قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية طائف في رحلة أبدية ج2 للكاتبة تميمة نبيل الفصل السادس والخمسون

رواية طائف في رحلة أبدية ج2 للكاتبة تميمة نبيل الفصل السادس والخمسون

رواية طائف في رحلة أبدية ج2 للكاتبة تميمة نبيل الفصل السادس والخمسون

دخل ليث الى غرفته القديمة، و التي لم يعتبرها غرفته أو مصدر راحته مطلقا...
غرفته التي شارك ميسرة بها...
للحظات وقف مكانه وهو يجيل عينيه في أرجاء الغرفة شاعرا بقبضة باتت غير محتملة...
لقد جاء اليوم تحديدا بعد أن اتخذ قرارا، لقد فكر به طويلا خلال ليلة مرهقة
لم يعد بإمكانه الإستمرار مع ميسرة أكثر، إنه يظلمها و يخدع نفسه...
لم يعد لديه ما يمنحها إياه...
الى متى ستستمر حياتهما على هذا النحو...

أخذ ليث نفسا عميقا وهو ينظر اليها متمددة في سريرهما، تقلب بين صفحات مجلة حديثة...
كانت تعلم بقدومه الا أنها لم تتنازل لترفع رأسها اليه، فقال بإختصار
(السلام عليكم)
للحظات لم ترد عليه و كأنها لم تسمعه أو تشعر بوجوده، فقال ليث بجفاء
(ردي التحية على الأقل)
حينها فقط رفعت ميسرة عينيها عن صفحات المجلة، تلقي عليه نظرة بإهمال، ثم استدارت عن عمد و هي تتململ متلوية، ثم قالت بنبرة ساخرة.

(هل تذكرتني أخيرا؟، بصراحة كنت قد فقدت الأمل)
دخل ليث الى الغرفة وهو يغلق الباب خلفه، ثم وقف بجوار السرير يقول بهدوء
(كيف حالك يا ميسرة؟)
ضحكت ضحكة زادت من انقباضة صدره، مترافقة مع الحلي الذي تضعه، و الزينة الفاقعة بشدة...
و قالت بعدها
(لماذا تكلف نفسك بالسؤال أصلا؟)
قال ليث بجمود
(أخبرتني والدتك أنك كنت متعبة خلال الايام الماضية).

لم ترد على الفور، بل تابعت تقليب الصفحات و هي تحك احدى ساقيها بقدمها ذات طلاء الأظافر الأحمر القاني، ثم قالت أخيرا ببرود
(و هل تهتم؟)
اقترب اكثر الى أن جلس على حافة السرير في الجهة البعيدة عنها، ثم قال باهتمام
(هل آخذك الى طبيب؟)
مطت شفتيها الحمراوين بإمتعاض و هي تقول بنفور
(الأمر لا يحتاج، شكرا لإهتمامك).

أطرق ليث رأسه و قد بدت ملامحه شاردة تماما، فاستقامت ميسرة قليلا و هي تستند بكفيها الى السرير، تنظر اليه بعينين حادتي النظر، مفترستين لا تعرفان الود او الإبتسام، ثم قالت أخيرا
(كيف تركتك الساحرة تفلت من قيدها و تأتي الى هنا؟)
التفت ليث ينظر الى ميسرة بغضب، ثم قال بصوت خفيض مخيف
(ألن تنتهي يا ميسرة؟، أنا شخصيا تعبت و مللت)
ضحكت ضحكة عالية منفرة، ثم قالت بنبرة متشنجة.

(كم هذا رائع، هل هذا هو ما أملته لك كي تسمعني اياه؟)
نظر اليها ليث بعينين ضيقتين، و قد بدا عليه التفكير العميق، ثم قال أخيرا بصوت خافت
(ميسرة، هناك ما أريد قوله لك، )
صمت وهو يبعد وجهه عنها، ثم قال متابعا بصوت أكثر لطفا.

(أنت ابنة عمي قبل أن تكوني زوجتي و لك عندي مكانة لم تنفصم مطلقا بحكم الدم و العشرة، لكننا متزوجان منذ سنوات، لم نرتح خلالها معا يوما كاملا واحدا، لطالما كانت حياتنا سويا شديدة الإرهاق و الخلافات بيننا تتسع اكثر و أكثر)
كانت ميسرة تستمع اليه، جالسة خلفه وهي تراقبه بعينين تلمعان شرا...
ملامح وجهها ازدادت تعقيدا بالخطوط التي بدأت تتزايد بفعل الغضب و الصراخ على مدى السنوات...

السكينة لم تعرف طريقها يوما الى هذا الوجه، فبات الآن لوحة غير مريحة للنظر اطلاقا و كأنه فاقد للروح الطيبة الحقيقية...
قال ليث متابعا بهدوء دون أن ينظر اليها
(أنا لا أريد أن أظلمك معي أكثر، فهذا شعور أمقته، لذا)
قاطعته ميسرة، و هي تقول ببرود مبتسمة بدلال واضح
(كنت أشعر بالظلم قديما، أما الآن فقد جد ما غير نظرتي لكل أمور حياتي).

عقد ليث حاجبيه قليلا وهو ينظر جانبا ملتفتا اليها بعدم فهم، بينما اقتربت هي منه على كفيها و ركبتيها الى ان وصلت اليه، فأحاطت عنقه بذراعيها و هي تطبع شفتيها القانيتين الى وجنته بخفة...
فسرت رعدة من النفور في كامل جسده، الا أنه حاول اخفائها بكل قوة وهو يقول بإيجاز
(ماذا تقصدين؟، ما هو الذي جد؟)
ابتسمت ميسرة بنعومة و هي تقترب بشفتيها من أذنه، ثم همست برقة.

(لقد استجاب الله، و أفلح العلاج على ما يبدو، أنا حامل)
انتفض ليث واقفا وهو يبعد ذراعيها عنه هادرا
(ماذا؟)
كان واقفا يعلوها وهو ينظر اليها بذهول و صدمة، بينما هي تراقبه من مكانها ساخرة منتشية...
ثم قالت ببرود
(لا تبدو سعيدا)
اقترب ليث منها خطوة وهو يهز رأسه قائلا
(ميسرة، ماذا قلت للتو؟)
ابتسمت بدلال أكبر و هي تتمطى قائلة
(ستصبح أبا).

فغر شفتيه غير مستوعبا لما سمعه للتو، بينما عيناها تلمعان بشدة و هي تراقب كل حركة و اختلاجة تمر على وجهه، الى أن قال أخيرا بصوت لم تفارقه الصدمة
(هل أنت واثقة؟)
أبعدت شعرها المموج عن وجهها بميوعة و هي تقول بنفاذ صبر
(هل كنت أخبرك بهذا إن لم أكن متأكدة؟، لقد رفضت حتى اخبارك في الهاتف، و أوصيت أمي الا تخبرك، أردت أن أرى ملامحك بنفسي و انا أزف اليك الخبر).

ظل ليث واقفا مكانه وهو يشعر بالأرض تتزلزل تحت قدميه، الى أن قالت ميسرة أخيرا بنعومة
(ألن تبارك لي؟)
لم يستطع ليث التحرك أو النطق للحظات الى أن بدأ يستفيق، حينها فقط انحنى اليها وهو يجلس بجوارها ليقبل جبهتها هامسا
(مبارك لنا يا ميسرة)
رفعت عينيها شديدتي السواد اليه و قالت بنبرة منتصرة
(هل أنت سعيد بالخبر؟)
بدا ليث شاردا قليلا وهو ينظر اليها، الى أن قال أخيرا بصوت غريب
(من لا يسعد بخبر كهذا، الحمد لله).

وصلت ياسمين الى المصعد بخطوات سريعة و هي تهتف
(لحظة من فضلك)
كانت عائدة للتو من المركز الرياضي، كل عضلة في جسدها تصرخ ألما بسبب تباعد فترات تمرينها. ظنا منها بأنها تجدي نفعا كلما حثها العزم على الذهاب مرة في الشهر...
لذا حين رأت امراتين متشحتين بالسواد، تدخلان المصعد، شعرت فجأة بالألم يتزايد في أنحاء جسدها...
و أنها غير قادرة على الوقوف انتظارا أكثر، لذا هتفت من بعيد كي تنتظراها...

و بالفعل بقى المصعد مفتوحا الى أن دخلته جريا و هي تلهث
(شكرا لكما)
صمتت تلتقط أنفاسها قليلا، ثم لاحظت أنهما تنظران اليها بحذر و عدم رضا، فراقبتهما في المقابل
من الواضح أنهما أم و ابنتها...
الشابة ترمقها من رأسها و حتى أخمص قدميها، فبادلتها النظر رافعة حاجبها ببرود...
لكن برودها اختفى ما أن رأت المرأة الأكبر سنا تضغط على رقم طابق أمين و نورا...

شعرت ياسمين برفرفة في قلبها ما أن رأت الرقم الغالي على قلبها...
مرت سبعة أشهر، كان التغير بها بسيط، الا أنه يعد انجازا...
فمنذ مرض والدتها وهو يسألها عن حالها بإقتضاب كلما رآها صدفة، و لقد تكررت الصدف...
و يرجع الفضل لذلك الى فطنتها، فلقد حفظت جدوله عن ظهر قلب، باتت تنتظر رجوعه في الشرفة كي تنزل في نفس الوقت و يتصادفا...
علي أنها كانت أكثر ذكاءا فلم تكرر هذا كل يوم، كي لا تنكشف خطتها...

كان سؤاله البسيط ذو الإبتسامة المختصرة يعد بالنسبة لها انجازا...

أغلق المصعد ابوابه، فظلت ياسمين تنظر اليهما بفضول، فحسب معرفتها الشقة المواجهة لشقة أمين مغلقة لسفر صاحبها...
لذا وجدت لسانها ينطق بسرعة قبل أن تستطيع كبحه
(عذرا، هل أنتما متجهتين الى والدة نورا؟)
أجفلت المرأة الأكبر سنا، و اتسعت عيناها و هي ترمق الشابة ذات الحلة الرياضية الضيقة بنظرات استنكار، ثم قالت بتوتر و حذر
(تقصدين والدة أمين حماه الله لشبابه؟).

ابتسمت ياسمين رغم عنها و هي تقول بنبضات متسارعة قليلا
(نعم، أقصدها)
ردت المرأة بصوت أكثر حدة لا يعرف المجاملة
(اذن عليك الإشارة لها باسم ابنها، و الا كانت هذه إهانة)
لم تفقد ياسمين ابتسامتها و هي تفكر أن المرأة محقة، ليت لها ان في رجولة أمين...
قالت المرأة متابعة بسؤال فظ
(لماذا تسألين؟)
ارتبكت ياسمين قليلا من قسوة نبرة المرأة، فقالت بتوتر
(لا، لا شيء، كنت فقط أحاول التعارف، فأنا صديقة نورا).

رمقتها المرأة بنظرة أخرى غير مريحة، تكاد أن تكون استنكارا واضحا، ثم قالت ببرود
(نورا تصغرك بالكثير، كيف لكما أن تكونا صديقتين؟)
زفرت ياسمين بقوة و هي تنظر الى الأرقام المضيئة علها تصل بسرعة...
نفس تفكير أمين العقيم، ولولا شغفها به، لكرهته بسببه...
من الواضح أنهما قريبتيه...
نظرت أخيرا الى الشابة بطرف عينيها، تتفحصها بمهارة...
كانت جذابة نوعا ما، ببشرة خمرية، لكنها رشيقة جدا، كما لاحظت ياسمين بأسى...

رشاقتها واضحة رغم ارتدائها لعباءة سوداء فضفاضة...
أخفضت ياسمين وجهها بسرعة ما أن رفعت الفتاة عينيها و ضبطتها تختلس النظر اليها...
ترى ما درجة قرابتها الى أمين؟، و لماذا تشعر بهذا القنوط داخلها؟

دخلت ياسمين الى شقتها مثبطة العزم، متكسرة العظام، منهكة العضلات...
تجر قدميها جرا، فرمت حقيبتها الرياضية أرضا، و اتجهت الى المرآة تنظر الى نفسها و هي تقف بجانبها، فعقدت حاجبيها بشدة و هي تقول
(لا عجب أنهما كانتا تنظران إلى بنظرة مستنكرة، بنطال الحلة الرياضية ضيق جدا)
استدارت ياسمين عن المرآة و هي تزفر بغضب، ثم همست بنفور.

(لم يكن بمثل هذا الضيق حين ابتعته، لقد زادت امكانياتي الخلفية حجما، لدرجة توشك على إسقاطي للخلف، تبا لهذا، خسارة المال الذي أدفعه في المركز الرياضي)
رن هاتفها فانحنت لتخرجه من الحقيبة المشعثة الفوضوية، ثم نهضت و هي تلهث لتجيب بسرعة
(نعم)
وصلها الصوت الممازح الذي اعتادته مؤخرا وهو يقول
(لقد بدأت كبريائي تتورم قليلا، لماذا لم تسجلي رقمي حتى الآن؟)
ابتسمت ياسمين و هي تقول بتورد
(دكتور فريد، كيف حالك).

صمت للحظة، ثم قال بنبرة أكثر جدية
(متقرح الكرامة، لم تجيبي سؤالي بعد، )
عقدت حاجبيها و هي تقول بحيرة متجهة الى غرفتها...
(أي سؤال؟)
صمت قليلا، ثم قال بهدوء
(لماذا لم تسجلي رقمي حتى الآن؟)
ابتسمت و هي تقول ببساطة
(آه، لأنني أحفظ رقمك، أنا فقط لم أنظر اليه الآن)
رد عليها فريد بصوت جاد، به لهفة لم تلحظها
(حقا!)
أجابته بصدق و هي تفتح دولاب ملابسها، تبحث بداخله...

(طبعا، الحقيقة يا دكتور فريد اهتمامك الفترة الماضية بأمي و السؤال عنها و التوصية عليها كان أكثر من أن أستطيع وصفه، أنت شخص محترم جدا)
ساد صمت طويل هذه المرة، فقالت ياسمين عاقدة حاجبيها
(دكتور فريد، هل تسمعني؟)
أجابها بصوت هادىء، خافت
(أسمعك)
عادت لتبتسم و هي تقول مقلبة في ملابسها تختار من بينها شيئا...
(جيد)
قال فريد بعد لحظة.

(لقد أحضرت لك المزيد من الدواء الخاص بوالدتك، من المؤكد أنه قد أوشك على النفاذ وهو شحيح لن تجديه بسهولة)
تركت ياسمين ما بيدها و هي تقول بحرج و شعور بالإمتنان
(حقا! أنا لا أعرف ما أقول، حقا لا أعرف)
قال فريد بصوت مبتسم تلقائيا
(ابدأي بذكر كم أنا رائع مثلا)
ضحكت ياسمين و هي تقول
(أنت فعلا كذلك، لكن اسمع، سأدفع ثمن الدواء هذه المرة)
قال فريد ببساطة.

(كفى قلة ذوق، في بلدتنا إن دفعت امرأة لرجل فهذا يعني أن ذكر البط أفضل منه)
ضحكت ياسمين بصوت عال، فقال فريد بخفوت
(سلمت الضحكة الحلوة)
خفت صوت ضحكتها قليلا و توردت وجنتاها ثم قالت برقة
(عامة، أشكرك جدا، كنت نعم العون لي خلال الفترة الماضية)
رد فريد قائلا بسعادة
(هذا أقل ما عندي، كلما تعرفت إلى ستدركين أي بطل أسطوري أنا)
ضحكت ياسمين بخفة و هي تقول.

(حسنا يا حضرة البطل الأسطوري، سأتصل بك لاحقا كي أتفق معك كيف سأحصل على الدواء منك)
أوشكت على غلق الخط الا أنها هتفت فجأة
(دكتور فريد، انتظر، هل أنت هنا)
أجابها ببطىء
(لم أذهب لأي مكان، فأنا أنتظرك دائما كي تغلقي الخط أولا)
ابتسمت بإمتنان و قالت بتردد
(اليوم، جائت سيدة و فتاة لزيارة والدة أمين، أقصد والدة نورا، هما من البلد على ما أظن، على لديك فكرة عمن تكونان؟)
أجابها فريد ببساطة.

(آه، هذه بدور ابنة عمي و أمها، هما في زيارة للمدينة، و ذهبتا لزيارة زوجة عمي، أنا آت اليهم الليلة بالمناسبة و سأمر عليك قبلا كي أترك لك الدواء)
فغرت ياسمين فمها قليلا و هي تفكر، الى أن هتفت بفكرة طرأت على بالها للتو
(اسمع، أنا فكرت، أنه من باب الذوق و ردا لجميل أمين في مساعدة أمي، سأحضر كعكة و أصعد بها اليهم، لما لا تعطيني الدواء وقتها).

عضت ياسمين على شفتها و هي تتمنى الا تكون مكشوفة تماما له، الا أنه قال في النهاية بصوت متحمس
(كم أتشوق الى تذوقها من الآن، متأكد من أنها ستكون شهية، دسمة، دافئة و طرية)
ابتسمت ياسمين و هي تهنىء نفسها على سرعة بديهتها، اليوم ستحضر أفضل قالب كعك أعدته في حياتها...

نظرت اليها بطرف عينيها، و هي بادلتها النظر...
كل منهما تعرف ما تسببت به للأخرى...
جلست سوار واضعة ساقا فوق أخرى و هي ترمق بدور عن بعد، بينما انكمشت بدور بجوار أمها تكاد أن تختفي...
طاقات سلبية ملأت المكان، و لا أحد يعلم بها سواهما...
قالت والدة بدور بنبرة متعاطفة
(منهم لله من كانوا السبب يا سوار يا ابنتي، من كان يظن أن سوار الرافعي ينحدر بها الحال ف)
تدخل فريد ليقول بنبرة جادة.

(لو فتح هذا الأمر هنا فسآخذ سوار و ننصرف، أنا لم أحضرها الى هنا الا لترفه عن نفسها قليلا، لا لتفكر في المزيد من قذارة حثالة البشر)
نظرت سوار بصمت الى بدور، و التي انكمشت أكثر...
فقالت والدة بدور بحرج و قد احمرت وجنتاها بشدة
(الحمد لله أن ابنتي تخلصت منه على أي حال، لم أرتاح له منذ البداية فقد كان)
نهض فريد من مكانه وهو يقول بصرامة
(هيا بنا يا سوار، أنا آسف أنني أحضرتك الى هنا).

قفزت زوجة عمه و هي تهتف متوسلة
(قسما بالله لن تتحركا من هنا، لم أقصد يا ولدي سامحني)
بدا فريد رافضا، غاضبا...
هو يعلم أن زوجة عمه زاهر ساذجة في التعامل و لا تقصد شرا، فهي بسيطة العقل و ضعيفة الشخصية بسبب تحكم زوجها و ابنها بها، و بدور نسخة منها...
الا أنه لا يريد لسوار المزيد من الألم...
اقترب منه أمين ليمسك بذراعه وهو يقول بصوت جاد
(اجلس يا فريد و لا تجعل طباعك الجنوبية تتحكم بك هنا، زوجة عمك لم تقصد).

تطوعت سوار لتقول بترفع و هي تمد يدها دون حتى أن تنزل ساقها لتمسك بكف فريد و هي تقول
(اجلس يا أخي، أختك أكبر من كل تلك الشائعات، أنا لن أسمح لها بأن تجعلني أهرب من مكان لآخر)
جلس فريد بجوارها على مضض، بينما امتقع وجه بدور بشدة، فقالت فجأة بصوت مرتجف
(أنا، أنا سأذهب، لأساعد زوجة عمي في المطبخ).

قفزت بدور من مكانها و سارت ببطىء الى المطبخ، تعرج و تتعثر بطرف عباءتها، و ما أن مرت بأمين حتى ارتطمت به و أوشكت على السقوط فسارع الى الإمساك بها...
رفعت بدور وجهها المحمر اليه و هي تقول بحرج و قد احمرت وجنتاها بشدة
(آسفة، آسفة جدا)
ابتسم أمين وهو ينظر اليها بعطف، ثم قال بهدوء
(هذه ثاني مرة توشكين على السقوط و أمسك بك، المرة المقبلة سأفرض عليك رسوما كبدل سقوط).

ابتلعت بدور ريقها و، ابتسمت لأكثر ابن عم كان يتعاطف معها منذ طفولتها...
تعالى رنين الباب، فسارع فريد للنهوض وهو يقول بلهفة
(أنا سأفتح الباب)
اتجه الى الباب ليفتحه بسرعة، ثم توقف مبتسما، منبهرا...
فقد كانت ياسمين تقف أمامه ممسكة بقالب حلوى ملفوف، ترتدي فستانا للمرة الأولى، و شعرها منسابا على احدى كتفيها
همست ياسمين تقول برقة و عيناها على أمين عن بعد
(أعددت قالب حلوى لخالتي أم أمين، و ضيفتيها).

لم يرد فريد على الفور، بينما كان أمين ينظر اليها مضيقا عينيه و كأنه يراها للمرة الأولى...
أما سوار، فابتسمت و هي تهمس لنفسها
اذن هذه هي المحظوظة يا حبيب أختك، أما والدة بدور فقد كانت تنظر الى نظرات أمين لياسمين غير راضية، غير راضية أبدا...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة