قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية ضلع مكسور سينجبر للكاتبة شاهندة الفصل السابع

رواية ضلع مكسور سينجبر للكاتبة شاهندة الفصل السابع

رواية ضلع مكسور سينجبر للكاتبة شاهندة الفصل السابع

قالت سمر بحنان:
-طب إهدى بس ياهاجر، ومتعصبيش نفسك بالشكل ده.
قالت هاجر بحنق وهي تتحرك جيئة وذهابا بعصبية:
-أهدى إزاي بس بعد اللى حكيتهولك؟ أنا مش عارفة بس أنا ليه كل الرجالة الباردين والأغبيا ييجوا لحد عندى ويقفوا قصادى، مش عارفة أكره مين أكتر؟ البنى آدم اللى كان في المكتبة الصبح ولا سى مرتضى ده كمان، واللى شكله هيحطنى في دماغه، وفي الرايحة والجاية هيقطع طريقى.
قالت سمر بقلق:.

-لأ، لو هيقطع طريقك يبقى نكلم أستاذ مجد يتصرف معاه.
توقفت هاجر وهي تنظر إلى سمر بدهشة للحظات قبل أن تقول:
-نكلم أستاذ مجد؟غريبة، مش ده اللى كنتى بتقوليلى بلاش تندهيله ياهاجر وتدخليه في أمورنا الشخصية، دلوقتى بقى عادى كدة يتدخل؟
قالت سمر بإضطراب:
-لأ، أنا، أصلى، يعنى...
إبتسمت هاجر لأول مرة في هذا اليوم الغريب، وهي تقول:.

-أنا بهزر، هي فكرة كويسة فعلا، لو ضايقنى تانى هكلم أستاذ مجد، هو فعلا رجل محترم وهيقدر يوقفه عند حده.
أومأت سمر برأسها بهدوء يختلف عن هذا الشعور الذي يجتاح كيانها الآن فقط لذكر إسم هذا الرجل الذي يربكها، تشعر بالأمان الكامل معه ومع ذلك تخشاه هو، أو ربما تخشى ما يجعلها تشعر به على الأرجح...
قالت هاجر:
-المهم، عملتيلنا إيه على الغدا؟أنا هموت من الجوع.
إبتسمت سمر قائلة:.

-عاملالك سبانخ باللحمة بس إيه، تجنن، هتاكلى صوابعك وراها.
قالت هاجر بسعادة:
-وساكتة من الصبح ياشيخة، انتى عارفة انى بعشق أكلك، يلا بينا ناكل ياأحلى سمسمة في الدنيا.
إبتسمت سمر وهي تبعث لها بقبلة هوائية، بادلتها إياها هاجر، قبل أن تتجه إلى المطبخ تتبعها الأخيرة بإبتسامة، واسعة.

أمسك مجد بألبوم الصور يجول بين جنباته بإبتسامة عاشقة حانية، يتلمس بعض الصور بحب، يتساءل بمرارة...
كيف لم ينتبه إلى أن عمله يأخذه بعيدا عنها، كيف كان يتأخر بالمكتب و يتركها وحيدة؟بل أحيانا كان يحضر عمله معه إلى المنزل، وينشغل به عنها...

فلم تتذمر ولم تقل شيئا عن إبتعاده وتفانيه في العمل، بل أحيانا كانت تشجعه أيضا، وحتى حين كان يعود من عمله بمشاكل العمل التي لا تنتهى، ويفرغ غضبه بالمنزل، فيتذمر وقتها من كل شئ تفعله، كانت تصمت تماما حتى يهدأ، ثم تحادثه بكلماتها الرقيقة فتشعره بالذنب مرارا وتكرارا، كم كان غافلا عن أفعاله التي أبدا لم ترفق بها...
هي...

من أحبته من كل قلبها، ورغم أنه بادلها هذا العشق إلا أنه إعتبرها دائما من ممتلكاته ونسي أن لها روحا، وما أفاق من غفلته سوى بعد فوات الأوان...
لقد كانت رائعة حقا حبيبته زوزا، و لو عاد به الزمن لما فارقها يوما، بل لما فارقها لحظة، ولمنحها كل ما حرمها منه...

أغمض عينيه وهو يتراجع بظهره للوراء، وصورة سمر تطل بذاكرته، كم تشبه حبيبته في كل تصرفاتها، كم تجذبه مشاعره إليها، حتى أنه في بعض الأحيان يود لو ضمها إليه بقوة، يتنفس الماضى شوقا وهي بين أضلعه، لدرجة أنه يتجه إليها بالفعل، ولكنه في اللحظة التالية يتذكر أنه غريب كلية بالنسبة إليها، وأنها على الأرجح ستنفر منه، بل وستتهمه بالجنون، وربما إبتعدت عنه للأبد...

وكم حقا يشعر بالجنون، فهو مجنون زوزا أو مجنون سمر، في تلك اللحظة هو يشعر بأنهما أصبحا شخصا واحدا، يعشقه بجنون، وتبا كم يقتله هذا الشعور، فما هو بقادر على أن يضم زوجته زوزا إلى صدره ومن المستحيل أن يفعل ذلك مع سمر، جارته...

أفاق من أفكاره على صوت الباب يفتح ودلوف حسن من الباب، ففتح عيناه بسرعة وهو يمسح تلك العبرات التي سكنت بهما مغلقا الألبوم وواضعا إياه جانبا، ليقترب حسن منه ويجلس بجواره بهدوء وقد لاحظ إحمرار عيون اخيه وأنه كان يمسح شيئا من عينيه عند دخوله من الباب، على الأرجح عبرات، كما إنتبه إلى هذا الألبوم، والذي يدرك بكل يقين صور من القابعة به؟ليقول بشفقة:.

-حاول تنسى يامجد، ومتقلبش في اللى فات، اللى حصل حصل، ومش بإيدنا نرجع الوقت عشان نصلح غلطنا.
ليصمت للحظة قبل أن يستطرد بمرارة:
-كلنا غلطنا صحيح و دفعنا تمن غلطاتنا، بس كمان مبقاش يفيد الندم، اللى عدا خلاص دفناه، واللى جاي إتعلمنا فيه منكررش الغلط، وبإذن الله اللى جاي أحلى، صدقنى.
نظر إليه مجد بحزن دون أن ينطق، ليربت حسن على يد مجد قائلا بحنان:
-وبعدين مين بس كان يتوقع إن سحر تتجنن وتنتحر بالشكل ده؟

نهض مجد قائلا بعصبية إمتزجت بمرارة كالعلقم:
-خلاص ياحسن، أبوس إيديك، كفاية كلام في الموضوع ده، أنا بحاول أنساه بكل تفاصيله، وأنسى إنها بإنتحارها ضيعتنى، و أخدت كل حاجة كانت حلوة في حياتى، أخدا زوزا وأخدت معاها حتى إبنى اللى كنت بحلم بيه كمان.
ظهرت الشفقة على ملامح حسن وهو ينهض بدوره قائلا:
-طيب إهدى بس يامجد وقوللى، الجماعة اللى تحت عاملين إيه؟
زفر مجد وهو يجلس مجددا قائلا:.

-كويسين، بس فيه حاجة حصلت ولازم أقولك عليها، عشان تبقى عارف.
عقد حسن حاجبيه وهو يجلس مجددا قائلا:
حاجة إيه دى؟
نظر مجد لحسن للحظة في تردد قبل أن يخبر أخاه، بكل شئ.

كانت سماح تجلس في الردهة تتابع مسلسلها التركي المفضل لديها على الإطلاق حين فوجئت بمراد يجلس بجوارها بهدوء، نظرت إليه لتلاحظ هذا التردد الذي يغلف ملامحه وهو ينظر إليها، لتمسك الريموت تغلق به التلفاز بهدوء قبل أن تعتدل ناظرة إليه وهي تقول:
-مالك يامراد، عايز تقول إيه؟

إبتلع مراد ريقه بصعوبة، يود أن يخبر والدته بما شاهده اليوم عند خروجه من الدرس، ولكنه يدرك أن والدته الرقيقة لن تتحمل هذا الخبر، فكيف يخبرها أنه شاهد أباه في السيارة مع نور سكرتيرته، ربما بدا الأمر طبيعيا لولا أنه لمحها تضع يدها على صدر والده بطريقة حميمية، لا تفعلها أبدا إمرأة قد تكون مجرد سكرتيرة لرجل وتعمل لديه، بل يدرك مراد ورغم صغر سنه أن الأمر يتعدى ذلك، ولكن كيف يخبر والدته بهذا الأمر دون أن يؤذى مشاعرها...

يتساءل في حنق عن والده الذي إستطاع بكل سهولة أن يؤذى والدته، تلك التي يشعر بحبها لوالده في كل عمل تفعله، حتى ولو كان مجرد إعداد وجبة يفضلها هذا الوالد الذي يبدو أنه إستبدلها بأخرى لن تكون أبدا كوالدته، أفاق من شروده على صوت والدته التي قالت في قلق:
-مراد، مالك ياحبيبى؟
قال مراد بتردد:
-هو إنتى ليه ياماما، يعنى، مبتشتغليش مع بابا؟
إبتسمت سماح بإرتياح وهي تقول:.

-هو ده السؤال اللى شاغل بالك بالشكل ده؟بسيطة ياسيدى، إنت عارف باباك، مبيحبش شغل الستات ورافضه نهائي، ده غير إنه ميعرفش إنى إتعلمت لغات في البيت، وأقدر أفيده في شغله اللى بيجيبله مترجم مخصوص، وأنا خايفة أقوله يتخانق معايا، زي ما إتخانق معايا لما عرف إنى كملت تعليمى من وراه، وبطلت أطلب منه إنى أشتغل معاه من كتر ما رفض، وخلاص بقى، إتعودت يامراد.
قال مراد بنبرة رغما عنه بدا الغضب بها:.

-ولما هو رافض شغل الستات، مخلى نور سكرتيرته ليه؟
نظرت إليه سماح بدهشة قائلة:
-إسمها طنط نور يامراد، عيب تقول إسمها من غير ألقاب، وبعدين إنت متعصب كدة ليه؟بابا حر ياحبيبى، يشغل معاه اللى هو عايزه، وبعدين أنا ياسيدى اللى مش عايزة أشتغل، وعايزة أتفرغ للبيت ولبابا وليك ياحبيبى.
نهض مراد قائلا بعصبية:.

-لأ مش صح، أنا سامعك وإنتى بتقولى لطنط ماجى إن كان نفسك تشتغلى بس بابا رافض، يعنى دى رغبتك الحقيقية، مش كلام بتقوليهولى بس عشان تريحينى.
نهضت سماح قائلة بصدمة:
-مالك يامراد؟إيه اللى معصبك بالشكل ده، وإيه اللى خلاك تتكلم في الموضوع ده دلوقتى؟
قال مراد بسرعة:
-عشان، عشان...
صمت وهو يرى ملامحها المتحفزة، ليطرق برأسه قائلا بحزن:.

-عشان نفسى تحققى حاجة حلمتى بيها لنفسك ياماما، مش عايز يبقى كل همك تفكرى في سعادتى وسعادة بابا وبس، نفسى تفكرى في نفسك.
ليرفع وجهه وهو ينظر مباشرة إلى عينيها قائلا:
-فكرى في سعادتك إنتى لمرة واحدة في حياتك، زي ما غيرك فكر.
إبتسمت سماح بحنان وهي تقترب منه تمسكه من ذراعيه قائلة:
-وهو يعنى سعادتى وسعادتكم إيه يامراد؟ما هما الإتنين شئ واحد.
نفض مراد يديها عن ذراعيه قائلا بحدة:.

-لأ مش شئ واحد ياماما، هتفهمى الكلام ده إمتى بس؟
نظرت إليه في حيرة ليتحاشى هو نظراتها وهو لا يستطيع البوح لها بما في جوفه من مرارة، قبل أن يلتفت مغادرا إلى حجرته، تتابعه عيناها بحيرة، كادت أن تتبعه ولكن صوت رنين هاتفها إستوقفها لتنظر إلى شاشة الهاتف وتجدها ماجى، فضغطت على زر الإيجاب وهي تتجه إلى حجرتها، تنوى أن تعود لمراد بعد إنهاء مكالمتها، بعد قليل.

طرق هادى الباب قبل أن يفتحه بهدوء عندما سمع سمر تسمح للطارق بالدخول، ليطل بوجهه قائلا بإبتسامة:
-خلصتى شغل؟
أومأت برأسها بهدوء ليدلف إلى الحجرة قائلا:
-طيب إيه رأيك نروح...
قاطعته قائلة بحدة وهي تنهض بعصبية:
-لأ ما هو مش معنى إنى وافقت اتخطبلك إنك تفتكرها سايبة، وكل شوية تطلب أخرج معاك، ولغاية المهزلة دى ما تخلص، فأكتر من مرة او إتنين توصلنى فيهم مش هسمح، مفهوم؟

تأملها بصمت للحظات بطريقة أربكتها، ثم تقدم منها خطوات قليلة حتى توقف أمامها تماما، ليقول بهدوء:.

-ومش معنى إنى ساكت على أسلوبك وكلامك الجارح، لإنى مقدر مشاعرك، فده يديكى إنطباع إنى ضعيف الشخصية أدامك، أو يديكى الحق تتمادى في الكلام معايا، أنا آسف بجد لو إعتبرتى أخلاقى عيب فية أو ضعف، أنا جيتلك بس لما شفت إنك عملتى النهاردة عمليات مرهقة فعلا، وقلت أكيد حابة تشربى قهوتك معايا في الكافيتريا، ده غير إنى فكرت إن ده هيدعم موقفنا أدام الكل هنا في المستشفى بعد الكلام اللى وصلى عن مضايقة نهى ليكى الصبح، لكن الظاهر إنى طلعت من تانى غلطان، فآسف إنى أزعجتك وأوعدك مكررهاش تانى.

أومأ لها برأسه بتحية مقتضبة وإستدار مغادرا بهدوء، لتنظر في إثره بندم، تدرك وبكل قوة أن لديه كل الحق في سخطه، وأنها حقا تخطت بسخافتها كل الحدود.

قالت هاجر عاقدة حاجبيها:
-معندناش كابتشينو ياسمر، مقلتليش ليه بس؟
قالت سمر بإبتسامة:
-قلتلك ياهاجر وبعتلك رسالة على الواتس آب كمان، أنا عارفة إنك متقدريش تذاكرى من غيره، متقدريش تعيشى أصلا من غيره، بس إنتى اللى نسيتى.
ضربت هاجر على رأسها بخفة قائلة:
-صح، إفتكرت، بس اللى حصل الصبح نسانى، عموما هنزل لحد السوبر ماركت أجيبه وآجى، مش عايزة حاجة تانية أجيبهالك معايا؟
قالت سمر:.

-هاتى مكرونة عشان هطبخ بكرة نجرسكو، بس متتأخريش ياجوجو.
إبتسمت هاجر وهي تحضر حقيبتها متجهة إلى الباب قائلة:
-مش هتأخر، مسافة السكة.
لتخرج قائلة:
-سلام ياسمسمة.

إرتطمت بأحدهم بعد أن أغلقت الباب وكادت أن تقع فأسندها هذا الشخص بسرعة، إعتدلت على الفور تشكر منقذها ظنا منها أنه مجد، ولكنها ما إن رأته حتى تحفزت ملامحها وهي تعقد حاجبيها بقوة في صدمة، بينما تأملها هذا الشخص بنفس النظرة الساخرة التي أثارت حنقها أكثر، وأكثر.

تنهدت سماح قائلة:
-مش عارفة ياماجى، قلبى مش مرتاح، وكأن فيه حاجة غلط بتحصل في حياتى بس مش قادرة أحدد إيه هي الحاجة دى.
قالت ماجى في نفسها.

حياتك كلها غلط ياموحة، وكلنا شايفين كدة، بس انتى اللى لسة عايشة في العالم الوردى اللى رسمتيه لنفسك ومش قادرة تشوفى الحقيقة، الحقيقة اللى أنا وإخواتك وكل اللى يعرفوكى شايفينها، والحقيقة دى إنك تستاهلى فرصة تانية تعيشى فيها لنفسك وبس، تبطلى تسعدى اللى حواليكى وتسعدى نفسك وبس، إنتى تستاهلى تبقى مبسوطة ياسماح
أفاقت من أفكارها على صوت سماح وهي تقول بقلق:.

-حتى مراد ياماجى، النهاردة مش طبيعى خالص، وبيقول كلام غريب.
عقدت ماجى حاجبيها وهي تقول:
-مراد؟قالك إيه مراد؟

أخبرتها سماح بما قاله لها مراد لتتوجس ماجى خيفة، ترى هل أصبح لدى مراد نفس الشك الذي أصبح يراود ماجى بالفترة الأخيرة؟خاصة وقد رأت صور لحسام مع نور على صفحة شركته، ونظرة نور لحسام التي لا تبشر أبدا بالخير، ولا تدرى ماجى كيف لا ترى سماح تلك النظرات وكيف تثق بها وبزوجها تلك الثقة العمياء؟طال صمتها لتفيق على صوت سماح تقول بقلق:
-روحتى فين ياماجى؟
قالت ماجى بإضطراب:
-انا هنا، مروحتش في حتة، بسمعك ياموحة.

قالت سماح:
-طيب إيه رأيك، أفهم إزاي مراد إن انا مبسوطة بحياتى كدة، وراضية بيها بالشكل ده؟
قالت ماجى بهدوء:
-إزاي هتقنعيه باللى إنتى مش مقتنعة بيه أساسا؟
قالت سماح:
-يا ماجى أنا يمكن كان نفسى أعمل حاجات كتير ويمكن جوازى من حسام منعنى، بس ده مش معناه إنى مش مبسوطة بحياتى كدة، أنا عندى زوج طيب وبيحبنى وإبن ربنا يخليهولى وإخواتى كمان، هطلب إيه أكتر من كدة؟
قالت ماجى بتقرير:.

-ناقصك تحققى طموحك وأحلامك اللى هم جزء منك، كمان ناقصك أهم حاجة في الدنيا، ناقصك تعيشى ياسماح.
تنهدت سماح قائلة:
-ما أنا عايشة أهو.
قالت ماجى بهدوء:
إنتى عارفة كويس إنك مش عايشة وبتحاولى تاخدى منى كلام يأكد أوهام بتحاولى تقنعى بيها نفسك، وأنا عمرى ما كدبت عليكى ياسماح ومش هبدأ دلوقتى، فكرى كويس في كلام إبنك وكلامى، وياريت بعد ما تفكرى، تبدأى تشوفى اللى كلنا شايفينه من زمان.

أغمضت سماح عينيها بحزن، تدرك أنها بالفعل تدرك الحقيقة ولكنها تحاول إنكارها، بكل ما أوتيت من قوة.

قالت هاجر بحنق:
-إنت تانى؟
إتسعت إبتسامته الساخرة وهو يقول:
-وإنتى تانى.
رمقته بحنق قائلة:
-طب حاسب من أدامى خلينى أعدى ولا هتفضل واقف في طريقى كتير؟
تنحى جانبا قائلا:
-ودى تيجى، إتفضلى يابرنسيسة.
رمقته بحنق وهي تقترب منه تشير إليه بإصبعها قائلة بحدة:
-لأ ما هو مش عشان حضرتك ضيف أستاذ مجد، يبقى هعديلك سخافتك دى، إلزم حدودك يابنى آدم إنت.
تجمدت ملامحه تماما وهو يقول ببرود:.

-أولا أنا مش ضيفه، أنا أخوه، ومش معنى إنك إنتى ضيفته يبقى هسمحلك تكلمينى بالأسلوب ده، مفهوم؟
رغما عنها تراجعت خطوة من ذلك الجليد الذي غلف كلماته فأرسل إلى جسدها قشعريرة باردة، لترمقه بحدة دون أن تنطق بكلمة قبل أن تتجه إلى الأسفل، تاركة إياه يتابعها بعيون إرتسم فيهم الغضب.

كان يمرر سبابته على حافة فنجال القهوة الخاصة به، يشعر بالضيق من موقفها المعادى له، لا تدرك أنه معها بكل دقة في قلبه، وأنه لا يمكن أبدا أن يؤذيها، تجمد إصبعه وهو يسمعها تقول بنبرات نادمة:
-إنت معاك حق على فكرة.
رفع عيونه إليها ليرى الندم في عيونها، تأملها في صمت فجلست أمامه، تضع يديها في حجرها، تفركهما بتوتر وهي تقول مستطردة:.

-إنت ملكش ذنب في اللى حصل ومش من حقى أعاقبك عليه، بس صدقنى غصب عني، أنا بس مش متعودة على حد يكون، حد يعنى، حد...
كاد أن يبتسم بداخله على تلعثمها الذي زادها جمالا، ليخفي إبتسامته بصدره وهي تستطرد قائلة:
-مش متعودة يعنى يكون حد قريب منى، زي ما قربت إنت منى، أكيد الموضوع ده موترنى، بس أوعدك إنى أحاول أتقبله وأتعامل معاه، في الفترة اللى هنظهر فيها مرتبطين على الأقل، فإيه رأيك لو نبدأ من جديد؟

تأملها بصورة أربكتها قبل أن ينهض بهدوء ودون أن ينطق بكلمة، أطرقت برأسها بحزن تدرك أنها قد ندمت على تصرفاتها الحمقاء بعد فوات الأوان، ولكنها مالبثت أن رفعت رأسها إليه عندما قال:
-قهوتك إيه؟
إبتسمت حين طالعها مبتسما لتقول بهدوء:
-مظبوط، بشربها مظبوط.
أومأ برأسه مغادرا بإتجاه النادل تتابعه عيناها وهي تتمسك بمحبسها بقوة، دون أن تدرى.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة