قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية طلسم عشق الجزء الأول للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الثاني والعشرون

رواية طلسم عشق الجزء الأول للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الثاني والعشرون

رواية طلسم عشق الجزء الأول للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الثاني والعشرون

توقف عند سريرها ينظر الى ملامحها الشاحبة دون تصديق. للحظة ظل واقفا هناك دون حركة ينظر اليها عيناه مليئتين بالذنب. اخيرا سيطر على شعوره ليقترب منها ويقوم بفحصها.
اللعنة شتم من بين انفاسه وهو يحرك الالة باحثا عن نبض او أي حركة من الجنين دون جدوى. نبضه متوقف تماما هي بالفعل كانت قد فقدت الطفل لم يعد هنالك مجال للشك. الان سينتظر فقط استيقاظها ومحاولة تهدئتها قبل ان يخبرها بما حدث.

كان غائبا في افكاره لدرجة انه لم يشعر بسيرين وهي تستعيد وعيها لتنظر اليه باستغراب. عدنان سألت سيرين باستغراب وهي تحاول الحصول على وضع مريح.

رفع عدنان رأسه والتقت عيناه بعيني سيرين المليئتين بالدهشة والتساؤل. اين انا سألت وهي تنظر نحو المعدات التي كانت تحيط بها. حاولت تحريك يدها لتشعر بألم الشوكة المغروزة في ذراعها ولتعود اليها احداث اليوم ببطء. ابتداءا بما سمعته من عدنان نفسه ونهاية بسقوطها فاقدة للوعي في مكتب نادر.

ابتلعت ريقها بصعوبة تشعر بأن هنالك شيئا خاطئا لكن لا تعرف ما هو احساس داخلي انبأها ان هناكل مشكلة كبيرة خصوصا وان نظرات عدنان اليها لم تكن مشجعة ابدا.
لكن هذا ليس مهما الأن. فعدنان اوضح لها جيدا في اخر مرة انه لا يريد رؤيتها مطلقا لا بجانب شقيقه ولا حتى في المستشفى حيث يعمل. وهو ما اعادها الى واقع انها كانت مستلقية على سرير صغير ولا تحتاج الكثير من الذكاء لتعرف اين هي بالظبط.

حسنا قالت سيرين وهو تحاول نزع المغذي من يدها. اشكرك على مساعدتي مرة اخرى عدنان. انا فعلا لم اتعمد هذه الزيارة كما ترى أكملت بسخرية. للأسف عليك تحملي لدقائق اخرى. سأغادر ما ان احصل على هاتفي وحقيبة يدي.
توقفي عن نزع المغذي قال عدنان بصيغة الأمر وجهه كان صارما للغاية عيناه مركزتان عليها بطريقة اخافتها.
تنفست بعمق: ماذا الان. لقد وعدتك ان ارحل عن منزل زياد في اقرب فرصة. لا تقلق لن اقوم بأي شيء.

قاطعها عدنان باظطراب. سيرين من فضلك.
كانت نبرة صوته مختلفة الأن. كانت مليئة بالحزن وكأن كلماتها تعذبه ولأول مرة منذ ان استيقظت على هذا السرير شعرت سيرين بالقلق:
هل هنالك من خطب. سألته وبدأت الحيرة تتبدد رويدا رويدا خصوصا وهي لم تشعر بأي حركة من جنينها منذ ان استيقظت. غالبا لا يتوقف عن ركلها خصوصا حين تتوثر لكن ما باله الان. وضعت يدها بتلقائية على بطنها.
بينما توترت ملامح عدنان بوضوح.

ما الأمر سألت سيرين تنفسها اصبح مظطربا وهي تتلمس بطنها بشك. ما الذي لا تخبرني به عدنان ما الذي يحصل هنا.
سيرين انا اسف.
اسف؟ سألت سيرين بعدم فهم قبل ان تضع يدها على فمها والمعرفة تتسلل الى عقلها بهدوء. صوت تنفسها المظطرب هو ما كان يسمع في تلك اللحظة والذي تحول مع الوقت الى لهاث سريع وكأنها تختنق.

نهض عدنان سريعا محاولا مساعدتها. جسدها بدأ يتشنج بغرابة قبل ان يعلو صراخها ليمزق الصمت من حولهما ويصل الى الرواق.
اندفع نادر من الباب المغلق لينظر الى سيرين التي تصرخ بجنون بينما عدنان يحاول تتبيثها دون جدوى.
تجمدت قدما نادر وهو ينظر الى حالتها كانت تركل بكل قوتها يداها تتخبطان في الهواء محاولة ابعاد يدي عدنان الذي كان يجاهد لابقائها على السرير.
نادر لا تقف هكذا. حاول مساعدتي.

لوهلة ظل نادرا واقفا في مكانه بتصلب وكأنه فقد القدرة على الحركة اخيرا سحب نفسه سريعا اليهما ليثبت سيرين التي كانت تصرخ بهستيرية.
توقفي سيرين قال نادر محاولا ان يثبتها دون جدوى كانت تصرخ وكأنها تصارع للنجاة. اخيرا تمكن نادر من السيطرة عليها سامحا لعدنان بغرز ابرة مخدرة في ذراعها جعلتها تفقد الوعي مجددا.
هل أخبرتها. سأل نادر عدنان عيناه تتأججان من الغضب. من اعطاك الحق باخبارها.

تنفس عدنان اخيرا ماسحا الدم عن ذراعه الذي تلقى غضب سيرين. : انا لم اخبرها شيئا. لقد استنتجت ذلك ما ان استيقظت. انا فعلا اسف كنت افضل لو انها تلقت الخبر بطريقة افضل.

زفر نادر بضيق. وبدأ بفك ربطة عنقه. كان يشعر برغبة شديدة في الصراخ ربما بجنون اكثر حتى مما فعلته. لكن لم يكن لديه الحق بذلك، في أعماقه كان يعلم جيدا انه السبب وراء خسارتهما وأن كل العذاب الذي يشعر به الان لا يقارن ذرة بما شعرت به حين استيقظت على خبر وفاة طفلها.
هل ستكون بخير. رفع رأسه معيدا نظره الى عدنان الذي كان يعيد تركيب المغذي لها.
بالطبع لا رد عدنان بجمود.

لقد كانت سعيدة للغاية بهذا الحمل. لا اظنها ستتقبل الأمر بسهولة لكن على الأقل دعنا نمنحها القليل من الوقت. ستستيقظ بعد ساعات من الأن. اتمنى وقتها ان تكون قادرة على تفهم خسارتها والتعامل معها بعقلانية.
حسنا قال نادر وهو يسحب كرسيا قرب سريرها ليجلس الى جانبها ويمسك يدها الموضوعة على بطنها ليحضنها بين يديه.
سأبقى الى جانبها الى ان تستيقظ قال بصوت قاطع لم يترك بذلك لعدنان وقتا للاعتراض.

اومأ له براسه متفهما قبل ان ينسحب نحو مكتبه تاركا نادر الى جانبها.
مرت اكثر من ثلاث ساعات وهو لم يغادر المستشفى منتظرا استيقاظها. كانت الساعة قد قاربت العاشرة مساءا حين تلقى اتصالا من زياد.

للحظة ظل ينظر الى الشاشة امامه بشرورد يعلم جيدا ما الذي يريد اخباره به. وللحقيقة لم يكن يعلم ما الذي عليه فعله. هل ينكر معرفة مكانها ويتركه يبحث كالمجنون ام يخبره بما حدث ويجعل الأمر اكثر سوءا. اخيرا امسك الهاتف بيده مجيبا الاتصال.

في الجهة الأخرى: كان زياد يتحرك بعصبية ممسكا هاتفه بين يديه. لقد احرق هاتفها باتصلاتها دون جدوى بحث في كل الأماكن التي من الممكن ان تذهب اليها قصد كل صالونات التجميل بحثا عنها. مرت ساعات منذ ان اختفت دون أي اثر. والان شقيقه اللعين يرفض الرد على اتصاله. يا الهي تصلبت ملامحه مفسرا عدم رد شقيقه بالأسوء.
اخيرا رفع الخط ليأتي صوت عدنان من الجهة الاخرى مظطربا بشكل جعل قلبه يتوقف من القلق.

ودون مقدمات: اخبرني انها بخير.
تنفس عدنان بقوة. لم يعد هنالك مجال للانكار خصوصا وهو يسمع كلمات اخيه والذي بدا وأنه بطريقة ما قد علم بالأمر.
انا اسف زياد. سيرين قد فقدت الطفل.
لدقائق كان يستمع الى تنفس اخيه والذي بدا وكأنه يمارس كل قوته ليبقى هادئا. اخيرا جاء صوته مختنقا وكأنه يقاوم دموعه.
هل هي بخير هل علمت بفقدانها للطفل.
تنهد عدنان بأسى: اجل لقد علمت بذلك
كيف هي الان.

سكت عدنان قليلا ليصمه صراخ زياد. اللعنة عليك اخبرني كيف حالها.
حالتها سيئة رد عدنان باقتضاب.
انا في طريقي اليك. لم يستطع عدنان ايقاف شقيقه ولا اخباره بوجود نادر معها. كان قد اقفل هاتفه بالفعل.
زفر عدنان واضعا الهاتف على سطح مكتبه بجمود قبل ان يرتدي معطفه متجها نحو غرفة الفحص. يعلم جيدا ان الساعات القادمة ستكون بمثابة الجحيم ما ان يلتقي زياد بنادر. بقي عليه القيام بواجبه كطبيب والاعتناء بها.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة