قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية ضلع مكسور سينجبر للكاتبة شاهندة الفصل السادس

رواية ضلع مكسور سينجبر للكاتبة شاهندة الفصل السادس

رواية ضلع مكسور سينجبر للكاتبة شاهندة الفصل السادس

قالت هاجر بحدة موجهة حديثها لأمين مكتبة الجامعة:
-يعنى إيه حضرتك الكتاب محجوز؟المفروض إن إحنا في مكتبة الجامعة، يعنى اللى يحب يستعير كتاب بيستعيره علطول، مش أفضل أسأل عليه لمدة ٣ أيام تقولى الكتاب محجوز، لما البنى آدم اللى حجزه نفسه يقراه أوى كدة، مخدوش ليه لحد دلوقتى؟ولا أنا عشان أقراه هضطر أستنى حضرته لما يتكرم علينا وياخده وبعدين يرجعه، والله أعلم ده هيكون السنة دى ولا...

قاطعها صوت ساخر يقول:
-والله أنا موجود، وتقدرى تسألينى بنفسك.
إلتفتت إليه بحدة تطالعه بثبات، فتأمل ملامحها الجميلة بوقاحة ظهرت على ملامحه، لتقول بحنق:
-وحضرتك تبقى...
وتركت جملتها معلقة، لتزداد إبتسامته سخرية وهو يقول:
-أنا البنى آدم اللى كنتى بتتريأى عليه من شوية.
إبتسمت ببرود قائلة:
-تشرفنا.
أومأ برأسه وقد إرتفع جانب شفتاه بسخرية لتختفى إبتسامتها الباردة تماما وهي تقول بحنق:.

-سعادتك بقى هتتكرم علينا وتاخد الكتاب ولا لأ؟
إقترب بهدوء منها حتى وقف أمامها تماما، مال عليها فجأة فتراجعت تلقائيا ترتطم بالطاولة خلفها، فإتسعت إبتسامته الساخرة وهو يمد يده يأخذ الكتاب من على الطاولة خلفها معتدلا، ثم ناظرا لأمين المكتبة غامزا وهو يقول:
-الكتاب ده عندى ياإتش، وغالبا هجدد إستعارته.
لينظر إلى هاجر مستطردا بسخرية:
-أصلى بطيئ أوى في القراية.

عقدت حاجبيها في غضب بينما إلتفت هو مغادرا لتقول هامسة بحنق:
-إنسان بارد ومستفز.
توقف وقد تسللت إلى مسامعه كلماتها، ليلتفت رامقا إياه بسخرية، قائلا ببرود:
-وقليل الذوق كمان، سلام.
ثم إلتفت مغادرا بهدوء، تتابعه عيناها بحنق غمر كيانها بالكامل، تشعر لأول مرة بأنها تمقت إنسانا، والأدهى أنه إنسان لا تعرفه، ولا تود أن تتعرف إليه، أبدا.

قال عادل بإبتسامة:
-كدة الكاميرا أدام الباب بالظبط وبطريقة متبانش خالص، ولو قطة حتى عدت من أدامها هترصدها، وأنا فهمتك إزاي تفرغ الشرايط وإزاي تبدلها، كدة تمام ياكبير؟
إبتسم مجد قائلا:
-تمام ياعادل، تسلم.
إتسعت إبتسامة عادل وهو يقول:
-طيب هستأذن بقى عشان سايب المحل في عهدة صفوت، وإنت عارف صفوت.
أومأ مجد برأسه وهو يقول بإبتسامة:
-سلملى عليه.
قال عادل بغمزة:
-يوصل، بالإذن.

ثم غادر لينظر مجد إلى الباب المغلق للحظات قبل أن يتنهد ثم يطرق الباب بهدوء، ليفتح الباب على الفور وتطل هي بوجهها الملائكي تنظر إليه بتساؤل، ليقول لها بحنق:
-مش قلتلك قبل كدة متفتحيش الباب لحد قبل ما تسألى هو مين، وتبصى من العين السحرية كمان؟

إتسعت عيناها بإستنكار من كلماته، لينظر بدوره إليها في صدمة، يدرك أنها ليست زوجته زوزا، بل هي فقط سمر جارته، وربما أخافها الآن بكلماته الغريبة تلك، ليطرق برأسه على الفور قائلا بأسف:
-إحمم، أنا متأسف جدا يامدام سمر، الحقيقة غصب عني قلتلك الكلام ده، بس إنتى دلوقتى في مكانة...
ليصمت للحظة قبل أن يرفع رأسه ينظر إلى عينيها قائلا بحنان امتزج بحزن:.

-أخواتى البنات، والحقيقة أنا دايما كنت بنبه على إخواتى ميفتحوش الباب لحد من غير ما يتأكدوا من هويته، وخصوصا يعنى أختى الصغيرة، واللى فكرتينى بيها حالا.
لانت ملامحها وهي تدرك سبب ثورته عليها، لتبتسم بهدوء قائلة:
-ربنا يخليلك إخواتك، عموما حصل خير، كنت عايز حاجة؟
قال بإرتباك:
-إحمم، أنا كنت، يعنى، بطمنك إن الكاميرا إتركبت، ومبقاش حد يقدر يضايقك تانى.
إتسعت إبتسامتها وهي تقول بإمتنان:.

-الحقيقة، أنا مش عارفة أشكرك إزاي.
تطلع إلى عينيها الدخانيتين للحظات، شعر فيهم بالغرق حرفيا، فقد مرت في تلك اللحظات ذكريات شبيهة بما يمر به الآن وإن إختلفت الظروف بالطبع، لكنه نفض أفكاره وهو يقول بإبتسامة هادئة:
-لا شكر على واجب، لو إحتجتى أي حاجة تانية، كلمينى وهتلاقينى جنبك، قصدى يعنى في خدمتك، وزي ما قلتلك إنتى والآنسة هاجر زي إخواتى بالظبط، وتقدروا تعتبرونى أخ ليكم زي الدكتور هادى تمام.

إكتفت بإبتسامة هادئة وإيماءة بسيطة من رأسها، ليقول بإرتباك:
-إحمم، هستأذن أنا، سلام عليكم.
رددت بهدوء:
-وعليكم السلام.

نظر إليها نظرة طويلة أربكتها قبل أن يلتفت مغادرا وصاعدا إلى شقته بالدور العلوي، بينما أغلقت سمر الباب وإستندت إليه بظهرها، ترفع يدها تضعها على خافقها، تتساءل بحيرة عن سر دقات قلبها المتسارعة والتي تتسارع فقط في حضوره خاصة عندما يطالعها بنظراته الحانية تلك، والتي تثير الإضطراب في كيانها بالكامل، لتعقد حاجبيها بشدة وهي تجد نفسها لأول مرة ترغب في معرفة المزيد عن هذا الرجل.

ترجلت سمر من سيارة هادى يتبعها هو بإحباط، فقد ظلت صامتة طوال الطريق، ترد عليه بإقتضاب عندما يتوجه إليها بالحديث، وكأنها تحذره من التمادى معها أكثر، تخبره بكل وضوح أن إرتباطهما هو إرتباط صوري، ويجب ان يظل هكذا، كادت أن تبتعد متجهة إلى بوابة المستشفى ليوقفها ندائه بإسمها مجردا، لتلتفت إليه بملامح جامدة، إقترب منها حتى توقف أمامها تماما، لينظر إلى عينيها مباشرة وهو يقول بثبات:.

-عارف إن إرتباطنا أدام الناس، بس كمان لازم نظهر أدامهم كأي إتنين مرتبطين ومفيش إتنين مرتبطين مبيمشوش وإيديهم في إيدين بعض، كمان مفيش إتنين مرتبطين ملامحهم بتبقى بالشكل ده، وكأن حد ميت عندهم، ولا إيه؟

رمقته للحظات بتحدى، قبل أن تلين ملامحها، ليمد يده في تلك اللحظة ويمسك بيدها دون أن يحيد بنظراته عنها فلم تمنعه، ليومئ برأسه إيماءة خفيفة، قبل أن يتجها سويا إلى بوابة المستشفى، لتصل إليه نبراتها الهامسة وهي تقول:
-هانت كلها يومين والمسرحية السخيفة دى تخلص، وساعتها كل واحد هيروح لحاله يادكتور.

إبتسم بداخله لروحها المتمردة والتي مازالت تقاومه بكل قوة وظهرت إبتسامته تلك على وجهه وهو يحيي كل من يصادفهم في طريقه، ليظهر كأسعد رجل بالعالم، وهذا ما يشعر به الآن ويده تحتضن يدها، تماما.

توقفت هاجر بسيارة الأجرة قريبا من تلك البناية التي تقطن بها ثم ترجلت منها بهدوء يخالف هذا الحنق الذي ربض بكيانها، تتذكر هذا الرجل الوقح الذي أثار حنقها اليوم ومازالت حانقة حتى تلك اللحظة، خاصة وأنها قد بحثت عن تلك الرواية في كل مكتبة قد صادفتها في الطريق فلم تجدها، ربما بدأ الأمر كعشق للكاتب ورغبة منها في قراءة جميع مؤلفاته، فقد قرأت للعظيم يوسف السباعى، تقريبا جميع رواياته مثل (إنى راحلة وبين الأطلال ورد قلبى)، ولم يعد هناك سوى رواية (أرض النفاق) والتي تثق بأنها إبداع كباقى روايات الكاتب، ولكن الأمر الآن تعدى عشقها لروائع السباعى، وأصبح تحدى لهذا الرجل الذي حرمها قراءة الرواية، لتبرهن له فقط أنه لم يستطع أن يكسر أنفها، ولكن هاهي قد رجعت إلى المنزل بخفي حنين، وستضطر بالغد أن تنزل إلى مكتبة الأسكندرية لتبحث عن تلك الرواية، أفاقت من أفكارها على هذا الرجل الذي توقف أمامها فجأة يرمقها بملامح وقحة لم ترتح إليها أبدا، عقدت حاجبيها لتشعر أن ملامحه تبدو مألوفة، أدركت على الفور أين رأته بالسابق، فهو يمتلك هذا المتجر بجوار بنايتهم تلك، تراه كل يوم عند عودتها يرمقها بتلك النظرات الوقحة، ليظهر الغضب على وجهها حين حاولت أن تتجاوزه فوجدته يتحرك معها ليظل واقفا أمامها مجددا، رمقته بحدة قائلة:.

-فيه حاجة ياأستاذ؟
إبتسم بسماجة قائلا:
-مرتضى، إسمى مرتضى ياست الأستاذة.
قالت بنفاذ صبر:
-خير ياأستاذ مرتضى.
لمعت عيناه وهو يقول:
-كل خير ياست الأستاذة، أنا بس كنت عايزك تشرفينا في المحل وتختارى حاجة من عندنا، ده إنتى هتنورينا والله.
حاولت أن تتجاوزه مجددا قائلة:
-لأ شكرا، مش عايزة حاجة.
تحرك معها مجددا لتقف متحفزة وهو يقول:
-طب بصى بس وخدى فكرة.
نظرت إليه بغضب قائلة بحدة:.

-قلتلك مش عايزة، هو إيه؟بالغصب؟لو سمحت إبعد من طريقى دلوقتى حالا، يا إما هصرخ وألم عليك الناس، مفهوم؟
ظهر الغضب على ملامحه وتحركت يداه بإتجاهها ولكنه مالبث ان تراجع وهو يفسح لها الطريق لتتجه بخطوات سريعة غاضبة بإتجاه المنزل، تاركة إياه يغلى من الغضب.

كان حسام يجلس في مكتبه، يراجع بعض التقارير، حين دلفت إليه نور سكرتيرته وهي تقول بملل:
-شركة الزيات مش موافقة على شروطنا وطالبة تراجع معاك بنود العقد من تانى.
رفع عيونه إليها قائلا بحنق:
-دول بيتلككوا بقى، دى تانى مرة يقولوا كدة، المرة اللى فاتت قعدنا وغيرنا الشروط وحطينا اللى هم عايزينه، طالبين إيه تانى؟
إقتربت منه حتى جلست أمامه تماما قائلة:.

-طالبين ضمانات كمان، حاجات تخليهم يدخلوا معانا الصفقة بقلب جامد.
نهض حسام بعصبية وهو يتجه إلى تلك النافذة ينظر من خلالها قائلا:
-هيطلبوا إيه تانى؟ أنا إديتلهم كل الضمانات اللى ممكن أقدمهالهم، مبقاش فيه حاجة تانية غير البيت اللى ساكن فيه أنا وعيلتى وده مستحيل أجازف بيه.
شعر بيديها تدلكان كتفيه برقة قائلة:
-طيب إهدى شوية وروق أعصابك المشدودة دى وكل حاجة وليها حل.

شعر بأعصابه فعلا تسترخى مع لمساتها، يغمض عينيه ويدع هذا الشعور المريح يتغلغل إلى كيانه ولكنه لم يلبث أن فتح عيناه فجأة يبتعد عنها قائلا بجزع عندما شعر بيداها على بشرة عنقه العارية:
-نور إنتى بتعملى إيه؟إحنا في المكتب.
قالت نور في ضجر:
-وفيها إيه يعنى؟واحد ومراته، محدش ليه عندنا حاجة على فكرة.
رمقها خالد بنظرة تحذيرية وهو يقول:.

-محدش هنا يعرف إنك مراتى، وياريت توطى صوتك عشان لو وصل الكلام لسماح مش هيحصل طيب.
رمقته قائلة بسخرية:
-إنت لسة بتخاف من الهانم؟
قال حسام بإرتباك:
-لأ، مش خوف منها على فكرة، هو يعنى، تقدرى تقولى خوف على مشاعرها، أنا عمرى ما شفت منها غير كل خير ومش حابب أأذيها.
قالت نور بحنق:
-ولما هي كويسة أوى كدة، كنت بتتجوزنى ليه ياحسام؟
قال حسام بحدة:
-قلتلك وطى صوتك يانور.

رمقته نور بغضب دون أن تتحدث لتلين ملامحه وهو يقول مستطردا:
-ما إنتى عارفة إتجوزتك ليه، سافرنا في رحلة عمل وليلتها سكرت وحصل اللى حصل، وانتى بعدها قعدتى تعيطى وتقوليلى صلح غلطتك ياحسام فصلحت غلطتى وإتجوزتك تانى يوم،
قالت بحزن:
-يعنى جوازك منى مش اكتر من تصليح غلطة ياحسام.
إقترب منها حسام حتى توقف أمامها يمسك يديها بين يديه قائلا بحنان:
-في الأول بس يانور، لكن بعد كدة أكيد حبيتك.

إبتسمت وعيونها تلمع بالسعادة، لتقول بحب:
-أنا كمان بحبك أوى ياحسام.
إبتسم وهو يرفع يديها إلى شفتيه يقبلهما برقة، ناظرا إلى عينيها، لتتسع إبتسامتها قبل أن تقول وهي تهز حاجبيها صعودا وهبوطا:
-بمناسبة جوازنا ياحسام، إيه رأيك لو نحوله من عرفى لرسمى؟
تجمدت ملامحه للحظة ثم ترك يديها قائلا بإرتباك بدا ملحوظا لها:
-أكيد هنحوله ياحبيبتى، بس لما يعنى، أقصد لما أقدر...
قالت بسخرية:.

-لما تقدر تقول للهانم على موضوع جوازنا مش كدة؟
نظر إليها بثبات، تصلها إجابته من خلال نظراته، لتقترب منه تعدل له رباط عنقه قائلة بمداهنة:
-مش مهم تعرف ياحبيبى، أنا ميهمنيش، أنا عايزة جوازنا يكون رسمى ياحسام، بينى وبينك بس، حاجة بس تطمنى إنك مش متجوزنى رغبة أو نزوة، وفي المقابل إعتبر شركة الزيات في جيبك.
ظهرت اللهفة على وجه حسام وهو يقول بسرعة:
-بجد يانور؟!

نظرت إلى لهفته وبداخلها إرتسمت إبتسامة منتصرة لم تظهر على وجهها وهي تقترب مقبلة ثغره برقة قبل أن تقول:
-بجد ياقلب نور.
ليبتسم حسام بسعادة وهو يقول:
-ديل ياحبيبتى،
لتظهر إبتسامتها أخيرا على وجهها تخبره بسعادتها برضوخه، أخيرا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة