قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية طلسم العشق الجزء الثاني للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الثاني

رواية طلسم العشق الجزء الثاني للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الثاني

رواية طلسم العشق الجزء الثاني للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الثاني

جالسة في الزواية كحالها منذ أن رحل وتركها مرة أخرى في تلك الغرفة الغريبة. تتأمل تلك الأضواء برهبة وخوف لم تعد تعلم كم مر عليها وهي جالسة تندب حظها. ساعات أيام من يدري مشاعرها الانسانية طغى عليها الخوف لدرجة انها لم تعد تشعر لا بالجوع ولا العطش وسط هذا المكان الغريب.

فجأة شعرت بالأرض تتحرك مرة أخرى تحتها. لابد أنه قد عاد فكرت وهي تنتظر ان يقفز أمام عينيها ككل مرة. لدهشتها حين تجسدت أمامها هيئة امرأة. امراة فاتنة بحق وكأنها خرجت هي الأخرى من احدى روايات الاغريق القديمة بشعرها الذهبي الطويل الذي وصل الى كاحلها وبشرتها الشاحبة المصقولة وكأنها من الرخام عيناها كانتا بلون الفضة السائلة غطتهما رموش ثقيلة. تأملتها باستغراب شديد لطالما ظنت ان عالم الجن مليئ بالبشاعة فكيف لمثل هذا العالم المخيف أن يضم هذا الجمال الساحر. تاملتها منار للحظات دون ان تنطق حرفا واحدا. لم ترغب حتى في النهوض لاستقبال الزائرة الغامضة لكن من تخدع لقد كانت قدماها عاجزتان عن الوقوف وعقلها لم يعد يستوعب كل الغرابة التي تمر بها منذ أن عادت للحياة. طوال الفترة التي عاشتها محتجزة في المستشفى كانت مغيبة وكأن أحدا استولى على جسدها وسجن روحها. ذلك الكائن جعلها مجرد قشرة مفرغة يحركها كيفما يشاء.

لكن منذ ان عاد وحررها. أصبحت الحياة تنبض في جسدها من جديد
منار جاء الصوت الأنثوي المبحوح ليعيدها الى الواقغ قبل أن تغيب وسط الذكريات.
لترفع رأسها نحو الغريبة مبعدة خصلات شعرها الحريري. لتنظر إليها بتمعن.
من أنت سألت منار بصوت خرج مرتعشا رغما محاولاتها المستميتة في اخفاء خوفها.
ابتسمت الغريبة مقتربة من منار التي انكمشت اكثر في مكانها. جاعلة مخاطبتها تعود خطوات الى الوراء.

لا تخافي لقد أرسلني جلجامش لأعيدك قالت في محاولة للحد من رعب منار الظاهر.
لكن ما قالته جعل وجه منار يشحب كالأموات.
يعيدني؟ الى أين سألت منار وقد استولى عليها الرعب جاعلا اطرافها ترتعش بهستيرية أخبريني أرجوك أنه سعيدني الى المنزل.
حركت الغريبة رأسها باحباط من ردة فعل منار، ستعودين معي الى دياري. عالمنا. الى عالم جلجامش حيث مكانك الطبيعي كزوجته وملكة مستقبلية لعرشه.

لا مستحيل! صرخت منار وقد تملكها الرعب فجعلها تقف سريعا. كادت أن تسقط لولا الغريبة التي أقتربت منها بلمح البصر لتمسكها في اخر لحظة مانعة ارتطاهمها بالأرضية
لا داعي للخوف. نحن عائلتك الآن أنا أكون شقيقة جلجامش ادعى أفلون وقد استأمنني على حياتك سأعود بك الى القصر وستكونين تحت حراستي وحمايتي الى حين عودته
حمايتي؟! سألت منار بخوف.

اومأت افلون برأسها ايجابا قبل ان تمسك يد منار المرتعشة وتحرك يدها حركة دائرية انفتح على اثرها باب في الجدار عبرتا منه نحو عالم جلجامش.

في منزل نادر: هل أنت مستعدة؟
سأل نادر وهو ينظر الى ملامح سيرين التي أصبحت شاحبة وهي تتأمل الطريق نحو البوابة الكبيرة للفيلا. ارتعش جسدها من الذكريات التي عبرت مخيلتها ذكريات أقل ما يقال عنها انها قاسية مجحفة ومؤلمة جعلتها تشعر بالمرارة حركت رأسها علامة على الموافقة لتخطو اولى خطواتها نحو البوابة التي فتحت فجأة واندفعت منها مريم راكضة نحو سيرين التي شلتها المفاجئة.

سيرين اخيرا وصلت صرخت مريم وهي تقفز الدرجات سريعا لتحتضن سيرين بقوة وانهمرت الدموع من عينيها.
ظل نادر ينظر الى سيرين الواقفة بجمود بينما سيل من الكلمات يخرج من فم مريم المتحمسة. اخيرا تركتها مريم وهي تبحث عن الطفل الصغير والذي كان نادر يحمله.

هل يمكنني حمله طلبت مريم وهي تنظر الى نادر وقد علت حمرة الخجل وجهها. في خضم سعادتها بوصول سيرين الى المنزل كانت قد نسيت أمر نادر الذي كان يتأملهما بوجوم. حرك رأسه لتقترب مريم محاولة الحد من حماسها وتحمل الطفل بين ذراعيها.
يا الهي انه رائع. سيرين طفلك جميل جدا. اخيرا بعض البهجة لهذا المنزل -.

ابتسم نادر ابتسامة لم تصل عينيه ظل يتأمل جمود سيرين باهتمام يشعر أن اصطحابها الى المنزل الذي عانت فيه لشهور لم يكن بالخطوة السليمة على الاطلاق. لكن كان عليها موجهة شياطينها وكلما كان ذلك سريعا كلما كان أفضل
تنفس بقوة محاولا التخفيف من التوتر ليقترب من حيث وقفت بجمود تنظر الى البوابة المفتوحة وكأنها في انتظار ما سيقفز أمامها.

وضع يده على صفحة ظهرها فارتعشت تلقائيا من لمسته. دفعها ببطء للدخول بينما انقادت له. تعلم ان ما ينتظرها ليس بالأمر السهل لكنها وعدت نفسها انها لن تكون الضحية التالية لهذا المنزل.
في المستشفى: أريد الخروج من هنا طلب معاذ وهو يتأمل الطبيبة الشابة التي أتت لرؤيته -
رفعت رأسها بعد أن كانت مهتمة بالكتابة على اللوح أمامه لتعيده على السرير وتنظر اليه باستغراب.

تعلم أن هذا مستحيل أيها الطبيب. الكسور في قدميك تحتاج الى اسابيع لتشفى. تحتاج الى عناية على مدار الساعة وهذا ما لن تجده في منزلك.
أنا طبيب وقادر على العناية بنفسي أشكرك قال معاذ بتبرم والان متى أستطيع الخروج-
بعد شهر من الان ردت الطبيبة بنفس الهدوء. عليك الان ان ترتاح فستحتاج الى أن تستعيد قوتك قبل ان نبدأ العلاج الطبيعي.
علاج طبيعي سأل معاذ بدهشة ومن قرر هذا.
ومن تراه برايك سألت بشبه ابتسامة.

انا لا احتاج الى اي علاج طبيعي رد معاذ بغضب
بالطبع تحتاج وقد بدأ الحنق يسيطر على صوتها. أن تحتاج الى الكثير من الراحة وتحتاج الى علاج طبيعي لتستطيع المشي باستقامة مرة اخرى لا اعرف ما الذي حصل معك لتصاب بكل هذه الكسور. لكن حالتك كانت حرجة للغاية واحتجت الى دخول غرفة العمليات مرتين فقط لمعالجة كسور قدميك.
لذا حين أقول انك تحتاج الى الراحلة والى علاج طبيعيي فأنا اعني ذلك.

حسنا حسنا لا داعي للصراخ قال معاذ وهو ينظر الى ثورة غضبها التي اشتعلت فجأة
عادت الى الابتسام وهي ترى النظرة التي علت وجهه.
هل أنت عنيفة دائما مع مرضاك-
ليس دائما قالت الطبيبة وهي تهم بالخروج فقط حين يكوم مريضي طبيبا عنيدا لا يعرف مصلحته.

منذ أن عبرت البوابة نحو مملكة جلجامش ظلت منار جالسة في الزاوية مغلقة العينين وكأنها بذلك تحمي نفسها من كل ما قد يقفز أمامها من أشياء مريعة. تركتها أفلون دون ان تشفي فضلوها في معرفة أين هو عالم جلجامش تحججت بأنها ليست مخولة لاعطاء أي معلومات وعليها انتظار قدومه. لكن إلى متى الانتظار؟

شعرت فجأة بالقشعريرة تغزو جسدها وشعريات رقيقة تقف على طول ذراعيها. بدأ قلبها ينبض بعنف لكنها بقيت مصرة على اقفال عينيها بعناد. جسدها يرتعش رغما محاولاتها الحثيتة لايقافه
وقف جلجامش لدقائق ينظر اليها جالسة في الزاوية ترتعش كقطة خائفة. تنهد باحباط ليقترب منها ويجلس على السرير المقابل لها قبل ان يقول بصوت هادئ.
يا لك من عنيدة منار. حتى بعد كل ما حدث لا زلت مصرة على اختيار الطريق الصعب.

مشاعر مختلفة ضربت منار وهي تستمع الى الصوت المؤلوف. شعور غريب بالراحة اعتراها رغم غرابته فكيف لها ان تشعر بالراحة في وجود معذبها الذي كان وراء سجنها في هذا المكان الغريب.

رفعت رأسها والتقت عيناها بعينيه. كان ينظر اليها وكأن حياته رهينه بوجودها. عيناه كانتا تتأججان كاللهب المستعر. هل يمكن ان تنظر الى عينين بلون اللهب دون ان تشعر بالرعب لكنها لم تشعر بالرعب وهي تتأمله. حتى شحوبه لم يجعلها خائفة ظلا يتبادلان النظرات للحظات مرت كالدهر.
اخيرا عادت لها قدرتها على التواصل لتقول بصوت بدا قويا رغم ارتعاشها.
وأي طريق تريدني ان اختار.

ابتسم جلجامش معجبا بثورتها تأملها بعيني عاشق ليقول. طريقنا واحد منار انت تكونين زوجتي هذا يعني على الأقل أن تتقبلي وجودي.
وجودك. زوجتك انت تعلم ان هذا محض هراء
تحركت عضلة في وجه جلجامش وقست ملامحه لكنه ظل هادئا رغم ذلك يستمع الى كلماتها دون ان يتحرك.
اخيرا واتتها الشجاعة لتنهض من مكانها وتواجهه وهي تتأمل الغرفة التي حجزت بها. لتنظر اليه مرة اخرى مستجمعة ما بقي لديها من قوة لتقول.

ما الذي تريده. ماالذي تظن انك تريده.
ما أردته منذ ثمان سنوات ومازلت انتظره الى الان أنت
صوته كان هادئا لكن مهيمنا مسيطرا على كل حواسها. كل كلمة نطقها شعرت بها تتخلل جسدها لتغوص عميقا بداخلها.
نبرته كانت حسية ومثخمةالمشاعر التي لم تختبرها منار من قبل.

نحن لا يمكننا مستحيل قالت محاولة ايقاف السحر الذي تغلغل في عروقها وهي تشير اليه انا وانت مزيج مختلف مكونان لا يستطيعان العيش معا النار لا تستطيع ان تلائم التراب.

بل نستطيع قال جلجامش بصوت غلبت عليه العاطفة. نحن يمكننا ان نكون زوجا فريدا من نوعه. اقترب منها لتعود تلقائيا الى الوراء حتى التصقت بالحائط. ليغطيها ببنيته القوية. يمكن للنار أن تشكل الصلصال وتصنع منه الأعاجيب يمكن للنار ان تلين الحديد وهذا ما انا واثق منه منار حتى لو ملكت عقلا عنيدا يرفض الاصغاء أن مستعد للمحاولة وأعلم جيدا في قرارات نفسي انك ترغبين بي بالقدر الذي أرغب بك ممناعتك ليست من داخلك هو فقط ذلك الصراع بين قلبك الذي يرغبني وعقلك الذي يرفض الاعتراف بوجودي.

جعلها قربه والطريقة التي كان يغويها بها تشعر بالنارتحرق أوردتها واستجاب جسدها تلقائيا للمساته. مستمرا في محاصرتها رفع رأسها محركا خصلات شعرها ببطء شديد وارتعشت شفتاها وهي تحدق في عينيه. حين احنى رأسه ليلتقط شفتيها بمهارة مغيبا اياها في اول قبلة تجمعهما لم تبد أي مقاومة تذكر.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة