قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية طائف في رحلة أبدية ج3 للكاتبة تميمة نبيل الفصل الخامس والأربعون

رواية طائف في رحلة أبدية ج3 للكاتبة تميمة نبيل الفصل الخامس والأربعون

رواية طائف في رحلة أبدية ج3 للكاتبة تميمة نبيل الفصل الخامس والأربعون

صمتت للحظة، فسألتها مسك بخفوت
(كيف يختلف؟)
أجابتها مهجة متنهدة
(سبق و أخبرتك، في نفس المطبخ، الا أنك لا تقتنعين بسهولة، حين أخبرنا أمجد برغبته في الزواج منك، و رأيت نظرة عينيه وهو يستجدي منا تقبل الأمر، و سمعت نبرة صوته وهو يحكي عنك، أدركت أن الموضوع منتهي، و أنه لو تزوجك فلن يتركك أبدا، بل و لن تشاركك به أي امرأة أخرى، و عرفت أنه حصوله على طفل أمر منتهى حتى النهاية).

لم تتحرك ملامح مسك الجميلة الهادئة، لكن حدقتا عينيها اهتزتا قليلا، فعضت على شفتيها بضعف خفيف جدا، بينما تابعت مهجة تقول بحزن
(مصطفى سيعود، سيعود بطفليه أو بدونهما، الا أنه سيعود و يتزوج فتاة تناسبه يوما ما و إن كان ذكيا سيتابع دراسته التي تركها، لكن أمجد لن يعود عن حبك مطلقا)
أطرقت مسك برأسها تنظر الى أرض المخططة بصمت، و هي تشعر بتضخم مؤلم في قلبها، بينما أضافت مهجة قائلة بخفوت.

(آسفة على ايلامك، لا أريد ايلامك بعد الآن يا مسك أبدا، صدقي أو لا، فأنا أراك انسانة رائعة، قوية، محاربة بكل معنى الكلمة، و تصرفي تجاهك مسبقا، كان حبا لأخي فقط، و الآن أدركت أنني إن كنت أحبه فعلا، فعلي أن أحب حبه لك، لأنه يسعده، يجعله حيا، فقط انظري لعينيه حين ينظر اليك! أمعني النظر بهما)
ابتسمت مسك بلطف، لكن فعليا كان كل عصب في جسدها ينتفض انفعالا...

فاستدارت كي تخفي انفعالاتها عن مهجة تحاول تقليب أي شيء وهمي، فقالت مهجة ضاحكة
(الطعام انتهى يا مسك، كفي عن تقليبه أكثر كي لا يهترىء)
ثم استدارت تحضر الأطباق فسألتها مسك بعفوية و سعادة غريبة...
(و ماذا عنك؟، هل ستظلين بعيدة عن زوجك هكذا طويلا؟)
تنهدت مهجة تنهيدة مثقلة عميقة، ثم قالت بيأس.

(هذا قدري، لا يمكنني ترك أمي، حتى أمجد لن يستطيع رعايتها بنفسه مهما حاول، كما أنني لا أستطيع اجبار زوجي على التخلي عن المنصب الذي وصل اليه في الخارج بسبب ظروفي الخاصة)
التفتت مسك تنظر اليها طويلا، ثم قالت في النهاية ببساطة
(كان هذا الهدف منذ البداية من سكننا هنا أنا و أمجد، كي نرعى والدتك، يمكنك السفر و نحن سندبر أمرنا)
توقفت أصابع مهجة عن العمل قليلا و هي تنظر الى مسك نظرة خاطفة بها بعض الأمل...

الا أنها عادت و قالت بسرعة
(الأمر ليس بالسهولة التي تعتقدين يا مسك، أمي تحتاج الى رعاية كاملة)
ردت عليها مسك بهدوء
(لا، هي لا تحتاج الى رعاية كاملة، لاحظت أنها تعرف طريقها جيدا و تتحرك بحذر و هدوء، لكن في نفس الوقت هذا لا يمنع أننا سنكون معها بإستثناء فترات العمل، يمكنني أنا و أمجد التنسيق و الإستعانة بفتاة تبقى معها نهارا، الأمر ليس مستحيلا)
أطرقت مهجة برأسها، قليلا، ثم قالت بخفوت.

(لا أستطيع ترك أمي، لن يرعاها أحد كما أرعاها بنفسي)
ردت مسك بتأكيد
(لن أقول أنني سأفعل و أدعي المثالية فأنا لست ابنتها، لكن أمجد ابنها و أنت تعرفين شقيقك خير معرفة، و بما أنني أحبه، فأنا أحب والدته و لن أرضى أن يصيبها أي مكروه أو ينقصها أي شيء)
التفتت مهجة اليها رافعة حاجبيها بدهشة، ثم قالت مبتسمة ابتسامة عريضة.

(تحبينه! هذه المرة الأولى التي أسمعك فيها تقرين بأي تعبير عاطفي تجاه المسكين الذي يهيم بك عشقا!)
تابعت مسك تقليب محتويات أحدى الأوعية، ثم قالت بهدوء مبتسمة ابتسامة قصيرة مغرورة
(آه، ألم أخبرك؟ أظنني أحب شقيقك، أشفقت عليه فأحببته في النهاية)
ابتسمت مهجة و هي تنظر اليها دون مزاح، ثم همست بخفوت
(و أنا أحبك يا مسك، و اتمنى أن تكوني بخير دائما و أن تكوني سليمة).

تظاهرت مسك بأنها لم تسمع أمنية مهجة الأخيرة ثم قالت مازحة دون أن تنظر اليها
(المهم أن نساعدك في الوصول الى زوجك لعلك تحصلين على طفل جديد، مر عادم دون أن تحصلي على أية أطفال و هذه خسارة كبيرة للبشرية و انتصار لحملة تنظيم النسل)
ضحكت مهجة عاليا و هي تقول
(طفلا آخر! مستحيل، لم يعد لدي أي صحة متبقية لمزيد من الحمل و الولادة).

(أنت تتعمد اهانتي و اهانة زوجتي، و أنت تعلم انك تفعل)
أخذ أمجد نفسا طويل البال وهو ينظر أمامه محاولا الا ينفعل، ثم قال بصلابة دون أن ينظر اليهما
(اغلق هذا الموضوع يا مصطفى و دع اليوم يمر على خير)
هتف أخيه بغضب من بين أسنانه
(لا، لن أغلقه، و لن أدع اليوم يمر على خير، لم آت الى هنا كي أغلق الموضوع)
ظل أمجد صامتا دون أن تهتز عضلة من ملامحه، بينما هتفت أمهما بقلق
(كفى يا مصطفى).

الا أن أمجد استدار اليه دون أن يفقد هدوءه ثم قال أخيرا بصوت جامد لا تعبير به
(اذن لماذا أتيت يا مصطفى؟، ما الذي تريده مني تحديدا؟)
أجابه مصطفى بعينين تبرقان بنظرات ظفر ممتزجة بالغضب وهو يشير الى صدره
(أتيت الى هنا كي تقر بخطئك)
ارتفع حاجبي أمجد وهو يقول ساخرا بدهشة
(خطأي أنا؟)
هتفت أمهما تقول بحدة
(مصطفى، احترم شقيقك الأكبر و توقف عما تفعل)
الا أن أمجد قاطعها قائلا بهدوء.

(لحظة يا أمي من فضلك، أحب سماع ما لديه)
ثم تابع قائلا وهو ينظر الى مصطفى
(تفضل يا استاذ مصطفى بالكلام، علمني، ما هو خطأي تحديدا؟)
ضاقت عينا مصطفى وهو يقول بقسوة
(خطئك في رفض زواجي، و الإقرار بأنه نجح على الرغم من انكارك)
ابتسم أمجد قليلا وهو يطرق بوجهه هازا رأسه، ثم لم يلبث أن نظر الى مصطفى مجددا و سأله مباشرة.

(لماذا يهمك رأيي يا مصطفى؟، الم تفعل ما تريد و تعيش الآن مرتاحا؟، لماذا لا يزال رفضي يقلقك و يعكر صفو سعادتك؟)
لم يرد مصطفى على الفور، بل ظل ينظر الى أمجد للحظات، ثم قال بصوت مشتد
(لم يعكر صفو سعادتي كما تتخيل، لكن حين علمت بظروف زواجك)
عند هذه النقطة، تصلبت ملامح أمجد و فقد ابتسامته وهو ينظر اليه بنظرة محذرة، ثم قال بصوت يرسل الرجفة فيمن يواجهه.

(المرة السابقة تهاونت معك، لكن هذه المرة لن أمرر اقحامك لحياة مسك الخاصة في مواضيعك، لكن و بما أنك مصر على المقارنة، أريد أن أنصحك بشيء، حين تختار شريكة حياتك متحديا الجميع، أعمل على أن تكون أنت أولا متأكدا بأنك لن تغير قرارك أبدا).

رفع مصطفى ذقنه وهو يواجه نظرات أمجد بقوة، لكن ملامحه لم تكن بنفس رباطة الجأش كملامح أمجد، بل كانت ملامح أكثر شبابا و تمردا، فمد كفه الأخرى و غطى بها يد أمينة لينظر اليها مبتسما، و هي أيضا بادلته الإبتسام بتوتر، مما جعله يلتفت مجددا الى أمجد قائلا بثقة
(و أنا متأكد)
رفع أمجد حاجبيه وهو يمط شفتيه قائلا
(عظيم، لماذا يهمك رأيي اذن؟)
ساد صمت متوتر بينهم جميعا الى أن قال مصطفى أخيرا.

(يهمني رأيك، حسنا أعترف أنني كنت أتمنى كل يوم أن تأتي اللحظة التي تعترف فيها بأنني أمتلك الحق في اختيار حياتي، لأنك كنت الشخص الأقرب لي، و قد أثار جنوني نبذك لي مع اول اختيار لي خارج دفترك الخاص الذي أعددته لي، و كأن علاقتنا القوية كانت مشروطة بسيري على الخط الذي رسمته لي)
ظل أمجد يستمع اليه الى أن أنهى كلامه، فظل كلا منهما ينظر للآخر نظرات قوية نافذة
الى أن فتح أمجد كفيه قائلا ببساطة.

(حسنا يا مصطفى، تغير الوضع الآن و كل عام سيتغير أكثر، عمرك الآن خمسة و عشرون عاما، لا تعد طفلا، بل رجلا مسؤولا، ستواجه كل يوم عقبات قرارك، ببساطة أنت حر)
رفع مصطفى رأسه قليلا، ثم سأله دون مقدمات بصوت متصلب
(هل يعني أنك تتقبل وجود أمينة أخيرا؟)
رد عليه أمجد بصوت جاد حديدي
(هذا البيت بيتك، و هذه السيدة هي أمك، أي أن البيت مفتوح لك و لكل من تأتي به اليه، أهلا بكما، لكنني لا أتقبلها).

نهض مصطفى من مكانه صارخا...
(كنت متأكدا من هذا، كنت متأكدا بأنك ديكتاتور في طلبك للحب لنفسك، بينما ترفضه لغيرك لمجرد أن خياره لا يلائم مقاييسك العالية)
نهضت زوجته على الفور و عي تتمسك بمعصمه قائلة برباطة جأش و هيا تنظر الى امجد بجمود
(دعنا نعد الى بيتنا يا مصطفى، لا داعي للمزيد من الخلاف).

الا أن مصطفى جذب معصمه من بين أصابعها بقوة وهو يشعر بكل خلاياه تتفر كعروق عنقه، بينما رفع أمجد وجهه و نظر الى مصطفى قائلا ببرود
(مقاييس عالية؟، هل توقعي لزواجك من فتاة تناسبك عمرا، و اكمالا لدراستك يعد مقاييسا عالية؟)
زم مصطفى شفتيه بقسوة، و برقت عيناه كما تفعلان عادة حين يسبق هذا تفوهه بشيء شديد القسوة من باب التمرد...
و بالفعل، حين فتح فمه لم يصرخ، بل تكلم بصوت بارد شديد الغيظ و دون تفكير قال.

(و هل يعد زواجك من عاقر، معرضة للإصابة بمرض خبيث من جديد مقاييسا عادية متوقعة؟)
شهقت والدتهما بصدمة و هي تضع يدها على صدرها واسعة العينين على الرغم من عدم ابصارهما، بينما ساد صمت مريع بينهم...
زوجته كانت مصدومة كذلك، متجهمة الملامح، لكنها لم تنطق و هي تنظر أرضا...

أما أمجد فلم يتحرك من مكانه للحظات، فقد بدا و كأنه تسمر مكانه تماما، و قد شحب وجهه بشدة و كان هذا هو التغيير الوحيد الذي طرأ على ملامحه الجامدة الى أن شعر بشيء يخترق كيانه...
فالتفت ليجد مسك واقفة عن بعد، تمسك بين يديها طبقا ضخما، كي تضعه على المائدة...
لكن من وقوفها الصامت و ملامحهها الباهتة و عينيها الغائرتين بتعبير غريب...

لا يماثل الحزن أو الصدمة، بعيدا كل البعد عن الشفقة على الذات، لكنه مجرد اقرار بالأمر الواقع الأليم...
حينها أدرك أنها سمعت كل كلمة نطق بها مصطفى، و ذكره هذا بحفل زفافها السابق...
و الذي هدر فيه عمها بنفس الكلمة، و كانت هي واقفة أمامه بنفس الثبات و الكبرياء الذي يجع القلب يخر أمام قوتها عشقا و احتراما...
طالت نظرات كلا منهما في صمت مهيب الى بعضهما في تواصل ممتلىء بمشاعر متباينة...

الى أن تحرك أمجد من مكانه ببطىء لينهض واقفا، ثم استدار ليواجه مصطفى الذي بدا و كأنه قد أدرك للتو ما تفوه به فتقلص فكه متوترا...
أما أمجد فقد أخذ نفسا عميقا وهو ينظر اليه مطولا دون أن ينطق بكلمة، و فجأة و بلا انذار رفع كفا سريعة لم يلمحهها مصطفى قبل أن تحط على وجهه في صفعة كادت أن تخلع رأسه من مكانها...
عادت أمه لتشهق هاتفة بذعر و هي تستقيم في جلستها متشبثة بذراعي مقعدها.

(ما كان هذا الصوت؟، ماذا حدث؟)
بينما هتفت مسك بذهول
(أمجد! ماذا تفعل؟)
و وضعت الطبق من يدها بحرص على مائدة شاعرة أن جسدها بالأكمل يرتجف بعنف من رأسها و حتى أطراف أصابعها
أما زوجة مصطفى فقد نظرت الى ما يحدث برعب و هي تمسك بكتف مصطفى و كأنها تمسك بإبنها الذي صفع للتو...

رفع مصطفى وجهه ينظر الى أمجد ممتقع الوجه، متسع العينين، بينما بدت وجنته حمراء، و هي تخبر من يراها بوضوح أنها صفعت للتو بيد رجل غاضب، مجروح...
و قبل أن ينطق، بادره أمجد قائلا بصوت باهت، يحمل ارتجافة غريبة...
(لو كنت عرفت الحب كما تدعي، لما تجرأت على قول ما قلته للتو، ليس أمامها، فأنا أعرفها جيدا و أعرف مدى قوتها التي تسبي القلب، لكن أمامي، لو كنت عرفت الحب، لما استطعت تفعل هذا بأخيك).

ارتجف فك مصطفى بشدة و قد تحولت ملامحه الى كتلة من الإنفعال، و بدت عيناه و كأنهما لامعتين بفعل دموع وهمية وهو يرى الألم الحاد في عيني أمجد، و يسمعه في صوته المتحشرج الأجش...
فإندفع فجأة مبتعدا بقوة عنهم جميعا، متجها الى غرفته القديمة قبل أن يترك البيت منذ فترة طويلة...
لكن في اندفاعه، ارتطم بكتف مسك بقوة مما جعلها تتأوه و هي تمسك كتفها رغما عنها...

فتوقف مصطفى ينظر اليها بعينين ضائعتين، ثم أمسك بمعصمها مما جعلها تلاقي عينيه مجفلة...
مرت لحظتين قبل أن يتكلم بصوت أجش
(أنا آسف يا مسك)
كانت تدرك أنه لا يعتذر عن ارتطامه بها، بل عما نطق به و سمعته للتو، فردت عليه بخفوت هادىء
(لا بأس، لم تخطىء بشيء)
أومأ مصطفى برأسه قائلا بحسم وهو يرتجف
(بلى فعلت)
ثم تركها ليدخل الى غرفته صافقا الباب خلفه بعنف...

وقفت مسك ممسكة بمعصمها و هي تنظر الى الأرض بشرود، لكنها انتفضت فجأة حين وجدت نفسها تسحب الى ذراعين قويتين و صدر دافىء...
فأراحت وجنتها عليه مغمضة عينيها للحظات، مستسلمة للكف المتملكة التي أخذت تدلك لها ظهرها و كأنه يلامس قلبها و يحنو عليه عبر هذا الظهر الرقيق الهش...
شعرت بغصة تؤلم حلقها بحرقة، ليس ألما على نفسها، بل ألما عليه، لأجله، لكل الخوف و الفقد الذي يعانيه بسببها...

همست مسك دون أن ترفع رأسها
(لم يكن عليك فعل ما فعلت، أخطأت خطأ كبيرا)
رد عليها أمجد بصوت حاسم و أصابعه تداعب شعرها بقوة، يتخلل تلك الخصلات التي تمثل له الحياة...
حياة أغلى شخص له في هذه الحياة، أي حياته...
(أنت خط أحمر يا ألماس، من يمسك بسوء فقد تجاوز المنطقة المحظورة عندي، لن تشفع له قرابة أو أخوة. )
رفعت وجهها تنظر اليه، و هالها تلك المشاعر التي ارتسمت في عينيه، ظنت أنها قد ترى بعض الندم...

الا أنها رأت من العنف ما أوقفها مكانها، عنف أخبرها مكانتها في قلبه، في حياته...
تكلمت أخيرا و قالت بصوت هادىء على الرغم من بعض التحشرج الذي طفا الى سطحه و حاولت جاهدة السيطرة عليه
(لكنه لم يمسني بسوء، لقد تسرعت بينما لم أشعر بأي جرح)
أومأ برأسه وهو يمسك بوجهها بين كفيه يرفعه اليه، و ابتسم لعينيها دون أن تصل الإبتسامة الى عينيه...
ثم قال بهدوء خافت.

(لأنك قوية، أقوى مني و أقوى من أي انسان عرفته في هذه الحياة، سامحيني إن لم أكن في مثل قوتك)
لعقت مسك شفتيها بإرتجاف، بينما اقتربت زوجة مصطفى منهما ببطىء...
الى أن نظرا اليها فرفعت ذقنها و قالت بملامح جامدة و صوت قاسي متوتر
(سأدخل الى زوجي)
ابتعد أمجد عن مسك ينظر الى زوجة اخيه بملامح متيبسة ثم أجابها بجدية.

(من الأفضل أن تنتظري خروجه من الغرفة، فهو لا يحب من يقتحم خلوته وهو في مثل هذه الحالة، و الا لكان أمسك بيدك و انصرف)
انعقد حاجبي أمينة بشدة، و قست شفتيها أكثر، قبل أن تقول من بين اسنانها بصوت شرس
(صفعت أخيك أمام زوجته، و الآن ترفض دخولها اليه؟، أنت تتمادى جدا يا، أستاذ أمجد، زوجي رجل و أنا لا أسمح بأن يعامل بهذه الطريقة، سأدخل اليه و ننصرف على الفور)
واجهها أمجد وهو يقول بصوت أعلى سطوة.

(زوجك، الرجل، كنت أنا من رباه، و حين يفكر أن يكون رجلا عليه أن يصون لسانه امامي، خاصة وهو يتحدث عن زوجتي)
برقت عيناها بغضب كعيني أم محتدة تدافع عن ابنها، لا زوجها
(لقد ولى هذا العهد، أخاك أصبح رجلا، زوج و أب، و أنت أهنت زوجته، بينما لم تقبل بالمثل على زوجتك)
استدار أمجد اليها بالكامل وهو ينظر اليها دون أن يترك كفه يد مسك، ثم قال أخيرا ببرود.

(لم أهينك، أنا أقر أمرا واقعا و أنتما ترفضان الإعتراف به، حين خطبت مسك، كنت قد وصلت الى السن الذي أستطيع معه التأكد بأنني لن أخذلها مطلقا، أديت معظم واجبي تجاه عائلتي و بت حرا أختار حياتي كما أريد، أما أنت، فعلاقتك بدأت بمصطفى منذ كان في التاسعة عشر، التاسعة عشربالله عليك، هل تمتلكين بعض الضمير كي تقرين أمامي في هذه اللحظة بأن هذا السن يصلح كي يقرر الرجل فيه أن يتزوج امرأة تكبره بخمسة عشر عاما، و يتنازل عن دراسته و يتخلى عن عائلته كي يعمل ضمن أحد عمال زوجته!).

هتفت فيه فجأة بقوة
(ليس أحد العمال، بل بات صاحب الورشة الآن و ما أملكه أصبح له)
ضحك أمجد بإستياء مرير وهو ينظر الى مسك التي أخفضت عينيها، ثم أعاد عينيه الى زوجة أخيه و قال بصلابة هازئة
(صاحب أملاك زوجته! يا له من منصب رفيع المستوى فعلا)
رفعت أمينة كفها و هي تقول بصرامة
(لا داعي للتجريح اكثر)
أدار أمجد وجهه عنها وهو يزفر بعنف مكبوت، فشدت مسك بأصابعها على كفه و هي تهمس بخفوت.

(نعم يكفي هذا يا أمجد، والدتك تبكي دون صوت)
نظر أمجد بسرعة الى أمه حيث لا تزال قابعة في كرسيها منخفضة الكتفين، دموعها منسابة على وجهها و هي تنشج بصعوبة دون صوت، فشعر بالصدمة من مدى الوجع الذي تشعر به والدته و الذي لم يحسب له حسابا، فترك يد مسك بحذر وهو ينظر اليها فأومأت برأسها متفهمة، مما جعله يتجه الى أمه ببطىء
حتى وصل اليها و جثا على عقبيه أمامها واضعا كفهعلى ركبتها هامسا برفق.

(لا عاش من يتسبب لك في تلك الدموع يا أم أمجد)
رفعت أمه كفها تمسح بها دموعها ببطىء، ثم همست بإختناق
(بعيد الشر عنك و عن أخيك)
ارتفع حاجبي أمجد بحنان بينما زادت الغصة في حلقه وهو يرد عليها بملامح ممتقعة
(اذن تعترفين أننا نحن سبب دموعك!)
همست أمه بأسى متنهدة
(و من غيركما! الا تكفيني حسرتي في زواج كلا منكما كي تكملا الأسى بداخلي بقطيعتكما و صفعك لأخيك!)
همس أمجد بقوة و قلق.

(أخفضي صوتك بالله عليك يا أمي، لا أريد أن تسمعك مسك و أنت تتحسرين على زواجنا)
أخذت أمه نفسا عميقا و هي تتنهد بألم صامتة، بينما ظل أمجد مكانه ينظر اليها بحزن...
ثم اطبق أصابعه على كفها وهو يهمس مجددا بلطف
(أعرف، أعرف تماما ما تشعرين به مهما حاولت التظاهر بالرضا و مهما أحببت مسك بصدق)
نظرت اليه أمه و كأنها تراه، ثم قالت بصوت مختنق ببكاء محتجز في حلقها.

(لو كنت تعرف لما كنت ضاعفت حزني بالقطيعة بينك و بين شقيقك)
لم يجد أمجد ما يجيب به أمه وهو يتطلع اليها بقنوط، ثم لم يلبث ان أخذ يدلك كفها برفق شاردا...
أما مسك فقد كانت تنظر اليه عن بعد وهو يتهامس مع والدته غير قادرة على سماع ما يقولان بوضوح...

لكنها ادركت فجأة أن زوجة مصطفى لا تزال واقفة مكانها، فالتفتت اليها لتجدها و قد حطت الهيبة و الغطرسة عن ملامحها ووقفت تنظر الى الأرض بملامح مكشوفة حزينة شاردة...
مدت مسك يدها لتمس بها مرفق أمينة و هي تسألها بحذر
(هل أنت بخير؟)
أجفلت أمينة للحظات و هي تنظر الى مسك بعينين فارغتين، ثم لم تلبث أن أومأت برأسها و هي تلتزم بملامح الثقة من جديد قائلة بهدوء
(أنا بخير).

لكنها لم تكن بخير أبدا، كانت شاحبة الملامح و قد بدأت الخطوط تحت عينيها تظهر بوضوح مع بدء زوال مسحوق التغطية الذي تضعه بكثافة كي تخفيها...
و بدا العمر الحقيقي ظاهرا عليها مقاوما محاولاتها الحثيثة، فبادرتها مسك بهدوء خافت
(عليك أن تعذري أمجد، فله الحق، لن نخدع أنفسنا)
نظرت أمينة اليها ثم قالت بنبرة ذات مغزى
(و أنت عليك أن تعذري مصطفى، فله حق، لن نخدع أنفسنا).

رفعت مسك ذقنها لتنظر الى أمينة بثبات، ثم قالت بكرامة و ثقة
(عذرته، و أخبرته هذا بنفسي)
أمالت أمينة عينيها و سألتها دون مواربة...
(هل ترين أنني أنانية؟)
رفعت مسك حاجبيها بتعجب، ثم لم تلبث أن ضحكت و هي تستند الى الطاولة بكفيها قائلة بسخرية
(ياه! سبحان الله، نفس السؤال سألته لنفسي و لعائلة أمجد من قبل)
استدارت اليها أمينة بالكامل و قالت بهدوء.

(أنت ترين التشابه اذن، كلا الزيجتين لهما ظروف خاصة و صعبة، لذا على الجميع تقبل زواجنا كما تقبلوا زواجك بأمجد)
ظلت مسك صامتة للحظات، ثم رفعت وجهها و نظرت الى أمينة و سألتها بثقة
(هل تعرفين كم احتجت من الوقت كي أقتنع بأن حب أمجد لي قادر على الصمود أمام هذا التحدي؟، الفارق بيننا و بينكما، أن أمجد وصل الى المرحلة العقلية و العاطفية التي تؤهله أن يكون محل ثقة في حبه)
نظرت اليها أمينة ثم سألتها بصوت مهتز.

(هل تعتقدين أن مصطفى حين تمر به بضعة سنوات قد يقابل فتاة أصغر و أفضل، و يكتشف حينها أنه أخطأ خطأ عمره وهو ينظر أي عجوز قد تزوج بها؟)
ظلت مسك صامتة بضع لحظات ثم هزت كتفها و أجابتها ببساطة
(و قد لا يفعل، قد يظل على حبك حتى آخر العمر، لكنك كنت السبب في حرمانه من دراسته، و هذا هو ما لن يسامحك عليه فيما بعد)
ظلت أمينة صامتة و هي تنظر تجاه طفليها عن بعد بملامح أوجعت مسك بحق و أشعرتها بالشفقة عليها...

الى أن قالت أمينة في النهاية بصوت قاتم صلب، و هي تنظر الى طفليها بعينين قاسيتين
(حتى لو ندم على زواجه مني ذات يوم، يكفيني أنني حصلت على فرصة قد تكون الأخيرة في أن أكون أم، قبل أن يغادر القطار الاخير من شبابي)
نظرت مسك الى حيث تنظر أمينة...
لكنها شعرت بقبضة تعتصر قلبها و هي ترى أمجد لا يزال جاثيا أمام ركبتي والدته، و يده على كفها...
لكن عيناه الآن تنظران الى الطفلين في عربتهما...

فغرت مسك شفتيها قليلا و هي ترى ملامحه التي تحولت فجأة الى شيء آخر غريب
حاجباه ارتفعا بطريقة تمس القلب، بينما لمعت عيناه بحنان غريب، أما شفتيه فقد ارتسمت عليهما شبه ابتسامه وهو يمد يده ليداعب بها وجنة عائشة بلطف، حتى تململت الصغيرة قليلا. ثم استقرت مستكينة تبادله النظر...
أفلتت آه من بين شفتي مسك المرتجفتين بينما زاغت عيناها ألما و هي تراقبه عن بعد...

لكن أمينة كانت غافلة عن الألم الذي اعترى مسك، و قالت بجمود حزين
(راضية أنا أن أكون أنانية في سبيل حصولي على هذين الصغيرين، و لن أندم مطلقا)
ظلت مسك واقفة تنظر الى امجد وهو يستقيم واقفا، ثم انحنى ليحمل عائشة بين ذراعيه بحذر شديد وهو يكاد أن يكون مشدوها بجمالها و صغر حجمها...
ثم أحنى رأسه ليقبل وجنتها، و ظلت شفتاه هناك طويلا بينما أغمض عينيه مبتسما...
تاهت نظرات مسك و هي تهمس بإقتضاب حزين مماثل.

(يستحقان أن تكوني أنانية في سبيل الحصول على مثلهما)
لكن قلبها كان يهمس بشيء آخر...
راضية أن أكون أنانية في سبيل حصولي على رجل مثله، و لن أندم مطلقا،
وقف مصطفى في غرفته القديمة و التي كان يتشاركها مع أمجد معظم الوقت...
يتأمل الأغراض المتراصة فوق الأرفف الخشبية المعلقة على الحائط كما هي تماما و بنفس الترتيب...
و كأن شيئا لم يتغير منذ غادر هذا البيت...

ابتسم مصطفى وهو يتناول احدى السيارات المعدنية الصغيرة من على الرف، فأخذ يتأملها وهو يفتح أبوابها...
(لم تتغير، كلما انفعلت و غضبت دخلت الى غرفتك لتلعب بسياراتك الصغيرة عوضا عن الخروج من البيت)
وصل صوت أمجد الى أذني مصطفى، فالتفت ينظر اليه بسكون ليجده واقفا في اطار الباب بملامح لطالما اشتاق اليها، الى جديتها و مزاحها...
احنى مصطفى رأسه ينظر الى السيارة في يده مجددا، فتابع أمجد قائلا بصوت كئيب.

(حتى المرة الأخيرة، غادرت البيت و لم تعد)
استدار مصطفى ينظر اليه بصمت، و بدا عاجزا عن النطق، أما أمجد، فقد اقترب منه حتى وصل اليه، فتناوله منه السيارة الصغيرة ينظر اليها مبتسما دون مرح ثم قال بخفوت
(لطالما كنت مولعا بالسيارات)
رد مصطفى بصوت أجش
(و لا زلت)
رفع أمجد عينيه ينظر الى عيني شقيقه ثم سأله بنبرة جافة
(أفهم من هذا أنك راض بحياتك العملية حاليا و بعملك لدى زوجتك).

ظل مصطفى صامتا لفترة طويلة، ثم ابتعد عن أمجد وهو يقول بنبرة جادة دون أن يفقد أعصابه هذه المرة.

(ما لا تعرفه، أو بالأصح ما لم تهتم بمعرفته هو أن أمينة حين تعرفت عليها كانت تمتلك ورشة خاسرة متداعية، مجرد ملكية متداعية لا قيمة فعلية لها، و كانت هي تحيا على عائد قليل من محصول زراعة يأتيها من بلدتها، الى أن سلمتني هذه الورشة و هي غير مصدقة أنني قد أستطيع انجاح أي شيء بها، انظر اليها الآن، لقد حققت كل ما حلمت به، و نجحت و ازدهرت و ربحها فوق كل تخيلاتي).

ظل امجد يستمع اليه الى أن انتهى مصطفى من كلامه، ثم انتظر لحظات يتأمل شقيقه قبل أن يقول بصوت خافت
(ما هي زوجتك بالنسبة اليك؟، امرأة أحببتها فعلا أم وسيلة لتحقيق حلمك؟، جواز سفر في عالم حر أردت التحليق فيه متمردا ضد أي حواجز)
رفع مصطفى رأسه و قال بنبرة مشتدة منفعلة من بين أسنانه
(زوجتي امرأة أحببتها و لا زلت، ساندتني و آمنت أنني أستطيع النجاح)
استدار أمجد عنه متنهدا بعمق، ثم قال بهدوء أخيرا.

(اذن أنت أدرى، لم تعد طفلا لأوجهك بعد الآن)
استدار مصطفى اليه هو أيضا و سأله بشك
(ماذا تعني؟)
رد أمجد بصوت حازم مقتضب
(أعني أن غضبي و انفعالي من قراراتك في الحياة، لا يستحق أن أفطر قلب أمي بقطيعتنا)
توقف للحظة ثم استدار ينظر اليه مصطفى الذي كان يبادله النظر بدهشة، ثم قال متابعا بصوت أكثر هدوءا
(عد الى بيتك و عائلتك، و معك زوجتك و طفليك، لن يرفضهم أحد و لا حتى أنا).

ارتفع حاجبي مصطفى ببطىء، ثم سأل امجد غير مصدقا
(و ماذا عن دراستي؟، ألن تفتح الموضوع مجددا؟)
أجابه أمجد بجفاء
(ستعود اليها يوما، بقرار من نفسك دون أن يجبرك أحد، لقد وصلنا الى المرحلة التي أصبح لكل منا حياته الخاصة و مسؤولياته، و أنا لم أعد أملك من الطاقة و الجهد ما يجعلني أوجهك لأهمية نيل شهادتك، أنا أصبحت لي حياة خاصة الآن، لنأمل فقط الا تندم فيما بعد فيدفع طفلاك الثمن).

فغر مصطفى شفتيه ثم قال بصوت مهتز
(هل أنت جاد؟)
ارتفع حاجبي أمجد و سأله ببساطة
(نعم جاد، بل في غاية الجدية، اكتشفت للتو أنه لدي الكثير لأهتم به الآن أكثر منك، لدي أسرة سأعمل على تكوينها، اهتم انت بنفسك منذ الآن)
اقترب مصطفى منه ببطىء وهو لا يزال غير مصدقا...
(أمجد، أنا)
قاطعه أمجد بصوت مختلف، أجش و متحشرج الا أنه شديد القوة.

(لم يكن على أن أصفعك أمام زوجتك، لكن، أنت جرحتني بدرجة أكبر مما قد تتخيلها يا مصطفى، ليس بسبب عدم قدرة مسك على الإنجاب، فهذا أمر تعاملنا معه و بات أقل أهمية أمام حبي لها، و سيتداعى ألمه تماما يوما ما، لكن لذكرك مرضها)
تحشرج صوت أمجد تماما حتى انقطع، بينما لمعت الدموع في عيني مصطفى قبل أن يتابع أمجد و قد استعاد سيطرته مجددا.

(إن كنت تمتلك الخيار في العدول عن قراراتك يوما ما، قد تنفصل عن زوجتك و لن أخدعك حين أقول أن هذا هو ما أتوقعه، الا أنني لا أملك الخيار، قد أفقد زوجتي رغما عني)
عند هذه النقطة صمت تماما وهو يرفع أصابعه الى جبهته، بينما هتف مصطفى وهو يندفع اليه
(أنا آسف، أنا آسف يا أمجد)
ثم اصطدم بصدر شقيقه بقوة وهو يعانقه غير قادرا على النطق أكثر...
ضمه اليه أمجد مبتسما وهو يضرب على ظهره قائلا بصوت مختنق.

(لطالما كان لسانك أطول منك بما يكفي لتلتحف به)
ابعده مصطفى عنه وهو يمسك بكتفيه قائلا بقوة رغم تحشرج صوته أيضا
(من منا محصنا ضد المرض؟، لا أحد يملك الثقة)
أومأ أمجد برأسه ببطىء وهو ينظر بعيدا، ثم قال بصوت خافت
(أعلم، لكن لا يسعني سوى الخوف كل يوم و كل ليلة، و قبل انتظار نتيجة الفحص حد الرعب، هي حياتي بأسرها، لم أظن أنني قد أحب امرأة كما أحبها).

ارتجفت شفتي مصطفى، بينما تمالك أمجد نفسه، و ضحك بصوت أجش خفيض قائلا
(بالمناسبة، طفلاك يأسران القلب، ربما كان عليك تدبر انجابهما في وقت ابكر كي تستخدهما كوسيلة ابتزاز لنرضى عنك)
ابتسم مصطفى الا ان عيناه فاضتا الما، ثم قال بصوت متحشرج
(هل لاحظت أن عائشة ورثت عيني أمك، بينما يشبهك عبد الرحمان و كأنه ابنك انت)
ازدادت ابتسامة أمجد عمقا بقوة، بينما فاضتا عيناه انفعالا وهو يمسك بكتف مصطفى قائلا بتأكيد.

(بل هو ابني فعلا و أخته أيضا، هذا ما شعرت به منذ دقائق و أنا أنظر اليهما، وكيفما سار زواجك، سيظل طفلاك من دمي حتى آخر العمر)
أطرق مصطفى برأسه وهو يغمض عينيه قائلا.

(لقد خدعت نفسي لفترة طويلة و أنا أتخيل أنني لا أريد سوى تحديك فقط و اثبات وجهة نظري، بينما أنا في الواقع كنت أشعر بغياب أهم فرد في حياتي بشكل يفسد كل سعادة مررت بها، غير مصدقا أنك لن تكون جزءا من حياة أبنائي كما كنت الجزء الأكبر تأثيرا من عالمي)
شدد أمجد من قبضته على كتف مصطفى، بينما سمعا طرقا على باب غرفتهما، فاستدارا ليجدا مهجة تنظر اليهما قائلة بمرح.

(الطعام جاهز، لكن زوجتاكما ترفضان الجلوس حتى تخرجا، تشعران بالرعب من توقع سماع صوت ضرب و تكسير فأرسالني لأقف بينكما كدرع بشري).

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة