قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية طائف في رحلة أبدية ج2 للكاتبة تميمة نبيل الفصل الثاني والعشرون

رواية طائف في رحلة أبدية ج2 للكاتبة تميمة نبيل الفصل الثاني والعشرون

رواية طائف في رحلة أبدية ج2 للكاتبة تميمة نبيل الفصل الثاني والعشرون

(مفاجأة سعيدة يا تيماء، أنرت بيتي المتواضع)
لم تجب تيماء التحية الرخيمة ذات النبرة التي تشبه خرير القطط، بل تمعنت بها و بصاحبتها...
فوقفت تنظر الى ريماس بصمت، و بملامح ساكنة و عينين عميقتين. غائرتين...
اذن هذه هي زوجة قاصي؟، زوجة زوجها، شريكة عمرها و حياتها، نعم فقاصي هو عمرها و حياتها و هي شريكته...
اي سخرية سوداء تلك!
لم تشك في لحظة في أنها سترى امرأة جذابة، و لا تعلم سر هذا التأكيد قبل أن تراها.

هل لأن المنطق يخبرها بأن شخص كراجح الرافعي لن يختار لرفقته النسائية الا أجمل النساء...
أو ربما لأن قاصي يميل الى النوع الجذاب في مساعداته التي تتسم بالشهامة، لطالما كان شهما مع النساء الجذابات...
أو هي النزعة السادية في تعذيب النفس، كعقاب على رضوخها لهذا النوع من الحياة!
أي كان السبب فهو ليس المهم الآن...
المهم أنها كانت محقة، و ريماس زوجة قاصي، امرأة جذابة...

طويلة، تماثله عمرا تقريبا، بشعر طويل أسود، و ناعم، صحيح أنه لا يقارن بشعر مسك أو الأسطورة سوار ابنه عمها، فهو باهت قليلا و منسدل في حزن و جفاف يماثل بشرة ذراعيها...
الا أنه مقارنة بشعرها يعتبر حريري...
ملامحها حادة الزوايا و فمها عريض، لكن جذابة، بطريقة جسدية قد تعجب الرجال...
انخفضت عينا تيماء تتأمل جسدها الظاهر من قميص نومها الحريري...
فابتسمت ريماس بخبث و هي ترفع حاجبا واحدا لتقول.

(هل جئت الى هنا و قطعت كل تلك المسافة، لمجرد أن تراقبيني؟)
بقت تيماء صامتة لعدة لحظات اضافية قبل أن تجيبها بصدق وبصوت لا يحمل حياة، فاتر
(أتيت كي أراك)
ازدادت ابتسامة ريماس تلاعبا و هي تقول مأرجحة الباب بين أصابعها
(أتيت كل تلك المسافة كي ترينني؟، لو كنت اتصلت بي و اخبرتني برغبتك في رؤيتي فقط، لارسلت اليك صورتي و وفرت عليك عناء السفر).

لم تبتسم تيماء و لم تنفعل عيناها الفيروزيتان، و لم تظهر بهما لمحة من حياة، بينما ريماس تقول متابعة ببساطة
(اذن و بما أنك رأيتني، فهل ستدخلين الى بيتي أم تغادرين؟)
رفعت تيماء وجهها و هي تقول بهدوء
(بل أريد الدخول، لو سمحت بذلك).

ظلت ريماس صامتة لعدة لحظات و هي تراقبها مبتسمة دون مرح، تتأملها بدورها، بل تتفحصها بكل حدة و دقة، قبل أن تتنازل أخيرا و تتنحى عن الباب قائلة ببرود، رغم الإبتسامة المتلاعبة المرتسمة على فمها
(تفضلي، كيف لي منعك؟)
دخلت تيماء ببطىء تتجاوز ريماس، و اقتربت منها حتى اشتمت عطرها الثقيل، عطر أزكم أنفها و أعطاها لمحة أخرى عن تلك المرأة...

قبل أن تقف في منتصف الشقة صامتة، و قبل أن تستدير الى ريماس وقفت تسأل نفسها للمرة الثانية
ما الذي تفعلينه هنا يا تيماء؟، أتهوين تعذيب نفسك الى تلك الدرجة؟ أي حماقة دفعت بك الى السفر لمجرد رؤية المرأة التي تحتل تفكيرك و تمزق روحك في كل لحظة، أغلقت ريماس الباب، ثم كتفت ذراعيها قائلة بسخرية
(دعيني استنتج أن قاصي لا علم له بهذه الزيارة الكريمة، فهو لم يخبرني بها قبل نزوله للعمل صباحا)
نزوله للعمل صباحا؟

كانت تيماء تتأمل المكان بعينين واسعتين، ساكنتين، تلمح تفاصيله، تراقب كل لون به، عسى ان يشي بوجود صاحبه و يخبرها عن حقيقة وضعه هنا...
استدارت تيماء ناظرة الى ريماس بهدوء، ثم قالت بصوت خافت الا انه صلب و غير مهتز
(لا، لا يعلم، كانت خطوة طرأت على بالي فنفذتها دون تفكير مسبق)
ارتفع حاجبي ريماس و هي تتلاعب بابتسامتها قائلة
(و هل من عادتك تنفيذ كل ما يطرأ على بالك؟، هكذا و دون تفكير؟).

ردت تيماء باختصار و دون مواربة
(نعم، دائما)
تهكمت ريماس بضحكة خافتة قبل ان تهز كتفيها قائلة بسخرية
(عامة لا تقلقي. لن اخبره، لو كنت خائفة من ردة فعله، فقاصي أحيانا يبدو مرعبا في نوبات غضبه)
قالت تيماء بهدوء
(يمكنك اخباره، أنا لا أخشى قاصي، و لم أخشاه يوما، هل يخشى الآنسان من ملاذه؟)
مطت ريماس شفتيها و هي تقول ببرود
(رائع، من المؤسف انه لم يكن الملاذ لك في كل اوقات حياتك).

ظلت تيماء صامتة، تراقبها عن كثب ثم قالت بفتور
(من الواضح انك تعرفين عني الكثير)
هزت ريماس كتفيها و هي تقول ببساطة خبيثة
(خمس سنوات ليست بالفترة الهينة بين اي زوجين، و قاصي رغم انغلاقه الا إنه شخص وحيد، يحتاج للكلام، و كانت هناك مناسبات عديدة للكلام عنك)
صمتت و هي تراقب توتر حدقتي تيماء للحظة فتابعت بصوت اكثر نعومة و مكرا
(ارجو الا تكوني قد تضايقت، كلامه ينبع من احساسه بالذنب لما تعرضت له بسببه).

بهتت ملامح تيماء، ووقفت تنظر الى ريماس دون ان ترمش بعينيها حتى، ثم قالت اخيرا بصوت غريب
ليس بصوتها مطلقا، وكأنه صوت طرق على اسطوانة مجوفة، فارغة...
(هل تتكلمان عن حياتي الخاصة؟)
تظاهرت ريماس باللامبالاة و هي تقول
(فقط ما يترك في نفسه أثرا قويا، أنه رجل موجوع، يحتاج أحيانا الى من يسمعه، فلا تقسي في الحكم عليه، )
قالت تيماء بنفس الصوت الخافت.

(أتعرفين من هو قاصي لتيماء؟، هو حياة راهنت عليها، رغم تحذير العالم لها، هو طفولتي و شبابي، وهو الأب الوحيد الذي عرفته، لذا آخر ما أحتاج اليه هو من يعلمني كيف أتعامل معه، أشعر و كأنك تمزحين بنصيحة كهذه و أشعر بالرغبة في الضحك)
لمعت عينا ريماس بخطر، ثم قالت بقساوة رغم الإبتسامة المرتسمة على شفتيها الواسعتين
(يسرني أنني رفهت عنك قليلا، لما لا تجلسين اذن، تبدين شاحبة جدا).

بدت تيماء و كأنها على وشك السقوط ارضا، الا انها تماسكت بمهارة و تحركت تجاه الأريكة فجلست بثقة، بينما وقفت ريماس تنظر اليها بصمت...
لقد جلست في نفس المكان الذي جلس به راجح، و كأن ماضيها و ماضي قاصي يصران على التفريق بينهما، لكن هل تيماء ماض في حياة قاصي!
تحركت ريماس ببطىء متعمد حتى جلست باهمال على مقعد مواجه لها، تراقب تيماء و هي بدورها تتأمل المكان و كأنها لم تحفظه عن ظهر قلب بعد...

الى أن لمعت عيناها بظفر و هي ترى عيني تيماء تقعان على قميص قاصي الملقى باهمال على الأريكة بجوارها...
مدت تيماء يدها تلتقطه ببطىء و أصابعها تتحسس قماشه بينما عيناها شاردتان تماما...
فقالت ريماس بنبرة منتشية
(عذرا على الفوضى، قاصي معتاد على ترك ملابسه في كل مكان، و هذا القميص من المفترض أن يرسل للتنظيف)
صمتت للحظة ثم ضحكت قائلة بدلال.

(أنا فاشلة تماما في الغسل، لقد أفسدت له معظم ملابسه وهو لا يتذمر، لكنه أقتنع بعد خمس سنوات من ضرورة ارسال ملابسه للتنظيف خارج البيت)
لم تكن تيماء تنظر اليها، بل كانت شاردة تتحسس القميص، حتى قالت أخيرا بصوت هادىء
(لكنني ظننت أن قاصي لا يقيم هنا، بل في شقته القديمة)
ردت ريماس مبتسمة و هي تتراجع للخلف بأريحية قائلة.

(معظم الوقت نعم، لكن في أحيان كثيرة يقيم معنا هنا، فهو يعلم أننا نحتاجه، لقد قضى معنا الثلاث أيام السابقة مثلا لأنني كنت أعاني من بعض الدوار)
وضعت تيماء القميص بترتيب على ذراع الأريكة ثم رفعت ذقنها لتنظر الى ريماس قائلة بصوت قوي، ذو صدى متردد في المكان على الرغم من أنه لم يعلو...
(أعلم أن قاصي لا يشاركك الفراش يا ريماس، فلا تحاولي اقناعي بالعكس لأنك لن تنجحي. فأنا أثق بكلامه).

ساد صمت طويل بينهما و كل منهما تنظر الى الأخرى بنظرة حادة، نظرة تيماء كانت قوية و صريحة و لم تسمح لنفسها بالإنهزام في هذا التحدي، بينما ضاع الهزل من عيني ريماس و هي تواجه تيماء بعينين قاتمتين، ثم قالت أخيرا بهدوء
(أنت وقحة، بل شديدة الوقاحة، لو يعلم قاصي أنه صغيرته البريئة، تتكلم بمثل تلك الوقاحة لما ائتمنك على عمرو مجددا، و هذا ما أفضله أنا أيضا).

أمالت تيماء وجهها و هي تنظر الى ريماس دون تعبير محدد، فقط ملامح رقيقة لكنها ذات بأس و هي تقول
(لا تشغلي بالك بهذه النقطة، قاصي يعلم حق المعرفة أنني لست بريئة، بل قوية، في استعادة ما هو لي، أنا لم آتي الى هنا كي أتأكد من علاقتكما ال، الحميمية. )
ارتفع حاجبي ريماس وهي تقول بصوت بطيء النبرة
(لماذا أتيت اذن؟)
قالت تيماء بهدوء
(سبق و اخبرتك، أتيت كي ارى المرأة التي تشاركني زوجي).

ارتفع حاجب ريماس دون أن تتغير ملامحها أو تتحرك من مكانها ثم قالت بسخرية
(لم أعد أفهم، انت كنت متأكدة بأننا لا)
قاطعتها تيماء و هي تقول بصلابة.

(دعيني افهمك اذن يا ريماس، دعيني أفهمك ما هو قاصي بالنسبة لي، فهو ليس مجرد زوج أغار عليه، قاصي ملك لي، رجلي بكل ما تحمل الكلمة من معنى، بمميزاته بعيوبه، بتلك الأنفاق القاتمة المتشابكة بداخله، كله ملكا لي كما أنا ملك له، قديما منذ ما يزيد عن الخمس سنوات التي تتشدقين بها، وقعنا على عقد امتلاك أنا وهو، منحته كامل حياتي راضية، على أن يسلمني حياته بالمثل، حتى ما مررنا به و حكاه لك بدعوى حاجته لمن تسمعه كما تقولين، جعل منا شخص واحد، لا يمكن لأحد منا أن يكون الثالث، هذا مستحيل...

مع هذا العقد، وجدتك تشاركينني في قاصي دون أن أرتب لذلك أو أوافق عليه حتى...
تتعمدين الإتصال به وهو معي، تدعين المرض بل و تدعينه على ابنك أيضا، تستقطبين كل لحظات قاصي كي يبقى معك...
كل لحظة تجذبين فيها سمعه اليك هي ملكي، لك نظرة تستقطبينها من عينيه هي لي...
أنت تأخذين مما هو لي، ملكي)
صمت تيماء و هي تراقب نظرات ريماس الحادة اليها، ثم قالت متابعة بهدوء جليدي.

(و بناءا على ما قلته، أرى أن من حقي تماما المجيء الى هنا و رؤية المرأة التي تأخذ ما هو حق لي)
ساد الصمت بينهما، طويلا و كل منهما تنظر الى الاخرى دون ان تحيد بعينيها، الى ان قالت ريماس اخيرا
(و ها قد رأيتني، ما هي خطتك التالية؟، تهديدي كي أبتعد عنه؟، هل على تذكيرك بأن هناك ولد بيننا، حتى و ان كان ليس ابن قاصي، الا أنه يعده اكثر من ابنه و لن يسمح مطلقا بأن يبتعد عنه).

نهضت تيماء واقفة و هي تقول بثقة جبارة اكتسبتها من التعامل مع كافة فئات الطلاب و التي تستجلبها كلما دعت الحاجة...
(لا حبيبتي، جئت فقط كي أراك و اتعرف عليك، و قد عرفت ما أتيت لمعرفته بالفعل، سعدت بمقابلتك يا ريماس)
تحركت تيماء لتبتعد، الا أنها عادت و استدارت لتقول مبتسمة ابتسامة جليدية.

(معلومة صغيرة يبدو أنها قد تاهت عنك أو ربما فضل قاصي تأجيلها قليلا، إن كان قاصي يرفض ابتعاد الابن الذي رباه، فكيف يكون ارتباطه بأبنه، من صلبه، ابنه من تيماء، أرضه ووطنه كما يخبرني دائما)
تصلبت ملامح ريماس في لمحة لم تستطع مداراتها، لكن تيماء التقطتها بمهارة و تابعت قائلة برقة
(نعم أنا حامل، نحن على وشك تحقيق حلم كان يعد من المعجزات قديما، لكن القدر ربط بيننا في النهاية، لأننا مقدرين لبعضنا).

لوحت لها بأناقة ثم استدارت لتخرج قبل أن تغلق باب الشقة خلفها باحكام...
و ما أن أغلقته حتى استندت اليه للحظة و هي تلتقط أنفاسها شاعرة بأن قدرتها على التمثيل قد تلاشت تماما...
حالة من الإعياء قد انتابتها، اعياء نفسي مريع، اعياء قلبي...
أخذت تيماء نفسا عميقا و هي تهمس لنفسها بقوة
لا تنهاري، لا تنهاري، ليس الآن على الأقل،.

رفعت عينيها تطرف بهما كي لا تبكي، ثم شعرت أنها غير قادرة أبدا على معاودة السفر و هي في تلك الحالة، كانت في حاجة الى شخص ما، شخص يمنحها القوة
شخص لا يملك سوى القوة...

لم تكد تبدل ملابسها و ترتاح بعد العمل، حتى سمعت رنين جرس الباب،
رفعت مسك وجهها عاقدة حاجبيها لتقول بغيظ
(لا، لا، ليس الآن، تبا إنه لا ينسى مطلقا، اليوم الثالث على التوالي وهو يرسل وفاء لي بصينية الطعام و كأنني أحد أطفالها تطعمهم كالدجاجة)
أغمضت عينيها و هي تنوي اغماض عينيها مدعية النوم فربما رحلت، الا أن الرنين عاد من جديد.
فتحت مسك عينيها بعنف لتنهض قافزة و هي تهمس من بين أسنانها بشراسة.

(تبا، تبا، هو و عائلته فردا فردا، و ايصاله لي كل يوم، و مزاحه الثقيل و تدخله في حياتي بوقاحة، و تضحيته التي يظن بها أنه البطل الأول في حياة الجميع)
كانت تعرج و هي تستند الى عصاها الطبية التي اشتراها لها أمجد حتى وصلت الى الباب ففتحته بقوة و هي تقول بفظاظة
(حقا يا وفاء لم يكن هناك داع ل).

الا أنها صمتت فجأة و هي ترفع حاجبها ناظرة الى قامة تيماء القصيرة، منخفضة الرأس أمامها، تبدو و كأنها دائخة، فقالت مسك بدهشة
(تيماء! ماذا تفعلين هنا و متى وصلت؟)
رفعت تيماء وجهها الى مسك ثم قالت بصوت باهت كوجهها
(كنت أنتظرك منذ فترة في سيارتي، و منحتك الفرصة كي تبدلي ملابسك ثم صعدت، كنت على وشك المغادرة لكن)
عادت تيماء لتصمت و هي تلتقط نفسا متحشرجا، فقالت مسك بحزم
(لن نتكلم لدى الباب، تعالي و ادخلي).

بدت تيماء مترددة قليلا و هي تنظر عن عمد خلف كتف مسك ثم قالت بخفوت
(هل، والدك هنا، أو سيأتي قريبا؟)
ابتعدت مسك عن الباب و هي تجيبها بحسم
(والدك ليس هنا، لا يزال مسافرا، كان لديه عمل عقب سفرة البلد و التي كنت أنا سببها، على ما يبدو فهو لا يريد رؤية وجهي لفترة قبل أن يتغاضى عما فعلته)
تحركت تيماء لتدخل الشقة بحذر و هي تقول مترددة...
(كيف حاله، الآن، بعد الوعكة التي اصابته).

اغلقت مسك باب الشقة ثم قالت بهدوء
(أتريدين الإطمئنان عليه حقا؟)
قالت تيماء بصوت باهت
(لا أتمنى له السوء)
ردت مسك و هي تتحرك بعرج بسيط أمامها
(آه نعم، سبق و أخبرتني ذلك، تعالي و ارتاحي)
راقبتها تيماء عابسة و هي تعرج، ثم قالت بقلق
(ماذا حدث لساقك؟، رأيتك و أنت تخرجين من سيارة اممممم رجل، أعتقد زميلك فقد رأيته سابقا في المرة التي)
التفتت اليها مسك قائلة بغيظ.

(نعم أتذكر جيدا، في المرة التي اصابك فيها الجنون و جئت خلف خائب الرجاء قاصي كي تتقصي عن علاقتنا، و ضربت سيارته بكل عاطفية مسببة فضيحة أمام، أممممم نعم زميلي، ما الذي تريدين معرفته أكثر؟، الفضول يقفز من عينينك)
رفعت تيماء يديها و هي تقول بحدة
(لم أكن أريد استدراجك في الكلام، أنا كنت فقط أريد أن أطمئن منك على حالة قدمك، أنت من تطوعت بالكلام عنه)
قالت مسك من بين أسنانها.

(لو كنت مهتمة لكنت خرجت من مخبئك و قمت بمساعدتي في حمل الحاسوب و الحقيبة، لا الا نتظار الى أن أبدل ملابسي! حقا كلفت خاطرك)
ارتبكت تيماء و هي تقول
(اممممم حسنا، كنت على وشك مساعدتك، الا أن زميلك هذا خرج من سيارته و حمل لك أغراضك و دخل الى البناية معك، فخفت أن أكون قد أتيت في وقت غير مناسب)
استدارت اليها مسك و هي تهتف بحدة
(احترمي نفسك، ماذا تقصدين بوقت غير مناسب؟)
قالت تيماء بقوة.

(هدئي من أعصابك، لم أقصد شيئا مخلا، بالتأكيد لن يقوم بشيء مخل صاعدا معك بنايتك أمام الجميع بمنتهى الصفاقة، بالمناسبة، لماذا يدخل معك الى بنايتك؟ قد يسيء هذا الى سمعتك!)
أغمضت مسك عينيها و هي تلتقط نفسا حادا، غاضبا و هي تعد للعشرة كي تسيطر على نفسها قبل أن تقول من بين أسنانها.

(اسمعي أيتها القصيرة، العصبية تملأني دون الحاجة الى فضولك المتخلف، ان أردت الجلوس بأدبك فأهلا بك أما اذا نويت على مراقبة تصرفاتي فاستديري و عودي من حيث أتيت)
ارتفع حاجبي تيماء و هي تقول بذهول
(هل تطردينني لأجله؟، متى أنشئت تلك العلاقة بالله عليك، لقد خربت حفل زفافك منذ أيام قليلة! كم أنت متمكنة! و أنا التي كنت أشعر بالذنب لأنني)
قاطعتها مسك و هي تتجه الى باب الشقة قائلة بحدة.

(لقد اكتفيت، اخرجي بدون مطرود)
الا أنها تعثرت في طرف البساط فالتوى كاحلها المصاب مما جعلها تشهق ألما و تغمض عينيها متمسكة بالعصا بقوة...
مصمصت تيماء شفتيها و هي تتحرك اليها قائلة
(تعالي يا اختي تعالي و هدئي من أعصابك، قلبك أبيض)
ساعدتها تيماء و هي تسندها بينما مسك تتنفس بصعوبة من كاحلها المتورم بشدة، فقالت تيماء ببساطة
(كيف اصبت نفسك بهذا الشكل المريع؟)
قالت مسك من بين أنفاسها اللاهثة ألما.

(سقطت من فوق ظهر الفرس، خلال سبق فروسية في النادي)
أجلستها تيماء على الأريكة ثم قالت بذهول رافعة حاجبيها
(الا زلت تركبين الخيل يا مسك؟، لا حول و لا قوة الا بالله، )
رفعت مسك وجهها الغاضب و هي تقول بحدة
(و ما الذي يعيب ركوب الخيل؟)
قالت تيماء بتعجب
(لا عيب به، لكنك لم تعودي صغيرة لتتقافزي فوق ظهور الخيول، لكل نشاط سنه المناسب)
رمت مسك رأسها للخلف و هي تهمس من بين أسنانها.

(كم هذا رائع، الآن لدي اثنين منهما، يحملان نفس التخلف في التفكير)
قالت تيماء باتزان
(لن أرد على اهانتك، و لن أسألك من هو الثاني معي، ذو الفكر المتخلف، أعتقد أنني استنتجت هويته على أي حال)
قالت مسك بخفوت و هي تنظر الى السقف
(الصبر يا رب)
الا أن تيماء ردت عليها بحزم أستاذة
(لا مانع من أن تمارسي رياضة، الرياضة مفيدة، لكن اختاري رياضة أكثر أمانا و مناسبة لسنك).

صمت للحظة و هي تعدل من وضع ساق مسك المصابة لترفعها فوق الأريكة ثم قالت متابعة
(ارقصي زومبا مثلا)
أغمضت مسك عينيها و ارتاحت برأسها الى ذراع الأريكة قائلة ببرود
(لقد نمت)
جلست تيماء على الكرسي بجوار مسك و هي تراقبها بصمت قبل أن تخفض رأسها و تشرد بعينيها، و حين طال الصمت، فتحت مسك عينيها بحذر تنظر اليها...
زفرت مسك بعنف قبل أن ترفع نفسها لتستند بجذعها الى مرفقها ناظرة الى تيماء و هي تقول بحزم.

(حسنا، أبهريني، عن سبب سفرك من مدينتك الى هنا، بالتأكيد لست هنا في زيارة عائلية)
ظلت تيماء مطرقة الرأس، صامتة العينين...
فقالت مسك بتسليم للأمر الواقع
(لقد أتيت خلف قاصي، اليس كذلك؟)
رفعت تيماء وجهها تنظر الى مسك ثم قالت بخفوت
(أتيت كي أرى زوجته، تلك التي سرقت مكانتي قبل أن أحظى أنا بها، في الوقت الذي كنت أعاني أنا فيه جراء ما فعلوه بي).

كانت مسك تراقبها بصمت، زامة شفتيها و بعينين حادتين غاضبتين، الا أنها سيطرت على غضبها و قالت بهدوء
(كم أنت غبية، كم أنت غبية و مثيرة للشفقة)
رفعت تيماء وجهها الشاحب الى مسك و قالت بخفوت
(أنا لست عدوتك، فلا تؤلميني رجاءا، لم أعد أحتمل المزيد من الألم)
قالت مسك بحدة و غضب
(يا غبية، يا غبية، لأنك لست عدوتي اؤلمك، علك تستفيقين من غفلتك)
أغمضت تيماء عينيها و هي تهمس بألم
(ليس مجددا أرجوك).

الا أن مسك كانت قد وصلت الى أقصى قدرتها على تحمل هذا الخزي و امتهان الكرامة فهتفت بها
(ما هو الذي لا تريدين سماعه مجددا، افتحي عينيك يا جبانة وواجهيني، ماذا فعلت حين نظرت الى عينيها؟، بكيت كامرأة مثيرة للشفقة؟)
رفعت تيماء وجها صلبا فجأة و هتفت بقوة
(والله لن يحدث، هل أبكي و أنا صاحبة الحق؟ أنا هي من تملك قاصي، أنا هي روح قاصي و عائلته الوحيدة)
صمتت مسك و هي تراقبها بتفكير عميق، ثم قالت بهدوء.

(اذن ماذا فعلت؟)
هتفت تيماء بقوة و حدة أكبر
(أخبرتها تماما كل كلمة أردتها أن تسمعها، أخبرتها عن وضعها في حياته، و الفرق بينه و بين وضعي أنا)
ضربت تيماء على صدرها و هي تهتف بحدة
(أنا، أنا المرأة الوحيدة التي تملك قاصي و تملك قلبه، أخبرتها أن كل نفس يتنفسه كان عليه مشاركتي أنا به، و ليس هي)
صمتت و هي تتنفس بعنف، ثم صرخت فجأة.

(كنت سأموت يا مسك لو لم يحدث ذلك، كنت سأموت ببطىء لو لم آتي اليوم و أبين لها حقيقة وضعها كي تتوقف عن محاولة اجتذاب قاصي، خمس سنوات و لم تيأس منه بعد، لا تريد تركه و لا تقبل برفضه، لذا كان على أن أتدخل)
ساد صمت مشحون بينهما و مسك تراقبها بحذر، ثم قالت أخيرا بهدوء
(هل أخبرتها كل هذا؟، وفي أول لقاء لكما؟).

أومأت تيماء بصمت و هي تنظر الى مسك بعينيها الفيروزيتين الحزينتين، فبادلتها مسك النظر قبل أن تبتسم ابتسامة صغيرة لتقول
(حسنا، على الرغم من أنه ليس الموقف الذي أتمناه منك تماما، الا أنه أفضل من البكاء أمامها على الأقل)
صمتت للحظة، و هي تنظر الى نظرة تيماء المنكسرة، فقالت بصلابة
(لماذا اذن تلك النظرة؟، ألم يكن هذا هو ما أردت فعله؟ لما لست مرتاحة؟)
رفعت تيماء وجهها قليلا و ارتجفت شفتيها لتقول بخفوت.

(إنه يقتلني يا مسك، يقتلني حية و بدم بارد، لديه عمل و بيت آخر و امرأة يعود اليها، تخيلي أنه يحكي لها عني، أخبرها بكل أسراري)
صمتت لتبتلع غصة مؤلمة شطرت حلقها، قبل أن تتابع بصوت مختنق
(تخيلي هذا، هي أخبرتني بذلك و عيناها تلمعان بالتشفي، تمنحني الرسائل المبطنة بأنها تعلم أدق أسراري، و كل هذا لأن سيادته موجوع و يحتاج الى امرأة يحكي لها، بينما أنا كنت أموت وحيدة كل ليلة).

عقدت مسك حاجبيها بشدة، لكنها فضلت الا تتكلم، فلو تكلمت فستزيد من ألم تيماء و تصب لعناتها على قاصي، الذي على ما يبدو قد جن على كبر...
أطرقت تيماء بوجهها الشاحب لتتابع بصوت اكثر همسا و اختناقا
(كان مقيما معها لمدة ثلاث أيام كاملة، و أنا في شقتي وحيدة، يترك لها ملابسه كي تغسلها و تعد له طعامه، ثم يعود مهموما آخر النهار ليحكي لها عني).

رفعت وجها مغرقا بالدموع و التي لم تستطع السيطرة عليها الآن، أمام عيني مسك النافذتين الغاضبتين...
ثم همست بعذاب
(ماذا تبقى كي تصبح زوجته فعلا يا مسك؟، أخبريني ماذا تبقى؟، العلاقة الزوجية؟، كم هي كلمة بخسة أمام كل ما يقدمه لها و يحرمني منه)
أخفضت وجهها و هي تلامس جبهتها بأصابعها المرتعشة، فقالت مسك بصوت قاتم،
(أكره أن أقولها و أزيد من ألمك، لكن أنت من فعلت هذا بنفسك)
رفعت وجهها الى مسك و هتفت بألم.

(لم أكن أعرف، أقسم بالله، لم أكن أعرف أنه متزوج)
هتقت بها مسك بصرامة
(و حين عرفت، ماذا كان رد فعلك؟ للمرة الألف بعت الجميع و ركضت خلفه كمعدومي ال)
صمتت مسك و هي تزفر بغضب، الا أن تيماء قالت بخفوت ساخر
(تابعي يا مسك، لا تتوقفي، كمعدومي الكرامة، لقد سمعتها من والدك و سمعتها من قاصي)
تنهدت مسك و هي تقول باستياء، محاولة أن تحد من عنفها.

(فقط أخبريني، هل يستحق الحب منك كل هذه التضحية؟، هل هناك مشاعر في هذا الكون من القوة بحيث يضحي المرء أمامها و يسلم كل حصونه كما تفعلين؟)
ارتجفت شفتي تيماء و هي تقول بخفوت
(ربما يوما ما ستجدين أن هناك حبا يستحق التضحية)
فغرت مسك شفتيها تنوي ان تصب جام غضبها على رأس تلك القصيرة المعتوهة، الا أنها عادت و ابتلعت لعناتها بقوة و صبر و هي تزفر بعصبية، ثم رفعت وجهها و قالت اخيرا بهدوء.

(اختبرت الحب ذات يوم يا تيماء، كان أحبا أقوى من حبك، و عرفته طوال عمري، أي أكثر مما عرفت أنت قاصي، كانت الحياة تلمع ببريق مضوي أمام عيوني حين يقول الكلمة السحرية أحبك، لن أحب غيرك، ظننت يوما أنني أسعد امرأة في الوجود، الى أن استيقظت في اليوم التالي على ضياع كل شيء من بين يدي، و من ضمنها حبي، و قلبي. و ثقتي. و الخاتم في اصبعي)
صمتت و هي تطرق بوجهها، تلامس المكان الخالي في اصبعها، لتقول بجمود.

(أتظنين أنني لم أتألم؟، هل تظنين أنني خلقت هكذا دون مشاعر؟، أم ربما لم أحبه بما يكفي؟)
رفعت وجهها لتواجه عيني تيماء، ثم تابعت قائلة ببرود.

(تألمت بما يفوق قدرتك على التخيل حتى، و أحببته يوما ما أكثر مما أحببت نفسي أو أي مخلوق على سطح هذا الكوكب، تظنين أن قاصي هو ابنك؟ أنا أيضا شعرت أن أشرف هو طفلي الأول، بعبثه و شقاوته و العفرتة التي تطل من عينيه الكحيلتين، كنت أنا الأقوى في هذه العلاقة و كان هذا يغضبه و يثير حنقه، حيحاول السيطرة على بأوامر ذكورية متسلطة، و على الرغم من صغر سني، الا أنني كنت أحاول أن أجعله يعتاد طبعي، و بأنني لا أخضع لسلطان أحد بالقوة، الى أن أتى اليوم الذي تخلى عني فيه بكل بساطة، لكن البساطة التي تركته أنا يخرج من قلبي بها كانت أسرع و في لمح البصر، كلصق طبي نزعته بسرعة عن جرح متجلط، تركته بعدها للزمن فهو كفيل بمداواته).

كانت تيماء تستمع اليها بصمت و تراقب الحزن الذي أطل من عينيها رغم هدوء صوتها...
نعم، من الواضح أنها أحبت و بقوة ذات يوم...
لا تزال بقايا الألم ظاهرة في عينيها، و الخيانة، جرحها لم يندمل بعد...
نظرت مسك الى تيماء و قالت بلهجة شديدة، قوية.

(لا يمكنك البقاء بمثل هذا التخاذل يا تيماء، أنت امرأة متعلمة و مثقفة و ابنة عائلة عريقة، حتى لو كان كل ما أخذته من هذه العائلة هو الاسم فقط، الا أنه نقطة، نقطة تحسب في سيرتك الذاتية، و التي كل سطر بها يعلي من قدرك و يرفعك، يخبرك أنك تستحقين الأفضل، و ليست معاملة من الدرجة الثانية، اهتمي بدراستك و تابعي التقدم في رسالة الدكتوراة خاصتك، سافري و حققي لنفسك ما هو افضل و أفضل، و ضعي قلبك في ثلاجة، لا تسمحي للدجاجة المجمدة فيها أن تكون أفضل حظا من قلبك أبدا).

كانت تيماء تستمع الى مسك، و كل كلمة منها تضربها كصفعة على وجهها...
و كأنما تريد من مسك أن تصفعها الصفعة الأخيرة كي تستفيق تماما، همست بملىء ارادتها بصوت معذب
(أخبرتني أنه مكث معها ثلاثة أيام لأنها تشعر بالدوار يا مسك، بينما أنا من هي تحمل طفله، تركني وحيدة و سافر، )
و قبل أن تستطع المتابعة افلتت شهقة بكاء من بين شفتيها و هي تطرق برأسها لتترك لدموعها العنان و هي تنتحب بخفوت...

أما مسك فقد تصلبت تماما، و ارتجفت شفتيها للحظة ققبل أن تقول بصوت شارد خفيض
(أنت حامل؟، بهذه السرعة؟)
أومأت تيماء برأسها و هي تبكي بقوة، غير قادرة على النطق، بينما تاهت عينا مسك و هي تنظر الى بطن تيماء بشرود، شرود حزين قبل أن تتنهد قائلة باستسلام.

(ألم أخبرك أنك قصيرة الطول، طويلة اللسان، صغيرة العقل، لماذا لم تتمهلي قليلا، بعد أن عرفت بأمر زواجه؟، لما العجلة، هل سيغلق باب الإنجاب لو تمهلت قليلا يا غبية؟)
رفعت تيماء وجهها الأحمر و هتفت باختناق
(لا أعلم، كل شيء حدث بسرعة، لم أخطط، فقط حدث منذ الأسبوع الأول لزواجنا)
أغمضت مسك عينيها و هي تقول ببرود.

(أنت مبهرة يا تيماء، حقا، لا أعلم إن كان هذا الغباء صفة متأصلة فيك أم مكتسبة، لكن ما أنا متأكدة منه أنك فعلا تبهريني كل مرة أقابلك فيها بمدى تطويرك لصفة الغباء و صقلها)
هتفت تيماء باختناق من بين دموعها
(هل هذه هي كلمة مبارك التي أنتظرها منك؟، ألف تهنئة!)
هتفت مسك و هي تستقيم لتسحب وسادة من تحتها لتضرب بها وجه تيماء بكل قوتها
(ألف عفريت و عفريت يزيدونك غباءا).

ألقت مسك رأسها للخلف و هي تضغط أعلى انفها بين عينيها قائلة بغضب
(منك لله يا ابنة سالم، ضغطي ارتفع بسببك)
أخذ نحيب تيماء يتعالى بقوة، بينما هتفت مسك فيها بقوة دون أن تفتح عينيها أو ترفع رأسها عن ذراع الأريكة
(كفى صداعا)
صمتت تيماء و هي تبتلع عبراتها حتى غصت بها و سعلت و اختنقت و تحشرج صوتها...
فزفرت مسك بضيق، قبل أن تلقي بساقيها كي تستقيم جالسة على الأريكة لتقول بتذمر و عصبية.

(كفى، كفي عن البكاء، كم تظنين عمرك بالله عليك؟)
شهقت تيماء و هي تلملم دموعها و تمسح وجهها بظاهر يدها، محاولة التقاط أنفاسها قبل أن تقول بهدوء متجنبة النظر الى عيني مسك...
(أنا آسفة، لقد خانتني مشاعري، يبدو أنها هرمونات الحمل قد بدأت تتلاعب بأعصابي)
ساد الصمت بينهما طويلا و مسك تراقبها، كانت كطفلة، تتلاعب باصابعها ببطىء و هي شاردة تماما، كأنها تحاول ايجاد حلا لمعضلة حياتها...

للحظة شعرت مسك بالإشفاق عليها من هذا العشق الملعون...
شعرت بالعطف عليها لأنها لا تملك الا أن تكون غبية في حبه...
قالت مسك بهدوء أخيرا
(مبارك يا تيماء)
رفعت تيماء وجهها الشاحب تنظر الى مسك متفاجئة من تهنئتها الهادئة، و حين رأت النظرة الصافية في عينيها، ارتجفت شفتيها بابتسامة خجولة و مشاعر دافئة لم تحس بها من قبل، ثم قالت بخفوت
(بارك الله فيك يا مسك، عقبالك).

و قبل أن تتم الكلمة رفعت كفها لتضرب بها فمها بكل قوة و عيناها تتسعان بذعر...
بينما هزت مسك رأسها و هي تقول بيأس...
(ألم أخبرك، مهمة ابهاري لا تتوقف على يديك)
ابعدت تيماء يدها عن فمها و هي تنهض بسرعة لتجلس بجوار مسك على حافة الأريكة ممسكة بكفها، هاتفة بقلق
(مسك أنا آسفة جدا جدا، أرجوك سامحيني، لم أقصد)
أبعدت مسك كفها من بين يدي تيماء لتقول بنفاذ صبر.

(كفى، كفى، لقد أصبحت مملة جدا، هل تظنين أن كلمة تافهة كتلك قادرة على ايلامي!)
التزمت تيماء الصمت و هي تنظر الى مسك بطرف عينيها، تتمنى لو كانت قد ابتلعت لسانها قبل أن تنطق ما نطقت...
نظرت اليها مسك قليلا بحاجبين منعقدين، قبل ان تتنهد قائلة بهدوء و لطف
(كيف كان رد فعل قاصي حين علم بحملك؟)
ارتفع حاجبي تيماء و بدت مترددة قبل ان تقول بحذر
(هل أنت متأكدة من السؤال؟)
هزت مسك كتفيها بلامبالاة و قالت بهدوء.

(طبعا، أخبريني)...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة