قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية طلسم عشق الجزء الأول للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الخامس عشر

رواية طلسم عشق الجزء الأول للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الخامس عشر

رواية طلسم عشق الجزء الأول للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الخامس عشر

قبل أسبوع:
حرك معاذ رأسه وكأنه غير مصدق للطريقة التي اندفع أمين بها هاربا وكأن الشياطين تطارده. حالته غير مستقرة منذ دخوله المستشفى واهتمامه التام بمنار يمنعه حتى من الاهتمام بصديق عمره. أغلق الباب واتجه إلى الصالة حيث ترك الشيخ الفيزازي منصبا على الكتاب بتركيز ليتسمر مكانه من الصدمة!

الغرفة كانت فارغة. اتجه تلقائيا إلى الحمام لكنه كان فارغا بدوره أصبح كالمجنون وهو يجوب أروقة المنزل باحثا عن الشيخ والذي بدا وكأنه تبخر. يا إلهي الكتاب صرخ معاذ فجأة ليعود إلى الصالة باحثا عن الكتاب الذي اختفى هو الأخر...
رفع يده بسرعة يبحث عن هاتفه. استله من جيبه ليركب الرقم بأصابع مرتعشة وينتظر الرد...
رن الهاتف لدقائق ليأتيه صوت الشيخ الفيزازي النائم وتتحقق أسوء كوابيسه...
- مرحباً شيخ كيف حالك؟

- بخير، قال الشيخ باستغراب يحاول استيعاب سبب اتصال معاذ في مثل تلك الساعة المتاخرة
- هل كنت في الخارج منذ قليل؟ سأل معاذ بشك
ليأتي صوت الشيخ الفيزازي بتفكه: - للأسف يا معاذ لست بشبابك لأسهر إلى هذه الساعة المتأخرة. آخر ساعة للنوم هي العاشرة بالنسبة لي.
- يا إلهي!
قال معاذ رغما عنه ويده تتصلب على الهاتف بقوة. نبضه يضج في أذنيه ويداه تتعرقان بطريقة جعلت الامساك بالهاتف يصبح صعبا...

أقفل الهاتف حتى دون أن يكمل محادثته سقط على الأريكة. ليقشعر جسده ويتملكه الرعب الذي بلدته الدهشة منذ قليل. إذا لم يكن الشيخ الفيزازي من كان في منزله قبل قليل فمن تراه يكون! وأين اختفت مذكرات عادل؟!..
في المستشفى،.

فتحت سيرين فمها تشعر بأن حلقها جاف للغاية. حاولت الحديث لكنها لم تستطع. هنالك من يمنعها تشعر وكأنه لسانها ملتصق بسقف حلقها. أسنانها مثبتة بقوة. شعرت بالألم الشديد يعتصر فكها حين حاولت الكلام...

يا إلهي! تشعر بأن رأسها سينفجر. أخيرا فتحت عينيها تحدق في المكان الغريب. الضوء كان شديدا مما جعلها تأن بألم لتغمضهما من جديد. يدان تعبثان بوجهها تحركان رأسها ثم تحاولان فتح عينيها ليعود الضوء الساطع المثبت عليهما لازعاجها...
- سيرين هل أنت مستيقظة؟ سيرين...
تمنت لو أن الصوت يختفي، صداع رأسها أصبح مهولا. يا إلهي! فليتوقفوا!

أخيرا توقف الصوت ليأتي صوت مألوف لكنها لم تتعرف عليه رغم ذلك. الصوت همس لها بحميمية. أخبرها كم يحبها. لكن من يكون؟ يا إلهي؟ لا أتذكر! هل هو والدي؟! لا بد أن يكون والدي. شعرت فجأة بالنوم يلفها واستسلمت له من جديد...

حين استيقظت هذه المرة كانت احساسها بمحيطها أكبر. يدان تعبثان بجسدها هناك شخص يحاول أن يوقفها بالقوة. تشعر بألم قوي يسحقها. تريد الصراخ أن تطلب من ذلك الشخص التوقف. صوتها لا يسمح لها بذلك هنالك عائق يمعنها من التحدث. صرخت بقوة حين دفعها ذلك الشخص على الوقوف. آلام لا تحتمل. تسمع أصواتا تطلب منه التوقف...
يا إلهي! أجل أخبروه أن يتوقف! أتوسل إليكم أجبروه!

لكن لا أحد هب لنجدتها أصبح الألم لا يطاق. بدأت الدموع تنساب من عينيها دون وعي. أخيرا توقف معذبها عن اجرامه. شعرت به يتوقف لتشعر بالجلد البارد للكرسي البارد حيث أجلسها وقد توقف التعذيب...
أخيرا عادت إلى السرير. ذراعان قويتان حملتاها. تشعر بهمسات رقيقة قرب عنقها. ثم عادت إلى النوم على نبرة هادئة لم تتعرف عليها مطلقا...
اسبوع على الجراحة،.

انتهى الطبيب المختص بعلاج فكها وإزالة الأسلاك البشعة التي طوقته لشهور. تأمل عمله باعجاب قبل أن يقول مخاطبا زياد:
- عمل رائع. تمنيت لو أنها تستطيع الكلام لأتأكد أكثر. لكن ظاهريا فكها قد إلتأم بشكل تام. على كل حال أشعة مقطعية ستتبث ذلك. أعلم أنك لا تريد أن تقوم بأي أشعة الآن على العموم لست مستعجلا
قال الطبيب قبل أن ينسحب ويترك زياد الذي عاد لتأملها عيناه تنظران نحوها برجاء.

هيا سرين عليك أن تحاولي. استيقظي!
في المساء كان نادر قد عاد ليأخد مكان زياد إلى جانبها. الأعمال بدأت تضغط بقوة رغم تنبيهه الشديد بعدم الاعتماد على وجوده. لكن كان هنالك أشياء ما كان أحد ليديرها بها بالطريقة التي كان هو قادرا عليها. سحب نفسه مرغما ليصلح ما أفسدوه. ليعود مسرعا إليها. لكن وكالعادة لا جديد لازلت نائمة في سبات عميق وكأنها سعيدة بالبقاء في أمان بعيدة عن عالمه...
- هل من جديد؟

سأل نادر زياد والذي كان شبه ممدد على الكرسي الكبير بجانبها قبل أن يستقيم في جلسته ليقول:
- لا جديد. لقد أتى عدنان ليقوم بفحص دوري لكنني طلبت منه العودة في حضورك. أظن أنك تريد الاطمئنان على الجنين...
- بالطبع قال نادر وفي عينيه نظرة امتنان اختفت سريعا وهو يرى التحفز في نظرات زياد.

يعلم أنه يحبها. كل تصرفاته تظهر ذلك. ايمانه باعادتها إلى الحياة. دفاعه المستميت عنها. لكن هي لن تكون لغيره مهما كلفه الأمر، أقسم بصمت وعيناه عادتا ستاراً مظلما كالسابق، ليرفع عينيه عن غريمه ويثبتهما على سيرين النائمة بملامح هادئة جميلة وقد عاد التورد إلى وجنتيها...
في فيلا نادر،.

جلست الحاجة صفية في صالونها الفسيح كالعادة. ملامحها شاحبة للغاية. وقد ظهرت التجاعيد بوضوح على وجهها. من يراها الآن لا يمكن أن يقارنها بالمرأة الواثقة التي كانت عليها منذ شهور قليلة.
كانت غائبة في تفكيرها عيناها مركزتان على التلفاز دون أن يبدو عليها أي متابعة لما يقال، فاجئها صوت رنا وهي تقترب منها لتطبع قبلة على وجهها الشاحب...
- خالتي. هل أنتِ بخير؟

إلتفت الحاجة صفية وقد أجفلها قدوم رنا. ابتسامة باهتة عبرت عن الحزن الذي يفطر قلبها قبل أن تقول:
- استيقظت باكرا على غير العادة. هل عاد مروان؟
- لا! قالت رنا وقد تلون وجهها لتردف لم يعد منذ آخر شجار. لقد رحل خالتي، رحل إلى الأبد...
غرست وجهها بين يديها وقد اختفى قناع القوة التي تخفت خلفه لأيام لتجهش أخيرا بالبكاء، حضنتها الحاجة صفية وهي تمسد شعرها بحنان.
- هو يحبك بجنون، سيعود في النهاية...

استمر بكاء رنا ليصبح أقوى وهي تقول: - مستحيل! لقد جرحته بقوة. لن يستطيع أن يغفر خيانتي، لن يستطيع...
في شقة معاذ،
لم يستطع البقاء عقله يحترق من الأفكار التي تغزوه دون رحمة. إذا لم يكن الشيخ الفيزازي من زاره في تلك الساعة المتأخرة من تراه يكون.

يا إلهي! تذكر للتو حالة الرعب الغريبة التي سيطرت على أمين فور فتحه الباب. استل هاتفه ليتصل به. مرة ومرتين ثم ثلاث دون الحصول على رد. لم يعد يستطيع البقاء. أخذ مفاتيح سيارته وانطلق إلى مستشفى...
منار أو أي كان الكائن المسيطر عليها هو من لديه كل الاجابات. وسيكون ملعونا لو لم يستخلصها منه بنفسه والآن...
حين وصل أخيرا إلى المستشفى لم يتوقع أين يجد أمين نائما بهدوء على السرير الملحق بمكتبه...

- أمين أنت هنا! قال معاذ بدهشة وهو يغلق الباب ليجلس على الأريكة الصغيرة المقابلة للسرير لماذا رحلت؟ سأله مستفسرا
لوهلة ظن معاذ أن أمين لن يجيبه خصوصا وهو لم يعط أي اشارة على الاستيقاظ. إلا أن حركات تنفسه العنيف والمضطرب كانت توحي بالعكس هو فقط لا يريد الحديث...
أخيرا إلتفت أمين إلى معاذ ليجلس. عيناه مسمرتان على الأرض قبل أن يسأل معاذ بكلمات غير مرتبطة:
- ما الذي كان يفعله ذلك الكائن هناك؟

- الكائن؟! سأل معاذ بحيرة عن أي كائن تتحدث؟ تقصد الشيخ الفيزازي؟
- اللعنة!
صرخ أمين وهو يمسك بعلبة سجائره الموضوعة على الطاولة الصغيرة بجانبه ويبدأ بالتدخين بشراهة. تعالى دخان السجارة مخفيا رعب أمين الظاهر عن عيني معاذ الذي استمر في التحديق في صديقه بعدم فهم...
- هل تسأل عن الشيخ الفيزازي؟ سأل معاذ مرة أخرى محاولا تصنع البراءة.

- كف عن الهراء! صرخ أمين بعصبية لا أظنك بمثل هذه السذاجة! أنت تعلم أنه لم يكن الشيخ الفيزازي!
- لكن كيف تعلم؟!
- أنا لا أعلم. أنا فقط أشعر منذ تلك الليلة المشؤومة، هناك شيء لا يتوقف. يا إلهي! لقد مرت سنوات، لقد وعدت أن لا أعود لمثل تلك الألاعيب؟!
- أمين، ما الذي تقوله؟ سأل معاذ وقد استولت عليه الحيرة أنا لا أفهم شيئا.

رفع أمين عينيه إلى معاذ. نظراته غريبة مليئة بالذنب. نظر نحو صديقه بعينن فارغتين ليقول بجمود:
- أنا عرفت عادل منذ سنوات...
عينا معاذ شخصتا من الصدمة. لا يستطيع استيعاب كيف يكون لأمين علاقة بعادل، طوال تلك السنوات دون أن يعلم...

سكت أمين لدقائق مستشعرا وقع الصدمة على صديقه قبل أن يقول: - لقد تعرفت على عادل بالصدفة من خلال بعض الأصدقاء. كنت في ضائقة مالية شديدة، لاحظت اهتمامه الكبير بالسحر واللغات القديمة. لقد كان يملك المال. الكثير منه. طفل مدلل حقير مستعد ليبتاع أي شيء حتى الخيال. أخبرته أنني أملك كتابا قديما لممارسة السحر.
نظر معاذ نحوه باستغراب...

- كتاب تركه لي والدي قبل موته توارثته العائلة لأجيال. عائلة والدي تبرع في تلك الأمور لكن لا أنا ولا أبي كنا مهتمين بممارسة السحر. عرض علي شرائه مقابل مبلغ ضخم وأنا لم أتردد للحظة، حين أتت منار إلينا متهمة بنحر عادل. كنت أعلم أن الكتاب هو السبب لكنني لم أستطع أن أبوح بالأمر. الوضع كان معقدا جدا وأنا شعرت بالخوف. حاولت لمرات عديدة أن أبعدك عن حالتها لكنك مازدت إلا تشبثا...
نظر معاذ نحوه باستهزاء.

- أقسم أنني أردت المساعدة، فقط حتى حين استجمعت شجاعتي مقررا مساعدتك كنت خائفا بداخلي، حاولت أن أمحي من عقلي كل تلك الأشياء اللعنة مهنتي تمنعني من تصديق الخرافات. حاولت التعامل مع منار بعقلانية بكل ما درسته طوال سنوات. ولقد نجحت تقريبا في السيطرة على خوفي إلى أن أتى اليوم المشؤوم، رباه!
صمت أمين غير قادر على قول المزيد...

- الشيء. ذلك الشيء كان يعلم عني، عشت فزعا شديدا لأيام. هددني أرعبني. كنت أصرخ بقوة لكن لا أحد حاول مساعدتي. حتى وأنا مخدر الجسد كان يعبث بي...

نظر إليه معاذ وكأنه يهدي، لكنه أكمل قائلا ما رأيته في منزلك لم يكن الشيخ الفيزازي على الإطلاق خصوصا حين ابتسم لي تلك الابتسامة التي أعرفها جيدا. نفس الابتسامة الكريهة التي رأيتها لمرات عديدة طوال فترة احتجازي، لقد كان هناك في منزلك، لقد عاد يبحث عني مجددا...
- لا! قال معاذ بصوت قاطع هذه المرة لم يكن يبحث عنك. لقد أتى إلى...

سكت أمين وقد سيطرت عليه صدمة رؤية معاذ بتلك القوة والصلابة. أليس خائفا ملامح وجهه كانت متصلبة عنيفة رباه لقد كان غاضبا...
نهض معاذ من الأريكة حيث كان يجلس ليقول لأمين بصوت بدا جامدا.
- شكرا على اخباري، سكت قليلا ليضيف أتمنى أن تجمع أغراضك وترحل عن منزلي في أقرب فرصة...

حرك أمين رأسه وكأنه كان ينتظر ردة الفعل تلك. ليخرج معاذ من الغرفة وقد سيطر عليه الغضب. من سخرية القدر أن يكون صديقه أمين من تكلمت عنه مذكرات عادل المظلمة...
في غرفة سيرين بالمستشفى،
كان يدور في الغرفة كالنمر الحبيس. لقد مر أسبوع آخر وهي لا تستيقظ، رباه! إلى متى سيستمر هذا العذاب؟ إلى متى سينتظر اللحظة التي ستعود فيها إليه؟

فتحت سيرين عينيها محتجة من أشعة الشمس الساطعة، حاولت أن تتحرك ففاجئها ألم فضيع جعلها تصرخ. هذه المرة لم يكن هنالك عائق يمنعها كالمرات السابقة. اقترب نادر منها سريعا محاولا اعادتها إلى السرير وهو يهمس لها بحنان بالغ:
- أخيرا حبيبتي. أخيرا استيقظتِ!
هتف نادر بفرح غير قادر على السيطرة على المشاعر التي ضربته وهو يراها لأول مرة واعية.
نظرت سيرين إليه عيناها حائرتان ووجهها شاحب من الألم...

- أين أنا؟ سألت بصوت مبحوح
- في المستشفى رد نادر وهو يعدل الوسادة تحت ظهرها مجبرا إياها على الاسترخاء حمدا لله أنت تتحدثين أضاف وعيناه تلمعان بسرور
حركت سيرين رأسها بامتنان حين خف الألم تدريجيا. تأملت مخاطبها والذي كان ينظر إليها بلهفة...

وجه رجولي وسيم عينان داكنتان تلمعان ببريق غامض. تشعر أنها تعرفه لكنها لا تستطيع أن تطابق الصورة بإسم. ذاكرتها متوقفة تماما عن العمل. وضعت يدها المرتجفة على جيبنها تتحسس الأربطة لتسأل الغريب مجددا:
- أتحدث؟ ماذا حدث لي؟ لما أنا في المستشفى؟
ابتسم نادر بمرارة ليقول: - حادث. سقطت من الدرج وأصبت اصابات بالغة، ألا تتذكرين؟ سألها بحيرة
- لا. لا أستطيع التذكر. أشعر بالفراغ يلفني لا أذكر أي شيء؟

- سيرين ما الذي تذكرينه بالضبط؟
- سيرين هذا اسمي؟
- يا إلهي!
تحرك نادر رغما عنه ليضغط على الزر القريب من سريرها مستدعيا زياد...
كانت سيرين تجاهد لتبقى مستيقظة عقلها يدور في الفراغ. شعرت فجأة بالتهديد فهي كانت ضائعة لا تعلم أين هي أو من إلى جانبها من يكون الغريب الذي يتأملها الآن بمرارة مستغربة لردة فعله الغريبة منذ قليل. حين حاولت باحراج سؤاله عن ماهية وجوده قربها فاجئها دخول زياد...

- أخيرا استيقظتِ أيتها الأميرة النائمة...
قال زياد بمرح وهو يقترب منها ليحضنها بحنان. بينما عينا نادر تتوسعان بصدمة لم تكن أقل من صدمة سيرين الذاهلة من هذا الترحيب المبالغ فيه...
أزاحها عنه بهدوء حين أنَّت. بينما فاجئها ألم ضلعوها حادا هذه المرة. أعادها للاستلقاء على الوسائد ببطئ وعيناه تأكلانها من شدة التوق.
- يا إلهي! لقد عدتِ أخيرا سيرين! كنت واثقا أنني سأعيدك!

ابتلعت سيرين ريقها، حلقها جاف للغاية وصدمة عدم تعرفها على محيطها جعلها مرتعبة ومتوثرة، أخذت نفسا عميقا محاولة التخفيف من توترها لتقول بصوت مضطرب:
- من تكون؟

تحولت النظرة في عيني زياد من السعادة الفائقة باستعادتها إلى صدمة كبيرة. شحوب وجهه وارتعاش فكه ظهرا جليا وهو يعيد النظر نحوها دون تصديق، لو كان الانسان يشعر بتوقف قلبه للحظات لظن زياد أن قلبه قد توقف فعلا عن النبض. أقسى شيء يمكنه تخيله هو عدم تعرفها عليه، هل فشل فعلا في إعادتها؟
نظر نحو نادر الذي كان وجوم وجهه والعدائية الشديدة التي تظهر في عينيه نحوه ظاهرة على ملامحه التي قست بشدة؟

لقد كان يكتم غيظه عنهما متأكد أنه لم يكن سعيدا وهو يراه ممسكا بسرين بتلك الحميمة الزائدة. يا إلهي لقد أنسته الفرحة كل شيء حتى تواجد نادر، فرحة ناقصة وهو يرى كيف أنها لم تتعرف عليه هل نسيته هو فقط، لم تتعرف عليه لكنها لم تتعرف على زياد أيضا. غاص نادر بأفكاره بعيدا وهو يتأمل ملامحها المندهشة من كل ما يحيط بها هل يا ترى هو القدر الذي يمنحه فرصة جديدة. ملعون هو إذاً لم يستفد منها حتى الرمق الأخير...

أعاده صوت زياد وهو يقول بجدية: - سنقوم ببعض الفحوصات وسنتأكد مما يحصل هنا.
عاد للامساك بيديها يحثها على تحريكهما. تجاوبت سيرين مع الحركات بطريقة عفوية مما جعله يتنفس مطلقا زفير ارتياح على الأقل هي تحرك أطرافها. وبالنسبة إليه كان هذا انجازا كبيرا...
- سأعود بعد قليل لآخذك من أجل الفحص...
- حسنا.

حركت سيرين رأسها بفهم. رأسها يضج بالأسئلة. لكن احساسها الداخلي يدفعها للصمت. تحتاج إلى الهدوء حتى تستطيع التعامل مع كل ما يحيط بها.
أعادت نظرها نحو الغريب الذي ظل واقفا يتأملها...
لما يا ترى تشعر بالخوف ممزوجا بالانجداب الشديد نحوه وكأنها فراشة تلعب قرب نيران حارقة. من يكون الغري؟ أخيرا واتتها الشجاعة لتنظر نحوه بثباب وتسأله:
- من تكون؟

للحظة ظل الصمت مسيطرا على جو الغرفة المشحون وكأن سؤالها قد أدهشه، لثوان ظل يتأملها بوجه جامد قبل أن يبتسم لها ابتسامة سحبت أنفاسها. يا إلهي أنه وسيم للغاية. شعرت بسخونة في وجهها وتورد خداها وكأنها عادت مراهقة صغيرة:
- أنا أكون زوجك، قال نادر بابتسام وهو يقترب منها ليضع يده على السرير بجانبها زوجك ووالد طفلك المنتظر...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة