قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية صقر الصعيد الجزء الأول للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الأول

رواية صقر الصعيد الجزء الأول للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الأول

رواية صقر الصعيد الجزء الأول للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الأول

في القاهرة بأحدي عماراتها دلفت جالان شقتها في تمام الساعة الثامنة مساءً، وضعت حقائبها على أول مقعد قابلها بتعب ورأته يقف هناك يضع يديه في جيبه بغضب ظاهر في ملامحه، ركضت نحوه مبتسمة بوجه طفولي يبدو عليه الأرق وعانقته بسعادة وهي تهتف بدفء: -
- واحشتني
أبعدها عنه بقوة وهو يقول بأنفعال: -.

- ماهو مش معقول كدة، دي مش تصرفات واحدة متجوزة كل يوم أرجع وأستن ست الحسن والجمال لما تتنازل وتحن عليا وترجع من شغلها دي مبقتش عيشة
تحولت ملامح وجهها المُبتسم آلي اللا مبالاة وبرود شديد وقالت ببرود: -
- يعني عايزني أعمل إيه أسيب شغلي وأقعد في البيت أربي العيال اللي هم مش موجودين أصلا، أنت مبتتعبش يا حسام من الخناق بسبب الشغل، إحنا بقالنا 3 شهور متجوزين مفيش يوم مفهوش خناق..

صرخ بها بأنفعال وهو يمسك ذراعها بقوة ويجذبها نحوه حتى أصطدمت بصدره من قوته قائلاً: -
- ماهو أنتي لو ست زي الستات خايفة على بيتك وجوزك مكنتيش عملتي كدة على الاقل كنتي خليتي بيتك وجوزك رقم واحد في حياتك
نزعت ذراعها من قبضته وقالت بشجاعة: -.

- أنت عارف كويس آن بيتي وجوزي أهم حاجة في حياتي بس ده ميعنيش آني اقعد من الشغل وبعدين أنت واخدني بشتغل ايه الجديد بقي ومتفقين على الشغل من الأول لزومه ايه خناق كل يوم انا تعبت وأتخقنت من الخناق اللي مبخلصش
- معلش يا جناب السفيرة المفروض اجهزلك العشاء واستني جنابك لما ترجعي
قالها بغضب شديد، فهتفت بهدوء وهي ترسم بسمة مزيفة قائلة: -
- لا يا حسام نص ساعة والعشاء يكون جاهز.

كادت أن تذهب من أمامه فأوقفها وهو يمسك يدها ثم يردف قائلاً: -
- مش عايز اطفح شبعت من نكدك وقرفك أنتي مش هترتاحي غير لما اتجوز عليك وتشوفي الستات بتعمل ايه
رمقته بنظرة حادة ثم صرخت به بأنفعاله: -
- روح أتجوز وشوف واحدة تستحملك زي ده لو لاقيت أصلا
خرجت شهقة قوية من بين ضلوعها حين صفعها على وجهها بقوة ويردف بغضب: -
- تستحملني يابنت طب روحي وأنتي طالق يلا.

أتسعت عيناها الزرقاء على مصراعيها بصدمة، بعد أن طلقها للمرة الثالثة كبتت غضبها وأخذت شنطتها وصرخت بقوة حين مسكها من حجابها بقوة يخرجها من الشقة كما عادت...

• جالان: - فتاة شابة تملك من العمر ال 26 عام تعمل صحفية في إحدى الجرائد المهتمة بالموضة، يتيمة الوالدين ووحيدتهما، تزوجت من حسام عن حب منذ ثلاث شهور، شابة فاتنة الجمال وملامحها بريئة عكس شخصيتها قوية ولا تقبل الإهانة من أحد، عنيدة لأبعد الحدود...

• حسام: - رجل في مقبل عمره ذات ال 30 عام يعمل موظف حكومي بأحدي الشركات، يمتاز بعصبيته وعدم سيطرته عليها، يعشق جالان عشق جنوني وطلقها ثلاث مرات في ثلاث شهور زواج بسبب آنفعاله، ذات أصل صعيدي طرد من الصعيد لأسباب..

أستيقظت قمر على صوت جرس الباب، وجدت نفسها على الأريكة وبجوارها طفلتها الصغيرة ذات الخمس سنوات ملك غارقة في نومها ببراءة الأطفال مُتشبثة بها وعلى صدرها تنام طفلتها الصغيرة الأخرى توأمها مكة ، أبعدت مكة عنها بخفوت شديد حتى لا تستيقظ من النوم وذهبت تفتح الباب ووجدت جالان على الباب وتبكي، دلفت للداخل وهي تسألها بدهشة: -
- حصل إيه، حسام زعلك
- لا وأنتي الصادقة طلقني الثلاثة.

قالتها وهي تجلس على أقرب كرسي، صدمت قمر من حديثها ثم جلست بجوارها مُردفة بذهول: -
- الثلاثة ابن المجنونة، كدة مفيش رد لعصمته تاني، حصل إيه عشان يعملها، إحنا مش حذرناه ميعملهاش ويبطل عصبية
- ده حيوان أزاي يمد أيده عليا ويطلقني ده آنا هخرب بيته الناس تقول عليا إيه عروسة ثلاثة شهور وتطلق ثلاثة مرات، وكل ده عشان الشغل...
قالتها وهي تخلع جاكيتها بأنفعال من صدمتها وحجابها، هتفت قمر بحنان تؤاسيها قائلة: -.

- طب قومي ارتاحي ياحبيبتي، لما نشوف هيجي بكرة المجنون ده يبرر مصيبته بأيه وتعملي حسابك نروح للمأذون بسرعة خلينا نخلص منه وأياكي أسمع كلمة بحبه دي كفاية كدة...
دلفت لغرفتها بغضب شديد من فعلته وصدمتها، حملت قمر أطفالها ودخلت بهم لغرفتها...

• قمر: - إبن خالة جالان عمرها 27 عام، أرملة توفى زوجها بعد ولادتها لتوأمها بعام واحد، أمتنعت عن الزواج بعد وفاته لتربية أطفالها الصغار ملك ومكة.

في مكان بعيد عن القاهرة بمحافظة قنا وسط صعيد مصر وجمال أرضيه وأهله تحديداً بنجع أبو الذهب سُمي بهذا الإسم نسبة إلى كبيره ناجي أبو الذهب منذ زمن بعيد، بأخر البلدة توجد سراية ل صقر أبو الذهب تنازل عن حكم النجع كما كان يفعل والده وجده وأجداده ليباشر عمله المُستقل، سراية أقل ما يقال عنها متحف أثري أو قصر فرعون لأحد الملوك القدم، بدأ من بوابة كبيرة حديدية ومساحة كبيرة خضراء من الحدائق مزينة ببعض الطاولات وحولها مقاعد خشبية وفي زواية أخرى توجد أريكة أرجوحة تحت مظلة خشيبة وأمامها طاولة دائرية وبعض الكتب وسط الكثير من أشجار الفاكهة وهناك بعيداً مشتل للورود تبث منه رائحتهم الطيبة، أما أمام القصر هناك نافورة كبيرة دائرية تنبع منها الماء، بكل مكان بالحدائق يوجد حشد من رجاله بالملابس الصعيدية آما بداخل السراية الكثير من التحف والنجف والدرج مقابل الباب في نهاية الساحة وبينهم صالونات كثيرة و خالية من الخدم والحشم لا يدخلها أي شخص سوي واحد فقط عوض يلبي طلباته، تسكن معه أخته الصغري فريدة وتقوم بجميع الأعمال المنزلية...

هناك غرفة على اليسار كان يخرج منها صوته العالي وهو يتحدث في الهاتف بغضب وأنفعال شديد قائلاً: -
- أنت جنت فعجلك ياحسام كيف تطلجها التلاتة، كومان عايز ترجعها كيف دي الله يكسف كسفتنا جدام أهل مصر
قالها بغيظ شديد جالساً بغرفة مكتبه على كرسيه صاحب العجلات من الأسفل، ماسكاً بيده نبوته الفضي من الأعلي وأسود من الأسفل ثم أكمل حديثه بصوت جهوري قوي: -.

- طب أنا هجيلك ونشوف المصيبة دي هنعملوا فيها إيه اللي يحرجك على الصبح...
ومن ثم أغلق الهاتف بغيظ من أفعال ابن عمه المستهتر...

•صقر أبو الذهب: - رجل صعيد أصيل عمره 32 عام، يرفض الزواج بعد حبه الأول الذي ذهب هباً لأسباب، يكره الروتين، درس بجامعة سوهاج كلية الهندسة وبعد تخرجه عمل ببعض الشركات كمهندس بجانب دراسة دبلومة أدارة الشركات وعندما أخذ ورثه بعد وفأة والده فتح شركة له بالقاهرة في مجال العقارات والبناء يذهب بنهاية كل أسبوع لمتابعة عمله بها، يعشق حياته في الصعيد ويكره الخروج منه لأي بلد أخرى حتى القاهرة يذهب لعمله فقط، أبن عم حسام يساعده بعد أن طرد من الصعيد وقطعت العائلة صلتهم به.

• فريدة آبو الذهب: - أخت صقر الصغري عمرها 25 عام أنهت دبلومها، تعشق حسام لحد بعيد لكنها لم تستطيع الوصول له بعد أن طرد، وتعلم أخبره من أخيها
• عوض: - أحد رجال صقر ورئيسهم بمثابة ذراعه الأيمن يخدمه منذ أن كان طفل...

دق جرس الباب، تتنهدت قمر بهدوء لكي تستطيع الحديث معه وهي تعلم من يدق الباب جيداً، أدخلت أطفالها لغرفتها ونظرت ل جالان فأشارت إليها بنعم وهي تجلس على المقعد وترتشف الكابتشينو وتل فل حجابها بسرعة فهي محرمة عليه الأن، فتحت الباب ووجدت حسام هادئ تماماً وعلى وجهه تعابير الندم والأسف أكثر من أي مرة سابقة، فهتف ببرود وهي تضع يدها على الباب تمنعه من الدخول قائلة: -
- نعم جاي ليه بعد عملتك السودة دي.

- ممكن أقابل جالان
قالها بندم وهو ينظر لها بأسف وأحراج، فصرخت به بغضب وهي تقول: -
- تقابل مين، دي خلاص متحللكش ولا تنفع ترجع او تسامح خلاص يابابا متلزمناش
أتاها صوت جالان من الخلف عاقدة ذراعيها أمام صدرها تقول: -
- دخليه يا قمر
أدخلته ثم أغلقت الباب وقالت بحزم وهي تنظر له ببرود مُستفز: -
- نعم جاي ليه
- جالان أنا اسف ياحبيبتي مكنش قصدي خالص.

قالها وهو يمسكها من ذراعيها بأسف فنزعت يديه بعيد عنها ثم قالت بإنفعال شديد: -
- اسف دي هتعمل ايه أن شاء الله، آنا بقيت محرمة عليك للأبد ومبقاش من حقك تحبني، مش كنت عايز تتجوز روح أتجوز وأنا هتجوز وأعيش حياتي بعيد عنك
أزدرد لعوبه بصعوبة يجمع شجاعته ثم هتف بحب: -
- لا مش للأبد ياحبيبتي في محلل اتجوزيه يوم واحد بس وأرجعلي تاني.

أتسعت عيناها بصدمة من حديثه، شعرت بأن لسانها شل ولم يستطيع الحديث ثم هتفت بتلعثم من صدمتها: -
- محلل أنت مجنون
مسح على رأسها بحنان ثم قال بهدوء: -
- متخافيش ياحبيبتي ده واحد آنا بثق فيه ومش هيأذيكي
صرخت قمر به بأنفعال ثم قالت: -
- أنت أكيد أتجننت رسمي أطلع برا ياحسام بدل ما اصوت والم عليك الناس
خرج من الشقة بهدوء فنظرت ل جالان بدهشة وقالت: -
- ده مجنون.

دلفت لغرفتها وظلت اليوم بأكمله تفكر بحديثه وبشئ أخر هام، وإذا وافقت هل ستعود له ولأهانته المستمرة لها وشجارهم، رن هاتفها مساءاً بأسمه فأغمضت عيناها بأستسلام ثم فتحت الخط وأجابته عليه بجدية ووافقته.

في اليوم التالي توقفت السيارة أمام بوابة السراية وضغط على البوق ففتح له البوابة الرجال فدلف بسيارته وهي تجلس في الأمام بجواره وفي الخلف تجلس قمر وأطفالها الصغار غاضبة من قرار جالان ، جلست تتفحص المكان وتشاهد الحديقة بأنبهار وذهول والرجال في كل مكان، أوقف السيارة أمام النافورة ووجد فريدة في أستقبالهم ورحبت ب حسام بأشتاق و رؤيته بعد كل هذه السنوات، هتفت فريدة متجاهلة جالان و قمر قائلة: -.

- طلع الشنط فوج ياعوض.

تفحصتها جالان ببرود وهي تمسك في يد حسام فتاة بعمرها شعرها أسود مموج طويل وعيناها بني غامق وبشرتها حنطية، جسدها ممشوق طويلة نسبياً مُرتدية عباية أستقبال زرقاء وعلى رأسها حاجب بسيط يزينها دون لفه وأخفاء شعرها، لم تشعر بغيرة عليه أو أي شيء فقد أكتفت من أهانته والفضل له بأفعاله بردت مشاعر وتقمص حبها حتى بدأ في التلاشي من قلبها لكنها جاءت هنا ووافقته لهدف أخر ترغب به وحدها، دخلت وهي تمسك بيدها ملك وخلفها قمر تمسك طفلتها الأخري، تأملت السرايا من الداخل بنظرها بذهول وصعدت مع فريدة إلى الاعلي صامتة لم تنطق بحرف...

في غرفة مكتبه كان يقف مستمعاً لحديثه وأقتراحه حتى صاح به مُستدير له...
صرخ صقر به وهو يرمقه بنظرات شرسة قائلاً: -
- مش بجولك انت جنيت على الاخير، طب جول أجوزها واحد من الرجالة لكن أنا ده جنان رسمي...
هتف حسام بهدوء قائلاً: -
- أنا مأمنش حد من رجالتك على مراتي، لكن أنت آنا واثق آنك مش هتلمسها ولا هتقرب منها ابدا.

- ده على اساس ان المحلل ده لعبة ده جواز يعني لازم يكمل سواء انا او غيري ومادام بتحبها أكده بتطلجها ليه الثلاثة يا مفتري
قالها صقر بحزم وهو يجلس على كرسيه...

ساعات قليلة ودق باب غرفتها ففتحت قمر ووجدت فريدة تحمل بيدها دفتر المأذون وصور قسيمة الزواج، مضيت جالان وهي تقرأ أسمه بحذر صقر ، خرجت فريدة ثم دلفت جالان إلى حمام غرفتها وأخذت حمامها ثم خرجت وجلست أمام المرآة تصفف شعرها وتجففه بالأستشوار، فسألتها قمر بحيرة من صمتها وموافقتها للزواج من محلل: -
- وأخرت الهدوء والسكوت ده ايه، ناوية على ايه يا جالان.

وقفت من مكانها ترتدي حذاء بيتي بقدمها ثم رفعت نظرها لها وقالت بجدية وتحدي: -
- ناوية أربي حسام وأدفعه تمن كل الاهانات دي واخرتها تمن القلم اللي ضربهولي وسُمعتي اللي دمرها وسط الناس بكلمة انتي طالق اللي بيقولها
وقفت قمر بذهول وقالت: -
- قصدك إيه
- قصدي اني اللي يحسره ويكسره اني اتمم الجوازة دي وأنا ناوية أذيله، عن أذنك عشان الحق جوزي قبل ما ينام.

قالتها بأستعجال وتحدي، أوقفتها قمر وهي تمسك يدها تمنعها من الخروج قائلة: -
- أنتي هتروحي لحسام اوضته باللبس ده
أبعدت يدها عنها وقالت بغرور وكبرياء: -
- انا جوزي أسمه صقر ياقمر أفتكري أسمه كويس وأتعودي عليه.

خرجت من الغرفة وأتجهت لغرفته ووجدت عوض يقف أمام باب غرفته دهشت من وجوده أهذا المُدعو بزوجها ينام وعلى باب غرفته حارس، كادت أن تدخل لكن منعها عوض وهو يقف أمام الباب مُتحاشي النظر لها وهي بملابسها هذه ناظراً للأرض ثم قال: -
- جنابك ممسموحلكيش تفوتي على اوضة جناب البيه
هتفت بثقة وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها بكبرياء قائلة: -
- وجنابك عندك أوامر تمنع مراته من الدخول.

صمت لوهلة دون النظر لها، فأبعدته عن طريقها دلفت للداخل...

وقف أمام سريره بتعب من عمل اليوم وتلك الكارثة آلتي فعلها بزواجه من امرأة لا يعلم عنها شئ أو كيف مظهرها حتى آو شخصيتها ماهي، نزع عمامته ثم عبايته عن أكتافه وكاد أن خلع عبايته لكنه سمع صوت عوض من الخارج أستدار وتسمر مكانه بذهول حين رأها أمامه...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة