قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية ضلع مكسور سينجبر للكاتبة شاهندة الفصل العاشر

رواية ضلع مكسور سينجبر للكاتبة شاهندة الفصل العاشر

رواية ضلع مكسور سينجبر للكاتبة شاهندة الفصل العاشر

كان مرتضى يزرع الصالة جيئة وذهابا في حنق، فقد باءت خطته بالفشل، وإنقلب الوضع، وبعد أن ظن أنه سيحقق إنتقامه من تلك التي رفضت اهتمامه بها بكل وقاحة، وهذا الذي تصدى له بقوة كحارسها الشخصي، أصبح هو الآن المذنب أمام الجميع، ليحظى بنظرات التشفى من هذا البغيض حسن حين صرفه والده من جلستهم، وتبا كم يؤلمه كبرياؤه الآن.
فتح الباب ليظهر الشيخ سالم على عتبته، اقترب منه مرتضى قائلا بحنق:
-كدة ياابا ت...

قاطع كلماته صفعة مدوية تلقاها من أبيه، ليتراجع مرتضى ناظرا إلى والده بصدمة، فتلك هي المرة الأولى التي يضربه فيها أباه، بينما تقدم منه والده يقول بصرامة:
-لأول مرة في حياتى أظلم بنى آدم وأغضب ربنا والسبب إنى وثقت فيك، لأول مرة أظهر بمظهر وحش أدام الكل، والسبب يكون إبنى، لأول مرة أعرف حقيقى إنى معرفتش أربى.
قال مرتضى بحزن:
-ياابا...
قاطعه الشيخ سالم هادرا بقوة:.

-إنت تخرس خالص ومسمعش صوتك بينادينى، قسما عظما يامرتضى، إن ما خليتك في حالك وبطلت تغضب ربنا، لا هتكون إبنى ولا هعرفك، اوعى تقرب من ولاد الصعيدى وأهلهم تانى، مفهوم؟ولو حصل منك أي حاجة تصغرنى، والله لهيكون عقابك بإيدى أنا ياإبن الناس الطيبين، الناس اللى عمرهم ما ظلموا حد ولا أذو مخلوق ولا افتروا على ولايا، سمعتنى يامرتضى؟
أطرق مرتضى برأسه أرضا قائلا:
-سمعتك ياابا.

رمقه الشيخ سالم بغضب قبل أن يتجه إلى حجرته ينوى أن يبدل ملابسه ويتوضا ليصلى إلى الله، يستغفره عن ظن السوء، يطلب منه الغفران لما فعله ولده اليوم وإشراكه بالأمر وإتباعه إياه دون أن يتأكد ويتقصى الحقيقة،
بينما رفع مرتضى رأسه ينظر إلى الأمام بغل وفي عيونه قد إرتسمت نظرة، لا تبشر بالخير، أبدا.

زفرت هاجر قبل أن تقول:
-ياهادى إفهمنى، أنا عارفة إن وجودى مع سمر ضرورى عشان علاجها، ووجودنا في المكان ده برده مهم عشانها، بس بصراحة أنا خايفة، صحيح كلام مجد هداهم وخلاهم يبعدوا عننا، بس انت مشفتش اللى إسمه مرتضى ده ولا شفت نظراته لينا.
قال هادى من خلال شاشة اللاب توب خاصتها:.

-تمام ياهاجر، فهمتك، وهتكلم مع مجد وأشوف إحنا ممكن نعمل إيه في الموضوع ده، أهم حاجة دلوقتى إنك تطمنى، أنا لو مكنتش واثق في مجد وأخوه وإنهم يقدروا يحافظوا عليكم، مكنتش هخليكى تسكنى معاهم في البيت، أصبرى بس وكل شئ هيبقى تمام.

قالت هاجر في نفسها، ربما مجد بالفعل يستحق ثقتك أخى، لكن أخاه، لا اظن، فهو من أخشاه حقا، وأخشى أيضا ما يثيره بكيانى من مشاعر حنق ولكنها رغما عني إمتزجت بشئ لا أدرى كنهه، مشاعر لا أفهمها، هل هي إعجاب أم إحترام؟لا أدرى حقا.
نفضت أفكارها وهي تتنهد قائلة:
-اللى تشوفه ياهادى.
قال هادى بحنان:
-طيب أسيبك دلوقتى تنامى، وخلى بالك من نفسك ياحبيبتى.
قالت بسرعة:
-إستنى بس، قوللى، أخبارك إيه مع سمر؟

أطلت سمر أمامه بصورتها البهية على الفور حين ذكرتها أخته، ليتنهد بشوق قائلا:
-مش عارف يا هاجر، في لحظة بحس إن ممكن يكون فيه أمل لعلاقتنا، أمل بسيط تحس بية، لكن في اللحظة اللى بعدها بكون شبه متأكد من إنى كنت عايش وهم، وإنها عمرها ما هتبقى لية.
قال هاجر في شفقة:.

-معلش ياهادى، أصبر عليها، إنت عارف اللى حصل زمان من باباها واللى أثر عليها هي بالذات زي ما مجد حكالك، بتهيألى الفرصة اللى ربنا إدهالك هتقربها منك وهتخليها تتأكد إنك بتحبها وإنك مبتتمناش في الدنيا دى كلها غيرها، وإنك لوحدك اللى هتقدر تسعدها.
تنهد هادى قائلا:
-ياريت ياهاجر، ياريت.
إبتسمت هاجر بحنان وهي تقول:
-تصدق، وحشتنى ياهادى ووحشنى الكلام معاك.
إبتسم هادى قائلا:.

-إنتى كمان وحشتينى ياهاجر، هانت ياحبيبتى، كلها شهرين والترم يخلص وتيجى تقضى معايا الأجازة بس أكيد هجيلك إسكندرية قبلها،
إبتسمت وهي تشير إليه بسبابتها قائلة بمرح:
-أكيد.
إبتسم بدوره قائلا:
-تصبحى على خير.
قالت بحنان:
-تلاقى الخير.
ثم أغلقت محادثة الفيديو يتبعها جهاز اللاب توب الخاص بها، لتنتفض على صوت سمر التي قالت:
-قلقانة زيي، مش كدة؟
إلتفتت إليها هاجر تقول:
-خضتينى ياسمسمة، إنتى هنا من إمتى؟

إبتسمت سمر قائلة:
-لسة جاية حالا.
قالت هاجر بصوت شابه بعض الإرتياح:
-كويس، قصدى يعنى أيوة قلقانة، بس الكلام مع هادى ريحنى شوية.
جلست سمر بجوارها قائلة:
-أنا كمان كلمته من شوية، وحكيتله على آخر التطورات في حالتى والكلام معاه فعلا ريحنى، بس محكيتلوش عن اللى حصل النهاردة، سيبتك انتى تقوليله.
أومأت هاجر برأسها، لتقول سمر بحيرة:
-تفتكرى مجد عمل إيه مع الشيخ سالم وإيه الدليل اللى وراهوله وخلاه يقتنع بكلامه؟

هزت هاجر كتفيها قائلة بصوت شابه بعض الإضطراب:
-مش عارفة، عموما مجد ذكى وأكيد إتصرف، هادى قاللى كدة.
أومأت سمر برأسها تقر فعلا بذكائه، لتنظر إلى هاجر قائلة:
-بس تفتكرى صدقوا إنى يعنى، ممكن أكون مرات مجد، وانتى خطيبة حسن.
مطت هاجر شفتيها قائلة:
-بتهيألى آه، وإلا مكانوش سابونا ومشيوا.
قالت سمر بإرتباك:
-يعنى ملقاش غير الكدبة دى يقولها.
قالت هاجر:.

-مكنش ينفع يقول غير كدة، الناس جت ومجد معانا في الشقة في وقت متأخر، تفتكرى هنبررلهم وجوده بإيه، وتفتكرى لو كنا قلنا الحقيقة كانوا هيصدقوا؟معتقدش، أعتقد ان ده كان الحل الوحيد قصادهم.
أومأت سمر برأسها موافقة، ثم نظرت إلى هاجر قائلة بإرتباك:
-إنتى قلتيلى ياهاجر إن مراته، يعنى ماتت، صح؟
أومأت هاجر برأسها موافقة لتستطرد سمر قائلة:
-تعرفى عنها إيه؟قصدى يعنى هادى قالك عنها إيه؟

لمعت عيون هاجر وهي تقول بإبتسامة:
-وإنتى عايزة تعرفى ليه؟
قالت سمر بإضطراب:
-أبدا يعنى، أصل، إنتى مش جايلك نوم، وأنا كمان فقلت ندردش شوية.
نهضت هاجر تقول بنشاط:
-لأ، مادام فيها دردشة، يبقى نعمل كوبايتين كابتشينو، عشان السهرة هتحلو.

ثم توجهت إلى المطبخ تتابعها سمر بعينيها، تدرك في أعماقها أن رغبتها في معرفة المزيد عن زوجة مجد ليس فضولا عاديا منها وإنما رغبة في معرفة المزيد عن هذا الرجل الذي تزداد إعجابا به، يوما بعد يوم.

قال حسام بصوت متهدج من البكاء:
-مكنتش عايز أعمل كدة، صدقينى هي اللى إستفزتنى بكلامها، مش عاجباها حياتنا، كان ناقص تقوللى طلقنى، لأ، دى قالتها فعلا.
ربتت نور عى رأسه الرابض على حجرها وعيونها تلتمع من السعادة ولكنها قالت بحزن مفتعل:
-معلش ياحبيبى متزعلش نفسك، إيه يعنى غلطت في حقك وضربتها قلم؟ما إنت واجبك تربيها، هي فاكرة نفسها إيه يعنى؟ملكة بريطانيا.
رفع وجهه على الفور إليها وهو يقول:.

-لأ متظلمهاش، سماح متربية فعلا وعمرها ما غلطت فية، بالعكس طول حياتنا مع بعض وهي شايلانى فوق راسها، مستحملانى ومستحملة ظروفى، وعصبيتى، وقفت ورايا لغاية ما فتحت شركتى وبقالى إسم في السوق، باعت دهبها واديتنى فلوسها اللى في البنك، ومبخلتش علية بحاجة، سماح بجد الزوجة اللى أي حد بيتمناها، وأنا عاذرها في اللى قالته النهاردة، أنا فعلا قصرت معاها أوى لكن خوفى من إنها تسيبنى هو اللى خرجنى عن شعورى.

كانت نور تستمع إليه بحنق، وهو يمجد في زوجته ويعدد مميزاتها، ولكن حنقها وصل للنهاية وتحول إلى غل من كلماته التي تخبرها بأنه يتمسك بها بقوة وأنه من المحال أن يتخلى عنها، لتنوى أن تفعل شيئا بخصوص ذلك، نفضت أفكارها مؤقتا، وهي تقول برقة:
-خلاص ياحسام إنسى، وهي كمان هتنسى والأمور هترجع طبيعى من تانى.
أمسك يديها بلهفة قائلا:
-تفتكرى يانور؟تفتكرى هتنسى اللى حصل ومتزعلش منى أو تفكر تسيبنى؟

رغم الحقد الذي ملأ قلبها في تلك اللحظة لما ظهر من مشاعر حسام تجاه غريمتها إلا أنها إستطاعت أن ترسم بسمة على شفاهها وهي تقترب من شفاهه تهمس أمامهما قائلة:
-طبعا ياحبيبى، هي اللى عندها راجل زيك، تقدر تزعل منه أو تسيبه برده، متفكرش دلوقتى في أي حاجة وسيبنى أنسيك الحزن والهم، وبكرة أكيد هيبقى أحلى.

لتميل مقبلة شفتيه بنعومة ليغمض عينيه يترك لها الحرية لتقود علاقتهم وتنسيه ماحدث اليوم، تثيره بلمساتها وقبلاتها وأنوثتها التي تدركها جيدا، لتستطيع بكل سهولة أن تجعله ينسى فعلته بشريكة حياته، بل ينسى شريكة حياته نفسها.

قالت هاجر بصوت عال:
-أنا ماشية بقى ياسمسم، عشان إتأخرت على المحاضرة.
فأجابتها سمر من داخل المطبخ:
-ماشى ياجوجو، خلى بالك من نفسك.

سمعت هاجر طرقات على الباب، فعقدت حاجبيها وهي تتوجه إليه، تنظر من خلال العين السحرية الخاصة بالباب إلى الطارق، لتتسع عيونها بقوة وهي تلتفت تستند بظهرها على الباب، فأمام الباب وقف هذا الرجل الذي يثير بداخلها جميع المتناقضات، إنه الأخ الأصغر لمجد، ترى ماذا يريد الآن؟إلتفتت مجددا إلى الباب مع عودة الطرقات من جديد، لتأخذ نفسا عميقا ثم تفتح الباب تواجهه بكل هدوء.

تأملها لثانية ليظهر الارتياح قليلا على ملامحه من مظهرها المحتشم، قبل أن يقول ببرود:
-هتفضلى واقفة كتير، مش ناوية تروحى الكلية ولا إيه؟
عقدت حاجبيها قائلة:
-رايحة طبعا بس حضرتك واقف قصادى، خير عايز حاجة؟
ظهرت السخرية على ملامحه وهو يقول:
-عايز أوصل خطيبتى.
إنفرجت عقدة حاجبيها وهي تنظر إليه ببلاهة لثوان تتساءل عن معنى كلماته، لتعقد حاجبيها مع إدراكها لمقصده بينما إتسعت إبتسامته الساخرة وهي تقول:.

-توصل مين، إنت صدقت نفسك ولا إيه؟
مال قليلا يقول بسخرية:
-مش أنا اللى المفروض أصدق، أهل الشارع اللى المفروض يصدقوا ان احنا مخطوبين، وبعدين معتقدش هيضر معاليكى لو لقيتى توصيلة مجانية كل يوم وخصوصا ان عربيتك لسة عند الميكانيكى زي مامجد قاللى، أنا هستناكى تحت، وإنتى بقى حرة.
إلتفت مغادرا يهبط الدرج بخفة غافلا عن عيون إتقدت شرارتها وصاحبتها تقول بحنق:
-إنسان مستفز وبارد.
إنتفضت على صوت سمر وهي تقول بحيرة:.

-إنتى بتكلمى مين ياهاجر؟
إلتفتت إليها هاجر قائلة بحنق:
-بكلم نفسى.
ثم غادرت مغلقة الباب خلفها وسط دهشة سمر، بينما هبطت الدرج بخطوات حانقة، تدرك أن هذا الرجل يثير حنقها إلى أقصى حد ولكنه محقا، يحتاجان لإثبات صدق إدعائهم لكل أهل الشارع، إلى جانب أنها لابد وأن تعترف بأن ذهابها معه أفضل ألف مرة من المخاطرة بالمرور أمام محل هذا المرتضى وإضطرارها لرؤيته مجددا.

هبطت هاجر من السيارة يتبعها حسن، وقفت تنتظره، فرأته يغلق السيارة ثم يبتعد على الفور دون كلمة يوجهها إليها، أصابها الحنق بشدة وكادت أن تتجاهله بدورها متجهة إلى محاضراتها، خطوتين فقط وتوقفت منتبهة أنها نسيت كشكول المحاضرات على تابلوه السيارة من إرتباكها لوجودها إلى جواره طوال الطريق رغم أنه لم ينطق بحرف، لتلتفت بإتجاهه مجددا فوجدته قد إبتعد كثيرا، لتسرع خلفه تراه يتجه إلى أصدقائه على مايبدو، يسلمون عليه بحفاوة، تمهلت في خطواتها تشعر بالخجل، خاصة من هؤلاء الفتيات اللاتى إلتفتن حوله إحداهن تضع يدها على كتفه بينما الأخرى تقترب منه بشدة وتكلمه بعيون تقبع فيهم نظرة جريئة ثم تعدل له ياقته بطريقة أثارت الحنق بداخل هاجر، شعور آخر أحرقها من الداخل، لا تدرى كنهه.

توقفت وهي تشعر بالإشمئزاز، ربما عليها أن تنسى كشكولها او تستغنى عنه اليوم، كادت أن تلتفت متراجعة ولكن صوت هذا الشاب من مجموعته جمدها وهو ينظر إليها بوقاحة قائلا:
-فيه حاجة ياآنسة؟
إلتفت حسن على الفور ليراها تطالعه بإرتباك، عقد حاجبيه وهو ينفض عنه يد تلك الفتاة، يبتعد عن الجميع بإتجاهها، يمسكها من يدها ويبعدها بدوره عنهم، وما ان إبتعدوا بمسافة كافية حتى توقف قائلا لها بحنق:.

-إيه اللى جابك ورايا؟مروحتيش على محاضراتك ليه؟
نفضت يدها عنه قائلة بغضب:
-أولا أنا مش جاية وراك، أنا كنت عايزة...
أخرستها نظرته الساخرة، لتنظر إليه بحنق قائلة:
-أقولك، أنا مش عايزة حاجة منك، وإنسى إنى أروح معاك أو يبقى لية أي علاقة بيك، إنت بجد إنسان مستفز، وأنا، أنا...

لم تستطع أن تبوح بما يتقافز على لسانها من كلمات الكره، لتضرب الأرض بقدمها وهي تنظر إليه بغضب قبل أن تبتعد بإتجاه محاضراتها، يتابعها هو بنظرات باردة، لم تلبث أن لانت قليلا، ولكن تلك الذكرى في رأسه والتي أطلت بقوة الآن، أعادت إلى نظراته البرودة القارصة، ليلتفت عائدا إلى أصحابه وطوال طريقه، يمر شريط الذكريات المرير، يأبى أن يتركه وشأنه.

قال رائف بسخرية:
-كان لازم لما عرضت الجواز على ماجى تقولها إنها مش هتتجوزك لوحدك، لأ هتتجوز معاك طنط سمية كمان.
قال يوسف بحنق:
-ما تلم لسانك يارائف، وبعدين إنت عايزنى بس أعمل إيه؟أبقى عاق وأزعل أمى عشان أرضى مراتى وأكون زوج كويس؟
نهض رائف من مقعده خلف مكتبه وإتجه إلى هذا المقعد المواجه لمقعد يوسف قائلا بهدوء:.

-أنا مقلتش كدة بس كمان اللى بيحصل ده ميرضيش ربنا، انت كدة بتظلم طرف لحساب الطرف التانى، كدة مش هينفع يايوسف، بيتك وسعادتك وحياتك كلها على المحك، مش معنى إن ماجى ساكتة وصابرة على اللى بيحصل يبقى إنت كمان تسكت وتسيب والدتك تتحكم في حياتك بالشكل ده، لمجرد إنك خايف من غضبها عليك، حاول تفهمها إن اللى بتعمله ده بيضر حياتك، وإنها باللى بتعمله بتتعسك، حاول تعرفها إن لو لفت الدنيا دى كلها مش هتلاقى مرات إبن زي ماجى، خليها تراعى مشاعرها شوية وتتقبلها، ياسيدى مش علشان خاطرك على الأقل، عشان خاطر ياسمين، الحفيدة اللى مفيش أجمل ولا أرق منها.

نظر يوسف إلى رائف قائلا بمرارة:
-تفتكر محاولتش، صدقنى حاولت كتير، بس مفيش فايدة، ماما أنا عارفها كويس، مش هتهدى أو ترتاح غير لما أطلق ماجى وأتجوز علا، وده من رابع المستحيلات.
رمقه رائف قائلا:
-يبقى الموضوع كدة لازم له حل سريع والحل ده في إيدينا يايوسف.
عقد يوسف حاجبيه قائلا:
-حل إيه ده؟
قال رائف وهو يستند إلى ظهر مقعده:.

-ندور لعلا على عريس مناسب، وبكدة مامتك هتفقد الامل في جوازك منها، وتبدأ تتقبل الأمر الواقع، وتتقبل ماجى، أو تديها فرصة.
لمعت عيون يوسف وهو يقول:
-والله فكرة حلوة، بس ندور ليه ما العريس موجود.
لم تعجب رائف نبرات يوسف وأدرك أن القادم لن يعجبه ليثق في حدسه ويوسف يستطرد:
-إنت هتكون العريس ده يارائف.
نظر رائف إليه بإستنكار وهو ينهض قائلا:.

-أنا، أنا إيه بس؟شكرا، أنا حرمت، كفاية أوى جوازتى الأولانية من واحدة بتشبه بنت خالتك بالظبط وكأنهم توأم، ولولا الموت أخدها ورحمنى كنت أنا بنفسى اللى قتلتها.
قهقه يوسف ضاحكا وهو يقول:
-الله يرحمها، فعلا كانت شبه علا، ما علينا، يعنى مش هتخدمنى الخدمة دى يارائف؟
عاد رائف إلى مقعده خلف مكتبه وهو يقول:.

-لأ، خلينى بعيد عن الموضوع ده ودور على حد تانى أنا إكتفيت والحمد لله، مبقتش أفكر في الجواز ده نهائى، وكفاية علية شغلى و بيرى.
إبتسم يوسف قائلا:
-ربنا يخليهالك يارائف، صحيح مقلتليش، عملت إيه مع مربية الأطفال الأخرانية.
زفر رائف قائلا:
-طردتها طبعا، الهانم كانت حاطة عنيها علية أنا، مش على بنتى، ومن ساعتها وأنا بدور على واحدة تانية، ولولا وجودها مع ياسمين وماجى أغلب الوقت، كنت بقيت في ورطة حقيقية بجد.

إبتسم يوسف قائلا:
-ماجى بتحبها أوى وكمان ياسمين، البنت تجنن متقولش أبدا إنها بنتك.
رفع رائف حاجبيه قائلا:
-بقى كدة؟
ضحك يوسف قائلا:
-طب متزعلش، هي بنتك، دى حتى نسخة طبق الأصل منك.
إبتسم رائف، لينهض يوسف قائلا:
-أنا هقوم بقى أروح الجمارك أشوف الورق بتاعنا خلص ولا لأ.
قال رائف:
-طيب، متنساش تكلمنى من هناك وتطمنى.

أومأ يوسف برأسه موافقا وإتجه إلى الخارج ليوقفه صوت رائف المنادى بإسمه، إلتفت يوسف إليه فقال رائف بإبتسامة واسعة:
-مكنتش أعرف إنك بتحبنى أوى كدة عشان ترشحنى للجواز من بنت خالتك.
إبتسم يوسف قائلا:
-عيب عليك، ده انت في قلبى، فكر بس ومتتسرعش.
مال على الفور متفاديا هذا القلم الذي قذفه رائف تجاهه ليقول بحزن مفتعل:
-بتلقنى بالقلم الحبر يارائف، طيب كنت لقيتنى بالقلم الدهب، جرحت مشاعرى على فكرة.

ليسرع بالمغادرة ورائف يمسك بدباسة الورق يصوبها بإتجاهه، ليضعها مجددا على المكتب ترتسم على شفاهه إبتسامة واسعة بينما أطل يوسف بوجهه من الباب مجددا قائلا بإبتسامة:
-شفتك وإنت بتضحك.
ثم غادر مجددا قبل أن يقذفه رائف بالدباسة بالفعل، ليهز رائف رأسه قائلا بإبتسامة:
-مجنون.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة