قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية طائف في رحلة أبدية ج1 للكاتبة تميمة نبيل الفصل الثاني والخمسون

رواية طائف في رحلة أبدية ج1 للكاتبة تميمة نبيل الفصل الثاني والخمسون

رواية طائف في رحلة أبدية ج1 للكاتبة تميمة نبيل الفصل الثاني والخمسون

انتفضت تيماء مكانها و صرخ سالم غاضبا، الا ان سليمان رفع يده و هدر بقوة فجأة
(كفى)
الا أن تيماء أمسكت بطرف عبائته و همست بشكر حار
(أشكرك، أشكرك يا جدي)
لكنه عاد و قاطعها بنفس اللهجة الصارمة
(اصمتي)
زلزلتها الكلمة و جعلتها تبتلع كلماتها المتبقية، ناظرة اليه باستعطاف الا أنه نفض عبائته من بين أيديها بعنف ثم قال بصوت جامد كالصخر.

(لن أقبل أن تتزوج حفيدتي بلا ولي، لكن و بما أنك ستفعلين و تعارضين ما أردته لك من اسم و كرامة و مكانة، ما أن يتم عقدك بشكل صحيح حتى تغادري هذه البلدة للأبد، لا تعودي مطلقا)
بهتت ملامح تيماء على الرغم من ان هذا هو ما توقعته، و أنها لن تخسر الكثير، أكثر مما لم تمتلكه من الاساس...
لكن قسوة جدها كانت كصفعة على قلبها...
ظلت على حالها تنظر بتلك النظرات الواهية، الى أن نظر اليها عدة لحظات ثم قال بصوت خفيض.

(هذا الولد يمتلك روحا مشوهة، و سيؤلمك يوما ما، كوني مستعدة لذلك و لا تأتي الى هنا طلبا للمساعدة)
ساد صمت طويل بينما انقبضت كفي قاصي الى جانبيه وهو ينظر الى سليمان الرافعي بنظرات سوداء كسواد الليل خارج هذا الجناح...
نهضت تيماء من مكانها ببطىء لتواجه وجه جدها الصارم، فقالت بخفوت.

(أعلم أنه يمتلك روحا مشوهة بسبب أحد أبناءك، و أنا بدوري أملك روحا معطوبة بسبب الابن الآخر، لذا كل ما نطلبه هو الهرب بعيدا عما فعله بنا ولديك)
نظر اليها جدها طويلا و ظنت أنها رأت الألم و الرجاء في عينيه الا تفعل ذلك فتخسر للأبد...
الا أنه أبعد وجهه سريعا و قال بلهجة آمرة
(سنعقد قرانك هنا سريعا، فلا أريد رؤيتك أكثر، اخرجي من هذه العائلة للأبد).

لو كانت سمعت تلك العبارة منذ عدة أشهر لكانت طارت فرحا. هربا، سعيا خلف أهدافها بعيدا عن كل ما يربطها بعائلة الرافعي...
لكن الآن شعرت بألم يفوق قدرتها على التحمل، كنصل خنجر حاد...
جدها، سوار، فريد، حتى المحب دون سيطرة عرابي، أناس تعرفت عليهم، بكت و ضحكت كثيرا، حتى شعرت بأنها فرد في عائلة حقيقة تتعاضد و تتشاجر و تعود لتتماسك مجددا...
رفعت تيماء وجهها الشاحب و نظرت الى ظهر جدها الصلب و همست بخفوت.

(أشكرك يا حاج سليمان على كل ما قدمته لي، الآن و على مدى سنوات، لن أنسى معروفك أبدا، وشيء أخير أريد اخبارك به، لقد أحببتك جدا كوالد لي على الرغم من الفترة القصيرة التي تعارفنا بها).

اختنق صوتها و أطرقت بوجهها بعيدا عنه و هي غير قادرة على كبح دموعها، الا أن كفا قوية أطبقت على ذراعها جعلتها تلتفت الى قاصي رافعة وجهها الباكي اليه، فشدها الى صدره، متحديا أن يمنعه أحدهما، و رحبت هي بتلك الأرض الرحبة التي أراحت وجنتها فوقها و أجشت ببكاء خافت...
تسلمه أمرها، و حياتها، و عمرها القادم كله، ليكون عائلتها و تكون وطنه...

سافر قاصي و تيماء بالطائرة عودة الى المدينة...
كانت تجلس بجواره و هي صامتة تماما، شاحبة الوجه، عيناها كبيرتين و اللون الفيروزي بهما عميق و داكن، متنافر مع شحوب وجهها...
كانت تنظر من نافذة الطائرة الى ذلك الفضاء الأسود الواسع الذي يسبحان به، و كأنها رمت بنفسها الى المجهول تماما...
كانت قد بدأت تهدأ و تسيطر على حالتها العاطفية التي انتابتها في بيت جدها، شعور بالفقد غريب لم تحسب له حسابا...

الا أن قاصي كان بجوارها، و ما أن انتهى الأمر حتى جذبها من يدها و خرجا من البيت دون انتظار...
كانت تتبعه لحياة مجهولة لا تعرفها، و كانت أكثر ارهاقا من أن تسأله عن وجهتهما...
الآن و هما في الطائرة، كانت تعلم بأنهما متجهان الى مدينته...
أجلت السؤال طويلا، و كأنها تخشى افساد المزيد من اليوم...
ضحكت بخفوت و هي تنظر الى ساعة معصمها، و تسائلت أي مزيد من اليوم؟
إنهما الآن بعد منتصف الليل، بساعتين...

كان يوما طويلا و صادما بأحداثه...
انتفضت فجأة و هي تسمع صوته الخافت يهمس بالقرب من أذنها
(ما الذي يضحكك؟)
التفتت لترى وجهه قريبا جدا من وجهها، عيناه تلمعان كالفهد الكاسر، و ابتسامته مفترسة...
ارتج قلبها و سارعت لابعاد نفسها و هي تتنحنح قليلا بحزم و صرامة، ثم قالت بخفوت متزن
(لا شيء، مجرد أفكار)
برقت عينا قاصي و همس لها بخفوت
(أفكار وقحة على ما أظن؟).

اتسعت عينا تيماء بذهول و فغرت شفتيها، قبل أن تلتفت ناظرة من نافذة الطائرة و كأنها ترى شيئا ما بالفعل...
الا أن قاصي لم يتركها، بل همس لها بخفوت أكبر
(لم تجيبيني يا زمردة)
ابتلعت تيماء ريقها و همست من بين أسنانها دون أن تنظر اليه
(الا تمتلك بعضا من الإحتشام، الناس من حولنا)
ضحك قاصي باستياء و همس وهو يميل عليها أكثر و هي تبتعد عنه باصرار حتى التصقت جبهتها في زجاج النافذة...

(تبا لوسائل المواصلات، لا يحصل بها المرء على أي قدر من الخصوصية)
حمدت الله على أن المرء لا يحصل بها على خصوصية و الا لكان تهور ذلك القاصي الذي يبدو ككائن جائع على استعداد لالتهامها دون تباطؤ...
اتسعت عيناها أكثر و ارتسم حاجبيها على شكل رقم ثمانية و هي تتخيل ما قد يحدث خلال ساعات و انتابتها نوبة من الرعب...
ضحك قاصي مجددا و قال بخفوت متسليا.

(ليس هناك مساحة أكبر لتبتعدي بها يا تيمائي، الا اذا كنت تنوين القفز من الطائرة و الهرب مني)
زفرت تيماء بعصبية و عادت ببطىء الى مقعدها و هي متحفزة كقطة حذرة من أي هجوم...
تنظر اليه بطرف عينيها وهو ينظر اليها نظرات عميقة مذهبة للعقل...
فقالت بخفوت متوتر
(توقف عن النظر إلى بتلك الطريقة)
ضحك قاصي عاليا، فنظرت اليه متفاجئة و هي ترى تراجع رأسه للخلف...

و كأنه يحتاج الى تلك الضحكة المنفعلة و التي أخرج بها الكثير من الكبت في صدره المتألم و يرفض أن يحرر ألمه أمامها حتى الآن...
ما أن هدأت ضحكته التي لفتت اليهما معظم الرؤوس، حتى نظر اليها و همس بصوت أجش
(أجلس أمامك تأمريني، أجلس بجوارك تأمريني، أين أجلس اذن كي أتمكن من النظر اليك بحرية؟)
أخفضت تيماء وجهها و هي تتلاعب بأصابعها مرتبكة، بينما تابع قاصي بصوت هامس أكثر.

(ما رأيك أن تجلسي على ركبتي حتى أنظر اليك بأريحية)
زفرت تيماء بغضب و همست دون أن تنظر اليه
(أنت قليل الأدب)
ارتفع حاجبي قاصي و سألها ببراءة
(قليل الأدب لأنني اقترحت أن تجلسي على ركبتي فقط؟، ماذا لو)
همست تيماء ملتفتة اليه بشراسة
(اصمت يا قاصي الحكيم فورا، أنت تتلاعب بأعصابي، أنا حزينة الآن)
ظل قاصي مكانه ينظر اليها نافذا الى أعماقها ثم قال بهدوء
(حزينة أم خائفة)
رفعت تيماء اليه و همست.

(لست خائفة منك إن كان هذا ما تقصده، أنا لن أخاف منك يا قاصي، كما لم أكن أبدا من قبل، قد تؤلمني لكنني سأتحمل و لن أخاف، مهما آلمتني سأعرف أنه جزء قليل من ألمك لذا سأشاركك به و لن أتراجع)
ضاعت التسلية من وجهه تماما وهو يستمع الى كلماتها الهادئة الخافتة، وبدا عاجزا عن الرد...
ثم لم يلبث أن تراجع في مقعده وهو يغمض عينيه قائلا ببساطة
(أقترح عليك أن تنالي بعض الراحة، فسوف تحتاجين اليها لاحقا).

ارتفع حاجبي تيماء و هي تنظر اليه بخيبة أمل، أهذا هو أقصى ما استطاع النطق به؟
فقالت بفتور
(مجددا؟، أنت على ما يبدو تنام أكثر مما تتنفس)
لم يرد عليها قاصي و لم يفتح عينيه حتى، فنظرت اليه طويلا تشبع عينيه من ملامحه الجذابة...
هذا الرجل أصبح زوجها!
انتابتها رغبة مفاجئة في الصراخ فرحا من أعلى قمة جبل في العالم...
الصراخ بعلو صوتها.

يا بشر، لقد تزوجت قاصي الحكيم، لقد تزوجت قاصي الحكيم، ابتسمت برقة و هي تستند بذقنها حالمة الى قبضة يدها تتأمل جمال تلك الكلمات التي أعادتها الى سن الثامنة عشر من جديد...
الى ان أعلنت الطائرة عن وصولها أخيرا...
تسمرت تيماء مكانها و اتسعت عيناها، بينما فتح قاصي عينيه لينظر إلى عينيها طويلا، ثم ابتسم ببطىء و همس بصوت أجش.

(لقد تحررنا أخيرا يا زمردة، و أصبحت ملكا لي رسميا و جغرافيا، و أتوق لأن أباشر بالدرس العملي)
ابتسمت تيماء بارتجاف و هي توميء براسها، و همست بتوتر
(نعم، لقد تحررنا).

لم تكن متأكدة من وجتهما تماما...
لكن مع كل طريق تعبره سيارة الأجرة ليلا في الشوارع الخالية من المارة تقريبا كان ينتابها الشك، الى أن تحول الشك الى يقين...
انه يصطحبها الى شقته القديمة، الا يزال يسكن بها؟
ظلت تيماء على صمتها الكئيب وهو يدفع لسائق سيارة الأجرة بعد أن خرجت و نظرت الى البناية المظلمة الصامتة في هذه الساعات من الليل...
ثم نظرت اليه وهو يهمس لها مبتسما ممسكا بكفها...

(ليس من المعقول أن تكوني قد نسيت العنوان!، لقد تمكنت من الوصول الى هنا وحدك و أنت في الرابعة عشر من عمرك)
بقت ملامح تيماء صامتة كئيبة و هي تصعد معه الى أن وقفت أمام باب الشقة...
نفس الباب، و الذي فتحه قاصي فوقفت خلفه ثم همست فجأة في جواب متأخر
(كيف أنساها؟، كانت لي بها ذكرى أخيرة مريرة).

توقف قاصي مكانه مستديرا اليها، يراقبها في الظلام، و بقى هكذا لعدة لحظات قبل أن يمد يده و يضيء الشقة، فغزا الضوء الشاحب ملامحها الباهتة الحزينة...
ثم قال أخيرا بجدية و دون أثر للهزل
(و أنا أنوي تبديل كل ذكرى مريرة بأخرى سعيدة)
رفعت تيماء عينيها الكسيرتين اليه و همست
(لماذا أحضرتني الى هنا يا قاصي؟)
رد عليها قاصي بنبرة قاسية قليلا
(أخبرتك عن السبب)
الا أن تيماء همست بتوتر
(لا أريد هذا المكان).

ثم استدارت تنوي الهرب، الا ان قاصي كان أسرع منها فقبض على ذراعها يمنعها من الهرب و لفها اليه بقوة ينظر اليها ببريق خشن مخيف...
الا أنه ما أن شعر بارتعاش جسدها حتى خفف من قبضته عليها قليلا و رقت عيناه ثم قال بجفاء خافت
(ألم تخبريني أنك ستتحملين ايلامي لك لأنه جزء من ألمي؟، و ستشاركيني به؟)
رمى اليها التحدي بقسوة، فابتلعت غصة حادة و همست برقة
(لكن هذه قسوة منك).

اظلمت عيناه و جذبها اليه برفق حتى أخفضت رأسها و لامس وجهها صدره، فلامست شفتيه جبينها البارد
و همس على صفحته بلهيب أجش
(لا أملك غير هذا، هذا هو أنا، فلا تتراجعي الآن تيمائي، لن أسمح لك)
رفعت يدها تلامس قلبه الذي كان يضخ الدم بقوة هادرة ارتجفت لها أصابعها...
تستطيع استشعار ألمه، ترى هل تملك القوة و الشجاعة فعلا لمجابهة هذا الألم؟

رفعت وجهها اليه و همست بخفوت و بابتسامة رقيقة كنسيم عليل في ليل صحراء مقفرة
(دعنا ندخل)
ابتعد قاصي عنها خطوة، و أمسك بيدها وهو ينظر الى عينيها قبل أن يستدير و يجرها خلفه، مغلقا الباب...
لقد غير الكثير من أثاث الشقة...
لا يمكنها ان تنسى كل قطعة بها، تحفظ مكان كل قشة...
لكنه غير الكثير، و كأنه قد تخلص من معالمها القديمة...
همس قاصي اليها بصوت خافت متوتر وهو يجذبها قليلا
(تعالي).

تبعته بصمت بائس الى غرفة النوم، حيث كان يقودها...
كان الذعر يتلاعب بها أسوأ ألعابه و أشدها شراسة، الا أنها سيطرت عليه بمهارة...
لكن لا مفر الآن، ستسير معه للنهاية...
حين أضاء الغرفة لاحظت أنها قد تغيرت كذلك، غير من أثاثها و كأنه كان ينتظر قدومها
لقد ذهب السرير الفردي المعدني، و حل محله سرير آخر عصري مزدوج أنيق...
و غرفة جميلة ببساطتها...

وقفت تيماء تجيل عينيها المرتبكتين في أنحاء المكان، الى أن سقطت عيناها على نقطة محددة في الأرض لا تزال تتذكرها جيدا، و ابتلعت ريقها بتشنج و هي تشرد الى عالم بعيد...
تتبع قاصي نظراتها طويلا ثم همس بصوت أجش
(لقد نظفت بقعة الدم بنفسي، دمك)
تنهدت تيماء و هزت رأسها قليلا لتبعد تلك الصورة عن ذهنها ثم التفتت اليه و هي تفتعل ابتسامة مرتبكة
(ماذا نفعل الآن؟).

ارتفع حاجبي قاصي و برقت عيناه وهجم عليها الا أنها صرخت بقوة و هي تفر منه كغزال رشيق الى نهاية الغرفة، ووقفت مكانها تضحك بهيستيرية عصبية، حتى دمعت عيناها و هتفت
(لم أقصد الوقاحة النابعة من أعماق عقلك الملوث، قصدت أنني لا أمتلك ملابس و لم أحضر معي أي شيء)
كان قاصي واقفا مكانه ينظر اليها بصمت...
عيناه تتوهجان كمرجلين يغليان، يتأكد من أنها هنا في شقته أخيرا بعد كل تلك السنوات...
تجري و تقفز و تضحك...

لا تزال قصيرة كقزم، و غمازتيها تبدوان كغرزتي تطريز رائع لوردتين على وجنتيها...
و الشامة الوردية يتعمق لونها مع ضحكها...
عيناها بلون الفيروز النقي، و شفتيها ككرز ناضج يتوسله كي يقتطفه بأسنانه...
اقترب منها قاصي ببطىء، فتراجعت بسرعة حتى ارتطم ظهرها بالنافذة من خلفها، فتوقف قاصي مكانه و همس بصوت مختنق متحشرج
(لا تقفزي من النافذة، على الأقل الليلة كي لا تفسديها).

احمر وجهها بشدة و اختنقت أنفاسها المذعورة المضطربة...
الا ان قاصي مد اليها يده و قال بخفوت كي لا يرعبها
(تعالي، لا تخافي مني)
ظلت تيماء مكانها ناظرة الى يده طويلا قبل أن تقترب ببطىء و حذر، الى أن وصلت اليه و وضعت يدها في كفه برفق فأطبق كفه عليها يستشعر نعومتها بتهمل...
ثم تنهد وهو يسحبها معه الى حيث الدولاب، و ما أن فتحه، حتى ترك يدها و انحنى ليخرج من شيئا...
بدا شيئا ثقيلا كبيرا...

اتسعت عينا تيماء تدريجيا و هي تراقبه، الى أن تحولتا الى ذهول تام...
كانت حقيبة ملابسها التي تركتها هنا منذ سنوات!
رماها على السرير مفتوحة...
فغرت تيماء شفتيها و هي تقترب من الحقيبة بصدمة
كانت الحقيبة على حالها، تحتوى على ملابسها القديمة...
و زجاجة عطره التي دستها بين ملابسها!
استدارت تيماء تنظر اليه بذهول و هي تهمس بصوت أجش
(قاصي!).

كان قاصي ينظر اليها بصمت مكتفا ذراعيه، عيناه بعيدتين و في نفس الوقت قريبتين، نافذتين الى أعمق أعماقها...
و حين تكلم أخيرا قال بصوت جاد خافت
(احتفظت بها لك لحين عودتك، كنت واثقا أنك ستعودين الى نفس المكان ذات يوم مهما ابتعد)
لمعت الدموع في مقلتيها و هي تنظر اليها، و لم تستطع النطق سوى باسمه فقط...
فنشجت هامسة
(قاصي).

اقترب منها قاصي حتى وصل اليها، ثم مد يده من خلفها و أخرج أحد أقمصة نومها الخاصة بالعرائس بلون ناري، و مد اليها وهو يهمس بنعومة
(ارتدي هذا، حلمت بك لسنوات و ليال و أنت ترتدينه لي)
ابتلعت تيماء الخوف في حلقها و هي ترى ذلك القميص المريع!
كيف كان ذوقها منذ خمس سنوات؟
كيف تخيلت أن ترتديه أمامه؟، لقد كان مصمما ليظهر كل جزء بها!
أحمر اللون و قصير للغاية و شفاف أيضا!
ما فائدته؟، ستكون بدونه أكثر احتشاما!

همست تيماء باعياء
(لم أعد في التاسعة عشر يا قاصي، لم يعد هذا يليق بي)
همس قاصي في أذنها وهو يقربها من صدره و يداه تتلمسان خصرها...
(لم يتغير بك شيء، أنت كما أنت كفاكهة ناضجة شهية)
كان أطول منها بالكثير، حيث يضطر الى اخفاض رأسه كي ينظر اليها، ثم لفها بذراعيه من خلفها حتى استراح ظهرها على صدره بنعومة...
و همس برجاء أجش
(أريد رؤيتك به، لا تحرميني منذ ذلك الحلم المضني الذي طال كثيرا).

أغمضت تيماء عينيها على نبضات قلبها المرعشة المذعورة...
كان يتأرجح بها ببطىء وهما واقفين في مكانهما، تيماء مغمضة عينيها أما قاصي فيحني وجهه أكثر حتى لامس أنفه وجنتها بنعومة، وهو يهمس بخفوت
(أخيرااااااااا)
و استمر تمايلهما طويلا شعر بأنفاسه تحترق فأدارها اليه بسرعة و قبل أن تعترض كان قد التهم كرز شفتيها يمنعها من الرفض أو الإعتراض...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة