قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية طائف في رحلة أبدية ج2 للكاتبة تميمة نبيل الفصل الحادي والعشرون

رواية طائف في رحلة أبدية ج2 للكاتبة تميمة نبيل الفصل الحادي والعشرون

رواية طائف في رحلة أبدية ج2 للكاتبة تميمة نبيل الفصل الحادي والعشرون

(كنت متأكدا أنك ستحضرين الى العمل اليوم)
رفعت مسك وجهها عن أوراقها لتنظر الى أمجد الذي دخل مكتبها دون اذن، متجهما...
أخذت نفسا عميقا و هي عازمة على مقاومته بكل قوة حتى ينسى عرضه المجنون، فقالت بهدوء
(و ما وجه الشك في وجودي هنا اليوم؟)
ازداد تجهمه وهو يقول باستياء
(ربما لأنك لو أخفضت وجهك لوجدت أن كاحلك مربوطا، ملتويا، و كان يمكن أن يكون ظهرك فتشبهين علامة الاستفهام حينها).

مطت مسك شفتيها و هي تتظاهر بالضحك قائلة
(ها. ها، ها، أحاول الضحك لكن اعذرني، القولون ليس مستعدا لخفة ظلك)
اقترب منها وهو يقول بحدة
(أنا لا أحاول اضحاك سيادتك، بل أنبهك فقط الى ضرورة رعاية نفسك بشكل أفضل مما تبذلينه)
ارتفع حاجبيها و هي تقول بعجب
(هل تعلم مصلحتي أكثر مني؟)
رد أمجد بصلابة و دون تردد
(على ما يبدو)
هزت مسك رأسها بيأس، ثم لم تلبث أن قالت بهدوء.

(اذهب الى عملك يا أمجد، من المؤكد أن لديك شيئا أكثر أهمية، و حرفية لتقوم به عوضا عن ازعاج يومي، آه و بالمناسبة، أشكرك جدا على تعليماتك التي أمليتها لوفاء، فلقد أرسلت إلى وليمة و ليس مجرد عشاء)
ابتسم أمجد رغم عنه و قال بزهو و بنبرة راضية
(نحن عائلة كريمة، و أهل واجب، ستعلمين ذلك ما أن تصبحين فردا منا).

اسندت مسك وجنتها الى كفها و هي تنظر اليه طويلا، و كأنها تتأمل حالة غريبة أو نموذج متحور من البشر، ثم قالت أخيرا بخفوت
(أنت لا تزال تتحدث عن الزواج!)
قال أمجد ببساطة وهو يقترب ليجلس على الكرسي المقابل لها بأريحية
(نعم، و هل لدينا موضوع أهم منه حاليا؟)
ردت مسك تقول بجدية
(آآآآآآ، ربما المشروع الذي أسعى جاهدة في تحضير دراسته كي أنال رئاسته، بينما تبدو أنت لا مباليا تماما)
نظر اليها أمجد مبتسما وهو يقول.

(لقد قررت التراجع خطوتين كي تناليه، فمن الواضح أنك ستقتلين نفسك عليه، لذا لن أفز برئاسته عمدا)
صمت قليلا، قبل أن يغمز لها متابعا بنبرة مداعبة، أظهرت غمازته تحت اللحية الشقراء
(لأجلك)
اشتعل الغضب بداخلها فجأة فهتفت و هي تفتح ذراعيها ملوحة
(لا والله! تتعمد الخسارة لأجلي!)
نظر أمجد الى الباب المفتوح، قبل أن يعيد عينيه اليها محذرا وهو يهمس معاتبا باستفزاز.

(مسك! ما هذا الاسلوب؟، أنت موظفة محترمة تطمح الى رئاسة مشروع ضخم، لا بائعة فجل)
أغمضت مسك عينيها و هي تقول زافرة من بين أسنانها
(الصبر، الصبر يا الله)
ابتسم أمجد راضيا وهو يقول
(هذا أفضل، لكن عامة كنت قلقا من اختلاف الحضارات بينك و بين عائلتي، فأنت تبدين ارستقراطية تماما، لكن مع أسلوب غضبك هذا، أشعر أن المستوى قد اقترب)
فتحت عينيها و نظرت اليه طويلا قبل أن تقول باستسلام.

(و ماذا بعد يا أمجد الحسيني؟، الى أين تنوي الوصول؟)
لم يفقد ابتسامته، الا أنه تكلم بجدية هادئة، لا تقبل الجدل
(أنوي الوصول معك الى باب شقتنا ان شاء الله)
تنهدت بنفاذ صبر قبل أن تقول بغضب
(إما أنك مجنون، و إما أنك تتسلى بي، في الحالة الأولى أنا لا أقبل بالمجانين و في الحالة الثانية ستكون عاقبة تماديك وخيمة معي)
لم يتراجع أمجد بل قال بهدوء
(احتفظي بخياريك لنفسك، أنا رجل يريدك لا أقل، لكن أكثر بالتأكيد).

تراجعت مسك في مقعدها و هي تتلاعب بقلمها الذهبي ناظرة اليه باهتمام قبل أن تقول بأناقة
(متى؟، متى وجدت نفسك متمسكا بي الى تلك الدرجة؟، بالأمس عصرا؟، ألا ترى نفسك انسان مبالغ، و غير منطقي على الإطلاق؟)
مال الى سطح مكتبها وهو يقول بجدية
(بل أنا الرجل الأكثر منطقية على سطح الأرض، حين أقرر الا أضيع من يدي انسانة تمنيتها لنفسي بشدة، أريدك يا مسك و اريد كبريائك و شجاعتك، و أريد تخفيف الألم عنك).

هزت رأسها و هي تجيبه ببرود و تكبر
(لست متألمة، عليك الإقتناع بذلك)
تراجع هو الآخر في مقعده وهو ينظر اليها مليا قبل أن يقول بهدوء
(اسمعيني، لديك حلين، إما أن تقتنعي بالمكتوب سريعا فتوفري علينا الكثير من الوقت المصحوبة بخيبات الأمل، و إما أن تستمري في عنادك و عندئذ لن ترهقي سوى نفسك، لأنني لن أتراجع)
قالت مسك ساخرة.

(هل تنوي انتظار نتيجة ردي على كل خاطب من بعدك؟، الى متى تستطيع الإنتظارقبل أن تيأس؟، عام، اثنين، ثلاث؟)
قال أمجد ببساطة
(أنا عن نفسي قادرا على الإنتظار لسنوات لو اقتضى الأمر، لكن اطمئني فأنت لن يتقدم لك الكثير من الخاطبين، و من سيتقدم سيكون جاهلا بحقيقة قدرتك على الإنجاب، لذا سيرحل سريعا)
فغرت مسك شفتيها فجأة، و ارتفع حاجبيها بذهول، قبل أن تقول بصوت غريب
(هل تتعمد ايلامي؟)
قال أمجد بجدية و دون رحمة.

(نعم)
ازداد انفراج شفتيها قبل أن تقول بصوت باهت
(لماذا؟، هل أنت سادي النزعة؟)
قال أمجد بهدوء قوي النبرة
(بل على العكس تماما، أنا أطلق عليك رصاصة الرحمة، علك تنهارين على صدري باكية، حينها سأرتاح و أبدأ في مداواتك على مهل)
لم ترد مسك على الفور، بل ظلت مكانها تنظر اليه بذهول، قبل أن يتابع أمجد مازحا.

(طبعا عبارة انهيارك على صدري كانت عبارة مجازية، على الأقل لحين زواجنا، و بعدها يمكنك احتلال صدري كما تشائين، نظريا و فعليا)
احمرت وجنتي مسك رغما عنها فأسلبت جفنيها، فانعقد حاجبي أمجد وهو يميل اليها محدقا قبل ان يهتف
(هل تخجلين؟، هل هذا احمرار خجل؟، يالبركة دعاء الوالدين، أنت بشر مثلنا اذن، كنت قد بدأت أشك في هذا الأمر)
زمت مسك شفتيها قبل أن ترفع عينيها الغاضبتين اليه قائلة ببرود.

(أستطيع أن أشوك بدعوى التحرش اللفظي، أتدرك ذلك؟، و حينها سأتخلص منك شاكرة، مودعة، ملوحة للأبد)
ابتسم أمجد وهو يقول متنهدا وواعدا
(لهذا أريد الإسراع في اتمام الزواج، كي أستطيع التحرش كما أشاء)
تأففت مسك بصوت عال قبل أن تقول
(أنت تتصرف كالمراهقين، احترم سنك و مركزك على الأقل)
قال أمجد بدهشة
(الحلال لا سن له)
هتفت مسك بحدة و تعجب
(و هل بيني و بينك أي حلال أيها الرجل المجنون!)
قال أمجد بجدية مبررا.

(و لهذا السبب أريد الإسراع في الزواج، نحن نعود الى نفس النقطة)
رفعت مسك كفيها الى رأسها و هي تهتف بقوة و يأس
(يا ربي، هذا كثير، كثير، انت حقا ابتلاء)
ابتسم أمجد وهو ينظر الى رأسها المحنى قبل أن يقول برقة
(أما أنت، فأجمل ابتلاء)
ارتفعت عيناها لتنظران اليه، وطال بهما الصمت الى أن قالت أخيرا بهدوء
(لا أصدق أن والدتك ستقتنع بما تريده، لست متفائلة الى هذا الحد).

لم تختفي ابتسامته، الا أنها بدت أكثر جدية و كذلك نظراته، قبل أن يقول بصدق
(و لا أنا بهذا التفاؤل)
ارتفع حاجبيها و هي تقول بدهشة
(أنت مدرك اذن أنها سترفض)
نظر أمجد الى أصابعه مفكرا ليقول بعدها بهدوء
(عندي عرض أعرضه عليك)
قالت مسك بتعب
(عرض آخر! عروضك زادت جدا يا سيد أمجد)
نظر اليها أمجد ليقول بجدية
(العرض الأخير)
من جدية نظراته و نبرة صوته، قالت مسك بحذر
(ما هو عرضك؟، أمتعني بالسماع)
قال أمجد بهدوء.

(دعينا نحتفظ بالموضوع لأنفسنا، و حين يطول وقت الإنتظار سأخبرها أنني غير قادر على الإنجاب و حينها ستكون شاكرة لك طوال العمر)
فغرت مسك شفتيها بذهول، قبل أن تهتف بحدة
(أنت حقا مجنون! ما الذي يجبرك على ذلك؟)
نظر اليها أمجد ليقول بنبرة غريبة
(لست مجنونا يا مسك، أنا أريد منحك الضمان الذي يرضيك، أريد أن اثبت لك جدية طلبي)
قالت مسك بحدة.

(و حتى و ان فرضنا أنني قبلت بهذا الخداع، هل سيمنع الكذب ألمها؟، على العكس، ستتألم أكثر و هي تفقد الأمل الوحيد في حصولها على حفيد)
تنهد أمجد وهو يقول
(أنت لا تعرفين أمي، لقد ذاقت ابتلاءات كثيرة جدا و تعلمت منها الصبر بابتسامة، لذا قد ترفض في البداية و تحاول اقناعي بالعدول عن الزواج بك، و في حالة ظنها أن العلة مني ستبكي قليلا، الا أنها ستعود و تحمد الله و تشد من أزري)
رفعت مسك ذقنها و قالت ببرود.

(أمجد، عد الى مكتبك رجاءا، لقد انتهى وقتك معي و انا لدي عمل)
نظر اليها دون أن يرد، فقد كان يعلم أنها لن تسلم بهذه البساطة، انها تماما كالماس الخام، صلبة و حادة، و صقلها يحتاج الى مجهود جبار...
حاولت مسك النهوض من مكانها بأناقة، كي تفهمه أن الزيارة قد انتهت، الا أنها ما أن داست الأرض بقدمها حتى تأوهت ألما و تشبثت بحافة المكتب بقبضتيها مغمضة عينيها بشدة...

نظر اليها أمجد بفتور دون أن يحاول النهوض لمساعدتها، و ما أن عاد لون وجهها قليلا حتى قال ببرود
(الى أين ستذهبين؟)
قالت مسك ببرود مماثل
(الى خزينة ملفاتي، أريد منها ورقا للطباعة)
نهض أمجد من مكانه ليتجه الى الخزينة دون الإهتمام بها فهتفت به
(هذا ليس الطريق الى الباب، الى أين أنت ذاهب؟)
قال أمجد بلامبالاة ودون أن يستدير اليها
(سأجلب اليك ما تريدين، اجلسي لترتاحي)
هتفت به بحدة و هي تضرب سطح المكتب بقبضتها.

(أنا لا أحتاج الى مساعدتك، اخرج من مكتبي، لقد أضعت وقتي بما يكفي، لقد سئمت الدور الذي تريد وضعي به و كأنك متلذذا بعرض خدمات أنا لا أحتاجها، لطالما اعتدمت على نفسي و لم أكن يوما)
قطعت كلامها فجأة وتوترت ملامحها و هي تراه يستدير عائدا اليها بسرعة، بملامح متجهمة و كأنه قد ضاق بها ذرعا، فقالت بقلق
(ماذا، ماذا ستفعل؟، أنا أحذرك)
الا أن أمجد كان قد وصل اليها قبل أن يهدر بها بصرامة
(اجلسي).

فغرت مسك متفاجئة و همست بخوف
(أنا لست)
الا أن أمجد أعاد بصرامة أكبر
(قلت اجلسي مكانك)
سقطت مسك جالسة على كرسيها و لم تكن تلك هي المرة الأولى التي يرهبها فيها و يأمرها أن تجلس، لكن و قبل أن تلتقط أنفاسها كان قد استدار خلفها ليمسك بظهر مقعدها الجرار ذو العجلات الصغيرة، ليجذبه و هي فوقه، يجره فوق الأرض المصقولة الناعمة بينما مسك تتشبث بذراعي المقعد برعب هاتفة
(ماذا تفعل؟)
رد أمجد بهدوء.

(الا تريدين أن تكوني مستقلة حتى في ألمك؟، حسنا لن أجادلك، اذهبي بنفسك، لكن و بما أنك غير قادرة على أن تخطي خطوة واحدة بعد الجلوس طويلا، لذا اسمحي لي)
و قبل أن تدرك ما يقصده، كان قد دفعها بالمقعد الجرار فوق الأرض الناعمة و هي تهتف بخوف
(أمجد!)
تحرك الكرسي تجاه الخزينة فأنزلت قدمها السليمة توقف تقدمه، و هي تضحك بشدة مغمضة عينيها،.

بينما كان أمجد واقفا مكانه ينظر اليها مبتسما بهدوء، يتأمل ضحكتها التي أفلتت منها دون قصد...
و ما أن انتهت منها حتى نظرت اليه تصرخ بغضب و هي ترفع اصبعا محذرا
(أنا لا أسمح لك، أنت تعديت كل حدودك)
الا أن أمجد أمرها بهدوء مبتسما تلك الإبتسامة الشاردة
(احضري الورق الذي تريدين و كفى تهديدا، فأنت لا تنفذين منه شيئا).

تأففت مسك بقوة و نفاذ صبر، الا أنها فتحت الخزينة لتجلب منها رزمة الورق الأبيض، لكن ما أن رأت أمجد يقترب منها حتى قالت بحدة
(لا، لا)
الا أنه هذه المرة كان مبتسما بدعابة الى أن وصل اليها، فأمسك ظهر مقعدها ليدفعها عودة الى مكتبها...
أغمضت مسك عينيها بشدة و هي تضم الورق الى صدرها ضاحكة بعنف و امجد يتأملها مشدوها لتلك الضحكة الخائنة...

لكن و قبل أن يصل الكرسي بها الى حافة المكتب، كان أمجد قد أمسك بها، في منتصف الطريق، ففتحت مسك عينيها و رفعت وجهها لتجد وجهه منحنيا اليها بابتسامة خلابة، ثم قال ببساطة
(تزوجيني)
ظلت مسك تنظر اليه بصمت لعدة لحظات قبل أن تقول بهدوء
(لنفترض، لنفترض أنني قبلت بعرضك، و رضيت تضحيتك، و مضت بنا بضعة سنوات، فقدت بها سنوات شبابك و أفضل سن كي تكون فيه والدا، ثم اكتشفنا فجأة أن المرض عاودني).

بهتت الإبتسامة على وجه أمجد، و شحب وجهه، بينما تحولت عيناه الى بئرين عميقين و كأنها لامست بداخله خوفا، حاول أن يسكنه، لكن مسك تابعت بهدوء أنيق كجراح ماهر...
(ستكتشف حينها أنك قد راهنت على الفرس الخاسر، و أنك ضيعت وقتا هاما كان يمكن أن يكون لك خلاله طفلين أو ثلاثة)
ساد صمت حزين مهيب بينهما، و كل منهما ينظر الى الآخر...
ثم تكلم أمجد أخيرا ليقول بصوت أجش خافت.

(ماذا لو، ماذا لو قبلت بعرضي، و تزوجنا و سافرنا لقضاء أجمل شهر عسل في التاريخ، و عرفت معي طعم السعادة، و جمال الضعف و الإعتماد على شريك حياتك دون الشعور بالمهانة أو النقص، و ما أن نعود بأيام قليلة، حتى أتعرض لحادث و أتوفي، و تبقين أنت وحيدة من جديد، الن تكوني وقتها قد راهنت على الفرس الخاسر كذلك؟)
ظلت مسك صامتة تنظر اليه، الى عينيه ذات النظرة الغريبة، ثم قال أخيرا بخفوت.

(نحن لا نقوم برهانات يا مسك، ونحن بالتأكيد لسنا خيول في سبق يراهن كل منا على حياة الآخر، علاقة البشر أسمى من هذا بكثير و لا تحمل أي ضمانات)
اخفضت مسك وجهها ذو الملامح الكلاسيكية الأنيقة، الشاردة...
كان أمجد ممسكا بظهر مقعدها ينظر الى قمة شعرها الحريري، تاج الشجاعة و الجمال...
يتمنى لو لامسه ولو لمرة، الا أنه كان يعلم بأنه لو لامسه لقبل خصلاته بعدها مباشرة...
مسك الرافعي ليست قصة حب...

بل هي قصة اعجاب، اعجاب بشيء استثنائي فريد في روعته، لم تسيطر عليه رغبة من قبل، كرغبة الفوز بتلك الفريدة كزوجة، لتزين حياته ببريقها الماسي...
انقطع صمتهما الشارد بأفكارهما فجأة بصوت متهكم
(علمت أنني سأجدك هنا، حين طال انتظاري لك في مكتبك الخالي)
التفت كلا منهما مجفلين لينظرا الى غدير الواقفة في باب مكتب مسك، مكتفة ذراعيها و هي ترمقهما بنظرات ذات معان كثيرة، كل منها أسوأ من الآخر...

استقام أمجد باعتدال وهو يقول بصوت هاديء
(هل تحتاجين شيئا يا غدير؟)
نظرت غدير الى مسك و التي بادلتها النظر بعينين قويتين، تقلبان أعماقها كلما نظرت اليها...
عيني مسك الرافعي، و التي لم تفلح الأيام في كسرهما مطلقا...
حتى الآن لا تزال تشعر بالخزي كلما نظرت اليها مسك، رغما عنها تتذكر العشرة بينهما و التي نقضتها
لا، لم تنقضها، لقد أخذت ما هو حقها و أشرف أحبها فأصبح حقا لها...

هي لم تسرقه، وهو ليس مغيبا، فاقدا لعقله كي يسمح لها بأن تسرقه
لقد اختارها و ترك مسك الرافعي...
فضلها على الأميرة مسك الرافعي و التي لم تعرف الرفض يوما، التي لم تذق طعم الحاجة أو الهوان...
قالت غدير بفتور
(كيف حالك يا مسك؟، لم يتسنى لنا الكلام منذ حفل زفافك)
ابتسمت مسك ابتسامة ساخرة، قبل أن تقول
(أنرت المكان في الوقت القصير الذي أمضيناه في الزفاف حبيبتي)
قالت غدير بخفوت.

(لا داعي للسخرية يا مسك، أنا لا أتمنى لك الشر)
قالت مسك ببساطة و هي تبتسم هازئة
(أعرف يا غدير، لا تقلقي بخصوص رأيي، أثق أنك لا تريدين الشر، أنت تريدين ما تحتاجين فقط، أيا كانت ملكيته)
شحبت ملامح غدير بينما عبس أمجد بشدة، بداخله اندفع شعور من الضيق، نفس الشعور الذي داهمه ما أن رآى مسك جالسة مع أشرف، شعور بالغيرة...
أبعدت غدير عينيها عن عيني مسك المترفعتين بازدراء خفي، و نظرت الى أمجد تقول بخفوت.

(أريد الكلام معك في أمر هام)
قال أمجد ببساطة
(تفضلي، أنا أسمعك)
أظلمت عينا غدير، الا أنها لم تفقد اصرارها، بل قالت بخفوت
(أمر خاص)
قالت مسك مبتسمة و هي تنهض من كرسيها بأناقة
(لقد انتهينا أنا و امجد، يمكنكما الذهاب، )
و أمام عيني أمجد المذهولتين، رآها تمشي بصورة شبه طبيعية، على الرغم من شبح الألم الذي ظلل نظراتها و العرق الذي بلل جبهتها و لم يلحظه سواه...

كانت تتعمد السير بأناقتها المعتادة حتى وصلت الى مكتبها، ثم التفتت تقول مبتسمة و هي تضع رزمة الأوراق
(أتعلمان، سأكون أكثر كرما و أترك لكما المكتب كي تتكلمان فيه بحرية، فأنا في حاجة للذهاب الى أكثر الأقسام ازعاجا، لكن لا تعبثان بشيء، فأنا أقدر خصوصية أغراضي)
انصرفت أمامهما ببطىء و هي تتجه الى الباب، فناداها أمجد بخشونة
(مسك)
استدارت مسك اليه و قالت مبتسمة بعينين زجاجيتين.

(لا تنسى أن تغلق باب المكتب بعد خروجكما من فضلك)
ثم غادرت، تاركة كل منهما ينظر الى مبتغاه متلهفا، فهو كان ينظر إلى الباب حيث خرجت، بينما غدير تنظر اليه بلهفة متحسرة حزينة...
و حين طال صمته، همست تناديه
(أمجد)
نظر اليها أمجد بجمود قبل أن يقول بهدوء، وهو لا يزال ممسكا بمقعد مسك و كأنها لا تزال تحتله...
(نعم يا غدير)
أخذت غدير نفسا عميقا، قبل ان تقول بقسوة خافتة
(ما الذي تظن نفسك تفعله؟).

ارتفع حاجبي أمجد قبل ان يقول ببرود
(ماذا تقصدين بالضبط؟)
عادت غدير لتكتف ذراعيها قائلة
(أنا و أنت كنا أصدقاء ذات يوم يا أمجد، أعرف أنك تكرهني و قد تكون محقا، لكنك لن تنكر ان اياما طويلة جمعتنا سويا، وجدتك بجواري في كل مرة احتجتك فيها، و الآن اشعر بنفس الحماية تجاهك، مهما سخرت مني، وهما بلغت كراهيتك لي، لن تمنعني من محاولة منعك عما تقوم به)
ابتسم امجد بدهشة و سخرية وهو يقول
(تمنعيني! عن ماذا تحديدا؟).

ردت غدير بصلابة و دون تردد
(ماذا تريد من مسك؟)
اتسعت ابتسامة أمجد وهو ينظر اليها بعجب، قبل أن يقول ببساطة
(هل أفهم من سؤالك أنك تخافين على مسك مني؟)
تنهدت غدير و هي تقول بخفوت
(مسك لا تحتاج الى من يخاف عليها، مسك قادرة على العناية بنفسها جيدا)
ضحك أمجد قبل أن يقول هادئا
(اذن تخافين على منها؟)
قالت غدير بحدة،.

(بل أخاف عليك من نفسك، الى أين سيصل تعلقك بها؟، كنت أظن أنك بعد أن تعلم بحقيقة مرضها ستنهي كل علاقة لك بها، الا أنك لم تفعل بعد، فلماذا تمنحها الأمل من جديد و لماذا تعلق نفسك بها أكثر في علاقة محكوم عليها بالفشل؟، خاصة بعد أن علمت أن زواجكما مستحيل)
ساد صمت مشحون بينهما، هي تنظر اليه بعينين متلهفتين، تلتهمانه بكل ملامحه المشبعة للقلب و النظر...
قال أمجد أخيرا بمنتهى الهدوء.

(من قال أن زواجنا مستحيل؟، انا أحاول اقناعها و هي تتدلل قليلا، و أنا أسمح لها بالدلال، قبل أن يتم زواجنا فعلا، حين يفرغ صبري)
بهتت ملامح غدير و فغرت شفتيها، قبل ان تهمس بهذيان
(الا تزال ناويا على الزواج منها؟)
رد أمجد بثقة و دون تردد
(بالطبع و اكثر من ذي قبل)
ارتجفت شفتاها و هي تهمس بذهول
(لكن كيف؟، ماذا عن، حالتها، الم تسمع بنفسك عن)
قال امجد بصلابة
(هذا امر شخصي يا غدير، يخصنا وحدنا)
همست غدير بجنون.

(ما معنى هذا؟، هل فقدت عقلك؟، هل ستتنازل عن ابوتك لاجلها؟، هل أحببتها الى هذا الحد؟)
قال أمجد بصوت محذرا
(غدير، لا تزيدي، ليس من حقك)
الا أن غدير هتفت بعذاب و هي تشير الى نفسها
(أنا لست سيئة يا أمجد، لو كنت سيئة، لكنت اخبرتك بحالتها منذ اليوم الذي علمت فيه بنيتك في الزواج منها، لكنني كتمت السر و علمت أنها ستخبرك قبل ان توافق على عرضك، و حينها ستبتعد عنها لا محالة).

لم تدرك انها كانت تبكي، الا بعد ان لامست الدموع وجهها الشاحب و هي تتابع مختنقة
(انا لست سيئة يا امجد، لست كما تظنون)
نظر اليها امجد طويلا قبل ان يقول بهدوء
(لا تهتمي لما نظنه يا غدير، يكفي ان تكوني راضية عن نفسك)
هتفت غدير بقوة و هي تبكي
(لكنني لا اريد لك هذه الحياة، أريد أن أمنعك عنها، لأنك تستحق الأفضل)
لم يثر و لم ينفعل، بل نظر اليها برثاء، ثم قال اخيرا بثقة هادئة.

(و من أفضل من مسك الرافعي؟، إنها من أريد تماما. )
فغرت غدير شفتيها و هي تقول تهز رأسها باعياء
(لا، لا)
قال أمجد بتعاطف.

(تقبلي الأمر يا غدير، أعلم أنك تعبت في حياتك كثيرا و أنها لم تكن سهلة، لذا أنا لم احاكمك يوما، لكن عليك التسليم بأن هناك من قد تكون أفضل منك، هناك من قد تأخذ نصيبا أكبر من نصيبك، و هناك من تنال ما تتمنيه أنت، و أنك بالتأكيد لن تحظي بكل شيء في هذه الحياة، لذا تقبلي الأمر، و اهتمي بما في يدك قبل أن يضيع منك)
بكت غدير و هي تهز رأسها هامسة باختناق
(لا أستطيع، أمجد أنا، أنا، أنا أحبك).

انعقد حاجبي أمجد بشدة قبل أن يهمس بعنف من بين اسنانه
(استغفر الله، اخرجي من هنا حالا يا غدير و سأعتبر أنني لم أسمع منك شيئا)
همست بنشيج خافت
(أمجد أرجوك)
الا أن أمجد استدار عنها و قال بصرامة
(اخرجي يا غدير، أريد التأكد من غلق باب مكتب مسك)
أغمضت غدير عينيها قبل أن تخرج باكية بعنف، بينما بقى أمجد مكانه ينظر الى البعيد غاضبا، منفعلا، ليس فقط من اعترافها، بل ما يعنيه هذا الإعتراف...

فخلف هذا الإعتراف يوجد زوج، ليس قانعا بحياته و ينوي الفكاك منها و ربما، العودة الى حبه القديم...

وقفت مسك أمام المصعد تنتظر قدومه و هي تنظر الى الأرقام بنظرات متصلبة...
تسند وزن جسدها الى قدمها السليمة، بينما تمسك بالعصا الطبية التي اشتراها لها أمجد...
امجد، لقد رفضت رؤيته مجددا خلال المتبقي من اليوم وهو لم يحاول...
علي ما يبدو أن غدير قد أحكمت الطوق من حوله و سال لعابه عليها من جديد...
أغمضت مسك عينيها و هي تهمس
(أستغفر الله).

فتحت عينيها بنفاذ صبر، الا أنها شهقت و هي تجد فتاة قد تجسدت بجوارها في لحظة دون ان تشعر باقترابها...
فهمست و هي تضع يدها على قلبها
(بسم الله الرحمن الرحيم)
قالت أسماء تكرر بفتور عبارة كانت مسك قد قالتها سابقا
(هل رأيت عفريتا يا آنسة مسك؟)
زفرت مسك و هي تقول بنفاذ صبر
(لماذا لا تصدرين صوتا و انت تقتربين؟)
قالت أسماء بنفس الفتور.

(هذا لأنني ارتدي حذاء رياضي ارضي خفيف، مناسب للعمل، بخلاف صوت كعبي حذائك الذي نستدل منه على اقترابك من بداية الرواق)
رفعت مسك عينيها تنظر الى ارقام المصعد قائلة ببرود و ترفع
(ها قد بدأنا الوقاحة)
توقعت ان تتمادى أسماء، الا انها صمتت تماما و هي تنظر الى الارض، ثم قالت بخفوت دون ان ترفع وجهها وكأن ما تريد قوله أصعب من ان تواجه به مسك وجها لوجه.

(المرة السابقة، في مكتبك، كنت قد خرجت باكية، لم أستطع الكلام، )
قالت مسك و هي لا تزال تنظر الى الأرقام...
(نعم لاحظت ذلك، و كان هذا في منتهى الذوق منك كعادتك)
ظلت أسماء تنظر الى الأرض قليلا ثم قالت
(لم أستطع أن أشكرك على عرضك بأن تتكفلي بعلاج ابنة المرحومة اختي، و توصيتك لها في مشفى خاص)
قالت مسك بهدوء دون ان تنظر اليها،
(لم يكن هذا عرضا، بل قرار، العرض تملكين الحق في رفضه، اما القرار فانتهى امره).

رفعت اسماء وجهها المتخاذل تنظر اليها بصمت قبل ان تقول بخفوت
(الا املك حق الرفض؟)
نظرت اليها مسك نظرة عابرة قبل ان تقول ببرود
(لا، لا تملكين حق الرفض فأنا لن اتكفل بعلاجك انت كي تقبلي او ترفضي)
قالت أسماء بصوت متداع
(لكنني المسؤولة عنها)
قالت مسك بسخرية
(و لأنك المسؤولة عنها، أيمنحك هذا السلطة كي ترفضي فرصة لعلاج على نحو كامل و أفضل! و نعم المسؤولية عندئذ).

صمتت أسماء و هي تخفض وجهها من جديد شاعرة بغصة في حلقها، بينما كانت مسك تعرف جيدا ما تعانيه...
انها لا تصدق نفسها من فرحة العلاج الذي ستحصل عليه ابنة اختها، الا أنها ترفض أن تكون المساعدة آتية من طرفها، لأنها ترى اهتمام أمجد بها، و هي معجبة بأمجد...
ابتسمت مسك بسخرية سوداء و هي تفكر
يبدو أن الكثير من النساء منجذبات الى أمجد الحسيني...
وصل المصعد و فتح أبوابه، فقالت أسماء سريعا لكن بقنوط.

(شكرا لك، لقد قبلت احسانك، و أنا شاكرة جدا)
دخلت مسك الى المصعد ثم استدارت اليها لتقول
(ليس من التهذيب أن تقولي احسانك )
ردت أسماء بصوت مختنق
(ربما لو كنت سألتني عن اسمها، و عرضت زيارتها في المشفى، لما اعتبرته احسانا)
قالت مسك بعد فترة صمت بصوت جامد لا تعبير فيه
(أنا لا أحب دخول المشافي)
صمتت للحظة ثم رفعت وجهها و قالت بهدوء
(ألن تدخلي؟)
ردت أسماء بخفوت و هي تأخذ نفسا محتقنا.

(لا أريد أستخدام المصعد، لقد أتيت لشكرك فقط)
ثم استدارت لتغادر، و بعد خطوتين سمعت مسك تقول من خلفها
(ما اسمها؟)
وقفت أسماء مكانها دون أن تستدير، ثم قالت أخيرا بخفوت
(زهرة)
أغلق المصعد ابوابه، و تحركت أسماء، و كل منهما تنافس الأخرى في ملامح الحزن و الألم...

كانت مسك واقفة تنتظر ظهور اي سيارة أجرة فهي طبعا لم تستطع القيادة، لكن الوقت كان صعب و السيارات كلها مشغولة...
فظلت واقفة بصبر تستند الى العصا التي كانت نعم العون لها...
لكنها تسمرت حين وجدت سيارة مألوفة تقف الى جوارها قبل أن ينحني السائق اليها وهو يقول ببشاشة
(اركبي)
نظرت مسك الى أمجد نظرة تجمد الدم في العروق، قبل أن تقول ببرود
(شكرا، أنتظر سيارة أجرة)
قال أمجد دون أن يفقد مرحه.

(لن تجدي سيارة أجرة في مثل هذا الوقت أبدا، لذا اركبي و لا تعاندي)
قالت مسك بصوت جامد
(طريقي غير طريقك)
رفع أمجد حاجبيه وهو يقول بدهشة و براءة
(ألم أخبرك؟، أنا مدعو لتناول الغذاء مع وفاء و زوجها، لذا فطريقنا واحد)
نظرت اليه مسك طويلا بحاجب واحد مرتفع، فابتسم أمجد أكثر وهو ينحني ليفتح لها الباب المجاور لها قائلا بتشدق
(اعطفي على سائقك الخاص سيدتي الجميلة).

زفرت مسك و هي تدعي نفاذ الصبر، بينما هي مخدرة الإحساس من شدة الألم النابض في ساقها، لذا جلست بحذر قبل أن تصفق باب السيارة بغضب، فقال أمجد عاقدا حاجبيه
(على مهلك على السيارة يا آنسة)
زفرت مسك مجددا بينما ابتسم أمجد و حرك السيارة لينطلق بها ثم نظر اليها مبتسما وهو يقول
(لن ننسى أن نرسل اليك بعضا من طعام الوليمة، أتحبين صدر الدجاجة أم فخذها؟)
نظرت اليه مسك ثم قالت ببرود...
(كيف تطيق نفسك من شدة خفة ظلك؟).

ابتسم امجد وهو يقول ببساطة مركزا عينيه على الطريق
(ماذا أقول، بعض الرجال نالو نصيبا وافرا من قوة الحضور و الكاريزما )
قالت مسك بشفتين ممطوطتين
(واضح، خفف من الكاريزما الخاصة بك رجاءا، ستخنقنا)
ضحك أمجد عاليا، بينما التفتت مسك مشيحة بوجهها بعيدا عنه و هي تنظر من نافذتها، و قد خانتها الإبتسامة و أطلت على شفتيها...

لقد ارتكبت الكثير من الحماقات في حياتها...
حولتها الغيرة لأكثر النساء جنونا...
تهورت و ندمت، و عادت لتغار من جديد و تجن من جديد...
الا أنها كانت تعلم أنها هذه المرة تمادت كثيرا
وقفت تيماء و هي تنظر الى الباب الخشبي البسيط بملامح فاترة شاحبة، و عينين واسعتين و ذابلتين من السهر و الم الفراق
ثلاثة أيام على فراقه لها، تحرقت في لياليها على فراشهما و هي تتمنى سماع صوت مفتاحه...

ثلاثة أيام كان أقصى احتمال لها، فقامت بعدها بأخذ أكثر خطوة مجنونة في حياتها...
سعت الى العذاب بنفسها...

كانت ريماس تقلب الحساء فوق النار بشرود، تحيا الرعب بأبشع صوره منذ ثلاث أيام...
و هي تنتظر ظهوره مجددا في أية لحظة...
وجود قاصي معها اراحها بعض الشيء، لكنه زادها رعبا من جهة اخرى، فقد يعلم بقدوم راجح الى هنا و نيته في استرجاع ابنه...
ربما كان ثملا، او متعاطيا لأي نوع من المخدر ثم استفاق و نسي بعدها...
فهو لم يظهر من وقتها...

انتفضت ريماس فجأة من شرودها على صوت جرس الباب، فاستدارت بهلع بعد أن أغلقت نار الموقد...
ليس هذا قاصي، لو كان قاصي لفتح بمفتاحه...
لقد أخبرها أنه سيمر بعمرو في المدرسة و يصطحبه الى المطبعة، فليس هو من يطرق جرس الباب ابدا...
تحركت ريماس بقدمين ترتجفان حتى وصلت الى الباب...
كان صدرها يعلو و يهبط بعنف...
مما هي خائفة؟، حتى لو كان راجح قد عاد فعمرو ليس موجودا ليخطفه...

أخذت ريماس نفسا عميقا قبل أن تفتح الباب بقوة و دون سؤال...
الا أنها تسمرت مكانها رافعة حاجبيها، و طال بها الصمت قبل أن تميل زاوية شفتيها في ابتسامة ساخرة خبيثة قبل أن تقول
(ابني يصف بمهارة، وجه أبيض و عينين زرقاوين، و ثمرة فراولة قرب الفم)
اتسعت ابتسامتها مكرا و ميوعة و هي تقول بنبرة كالحرير
(مفاجأة سعيدة يا تيماء، أنرت بيتي المتواضع).

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة