قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية طائف في رحلة أبدية ج1 للكاتبة تميمة نبيل الفصل الثالث والخمسون

رواية طائف في رحلة أبدية ج1 للكاتبة تميمة نبيل الفصل الثالث والخمسون

رواية طائف في رحلة أبدية ج1 للكاتبة تميمة نبيل الفصل الثالث والخمسون

أحاطها بذراعيه بقوة و سحقها على صدره بينما شفتاه تلاحقان ملامحها و عينيها و تعودان الى شفتيها بقوة أكبر و هي كالمغيبة بين ذراعيه، لا حول لها و لا قوة...
كان كعاصفة ألقيت بها، لا ترحمها و لا تحررها...
لا يسمعان سوى صوت اسميهما فقط، و ما أن شعرت بأصابعه الخرقاء تحاول أن تفك الوشاح عن رأسها بينما اليد الأخرى تتجرأ على فتح أزرار قميصها...
حتى قفزت و هي تدفعه عنها بقوة هاتفة.

(انتظر يا قاصي، أرجوك انتظر لحظة)
الا أنه بدا كالمجنون وهو يتعامل مع تلك الازرار المتزمتة الغبية، و اليد الاخرى أكثر غباء في حل معضلة بسيطة كفك وشاحها...
الا أنها تمكنت من ضربه في صدره بقبضتيها بكل قوتها و ابتعدت عنه تلهث بعنف...
ارتفع حاجبي قاصي و همس بأنفاس غير ثابتة
(هل ضربتني للتو؟)
انعقد حاجبي تيماء قليلا و قالت بصوت متحشرج أجش
(آسفة، لم أقصد ذلك، مشاعري خانتني قليلا).

ارتفع حاجبيه أكثر و اقترب منها خطوة وهو يقول بدلال ناعم
(كم هي سيئة اذن، دعيني أعاقبها)
الا أنها قفزت للخلف مجددا و هتفت بذعر
(ابتعد يا قاصي)
توقف قاصي مكانه و همس برقة خادعة، تتناقض مع الحريق المستعر بعينيه
(أريد فقط رؤية شعرك لا أكثر)
هتفت تيماء بغضب
(أو تظن أن الأمر سهلا؟، رؤية شعري تتطلبها اجراءات معقدة)
قال قاصي ببراءة
(و كأنك تتكلمين مع شخص لا يعرفك!، أنا أتذكر شعرك جيدا يا تيماء فلا تقلقي).

اقترب منها مجددا فصرخت بصوت أكثر صرامة
(لا، لن تقنعني أبدا، اخرج قليلا من فضلك، و الا أقسم بالله سأنام الليلة بالحجاب على رأسي)
ظل قاصي واقفا مكانه ينظر اليها بغباء، ثم زفر أخيرا بقوة وهو يهمس من بين أسنانه
(فليكن لك ما تريدين، تبا لك)
خرج قاصي من الغرفة صافقا الباب خلفه بعنف...
بقت تيماء واقفة مكانها تنظر الى الباب المغلق بذهول...
ثم نظرت حولها بنظرات مصدومة و هي تتسائل إن كانت حقا قد أصبحت زوجة قاصي!

اقتربت من المرآة ببطىء متخاذل و هي مطرقة الوجه، صدرها لا يزال يلهث بعنف من شدة المشاعر التي تشاركها للتو!
لم تكن تظن أنها قادرة على الشعور بتلك المشاعر مجددا!
رفعت وجهها الشاحب ذو الوجنتين الحمراوين و نظرت الى عينيها الكبيرتين ثم قالت بخفوت
(ماذا ستفعلين الآن يا تيماء؟، أين الشجاعة القديمة؟، إنه قاصي لا غيره، فلا تهدري تلك اللحظات الثمينة لك معه).

رفعت يديها و أخذت تفك حجابها بأصابع مرتبكة، و ما أن حررت شعرها أخيرا حتى هتفت بصدمة
(ياللهي!، إنه كارثي الشكل!، أبدو كقنفذ منتفش!)
سمعت طرقا على الباب و صوت قاصي يقول بقلق
(هل انت بخير؟، تيماء!، هل أدخل؟)
صرخت تيماء بعنف
(لا لا لااااااااااااا، أمنحني عدة دقائق فقط، أرجوك).

سمعت صوت زفرة غاضبة و شتيمة على ما يبدو، الا أنها لم تهتم، بل التفتت تنظر الى نفسها في المرآة و هي تحاول أن تصلح تلك الزوابع على شعرها جراء ساعات السفر الطويلة...
ثم استدارت لتنظر بيأس الى القميص الأحمر الملقى أرضا، و تسائلت بداخلها بقنوط
ترى، هل تتجرأ على تحقيق حلمه؟، مرت عشر دقائق، فقط عشر دقائق!
ووجدت مقبض الباب يتحرك و قاصي يدخل الغرفة دون اذن...

لكن لحسن الحظ كانت قد خرجت متلثمة جريا الى الحمام و عادت في الخفاء صافقة الباب خلفها لتنعش نفسها قليلا بعد ساعات السفر الطويلة و تصلح من منظرها...
و أصبحت جاهزة خلال عشر دقائق فقط!، لم تكن ممن يحتجن الى وقت طويل في اعداد شكلهن...
انتظرت في منتصف الغرفة بقلب يرجف، و هي تراه يدخل ببطىء...
الى أن وقف و رفع وجهه اليها!

حينها توقف العالم بينهما و هي ترى المفرقعات النارية تتلاعب في عينيه بصدمة، و هو يتسمر مكانه...
حتى أنها كانت بالفعل تسمع صوت العاب نارية يتردد في أذنيها بألوانها الصاخبة...

لم يصدق ما تراه عيناه!
جنية من عالم الأساطير تقف أمامه...
لم يكن قادرا على التعرف اليها تماما...
كانت مختلفة بعكس ما اخبرها أياه منذ دقائق!
بدت كأنثى ناضجة، مختلفة كلية!
تحشرجت أنفاسه وهو ينظر مذهولا الى ذلك الشعر النحاسي الذي ازداد لونه قتامة عما يتذكره...
و بات ككتلة نحاسية من أسلاك حلزونية متشابكة، امتدت و امتدت، و استطالت بحرية غجرية حتى وصل الى خصرها!
خصرها!
هل هذا هو شعرها حقا؟

حتى جسدها بات أكثر نضجا بشكل أصعب من أن تتحمله أعصابه الضعيفة و القميص اللعين الذي اختاره بنفسه لا يخفي عن عينيه المذهولتين شيئا!
تحرك قاصي أخيرا ببطىء بينما كانت وجنتي تيماء تماثلان لون قميصها احمرارا في الضوء الذهبي الخافت لمصباح الغرفة...
مشبكة أصابعها خلف ظهرها و هي تنتظر بصورة خرقاء...
لكنه لم يقترب منها كما اعتقدت...
بل تحرك الى أقرب كرسي في الغرفة و جلس عليه ببطىء دون أن ينزع عينيه عنها...

رفعت تيماء حاجبيها تنظر اليه بتساؤل...
فقال بخفوت بطيء شارد، بجدية و مشاعر شديدة العمق بعينيه
(أريد النظر اليك قليلا، أحتاج للنظر اليك، أنت حقا هنا)
ابتسمت له برقة و عيناها تدمعان بدموع ماسية، ثم همست برقة...
(نعم، أنا هنا)
مرت دقائق طويلة وهو ينظر اليها، وقد بدت السكينة على ملامحه كما لم تراها من قبل...
كانت عيناه تغمضان بوضوح، و رأته من خلف جفنيه الناعسين يسافر الى عالم آخر...

حينها فقط شعرت بالإطمئنان و اقتربت منه بشجاعة حتى وصلت اليه، انحت اليه و همست برقة فوق جبهته
(قاصي)
الا أن صوت شخير أجش كان الرد على ندائها الناعم، فضحكت بحنان و دموع حمقاء تطرف من عينيها...
و دون أن تخاف ضمت رأسه الى صدرها بحنان و هي تطبع قبلة أخرى على جبهته، ثم همست له بمحبة
(نم يا حبيبي، تصبح على خير)
ثم استقامت لتحضر الغطاء من فوق السرير و عادت الى قاصي تغطيه به...

ثم توجهت الى السرير و استلقت به بضعف و هي تتأوه بارهاق...
ظلت تنظر الى السقف عدة لحظات قبل أن تهمس بقلق ناعس
(كيف سأنام؟، سأظل مستيقظة طوال الليل و أنا أعرف أنه مستلقيا على الكرسي المجاور، لن أستطيع ال خخخخخخخخ).

كان نومها محملا بالكوابيس كالعادة...
هي و الكوابيس أصدقاء منذ سنوات طويلة...
تحديدا منذ خمس سنوات و هي تعاني من حالة نفسية تصاحبها زيادة في الكوابيس و الأرق بعدها...
الا أنها من شدة التعب راحت في نوم عميق متأقلمة مع كوابيسها القاتمة و التي كانت تجعلها تصرخ فزعة كالعادة...
لكنها الليلة و كلما صرخت، كانت تجد ذراعين حنونتين تحيطان بها و تضمانها الى صدر رحب، و شفتان تقبلان جبهتها برقة...

فتنتدس في هذا الصدر محتمية به و هي تهمس بنعومة طفولية
أبي، و مضت ساعات طويلة نامت نومها المتعب الى أن بدأ شيء ما يخترق أعماقها و يجذبها من هذا البئر الأسود الذي يبتلعها...
كانت كألحان، بل كلمات هامسة في أذنها...
شخص يغني برفق و يعزف على أوتار تعرفها جيدا!
كانت الدوامة السوداء تبتلعها من جهة، و تلك الألحان تجذبها من جهة أخرى...
بدأت الكلمات تغزو ذهنها المتعب بوضوح.

كلمات عاشقة، متغزلة بفتاة جميلة، بالتأكيد ليست هي...
و الصوت الرجولي يهمس لها...

يا غريب الدار بأفكاري
قد تخطر ليلا ونهارا
ادعوك لتأتي بأسحاري
بجمال فاق الأقمار
الثغر يغني ويمني
والطرف كحيل بتار
والقلب أسير هيمان
ما بين بحور الأشعار و مع تغزله بثغر الفتاة العاشقة، كانت تشعر بشفتين تقبلان شفتيها برقة و سخاء!
منذ متى كانت كوابيسها تتحول الى أحلام وردية؟
تنهدت تيماء بضعف و هي تتمطى في فراشها ترغب في أن تنهل من هذا الحلم طويلا بعد...
الا أن اللحن كان اختفى مع اختفاء الأوتار...

و استمرت الكلمات تهمس في أذنها و هي تشعر بثقل يجذبها اليه...
حينها فتحت تيماء عينيها بذعر و هي تجد نفسها بين ذراعي قاصي الذي كان منحنيا اليها و بعينيه ألف شعلة تحترق، و ما ان استوعبت وجوده تماما حتى همس متنهدا
(أخيراااااا)
و قبل أن تستطيع النطق كان وجهه قد هبط اليها ينهل من ثغرها المسكر...

أغمضت تيماء عينيها و هي تشعر بنفسها على وشك الإنهيار، و ما أن استطاعت أن تحرر شفتيها من سطوته حتى همست بذعر قافزة لتجلس في السرير تجذب الغطاء اليها، ناظرة حولها بعدم استيعاب والشمس تغمرها بأشعتها الذهبية، بينما هي لم تستفق بعد...
(أين أنا؟)
ضحك قاصي بخفوت وهو يقترب منها أكثر مستلقيا بجوارها، ثم همس في أذنها
(أنت في بيت زوجك، صباح الخير يا كسولة).

ابعدته عنها بقوة و هي تقول بتوجس عاقدة حاجبيها، تبصر الجيتار موضوع أرضا بجواره...
(متى استيقظت؟، هل كنت تغني للتو؟)
ابتسم قاصي وهو يضمها الى صدره القوي قائلا برقة
(يبدو أنها عادة سأكتسبها منذ اليوم بوجوك في فراشي كل صباح، كي تستيقظي)
أبعدته تيماء مجددا و هتفت بذعر
(انتظر لحظة، هل، أين)
كانت تبحث عن أي عذر، الى ان هتفت فجأة بقوة
(مسك، الا يجدر بنا الإطمئنان على مسك؟، يجب أن أهاتفها و أعتذر لها).

عقد قاصي حاجبيه وهو يقول بلهجة تهديد من بين أسنانه
(مسك!، الآن؟، حقا يا تيماء؟ هلا أجلت هذا التعاطف الأخوي المفاجىء قليلا)
و لم يترك لها المزيد من الوقت كي تتهرب منه فقد كان صدره يموج بمشاعر تم تأجيلها طويلا...
فاندفع اليها يغمرها بعنف أشواقه الا أنها صرخت برعب
(قاصي أرجوك، اسمعني أولا)
أظلمت عيناه و لم يختفي الجمر بهما، ثم قال بصوت شرس.

(لن أسمع يا زمردة، يا تيمائي المهلكة، سمعت كثيرا فدعيني الآن أضمك الى قلبي لأشعر بخفقات قلبك تخبرني أنني وطأت أرضي أخيرا)
كانت عيناها متعبتان و تحتهما هالات زرقاء تجعلها أكثر هشاشة و طفولية، و على الرغم من ذلك تكلمت بصوت يائس قوي
(قاصي أنا لم أعد كما كنت، لم أعد تلك المراهقة العنيفة المشاعر التي عرفتها يوما، شيئا بي تغير لم أعد أستطيع مبادلتك عنف مشاعرك).

عقد قاصي حاجبيه و همس بخفوت بالقرب من أذنها دون أن يحررها
(ما هذا الهراء؟، أنت هي، كبرت قليلا و بت أكثر جمالا، شعرك الزغبي الذي أمرغ به وجههي هذا لا يزال محافظا على عطره، عيناك بلون البحر الصافي في أشد لحظاته اخضرارا، على نفس لونهما الذي يزداد عمقا كلما اقتربت منك، شفتيك، و آه منهما)
أبعدته و هي تنظر الى عينيه قائلة بخفوت
(لم أعد كما كنت، يمكنني استشعار ذلك).

نظر اليها قاصي طويلا ملامحه غريبة و نظراته عميقه، ثم قال أخيرا وهو يرفع يده ليضعها برفق على موضع قلبها مباشرة
(أما أنا فيمكنني استشعار ذلك القلب الذي ينبض بعنف كلما اقتربت منك، نفس السرعة و نفس القوة، لم يتغير شيء بشعورك تجاهي أبدا)
عضت على شفتيها و هي تنظر الى عينيه لتهمس بخفوت ضعيف
(أشعر بنفسي كهلة جدا، لست أنا، منذ أن حدث لي أن)
رفع أصابعه ليغطي بهما شفتيها ثم همس بصوت أجش.

(هشششش، منذ أن تركتك فقط، و ها أنا عدت، لا أشيء أكثر قد حدث)
لمعت الدموع في عينيها و هي تنظر اليها، بينما كان يتأملها بمشاعر عاصفة وهو يبعد طرف قميص نومها عن كتفها الغض، قبل أن يهز رأسه بذهول هامسا
(ياللهي ما أجملك!)
ثم غرس أصابعه في كتل شعرها الغزيرة الغجرية بقوة كادت أن تقتلع بعضها وهو يهمس بجنون
(و ما أجمل شعرك!)
همست بترجي
(قاصي أرجوووك).

الا أن رجائها ضاع في همس مشاعره العنيفة وهو يهمس لها متغنيا على نفس اللحن...
يا غريب الدار بأفكاري
قد تخطر ليلا ونهارا
ادعوك لتأتي بأسحاري
بجمال فاق الأقمار...
(تيماء مخطوبة لأحد أبناء أعمامها، و انتهى الأمر عند هذه النقطة)
سادت الهمهمات بين كبار العائلتين، بينما سليمان الرافعي يبدو مظلم الوجه و لا أحد قادر على قراءة تعابير وجهه...
تكلم أحد كبار عائلة الهلالي.

(لكن يا حاج سليمان لم يكن هذا ما استنتجناه حين طلبنا يدها لابننا منصور!)
قال سليمان الرافعي بصوت صارم لا يقبل الجدل
(لا أحد يملك محاسبتي، خاصة بعد ما صدر من أحد ابنائكم و قتله لحفيدي، يكفي أنني وافقت على الصلح و الله أعلم بالنار المتقدة في صدري، حفيدتي و فضلتها لأحد أبناء اعمامها، من يملك محاسبتي)
كان ليث في تلك الدرجة ينظر للجميع صامتا و قد بدأت النفوس في الاشتعال من جديد...

و التحفز يشحن الجو من حوله بموجات من الكره المتبادل و الذي تولد حديثا...
بينما قال الرجال من عائلة الهلالي
(لمن هي مخطوبة اذن؟، زاهر أم أمين؟)
علا صوت سليمان وهو يقول بصرامة
(لا أريد الكلام في خطبة و زواج الآن، الا زواج الصلح، ابننا عرابي و سيتزوج من ابنتكم جويرية، أنا أرى ان الصلح تام بهذا الشكل)
قال الحاج حسين الهلالي...
(اذن نخطب نورا شقيقة أمين)
عقد سليمان حاجبيه و هتف بقوة.

(الفتاة في السادسة عشر، و لا يزال طريق الدراسة أمامها طويلا، لن أقبل بذلك، )
اعترض الرجل قائلا
(لكن يا حاج سليمان، كان الإتفاق على زواج متبادل، لا يفصمه ثأر من جديد)
هدر سليمان بقوة و قد بدأ ينفعل
(و ما الذي يجبرني على مخالفة العادات؟، القاتل من عندكم، ماذا تريدون بعد؟).

سادت الهمهمات الغاضبة و بدأ الإنفعال يشتعل، لم يكن سليمان الرافعي يوما فظ الأخلاق الى هذه الدرجة مع كبار العائلات، أما ليث فقد كان مخفضا رأسه و غارقا في تفكير عميق بدا على ملامح وجهه و كأنه قد قرر أمرا، و لا سبيل الى من يرجعه عنه...
تكلم الحاج حسين الهلالي قائلا بغضب
(لكن لم يكن هذا اتفاقنا!، هل تراجعت في كلمتك يا حاج؟)
ضرب سليمان الارض بقوة و هو يهدر بصوت عال.

(راجع كلامك يا حاج حسين، ليس سليمان الرافعي من يتراجع في كلمته أبدا، كلمتي سيفا)
هدر الحاج حسين في المقابل
(أتصرخ بي يا حاج سليمان؟، و نحن في دارك؟)
تعالت الهمهمات و بدأ الشرارات تشتعل و النفوس تتقد...
حينها علا صوت ليث موقفا الجميع
(من فضلكم يا سادة، لدي ما أقوله)
التفتت الرؤوس اليه بتوجس و حيرة و الإهتمام في آن واحد، فنظر ليث الى سليمان الرافعي طويلا قبل أن يقول بوضوح مشددا على كل حرف.

(أنا أطلب يد سوار ابنة عمتي للزواج يا حاج سليمان، لقد وصاني بها سليم رحمه الله و أنا أراني أولى بها)
تراجعت بصدمة ما أن اخترقت العبارة أذنها كقذيفة، فجرت وعيها فجأة!
من خلف الباب و هي ترهف السمع كالعادة
جائت عبارة ليث ضاربة لها بكل المقاييس!
هل طلبها للزواج للتو؟، على مسمع من كبار العائلتين؟، بينما زوجها توفي فقط منذ اربعة أشهر!

أظلمت عينا سوار العسليتين و هي تتراجع خطوة بعد خطوة بظهرها، الى ان استدارت و صعدت درجات السلالم، و في داخلها بركان يغلي من الغضب
دارت بها الايام، و ها هي تقف نفس المنعطف، أمام رجلين
راجح و ليث...
كلاهما يريد الزواج بها ما ان توفي سليم رحمه الله!، و كلاهما متزوج!
ضرب سوار باب غرفتها خلفها بعنف و هي تزمجر بجنون!
الهذه الدرجة بات دم سليم رحمه الله رخيصا؟

اقتربت من مرآتها و نظرت الى صورتها التي بدت كصورة من الصلابة و القوة، على الرغم من رغبتها العنيفة في البكاء، الا أنها كانت تمنعها بشدة و تحتجز تلك الدموع التي بدأت تتحول مع الأيام الى أسيد حارق يتآكل به صدرها...
جملة واحدة اخترقت أذنها أكثر من باقي الكلام، حتى أكثر من طلب ليث للزواج منها
كانت جملته التي هدر بها بثقة.

لقد وصاني بها سليم رحمه الله و أنا أراني أولى بها، نظرت سوار الى عينيها في المرآة و هي تتسائل بحيرة
هل أوصاه سليم بها فعلا قبل وفاته؟
هو تحديدا و ليس أي أحد آخر؟
تعلم جيدا أن ليث لا يكذب أبدا، هذا أمر مفروغ منه
و طالما قال كذلك، فقد حدث فعلا!
استدارت سوار و هي تهمس بصوت غريب
لماذا ليث يا سليم؟، لماذا هو تحديدا؟، تحركت سوار و هي تجر طرف عبائتها على الأرض و جلست على الكرسي الوثير في غرفتها...

تنظر من نافذتها بصمت كحالها في الآونة الأخيرة...
منذ أن خرجت من المشفى و هي تجلس وحيدة تتجرع مرارة الندم على تهورها الذي تسبب في فقدها للطفل
ابن سليم الذي كان ليحي ذكراه أمام عينيها، على أن ذكراه لن تموت في قلبها أبدا...
مدت يدها تتلمس بطنها المسطحة الخالية و الدموع الخائنة تريد ان تطرف من عينيها و هي تمنعها بقسوة كي تتعذب أكثر و أكثر...
ثم همست باختناق.

سامحني يا سليم، سامحني يا حبيبي، أعرف أنك غاضب مني، لكنني لم أكن في حال سوي، ما أن سمعت بما نطق به راجح حتى، صمتت قليلا و هي تنظر الى السماء البعيدة بعينين قاسيتين قبل أن تهمس بصوت جامد كالجليد
راجح، أغمضت عينيها و هي تطرق بوجهها قليلا، تزفر نفسا لاهبا غاضبا...
لن يكون له ان يمس شعرها في الحلال أبدا، ليفعل ذلك غصبا و ستقتله حينها، ستقتلع قلبه بأظافرها...

نشبت أصابعها في بطنها الخالية بقوة و هي تحاول السيطرة على الغضب بداخلها و همست مجددا
أعدك بذلك يا سليم، أعدك
سمعت صوت طرقا على الباب فتنهت ببطىء قبل أن تقول بصوت ميت خالي من الحياة
(أدخل)
دخلت أم سعيد الى الغرفة و هي تحمل صينية الطعام...
لم تحتاج سوار للإلتفات اليها، فقد كانت رائحة الطعام أكثر من كافية تزكم الأنف من قوتها...
قالت أم سعيد بخفوت
(صباح الخير يا سيدة سوار)
الا أن سوار ردت بجمود.

(خذي هذا الطعام و أخرجي به عائدة من حيث أتيت يا ام سعيد)
وقفت أم سعيد مكانها و قالت بترجي
(كلي القليل يا سيدة سوار، فأنت لم تضعي لقمة بفمك منذ أيام)
الا أن رد سوار كان كما هو و هي تقول بنفس الجمود
(خذي الطعام و اخرجي من هنا، أريد البقاء بمفردي)
لكن أم سعيد بقت مكانها تحاول و قالت بترجي أكبر
(ستهزلين تماما يا سيدة سوار، كلي لقمتين فقط و سأرحل)
كان هذا أكبر من احتمالها، فاندفعت فجأة صارخة بغضب.

(ابتعدي من هنا، لا أريد الاكل، لا أريد)
شحب وجه أم سعيد و هي تفاجىء بحالة سوار، فقد كانت المرة الاولى التي تصرخ فيها، لم تفقد أعصابها أبدا...
أطرقت سوار بوجهها و هي تشعر بندم على قسوتها مع أم سعيد للمرة الأولى، لكنها كانت أكثر تعبا من أن تحاول الإعتذار...
قلبها موجوع و لا يشعر بها أحد...
ظلت أم سعيد واقفة مكانها بحزن، تريد المحاولة مجددا...

الا أن دخول سليمان الرافعي جعلها تتراجع بسرعة مخفضة الوجه وهو يقول بهدوء جاف
(اخرجي و اتركينا بمفردنا يا أم سعيد)
خرجت أم سعيد من الغرفة تاركة سليمان و سوار التي نهضت من كرسيها و قالت بهدوء
(تفضل بالجلوس يا جدي)
اقترب سليمان و جلس على الكرسي الذي كانت تحتله بينما جلست هي على كرسي آخر أصغر أمامه، كانت تلك هي الجلسة التي تفضلها مع سليم دائما حين كان يقرأ من المصحف أو ينشد ابتهالاته...

شعرت بالغصة في حلقها تتورم و تحتقن أكثر الا أنها أخفت وجعها بمهارة...
نظر اليها سليمان طويلا قبل أن يقول بصوت خافت فاقدا للروح
(أنت غاضبة من جدك يا سوار)
رفعت سوار وجهها اليه صامتة لعدة لحظات قبل أن تقول بخفوت هادىء
(لماذا تقول ذلك يا جدي؟)
نظر اليها و قال بجمود.

(كنت قاسيا معك قليلا بعد خروجك من المشفى، صدمني ذهابك الى بيت ليث دون اذن بينما نعاني ما نعانيه، كان هذا خطأ لا يغتفر يا سوار، و ابلاغنا بما حدث عن طريق أهل زوجته كان مدعاة للخزي)
ظلت سوار جامدة الوجه صلبة العينين و هي تقول بخفوت بعد فترة
(عامة لقد نلت عقابي، فقد كنت السبب في فقدان طفلي من سليم، باللإضافة الى الحجز الذي فرضته على داخل جدران الدار)
عقد سليمان حاجبيه و قال برفض على مضض.

(ماذا كنت تتوقعين مني بعد ما فعلته؟، امرأة تدخل بيت غريب لتأخذ بثأر زوجها بنفسها!)
قالت سوار بفتور
(لا داعي لهذا الكلام الآن يا جدي، لقد حدث ما أردتم و ها أنتم على وشك اجراء الصلح مجددا، مثلما حدث مع أمي تماما، على الأقل أنا سعيدة لأن تيماء فرت بنفسها من هذا المصير)
صرخ سليمان فجأة بعنف و قسوة.

(لا أريد سماع هذا الاسم هنا مجددا، لم تعد تنتمي الى تلك العائلة بعد اليوم، والله لو أنا كنا في زمن آخر لكانت غارقة في دمائها، فلتحمد ربها أن الزمن تغير، لكنها لم تعد من عائلة الرافعي بعد الآن)
قالت سوار بنفس الفتور
(و متى كانت من عائلة الرافعي؟)
نظر اليها سليمان مصدوما ثم هتف بعنف
(ما بالك يا فتاة؟، ماذا جرى لك و أصبحت تناطحيني الكلمة بمثلها؟).

أبعدت سوار وجهها جامد الملامح عن جدها و نظرت من النافذة الى الأراضي الممتدة الخضراء، ثم قالت بجمود ميت
(مات زوجي يا جدي، و أنا أتابع مجريات الصلح بين العائلتين عن بعد، لذا اعذرني ان كنت قد تغيرت قليلا في الآونة الأخيرة)
أطرق سليمان بوجهه قليلا، ثم قال بعد فترة طويلة من التفكير القاتم العميق
(هناك اثنين يريدان الزواج منك يا سوار، ابن عمك راجح، و ابن خالك ليث الهلالي).

رفعت سوار ذقنها و هي تنظر الى جدها بصلابة، ثم قالت حين وجدته صامتا
(هل تخبرني يا جدي أن، القرار يعود لي؟)
رفع وجهه المغضن ينظر اليها، ثم قال بصوت أجش
(زواجك بليث سيكون لإتمام الصلح بين العائلتين، أما زواجك براجح)
صمت وهو يتنهد بتعب و اجهاد، بينما سوار تنظر اليه بصمت ثم قالت أخيرا
(و أنت، ماذا تريد يا جدي؟)
نظر اليها سليمان و قال بصوت مستسلم.

(لا بد لك من الزواج عاجلا أو آجلا يا سوار، لازلت شابة و لن يصح بقائك بلا زواج طويلا)
رفعت ذقنها و قالت بصلابة
(باختصار، فإن علي الإختيار ما بين الإثنين!، اليس كذلك؟)
ظل سليمان صامتا طويلا، لا يجد الرد المناسب، فنهضت سوار من مقعدها و هي تقول بحزم
(أريد مقابلة ليث أولا يا جدي، قبل ابداء أي رأي).

دخل ليث الى غرفة نومه، ووقف هناك وهو يرى ميسرة التي كانت مستلقية على جانبها، تقلب صفحات مجلة من مجلاتها العديدة...
كانت تتمايل و تدندن بميوعة، و لم تتوقف حتى و هي تراه يدخل و يقف أمامها...
كانت عيناه غريبتين و غامضتين...
مطت شفتيها و هي تنظر اليه طويلا ثم قالت ببرود
(هل قررت أخيرا العفو عني؟، ياللسعادة!)
ظل ليث صامتا عدة لحظات قبل أن يتقدم خطوة ليقول بهدوء
(هناك ما أريد اخبارك به يا ميسرة).

ظلت على نفس وضعها و هي تمضغ قطعة من اللبان بطريقة مستفزة، بعد الجفاء و الحرب الشعواء معه بسبب فضحها لما فعلته سوار علنا، كانت تريد اشعال غضبه أكثر و أكثر، كي لا يحاول اعادة ما فعله بها مجددا...
الا أنه بدا الآن هادئا، عكس الأيام الماضية، عيناه ضيقتان و هما تنظران اليها...
فانتابها الفضول و هي تستشعر أهمية ما سيحادثها به، فقالت بنفس البرود الجليدي
(نعم، خير ان شاء الله).

صمت ليث للحظة قبل أن يفجر قنبلته بهدوء حازم
(أنا سأتزوج)
شعرت فجأة و كأن العالم قد تحول الى شظايا من حولها و هي تستقيم ببطىء لتجلس ناظرة اليه بصدمة باهتة، قبل أن تقول بصوت واه
(ماذا قلت؟)
رفع ليث وجهه و قال بهدوء وهو يدس يديه في جيبي بنطاله
(اليوم تقدمة لخطبة امرأة للزواج منها، و أنا في انتظار ردها)
كان وجهها ممتقعا و العالم زائغ أمام عينيها و هي تقول بنفس النبرة الغريبة
(من؟، من هي؟).

رفع ليث حاجبيه ليقول ببرود قليلا وهو يستعد للعاصفة التي ستحدث حالا
(سوار)
كلمة واحدة، لم يحتاج أكثر من كلمة واحدة كي يفجر بها كل شياطينها. ، و عيناها تتسعان بذهول قبل أن تقفز فجأة صارخة بجنون هيستيري
(مستحيييييييييييل، مستحييييييييييييل، لن تفعل بي هذا، كيف لك أن تكون بهذه القسوة؟)
و دون تفكير اندفعت اليه تريد أن تضربه بكل قوتها، الا انه أمسك بمعصميها بقوة يمنع وجهه عن أذاها.

ثم هزها بقوة وهو يهتف أمام عينيها
(القسوة تعتبر لا شيء أمام صفاتك الذميمة كلها من حقد و غل و أعمال تغضب الله)
صرخت ميسرة بجنون و هي تتلوي بين قبضتيه
(و الآن فقط تريد معاقبتي على صفاتي؟)
هدر بها ليث بقوة
(لا أريد معاقبتك، انا فقط أريد بعض الراحة، أريد الحياة مع روح طيبة)
صرخت ميسرة و هي تضربه بكل قوتها
(أيها الكاذب الحقير الملعون، الخاضع لسحرها البائس، أنت تعشقها، تعشقها كالمهووس).

ثبتها ليث مكانها بقوة و هتف بها
(فقط حين توافق على طلبي، يمكنني حينها اجابتك على سؤالك، و حتى هذا الحين لا أريد سماع اسمها على لسانك بما يسيء، فهي ستكون زوجتي مثلك تماما، لها نفس الحقوق، إن أردت البقاء و بداية صفحة جديدة أكثر نقاءا معي فسأقدرك على رأسي، أما إن أردت الإنفصال بمعروف، فلن أعترض)
دفعها عنه ليبتعد تاركا الغرفة، و تاركا ميسرة خلفه تنظر في اثره بذهول...
لا تصدق ما حدث للتو...

و ما أن بدأت تستوعب قراره الأخير حتى صرخت عاليا و اخذت تقطع في شعرها بجنون، مرتمية فوق طاولة الزينة، مسقطة كل ما عليها و هي تصرخ بجنون...
لا تتوقف أبدا...
(يا ملعونة، يا ملعونة، احرقها، ماذا تنتظر؟، احرقها و اجعلها تتفحم أمام عيني).

كانت ترتكز بمرفقها الى الوسادة و هي تتأمل ملامح وجهه الرجولية المتعبة...
نائم كطفل صغير متعب، شعره الجميل مبعثرا على الوسادة تمشطه لها بأصابعه، بينما ملامحه غير مستقرة...
همست تيماء لها و كأنه يسمعها...

أين كنت يا حبيبي؟، و كيف طاوعني قلبي على الإبتعاد عنك كل هذه السنوات؟، تلك المشاعر التي تشاركتها مع قاصي منذ ساعة لم يكن أحد ليستطيع بترها من قلبها أبدا، قلبها الذي كان يخفق بجنون مع كل همسة منه...
حتى لو مزقوا من جسدها شرائح شرائح، لن يتمكنوا من اقتلاع تلك المشاعر من قلبها ابدا...
أخذت تمشط شعره بحب و هي تبتسم لوجهه النائم...
لكنها أجفلت ما أن سمعت صوت جرس الباب!

عقدت تيماء حاجبيها و هي تنظر الى ساعة معصمها، من سيأتي في مثل هذا الوقت من الصباح؟
أدركت الآن أنها في بيت غريب و في مدينة غريبة!
لا تعلم شيئا عن حياة قاصي أو معارفه، أو من قد يأتيه في مثل هذا الوقت!
هزت كتفه و هي تهمس برفق
(قاصي، قاصي، هناك أحد بالباب)
همهم قاصي متذمرا، الا أنه عاد و أصدر شخيرا بدأت تعتاد عليه...

ابتسمت له برقة ثم انحنت لتقبل شفتيه نعومة و خجل، قبل أن تستقيم جالسة و تنهض من السرير واضعة وشاحها على رأسها و كانت ارتدت كامل ملابسها في وقت أبكر ما ان استيقظت...
سارعت تيماء الى باب الشقة و هي تشعر بالتوجس...
تتذكر المرة التي خرجت فيها لتفتح نفس الباب ووجدت والدها مشهرا السلاح بوجهها و منذ يومها تحولت حياتها الى كابوس...
جمدت تيماء قلبها و اقتربت من الباب لتفتحه بهدوء...

فوجدت امرأة متوسطة العمر، تقف منتظرة و بجوارها طفل مهذب صغير ينظر أرضا يبدو في الخامسة من عمره...
نظرت تيماء مجددا الى المرأة التي ارتبكت ما أن رأتها، ثم قالت بحيرة
(عفوا، كنت أريد السيد قاصي)
ابتسمت تيماء برفق و قالت
(إنه نائم في الوقت الحالي، هل تريدينه في أمر هام؟)
ارتبكت المرأة أكثر ثم قالت بعدم فهم
(عفوا، لكن من تكوني انت، أنا لم أرك هنا من قبل).

علي الرغم من أن السؤال بدا فضوليا و أقرب للوقاحة، و كان بإمكان تيماء أن تتجاهل الرد عليها...
لكن معلومة أن تلك السيدة معتادة على المجيء الى هنا منذ فترة طويلة أثار فضول تيماء أكثر، لذا أجابت ببساطة
(أنا زوجة قاصي، تزوجنا بالأمس فقط)
اتسعت عينا المرأة بذهول، و فغرت شفتيها لعدة لحظات و هي غير مستوعبة للخبر، ثم لم تلبث أن تداركت نفسها و هي تقول بسرعة مرتبكة.

(آآآه حقا، أنا، كنت، مبارك لكما، لم يخبرني السيد قاصي، لو أخبرني لكنت أجلت قدومي الى هنا في مثل هذا الوقت، لكن أنا أتيت بناء على موعد ايصال عمرو)
أشارت بيدها الى الطفل الصغير الواقف بجوارها...
فعقدت تيماء حاجبيها قليلا و قالت بصوت أجوف و هي تتأمل الطفل الصغير ذو الملامح المألوفة...
(و من هو عمرو؟)
نظرت اليها المرأة طويلا، بتعبير وجه فارغ، ثم قالت ببطىء و هي تلاعب شعر الطفل الصغير.

(هذا هو عمرو، ابن السيد قاصي)
هل لطمها أحد للتو!
من المؤكد أن هذا هو ما حدث، لأنها ترنحت للخلف خطوة و هي تشعر و كأنها لم تستيقظ من كوابيسها بعد...
لكن حركة خلفها جعلتها تستدير مندفعة لتنظر خلفها، و كان هو هناك...
كان قاصي واقفا يرتدي بنطاله فقط، عاري الصدر و شعره يداعب عنقه و حاجبيه منعقدين بشدة...
همجي الشكل و معذب الروح، لكن الأكيد، ان نظراته تؤكد صدق كلام تلك المرأة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة