قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية ضلع مكسور سينجبر للكاتبة شاهندة الفصل السابع والعشرون

رواية ضلع مكسور سينجبر للكاتبة شاهندة الفصل السابع والعشرون

رواية ضلع مكسور سينجبر للكاتبة شاهندة الفصل السابع والعشرون

نظر رائف إلى الرسالة التي أعطته إياها سماح بتمعن قبل أن يتركها على سطح المكتب وهو يزفر بقوة، قالت سماح بحيرة:
-الرسالة فيها حاجة مضايقاك؟
نظر إليها قائلا:
-بالعكس، الرسالة فرحتنى جدا، وافقوا على طلباتتا بس...
صمت فحثته قائلة:
-بس ايه؟
قال بهدوء:
-رئيس الشركة عندهم مبيسافرش يمضى العقود.
قالت سماح:
-وفيها ايه؟مايبعت مندوب ليه يمضى العقود بداله.
هز رأسه نافيا وهو يقول:.

-لأ، مش هينفع، أصله بيمضى العقود بنفسه، عايزنى أسافر نمضى العقود علطول.
قالت بهدوء:
-خلاص سافرله.
قال بحيرة:
-وأتفاهم معاه ازاي بس؟محتاج مترجم.
قالت:
-أكيد عندهم مترجم، هيساعدك.
مال ينظر إلى عمق عينيها قائلا:
-وتعرفى عني إنى ممكن آآمن لمترجمهم، او أمضى حاجة قبل ما أكون متأكد مية في المية إيه هي، وإيه اللى بمضى عليه؟وللأسف معتز والده تعبان ومش هيقدر يسيبه ويسافر معايا.

أحست ببعض الارتباك من قربه وأنفاسه التي لفحتها، فتنحنحت قائلة:
-خلاص أسافر أنا معاك.
نظر إلى عيونها بدهشة امتزجت بالفرح للحظة ثم أسرع يمسك يديها بلهفة قائلا:
-بجد ياسماح؟

شعرت بخفقاتها تزداد وبجسدها يرتعش من لمسته العفوية والتي أثارت بقلبها مشاعر عاتية، لتومئ برأسها بإضطراب، لاحظ تورد وجنتيها وارتعاشة يديها بين يديه، ليتركها على الفور وهو يمرر يده في رأسه بتوتر، يبتعد عنها متجها إلى مكتبه ليفسح لها المجال لتأخذ أنفاسها التي تحبسها كما يبدو، جلس خلف مكتبه مشيرا لها بالجلوس قائلا:
-احمم، اقعدى.
جلست بارتباك تنظر إليه وهو يستطرد قائلا:.

-هتقدرى تبعدى عن مراد؟أنا فاكر إنك منبهة على يوسف ان شغلك ميبقاش فيه سفر، لانك متقدريش تبعدى عنه.
قالت بهدوء وقد استعادت كيانها الذي أصابه الاضطراب لبعض الوقت:
-مراد من بكرة هيروح لوالده وهيقعد معاه يومين، اعتقد إنهم كفاية اوى على سفرية ألمانيا.
قال بسرعة:
-كفاية أوى.
أومأت برأسها ثم قالت بإبتسامة هادئة:
-بالمناسبة، شكرا لإنك قدرت تقنعه يشوف والده، ده شيئ فرحنى كتير، وجميلك هيفضل فوق راسى.

قال رائف بابتسامة:
-متقوليش كدة، أي حاجة تسعدك أكيد بتسعدنى.
طالعته بحيرة، كلماته بسيطة ولكن تنفذ إلى اعماقها فتربكها، ليتنحنح هو قائلا:
-احمم، هتصل بشركة الطيران عشان نحجز تذاكر للسفر بأسرع وقت.
أومأت برأسها دون أن تنطق بحرف بينما ابتسم هو بسعادة وهو يتصل بالشركة، تطالعه سماح بقلب أدرك في تلك اللحظة أنه بات متعلقا بهذا الرجل فكما تسعده سعادتها، تحلق بها بدورها في سماء السعادة، ابتسامته.

حاول مراد أن يبدوا سعيدا لوجوده مع والده ولكن رغما عنه لم يستطع أن يرسم ابتسامة على شفتيه وهو يجلس بجوار والده بالسيارة متجهين إلى الشركة حيث يعمل حسام ليمضى على بعض الأوراق الضرورية ثم يذهبان للملاهى لتمضية بعض الوقت، كما يخبره والده الآن بسعادة، التفت يطالع الخارج بعينين اختفت لمعتهما، يود لو كان الآن في مكان آخر، يلعب (بلاي ستايشن)مع عمه رائف أو يجلس مع والدته يتبادلان الأحاديث بينما تصنع له الكوكيز التي يعشقها، أو ربما يلعب مع جيسى وبيرى لعبة الألغاز، حقا لقد افتقد الجميع منذ الآن، ولكنه مجبر على الوجود هنا مع والده، تتردد كلمات عمه رائف في رأسه، تجبره على أن يجلس ويستمع لهذا الرجل الذي يدعى والده، هذا الرجل الذي لم يكن أبدا والدا ولم يقم بواجباته كأب، بل اكتفى بترك مسئوليته لوالدته سماح، تلك الأم التي لها الفضل وحدها في تكوين شخصيته، لها الفضل وحدها في هذا المراد الذي هو عليه اليوم، ورغم أنها كانت أم فاضلة وزوجة مثالية إلا أن هذا الرجل الذي يجلس بجواره الآن يثرثر بلا نهاية عن شركته وأحواله وعن افتقاده لمراد، قد خانها وأهانها مرارا وتكرارا حتى أن مراد الآن يشعر بالسقم وأنه على وشك التقيؤ كلما أدرك أنه مجبر على تحمله،.

-اقف على جنب...
قال مراد تلك العبارة بحزم فنظر إليه حسام وأدرك من ملامحه أنه على وشك التقيؤ فتوقف على الفور، ليفتح مراد الباب ثم يتقيأ على الفور، طالعه حسام بقلق وهو يربت على ظهره بهدوء فاعتدل مراد بعدما أخرج مافى جوف معدته ممسكا المناديل يمسح بها فمه بوهن ثم يغلق الباب فقال والده بقلق:
-انت كويس يامراد؟
أومأ مراد برأسه فاستطرد حسام قائلا:
-أوديك لدكتور؟
قال مراد:.

-مفيش داعى، الظاهر بس انى مش متعود على السفر بالطيارة وده أثر على معدتى.
رغم عدم اقتناعه إلا أنه قال:
-خلاص تعالى نروح على البيت و...
قاطعه مراد قائلا بحزم:
-بابا أنا كويس، من فضلك خلينا نروح الشركة عشان تمضى الأوراق، و بعدها نرجع بيتنا.

طالعه حسام للحظات يدرك تشديده على كلمة(بيتنا)، بالتأكيد لن يرغب في أن يبيت بالمنزل الذي توجد به نور وهو أيضا لا يريد، فقد أصبحت تصيبه بالملل في الفترة الأخيرة، تطالبه بما لن يمنحها إياه قط،
أدار السيارة وانطلق بها بهدوء، ليعاود مراد النظر إلى الخارج من خلال النافذة ولكن ظلل طريقهما تلك المرة، صمت مطبق.

أنهى حسام امضاء تلك الأوراق، بينما يقف مراد عند النافذة يتطلع للخارج بصمت، يدرك أن تلك المقيتة نور تقف الآن إلى جوار والده ولكنه لن يلتفت إليهما حتى لا يصيبه الحنق أكثر من ذلك، أشار حسام لنور بالذهاب، فنظرت له بحنق قبل أن تغادر بخطوات غاضبة، لينهض حسام ويتجه لطفله يقف بجواره يطالع الخارج بدوره قائلا بهدوء:
-على فكرة خرجت.
قال مراد:
-عارف.
نظر إليه حسام قائلا:
-بقيت أحسن؟!

أومأ مراد برأسه دون أن ينظر إليه فقال حسام:
-طب ايه رأيك نروح الملاهى زي ما اتفقنا.
التفت إليه في تلك اللحظة قائلا بهدوء:
-بابا، أنا عايز أروح البيت من فضلك، ياريت نأجل الملاهى لبكرة.
أومأ حسام برأسه قائلا:
-طب يلا بينا.

كاد مراد أن يتحدث ولكن صوت رنين هاتفه قاطعه ليجيبه على الفور وملامحه تشع بالسعادة ليدرك حسام أن سماح من تحادثه، أصابه الحنق فلماذا لا يستطيع مراد أن يكون سعيدا معه الآن كما هو سعيدا لمجرد حديثه معها؟
أنهى مراد المكالمة ليقول له حسام بسخرية:
-مش قادرة تستنى، بتكلمك علطول، ايه، خايفة أخطفك؟
رمقه مراد بهدوء قائلا:.

-ماما عمرها ماتفكر بالشكل ده، الظاهر ان حضرتك معرفتهاش كويس، هي فعلا مكلمانى عشان تطمن علية بس ده عشان هتسافر وهتنشغل مش أكتر.
قال كلماته واتجه إلى الخارج، ليبتسم حين وصله صوت والده وهو يقول بصدمة:
-تسافر فين؟
اختفت ابتسامته وهو يلتفت إلى والده قائلا:
-ألمانيا، مع آنكل رائف.
ثم التفت مغادر تاركا والده يقف متجمدا من الصدمة.

ابتسمت سماح برقة لهذا العجوز المقعد (ادريان توماس )مضيفهما في برلين وصاحب الشركة التي يبغى رائف الحصول على توكيلها في مصر، فقد كان يمدح في المصريين وروحهم الطيبة وبشاشة وجوههم، حيث أنه أمضى وقتا في القاهرة حين كان شابا يافعا، وأحب وجوده هناك.
مالت تقول له:
-مستر أدريان بيمدح في المصريين، وبيقول انه قضى فترة في القاهرة لما كان أصغر من كدة.

لم يستوعب أي كلمة من حديثها وخصلات شعرها تلمس وجنته تنفحه بعطرها الرقيق، ليغمض عينيه يستمتع بقربها للحظة ثم فتح عيونه على صوتها وهي تقول:
-رائف، مستر أدريان بيسألك تقدر امتى تكون جاهز لتسويق منتجات شركتهم؟
نفض رائف مشاعره واعتدل قائلا على الفور:
-بعد الدراسة اللى عملناها والدعاية اللى هتقوم بيها الشركة، نقدر نسوق المنتجات من أول الشهر اللى جاي بالكتير.

ترجمت له سماح ما قاله رائف لتشرق ملامح ادريان بإبتسامة قائلا:
-حسنا، لدينا اتفاق إذا فلنمض العقود.
ترجمت سماح لرائف جملة أدريان ليقول رائف بدهشة:
-من غير مامحامى شركتك يراجع العقود؟أو حتى يعرض علينا عقود محاميه؟
قالت سماح جملة رائف بالألمانية ليبتسم العجوز قائلا بضع كلمات إحمر لها وجه سماح خجلا فابتسمت شاكرة إياه بلطف، ليقول رائف بحيرة:
-بيقول ايه ياسماح؟
نظرت إليه قائلة بخجل:.

-قال انه عاش كتير لدرجة انه بيقرا الوجوه وبيعرف سمات أصحابها، وقال...
صمتت خجلة فإستحثها قائلا:
-قال إيه؟!
قالت مطرقة الرأس خجلا:
-قال ان ملامحى شفافة و بتأكد ثقتى فيك وهو بيثق في ملامح ملاك بقلب نقى زيي، وانى بفكره ببنته.
رغم ثقته بأن العجوز لا يضمر شيئا سوى الاعجاب بفتاة رائعة حقا كسماح، يعدها كإبنته، إلا أنه شعر ببعض الغيرة التي غصت قلبه من كلماته ليقول بهدوء وهو يجز على أسنانه ليتمالك نفسه:.

-حكيم فعلا، بس ياريت نمضى العقود بسرعة عشان ورانا طيارة.
قالت سماح جملته لأدريان فقال بضع كلمات لتترجمها لرائف قائلة:
-بيقول هنمضيها لكن مش هتسافر قبل ما تزوره في بيته وتتعرف بعيلته.
كاد أن يعترض ولكن نظرة أدريان حبست اعتراضه داخل صدره، ليهز رأسه موافقا، في صمت.

استيقظت ماجى تشعر بأنها ماعادت وحدها في سريرها بل انضم إليها أحدهم، نظرت بجوارها لترى هذا الجرو الصغير من فصيلة (الشيواوا )، يطالعها بعيونه الجميلة فارتسمت ابتسامة على شفتيها وشعت عيونها بسعادة وهي تعتدل على الفور تستند إلى وسادتها وتمسك به تقربه من وجهها قائلة:
-مين القمر؟ها؟وجيت هنا إزاي؟
انتفضت على صوته وهو يقول بحنين:
-أنا اللى جبته.

اتجهت أنظارها إلى مصدر الصوت فوجدته يخرج من هذا الركن المظلم إلى النور يطالعها بإشتياق قائلا:
-جبته لانى عارف أد ايه بتحبى الكلاب، قلت جايز يشفعلى عندك وتلاقى في قلبك حاجة لية حلوة تخليكى تسامحينى.
رمقته بصمت فاقترب منها قائلا:.

-أنا صحيح خذلتك، كسرتك زي ماقلتيلى بس وعد منى انى هحاول أجبر كسرك بكل قوتى، وعد منى مش هكون ضعيف أدام والدتى تانى، ومش هبرها على حسابك وحساب سعادتنا، وعد منى ان دموعك الغالية عمرها ماتنزل بسببى تانى، والمرة دى هوفى بوعودى ياماجى، هتقدرى تصدقينى المرة دى وتسامحينى ياحبيبتى؟هتقدرى ترحمينى من عذابى في بعدك؟

جلس بجوارها يطالعها ينتظر أن تبعث قلبه للحياة بكلماتها، اطمئن قلبه قليلا والحنان يعود لنظراتها ويشع من قسماتها بدلا من تلك البرودة التي كانت تبعث في قلبه قشعريرة الخوف من أن لا تلين أبدا، تركت جروها بجوارها وهي تمسك يديه بيديها قائلة:.

-اللى بيحب بيسامح يايوسف، أنا كمان آسفة وبطلب تسامحنى، أنا حبيتك كدة، زي ماانت، بطيبة قلبك وحبك لوالدتك ورغبتك في طاعتها، حبيت فيك قلبك اللى سايعنا كلنا، مش ذنبك ان والدتك شايفاك كتير علية ولا ذنبها هي كمان انها مقدرتش تحبنى، احنا الاتنين تعبناك، وجه الوقت اللى ترتاح فيه، من النهاردة أنا كمان بوعدك إنى مش هضغط عليك تانى بسبب والدتك، وانى هحاول أستوعبها وهسيبك تتعامل معاها زي ما انت شايف، لإنى واثقة إنك مش ممكن هتيجى علية عشان خاطرها ولا هتيجى عليها عشانى.

طالعها بسعادة طاغية عبرت عنها ملامحه وهو يقول:
-أنا قلبى دلوقتى مش قادر يعبر عن اللى جواه ياماجى، أنا حقيقى مش عارف أقولك إيه؟
جذبته إلى أحضانها وضمته برقة قائلة:
-قول انك بتحبنى وبس يايوسف.
أغمض عيناه وهو يتمرغ في عنقها بوجهه قبل أن يقول بعشق:
-بحبك ياقلب يوسف.
ابتسمت برقة قبل أن تغمض عيناها بدورها تستمتع بقربه، ظلا هكذا للحظات قبل أن يفتح عيناه يقول بحزن:
-على فكرة انتى كنتى صح ودكتور مصطفى قاللى...

قاطعته قائلة:
-هشش، متفكرش دلوقتى في أي حاجة تضايقك، خلينا ننسى كل الألم ونفتكر بس ان احنا هنا، مع بعض.
أغمض عيونه مجددا وهو يستمع إليها، يترك روحه لها لتداويها، بحنانها.

كان حسام يجول في حجرته جيئة وذهابا، يكاد يجن مما سمعه من طفله، لقد كانت سماح تتعلم اللغات دون علمه، حتى أنها أصبحت مترجمة محترفة بشركة هذا المدعو رائف ومديرة للعلاقات العامة، لقد بحث عن هذا الرجل في جوجل ووجد أنه رجل أعمال لا يستهان به، لا يفارق طليقته كما يبدو من كلمات مراد التي تدور كلها عن هذا الرجل، وكأنه متواجد بحياتهما على الدوام، لقد رآه بنفسه يوصلها إلى المنزل ويطالعها بنظرات يدركها حسام جيدا، وها هو الآن معها وحدهما في بلد غريبة-(ألمانيا)-من كان ليظن أن تلك الفتاة البسيطة التي تزوجها قد تسافر إلى بلد غريبة كتلك وتتحدث بلغة سكانها أيضا؟كم كان جاهلا لم يدرك ما يحدث في حياة زوجته، وكم قلل من شأنها حتى بات لا يعرفها، هو كان يدرك في قرارة نفسه روعتها كزوجة وأم وهاهي تثبت براعتها كمرأة عاملة، إنه أبدا لم يمنحها تقديره الذي شعر به دوما، ربما لخشيته أن تغتر بحالها، أو ربما خشي أن تدرك كم هي رائعة فتتركه وترحل، بارعة هي في كل ما تفعل، تفوقه كثيرا في كل شيئ، كان يشعر أمامها دائما بالدونية، حتى انه تزوج نور خصيصا ليشعر بأنه ذو قيمة،.

لقد كان يخشى أن تدرك سماح أنه أمامها تقريبا، لا شيئ، فتبتعد عنه ويسهل عليها الرحيل.
وفي النهاية رحلت رغم كل شيئ، ولكنها رحلت دون أن تدرك كم أحبها وكم يشعر الآن بالندم على سوء معاملته اياها، ربما لو منحها بعض حبه، ربما لو أراها كم تعنى له، ربما لو لم يخنها، لكانت معه الآن تنير هذا المنزل بوجودها فقط، نعم وجودها الذي لم يعترف به سوى الآن، بعد فوات الأوان.

كان يطالعها وهي تتنقل بين الأوانى تحضر طعام الافطار غير منتبهة لاستيقاظه واقترابه منها ثم توقفه على عتبة باب المطبخ يطالعها بعشق، لقد عادت إليه حبيبته وعادت معها الحياة، اقترب منها على أطراف أصابعه، حتى أصبح خلفها تماما، أحاط خصرها بذراعيه فانتفضت للحظة ثم استكانت وهو يضع ذقنه على كتفها يقبلها في جيدها، يغمض عينيه وهو يستنشق عبيرها ثم يقول بحب:
-صباح الخير.

أغمضت عينيها تترك مشاعرها تنساب بين يديه قائلة بعشق:
-صباح النور ياحبيبى.
استقام يديرها دون أن يخرجها من محيط ذراعيه لتفتح عيونها وتطالعه ليتأمل وجهها الفاتن وتستقر عيونه على ثغرها فتنحنحت قائلة:
-احمم، انت صحيت من امتى؟
ابتسم قائلا:
-من أول ما حسيت بحبيبتى بتخرج برة حضنى.
توردت وجنتيها قائلة:
-يعنى انت واقف...
قاطعها وهو يقبل ثغرها قبلة خفيفة قبل أن يهمس قائلا:
-من أول رجعونى عنيك لغاية انت عمرى.

طالعته بأنفاس احتبست في صدرها تغمرها همساته ونظراته بعشق سارع من خفقاتها، كم تبدل مجد ليصبح عاطفيا، رومانسيا، زوجا محبا كما أحبته ورأت فيه وتمنت دوما، لقد عوضها في أيام عن كل ما عانته سابقا، منحها في أيام ما رغبت به دوما،
مد يده يرفع تلك الخصلة الشاردة يرجعها خلف أذنها قائلا بحنان:
-القمر سرحان في ايه؟
قالت بحب:
-فيك يامجد، في كل اللى أنا عايشاه معاك، حاسة انى عايشة حلم مش عايزة أصحى منه.
ابتسم قائلا:.

-حياتك من هنا ورايح هتكون أحلى من الأحلام ياأميرتى، أنا ما صدقت انك رجعتيلى ورجعت معاكى روحى.
كادت أن تقول شيئا ولكنها توقفت عن الكلام ودوار ينتابها فأغلقت عينيها ليقول مجد بقلق وقد لاحظ شحوب وجهها:
-زوزا، انتى كويسة؟
فتحت عيونها تطمئنه على الفور قائلة:
-أنا كويسة متقلقش، شوية دوخة بس.
لتبتسم مستطردة:
-أكيد من كلامك الحلو.
لم يبادلها ابتسامتها وهو يقول:
-وشك أصفر، بقولك ايه تعالى ننزل للدكتور نطمن.

قالت بسرعة:
-لأ، دكتور إيه بس، دول شوية...
شهقت حين رفعها من على الأرض بين ذراعيه قائلا بحزم:
-قلت هنروح للدكتور ونطمن وده آخر كلام، مفهوم؟
أدركت قلقه عليها لتهز رأسها بقلة حيلة، ثم تضم نفسها إليه وهي تشعر بين ذراعيه، بالراحة، بالأمان، والحب.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة