قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية طائف في رحلة أبدية ج2 للكاتبة تميمة نبيل الفصل الثاني والخمسون

رواية طائف في رحلة أبدية ج2 للكاتبة تميمة نبيل الفصل الثاني والخمسون

رواية طائف في رحلة أبدية ج2 للكاتبة تميمة نبيل الفصل الثاني والخمسون

(لا، لا، لم أقصد هذا، لا تستغل الكلمة كي تمثل دور المجروح)
ضحك ليث بسخرية، ثم صمت، و كذلك هي، فلم يعد لديهما المزيد كي يقولاه...

قالت سوار بعد فترة بخفوت كي تبدد هذا الجو العدائي
(هلا أنزلتني عند المجمع التجاري، و يمكنك العودة بعدها لعملك و أنا سأستقل سيارة أجرة)
حاولت الإبتسام عبثا، و هي تتابع همسا
(سأغير طريقة ملابسي، لن أرتدي العباءة السوداء، فما رأيك؟)
نظر اليها ليث نظرة طويلة، ثم قال ببرود
(كنت على وشك طلب تغطية وجهك، و ها أنت تبادرين بخلع العباءة، فماذا بعد؟)
ارتفع حاجبيها قليلا، ثم قالت بخفوت.

(أحاول التأقلم مع التربة التي تريد زراعتي بها بالقوة)
قال ليث بقسوة
(التربة الجديدة تحتوي الكثيرات ممن يرتدين العبائات، إن كنت قد لاحظت)
قالت سوار بحدة
(لكن لا توجد واحدة منهن في عملك إن كنت قد لاحظت)
نظر اليها بسرعة، و فتح فمه ليتكلم، الا أنه رمقها بنظرة غامضة، ثم صمت تماما و تابع طريقه فظنت أنه أذعن و سيذهب بها الى المجمع...

في الحقيقة، لم تفكر للحظة في خلع عبائتها، لقد هتفت بالفكرة في موجة عناد مفاجئة و هي تتظاهر بتلطيف الجو، كيف ستفعل الآن اذن؟
كتفت ذراعيها بقنوط شاردة، الى أن لمحت بنايتهما فجأة، اتسعت عيناها بدهشة قبل أن تلتفت اليه هاتفة
(أظنني طلبت منك أن)
الا أن ليث لم يستمع اليها وهو يوقف السيارة قائلا يقاطعها بصوت صلب.

(لا تغيير للعبائات، أعتقد أنه يحق لي ابداء رأيي في الأمر، لقد تزوجتك و أنت ترتدينها و ستبقين كذلك، و لأنني لم أتزوجك و أنت تغطين وجهك فهذا هو السبب الوحيد الذي يمنعني من فرضه عليك، انتهت المناقشة في هذا الأمر)
فتحت سوار فمها تنوي شن الحرب عليه، الا أنه قال مجددا دون أن يمنحها الفرصة
(سنسافر سويا خلال الاسبوع المقبل)
فغرت فمها و هتفت بحدة و غضب.

(أنا أرفض أن تلحقني في كل مرة أذهب فيها لزيارة جدي هذا الأمر يجعل مني)
قاطعها ليث بصوت أكثر تسلطا...
(لست ألحق بك، سأرافقك، ثم أذهب الى ميسرة)
تسمرت سوار مكانها تماما و هي تنظر اليه نظرة غير مفهومة، نظرة أقرب الى الضياع...
خلال السبعة أشهر الماضية لم يهجر ميسرة بالكامل، بل زارها عدة مرات كي لا يتحمل وزر هجرها...

في المرة الأولى حين أخبرها الأمر بلطف فغرت فمها ذاهلة، فحاول أن يفهمها أنها و على الرغم من تصرفها عديم الأصل معه في عدم مرافقتهما، الا أنها ليست مجبرة تماما على تحمل ما مرت به سوار، فتترك حياتها و بيتها و عائلتها، كي ترافقهما...
فكانت النتيجة أن تركها و سافر، لكن ليس الى درجة أن يهجرها بالكامل فهو كرجل لا يرتضي هذا على نفسه أو على أهل بيته...

كانت سوار تستمع اليه دون نطق، و لم تتنازل حتى بمحاولة منعه، بل صمتت و تركته يوصلها الى بيت عمها سالم، فمكثت معهما الى أن عاد...
و لم يتناقشا في الأمر أبدا، و تكرر الأمر مرات قليلة جدا خلال السبعة أشهر...
في كل مرة يذهب صامتا و يعود في نفس الصمت، و هي كذلك، و تبقى الحياة بينها جافة صامتة الى أن يجذبها الى أحضانه بقوة و كأنه يتعافى بها و يراضيها...
فتحت سوار فمها لتقول بصوت ميت باهت.

(ماذا تفعل معها حين تذهب اليها؟)
التفت ينظر اليها بحدة، وهو يعقد حاجبيه بشدة، ثم قال بسرعة قاطعة
(ما الذي تتوقعين سماعه؟)
احتدت نبرة سوار و هي ترد عليه بقوة
(سؤالي واضح، هل تقربها؟)
ازداد انعقاد حاجبيه وهو يقول بتعجب مستاء
(كيف لك أن تسألي سؤال كهذا؟، و تتوقعين مني الإجابة!).

صمتت سوار و هي تنظر اليه نظرة مظلمة، تحمل قهرا محتجزا في عمق عينيها لم يستطع تفسيره، الا أنها قالت في النهاية بصوت قاسي خالي من الروح
(لقد حصلت على الإجابة التي أريد، سافر وحدك، فأنا لن أرافقك و أنتظرك بينما أنت ت)
صرخ ليث بقوة يوقفها عند حدها قبل أن تتجاوزه أكثر
(اصمتي حالا يا سوار، لقد تجاوزت كل الخطوط الحمراء).

لم ترد عليه بل رمقته بنظرة أخيرة، شك معها أنها على وشك البكاء، لكن و قبل أن يتحقق من الأمر كانت قد فتحت الباب و هي تقول ببرود جليدي
(أخبرني بموعد سفرك كي أخير مسك و عمي سالم لأبقى عندهما ريثما تنتهي من، مهمتك)
ألقت بكلمتها الأخيرة و كأنها ترمي بقذارة من فمها تجاهه، فاشتدت أصابعه بقوة و كاد أن يفقد أعصابه، الا أنها كانت قد خرجت بسرعة و صفقت الباب خلفها بكل قوة...

أوشك على الخروج مندفعا خلفها، الا أنه استجمع كل طاقاته سيطرته المتبقية، و مكث مكانه، مستندا الى ظهر مقعده، مرجعا رأسه للخلف وهو يحاول التنفس بإتزان...
لقد أثارت غضبه اليوم بدرجة فاقت كل الأيام الماضية، و أكثر من مرة يوشك على فقدان سيطرته على أعصابه معها كمان كان يفعل مع ميسرة...
لكن الوضع مع ميسرة كان مختلفا، كانت تخطىء و تمعن في الخطأ و لا تسكت الا بعد أن يوقفها برد رادع...

لكن مع سوار الأمر مختلف، إنها امرأة مختلفة، قوية و لديها عنفوان و جموع غير قابلان للتحكم بهما...
صحيح أنها قادرة على إفقاده أعصابه في لحظة، لكنها سرعان ما تستردها في لمح البصر...
يعلم أنها متألمة من زيارته لميسرة، و كان يفترض به أن يكون راضيا عن هذا الألم، علها تكون غيرة أو اشتياق، لكنه لم يكن يتحمل عليها ذرة ألم واحدة...

إنها لا تعلم كيف يكون الحال هناك، لا يعلم أنه في كل مرة كان يخير ميسرة بين الطلاق أو القدوم معه...
الا أنها كانت تصرخ في وجهه بهياج مجنون.

أنها أفهم ما تريده جيدا، تريد أن يكون طلب الطلاق مني أنا، كي تلبيه متلهفا و تسعد بحياتك مع الساحرة، لكنني لن أسمح لك أن تنال مرادك، أنا أرفض الطلاق، ليس من حقك أن تطلقني لمجرد أنك تزوجت من سيدة الحسن و الجمال التي كنت تحلم بها كل ليلة، ليس من حقك أن تعاقبني أنا بسبب أفعالها الفاجرة، اتقي الله، أنا لم أفعل لك شيئا كي تطلقني، لقد رفضت كل مساعيه كي يأخذها معه أو أن يسرحها بإحسان، إنها تشكل عقبة و هي تخبره بذلك بكل وضوح...

قديما كان انفصالهما أسهل، لأن سوار لم تكن في الصورة، لكن الآن كلما ذكرت أن لا ذنب لها فيما حدث لسوار كي يطلقها و يسافر، يعجز عن الرد، على الرغم من أن تلك لم تكن الحقيقة كاملة...

الحقيقة ان الحياة بينهما انتهت منذ فترة طويلة جدا و هي ترفض الإعتراف بذلك، وهو لا يريد طلاقها الا أن يكون قرارا مشتركا، كي لا يشعر أنه قد ظلمها يوما خاصة و انها ابنة عمه في الأساس قبل ان تكون زوجته، وهو سيتركها مطلقة و غير قادرة على الإنجاب أي أن فرصها المتبقية معدومة تقريبا...
الأمر صعب جدا كلما حاول اتخاذ القرار بشجاعة...
في الزيارة الأخيرة لها، حدث ما كانت ترفضه سوار، و الذي لم يعترف به...

لقد قارب ميسرة بناءا على تشجيع منها، فلم يكن قادرا على تجاهل حقوقها الشرعية أكثر...
لكنه كان كارها لكل لحظة بينهما، لقد انعدمت المودة و الرحمة و أي مشاعر ايجابية تجعله ينظر اليها كحلاله...
و حين عاد الى سوار، ابتعد عنها لفترة، شعورا منه بالتقصير و الذنب...
و هي كانت صامتة تماما، فدخلت غرفتهما و أغلقت بابها دون كلمة اضافية...
وها هو على وشك تكرار تلك المأساة مجددا...

زفر ليث بقوة وهو يغمض عينيه، لقد ظن أن زواجه بسوار هو الحلم الذي عاش يحرمه على نفسه لسنوات طويلة، لكن اتضح له أن الواقع أصعب و أكثر مرارة، لكن جماله يجعله يتحمل المرار بكل إرادة...
دخلت مسك الى غرفتها بهدوء و هي تفتح الباب بحرص...
كانت قد ارتدت ملابسها كاملة في الحمام، و لم يتبقى لها سوى تمشيط شعرها و تزيين وجهها، لذا دخلت برفق دون أن تحدث صوتا كي لا تيقظ تيماء...

نادرا ما تنام منذ عودتها و خاصة بعد دفن طفلها، و اليوم حمدت الله أن وجدتها و قد خفت قليلا فوق الوسادة، فخرجت مغلقة الباب خلفها دون ان تصدر صوتا...
لكن الآن و ما أن فتحت الباب بحرص، حتى وقفت مكانها متنهدة و هي ترى تيماء جالسة في السرير، ممسكة بالمصحف تقرأ فيه بصوت هامس...
قالت مسك بيأس
(الم تنامي يا تيماء؟)
أنهت تيماء ما تقرأه ثم رفعت وجهها تنظر الى مسك ثم ابتسمت بارهاق و هي تقول.

(لا لم أنام، أغمضت عيني لأرتاح فحسب)
اقتربت منها مسك حتى جلست بجوارها على حافة السرير، ثم قالت بجدية
(أنت لا تنامين مطلقا يا تيماء، مطلقا، لم أراك نائمة منذ أيام، كما أنك لا تأكلين أيضا، لقد خسرت الكثير من وزنك، و الظلال الزرقاء تحت عينيك تزداد قتامة كل يوم)
قالت تيماء ببساطة، و بإبتسامة باهتة.

(لا تبالغي في الأمر يا مسك، كيف كنت لأحيا إن لم آكل و أنام، أنت فقط لا تراقبيني كل الوقت، أنا آكل ما أحتاج و أنام حين يسقط رأسي)
لم ترد مسك، و قد ظهر عدم الإقتناع في عينيها واضحا وضوح الشمس، لكنها قالت بهدوء و هي تضع يدها على ساق تيماء المثنية تحتها
(كيف تشعرين الآن؟، أنت أيضا لا تتكلمين مطلقا، و قد انتظرت منك أن تفيضي بما يملأ قلبك، الا أن هذا لم يحدث حتى الآن).

قالت تيماء و هي لا تزال مبتسمة، (أنا بخير يا مسك صدقيني، ألست أنت من أخبرتني ذات مرة أن الحياة تحمل اختبارات أكثر وجعا؟)
لم تبتسم مسك، بل ظلت ترمقها بقوة الى أن قالت بهدوء
(الصبر و التماسك لا يعني عدم التصريح بما تشعرين به، تكلمي كي تزيحي الألم عن كاهلك)
اتسعت ابتسامة تيماء و بدت أكثر عاطفية و هي تقول برقة.

(أشكرك يا مسك، لقد حصلت منك بالفعل على كل الدعم الذي أحتاج، حتى إن لم أتكلم، يكفيني وجودي هنا، لم اكن لأحظى بالراحة و السكون الذي أحتاج في أي مكان آخر، كما وفرتهما لي)
زمت مسك شفتيها بإشفاق، لم تظن أن تكون تيماء بمثل هذه القشرة الصلبة أبدا...
هي كمسك الرافعي، تستطيع ذلك و بكل جدارة، تستطيع أغلاق ألف باب على آلامها و أوجعاها، لتخرج في اليوم التالي مبتسمة بأناقة دون أن يظهر عليها شيء...

لكن تيماء مختلفة، تيماء شديدة العاطفية و مشاعرها عنيفة و هذا النوع من البشر، يصبح خطرا على نفسه إن صمت و تماسك كما تفعل تيماء الآن...
لذا حاولت مجددا و بطريقة مختلفة، فقالت بتلقائية و هي تضع ساقا فوق أخرى
(اذن اخبريني، ما هي خططك بالنسبة لعملك؟)
بدت تيماء غير مهتمة و هي تهز رأسها قليلا، ثم قالت بخفوت.

(الحقيقة لم يتسنى لي التفكير في الأمر مليا، سأحاول مراسلة الجامعة في الخارج مجددا لأرى أقصى فترة مسموح بها للتغيب، ثم، أحاول السفر إن كانت هناك فرصة، أما إن ضاعت تلك الفرصة فسأعود لألغي أجازتي من جامعتي هنا و أعود لعملي)
ضيقت مسك عينيها و هي تقول بتقييم
(تبدو الحلول كلها متساوية في نظرك، الا تشعرين باللهفة لشيء؟)
هزت تيماء كتفها و هي تقول ببساطة مبتسمة كدمية طفولية، ابتسامتها محفورة على وجهها الداري.

(بالفعل كل الحلول متساوية، لن أخسر أكثر)
أظلمت عينا مسك بشدة و هي تعرف هذه الجملة و تحفظها عن ظهر قلب
لن أخسر اكثر، لم تعد خسارة أي مخلوق أو وظيفة بالنسبة لها تعد أمر جلل، فبعد المرض و الخيانة، تبلدت تماما و تحولت الى أسطورة في القوة و عدم اللامبالاة، من يغادر ليغادر، و لتكن الخسارة خسارة...
لا شيء مؤلم أكثر...
قالت مسك بخفوت
(تيماء، ابكي، اصرخي، لن يلومك أحد)
ارتفع حاجبي تيماء و هي تقول مبتسمة بدهشة.

(أصرخ؟، ليس الى هذه الدرجة، من تلك التي تتكلم؟، هل هي مسك الرافعي فعلا؟)
انعقد حاجبي مسك و هي تستوعب ما نطقت به للتو...
ما الذي أقوله بالفعل؟، ما هذا الغباء؟، لقد أثر عليها الفظ زوجها أفظع تأثير، أغمضت مسك و هي تلوح بكفها ملوحة، مفكرة
و ها أنا ألقبه بزوجي أيضا! بالفعل تأثيره فظيع، ارتفع حاجبي تيماء و هي ترى مسك تغمض عينيها و تلوح بكفها و كأنها تشتم شخصية خيالية، فقالت بحذر
(مسك، ماذا تفعلين؟).

فتحت مسك عينيها مجفلة على صوت تيماء المتسائل، فقالت بنفاذ صبر
(لا شيء، تذكرت شخصا مزعجا ليس أكثر، المهم أنا سأجهز نفسي للخروج الآن و لدى عودتي سنراسل الجامعة كي لا أسمح لك بالتهرب)
أومات تيماء مبتسمة دون أن ترد، الا أن مسك عادت و استدارت اليها لتقول بحماس.

(ما رأيك في الخروج معنا أنا و أمجد الليلة؟، ستجددين حالتك النفسية جدا و صدقيني الجلوس مع الحسيني ساعة واحدة من الزمن كفيلا بأن يجعلك تفقدين البقية الباقية من تهذيبك، ربما كنت تحتاجين لبعض سلاطة اللسان كي تخرجي مما أنت فيه)
ضحكت تيماء برقة و هي تستمع الى مسك، ثم قالت بشقاوة
(و ما دخلي أنا كي أكون عزولا بينكما؟، اذهبا انتما و استمتعا، فلا رغبة لي في الخروج أو الكلام).

زمت مسك شفتيها متنهدة بصمت، ثم قالت باستسلام
(لا بأس، ربما غدا أو بعد غد، فالفرص مع الحسيني لا تنتهي، لدرجة تكاد أن تكون خانقة)
ابتسمت تيماء أكثر دون أن ترد، لكن و قبل أن تنهض مسك من مكانها، عقدت حاجبيها قليلا و هي تنظر الى صدر تيماء، فقالت بدهشة
(تيماء، ملابسك مبتلة!).

أخفضت تيماء عينيها الى صدر قميصها البيتي، فوجدته مبللا تماما، مما جعلها ترفع يدها لتتحسس صدرها و تجسه ببطىء بينما بدت شاردة تماما، ثم قالت بخفوت
(آه نعم، هذا أغرب شيء، الحليب لم يجف من صدري رغم مرور شهر على الولادة، و الأغرب أن سليم لم يرضع من صدري قبلا كي يحفز نزوله أصلا)
عقدت مسك حاجبيها و هي تقول.

(هذا شيء غريب بالفعل، ما رأيك أن نذهب غدا للطبيبة، فهذا الأمر قد يتسبب في احتقان لك و ارتفاع درجة حرارتك، ستجد حلا لإيقاف ادرار اللبن)
هتفت تيماء بقوة
(لا)
ارتفع حاجبي مسك متسائلة، فتراجعت تيماء قليلا و هي تقول
(الأمر ليس مهما، لا يحتاج للذهاب الى طبيبة، سيتوقف يوما ما، لما العجلة)
فتحت مسك شفتيها لترد، الا أن جرس الباب قاطعها، فنظرت بعيدا و هي تقول متنهدة.

(كعادته أتى مبكرا و كأنه نائم على باب البيت، لم أجد الوقت لأزين وجهي حتى، عامة هذا أفضل، ليس له نصيب في الزينة)
نظرت الى تيماء و ربتت على كفها قائلة
(سنكمل كلامنا لدى عودتي، اذهبي لتغتسلي و تبدلي ملابسك)
أومأت تيماء برأسها هامسة بخفوت
(وقتا سعيدا يا مسك، استمتعي قدر استطاعتك)
ابتسمت لها مسك ثم نهضت برشاقة متجهة الى الباب...

أما تيماء فظلت جالسة مكانها شاردة العينين، و قد احتلتا وجهها الصغير كله، بدت كشخصية كارتونية كبيرة العينين، شاحبة الوجه و شديدة النحول...
نهضت من مكانها و هي تتجه الى الدولاب كي تأخذ شيئا من ملابس مسك البيتية، بدت محتارة ماذا تختار، ثم قالت فجأة بصوت ممازح
(أنت تليق في اللون الأزرق الفاتح يا سليم، لطالما لائم الأزرق امتلاءك في بطني و جعلني أبدو منتفخة و لطيفة).

صمتت و هي تلتقط قميصا قطنيا واسعا، رفعته لتنظر اليه مقيمة، ثم قالت بسعادة
(الا يكفيك كل الملابس الزرقاء الفاتحة التي اشتريتها لك؟)
عادت لتصمت فجأة و هي ترفع وجهها بصدمة، فعقدت حاجبيها و هي تمد يدها لتمسك ببطنها المسطحة الخالية...
نظرت الى الباب الذي خرجت منه مسك للتو، ثم أعادت النظر الى بطنها الخالية و هي تقول بخفوت
(لم تمر سوى لحظتين فقط، ثم عادوني النسيان!)
أغمضت عينيها و هي تهمس.

(أشعر بك لا تزال موجودا داخلي، فثمانية أشهر ليست فترة قصيرة)
أخذت نفسا عميقا ثم نظرت حولها بعدم تركيز و قالت
(على عيني رؤيتك و أنت تدفن يا حبيبي، على عيني والله، يوما ما سآخذك في حضني بقوة و لن يفرقنا شيء مطلقا، و سأمنحك كل الحب الذي كنت تحتاجه)
أخفضت عينيها الى صدرها الذي فاض من جديد، فعادت تجسه بكفها و هي تغمض عينيها مستسلمة لهذا الألم الحارق، لم يكن غير طفلها ليريحها من هذا الألم...

لكنها لا تريده أن يزول، فاحساس وجود اللبن بصدرها يشعرها بأن طفلها لا يزال حيا...
علي أن استمرار نزول اللبن كل هذه الفترة يعد معجزة صغيرة، و كأن طلفها رفض أن يغادرها قبل أن يترك لها هدية صغيرة منه...
أغمضت تيماء عينيها مبتسمة و هي تقول بخفوت
(لا بأس، أؤمن أنني سأحملك بين ذراعي يوما ما، في أمان الله يا حبيبي).

تعالى رنين الباب مجددا، فزفرت مسك و هي تهز رأسها يأسا...
الى أن وصلت اليه و فتحته قائلة بنفاذ صبر
(من يسمع الرنين المتواصل يظن أنني قد)
توقف كلامها فجأة، و هي تنظر الى الرجل الواقف أمامها مطرق الرأس، فقالت بجمود
(زاهر!)
رفع زاهر وجهه ينظر اليها متأملا، بنظرة طويلة جدا، بدت أكثر جرأة قليلا من احترامه السابق...
فزمت مسك شفتيها بعدم راحة الى أن قال أخيرا مبتسما بصوت خافت
(كيف حالك يا بهية؟).

رفعت مسك وجهها و هي تقول ببرود
(بخير، كيف حالك انت يا ابن عمي؟، سمعت أنك قد تزوجت، مبارك)
نظر زاهر الى عينيها ثم عقد حاجبيه وهو يخفضهما قائلا بإيجاز
(آه نعم، شكرا لك)
ساد صمت غريب بينهما، كان هو يتجنب النظر الى عينيها، بينما هي تراقبه بكل أريحية، مثلما كان الحال تماما في مقابلتها الأخيرة مع أشرف...
كتب عليها أن يتجنب الرجال النظر الى عينيها بعد كل فعلة من أفاعيلهم...

راودها سؤال فضولي وقح، لم تستطع كتمانه أبدا، فرفعت وجهها و هي تسأله ببساطة ساذجة و كأنها مجرد امرأة تافهة فضولية
(هل هناك حدث سعيد في الطريق؟)
ازداد انعقاد حاجبيه و بدا أكثر حرجا لدرجة جعلتها تشفق عليه ساخرة، الى أن قال أخيرا بصوت غير مسموع متجهم
(آه، نعم، في البداية)
تظاهرت بالسعادة و هي ترفع حاجبيها قائلة بحماس
(كم هذا رائع! مبارك لك يا ابن عمي).

لم يرد عليها زاهر، بل بدا اكثر حرجا و أشد تجهما، فانتظرت و قد طار حماسها الزائف ووقفت مكانها ترمقه بنظرة باردة، لا تحمل أي قدر من الإعجاب أو الإمتنان...
حين طال الصمت أكثر من اللازم، تململت بملل و هي تقول بترفع
(عذرا يا زاهر، أبي ليس هنا، ).

كانت تستطيع السماح له بالدخول إن ارادت، فقد ذهبت الى قاصي في بيته بملىء ارادتها حين اقتضى الأمر، لكنها كانت أكثر من راضية و هي تقول تلك العبارة اللطيفة، لترجعه من حيث أتى على ملىء وجهه، صفر اليدين...
لكنه على ما يبدو لم يفهم الرسالة بعد، فقد ظل واقفا مطرق الرأس، متجهم الملامح و كأنه يحاول ايجاد طريقه للكلام، و تركته مسك مستمتعة بحيرته، فهو على الأرجح قد أتى ليعتذر منها و من والدها...

و هي الآن في قمة سعادتها و في النهاية سترفض اعتذاره و تطرده بلطف، صفر اليدين مجددا...
فتح زاهر فمه، فاستبشرت بقرب زوال الغمة، الا أنه ما أن نطق، ليته ما نطق، حتى قال بخفوت وهو يرفع وجهه ناظرا الى عينيها بلهفة
(أنا مستعد للتغاضي عما حدث يا بهية، لننسى ما فات، و لنجمع الشمل من جديد، أنا لازلت على عهدي و أرغب في الزواج منك أكثر من أي وقت مضى)
فغرت مسك فمها بذهول، كان الذهول مضاعفا...

أولا بسبب وقاحة ما قال، و ثانيا لأن باب المصعد كان قد فتح من خلفه و خرج منه الحسيني حاملا باقة الورد المعتادة وهو يسمع من المبجل زاهر عرضه الزواج على، زوجته!
نظرت مسك الى أمجد الذي تسمر مكانه بعد سماعه العبارة الأخيرة، بينما تابع زاهر قائلا بنبرة خافتة
(لم أرغب في حياتي كلها امرأة كزوجة أكثر منك يا مسك، فما هو رأيك يا بهية؟، هل أكلم عمي لأطلب منه يدك؟).

لم تستطع مسك الرد و هي لا تزال واقفة مكانها تنظر الى ملامح أمجد المنذرة بالجنون، قبل أن يعلو صوته من خلف زاهر ليقول بصوت صارم
(الأبدى أن تطلب يدها مني)
انتفض زاهر مكانه وهو يسمع الصوت الرجولي الخطير المندفع من خلفه، فاستدار اليه ليجد أمجد واقفا بملامحه المتحفزة، و بنظرة واحدة الى باقة الورد في يده، صرخ زاهر بذهول
(أنت؟، ماذا تفعل عنها؟، و ما علاقتك بها؟).

ألقى أمجد بباقة الورد بعيدا حتى حطت بجوار احدى الزوايا عند المصعد، قبل أن يقول و قبضتيه تمسكان بمقدمة قميص زاهر وهو يدفعه للخلف حتى ارتطم بالحائط.
(أنا زوجها يا حبيبي)
شهقت مسك عاليا و هي تتراجع مع ارتطام زاهر بالجدار بجوارها مباشرة، بينما هدر أمجد بجنون
(اياك و الإقتراب من زوجتي مجددا)
أمسك زاهر بقميص أمجد في المقابل، بينما هو ينظر الى مسك ليصرخ هادرا.

(هل ما يقوله هذا الحيوان حقيقي؟، هل تزوجت دون علم عائلتك؟)
صرخت مسك به بعنف
(من تنعت بالحيوان؟ أنت الحيوان و عشر حيوانات معا، نعم تزوجت بعلم والدي، و لا حاجة لي بموافقتكم. أتركه)
خرجت تيماء في تلك اللحظة جريا و هي تهتف بخوف...
(ماذا يحدث؟)
ثم اتسعت عيناها بذهول و هي ترى زاهر و أمجد يمسكان بخناق بعضهما أمام الباب، و يبدو على كل منهما الجنون، و قد تمزق قميص كل منهما...

مدت مسك ذراعها كي تمنعها من الخروج و قالت بحدة
(تراجعي يا تيماء قبل أن يصيبك مرفق أحدهما أو قدمه)
نقلت تيماء عينيها الذاهلتين بين مسك و أمجد و زاهر الممسكين ببعضهما دون فكاك و قد استقرا على هذا الشكل على ما يبدو و كأنهما يتراقصان...
فهتفت بقوة
(كفى فضائح، ماذا لو سمعكما الجيران، توقفا حالا)
الا أن أحد منهما لم يسمعها، و زاهر يهز أمجد بقوة صارخا.

(و تتجرأ على حمل باقة ورد لها يا عديم النخوة و تأتي الى بيتها؟)
اتسعت عينا أمجد بذهول وهو يهزه هو الآخر هاتفا
(ألم تستوعب يا بني آدم؟، هذه زوجتي؟، ما دخلك إن جلبت لها وردا أو فجلا أو ربطة بقدونس حتى؟)
صرخت تيماء بعنف
(كفى يا زاهر أنت تجعل من نفسك أضحوكة، أمجد زوج مسك بالفعل و أبي موافق، لا تحرج نفسك أكثر، من فضلك غادر).

كان كلا منهما ينظر للآخر بمزيج من الجنون و الغباء و عدم استيعاب، و كأنهما قد فقدا القدرة على التفكير السوي...
فصرخت مسك هي الأخرى بصوت قوي تردد صداه كضربة سوط...
(أمجد أتركه حالا، أنت تفضحني في البناية)
بقيا على حالهما بضعة لحظات في نظرات غبية غير سوية، الى أن دفعه أمجد بكل قوته وهو يلهث بعنف، ثم قال بصوت يرتجف من فرط الغضب.

(الآن عرفت أن مسك زوجتي، اذهب و أخبر عائلتك الكريمة كلها، و إياك، إياك والإقتراب منها مجددا، و الا والله لن أتمالك نفسي في المرة المقبلة)
كان زاهر ينظر الى ثلاثتهم كالثور الهائج، قبل أن يمسح فمه بظاهر يده، ثم قال وهو يشير اليهما
(ما حدث لن يمر على خير، لن نسكت على زواجك بتلك الطريقة)
هدر أمجد بجنون
(غادر من هنا حالا قبل أن اطلب لك الشرطة، هيا)
نظر زاهر اليهما نظرة أخيرة قبل أن يتراجع وهو يصرخ عاليا.

(حسنا يا مسك، حسنا يا بنت سالم، سترين عاقبة فعلتك تلك، أنت ووالدك)
اندفع أمجد خلفه و قد فقد أعصابه، الا أن زاهر كان قد أغلق المصعد، فضرب أمجد على الباب المغلق بكل قوته وهو يصرخ صرخة ترددت موجاتها عبر الطوابق كلها
(إياك و العودة و الا كسرت لك ساقك و عنقك)
استدار أمجد وهو ينظر الى مسك التي كانت واقفة في اطار الباب المفتوح، مكتفة ذراعيها، و خلفها تيماء المذعورة...

نظرة واحدة الى وجهها البارد و عينيها الجليديتين كانت كفيلة بأن تزيد من جنون غضبه، خاصة و أنها قد رفعت ذقنها عن قصد و هي ترمقه بنظرة متعالية، قبل أن تستدير داخلة الى البيت، متجاهلة له تماما...
وقف أمجد مذهولا للحظة من رد فعلها المتبجح، قبل أن يندفع خلفها وهو يصرخ
(انتظري هنا، إياك و الهروب)
لم تستدر مسك اليه، و لم تتنازل حتى بالرد، بل تابعت طريقها الى داخل الشقة بخيلاء وهو يندفع خلفها هاتفا.

(أنت يا هانم، استديري و خاطبيني وجها لوجه)
استدارت مسك اليه فجأة فدار شعرها حول وجهها بنعومة، لا تماثل القسوة في عينيها و هي تقول من بين أسنانها
(لا ترفع صوتك في هذا البيت)
تسمر أمجد مكانه وهو ينظر اليها بعينين ذاهلتين عنيفتين وهو يقول غير مصدقا
(هل ترغبين في كسر عنقك؟، صدقا أتسائل، هل ترغبين في التجربة؟، لأنك الآن تلعبين في أرض خطرة)
تقدمت منه مسك خطوة و هي تهتف بقوة.

(لقد تصرفت بمنتهى الغباء، و جلبت لنا كارثة كنا في غنى عنها)
صرخ أمجد وهو يشير الى الباب قائلا
(ماذا تتوقعين مني و أنا أرى رجلا يعرض الزواج على زوجتي؟)
هتفت مسك و هي تقول بحدة
(كنت أكثر من قادرة على ردعه دون تدخلك، لكنك تصرفت بهمجية لا تغتفر)
عض أمجد على أسنانه وهو يغمض عينيه، حتى أنها سمعت صوت ضغط أسنانه واضحا...
لكنه قال وهو يرفع كفه بحزم مشددا على كل حرف.

(سنقيم حفل زفافنا خلال أيام في أي مكان كان، و إن أردت رؤية الهمجية التي لا تغتفر حقا، تجرأي على معارضتي)
برقت عينا مسك بعنفوان و هي تهتف بقوة
(لا يمكنك أن تفرض رأيك بهذه الصورة، خاصة بعد الكارثة التي تسببت بها للتو)
هتف أمجد بعنف
(أي فرض رأي؟، كنا قد اتفقنا أن يتم الزفاف بعد اسبوعين، فمر شهر كامل)
هتفت مسك بحدة.

(كانت لدينا حالة وفاة، الا يوجد لديك ذرة احساس؟، كيف لك أن تفكر في الزواج و أختي تمر بهذه الظروف؟)
هدر أمجد يقول
(لا أريد أي احتفال، لا أريد أي زفاف، تنتقلين الى بيتنا و انتهى الأمر)
صرخت مسك تقول بكل قوة
(بل أريد حفل زفاف و فستان أبيض، لن أتنازل عن أي حق من حقوقي لمجرد أن سعادتك متعجل)
هتف بها أمجد وهو يوشك على الإصابة بالجنون.

(من منا عديم الإحساس الآن؟، أي زفاف هذا الذي تريدينه و أختك تمر بمثل هذه الظروف؟)
صرخت مسك تقول
(اذن ننتظر، لا شيء يدفعنا الى التسرع، خاصة بعد ما حدث، علينا الإنتظار الى أن تهدأ الأمور).

ساد صمت غريب بينهما و كل منهما ينظر الى الآخر بطريقة غريبة، ثم لم يلبث أن اندفع أمجد اليها ليمسك بكتفيها وهو يتراجع بها الى أن ألصقها في الحائط فصرخت به
(أتركني حالا، أرفع يدك عني)
الا أنه لم يفعل بل قال من بين أسنانه بصوت مشتد الأوتار
(ماذا تريدين؟، أخبريني ماذا تريدين تحديدا لأنني سئمت من مراوغتك)
سحبت نفسا حادا قبل أن تقول بصرامة أكثر حدة من نبرته...

(أنا لا أوصف بالمراوغة، لست أنا أبدا و أنت أكثر من يعرف هذا)
قال أمجد بصوت خافت شرير
(الى متى تنوين التأجيل؟، ما الذي يخيفك؟، ما هو هذا الشيء القاتم الذي يهدد أمن القفص الجليدي الذي تسجنين نفسك فيه؟)
هزت مسك رأسها و هي تهتف بحدة و قد بدأت ترتجف من شدة الغضب
(ما هذا الهراء الذي تنطق به؟، لا شيء يهددني، و أنا بالتأكيد لا أسجن نفسي في أية أقفاص)
تدخلت تيماء و هي تنظر اليهما برعب.

(اتركها يا أمجد أرجوك، أنت تزيد الأمور تعقيدا، لما لا تغادر الآن و أنا سأتكلم معها طالما أنها تتحجج بي في مسألة التأجيل)
صرخت مسك تقول بنفاذ صبر
(تيماء، أنت لا تتعاونين معي بهذه الصورة)
لكن قبل أن تجيب تيماء، تدخل صوت سالم وهو يقول بذهول
(ما الذي يحدث هنا، لماذا تركتكم باب الشقة مفتوحا؟)
ثم صمت وهو يستوعب منظر أمجد الممسك بكتفي مسك بقوة يحتجزها، فهتف متابعا.

(اتركها حالا يا أمجد، كيف لك أن تقتحم بيتي في غيابي و تتهجم على ابنتي بتلك الصورة؟)
لم يتحرك أمجد من مكانه، بل قال بفظاظة ووقاحة
(زوجتي و أنا حر بها، لا أحد يخبرني كيف اتعامل معها)
اتسعت عينا سالم بدهشة و غضب قبل أن يهتف
(زوجتك حين تكون في بيتك، أما هنا فعليك التزام أصول و حرمة هذا البيت)
عند هذه النقطة رفع أمجد كفيه عن كتفي مسك وهو يقول مواجها سالم.

(الحمد لله، أخيرا سمعت قول الحق، و أنا لا أريد سوى أن تكون في بيتي اليوم قبل الغد، ثمانية أشهر و نحن نلتزم السرية و كأنني أتستر على فعل شائن أو أصلح ما انكسر بيننا)
هدر سالم يقاطعه غاضبا
(احترم نفسك يا ولد)
قالت تيماء متدخلة بقوة
(لقد حضر زاهر الى هنا منذ قليل. و عرف بزواجهما، فتوعد و اقسم الا يمر الموضوع على خير)
ساد صمت مشحون بينهما قبل أن يقول سالم بصوت متشنج
(عرف؟، من الغبي بينكم الذي أخبره؟).

رفعت كلا من تيماء و مسك اصبعيهما و أشارتا بهما الى أمجد، فنظر اليهما باستياء، قبل أن يضرب اصبع مسك بقوة قائلا
(اخفضي اصبعك هذا، يكفيني أنفك بالله عليك)
ثم نظر الى سالم وهو يضع كفيه في خصره قائلا بتحدي سافر
(نعم أنا من أخبرته، لكن فاتهما أن تخبراك بأن ابن أخيك الغالي كان يعرض الزواج على زوجتي)
اتعت عينا سالم أكثر و أكثر، فنظر الى مسك وهو يقول بحدة
(مسك! اشرحي لي ما حدث!)
أخذت نفسا عميقا و هي تقول بتقزز.

(لقد أتى زاهر الى هنا كي يطلبني للزواج مجددا، على باب البيت، علما بأن زوجته حامل و قد هنأته بنفسي قبل عرضه الكريم)
انعقد حاجبي أمجد بشدة وهو يستدير لينظر الى مسك التي تكلمت بصلابة و قوة، لم يكن قد سمع هذه المعلومة، فقال بصوت غريب
(هل تزوج؟).

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة