قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية طلسم عشق الجزء الأول للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الأول

رواية طلسم عشق الجزء الأول للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الأول

رواية طلسم عشق الجزء الأول للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الأول

حركت سيرين قهوتها الباردة بيد مرتعشة، تتأمل شوارع طنجة والتي لم ترها منذ سنوات طويلة. تنفست بعمق محاولة تفريغ التوتر الذي كاد يحرق أعصابها...
اليوم، هو اليوم الذي حدده نادر لمقابلتها، شعور بالبرودة لفها وهي تفكر في أنها بعد نصف ساعة من الآن ستكون في مقر شركته لتقف أمام الرجل الذي هجرته منذ أربع سنوات مقررة الاختفاء من حياته وإلى الأبد.

مجرد التفكير جعل معدتها تتقلب بخوف مجهول، كيف يا ترى سيكون لقائهما؟ لقد أوضح جيدا خلال الشهر المنصرم أنه لا يرغب بأية علاقة بها، رفض أن يجيب على اتصلاتها واكتفت مديرة مكتبه والتي تغيرت نبرتها مع الوقت لتصبح اكثر تبرما وحدة وهي تستقبل رسائلها المقتضبة حيث تناشده للاتصال بها أو تحديد موعد للقائها على الأقل...

أخيرا بعد أسابيع من الالحاح تمكنت من الحصول على رد بارد في سطر واحد برسالة إلكترونية تخبرها أن لديه وقتا محددا لها في بداية الأسبوع.
ارتعش جسدها وهي تتذكر حماس شريكتها في السكن حين أخبرتها بموافقته أخيرا على استقبالها.
- على الأقل لقد وافق على مقابلتك. إنها بداية.

ابتسمت سرين لها بود، ليس من العدل أن تخبرها أن نادر ليس فعلا، الأمير الفاتن الذي سينقدهما من الوحش، على النقيض لعله هو الأمير المظلم الذي سيكمل ما بدأه المرابون والدائنون والذين حشروهما في الزاوية ليجهزوا على مشروعهما الصغير، لتظل هي تعاني تحت وطئة الديون الخانقة والفائدة الكبيرة التي لن تستطيع ايفائها مهما حاولت...

تشعر بالذنب أنها دفعت نادية وجعلتها متحمسة لمشاركتها المشروع بكل مدخراتها اضافة إلى رهن المنزل الذي تسكنانه. لقد باعت كل ما يمكنها أن يسد على الأقل قيمة الفائدة، لكنها كانت تعلم جيدا، إن هذا ليس حلا، على مدار الستة أشهر لم تكن تسدد سوى فائدة الديون، وأخيرا علمت جيدا أنها إذا لم تسدد دينها قريبا فهي قد تصبح في خطر جسيم، وهذا ما أوضحه المرابي وهو ينظر إليهما بنظرات جائعة اقشعر لها جسدها من الخوف والتقزز.

نادية تلك الصديقة المخلصة والطيبة التي خففت من وطأة الغربة عليها وجعلتها تشعر وكأنها في بلدها...

أربع سنوات باسبانيا، قاست سيرين كثيرا لتحول حلمها إلى حقيقة ملموسة، عملت بجد وسهرت ليال طويلة تقنع نفسها بأنها فعلا قادرة على المنافسة في عالم ذكوري خالص، أن تضحياتها بكل المتع لفتاة في سنها ليست دون ثمن وأنها وأخيرا قد تتمكن من الوقوف يوما أمام قبر والدها دون الشعور بالذنب لكونها لم تكن الابن الذي طالما حلم به، لكونها كانت امرأة.

لطالما شعرت بالخيبة في عينيه، لطالما حاولت بكل السبل أن تظهر له كم هي قادرة على فعل ما يمكن لأي رجل فعله. أنها يمكن أن تكون يده اليمنى، وأنها قادرة على تمنحه الراحة وتحمل أعباء شركته لوحدها. كانت فعلا مخطئة حين ظنت ذلك...
هل كان يعلم أنها لن تلعب بقذارة، لن تحارب دون أخلاق فقط من أجل الفوز كانت أنثى صادقة في عالم رجالي لا يؤمن بالصدق...

لكونها أنثى تمكن نادر من ادخالها في مساومة قذرة، ولكونها أنثى انتهى بتفكيك شركتها وابتزاز والدها...
شعور بالمرارة تولد رغما عنها ونزلت الدموع تحرق بشرتها الرقيقة، مسحت تلك الدموع سريعا وهي تعيد ارتداء نظاراتها الشمسية السوداء لترسم الابتسامة على شفتيها وتخطو نحو الشارع لتوقف سيارة أجرة وتتجه رأسا نحو شركة نادر...

من شرفة مكتبه المطل على ميناء طنجة المتوسط، وقف نادر يحدق إلى الضفة الأخرى بعينين ضيقتين كالصقر، عصر على قبضته بقوة وطيف خيالات الماضي يتراقص أمام عينيه وكأنه بالأمس القريب...
هنا في هذا المكتب بدأ كل شيء، هنا حكم على قلبه أن يظل هائما ينتظر عودتها والتي أصبحت وشيكة يكاد يغمض عينيه لتستنشق حواسه طعم الانتصار الذي خط حروفه بصبر...

ستعود إلى هذا المكتب راكعة أمامه تستجديه، ليجعلها تتذوق نفس كأس الاذلال الذي سقته له منذ أربع سنوات طويلة.
زم على شفتيه إلى أن استحالتا خطا رفيعا، ليبتعد عن النافذة ويعود إلى طاولة مكتبه يتأمل أوراق ديونها.
لقد خطط ونفد ولم يعد هنالك مجال للتراجع بعد الآن...
علا طرق على باب مكتبه جعله يرفع رأسه لينظر إلى مديرة مكتبه، امرأة في آواخر الأربعين، ابتسمت له بود قبل أن تقول بصوت عملي:.

- الآنسة بنجلون تنتظر مقابلتك...
ابتسم نادر باستهزاء وهو يستمع إلى التصريح الغريب لمديرة مكتبه، الآنسة بنجلون...
هذا سيتغير قريبا وعد بصمت
قبل أن يقول وهو يلتف ليجلس على كرسيه الفاخر مخاطبا مديرة مكتبه: - دعيها تنتظر لساعة ثم أدخليها بعد ذلك!
أومأت الأخيرة برأسها قبل أن تعود أدراجها. ويعود نادر لأوراقه يتأملها بحقد دفين استوطن روحه منذ زمن...

حين عادت فاطمة الى مكتبها، وقفت سيرين بعفوية متجهة نحو باب مكتبه الجلدي الفخم، قبل أن تتسمر في مكانها من الكلمات التي نزلت على راسها كدلو ماء مثلج:
- السيد نادر سيستقبلك بعد ساعة من الآن، إذا كنت على عجلة من أمرك يمكننا أن نحدد موعد آخر قالت فاطمة وهي تحدجها بنظرة تقييم بارد.

توقفت سيرين للحظات تستوعب الاهانة الجديدة، قبل أن تعصر كفيها بعصبية وتعود إلى الأريكة لتتأمل المرأة الواثقة بابتسامة متكلفة، هي أكيدة أنها لم تتعرف عليها، خصوصا وأنه في الأيام التي كانت تأتي إلى هنا كمديرة تنفيذية لأقوى شركات الشحن بطنجة، كانت تقابل بترحيب كبير، لكنها اليوم شعرت بأنها دخيلة على هذا المكان بشكل جعلها تشعر بالدونية فجاة.

نظرت إلى أطراف سترتها الرقيقة السوداء والتي اختارتها بعناية صباحا. لكنها بدت مجعدة وغير مناسبة لمقابلة هامة كالتي ستجريها اليوم.

منذ الصباح حين استقلت العبارة من الضفة الأخرى، كانت قد أعادت الجمل المقتضبة و التي ستخبره بها عن ضيقها المادي وحاجتها الى مساعتده، أولا ستناشده لاقراضها القليل من المال فقط من أجل حفظ ماء الوجه فهي تعلم جيدا أنها لا تملك رفاهية دفع قرض آخر، لكن فقط لكي لا تبدو وكأنها تتسول، لكن في حالتها اليأسه كانت مستعدة حتى للتسول منه فقط للهروب من المأزق الذي وضعت نفسها فيه بغباء...

استمرت الدقائق تتحرك ببطئ شديد، خيل إليها أن تلك الساعة الحائطية الثمينة تسخر منها، بينما مديرة مكتبه تتجاهلها تماما وكأنها غير موجودة...
أخيرا انتهى الانتظار، رفعت يدها لتنظر لساعتها لتتأكد، لقد مرت بالفعل ساعة وقد حان موعد لقائها بنادر...
أخيرا تحركت. سمحت لها مديرة مكتبه بالاقتراب من الباب المغلق، لتقرع بيد مرتجفة وتدلف إلى الداخل...

لدقيقة بدا المكان مألوفا وهي تتجول بعينيها على الديكور الذي لم يتغير بعد كل تلك السنوات، تنفست بعمق لايقاف الماضي الذي كان يصارع للظهور، لتلتقي عيناها بعينيه اللتان اخترقتا جسدها كنصل سكين حاد...
نظرات قاتلة صوبها نحوها نادر قبل أن ينهض من على كرسيه الفخم ليتأملها بعيون مشتعلة مملوؤة بالاحتقار...

تراجعت سيرين إلى الوراء قليلا، لقد أشعرها حضوره الطاغي بالخوف، كيف لا وهي تعيد تأمل هذا الرجل البارد والقاسي والذي لم يكثرت وهو يدوس عائلتها بكل قسوة، ليطالب بها كغنيمة أخيرة تضاف الى سجل انتصاراته...

ارتعشت شفتاها بخوف وتحول وجهها إلى الشحوب وهي تنظر إلى ملامحه الداكنة وجسده المتصلب، أربع سنوات كانت كفيلة بإلغاء القشرة الرقيقة من اللطف التي لطالما اختبئ تحتها ليظهر لها نادر الحقيقي، شيطانا قاسيا لايرحم...
لثوان ظل الصمت القاتل يخيم على جو الغرفة، قبل أن تجد صوتها لتقول بخفوت: - أشكرك على مقابلتي...

التوت شفتا نادر بابتسامة وهو يحدجها بنظرة ساخرة جمدت الباقي من الكلمات في حلقها، لم يكن الشكر هو الكلمة المناسبة في ظل الظروف، لكن بعد الساعة التي قضتها تتململ منتظرة في بهو مكتبه جعلتها تصبح أكثر ارتباكا وتوترا...
لم يعلق نادر على كلماتها، التف ليعود إلى مكتبه ليجلس على الكرسي الدوار باسترخاء ويشير بيده إلى الكرسي الجانبي لمكتبه.

اقتربت سيرين من الكرسي وجلست كطفلة مشاغبة استدعيت للتو إلى غرفة المدير، تأملها نادر بتسلية، من شعرها الكستنائي الفاتح المربوط على شكل ذيل حصان، إلى وجهها الشاحب الخالي من أي تبرج، كانت هزيلة جدا. أين اختفت تلك المنحنيات الرائعة التي أصابته يوما بالجنون فكر بصمت...
مستمرا في مسح تفاصيل جسدها بعينين ضيقتين، بينما عصرت هي يديها بتوتر بدا يعلو إلى أن شعرت أنه سيغمى عليها في أية لحظة...

أخيرا توقف نادر عن تسليته السادية وتكلم بصوت هادئ وهو ينظر إلى ساعة يده الرولكس الثمينة:
- لديك خمس دقائق قبل أن اغادر، أنصحك بالبدأ فورا، تكلمي
توترت قسمات وجه سيرين وظهرت معالم اليأس جلية على قسمات وجهها الرقيق. كيف يمكنها أن تشرح كل تلك المشاكل في خمس دقائق، شعرت بمعدتها تتلوى وسيطرت عليها رغبة شديدة في الخروج ركضا من هذا المكان الذي كان يعبق برائحة الماضي الذي كانت تحاول جاهدة التغلب عليه...

جائها صوته القاسي: - أربع دقائق سيرين. أنت تضيعين وقتك.
أخيرا أجلت سيرين حلقها لتقول بصوت مرتعش: - أحتاج إلى 5 ملايين دولار!
عضت على شفتيها سريعا وهي تنظر إلى ملامح وجه نادر والتي لم تتغير، كان فنانا في السيطرة على ملامحه، صفة أخرى كانت تفتقدها في مجال الأعمال، مستحيل أن تنفذ إلى داخله أو تعرف فيما يفكر الآن.

كان يدير قلمه الذهبي بحركات رتيبة مستمرا في تأملها قبل أن يقرر أخيرا الكلام: - حسنا موافق! قال نادر بهدوء
- أسفة على تضيع وقتك. قالت سيرين وارتعشت شفتها السفلى بعصبية لحظة ماذا؟ هل قلت موافق! سألت سيرين بدهشة عميقة وعيناها تتجولان على وجهه غير مصدقة
لقد وافق بكل بساطة دون أي نوع من الاعتراض! هل حقا سمعته فعلا؟ أم أنها أصبحت تعاني من الهلاوس السمعية ايضا؟

رن هاتفه الخليوي، رفعه إلى أذنه ليتحدث بلغته الفرنسية السليمة محولا نظراته الثاقبة عنها، أزاحت عينيها عنه وامتصت أكبر قدر من الهواء محاولة الحد من عصبيتها...

سمح لها اهتمامه بالمكالمة، أن تعود لتأمل ملامحه بحرية، نفس الملامح التي تتذكرها لكأنها أصبحت أكثر قسوة وشراسة من الماضي، هل كان فعلا مستعدا لاعطائها كل ذلك المبلغ حتى دون أن يسألها عن السبب؟ أتراه تغير أخيرا؟ ألم يعد محبا لتدمير الآخرين كما فعل بهم؟
كانت شاردة لدرجة أنها لم تنتبه أنه قد أقفل هاتفه وعاد إلى تأملها باهتمام...
- سيرين!

خاطبها بصوته الواثق. رفعت رأسها والتقت عيناها ببريق عينيه الغامض والذي أثار الرعب بداخلها، كانت نظراته مسيطرة عليها وهو يتأملها باهتمام قبل أن يقول:
- أنا موافق على منحك كل ما تطلبينه. بشرط.
توقف قليلا ليحظى باهتمامها التام: - أنا رجل أعمال سيرين، ولست جمعية خيرية إذا كنت أعطي فبالتأكيد لأخد! والثمن سيكون أنت!

بعد هذا التصريح الغير متوقع من نادر، ظلت سيرين لثوان غير قادرة على استيعاب طلبه، هل فعلا تجرأ ليطلبها بتلك الطريقة المهينة مرة اخرى وكأنها سلعة او صفقة تجارية سيشتريها بالمال.
تلك الأفكار الجامحة التي احرقت عقلها وهي تعض شفتها السفلى بقهر، جعلته اكثر رغبة في امتلاكها.

عيناه توقفتا عند شفتيها المكتنزتين، تلك الحركة التي كانت تقوم بها بعفوية جعلت جسده يتصلب، لم يكن الحب ما يحركه لضمها بين ذراعيه وتأديب تلك الشفتين التان كانتا تقدمان دعوة سافرة للقبلات، هي رغبة رجولية بحثة احتفظ بها لها منذ 4 سنوات وقد حان الوقت الأن لاشباعها.

شعرت سيرين بنظراته تعريها، انكمشت اكثر على نفسها وبحركة عصبية اعادت القميص الذي ارتخى قليلا معطيا منظرا للرجل الساخر الذي ظلت عيناه مسلطتين عليها حتى جعل وجنتيها تحترقان.

اخيرا قررت ان تتكلم محاولة انهاء هذه المقابلة الغير مجدية، شعرت بالاسى يجتاحها، كانت تتمنى لو انها لم تستمع لناديا فهي الان ستعود خالية الوفاض الى صديقتها والتي علقت كل امالها على نادر. كان عليها على الاقل تحذيرها من احتمالية عدم قبوله طلبها.
لم تترك لنفسها فرصة الغوص في مغبة القرار الذي اتخدته، هي بحاجة ماسة الى المال وهو عرضه عليها بسخاء. لكن ما يطلبه كان امرا مستحيلا.

وقفت بهدوء محاولة اخفاء الارتعاش في جسدها من مجرد التعرض لنظراته الفاحصة رفعت راسها بهدوء لتقابل السواد المظلم لعينيه وتقول بصوت خرج جافا:
عرضك مرفوض نادر، زواجنا كان من الماضي وقراري لم يتغير حتى الان، انا ارفض العودة اليك. اذا كان هذا هو شرطك لمساعدتي انا افضل البحث بعيدا.

لمعت عينا نادر وهو يتأمل ثورتها الضعيفة ضده، هي بالتأكيد لم تكن تعلم أنه السبب وراء كل ما تعانيه، انه خطط لشهور ليعيدها الى المغرب اخيرا. تكون مخطئة لو ظنت انها ستغادر هذا التراب نحو اسبانيا مجددا.
اغرته فكرة اخبارها بقراره الجديد، لكن افكارها الحالمة والتي لا تناسب عالم الأعمال اغرته في المواصلة، كان يتلاعب بها مستمرا في الابتسام وهو يرمقها بتلك النظرات التي اصبحت تشعرها بالقلق.

بللت سيرين شفتيها بلسانها، افكار كثيرة تعبر راسها لكنها غير قادرة على استيعاب هدوئه المريب، كان يستعمل طرقه النفسية معها وتكون ملعونة اذا بقيت لدقيقة اخرى تحت هذا الأختبار النفسي المتطرف.
امسكت بحقيبتها الصغيرة ووضعتها على كتفها بيد مترددة، قبل ان تقول محاولة تفادي عينيه.
جوابي هو لا نادر، اشكرك على عرضك لكنه عرض مرفوض.

وكأنه كان ينتظر كلمة الرفض من شفتيها لينهض بهدوء ويقترب منها بخطوات رشيقة وسريعة اجفلتها.
توقف على بعد سنتمرات قليلة ليتأمل ملامحها الفاتنة، قبل ان تصل يده البرونزية الى شعرها ليحرره من تزمته.
توقف قلب سيرين عن الخفقان لثوان، واتسعت عيناها برعب وهي تشعر بملمس شعرها الحريري على وجهها.
انتفضت اخيرا محاولة الاحتجاج بكلمات قوية، نبضها اصبح سريعا وهي تتأمل الابتسامة الملتوية على زاوية فمه.

وقبل ان تفهم سبب تلك الابتسامة الحسية، كان نادر يطوقها بذراعيه ليميل راسه ويلتقط شفتيها بمهارة في قبلة عصفت بكيانها، حاولت ابعاده بضراوة محاولة ضربه دون جدوى،
كان يعمق من قبلاته ليحملها اخيرا بين ذراعيه وهي تركل وتصرخ بصوت عال.
لكنه لم يتوقف وهو يزيح الملفات من على مكتبه ممددا سيرين على الطاولة ليخضعها لسيطرته.

تلوت سيرين محاولة الابتعاد دون جدوى، يا الهي هل سينتقم من رفضها بهذه الطريقة هل كان سيخضعها الان وهنا على طاولة مكتبه.
دفعته اخيرا في صدره وهي تلهث من المجهود الخارق لمقاومته، واصطدمت بالحقيقة في عينيه اللتان اظلمتا برغبة جامحة، سيأخدها بهذه الطريقة المدلة.

تلك المعرفة جعلت الدموع تتجمع في عينيها، انها لم ترد قربه منذ اربع سنوات حيث كانت عروسا حقيقية بثوب زفافها التقليدي الابيض، فضلت الهرب منه تاركة قصاصة يتيمة تخبره فيها انها لاتريده.
هل كانت ستتحمل هذا النوع من الاذلال الان.
تحلت باخر ذرة من القوة لتصرخ فيه برجاء، اتوسل اليك لا تفعل حبا بالله، اعتبرني منار.

تلك الكلمة التي نطقتها سيرين بضعف، جعلت جسد نادر يتصلب كلوح كبير من الثلج، لينظر اليها باشمئزاز حقيقي وينفضها عنه بقرف بينما صدره يعلو ويهبط بقوة اجفلتها، كان حانقا وغاضبا، ومن الطريقة التي كان يرمقها بها، هو مستعد لضربها لما تفهوت به في لحظة يأس.
تركها تلملم سترتها حول صدرها برعب قبل ان يسيطر على ثورة غضبه ليعود الى كرسيه وكأن شيئ لم يحدث.

انتحبت سيرين بصوت مسموع وهي تعيد خصلات شعرها الى الوراء قبل ان تتجمد في مكانها وهي تنظر الى العقود المرمية على الموكيت الفاخر.
نزلت لتجمعها بيد مرتعشة قبل ان تنظر اليه بعدم فهم.
ما الذي تفعله هذه الأوراق هنا، سألته وهي تتمنى لو يكذب الافكار المرعبة التي بدات تضرب راسها بقسوة.
ابتسم نادر وهو يفك ربطة عنقه لينظر الى خوفها بتسلية مريضة.
لقد اشتريت كل ديونك زوجتي البريئة، ومن اليوم انت مدينة لي انا فقط.

لكن لماذا صرخت سيرين بألم
لماذا تفعل هذا بي. ألاني هجرتك اللعنة نادر انت فعلا اسوء مما ظننته بكثير.
ابتسم لها مستمرا في العبث باعصابها المنفلثة ليقول بهدوء.
انت تطرين نفسك كثيرا ايتها الصغيرة، هجرك ليس فعليا شيئا يهمني، لكن على النقيض لقد تسبب ذلك بالغضب لعائلتي وهذا ما سأصححه قريبا.
ستعودين معي اليوم، لابد ان امي متشوقة كثيرا لرؤيتك تشدق باستهزاء.

ابدا لن اعود اليك قالت سيرين بصوت يائس، يا الهي رمت بتلك الاوراق في وجهه، يا لي من غبية تمتمت من بين شفتيها المرتعشتين.
هل كانت هذه هي خطتك منذ البداية.
بالطبع قال وهو يفرقع اصبعيه ليشير بسبابته نحوها.
لقد استدرجتك الى هنا، بمحض ارادتك. لقد نسيتي زوجتي الفاتنة أن عليك حكما قضائيا وجب عليك تنفيذه.

ماذا قالت بنبرة متسائلة قبل ان تمسك ورقة من الملف الذي لوح به نادر نحوها دون اهتمام. اقرئيه وربما بمعجزة من القدير قد تستطيعين الاستيعاب اخيرا ان لا وسيلة للهرب مني.
قرات سيرين الاوراق بسرعة فائقة، ومع كل كلمة كانت تشعر بان انهيارها اصبح مسألة وقتية فقط.
المرابون اللقطاء، هذا مستحيل صرخت دون وعي.
بل هي حقيقة صرح نادر بهدوء.

انت بغبائك جعلتي الامر على هذا النحو، اللعنة سيرين الم تتعلمي بالطريقة الصعبة ان الموافقة على كل الشروط يعني بيع روحك للشيطان.
ابتسم للتعبير الذاهل على وجهها، ليضيف بنبرة متهكمة: لقد حولت الدين الى المغرب، وكما تعلمين القانون هنا يتيح لي ادخالك السجن على كل يوم لا تدفعين فيه ديني، ضحك بتسل وبانت اسنانه اللامعة مستمرا في تعذيبه السادي لها.

5 ملايين دولار، تقريبا كل سنوات عمرك الى ان تصيري عجوزا خرفة.
لا هذا مستحيل، انا سأرحل الان قالت وهي تلتفت نحو الباب الكبير المغلق.
فكري ان تخطي خطوة اخرى وسأتصل بالشرطة فورا هدر نادر بصوت قوي اجفلها.
توقفت وجسدها يرتعش من الرعب، لتعود نحوه وهي تصرخ بعصبية.
ما الذي تريده مني ايها الحقير.
تصلبت ملامحه فجأة وبدا خطرا للغاية وعيناه تتفرسانها بحقد غريب،.

اريد حقي الذي حرمتني منه منذ سنوات ولن اتوقف ولن اتوانى عن فعل كل ماهو مناسب الى ان احصل عليه.
انا اكرهك صرخت والدموع تنساب من عينيها لتحجب عنها الرؤيا، كيف ستشعر مع انسانة تكرهك.
للحظة ارتعش فكه، قبل ان تعود قسوته للظهور وهو يبتسم لها باستهتار.
لقد حان الوقت لتكبري صغيرتي، لست محتاجا الى مشاعرك في شيء، تلك الاشياء هي جسدية بحثة.

والان يكفي كلاما قال وهو ينهض من على كرسي مكتبه ليسحب سترته بعناية ويقترب منها ليمسك ذراعها بقسوة ساحبا جسدها معه.
امي قد حضرت وليمة من اجلك، سخر وهو ينظر الى جسدها النحيل، بالتأكيد انا لاراغب في عصى مكنسة في سريري، اضاف بسخرية قبل ان يفتح باب مكتبه ويخرج الى الرواق نحو المصعد تشيعه فاطمة بعينين ملئتهما الصدمة.

اخيرا دفعها الى مصعده الشخصي ليحاصرها بجسده الفارع، ظلت سيرين هادئة وهي تنتظر وصول المصعد الى الطابق الأرضي، خطتها كانت دفعه بكل قوة والهرب بعيدا وكان الشياطين تطاردها، لن تتوقف سوى على العبارة المتجهة الى اسبانيا، الان وقد اشترى ديونها كاملة، كانت فرصتها للفرار وعدم العودة ابدا الى المغرب وليذهب هو وتهديداته الى الجحيم، شعرت براحة نسبية وهي تستمع الى الطنين المزعج للمصعد وهو يتوقف عند كل طابق.

اخيرا نظرت الى لوحة المفاتيح منتظرة فرصتها للتجمد من الصدمة حين لم يتوقف المصعد مستمرا في النزول نحو المراب.
اللعنة شتمت بهمس، لكن هذا لم يكن ليثنيها عن خطتها ستهرب منه ولو كان فيه موتها، مستحيل ان تسلمه جسدها بهذه البساطة، لن يحصل عليها سوى جسد هامد.
توقف المصعد اخيرا وفتحت الأبواب، جمعت سيرين انفاسها قبل ان تدفع بنادر بقوة الى جدار المصعد وتخرج ركضا.

للحظة توقفت وهي تنظر الى المراب الضخم والذي اصابها بالذهول: لكن الى اين ستذهب. ادارت راسها حتى شعرت بالدوار باحثة عن أي علامة للخروج دون جدوى.
اخيرا لاحت لها العلامة الحمراء كطوق نجاة القته العناية الالهية من اجلها، ركضت سريعا محاولة عدم الالتفات الى الوراء.
بالتأكيد سيكون في اثرها فكرت بخوف مستمرة في الركض الى ان شعرت بأشواك تخز صدرها من المجهود الهائل والذي لم تتعود عليه.

اخيرا وقفت تنظر الى الباب الكبير والذي اغشى النور المنبعث منه عينيه، اكملت الصعود بحذر وهي تضع يدها محاولة تفادي الوميض.
اخيرا تعودت عيناها مجددا على الضوء لتفتحهما اخيرا، وتصرخ من الصدمة والخوف.
كانت سيارة رباعية الدفع تسد المخرج الوحيد الى الحرية، ترجل نادر بهدوء وابتسامة استهزاء تزين ملامحه الوسيمة المظلمة، تأملها لدقائق وكأنه مستمتع بسذاجتها.

لم يترك لها فرصة العودة الى الوراء وهو ينقض عليها ليحملها على كتفه كرجل الكهف ليرميها في المقعد الامامي لسيارته ويلتف سريعا، ليفتح باب السائق ويقبض على يدها الأثمة التي كانت تحاول فتح الباب.
انت فعلا تحتاجين الى التأديب ايتها القطة الشرسة، علق، ليسحبها من شعرها الطويل، مسكتا صراخها بعناق قاس.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة