قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية طلسم عشق الجزء الأول للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الرابع

رواية طلسم عشق الجزء الأول للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الرابع

رواية طلسم عشق الجزء الأول للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الرابع

تسللت الأشعة الباهتة لضوء القمر من بين الستائر الحريرية الداكنة لغرفة نادر، نظرت إلى الساعة القريبة منها و التي كانت تشير إلى الثانية عشر بعد منتصف الليل. لم يكن قد عاد وجعل هذا مشاعرها تغلي من الخوف والترقب إلى أن شعرث بالغثيان...

قررت أخيرا أن تأخد حماما دافئا عله يزيح عنها تعب اليوم المضني، دلفت الحمام الرخامي الكبير لغرفته. غرفة والديها منذ سنوات. لكنها كانت قد تغيرت كثيرا. حين كانت والداها على قيد الحياة كان كل شيء في هذه الغرفة ينبض بالبهجة والسعادة أما الآن فزائرها الجديد قد غذَّاها بحقده إلى أن أصبحت سوداء مظلمة. حتى الحمام كان بلون أسود يتخلله الرمادي الداكن مع القليل من اللون الأبيض.

تأملت الجاكوزي الكبير ورغبت فعلا في تجربته لكنها كانت مرهقة حتى لتستلقي فيه، وبدل أن تضعف أمام الاغراء انسلت من قميص النوم الأسود الشفاف الذي ألبسها إياه في نومها وفتحت رذاذ المياه الدافئ على جسدها المتصلب وتركت لدموعها الحرية في الانهمار وهي تشهق بألم. لقد كانت تأمل في أن نادر قد تغير فعلا وأنه كان مستعدا للصفح عن أخطاء الماضي والتي لم تعرف إلى الآن ما هي. على الأقل نادية كان لها إيمان بنادر وجعلتها أخيرا تقتنع بأنه قد يرغب في التعويض عما فعله بها وبعائلتها بالماضي. لكنها كانت مخطئة كثيرا حين قررت استجادئه للخروج من مأزقها...

جلب التفكير في نادية خوفا تسلل رويدا إلى أن تشربه جسدها بالكامل لترتجف رغما عنها.
حقيبتها كانت قد اختفت، هل عبث بأغراضها وبهاتفها؟! يا إلهي! لا يمكن لهذا أن يكون حقيقيا!
جعلتها الفكرة تشعر بالرعب وهي تتخيل نادر يعبث برسائلها الخاصة. كيف ستكون ردة فعله إذا علم؟

اتكأت على الجدار بضعف وقدماها ترتعشان إلى أن شعرت أن ألم بطنها قد توقف أخيرا، لتقفل المياه المتدفقة وتسحب منشفة كبيرة بلون أسود لفتها حولها لتعود إلى غرفة النوم بحثا عن ملابسها...
بعد العشاء في فيلا نادر الصفريوي،.

جلس نادر إلى جانب والدته والتي كانت طوال الوقت مطأطأة الرأس تمرر إبرتها بتطريز رقيق على ثوب للمائدة أبيض اللون. بينما غامت عيناه بطريقة مظلمة وهو يفكر في كل الأشياء التي اكتشفها هذا المساء.

اللعنة! لقد غفل عنها كثيرا! كان مخطئا حين تركها وحيدة لأربع سنوات. كان يظن أنها على الأقل ستحترم العقد الذي جمعهما والذي تحايلت عليه بهروبها. لكن لم يظن للحظة أنها بالخسة التي تجعلها على علاقة برجل آخر حتى وهي متزوجة منه!
عصر فكه بعنف وظهرت عروق عنقه بارزة. شتم بعنف مكبوت جعل والدته تنتبه لترفع رأسها وتنظر إلى نادر الذي كان يحاول الحد من عصبيته باستماتة.

- ما الأمر؟ سألت الحاجة صفية وعيناها الزرقاوان بلونهما المميز تجولان على ملامح ابنها ا لمتصلبة هل هي ابنة بنجلون مرة أخرى من تعبث بعقلك وتجعلك في هذه الحالة الغريبة؟ سألته وعيناها تركزان على حركاته الغاضبة.

استجمع نادر بأسه أخيرا ليزفر بحرارة وهو يتأمل نظرات والدته والتي عبرت عن احتجاج صامت. يعلم أنها تريد سرين خارجا ويشهد القدير أنه يريد أن يجعلها تلحق بعائلتها الملوثة في هذه اللحظة حالا. خصوصا وخيانتها الجديدة تزيد من تأجج نيران حقده عليها. لكنه لن يستطيع الجزم دون دليل! والدليل كان هناك في غرفته، وكان مصرا على الحصول عليه مهما كلفه الأمر!

أخيرا وقف نادر بتصميم قبل يده والدته بحنان محاولا تفادي نظرات الإدانة في عينيها ليقول بصوت أجش:
- لقد تأخر الوقت أمي وعلي أن أستيقظ باكرا، تصبحين على خير...
حركت الحاجة صفية رأسها بالموافقة وهي تدعو له في سرها أن يحفظه الله من سحر ابنة بنجلون وشرها...

صعد نادر الدرج المؤدي إلى غرفته بخفة. أحرقت الأفكار عقله وهو يتخيل سيرين خاصته بين ذراعي رجل آخر ينعم بما حرمته منه لسنوات. تلك الفكرة جعلت دمه يغلي، وبصعوبة حاول أن يكبح بربريته التي كانت تهدد بالانطلاق وهو يضع مفتاحه في قفل الباب ليفتح باب الغرفة بيد متصلبة...
في غرفة نادر،.

ظلت سيرين لبعض الوقت تبحث عن ملابسها إلى أن شعرت أخيرا باليأس. لابد أنها الخادمة من اعتبرتهم في حاجة إلى التنظيف، فهي لم تجد شيئا يخصها في كل أرجاء الغرفة ولا في غرفة تغيير الملابس الملحقة بها...

أخيرا وبيد مترددة فتحت دولاب نادر الكبير والذي كان يحتل كل مساحة غرفة التبديل. للحظة ظلت واقفة بانبهار وهي تنظر إلى الترتيب المتقن لملابسه. لطالما عرفت عنه حبه للكمال وهذا كان ظاهرا في كل زاوية من الغرفة، وهي تتأمل بدلاته الايطالية الراقية المعلقة باهتمام وقمصانه الحريرية وربطات العنق الملوفوفة بعناية وذوق كانت تشعر بلمسة نادر على كل شيء. أخيرا فتحت خزانة جانبية والتقطت أحد قمصانه بأكمام قصيرة لتمسح قطرات المياة من شعرها الرطب وترتديه على عجل. أخيرا تخلصت من المنشفة السوداء الكئيبة لتكمل اجتياحها السافر لخصوصيات نادر. فتحت الأدراج لتتأمل العطور الفرنسية الراقية. التقطت العطر الذي لطالما ألهب حواسها في الماضي وهي تستنشقه مذكرا إياها بحب طفولي عشقت فيه عطره الثمين والذي كان يغزو حواسها كلما زار منار. فتحت زجاجة العطر واستنشقته بعمق لتغمرها الذكريات القديمة والسعيدة رغما عنها...

أدارت رأسها غريزيا وأجفلت لتخرج صرخة قوية من حنجرتها وهي تنظر إلى نادر الذي كان متكئا على إطار الباب يتأملها باستهزاء...
بللت شفتيها المرتعشتين بلسانها محاولة ايجاد صوتها الذي خرج مرتعشا وهي تسأله بخوف وهي تتخيل نفسها تخلع المنشفة تحت نظرات عينيه الباردتين والمسلطتين عليها.
- منذ متى وأنت هنا؟
- أتيت مباشرة لمشاهدة العرض السخي الذي قمت به منذ لحظات!

تهكم نادر ببرود قبل أن يقترب منها بخطوات هادئة جعلت بطنها تتلوى بخوف. أمسك برسغها بسهولة ليزيح زجاجة العطر التي ظلت تمسك بها بضياع.
- هل أعجبك العطر سيرين؟ أ هو نفس العطر الذي كان يضعه صديقك حين يأخذ ماهو ملكي إلى سريره؟
- ماذا؟ سألت سيرين بحيرة وهي تنظر إليه بعينين توسعتا من الصدمة.

أخيرا ظهرت تقاسيم ملامحه الشيطانية وهو يهدر بصوت قوي: - هل تظنيني غبيا إلى درجة أنني لن أعرف بعلاقاتك الماجنة سرين؟ هل لهذا رحلت؟ لم تكوني لتكتفي برجل واحد أليس كذلك؟ أنت لست سوى صورة أخرى لعادل فكلاكما من نفس العائلة الحقيرة! مجرد حثالة يركضون وراء رغباتهم! اتهمها بقسوة.

جلبت الكلمات التي تفوه بها نادر بازدراء شديد الدموع إلى عينيها. كانت جفونها تحترق لكنها كبتتهم باستماتة محاولة عدم الانصياع للألم. هو لم يكن يستحق حزنها وبالتأكيد لن يراها تبكي مهما حاول، مشاعرها تأن تحت وطأة الوجع لإهاناته المتكررة لها ولعائلتها، لكنه كان يشكك في شرفها الآن! وهذا ما لن تستطيع أبدا السماح به!

أخيرا استجمعت قوتها لترفع رأسها وتنظر إليه بنظرة ملؤها الاحتقار: - أنت تريد اثباتا على خيانتي لتستمتع بإهانتي أكثر سكتت قليلا محاولة استجماع قوتها وهي تخلع قميصه الأبيض من عليها وتقف أمامه بعنفوان حسنا فليكن إذا!

للحظة ضربت المفاجئة جسد نادر وتصلب بقوة وهو ينظر إلى مافعلته سرين غير مصدق. هل خلعت قميصها أمامه؟! حتى وهو يتأملها واقفة بشعرها الغجري الرطب والذي انسدل إلى جانبها. وجسدها المرتعش بخفة رغم ما تحاول اظهاره من قوة في تحديه لم يكن يصدق أنها عارية أمامه!
ابتلع ريقه بصعوبة محاولا السيطرة على موجة الإثارة التي عصفت به رغما عنه. ليقترب منها إلى أن وصل بمحاذاتها ليهمس لها بصوت أجش من الرغبة:.

- أهكذا تريدين الأمر سيرين.؟! حسنا من أكون لأرفض لك مثل هذا الطلب!
لم يترك لها فرصة للرد وهو يحملها بين ذراعيه كغازٍ حصل للتو على سبيته ليعبر بها غرفة التبديل نحو السرير الكبير لغرفة نومه...
نظرت سيرين إلى السرير وكأنه وحش مستعد لالتهامها حية. لكنها كانت بين ذراعي الوحش بالفعل ولم يعد هنالك وقت للتراجع.
أخيرا مددها على السرير بهدوء ليغطيها بجسده القوي، أغلقت عينيها تاركة لنادر حرية العبث بجسدها.

طبع قبلات رقيقة على شفتيها المزمومتين ويداه تتحركان بتمهل على منحنياتها الشهية، كانت ترتعش رغما عنها وهي تشعر بيديه القويتين تعبثان بجسدها في أماكن لم تظن أنها قد تشعر بالإثارة فيها يوما، وأخيرا فقد نادر كل تعقل مدفوعا برغبة بدائية في امتلاكها وهو يتأمل جسدها الفاتن على ضوء الأشعة الفضية للقمر. فتح أزار قميصه بعنف غير قادر على السيطرة على جسده وهو ينظر إلى عينيها المغلقتين بشدة. ليعود ويطبع قبلاته الممزوجة برغبته الحارقة على كامل جسدها. كانت تحاول السيطرة على تأوهاتها وهي تغرس أصابعها في ملاءة السرير الحريرية بقسوة. عضت على شفتيها إلى أن شعرت بمذاق الدم وهي تقاوم هذا التعذيب اللذيذ الذي يحاول إفقادها عقلها وبدأ جسدها الخائن بالتجاوب مع لمسات نادر الخبيرة رغما عنها. انطلق أنينها المعذب كلحن جميل في أذنيه ليستمر بتعذيبه الذي جعل جسده العضلي يتصلب تحت وطأة الرغبة الجامحة والملحة.

رفع عينيه لينظر إلى سيرين خاصته وحبات العرق تتلألأ على عنقها وصدرها المرمري وعصفت به الاثارة بقوة. لم يعد يستطيع السيطرة على أنفاسه الحارقة وهو يقترب منها ليأخذها إلى عالمهما متناسيا كل شيء حتى خيانتها...
أخيرا شعر بحسدها يتصلب بين ذراعيه وتعالت صرخاتها وأنينها المتألم الذي أعاده أخيرا إلى الواقع ليكتشف أن زوجته كانت بالفعل عذراء!

للحظات تسمر نادر في مكانه وهو ينظر إليها غير مصدق وشلال من الدموع ينهمر على وجهها المحتقن. أراد بكل قواه أن ينتزع نفسه منها وأن لا يسبب لها المزيد من الألم. لكن عزيمته تخاذلت أمام رغبته القوية في امتلاكها ووصم روحه بها إلى الأبد.
أصم أذنيه عن توسلاتها الباهتة وأظافرها تلهب ظهره ليخنق أنينها وتستقر صراختها المتألمة بداخل حلقه...

لم تنم بل ظلت مستلقية على السرير محاولة عدم التحرك. فكل حركة كانت تجلب لها المزيد من الألم، أخيرا قررت مقاومة ضعفها وانسلت من السرير ببطئ محاولة الوصول إلى الحمام...

فتحت المياه أخيرا وتكومت على نفسها وهي تبكي بحرقة. أهذه هي ليلة زفافها؟ أهكذا حلمت بها مع نادر في الماضي؟ لقد مارس عليها مهاراته الوحشية والتي كشفت لها كم كان خبيرا مع النساء. لم يضطر إلى اغتصابها كما كانت تأمل لتشعره بالقذارة، اضطر فقط أن يستخدم مهارته لينال ما أراده منها مجبرا جسدها على الإنصياع. وانصاع جسدها الخائن له رغم أن قلبها ظل منيعا ضد هجومه...

أخيرا حين انتهى كل شيء. نبض قلبها بازدراء وهي تتوقع نظرة الانتصار في عينيه لكنه لم يفعل. وانهمرت الدموع بغزارة على وجهها وارتفع أنينها المتألم. والذي جعله يجفل. ليرفع جسده عنها محاولا لمس خصلة مبللة من شعرها. حين أجفلت بخوف لعن نادر من بين أنفاسه المتقطعة قبل أن يتأمل خوفها بازدراء ليقول بصوت أجش:
- يمكنك الاستلقاء الآن. لن ألمسك. هذه الليلة على الأقل!

بعد هذا الإعلان الغريب والذي أفقدها النطق. تركها ورحل لتنهمر دموعها مجددا وهي تتذكر أول ليلة لها مع نادر والتي دمرت كل حلم جميل احتفظت به في ذاكرتها إلى الأبد!
في مستشفى الأمراض النفسية،.

عاد معاذ إلى المستشفى بعد ليلة من السهاد قضاها يدرس صحة نظريته. كلما غاص في عالم الأرواح شعر بالضياع أكثر. فالأعراض النفسية والروحانية متشابهة بشكل كبير. لمرات عديدة حاول أن يقنع نفسه بأن كل ما حصل له في غرفة منار له تفسير منطقي غير الذي صوره له عقله. لكن في كل مرة كان يعود إلى نقطة البداية. تلك الليلة لم تكن منار من كلمته كانت مجرد قشرة مفرغة من روحها يستحوذ عليها كائن آخر. ذلك الكائن هو من أراد بالشدة ابعاده عنها. ويكون ملعونا إذا انصاع له...

أخيرا توقف عند اسم ومض بشدة في كل بحث قام به. أخيرا وبمجهود جبار تمكن من الحصول على رقم هاتفه. الآن في مكتبه ينظر إلى شاشة الهاتف التي تومض برقم راق مغربي سيطلب منه مساعدته في علاجها، يعترف أنه أصبح فعلا مهووسا. لكنه لن يستسلم حتى لو أخبره الجميع أن ما يقوم به محض جنون. فالجنون هو ما كان شاهدا عليه في غرفتها أمس...

فتح الباب فجأة ليخرجه من حالة التفكير العميق ليظهر الممرض المسؤول عن حالتها وهو يصرخ فيه وعيناه شاخصتان من الرعب أن منار ليست بخير.
رمى بالهاتف الذي كان لازال متصلا قبل أن يدفع بالممرض جانبا ويركض بسرعة فائقة نحو الغرفة حيث كانت منار قد التفت حول نفسها بشكل غريب. حتى أن الممرضين ظلوا واقفين في ركن الغرفة غير قادرين على الاقتراب منها.
- اللعنة!

صرخ معاذ وهو يقترب محاولا إعادة يديها إلى وضعهما الطبيعي قبل أن يتوقف هو الآخر عاجزا أمامها. فعظام كتفها كانت مطوية وملتوية حول ظهرها بطريقة مستحيلة لأي كائن بشري بينما ظلت تنظر إليهم بعينين توسعت حدقاتهما إلى أن اختفت الزرقة المميزة وتحولتا إلى سواد دامس وهي تتمتم بكلمات غير مفهومة بلغة بدت غريبة على مسمعه قبل أن تنتفض بصراخ رهيب وهي تمد يدها إليه.

- تعال معاذ، أعلم أنك ترغب بي. لم تتوقف عن الحلم بهذا منذ سنوات. تعالي إلى حبيبي أنا مستعدة من أجلك...
توقف معاذ مصدوما وهو ينظر إلى عيني منار بلونهما الأسود المظلم وهي تعبث به بينما كلماتها المثيرة تتلاعب بمشاعره...
- لكن كيف.؟ تمتم معاذ وهو ينظر إليها باستغراب شديد. كيف تعرفين؟
- أنا أعرف كل شيء!
صرخت منار بصوت قوي قبل أن تعيد كتفيها إلى الأمام بهدوء وتنزل عن السرير محاولة الاقتراب منه.

أخيرا وصل أمين إلى الغرفة مسرعا. نظر إلى معاذ الذي سمرته الصدمة ومنار تقترب منه بخطوات حثيثة وعيناها مثبتتان عليه بطريقة مرعبة. اقترب منها بسرعة مباغتة ليحقن المخدر القوي في عنقها. إلتفتت بغضب إلى أمين والذي ظل ينظر إلى عينيها باستغراب قبل أن تضربه بقوة لتطيح به أرضا وتبصق في وجهه وهي تقول:
- سأغرس تلك الإبرة في عينيك! أنا لن أذهب من هنا أبدا سأظل بداخلها إلى أن تتلاشى!

صرخت منار فيه بصوت أصم آذان كل من في الغرفة لتسقط بعدها على الأرض في غيبوبة من مفعول المهدئ والذي سرى في أوردتها أخيرا. اقترب منها الممرضان بوجل محاولين سحبها واعادتها إلى السرير...
- من الأفضل تقييد يديها وكاحليها لبعض الوقت!
طلب أمين من الممرضين وهو يحاول النهوض ليمسك بيد صديقه والذي سمرته المفاجئة وجعلته غير قادر على الحراك.
- هيا معاذ لنخرج من هنا! طلب أمين بضيق وهو يسحبه نحو مكتبه.

اللعنة! ما الذي جرى لها؟ منذ متى أصبحت منار بهذه القوة اللعينة؟ شتم من بين أسنانه المطبقة وهو يمسد ذراعه التي تلقت ضربتها القوية.
في فيلا نادر الصفريوي،
ظل نادر جالسا في مكتبه ينظر إلى الحائط بضياع. لقد كانت عذراء! هي لم تخنه كما تصور! لكن ما الذي تعنيه تلك الرسائل بحق السماء؟ تبا! شتم بعنف وشريط الساعة الماضية يعيد نفسه دون رحمة لقد أذاها حين أخذها بتلك الطريقة العنيفة غير مهتم بألمها أو بخوفها.

وضع ذراعه على جبينه مغطيا عينيه واستلقى إلى الوراء بضياع. لابد أنها تكرهه الآن.

تلك الفكرة أعادته الى الواقع. هي تكرهه! لابد وأنه فقد عقله! إنها ابنة بنجلون سبب كل المأسي التي عرفتها عائلته. بسبب تلك العائلة المشؤومة منار شقيقته الصغيرة تقبع في مستشفى للمجانين. ذكرى رؤية شقيقته تقتاد الى مخفر الشرطة مضرجة بالدماء وعيناها تنظران اليه بتوسل جعلت الدم يغلي في عروقه مجددا. لابد وأن تلك اللحظات القليلة التي قضاها معها قد أفقدته عقله! شتم بعنف وهو ينهض من الكرسي بعصبية نحو غرفتها فعقابه لزوجته كان قد بدأ للتو!

في غرفة نادر،
نظرت سيرين إلى ملاءة السرير بحرقة وهي تنظر إلى الأثر عليها لتنفجر ببكاء مرير. لقد كسر قلبها مرة في الماضي والآن أخذ عذريتها بهذه الطريقة المهينة وهي التي حافظت عليها لسنوات لدرجة أنها أتت لتستجديه في النهاية خوفا على نفسها. لكنه لم يكن سوى وغد جبان!..

ضربت السرير بعنف وهي تلعنه بكل اللعنات التي تعرفها قبل أن تنهار أخيرا على الوسادة تندب حظها العاثر والذي أوقعها بين يديه بعد أن ساعدها القدر على الهرب لسنوات.
كانت تبكي ونشيجها العالي يصم أذنيها لدرجة أنها لم تسمع دخول نادر والذي خطا نحو السرير ليقف متأملا بكائها ونظرة قاسية تعلو ملامحه...
أخيرا، شعرت سيرين بوجود شخص يقاسمها الغرفة. رفعت رأسها بسرعة والتقت عيناها المحتقنتين بالغضب الحارق لعينيه.

- هل ستظلين ممددة هنا لفترة طويلة تنذبين حظك التعس الذي أعادك إلى؟ تهكم نادر بتسلية
- تبا لك أيها الحيوان الهمجي عديم الحياء! صرخت سيرين بعصبية لتقذفه بوسادتها
تفادى نادر رميتها الخرقاء وعلت ابتسامة كسول وجهه وهو يتأمل عصبيتها واختفت تلك الابتسامة تقريبا وهو ينظر إلى الأثر على سرير قبل أن تضيق عيناه على وجهها والذي كان محمرا من البكاء المتواصل.

- ألهذا السبب تبكين؟ سأل نادر دون مراعاة وهو يقترب منها ليمسك بذراعها ويسحبها نحوه
أنَّت سيرين بألم وهي تحاول بكل قواها التشبث بالغطاء الرقيق والذي بالكاد سترها من عينيه المتفحصتين محاولة صده بعيدا وهي تشعر بالرعب من أنه قد يقرر امتلاكها مجددا...

دفعته بقوة محاولة ابعاده عنها لكنه كان أسرع منها وهو يقيد حركتها بسهولة ويطبق على خصرها ليسحقها على جدار صدره وهو يتمتم في أذنها كلماته الهامسة والتي أثارت الرعب في نفسها. نظرت سيرين إليه بتحد محاولة اخفاء خوفها لتقول:
- إذا لمستني مرة أخرى سأصرخ!

ضحك نادر بتسلية مستمرا في شدها إليه ليقول بغطرسة رجولية: - اصرخي كما يحلو لك صغيرتي. سيكون من دواعي سروري أن أشرح لهم لما قد تصرخ زوجتي الهاربة في أولى أيام شهر عسلنا. أو سأترك لهم حرية التخمين!

احمرت وجنتا سيرين من الخجل الممزوج بالغضب لتلميحاته الواضحة لتحاول مرة أخرى أن تبتعد عن حصار ذراعيه، لكنها كانت معركة خاسرة منذ البداية. فقوته تغلبت على ضعفها وجعلها أسيرة ذراعيه. أخيرا حاولت سيرين مناجاة الشفقة في قلبه. بحثت عن أثر للرحمة أو قليل من التعاطف مع حالتها لكنها لم تجد شيئا في عينيه. لدهشتها الكبيرة لم تكن الرغبة التي تحرك نادر هذه المرة. ابتلعت ريقها بصعوبة لتقول:.

- أنت لا ترغب بي نادر!
ابتسم نادر لهذا التصريح الغريب وهو يتأمل ملامحها الرقيقة باستهزاء: - أنا رجل لا تحكمني غرائزي سيرين. فأنا لست عادل!
بعد هذا التصريح المفاجئ والغريب سحقها على صدره إلى أن أنَّت من الألم قبل أن يمددها على السرير ويهمس لها بصوت عميق:
- إذا قاومتني سأضطر لاستخادم العنف. لكن على العكس إذا قررت أن تكوني زوجة مطيعة فسأكون زوجا مراعيا جدا...

بدأت خفقات قلبها تقرع صدرها بجنون وهي تحاول الابتعاد بكل قوتها عن سجن ذراعيه لكن قوتها خارت تحت ضغط يديه الفولاذيتين. أخيرا خرج صوتها مختنقا وهي تقول:
- كيف تسمح لنفسك بأن تجبرني وأنا أكرهك!
- أوه لا سيرين! تشدق نادر وهو ينزع الغطاء عنها بسهولة أنت فعلا منافقة صغيرة! لقد كنت معي من أول لحظة فلا تدعي الآن أنني أرغمتك على شيء لم تكوني راغبة فيه بالفعل!
- أيها الحقير! كيف تجرؤ!

صرخت بقوة محاولة سحب معصمها لصفعه. لكن يداه كانتا تضغطان بقوة أكبر عليها شالا كل حركاتها.
أخيرا لم يعد هنالك جدوى من المقاومة وهو ينزل برأسه ليأخد شفتيها مرغما إياه على التجاوب مع قبلاته التي أحرقت روحها وسحبتها إلى دوامة هائلة امتصت كل دفاعاتها وتركتها عارية أمام هجومه الكاسح...

أخيرا حين انتهى كل شيء. تكورت سيرين على نفسها تبكي بحرقة ما حصل معها للتو هذه المرة لم يتركها نادر وحيدة بل أرغمها على النظر إليه ليكلمها بغطرسته المعهودة متجاهلا الوضع الحميم الذي جمعهما للتو:
- أنظري إلى!
طلب نادر بقسوة. حين رفضت الانصياع له شاعرة بالذل من الموقف برمته ثبتها على سرير ورفع فكها بالقوة لتواجهه:
- لقد قلت أنظري إلى حين أكلمك سيرين!

فتحت عينيها محاولة الظهور بمظهر قوي لكن انسياب دموعها التي رفضت التوقف. جعلتها تكرهه أكثر. لتتأمله بعينين ملؤهما الاحتقار...
- ما الذي كنت تنتظرينه سيرين؟! لقد هربت مني وأنت زوجتي لم أقم سوى باسترداد حقي! تفكرين في الهرب مجددا؟ لكن الهرب لن يغير ما حصل اليوم! أسيكون صديقك سعيدا حين يعلم بأن فتاته لم تعد عذراء؟! هل ستصبحين بضاعة بخسة في نظره سيرين؟

تلك الفكرة جلبت الألم جليا في عينيها لترفع يدها وتصفع وجهه الوسيم بقوة جعلته يترنح من الصدمة.
لدقيقة ظل نادر يتأملها بعينين مظلمتين قبل أن يرفع يده ليهوي بصفعة على خدها الرقيق جعلتها تهوي على السرير بعنف وهو يهدر بكلمات حانقة.

شعرت سيرين بطعم الدم اللزج على شفتيها من أثر صفعته قبل أن ترفع رأسها وتتلوى معدتها من الخوف وهي تنظر إلى ملامح نادر التي أصبحت شيطانية، كان الغضب يلمع من عينيه بشراسة ووحشية جعلتها تنكمش على نفسها من الخوف.
سحبها بقسوة ليحملها على كتفه نحو الحمام الملحق بغرفته ممطرا اياها بسيل من الكلماته الساخطة.
- أظنك تحتاجين الكثير من التهذيب يا ابنة بنجلون! وسأكون سعيدا بتأديبك من جديد!

توعدها اخيرا وهو يفتح باب الحمام ليقفله بركلة من قدمه وسط صراخها المتواصل...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة