قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية ضلع مكسور سينجبر للكاتبة شاهندة الفصل الخامس عشر

رواية ضلع مكسور سينجبر للكاتبة شاهندة الفصل الخامس عشر

رواية ضلع مكسور سينجبر للكاتبة شاهندة الفصل الخامس عشر

فتحت سمر الباب لتجد حسن يقف على عتبته، ينظر إليها قائلا بنبرات قلقة:
-أخبارها إيه دلوقتى؟
أفسحت له سمر الطريق ليدلف إلى الداخل قائلة بحزن:
-لسة زي ما هي ياأستاذ حسن، كل اما ادخل ألاقيها بتغمض عنيها، عايزة تفهمنى انها نايمة، بس الدموع اللى مغرقة وشها بتأكدلى انها مش نايمة، أنا قلتلها انى هكلم هادى أخوها بس هي رفضت وقالتلى هيقلق علية وهييجى اسكندرية بسرعة، خافت عليه يعمل حادثة في الطريق.

هل من الممكن أن يتضخم القلب؟لقد شعر حسن بقلبه يتضخم بالفعل، يزداد إعجابا بتلك الفتاة التي تعرضت لأسوأ ما قد تتعرض إليه فتاة ومازالت تفكر في الآخرين، أفاق من أفكاره، على صوت سمر وهي تقول:
-مش عارفة، حاسة انى مش لازم أسمع كلامها، حاسة إنى لازم أتصل بهادى، الموضوع مش سهل وأكيد هيأثر فيها، ده انت من ساعة ما حكيتلى امبارح وأنا منمتش.
قال حسن بهدوء:.

-إستنى بس يامدام سمر، سيبينى أتكلم معاها شوية وبعدين نشوف هنعمل ايه.
أومأت برأسها موافقة، قائلة:
-اللى تشوفه.
قال بتردد:
-لو ممكن يعنى، أدخلها الأوضة؟
قالت سمر:
-أكيد، بس اسمحلى استأذنها الأول.
قال حسن:
-آه طبعا اتفضلى.

دلفت سمر الى حجرة هاجر، وظلت هناك لدقائق ثم خرجت تشير له بالدخول، ليدلف إلى الحجرة بهدوء، وجدها تجلس معتدلة على السرير، تستند بظهرها إلى الوسادة تنظر إلى الأمام بشرود، إقترب منها وجلس بذلك الكرسي بجوار السرير قائلا:
-هاجر.
نظرت إليه في صمت، ليستطرد بهدوء:
-لسة برده مش قادرة تخرجى من الحالة اللى انتى فيها دى؟انا مش قلتلك انك أقوى من كل الظروف، انا مش قلتلك تحاولى تنسى اللى حصل.

أغروقت عيناها بالدموع قائلة بصوت مختنق:
-مش قادرة أنسى ياحسن، مش قادرة، كل ما افتكر الحيوان ده كان عايز يعمل فية ايه، بحس بجسمى كله بيترعش، بيتنفض من جوة، كل أما أفكر انك كان ممكن متلحقنيش،
قاطعها واضعا يده على فمها قائلا بحزم:
-متفكريش بالشكل ده، مستحيل كنت هسيبك تضيعى، أنا، أنا...

تأملت عينيه بحيرة، ليبعد يده عن فمها وقد كاد أن يعترف بمشاعره، يشعر بكيانه يطالبه بالتصريح لها ولكن هناك حاجز يمنعه من البوح، ليقول بإرتباك:
-أنا متأكد من ان كل حاجة حصلتلك هتعدى وهتنسيها، ومش هتبقى منها حتى ذكرى، أوعدك انى حتى الذكرى دى هنسيهالك.
ظلت تنظر إليه في حيرة ليقول بإبتسامة:
-إيه رأيك نقوم نخرج؟
ظهر الخوف في عيونها على الفور قائلة:
-لأ، مستحيل طبعا، مش عايزة أخرج.

مد يده ليمسك يدها فنظرت إلى تشابك أيديهم بحيرة ثم نظرت إلى عيونه فوجدته يقول:
-مش هتفضلى محبوسة جوة قفص خايفة من البشر، الحياة لازم تمشى، وبعدين انتى معايا، يعنى متخافيش من حاجة أبدا ياهاجر، أنا جنبك وايدى في ايدك، مش هسيبها، أبدا.
تأملته للحظات تصلها ثقته فتغمرها براحة غريبة، لتشعر بثقتها تزداد، ظلا هكذا للحظات ثم قالت بحزم:
-معاك حق، بس إنت هتسيب ايدى وحالا ياحسن.
عقد حاجبيه لتلين ملامحها مستطردة:.

-هتسيبها عشان تخرج من الأوضة، عايزة أغير هدومى عشان أنزل معاك ياحسن.
شعر بالإضطراب، ليترك يدها على الفور وهو ينهض يمرر يده في شعره قائلا:
-آه، طيب، هستناكى برة، سلام.
ثم غادر الحجرة بسرعة مغلقا الباب خلفه، لتزفر هاجر، قبل أن تنفض عنها غطاءها وتنهض لترتدى ملابسها، إستعدادا للخروج.

دلف مجد إلى المنزل، يحمل في يده بعض الأوراق، نظر إلى سمر الجالسة على الطاولة أمام اللاب توب الخاص بها تتابع شيئا ما بتركيز شديد، لتنتفض على صوت مجد وهو يقول:
-سماح فين ياسمر؟
قالت سمر:
-في الأوضة جوة، آخدة مراد في حضنها ونايمة، الحمد لله دراعها اتحسن، انا اول ما شفت دراعها قلت فيه كسر بس الحمد لله انه طلع التواء، الورم النهاردة خف كتير بس حاولت أخليها تاكل لقمة مرضيتش.

أومأ مجد برأسه متفهما حالتها لتنهض سمر قائلة:
-وانت عملت إيه؟خلصت الإجراءات بتاعة طلاقها؟
قال مجد ببغض:
-متفكرنيش، الباشا كان عايز يماطل ويقول ان يمين الطلاق وقع بالإكراه، بس أنا عملت زي سماح وهددته بانى هعمله فضايح قى شغله واتهمه بإحداث ضرر ليها نفسيا وجسديا، وخصوصا إنى عرفت من مراد انه ضربها قبل كدة.
قالت سمر بحزن:.

-انا لما عرفت زيك والله إتقهرت، إزاي قبلت تكمل معاه بعد ما ضربها، إزاي هانت عليها نفسها بالشكل ده؟
قال مجد بمرارة:.

-ساعات الحب بيخليكى عامية، ماشية وراه من غير ماتفكرى، وتستحملى اللى مش ممكن حد يستحمله، يخليكى تضحى بسعادتك نفسها على أمل ان اللى بتحبيه هيتغير، ساعات الحب بيضيع حياتك كلها وانتى مش حاسة، لغاية ما في يوم تفوقى وتعرفى ان اللى انتى بتضحى بيه ده هي روحك اللى بتموت حبة بحبة، هي كيانك اللى بيضعف وبتبهت ملامحه، بس للأسف غالبا يوم ما بتفوقى بيكون بعد فوات الأوان.

أدركت سمر أنه يتحدث عن حبيبته زوزا، تلك التي تحملته بكل حالاته، كانت تذبل معه رويدا رويدا، ولكنه لم يشعر ولم يستفق، سوى بعد فوات الأوان، هكذا هم الرجال يحتاجون لصفعة قوية ليدركوا قيمة ما تجاهلوه واعتبروه أمرا مسلما به، يحتاجون لفقدان نعمة أسبغها الله عليهم، ليدركوا قيمتها.
أطل وجه هادى في مخيلتها لتنفضه مرددة بداخلها:.

فقط إنسيه يافتاة، وكأنه لم يكن قط، فأنتى بخير طالما تبعدين عنك كل ما يحمل لقب، مذكر
تنهدت ثم قالت:
-يعنى كدة خلاص، نقدر نسافر بكرة اسكندرية، أنا اتخنقت من المكان ده وعايزة أرجع هناك، لبيتنا، وخلاص اتفقت مع دكتور عزت صاحب المستشفى اللى كنت بشتغل فيها انى أمسك قسم الجراحة في فرع المستشفى اللى في اسكندرية.
قال مجد بهدوء:.

-حسام خلاص مضى على أوراق الطلاق واتحولت للمحكمة عشان تراجع الأوراق ويتم تسجيل الطلاق، فاضل بس أروح بكرة أسحب أوراق مراد عشان نقدمله في المدرسة اللى جنبنا في اسكندرية، وساعتها هنقدر نسافر.
اومأت سمر برأسها، ليقول مجد:
-على فكرة هادى كلمنى...
قاطعته سمر قائلة في حزم:
-لو سمحت مش عايزة أسمع إسمه تانى، دى صفحة واتقفلت وياريت منفتحش سيرتها خالص من هنا ورايح.
رأى مجد جمود ملامحها ليقول بهدوء:
-براحتك ياسمر.

ثم استطرد داخل نفسه قائلا:
هسيبه هو يحل مشاكله بنفسه، أدها وأدود يادكترة
كاد أن يبتسم ولكنه أخفى إبتسامته بسرعة تحت تفحصها الدقيق لملامحه الهادئة، وكأنها لا تصدق قبوله لرغبتها بعدم الحديث عنه، ليقول متهربا وهو يشعر بأنه على وشك الخضوع لإستجواب:
-أنا هدخل لأختك، أطمن عليها وبعدين هخرج أطمن على اللى في اسكندرية، حسن مكلمنيش من ساعة ما جيت وانا بدأت أتوغوش.

أومأت برأسها ليتجه إلى حجرة أخته سماح، بينما تركها تتساءل رغما عنها عما أخبر به هادى أخاها مجد.

بكت تهانى بدموع التماسيح قائلة:
-حضرتك ظالمنى يادكتور هادى، أنا مستحيل أعمل حاجة زي دى، أكيد الدكتورة سمر هي اللى ملت ودانك من ناحيتى.
هدر هادى قائلا:
-لسة بتظلميها، ونفسك تإذيها زي ما شوهتى سمعتها قبل كدة بالفيديو اللى نشرتيه، مش كدة ياتهانى؟
إتسعت عينا تهانى بإستنكار قائلة:
-أنا، طب إن شاالله يفرمنى...
قاطعها قائلا بحدة:
-متجيبيش سيرة ربنا في كلامك ياتهانى، عشان ربنا برئ منك ومن أفعالك،.

ليوجه شاشة اللاب بإتجاهها قائلا:
-كل اللى عملتيه متسجل في الكاميرات ياهانم، وبالتسجيل ده أنا ممكن أوديكى في ستين داهية.
إتسعت عيناها برعب وهي تطالع ذلك التسجيل الذي يدينها بإقتحام غرفة الطبيب هادى وسرقة مستنداته، لتنظر إلى هادى الذي عقد حاجبيه في صرامة لتقول بدموع حقيقية:
-أبوس إيدك يادكتور هادى، أنا غلطانة وأستاهل كل اللى يجرالى بس متإذنيش وتودى الشرايط للبوليس، أنا عندى عيال ولو اتسجنت هيتشردوا.

قال هادى بغضب:
-وكانوا فين عيالك دول لما فكرتى تإذينى وتإذى الدكتورة سمر؟
اقتربت منه تقبل يده قائلة بتوسل:
-أبوس إيدك سامحنى.
نفض يده عنها لتستطرد قائلة:
-اعمل فية اللى انت عايزه، عاقبنى، اقتلنى حتى بس متسجنيش، أنا مش هقدر استحمل يوم واحد في السجن ولا اولادى هيقدروا يبعدوا عني كمان، طب مش عشانى، عشان خاطرهم، عشان مستقبلهم، بلاش مستقبلهم يضيع بسببى.

رغما عنه شعر بالضعف تجاه أبنائها الذين ستتركهم بلا عائل ان هي سجنت بالفعل، ولكنه أيضا يشعر بالشفقة عليهم لاضطرارهم أن يعيشوا مع أم بتلك الأخلاق، ليقول بصرامة:
-عشان خاطر ولادك بس، مش هقدم الفيديو ده للبوليس، وهكتفى برفدك مع توصية لكل المستشفيات الخاصة بإنها متشغلش واحدة زيك، وياريت تغيرى مهنتك لإنك متستاهليش لقب ملاك الرحمة، وامشى ياتهانى، امشى من وشى دلوقتى بدل ما أغير رأيي.

نظرت إليه وملامح الندم تكسو وجهها، تدرك أنها من جلبت كل هذا لنفسها، لتمشى بإنكسار مغادرة الحجرة يتابعها هادى بعيون جامدة، وما ان اختفت عن ناظريه حتى تغيرت ملامحه وهو يقول بمرارة:
-منك لله ياتهانى، هديتى كل اللى حاولت أبنيه مع سمر وياعالم هعرف ابنيه من تانى ولا حكايتنا كدة خلصت خلاص.

الخيانة تقتل، تبيد الروح وتهدر دماء الوفاء، تكشف عن زيف شاع بالمشاعر وآفة سكنت الأحاسيس، فما أبشع أن تمنح روحك لإنسان وحين تشعر بطعنة في الظهر، تلتفت فتجده هو من يطعنك ولا أحد غيره،
وما أصعب على النفس من طعنة ظننتها من أحدهم مستحيلة، فصارت، بالإمكان.

كانت تتأمل مراد النائم بجوارها كالملاك، يتمزق قلبها حزنا عليه، كم تمنت لو منحته مايستحق من عائلة محبة تحتويه، كم تمنت لو لم تستسلم لقلبها وتتبعه، فلربما وقتها ما عانى مراد من العذاب ولا عانت هي من الإحتراق...

نعم تحترق، تحترق بنيران الغدر والخيانة، تنزف نبضاتها كمدا على عمر ضاع سدى، تشعر بروحها تختنق ألما، تبغى ملاذا لكيانها المهترئ، تعيد فيه لملمة جروحها ونسيان أحزانها، تبغى أن تبدأ من جديد في مكان بعيد لا يحمل لها ذكريات مقيتة تود لو محتها من ذاكرتها للأبد...
طرقات خفيفة ثم الباب يفتح ببطئ ويطل أخاها بوجهه المحبوب، يطالعها بإبتسامة ما ان رآها مستيقظة، فبادلته ابتسامته قائلة:
-ادخل يامجد، أنا صاحية.

دلف مجد واقترب منها يتجه إلى طرفها من السرير يجلس في مقابلتها قائلا:
-إزيك دلوقتى ياسماح؟
قالت بإبتسامة على شفتيها:
-انا كويسة يامجد، متقلقش علية.
نظر إلى مقلتيها قائلا:
-لما انتى كويسة ياسماح، ليه الابتسامة مش واصلة لعنيكى، ليه ابتسامتك برعشة وعنيكى مدمعين؟
نزلت دموعها قائلة بمرارة:.

-عشان لو قدرت أخبى عن الناس كلها مشاعرى مش هقدر أخبيهم عنك انت يامجد، طول عمرك بتفهمنى من نظرة عينية، طول عمرك بتحس باللى في قلبى،
لتشير إلى قلبها قائلة بألم:.

-وقلبى ده موجوع أوى، موجوع أوى يامجد، أد إيه صعب على الواحدة تدى كل حاجة ويكون جزاءها الخيانة والغدر، أد إيه بتقتل انك تشوف في عيون شريكك انك مش مالى عينه ومقدرتش تكون كامل في نظره، أد إيه بتدبح انك تعرف انه دور على اللى ناقصك مع حد تانى، ورغم انك واثق في انك مبخلتش عليه بكل كيانك إلا إن عملته بتفقدك كل ثقتك بنفسك، بتخليك بتحس انك ولا حاجة، أد إيه صعبة الخيانة وأد إيه الخاين غدار بيطعنك في ضهرك بدم بارد ويقول مكنش قصدى، مكنش قصدى الجرح، مكنش قصدى القتل،.

وأنا بجد اتقتلت يامجد، كل حاجة فية اتقتلت، مشاعرى، أحاسيسى، كرامتى، قلبى، روحى، اتقتلت يامجد واللى قتلنى اقرب الناس لية، ياريتنى ماشفته، ياريتنى ماعرفته، ياريتنى مت قب...
وضع يده على فمها يقول بعيون دامعة:
-بعيد الشر عنك ياسماح، متقوليش الكلمة دى تانى، مش عشان خاطرى ولا عشان خاطر اخواتك اللى بيحبوكى، لأ، عشان خاطر إبنك مراد، انت عارفة مراد متعلق بيكى إزاي، شوفى ضمته لإيدك، شوفى دمعته اللى على خده.

نظرت سماح لطفلها بعيون تساقطت دمعاتها تحرق وجنتيها ألما، ليرفع يده عن فمها مستطردا:.

-من النهاردة هتنسى حسام، مش هيكون له أي وجود في حياتك، من النهاردة هتكونى أقوى، مش هتكونى سماح اللى ضعفها حبها لحسام، مش هتكونى سماح اللى قبلت بإنها تتنازل عن كيانها ورغباتها عشان خاطر حبها، مش هتكونى سماح اللى دبلت ضحكتها وضاعت آمالها جوة قفص دهبى، هتكونى سماح اللى مفيش حاجة هتقف قصاد طموحها في إنها تحقق أحلامها وتربى ابنها صح، ربنا قال في كتابه الحكيم.

وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم واللى حصل ده أكيد فيه خير ليكى ولمراد ياسماح.
قالت سماح:
-ونعم بالله، ونعم بالله يامجد.
قال مجد:
-يعنى اتفقنا ياسماح؟مفيش حزن تانى؟مفيش دموع تانية؟
اومأت برأسها بإبتسامة باهتة ليمد يديه يمسح دموع وجنتيها قائلا:
-طب يلا قومى عشان تاكلى معايا لقمة، من الصبح بجرى من هنا لهنا، وميت من الجوع.
قالت بحنان:
-طيب روح غير هدومك وأنا هجهزلك الأكل...
أشار بسبابته قائلا:
-وهتاكلى معايا؟

ابتسمت قائلة:
-وهاكل معاك يامجد.
ابتسم مجد وهو ينهض يقبلها في رأسها قبل أن يغادر الحجرة لتهمس سماح قائلة:
-مش عارفة من غيرك كنا هنعمل إيه يامجد، ربنا يجبرك زي مابتجبرنا.

الإشتياق، شعور يهز الوجدان، يجبرك على التفكير الدائم بمن تشتاق إليه،
الفراغ القاتل هو ماتشعر به في غيابه، تملأ دواخلك فقط ذكرياتك لمن تشتاق إليه،
تتمنى أن يصلك منه كلمة، خبرا، أو رسالة، تشبع بعض مشاعر الشوق إليه،
تتمنى لو رأيته للحظة فأشبعت عيونك بمرآه...
تتمنى وتتمنى وتظل كل أمنياتك أحلاما، لن تتحقق سوى عندما يعود الغائب.
تأملت سمر هاتفها للمرة العاشرة، وكالمعتاد، لا كلمة، لا رسالة، لا خبر،.

هل إشتاقت لرسائله حقا؟هل إفتقدته؟أم أنها إفتقدت ما يمنحها كلماته من شعور بالإهتمام؟أو ربما إفتقدت شخص آخر، شخص كان يعيد لكيانها هذا الأمان المفقود، تنهدت بقوة...

نعم، إفتقدت مجد، إفتقدته بشدة، تطاردها نظراته التي لا تفهمها ولكن رغم ذلك تمنحها شعور غريب بالإرتياح، بالحياة، نعم، تبعثها نظراته حية من جديد، أغمضت عيناها، تشعر بالذنب مجددا، في حق زوجها الذي لا تعلم عنه شيئا، وماض تجهله ولا ترغبه ولكنها تريده فقط من أجل أن تريح نفسها الغارقة بالذنب، تريد أن تحيا بحرية، أن تترك لمشاعرها العنان، فلقد ملت كبحها، وأرهقها الذنب.

تبا لهذا الصداع الذي أصبح ملازما لها في الفترة الأخيرة، نتيجة لتفكيرها المتزايد، تتمنى من كل قلبها لو لم ترفض دعوة حسن لها للإنضمام لهما، ولكن ما منعها هو شعورها بأن حسن يكن لهاجر بعض المشاعر وهاجر تبادله إياها، ربما في خروجتهما سويا إستطاع حسن أن ينسي هاجر مصابها، وأن يمحو بحيويته ومشاعره، ذكرى بغيضة تحزنها، فإن كانت تتمنى شيئا، فهو أن تحظى هاجر بما حرمت منه.

هاجر، تلك الفتاة التي لم تكن تقربها ولا تمت لها بصلة دم، فأصبحت لها أكثر من اخت، تتمنى لها من كل قلبها أن تحظى بالعشق، لإنها تستحق.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة