قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية ضلع مكسور سينجبر للكاتبة شاهندة الفصل الثامن

رواية ضلع مكسور سينجبر للكاتبة شاهندة الفصل الثامن

رواية ضلع مكسور سينجبر للكاتبة شاهندة الفصل الثامن

كانت هاجر عائدة إلى المنزل تحمل بعض الأكياس بيدها، حين وجدت مرتضى يقف في وجهها من جديد، يتأملها بتلك النظرة الوقحة، زفرت في حنق ثم واجهته بعيون غاضبة وهي تقول:
-خير، فيه حاجة تانى؟
إبتسم مرتضى بسماجة قائلا:
-أبدا ياست الأستاذة، أنا بس كنت حابب أشيل عنك الأكياس دى، عيب يعنى أكون موجود وتشيليهم؟وبعدين لما تحتاجى حاجة ابقى عرفينى وأنا أجيبهم لحد عندك.

حاولت هاجر أن تهدئ أنفاسها الغاضبة كي لا تتهور، فأمثال هذا الرجل يحتاج إلى الروية في التعامل وربما بعض البرود أيضا، لتقول بهدوء:
-من فضلك يامحترم، لو سمحت، خليك في حالك وملكش دعوة بية، أشيل أكياس بقى أو لأ، أنا حرة، ومش محتاجة مساعدة ولو احتجت أكيد مش هطلبها منك انت، مفهوم، ولا انت من الناس اللى بيحتاجوا أعيدلهم الكلام أكتر من مرة؟
ظهر الغضب على ملامحه وهو يقول بحدة:.

-إشمعنى يعنى، مالى؟مش عاجبك ليه ودايما مصدرالى الوش الخشب؟ناقص إيد يعنى ولا ناقص رجل؟
زفرت هاجر بقوة قبل أن تقول بنفاذ صبر:
-مش مفروض إن حضرتك تهمنى أساسا، أو يكون لية أي رأي فيك، وياتسيبنى في حالى، يابجد هتضطرنى أشتكيك.
عقد مرتضى حاجبيه بشدة وانتفخت أوداجه وهو يتقدم منها خطوة لتتراجع رغما عنها وقد شعرت بالرهبة، وهو يقول بغضب:
-الظاهر إنك مبتجيش بالذوق ولازم تيجى بال...

قاطعه صوت غاضب النبرات تعرفه هاجر جيدا جاء من خلفها وهو يقول بحدة:
-فيه حاجة يامرتضى؟
رمق مرتضى محدثه بحنق ثم قال بحدة:
-مفيش، الحق علية، حبيت أعمل بأصلى زي أي ابن بلد ميهونش عليه بنت شارعه تشيل تقيل وهو واقف...
قاطعته هاجر قائلة بحدة:
-وأنا قلتلك خليك في حالك، وملكش دعوة بية.
قال مرتضى بغضب:
-شايف ردها وأسلوبها معايا؟
قالت هاجر بغضب:
-وإنت مين انت...
قاطعها حسن وهو يتقدم أمامها مواجها مرتضى قائلا بصرامة:.

-عرضت خدماتك عليها ورفضت، وقالتلك إنها في غنى عنها، يبقى تخليك في حالك زي ما قالتلك ومتحاولش تقربلها تانى، مفهوم يامرتضى؟
نظرت هاجر إلى ظهر حسن في حيرة من موقفه، وإتخاذه صفها بعد أن توقعت العكس تماما، ظنا منها أنه لخلافه معها سيؤازر هذا المرتضى، لتنفض حيرتها عندما قال مرتضى بعيون تطاير منها شرارة الغضب:
-والباشا آخد الموضوع على أعصابه كدة ليه، السنيورة دى تخصك في حاجة؟

إقترب حسن منه بعيون ظهرت فيهم صرامة بالغة وهو يقول ببرود كالجليد:
-كلمة زيادة وقسما بالله ماهبقى على جيرة ولا عشرة، والبادى أظلم يامرتضى.
نظر إليه مرتضى للحظات بتحدى، قبل أن تظهر إبتسامة ساخرة على وجهه وهو يتنحى جانبا بصمت، بينما إسترخت ملامح حسن وهو ينظر إلى هاجر بعيون باردة قائلا:
-إتفضلى أدامى.

رغم نبراته المتسلطة، وحدة نظراته، وحنقها منه إلا أنها أطاعته على الفور ترغب بالهرب من هذا المرتضى ودقات قلبها التي تسارعت خوفا لأول مرة في حياتها من نظرات رجل وقح مثله، بينما تبعها حسن بهدوء وما أن ابتعدا قليلا حتى تحولت نظرات مرتضى الساخرة إلى نظرات حاقدة، وهو يقول بغل:
-بقى كدة ياحسن، مبقاش مرتضى إبن الشيخ سالم، إن ما جبت عاليها واطيها، والبادى حقيقى أظلم ياإبن الصعيدى.

كانت سمر تتابع مسلسلها التركي بشغف، قد شغلتها تلك البطلة التي تعانى من تجاهل زوجها المطلق لها وتسلطه عليها، تلعن هذا الرجل الذي لا يدرى شيئا عن حزن زوجته وقلبها المنفطر دوما من تصرفاته معها، لتتجمد كلية حين رأت البطلة تضع ملحا في قهوته وتقدمها له، ليتناول فنجاله منها وهو ينظر إلى هاتفه لا يحيد عنه، حتى وضع حافة الفنجال على شفتيه وتذوق القهوة ليبصقها بسرعة وهو يرمق البطلة بحنق، قبل ان ينهض ويصفعها بقوة...

لم تعد ترى الشاشة وذكرى أخرى تلوح في الأفق لموقف مشابه تماما حدث لها، ولكن تصرف زوجها لم يكن كتصرف هذا البطل البغيض، هو فقط بصق القهوة وترك الفنجال من يده، تسمع صوته يأتيها من أعماق ذكرياتها بصعوبة مذبذب النبرات وهو يقول:
-إيه ده؟
لتسمع صوتها بوضوح وهي تقول بقهر:.

-معلش، حبيت ألفت إنتباهك وأحسسك إنى بنى آدمة موجودة ومهمة في حياتك زي تليفونك وشغلك بالظبط، وبما إنى نجحت أخيرا في إنى أشد إنتباهك لية، فحابة أعرفك إنى من النهاردة هكون زي القهوة دى، صحيح بتحبها، بس ملحها مش هيخليك تقرب منها تانى.

أمسكت رأسها بشدة وهذا الصداع المؤلم يضربها بقوة، نهضت ببطئ وإتجهت إلى حجرتها لتتناول حبة من شريط الدواء الموضوع على الكومود بجوار سريرها ثم تشرب كوبا من الماء، تغمض عينيها لثوان ثم تفتحهما وهي تتنهد بحزن...

تبا لتلك الذكريات التي تطاردها من وقت لآخر، تؤكد لها أن زوجها كان رجل لا يستحق البكاء عليه والدليل على ذلك هو عدم بحثه عنها بعد هذا الحادث الذي تعرضت له، تتمنى فقط لو عرفته او حتى تذكرت ملامحه التي تظل في عقلها الباطن مبهمة، يظهر في ذكرياتها ضبابي الشكل، ليتأكد لها مرارا وتكرارا أنها لابد وأنها كانت تكرهه بشدة لتنساه بهذا الشكل، عادت لمكانها تجلس أمام التلفاز تتابع المسلسل بحزن، ترى البطلة وهي تطلب الطلاق من زوجها، لتشجعها من كل قلبها على قرار صحيح، إتخذته في الوقت المناسب، تتمنى لو كانت إتخذته بدورها ولكن يظل عليها أن تجده أولا لتفعل ذلك وتتحرر من إرتباط تثق بأنه بغيض تماما، كذكرياتها معه.

تلكأت هاجر قليلا عندما اقتربت من باب شقتها، ثم توقفت أمامه، تطالع بتردد هذا الرجل الصاعد على الدرج، حتى مر من أمامها متجاهلا إياها كلية، ليوقفه صوتها المضطرب وهي تقول:
-لو سمحت.
إلتفت إليها يطالعها ببرود، لتنظر إليه بإرتباك حانق، ترغب في لكمه على أنفه المتغطرس هذا ولكنها في نفس الوقت لا تستطيع، يعجزها صنيعه معها، لذا فقد تغاضت عن حنقها وهي تقول على مضض:
-شكرا عشان اللى عملته معايا تحت.

مال فمه قليلا بسخرية وهو يقول:
-معملتوش عشان خاطرك، عملته عشان انتى ضيفة عيلة الصعيدى وضيوفنا محدش يقدر ولو للحظة بس يفكر يضايقهم، ياإما هيواجهونى أنا.
تبا لغروره الذي فاق الحدود، أخذت نفسا عميقا تتمالك به نفسها قبل أن تقول ببرود:
-أيا كان السبب فالمهم عندى إنك خلصتنى من البنى آدم ده، وعشان كدة لتانى مرة بشكر حضرتك وبتمنى محتاجش لخدماتك تانى، عن إذنك.

إلتفتت تفتح الباب بسرعة وتدلف إلى الداخل، بينما تابعها حسن بعينيه قبل أن يزفر ويلتفت صاعدا، يدرك بكل قوة أنه يجب أن يبتعد عن تلك الفتاة التي يرسلها القدر في طريقه، لتشعل في كل مرة جميع الإنذارات الحمراء برأسه.

كانت هاجر عند دلوفها المنزل تتمتم بحنق:
-معملتوش عشان خاطرك، عملته عشان انتى ضيفة عيلة الصعيدى، إنسان مغرور وشايف حاله، مش عارفة على إيه يعنى؟
نظرت إليها سمر في دهشة وهي تضع الأكياس على الطاولة بحنق وتتقدم لتجلس بجوارها على الأريكة، عاقدة حاجبيها بغضب، لتقول سمر بحيرة:
-مالك، ما انتى كنتى نازلة في أمان الله؟راجعة بتبرطمى كدة ليه؟
لتتسع عيناها في إدراك وهي تقول:.

-متقوليش، البنى آدم ده إتعرضلك تانى؟
أومأت هاجر برأسها قائلة:
-أيوة، وتخيلى مين اللى وقفله؟
قالت سمر بإرتباك:
-مجد؟قصدى يعنى أستاذ مجد؟
هزت رأسها نفيا قائلة بحنق:
-لأ، أخوه.
عقدت سمر حاجبيها قائلة:
-هو ليه أخ؟
قالت هاجر بحنق:
-أيوة وتعرفى طلع مين؟
طالعتها بتساؤل لتستطرد قائلة:
-البنى آدم السمج اللى كنت بكلمك عنه الصبح.
اتسعت عينا سمر بدهشة وهي تقول:
-اللى أخد منك الكتاب؟

اومأت هاجر برأسها لتعقد سمر حاجبيها قائلة:
-طيب منين مكنش طايقك ومنين دافع عنك؟
هزت هاجر كتفيها قائلة:
-آل ايه احنا في حماية عيلة الصعيدى وعشان كدة دافع عني،
لتزفر قائلة:
-إنسان مغرور بشكل، اللى يشوفه، مستحيل يقول انه أخو الأستاذ مجد.
شعرت سمر بالإضطراب يعتريها مجددا عند ذكر إسمه، تزداد دقات قلبها ووجهه يطل في عقلها مع ذكره، لتأخذ نفسا عميقا تتمالك به نفسها وهي تقول:.

-طيب سيبك منه دلوقتى وفكرى هنعمل إيه في اللى إسمه مرتضى ده؟ما هو مش معقول هنفضل خايفين في الرايحة والجاية يقطع طريقك وتحتاجى حماية.
تنهدت هاجر وهي تقول:
-الظاهر ان الحل الوحيد إنى أكلم أستاذ مجد زي ماقلتيلى قبل كدة، وأشوف بقى هنعمل إيه.
على الرغم من أن تلك الفكرة تصيب جسدها بأكمله بالتوتر، إلا أن سمر أيقنت مثل هاجر أن هذا هو الحل الوحيد لمعضلتهما، والتي ربما تهدد وجودهما بهذا المكان، كلية.

قال يوسف:
-يا ياماما، قلتلك إن ماجى وافقت خلاص، إدعيلنا إنتى بس ياحبيبتى.
إستمع إلى حديث والدته، ليمسك بإصبعيه السبابة والإبهام هذا الجسر ما بين حاجبيه، مغمضا عيناه في ضيق قبل أن يزفر وهو يفتح عينيه قائلا بحدة:
-قلتلك ميت مرة ياماما، اللى بتقوليه ده أنا مستحيل هعمله، أنا بحب ماجى ومش عايز غيرها، أنا حقيقى مبقتش عارف مشكلتك مع الأحفاد ولا مع ماجى نفسها.

ليستمع إلى حديثها مجددا قبل أن يقاطعها قائلا:
-لأ ياماما، أنا مش جاي ومش هشوف حد، سلام دلوقتى.
أغلق هاتفه وهو يزفر بضيق ملتفتا ليتجمد تماما وهو يرى ماجى تقف أمامه تمسك بيديها صينية عليها فنجالين من القهوة، شاحبة كالموتى، وعيونها خالية من الحياة، لم يدرى ماذا يقول لها وقد أدرك أنها إستمعت إلى محادثته مع والدته، حاول أن يفتح ثغره ليقول أي شئ، أي شئ يعيد الروح إليها ولكنه وجدها تقول بهدوء:.

-قهوتك يايوسف.
ثم وضعت الصينية على الطاولة القريبة منها، تأخذ أحد فناجيل القهوة وتستدير مغادرة، ليجد نبرات صوته التي بحث عنها كثيرا وهو يقول:
-رايحة فين؟مش هتشربى القهوة معايا؟
قالت دون أن تلتفت:
-جيسى عايزانى أحل معاها مسائل الماث، فهشربها في أوضتها.

ثم تحركت مغادرة، بينما يتابعها يوسف بحزن، يدرك أنها تهرب بأحزانها إلى غرفتها متعللة بمذاكرة ياسمين إبنتهما، فقط كي تخفى عنه هذا الحزن الكامن بها لإدراكها ما تفعله والدته وإفتعالها دائما المشاكل رغبة دائمة منها في التفرقة بينهما، فقط لإنه يوما رفض الزواج من إبنة خالته وتمسك بحبيبته ماجى، لينظر إلى فنجال قهوته قائلا بحزن:
-ربنا يسامحك ياماما، ربنا يسامحك.

قال الشيخ سالم بدهشة:
-إنت متأكد من الكلام ده يامرتضى؟إنت متأكد إنهم مجد وحسن ولاد الحاج محمود الصعيدى؟
قال مرتضى وهو يتظاهر بالحزن:
-طبعا متأكد ياأبويا، أنا كنت ساكت لأجل العيش والملح اللى بينك وبين أبوهم الله يرحمه، بس بصراحة دمى ييغلى وأنا شايف اللى بيحصل كل يوم أدام عينى ومش قادر أتكلم.
أطرق الشيخ سالم بعصاه قائلا بصرامة:.

-الساكت عن الحق شيطان أخرس ياإبنى، صحيح كان ابوهم راجل طيب وكان بينى وبينه عشرة وعيش وملح، وكنت فاكر ولاده زيه، بس لو إتغيروا وحادوا عن الطريق الصح، يبقى واجب علينا التقويم، وإن رفضوا حكمنا، يبقوا يخرجوا من شارعنا، إحنا طول عمرنا في حالنا وملناش في الشمال واللى حابب يمشى في الشمال يخرج من شارعنا وربنا هو اللى هيحاسبه، ملناش إحنا صالح بيه.
أحس مرتضى بالإنتصار وهو يقول بعيون تلمع:.

-يعنى هتعمل إيه ياحاج؟
قال سالم بعيون صارمة:
-هعمل اللى المفروض يتعمل ياإبنى وربنا يقدرنى عليه.
كاد مرتضى أن يظهر سعادته ولكنه أخفى إبتسامة الإنتصار بصعوبة وهو يقول بحزن مفتعل:
-وأنا معاك ياأبويا.

رأى رقمها على الهاتف فإنتفض معتدلا، يقول بإضطراب:
-ألو.
قالت سماح بقلق:
-إنت فين ياحسام وتليفونك مقفول ليه؟قلقتنى عليك، انت مش مكلمنى من خمس ساعات تقولى إنك هتيجى تاخد أوراق مهمة للشغل؟
إبتلع حسام ريقه بصعوبة وهو ينهض من السرير يرتدى بنطاله على عجل، ناظرا إلى نور بأسف فإعتدلت بدورها تنظر إليه بحنق بينما أشاح بناظريه عنها وهو يمنحها ظهره قائلا بإرتباك:.

-آه، فعلا، ماهو أصل، يعنى، الميتنج إتأجل وجالى مشوار تانى مهم، فنسيت خالص موضوع الورق ده وفونى كمان فصل شحن، عموما أنا جاي حالا في الطريق، مش هتأخر.
تنهدت سماح قائلة:
-ماشى ياحسام، متسوقش بسرعة وخلى بالك من نفسك.
أغمض عينيه بإرتياح وهو يقول:
-حاضر ياحبيبتى، لا إله إلا الله.
قالت سماح:
-محمد رسول الله.

أغلق الهاتف وقد إرتدى ملابسه ملتفتا إلى نور التي نهضت من سريرها وتقدمت بإتجاهه لتتوقف أمامه تماما وهي تقول بحنق:
-أول ما كلمتك، جري هتروحلها وكأن...
قاطعها واضعا يده على فمها قائلا:
-ده كان إتفاقنا، إنتى عارفة هي بالنسبة لى إيه، وانا مخبيتش عليكى حاجة من الأول.
أزاحت يده بعصبية قائلة:
-طب وأنا، أنا بالنسبة لك إيه ياحسام؟
زفر حسام بقوة قائلا:.

-مش هتكلم كل شوية في الموضوع ده يانور، إنتى حبيبتى ومراتى زيها بالظبط، ومقدرش أخسرك بالظبط زي ما أنا كمان مقدرش أخسرها، انتى لما وافقتى تتجوزينى كنتى عارفة انى متجوز وراضية لكن هي لأ، لا عمرها هتتقبل ده ولا أنا أقدر أواجهها بيه، إحنا صحيح إتجوزنا رسمى بس جوازنا لازم يفضل في السر وانتى وافقتى على كدة، ولا هترجعى في كلامك دلوقت؟
تنهدت قائلة بحزن:.

-لأ مش هرجع، بس ياريت متحسسنيش انها أهم عندك منى، لإنى مهما كنت بحبك مش هقبل أكون مجرد شئ إحتياطى في حياتك.
إقترب منها يمرر يده على وجنتها بنعومة ناظرا إلى عينيها بشغف قبل أن يميل هامسا أمام شفتيها:
-إنتى مش ممكن تكونى شئ إحتياطى في حياتى يانور، إنتى من الضروريات، وجودك في حياتى زي النفس اللى بتنفسه بالظبط، من غيره مقدرش أعيش.

تاهت تحت تأثير كلماته ليبتسم بنعومة وهو يرى مدى تأثرها به، ترتعش شفتاها مطالبة إياه بتأكيد تلك المشاعر التي تصلها من بين أنفاسه ليسرع بمنحها ماتريد، يقبلها بقوة، برغبة، بشغف، لتبادله قبلاته، تحل له أزرار قميصه ليدعها هو تفعل به ماتريد وقد غلبته رغبته وأنسته تلك التي تنتظره الآن بشوق، زوجة غاب عنها زوجها قلبا وقالبا.

كان مجد يجلس على الكرسي بالردهة يطرق بصمت، تواجهه هاجر وسمر الجالستان على الأريكة أمامه، تحترمان ذلك الصمت المطبق الذي أضحى مجد فيه منذ أن أخبرته هاجر بتعرض مرتضى لها أكثر من مرة ثم تصدي أخاه لمرتضى في مواجهتها الأخيرة معه، تأملت سمر هذا الرجل أمامها تدرك أنه غاضب للغاية ويحاول أن يتمالك نفسه ولكن قبضتاه المضمومتان بشدة، فضحت مشاعره، لا تدرى لماذا ودت لو خففت عنه أو ربما أمسكت بيديه تخبره أن يهدأ قليلا، لتنفض أفكارها التي صدمتها وهو يرفع إليهما وجهه وقد ظهر أمامهما بملامح صارمة قائلا:.

-كدة مفيش أدامى غير حل واحد.
نظرا إليه بحيرة، لتقول سمر بتردد:
-إيه هو، قصدى يعنى الحل ده؟
نظر إلى عيونها، يشعر بالتردد قليلا، ووصلها هذا الإحساس، ليحسم قراره ويظهر الحزم على وجهه وهو يقول:
-إنى...

قاطعه طرقات قوية سريعة على الباب، فنهض بسرعة وهو يتجه إلى الباب وسط قلق الفتاتان، المتسائلتان عن سر تلك الطرقات القوية، ليفتح مجد الباب ويظهر حسن الذي تعلو ملامحه القلق بدوره ناظرا إلى الفتاتين للحظة قبل ينظر إلى أخيه قائلا بتوتر:
-مرتضى والشيخ سالم وأهل الشارع جايين على هنا وشكلهم ميطمنش، أنا شفتهم من البلكونة، وجيت عشان أحذرك.

قبل أن يجيبه مجد، نظر إلى نقطة ما خلفه، ليستدير حسن ويرى الشيخ سالم ومعه بعض الرجال يصعدون الدرج، ليتوقف الشيخ سالم مطالعا إياهم بنظرة صارمة، هو وبعض أهل الشارع الذين ظهر الغضب على وجوههم، بينما اعتلت وجه مرتضى ملامح السخرية، ليطالعه حسن بحنق، حتى إمتلأ المكان بشحنات الغضب ليدرك الجميع أن تلك الليلة لن تمر على خير، أبدا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة