التفت الى سماح الواقفة خلفها مصدومة هى الاخرى يهتف بها.

: خديهم يا سماح واطلعوا، انا كويس مفيش فيا حاجة، اطلعوا بلاش واقفة الشارع دى.

هزت سماح رأسها تمسك بفرح المنهارة من البكاء وعنييها معلقة عليه تحاول اعادتها معها الى المنزل لكن شهقت فرح بالبكاء بحرقة وهى تناديه مرة اخرى بتضرع وخوف فحاول رسم ابتسامة اخرى ضعيفة هامسا لها بطمأنينة وعينيه ترق فى نظراتها لها
: اطلعى يافرح معاها انا كويس متقلقيش، وكلها دقايق وهكون هنا، اطلعى يلا واسمعى الكلام.

انهى حديثه يرفض رافضا قاطعا توسل والدته بالذهاب معه ثم يدخل بعدها بصعوبة الى السيارة التى احضرها احدى الاهالى لنقله للمشفى تتابعه هى تنهمر من عينيها الدموع بغزارة وقد سحق قلبها الهلع عليه تيسطر عليها حالة من اللاوعى والصدمة فلم تقاوم سماح وهى توجهها ناحية المنزل تسير معها بجسد غادرته الروح بعد ان هرعت خلفه ولن ترد لها الا بعودته اليها سليما.

مر عليهم الوقت كأنه دهرا كاملا حتى حانت اخيرا لحظة عودته من المشفى فى وقت متأخر من الليلة يصحبه والده وعادل وشقيقه حسن بعد ان هرعوا خلفه فور علمهم بما حدث
وها هى تجلس بجواره فوق الفراش بعد ذهاب الجميع وتركه حتى يخلد للراحة بعد سقوطه فورا فى النوم رغماً عنه من تأثير الادوية المسكنة لجراحه قبل مغادرتهم حتى.

اما هى لم تستطع النوم تظل فى مكانها مراقبة له بقلق خوفا ان يحدث له شيئ اثناء نومها برغم طمأنة الجميع لها بان اصابته لم تكن بتلك الخطورة الظاهرة عليها لكنها لم تستمع سوى لحديث قلبها تظل جواره حتى تطمئن من سلامته بنفسها...

تمرر اناملها بنعومة فى خصلات شعره تنحنى ببطء عليه تقبل جبهته بنعومة هامسة بأرتجاف تخنقها عبراتها
: بقى كده يا صالح تعمل فيا كده وترعبنى عليك، ان شالله كنت انا ولا انى اشوفك كده ادامى، ويارب مايتوجع قلبى عليك ابدا.

نزلت بشفتيها تلثم وجنته برقة تهطل دموعها فوقها رغماً عنها فتمد يدها ببطء حتى تزيحها برفق ورقة لكن شهقت بذهول حين قبضت اصابع يده السليمة فوقها يجذبها الى شفتيه يضغطها فوقهم بقوة يقبلها ثم يفتح عينيه ببطء هامسا بتحشرج والرقة فى ملامحه
: بعد الشر عليكى، وعلى قلبك.

ارتجفت بتوتر تحاول الابتعاد عنه بأرتباك وقد اشتعلت وجنتيها خجلا وحرجا لكنه اسرع يوقفها بدس كفه خلف رأسها يتمسك بخصلات شعرها يجذبها اليه دون ان يمهلها الفرصة لاعتراض يقبلها بلهفة ونفاذ صبر فلم تستطيع مقاومته تسلم له بجميع حواسها للحظات مرت كالنعيم عليهم حتى ابتعدا اخيرا ببطء عن بعضهم بأنفاس ثقيلة حادة يحدق بها بعيون مظلمة من شدة عصف المشاعر به زافرا بعمق وهو يلف ذراعه السليمة حولها يجذبها لصدره يضمها اليه هامسا برجاء مرتجف.

: خليكى جنبى يافرح، خليكى فى حضنى علشان خاطرى الليلة ومتسبنيش.

هزها طلبه بشدة وصوته يتسلل الى كيانها يزيح اى اعتراض لديها لتضم جسدها اليه ترفع وجهها نحوه مبتسمة بخجل تهز رأسها له ببطء موافقة ليزيد من ضمها اليه يغمض عينيه براحة واسترخاء كمن وجد سكينته فى قربه منها يستسلم مرة اخرى للنوم استسلمت له هى الاخرى بعد لحظات قضتها فى تأمله والتشبع من احساسها بوجودها بين ذراعيه.

فى المحل الخاص بأنور ظاظا امسك هاتفه متحدثا بصوت حاول السيطرة عليه هامسا بقلق وتوجس
: يعنى ايه مش انتم، اومال مين اللى عمل كده.

صرخ هذه المرة بشدة غير عابىء ان يصل صوت للأهالى بالخارج
: انت مش قلت هتنفذ النهاردة، بقى مين دول لو مش تبعكم.

اغمض عينيه بنفاذ صبر قائلا بعصبية
: متعرفش مين، طيب متقدرش تعرف لى مين اللى عملها.

هتف بنفاذ صبر واستهجان
لا برضه، طب اقفل، اقفل بدل ما اطلع قرفى عليك.

اغلق الهاتف عاقدا حاجبيه بتفكير وتوتر
: لما مش هما اللى عملوها، اومال مين، مليجى مثلا.

اصدر من فمه صوت يدل على النفى يكمل بتأكيد
: لاا مليجى ملوش غير فى ضرب النسوان، مهما كان اللى عملها فى ده قلبه ميت ومغلول اووى من صالح وانا بقى مش هرتاح الا لما اعرف هو مين.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة