قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية صراع الشياطين (الجوكر والأسطورة ج4) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل العشرون

رواية صراع الشياطين (الجوكر والأسطورة ج4) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل العشرون

رواية صراع الشياطين (الجوكر والأسطورة ج4) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل العشرون

بدأ فعلياً يسترد جزء من عافيته بعد جراءٍ الجراحة الخطيرة التي حظت نتيجتها بالنجاحٍ، وبالرغم من الآلآم التي تختلج صدره بما فاض الا أنها مازالت لجواره، تشد على يديه وتمنحه السكينة والإطمئنان، فُتح الباب ببطءٍ شديد ليطل من خلفه جسد جان الذي إقترب من الفراش ليتساءل بإهتمامٍ:
بقى أحسن دلوقتي؟.
حانت منها نصف استدارة لتتطلع لمن يقف جوارها، مؤكدة بفرحةٍ:
الحمد لله ابتدى يفوق عن الأول..

ارتسمت بسمة صغيرة على طرفي شفتيه وهو يلقي بنظراته المتفحصة على جسد طلعت المتمدد على الفراش الطبي الصغير، نقلت نظرات نجلاء على ريان الغافل على الأريكة الجلد السوداء على مسافةٍ منهما، فقالت في حنوٍ:
هو بقى كويس الحمد لله، خد أنت ريان وأرجعوا الفندق ريحوا شوية، ده أنت واقفين على حيلكم من الصبح يا حبيبي..

تعلقت عينيه على من تتطلع له، فابتسم ساخراً على العريس الذي يقضي لياليه في المشفى عوضاً عن السفر للخارج للتنزه ولقضاء وقت لطيف، استئذن جان منها ثم تركها وإقترب من ابن عمته وصديقه، هز قدميه بيديه وهو يقول بصوتٍ مسموع:
ريان..
وحينما لم يتلاقى أي اجابة منه قال بحدةٍ:
أنت يا ابني!
وبصوتٍ منخفض للغاية وهو يحتد من قبضة يديه الموضوعة على ساقيه:
أنت يا عريس الغفلة...

فتح عينيه وهو يفركهما بانزعاجٍ، فهمس جان ساخراً:
ده ربنا لطف بسارة إنها مكنتش مكاني دلوقتي، الله يكسفك..
رمقه بنظرةٍ شرسة، وكأنها تنبيه صريح بألتزام الحد الذي تخطاه، فرفع يديه بمزح وهو يقول:
ولا كأني قولت حاجة..
ثم أشار على الباب وهو يستكمل كلماته بنفس اللهجة:
أستاذنك بس نكمل خناق ونوم في الفندق أكرم من هنا...

تلقائياً تحرك ريان تجاه باب الغرفة بعدما ألقى أخر نظرته على سرير طلعت زيدان وزوجته الأصيلة التي تجلس لجواره منذ وصةلهما لباريس...

ساعة تلو الأخرى كان يحارب فيهما ذاته، يتمنى أن يتمكن من السيطرة على عقله الذي يرسم صور عديدة لما قد مس أخيه في تلك الوقت الذي قضاه بالسفر من طائرةٍ لأخرى ولجواره عدي بحاول تهدئته بكافةٍ السبل، حتى لامس عجل الطائرة أرض كندا، استدعى كل طاقة غضب امتلكها يوماً لتكون حليفته في هذة المعركة المصيرية، كان بإنتظارهما رجلين من قوات الشرطة المصرية المتنكرين في زي مختلف عما يخص أهل الشرق، تبادلوا السلام الحارق حتى لا يخلق جو من الرهبة وتسلط الأنظار عليهما، ثم صعد رحيم، عدي للمقاعد الخلفية، تحركت السيارة بسرعةٍ مهولة تجاه هدفها الذي حددته أجهزة التتبع والمراسلة، بينما بالخلف ضغط كلاً منهم على المقاعد الخلفية بزر سري لتتحول لصندوقٍ مهول من أخطر الأسلحة النارية خلع رحيم جاكيته وهو يضع عدد منهما خلف ظهره وداخل قميصه بطريقةٍ معتادة على ظابط شرطي محترف، شاركه عدي بما يفعله حتى وإن كان ترك العمل لسنواتٍ ولكن يظل هذا الجزء بالأخص المفضل لديه، وبالرغمٍ من عدم انتشار الشرطة المصرية في مثل تلك الدول الا أن اللوا تمكن من استجماعٍ فريق صغير مدرب على أعلى مستوى لمساندة رحيم، توقفت السيارة أمام المكان المنشود، حيث يحتله عدد من الصخور الموضوعة عن عمد لصرف الإنتباه عما يحدث بداخله، وقف رحيم هائم النظر في المبنى القديم من أمام عينيه، آماله تتعلق به وبما يحويه بداخله، يد تمسكت بكتفيه بضغطة رجولية قوية شددت عليه وهو يخبره بثقةٍ:.

هنوصله متقلقش..

بسمة فاترة زارت وجهه الجامد، ليمنحه تعابير صلبة، فاستدار في مقابل السيارة ليجذب بندقية مطولة بجهازٍ دقيق لتقريب الصورة والهدف البعيد عنه ثم انطلق بحرصٍ وخطوات محسوبة تجاه الصخرة ليتبعه عدي بعدما وسم اشارته بالتحرك بأن الوقت قد أوشك للبدء، تسلل بخفةٍ من خلفه، فانبطح رحيم أرضاً وسلط عينيه مقابل البندقية، ليحركها ببطءٍ مسكشفاً أماكن الرجال المسلحون الذين يحتلون الجزء الأعلى من المبنى، ضم أصابعه وهو ينقل اشارته لعدي بعددهما وأماكنهم بالتحديد، ليقطع اشارته باستقامٍ حركة أصابعه فكانت اشارة صريحة بأطلاق الطلق الناري الذي احتل الصدر لرجلين بذات اللحظة، ثم بدأ بالفتك بمن يحتل سقف المبني باستخدامٍ كاتم للصوت، منح عدي الرجال بالتقدم ببطءٍ للداخل بعدما تم تأمين المكان جيداً، فخطف رحيم سلاحه ثم اقترب من المبنى بحرصٍ، انفصل عدي عنه بعدما أشار له بالتفرق ليتمكن كلاً منهما بتمشيط المكان، فتسلل رحيم للداخل وهو يفترس بعينيه الأماكن التي يحرسها رجالهم اللعناء، كان كالوحش الذي يترصد أماكن فرائسه ثم يستغل الوقت المناسب لينقد عليه دون رحمة منه على أناس نزعت منهما سابقاً، كان يتسلل من خلفهما فيلف يديه القاسية من حول رقبتهم ثم يلفها بقوةٍ يساراً ويميناً ليخفي الجثة سريعاً قبل أن يلاحظه أحداً..

ولج عدي من الباب الخلفي وبيديه مسدس صغير كاتم للصوت، كان يصيب هدفه بمنتصف رأسه وعينيه تتطلع لعين عدوه بشراسةٍ وتحد، شعر بحركةٍ غير منتظمة تصدر من الغرفة المجاورة له، رفع اللاسلكي المتصل بطرف جاكيته ثم قال:
أعتقد أني وصلت لمراد ..

كانت اجابته السريعة بعدما تخلى عن محله ليتجه سريعاً للخلف، في تلك الأثناء رأى أحد الرجال جثة زميله الذي قتل بطريقة وحشية، فهرول بالطريق السري لينبه رؤسائه لإتخاذ الحذر والإحتياطات اللازمة لمحاربةٍ أي دخيل...

وقف رحيم لجواره، فأشار بأصابعيه معاً تجاه عينيه، إشارة لرحيم بترقب رد فعله، وبالفعل استلقى عدي للناحية الأخرى من باب الغرفة ثم فتحه بحذرٍ ليشير لمن يترقب اشارته بالهجوم، هجم كلاً منهما معاً كهجمة الراجل الواحد، فطاح الرصاص يميناً ويساراً حتى فتك بثمانية من الرجالٍ، سلط سلاحه وهو يتفحص الغرفة بنظراتٍ متفحصة مهتمة، فخرجوا منها ليجدوا رواق طويل للغاية، تحده الموانع المائية من جميع الإتجاهات وكأنه صرف، أشار رحيم لعدي قائلاً:.

إمسح المكان..

هز رأسه في خفةٍ وهو ينتقل للجهةٍ الاخرى متفحصاً المكان، على صوت الرصاص الحي المكان، بعدما تبادل الرجال الطلق الناري مع من يعاون عدي و رحيم، وجد لجواره نافذة متهلكة للغاية، فدفعها بيديه ليخرج سلاحه ثم تفحص الأسطح العالية من البنايات المجاورة لهما، انحنى على جسد النافذة ليسدد سلاحه بحرافيةٍ عالية فاخترق الرصاص الرؤؤس وموضع القلب، سقطوا جثث هامدة بعدما تلقوا ضربات الأسطورة القاتلة، استقام بوقفته وهو يسرع بالخروج من تلك الغرفة، ليجد عدي يقف أمامه بملامحٍ واجمة لا تنم بالخيرٍ، فقال:.

المكان فاضي يا رحيم..
صعق مما إستمع اليه، فردد بعدم تصديق:
إزاي الكلام ده!.
وخرج ليفتش عن أي مخرج قد يوصله لمراد، إقترب عدي منه بحزنٍ قد انتباه لرؤيته، فأقتراح عليه وجهة نظره المنطقية:
أكيد سابوا المكان قبل ما نوصل، وعمرهم ميقدروا يبعدوا عنه بكتير، ممكن نوصلهم..
هز رأسه بالنفي وهو يرد عليه بهدوءٍ:
لو كانوا سابوا المكان مكنش هيكون محصن بالعدد ده كله..
حك طرف ذقنه النابتة ليجيبه بسخرية:.

أكيد هسيبوهم لو عارفين أننا جايين وعايزين يوجبوا معانا...
استدار بجسده مقابله وهو يشير له بإعجابٍ:
عليك نور، بس اللي حصل من شوية بيدل انهم مش عارفين بوجودنا ولا بأننا اكتشفنا مكانهم..
ورفع زجاجة الخمر الوضوعة على الطاولة وهو يشير بها:
والا مكنش رجالتهم بيحتفلوا وبيسكروا وهما عارفين انهم هيتهجموا في أي وقت، الناس دي موجودة هنا بس في مكان سري من الصعب نوصله...

ابتسم عدي وهو يستمع لوجهة نظره، فقال بثباتٍ وهو يضم سلاحه لمحله:
زي ما قولت مكان سري غيرنا موصلوش يعني لو فضلنا هنا عمر كامل مش هنقدر نعملها من غير مساعدة حد فيهم...
هز رأسه مرات متتالية وقد تلبدت عينيه هالة شر مخيفة، فاستدار وهز يتفحص القتلى ثم انحنى ليتلقط السلاح الملقي ارضاً مردد بغموضٍ:
عندك حق..

لم يفهم عدي ما يود رحيم قوله الا حينما التقط السلاح الملقى ارضاً ليقترب من أحداهما كان ينازع الموت بأخر أنفاسه، جذبه من تلباب قميصه ليجبره على النهوض، ثم بحافة السلاح لكمه عدة مرات على وجهه وهو يصيح بصوته الانفعالي:
مراد فيين؟..
حرك رأسه بألمٍ وهو يحاول التقاط أنفاسه، فجز على أسنانه بغضبٍ، ليلكمه بقوةٍ مكان اصابته قائلاً بعصبيةٍ بالغة:
أخويا فين إنطق؟..

بصعوبةٍ بالغة، حرك رأسه تجاه الأرض وهو يؤكد بنظراته عليها، لم يفهم رحيم مقصده فظن أنه يحاول التحاذق حتى لا يخبره بالمكانٍ، فظل يكيل له اللكمات حتى مات بين يديه، أما عدي فوزع نظراته بين الرجل وبين المكان الذي، يحاول الإشارة إليه، تحرك تجاه ما يشير اليه فرطم الارض بقدميه ليشعر بأنها أرضٍ خدعة بل أنها طبقة مصطنعة، دفع بقدميه عدة مرات وحينما فشل جذب أحد المطرقة المعدنية ثم رفعها بقوةٍ عدة مرات متتالية حتى تحطم جزء من الأرضية ليظهر من خلفها درج معدني يوصل للأسفل، نهض رحيم وهو يجذب سلاحه من خلفه ثم منح عدي نظرة مطولة بأنه سيفعل المحال لإخراج أخيه مهما كلف الأمر، هبط رحيم أولاً و عدي من خلفه، فسلط كشافه الصغير لينير هذة العتمة السوداء، تفاجأ كلاً منهما بعدد مهيب من الغرف التي تحتوى كل منهما أجهزة تصنت عالمية. وأشرطة فيديو كثيرة، وأناس مقيدون من خلف الأبواب ومن المتوقع كونهم مناصب عالية ليختارهما هؤلاء اللعناء للحبس، انشغل رحيم بتفحصٍ الغرف حتى إن آذنيه صمت عن الصوت الذي يقترب اليه، دفعه عدي للجهة الأخرى ليطلق نار سلاحه تجاه هذا الشخص الذي بدأ في مهاجمتهم، صوت الطلق الناري كان انذار صريح باقتحام المكان، فزلزل الرعب قلوب الخونة بعدما كانوا بموضع قوة، وصولهم لهنا يعني انهيار جيوشهم المنيعة بعدما خلفوهم من بعدهم لصد الهجمات، وقف رحيم في مقابلة الرجال بعدما تكتفوا ليفرقوا بينه وبين عدي سدد إليهم اللكمات القاتلة بينما انهال عليهم عدي بضرباتٍ كانت تصيبهم بمقتلٍ فتفقدهم الواعي، انتهوا من الحرب الدامية بانتهاء أخر صف انتهى بأخر الغرف، استند رحيم بجبهته عليها فهى أخر أمل متبقى اليه، تراجع للخلف وقد اتخذ موضوع الهجوم فدفع الباب بركبتيه فأفنفتح على مصراعيه، ولج للداخل وهو يبحث عنه بجنونٍ، تشتاق العين لرؤياه بعد غياب دام لأكثر من خمسة عشر يوماً، إحتل جسده القوي هالة من الضعف حينما رأت عينيه أصعب مشهداً قد يمر به يوماً، لم تحتمل قدميه ثقل جسده، وهو يرى الجوكر المعهود بالقوة وبالكبرياء يجلس أرضاً يلهث من فرط حركاته الثائرة ليبدأ بالأسترخاء حينما دث هذا الرجل البغيض يديه بجيب سترته ليخرج زجاجة بيضاء ليقدمها لرجاله الذي حررها بمحقن غليظ اخترق عروق مراد فهدأت حركاته الثائرة، تقابلت نظرات هذا الرجل اللعين مع أعين رحيم الذي يتابع ما يحدث بصدمةٍ وعدم تصديق، توقف على قداميه وهو يردد بصوتٍ مذبوح:.

يا ولاد ال، ، هقتلك وربي لقتلك يا كلب...
وسرعان ما إقترب منه ليلف يديه حول عنقه؛ ولكنه حرره حينما وجد مراد يتمسك بذراعيه، تركه وإنحنى بجسده مقابله، يستمع بتركيز صوته الهامس بضعف وهو يردد:
مكنتش عايزك تدخل العالم ده بس معرفش ليه إستنجدت بيك...

استغل الرجال انشغالهم بالحديث ثم كادوا بالخروج ليصعق كلاً منهما حينما ولج عدي ورجاله ليصنعوا حاجز بشري منعهم من الهروب من الغرفة فأحتجزوا بها كالفئران، تلوى مراد ألماً فألقى رحيم سلاحه وهو يحاول مساندته فهمس بوجعٍ:
إقتلني وخلصني من اللي أنا فيه.
لمع الدمع بعينيه، فجذبه ليقف أمامه بقوةٍ وهو يهزه بشراسة:
أنت مش ضعيف عشان اقتلك أنت هتخرج من هنا وهتقف على رجليك من أول وجديد...

أفتر وجهه عن بسمة ساخرة، ففرك انفه بقوةٍ وهو يجاهد للبقاء بواعيه المؤقت:
كنت فاكر زيك كدا...

تغلب المخدر على جسده، فجلس أرضاً وهو يفرك جسديه بقوةٍ، يحاول السيطرة بها على زمام اموره، إنخفض رحيم لمستواه بقلقٍ وقد فرت دمعة خائنة من زيتونية عينيه وهو يرى ذراع أخيه ممتلئ بأصاباتٍ حقن المخدر، فيبدو بأنهم كانوا يحقنوه بالقوةٍ فكان يتأذى بمقاومته، مازال يتمكن من قراءة إشارات عينيه، فهمس مراد تلك المرة وهو يشير بعينيه على الرجال من حوله:
مترحمش حد...

ثم سقط فاقداً للوعي، فعاونه رحيم على التمدد لتحاوط عينيه هالة مخيفة ليخرج سلاحيه من أسفل جاكيته وبحركةٍ سريعة وقف ليكون في مجابهتهم، الخوف الذي تملك أعينهم جعله يستلذ وهو يطلق رصاصات سلاحه ليسقتر بصدرهم، تحولت الغرفة لسيل من الدماءٍ وقد فاض الأنتقام الموازين، ظنوا بأنهم تمكنوا من السيطرة على أحداهما فسيتمكنوا من الأخر الذي جعل نهايتهم مأساوية للغاية، اسرع عدي مقابل مراد فسانده على النهوض وبمساعدة رجاله أخرجه من هذا المكان، وقف رحيم بمنتصفٍ الغرفة يملي عينيه بمنظر الدماء عل نيران قلبه تنطفئ، بصق أرضاً بتقزز من مظهرهم اللعين ثم كاد بالخروجٍ ليستمع لصوت خافت لسلسال حديد يدق الأرض بهزلان، تتبع الصوت ليجد الفتاة التي منحها الحياة من قبل مقيدة أرضا والذل الذي يملأ حدقتيها فيقص له بإيجازٍ شديد معاناتها، وما تلاقته على ايدي هؤلاء اللعناء، انحنى رحيم مقابلها وهو يردد بعدم تصديق:.

فطيمة!.
تكورت على ذاتها وهي تحاول تغطية جسدها بيدها بخوفٍ، والدموع تسيل من عينيها، تصلبت عروقه وقد أعادت من أمامه ذكرى مشابهة لتلك حينما تذكر حالة شجن المشابهة لها، اخترق الألم صمام قلبه، فقال بحزنٍ بليغ:
متخافيش مش هأذيكي، أنا هخرجك من هنا..

على ما يبدو له بأنها لا تسمع لشيءٍ فكانت حالتها النفسية متدهورة، زفر بألمٍ بعدما اتضحت له اطراف الخيوط والحقيقة كاملة خلف وجود أخيه هنا، فبالطبع هو هنا لأجلها هي ولأجله هو وعائلته، يوماً عن يوم يسجل كرامات وإحترام لصالح الجوكر المزعوم، أخرج ما بجوفه من هواء ثقيل فمهامه صعب للغاية حتى يتمكن من استعادة أخيه واستعادتها، جذب طرف السلسال الحديدي ليصوب سلاحه عليه فتحطم انصياعاً لأوامره ثم حملها بالقوةٍ رغم مقاومتها، اسرع بخطاه للخارج ليلقى بقنبلة مؤقتة بالداخل نسفت الجثث وفتت الأجهزة اللعينة ليصبح وكرهم سواسية مع تربة الأرض المستقيمة، لينهي نسلهم الحقير ويقضي على أخر من تبقى منهما، غادر المكان وهو يعلم بأنه من المحال إيقاف الشر فهو كالعرق النابض بداخل الانسان، ان تمرد عليه يجعله شيطان لعين، ولكنه سيحاول جاهداًّ التغلب على ما قد يعيق طريقه، تحركت السيارات من هذا المكان، تاركة خلفها عقاب مهين يستحقوه هؤلاء، لتغادر بعيداً حتى صفت بمكانٍ رائع بالجمالٍ تحده الأشجار والغابة الخضراء من جميع الإتجاهات، حيث يتوسطه منزل بسيط للغاية، بداخله شخص كبير بالسن يكسو شعره الشيب كان بإنتظارهما، استكان جسد مراد على أحد الأسِرَّة ولجواره بالغرفة التي تليه وضع رحيم ، فطيمة التي سكن جسدها بعد عناء طويل، غيوم الليل الكحيل تغلب على نور الشمس ليصبح الظلام هو الحل الأمثل لمثل تلك الأجواء السائدة، ظل لجواره ونظراته تطول بالتطلع اليه، لا يعلم من أين سيبدأ العلاج معه ولكنه سيبذل قصارى جهده حتى يجعله يسترد عافيته كاملة..

الجميع لجوارها ولكنها مازالت تشعر بالوحدةٍ، مازالت تشتاق اليه، تجلس بإنتظاره حتى وإن طال غيابه عنها، قربت شجن ملعقة من الشوربة إليها برجاءٍ:
علشان خاطري كلي حاجة انتي كده بتدمري نفسك..
قالت ومازالت نظراتها مسلطة على نافذة المشفى، :
ماليش نفس يا شجن ..
وضعت الحساء على الكومود الصغير ثم جلست جوارها قائلة بعتابٍ:
اللي بتعمليه ده انتحار، لازم تكوني قوية علشان بنتك على الاقل..

انسدلت الدموع على عينيها وهي تجيبها بتعاسةٍ:
من غيره حياتي متلزمنيش يا أشجان، نفسي أشوفه ولو حتى مرة، انتي تعرفي انا ساعات بحس ان في حاجة كبيرة منعته انه يكون جانبي وبخاف الحاجة دي تكون الموت!.
ربتت على ذراعيها بدموعٍ انسدلت بعجزٍ:
ايه الهبل ده، بلاش ترمي دماغك للشيطان، مراد هيرجع بإذن الله..
أغلقت عينيها ولسانها يردد ببكاءٍ:
يارب...

فتح عينيه بضعفٍ، وهو يحاول تحريك جسده الثقيل، استدار برأسه تجاه من يجلس مقابله فابتسم قائلاً بسخرية مخبأة خلف انكسارٍ صوته:
عرفت مكان الجهاز ازاي!.
وجده صامتاً، يحدجه بقوةٍ غريبة، ليتساءل هو عوضاً عن اجابته:
عملت في نفسك كده ليه؟.
سعل بقوةٍ وهو يحك ذراعيه بجنونٍ يخبأه باتزانٍ لا وجود له:
كنت بحاول ألقى حل بأبسط الخساير الممكنة...
نهض رحيم عن مقعده ليقف من أمامه مردداً بعصبيةٍ:.

وأنت الخساير صح، انت عارف الكلاب دول عملوا فيك أيه؟.
اجابه بابتسامة هزيلة:
زي ما قولت عملوا فيا، مش فيك ولا في حنين...
لعق شفتيه بغيظٍ وهو يشدد من ضغطه على خصلات شعره، فقال مراد ممازحاً إياه:
خف عليا شوية أنا مش حملك..
استدار ليواجهه وهو يلكم الفراش بقدميه قائلاً بغيظ:
مهو لازم تقوم علشان أنتقم منك..
بدى الارهاق جلياً على وجهه، فقال بإنهاك:
مش متأكد إذا كنت هقدر أرجع زي ما كنت ولا لأ..

احتدت نظراته عليه وهو يجيبه بقوةٍ:
مش بمزاجك...
وتركه وغادر الغرفة حتى لا يرى دمعاته التي خانته لرؤيته يكبت آلام جسده في حضوره، غادر بعيداً عن الكوخ ليتسلق الغابات، ومن ثم لكم النخل العالي ليصرخ بغضبٍ:
ليه!.

شعر ولأول مرة بأن ظهره قد قضم بلى رحمة، حينما وجد أخيه على هذة الحالة، نبت بداخله عزيمة لمعاونته على العودة واستعادة قواه، جلس على العشب ساعات متتالية، حتى انتهى الظلام بصحبة شمس يوم جديد، اكتسب به رحيم طاقة ومقدرة على المحاربة، عاد للكوخ ليجد عدي بانتظاره بعدما أعد حقيبته الصغيرة ليغادر بعد اتمام مهامه، وقف مقابله وهو ببتسم بلطفٍ، فقال بامتنانٍ:.

عارف ان مفيش بينا كلمة شكر، بس مراد بقا هنا بفضل مساندتك ليا..
ربت بيديه القوية على كتفيه وهو يجيبه بابتسامةٍ هادئة:
مراد هنا علشان عنده أخ مستعد يواجه العالم كله علشانه..
ثم قال وهو يرتدي حقيبته:
تأكد إنك لما تحتاجني جانبك هتلاقيني لو في اخر الدنيا...
ثم هبط الدرج الصغير في اتجاه الخروج ليرفع صوته بمكرٍ:
وأنت عارف ازاي توصل للوحش وتحرره غصب عين ياسين الجارحي نفسه..

وغادر عدي والابتسامة الفاترة تزين وجه الاسطورة، حتى تخفى من أمام عينيه فألتقط نفساً زفره على مهلٍ وهو يستعد لمهمته الصعبة، فضم يديه لفمه ليحاول تدفئتها فالجو شديد البرودة، رفع عينيه للأعلى لتقع نظراته على الأشجار الكثيفة ثم الثلج الذي يتساقط دون توقف فابتسم بمكرٍ حينما لمعت فكرة خبيثة بعقله ستجعله في مرمي الخطر حينما يتحدى الجوكر ليجبره على فعل أمراً مجنون حتى يحظى ببعض التدفئة وبالفعل ولج للداخل حاملاً زجاجة من المياه البارد، ليسكب محتوتاها على المدفئة قائلاً ببرود:.

محتاجين خشب للدفاية!..
اشرأب مراد بعنقه وهو يتابع ما يفعله بصدمةٍ فردد بذهولٍ وهو يتابع الثلج الذي يكسو المكان بأكمله ونظرات رحيم الشيطانية فقال بدهشةٍ تحبس الغضب من خلفها:
نعم!..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة