قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية طلسم العشق الجزء الثاني للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الأول

رواية طلسم العشق الجزء الثاني للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الأول

رواية طلسم العشق الجزء الثاني للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الأول

هل تستطيع قتل مارد من الجن؟ تلك الفكرة الغريبة لم تكن لتخطر على بالها يوما. لكنه لم يكن ماردا كان اميرا و حتى ولو سمح لها بذلك منذ ساعات. هي لم تقتنص تلك الفرصة الذهبية للإجهاز عليه فلا داعي لكي تلوم نفسها الان.

اقتربت من السرير حيث استلقى جسده هادئا ومسالما. ملامح وجهه بدت بعيدة كل البعد عن تلك الملامح الشيطانية التي لا تزال محفورة بذاكرتها منذ سنوات. اقتربت منه كالمنومة مغناطيسيا. لتجلس قربه تتأمل جسده بحرية لم تمتلكها من قبل.

تنفسه كان ضعيفا مقارنة بضخامة بنيته. انتبهت اخيرا الى العرق الذي تصبب غزيرا من جسده. وامتدت يدها تلقائيا لتلمس صدره. لتعود وترفع أناملها سريعا وكأن لمسه أحرقها. جسده كان حارا ورطبا. كان يحترق من الحمى. لكن اليسوا مخلوقات نارية كيف لهذا أن يكون منطقيا. هل عليها أن تجد طريقة لتخفض بها حرارته. أم عليها ايقاضه حتى يستطيع معالجة نفسه فهي لا تملك اي وسيلة لمساعدته وسط هذا المكان الغريب؟

أرعبتها تلك الأفكار التي بدت تغزو عقلها بسرعة جنونية يا الهي هل تهتم؟ هذا الكائن هو من جعل حياتها جحيما في الماضي هو السبب وراء قبولها بعادل. لسخرية القدر هو من أنقدها من تلك الزيجة أيضا.
تنهدت بألم وهي تتذكر كل المعاناة التي عاشتها مع وغد مريض. معاناة تقبلتها بصمت وقلب رحب في سبيل عدم ايذائه لعائلتها. الوغد كان فعلا مجنونا!

لذلك تحملت بطيب خاطر كل ما فعله بها لسنوات. إلى ان أتت تلك الليلة الملعونة.
منذ 4 سنوات: يقولون أنك تشعر برائحة الموت حين يقترب منك. أستطيع الجزم ان حواس منار تشربته حد الثمالة تلك الليلة.

وعادل يسحبها بقسوة وسط صراخها وتخبطها محاولة التشبت بأي شيء في طريقها حتى لا تصل الى ذلك الطابق اللعين حيث لا شيء سوى غرفته. كان تعلم جيدا ما يحدث حين يقرر العودة بها الى تلك الغرفة الملعونة حيث ينتظرها ابشع انواع العذاب.

اخيرا فتح عادل الباب ملقيا بها على الأرض أمامه وكأن لا وزن لها على الاطلاق عيناه ركزتا في الغرفة لوهلة. بدا وكأنه وجد ظالته أخيرا لأنه بدأ يتحدث بلغة غريبة مخاطبا شخصا غير مرئي فالغرفة كانت فارغة سوى منهما. لم تهتم كثيرا فهي اعتادت على مثل هذا الجنون فلم يعد شيئا غريبا عليها وهي تراه يصرخ ويبكي ويكلم اشخاصا غير موجودين.

أقفل الباب فجأة وكأن تيارا مر به. ارتعشت منار برعب وهي تنظر اليه يبتسم لها. تلك الابتسامة المختلة التي باتت تعرفها جيدا الأن. لابد ان الوغد غاضب للغاية هذه المرة. فيداه كانتا ترتعشان رغم هدوء ملامحه.
اخيرا اقترب منها ليسحبها من شعرها ليقربها منه بين انهمرت دموعها غزيرة وهي تستعد للقادم. كان يسحب شعرها بقوة لدرجة أنها شعرت بأنه سيقتلعه من جذوره.

سحبها نحو السرير ليوثقها به كما يفعل كل مرة. لم تقاوم ورعب تلك النظرات تشلها مانعة اياها من الحركة. استسلمت للقادم وهي تراه يفتح الكتاب ويبدأ بالهمهمة بكلمات غريبة لم تستطع يوما فهمها. أغمضت عيناها وتمنت في تلك اللحظة أن لا تفتحهما الى الأبد.

عودة الى الحاضر: كانت غائبة في ذكريات الماضي لدرجة أنها لم تنتبه الى أن ماردها قد غادر السرير التفتت برعب تبحث عنه في كل أرجاء الغرفة. لكن كالمعتاد كان قد اختفى.
اخيرا انهارت كل الحصون التي احتمت بها لسنوات. واستسلمت لبكاء مرير كانت تبكي كل الظلم الذي تعرضت طوال تلك السنوات على يد عادل بسبب عشق مجنون ومستحيل.

في المستشفى: تحرك معاذ بصعوبة. محاولا الوصول الى كوب الماء بجانبه قبل ان يباغته الألم بقوة جعلته يصرخ رغما عنه، لطالما كان قويا في تحمل الألم لكن ما شعر به هذه المرة لم يكن ليقارن بأي ألم شعر به من قبل.

. كان جسده مهشما بالكامل من جراء ما حدث رغم ذلك لم يكن هذا شيئا مقارنة بالألم الفظيع الذي يمزق قلبه في كل ثانية يجلس فيها عاجزا. هل فقد منار الى الأبد وهو الذي ناضل من أجلها كل تلك السنوات. دمعة مريرة فرت من عينيه رغما عنه. كانت هذه منار التي سلبت منه للمرة الثانية ولم يكن قادرا على فعل أي شيء سوى ان يشاهدها تتبخر أمامه كالسراب. جبان أنت يا معاذ اللعنة عليك شتم بعنف ليرفع رأسه ويصطدم بالواقف أمامه.

أمين تكلم معاذ وتهجمت ملامحه. ما الذي أتى بك إلى هنا ما الذي تريده بعد أيها السافل، ألم تكتف بما فعلته بي حتى الآن -
رغم الكلمات الحانقة واللعنات التي امطره بها صديقه، الا أن أمين جلس بهدوء مريب ملامحه متبلدة وعينان فارغتان من الحياة
تنهد للحظة قبل ان يقول بصوت خرج مرتعشا رغما عنه.
لم أكن أعلم اقسم لك. تلك الليلة بعد ان دفنت والدي، وارتعش جسده فقط لمجرد عودته بالذاكرة الى تلك الليلة المشؤومة -.

كنت أشعر بالضياع وبالألم ذلك النوع من الألم الذي يفقدك القدرة على النطق لقد خسرت والدتي ومن ثم والدي، كانا كل شيء بالنسبة لي وخسرتهما بسبب كتاب لعين. لقد جعلني ذلك حانقا للغاية.
كان ينظر الى معاذ لكن ذهنه كان شاردا وهو يعود بذاكرته لتلك الليلة.

في تلك الليلة دخلت مكتب والدي بحثا عن الكتاب كنت أعرف انا يضعه في مكان ما هناك. بحثث لساعات طويلة حتى فقدت الأمل. لكني أخيرا وجدته كان نيتي هي إحراق ذلك الكتاب اللعين وكأني بذلك أثأر منه لموت أعز شخصين في الوجود إلى.

حاولت احراقه أكثر من مرة لكنه في كل مرة كان يعود لحالته الأولى. أصبت بالدهشة ثم بالغضب لكن بعد المحاولة الرابعة أو الخامسة لم أعد أشعر سوى باليأس والمرارة لأني لم أستطع ان انتقم لوالدي.
حين فقدت الأمل أخيرا في تدميره، فكرت في التخلص منه ببيعه لمن يرغب بامتلاكه ولتنزل عليه لعنته فمن يبالي على الأقل لم أكن أبالي وقتها.

قررت الخلود للنوم ليلتها بعد أن اتخدت القرار الذي بدا وقتها منطقيا والأقرب الى الصواب. لكنها كانت ليلة طويلة. طويلة للغاية.

تلك الليلة: اغمض أمين عينه بعد ان فشلت كل محاولاته في التخلص من الكتاب الملعون. لم تمر سوى دقائق قليلة ليسمع صوت سقوط شيء في الصالة. لم يحاول حتى أن ينهض ليرى ما الذي سقط أعاد إغماض عينيه محاولا النوم. لكن الأصوات تكررت هذه المرة بصورة أقوى وأوضح. اخيرا قرر النهوض ليرى ما الذي يحدث. وضع يده على القابس بجانب السرير دون جدوى لا إضاءة.

لابد انه لص فكر أمين وهو يحاول التسلل من سريره بهدوء. لو أنه لص فهو بالفعل لص بائس فمن بين شقق العمارة كلها لم يجد سوى شقته التعسة ليسطو عليها. لو يعلم فقط أنه لا يملك حتى الأرض التي يقف عليها الآن لما تجرأ. لكن ما الذي يمكنه تقديمه لهذا اللص بائس مقابل الحفاظ على حياته، ربما قد يرغب في الكتاب سخر بطريقة لا تناسب موقفه على الإطلاق.

حين وصل وجهته اخيرا. استغرب وجود ضوء أحمر قريب الى البرتقالي يتوهج في المكان. مما زاد من غرابة الموقف فهو لا يذكر استخدامه أي نوع من الشموع قبل خلوده للنوم اضافة لخلو المنزل منها على كل حال. ما الذي يتوهج اذا بحق السماء لعن أمين وهو يحرك راسه في كامل الغرفة محاولا الحصول على اجابة.
لم يطل انتظاره طويلا. حطت عيناه فجأة على الجالس على الأريكة بأريحية يتأمل وجهه وكأنه صديق قديم.

شخصت عينا أمين من الصدمة متأملا الغريب الذي جلس بهدوء وكأنه منزله مستمرا في التحديق الى أمين بعينين سوداوينين اختفى بياضهما.
من أنت بحق السماء صرخ أمين مخاطبا زائره الغامض و الذي ظل يبادله التحديق بنفس الهدوء وعلى شفتيه شبه ابتسامة ساخرة ومستفزة قبل أن يقترب من حيث وقف أمين شاحب الوجه وكأن الدم اختفى من عروقه.
انت من قمت باستدعائي تكلم الغريب ليجعل حيرة أمين تتضاعف -.

لكن متى وكيف سأل أمين وهو يحرك رأسه بحيرة. أنا لم استدع أحدا -
الكتاب قاطعه مقتربا ليهمس في أذنه بصوت كالفحيح. لقد حاولت إحراق الكتاب -
مجرد اقترابه من أمين جعل جلد الأخير يقشعر. الأن فقط بدت الأمور تتوضح. بالطبع النار المتوهجة الغريب الذي يكلمه بهذه الثقة والهدوء المريبين وأخيرا معرفته بالكتاب.

التفت أمين بسرعة نحو مخاطبه لكنه اختفى من أمامه في لمح البصر ليعود الى مكانه على الأريكة متأملا أمين والذي بدا الرعب جليا على ملامحه. اذا لقد عرفت من أكون. ابتسم الكائن مستنشقا هواء الغرفة بانتشاء وكأن رائحة الخوف تستهويه. قبل ان يكمل بنفس الهدوء اما سبب زيارتي فهو أننا قررنا منحك ما رفضه والدك من قبلك
مستحيل صرخ أمين وقد اختفى الخوف من ملامحه ليتحول الى غضب شديد.

أنا لم أطلب منكم شيئا على الإطلاق ولا أريد خدمتكم بالمقابل.
تنهد الكائن بملل متجاهلا ثورة غضب أمين الواهية ليقول.

ااذا بكل أسف علي أن أنهي حياتك الآن فقانون الكتاب واضح قال الكائن بنفس الهدوء. يتوارث جيلا بعد جيل وأنت للأسف يا صديقى كنت آخر الملاعين الذين سيحملون على عاتقهم هذه اللعنة فلا أخ لك ولا أطفال ابتسم وظهرت علامات المعرفة على وجهه. فقد قضيت على نسلك آخر مرة بيدك حرك الكائن رأسه برفض ويقولون اننا الجنس المتعطش للدماء يال العار.

بدأ جسد أمين يتصبب عرقا وسرت رعشة على طول عموده الفقري اذا كان يشك من قبل في هوية الماثل أمامه فالآن أصبح يعلم يقينا من يكون.
لكن كيف تعلم؟ -
نحن نعلم كل شيء عنكم صرح الغريب بثقة...
اذا انت القاتل المأجور في عالم الجن سخر أمين بمرارة.

ابتسم الكائن لأول مرة لتصبح ملامحه اكثر بشاعة. يمكنك قول ذلك. لكنني لست قاتلا مأجورا انا الخادم الموكل بالكتاب ويقع على عاتقي تعليم صاحبه كل العلوم التي يتضمنها والحفاظ عليه من اي متطفل قد تسول له نفسه الاضرار به.
ضحك أمين باستهزاء ولأني حاولت احراق كتابك الثمين اتيت للاجهاز علي أهذا ما تحاول قوله. اذا كيف سيكون ذلك.
ستجعلني أرمي بنفسي من الشرفة أم سأًشنق كوالدي -
لدي حل أفضل لك -.

ارتفع حاجب أمين باستهزاء تريدني أن أعمل لديك -
لا قال الغريب بنفس الهدوء اريدك ان تتخلص من الكتاب اريدك ان تمنحه بل تبيعه الى شخص معين. لن نضايقك بعد الآن ولن نتواصل معك اطلاقا الا اذا قررت العودة الينا بمحض ارادتك.
وكيف ستعيد الكتاب إلى وقتها سأل أمين بسخرية -
ابتسم الكائن بغموض
ليقترب من أمين بلمح البصر مربثا على كتفه دعنا لا نقلق بشأن ذلك. والآن انصت جيدا لما سأقوله لأني لن اعيده مرتين.

عاد أمين من ذكرياته المظلمة على صوت معاذ الغاضب
يا إلهي معاذ ما الذي فعلته. ما الذي فعلته؟
تنفس أمين بقوة ليكمل دون أن ينظر الى معاذ
كان هو سبب معرفتي بعادل. هو الذي جعلني أبيعه الكتاب. لقد اختاروه قبل حتى ان يفكر في البحث عنهم. هم من وضعوا الكتاب في طريقه أنا فقط جعلت الأمور أسمهل عليهم.
لكن لماذا ما الذي جعلك تقوم بمثل هذا الهراء.

كنت خائفا رد أمين بنبرة كساها الألم انا اسف لكنني كنت الأخير. كان ليقتلني دون تردد كانوا السبب وراء ما حصل لوالدي.
تنفس معاذ بقوة وهو يشيح ببصره عن أمين ليقول: أنا متأكد انك لم تكن تعلم بنواياه.

لا أقسم لك. حين أتت منار الينا بعد ان قتلت عادل كنت متأكدا انه الكتاب الملعون. كنت اعلم انه السبب لكني لم استطع ربط الأمور ببعضها فالأمر بدا غريبا كيف لحارس الكتاب ان يتلبس منار. لما لم يأت إلى والأسوء كيف اختفى الكتاب.
لكن كل الأمور أصبحت واضحة حين قررت أن أسلك الطريق الذي اقسمت اني لن اعود اليها ما حييت.

في المستشفى: استيقظت سيرين أخيرا من غفوتها فهي لم تستطع النوم بشكل جيد، منذ أيام. تفكيرها مشوش الكثير من الأفكار تغزو عقلها وتجعلها غير قادرة على النوم. اليوم هو الموعد الذي حدده عدنان لخروجها من المستشفى، نادر لم يقم بزيارتها منذ تحسنها وهو ما تجده غريبا خصوصا أنه لم يتوقف عن زيارة طفلهما.

اذا لقد قرر اخيرا ان يطوي صفحتها، لكن هل سيحرمها من طفلها كما توعدها من قبل. لن تسمح له بذلك ستقاتله ككل مرة وربما أكثر من قبل فهذا الوضع مختلف تماما عن أي شيء واجهاه من قبل إنه أهم شيء في الوجود بالنسبة لها ولن تتركه لنادر مهما كلفها الثمن خصوصا وهي تعرف نواياه. مطلقا لن يصبح طفلها ورقة أخرى لانتقامه.

اشتد ألم رأسها فجأة من مجرد التفكير أن نادر قادر على مساومة رخيصة كحرمانها من الطفل خصوصا بوجودها في المغرب حيث يملك كل النفوذ والسلطة وهي لا تملك أي شيء لتحاربه به.
فتح الباب في تلك اللحظة وظهرعدنان الذي ابتسم لها بود. قبل أن يقول أظنك مستعدة للمغادرة سيرين فحوصاتك وفحوصات الصغير كلها مطمئنة للغاية، لذلك لا أرى من داع لابقائك في المستشفى لمدة أطول.

حركت سيرين رأسها موافقة و ظهرت الحيرة واضحة على ملامحها المتعبة. ليس لها مكان تلجئ إليه و حتى لو أرادت الإتصال بنادية هي لا تملك أي أوراق ثبوتية بعد ان استولى عليها نادر وحتى ولو اعاد اليها تلك الأوراق هي لا تستطيع أن تغادر بالطفل.
كانت غارقة في التفكير لدرجة أنها لم تشعر بالذي وقف متأملا ملامحها المتعبة والحائرة باهتمام شديد.

اقترب منها بعد ان تبادل كلمات مقتضبة مع عدنان خرج بعدها عدنان ليترك لهما المجال للحديث بحرية.
اقترب نادر من الكرسي المقابل لسريرها ليجلس متأملا وجه سيرين كانت تبدو متعبة وشاحبة وحتى خائفة فكر مستمرا في تأملها.
هل أنت بخير سأل نادر سيرين حين شعر بأنها لم تنتبه لوجوده.

تلك النبرة المألوف انتشلتها من أفكارها الضبابية وجعلت قلبها يخفق بقوة غريبة رفعت رأسها سريعا وكأنها أخدت على حين غرة لتقابل عينيه اللتان كانتا تتأملانها بهدوء. حتى في هذه اللحظات كان نادر قادرا على السيطرة على مشاعره فلا شيء يظهر على صفحة وجهه الهادئ. هل تراه يفكر في حرمانها من الطفل!؟
يا الهي هي تفضل الموت على ان يسلبها طفلها.

تجمعت الدموع في عينيها سريعا كانت تستطيع بسهولة التعامل مع نادر الغاضب المنفعل أما هذه الصورة فهي تذكرها بنادر حبيب الأمس، الرجل المسيطر والبارد الذي سلبها كل شيء في رمشة عين والذي يريد أن يسلبها روحها الان. تبا لتلك الهرمونات الغبية التي جعلتها حساسة للغاية. فهي للتو أصبحت أما كانت تحتاج الى الكثير من الوقت لتستوعب وضعها الجديد كأم عازبة لا تملك عائلة لكن بدل ذلك شعرت منذ ان استيقظت في هذه الغرفة وحيدة بائسة وغير قادرة على الحركة أنها بالفعل وحيدة في هذا العالم وأنها ربما لن تستطيع الاستمرار حتى زياد لم يعد لرؤيتها ولا لمرة. هل يتراه استوعب أخيرا أنها قضية خاسرة.

هذا الإحساس الشنيع ترجمته دموعها السخية والتي انهمرت سيولا ما ان التقت عيناها بعينيه. ماهذا الشعور الغريب الذي يجتاحها من مجرد النظر إلى تلك العينين القاسيتين هل تراها لا زالت تحبه بعد كل الألم الذي سببه لها هل أحبت الجلاد كأي انثى غبية تعاني من متلازمة ستوكهولم. بعد كل المعاناة التي اذاقها اياها لا زالت ترغب بقوة في أن يأخدها بين ذراعيه لتستشعر الأمان أن يخبرها أن كل شيء بخير وأنها امنة هي وطفلها. هل كانت مشاعرها شفافة لتلك الدرجة.

فنادر نهض من مكانه ليقترب منها ويطوقها بذراعيه تاركا لها حرية البكاء على صدره وهو ما فعلته بتلقائية وكأن جسدها كان ينتظر تلك اللحظة لينهار أخيرا مخرجا كل الألم الذي اختزنه بداخلها لسنوات. الدموع التي بدأت صامتة تحولت الى صراخ ثم الى نشيج متقطع واخيرا فترت الدموع لتظل متوسدة صدره تتأمل غروب الشمس بصمت.

تركها لتخرج كل الألم الذي بداخلها يعلم أنها تحتاج إلى الوقت لتعيد بناء ما قام هو بتحطيمه. لقد أجبر نفسه على الابتعاد ليترك لها الوقت الكافي لتقرر دون ضغوط فهو يعلم كم جعلها ضعيفة وهو أقسم أنه لن يستغل هذا الضعف لصالحه مرة أخرى.
في فيلا نادر: وضعت رقية السيدة صفية في سريرها قبل أن تقفل الباب بهدوء لتقفز مريم أمامها مما جعلها تشهق بخوف ليلتصق ظهرها بالباب وهي تنظر الى ابنة اخيها غير مصدقة.

يا الهي مريم متى ستتخلصين من هذه العادة السيئة كدت أصاب بجلطة من الرعب ألا يكفيك ما نعانيه في هذا البيت الملعون لتقومي باخافتي انت ايضا.
أنا اسفة قالت مريم وهي تنظر الى عمتها وقد قتلها الفضول. هل تحدثتما هل قالت أي شيء.
حركت رقية رأسها بالنفي لتمسك يد مريم تسحبها بعيدا عن الرواق. لم تقل كلمة واحدة منذ أن عادت. تحدق الى السقف فقط وكأنها في عالم اخر.

أرغب بأن أحزن لمصابها عمتي لكن كلما تذكرت ما فعلته بسيرين لا أستطيع أن اتعاطف معها
عزيزتي نحن لسنا في هذا البيت لا للتعاطف ولا للحزن. نحن هنا لنقوم بالعمل المنوط بنا و الذي يجعل السيد نادر يدفع مصاريفنا ومصاريف دراستك و اليوم بالتحديد ليس مناسبا بالمرة لثرثرتك فلدينا الكثير من العمل خصوصا أن السيد الصغير سيصل بين لحظة وأخرى.

لا تعلمين كم أنا متشوقة لأحمله بين ذراعي صفقت مريم بحماس قبل ان تركض في الرواق متجهة نحو المطبخ حيث كانت الدادا حليمة منهمكة في أعداد مجموعة من الأطباق التي تعلم جيدا كم تحبها سيرين ترحيبا بعودتها.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة