قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية صراع الشياطين (الجوكر والأسطورة ج4) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل العاشر

رواية صراع الشياطين (الجوكر والأسطورة ج4) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل العاشر

رواية صراع الشياطين (الجوكر والأسطورة ج4) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل العاشر

الأجواء الشعبية تختلف تماماً عن الحفلات الخاصة بالطبقة المرموقة من حيث العادات والتقاليد مما جعل شباب عائلة زيدان يشعرون بالضجر، تسلل فارس بخفةٍ وعينيه تراقب سليم بخوفٍ من أن يرأه، إقترب من الأريكة التي تعتليها منة بجوار ريم والفتيات، تسرب لمسمعها صوت صفير منخفض، فتطلعت لجوارها لتتبدل ملامحها للصدمة وهي ترى فارس منحني لنفس مستوى الأريكة لكي لا يرآه أخيها، صعقت ريم والفتيات، فقالت سما بتذمر:.

انا كنت عارفة إنك مستحيل تقعد ورا عاقل...
جذبت ريم الهاتف وهي تشير له بتهديدٍ:
هترجع ورا ولا أبلغ سليم ...
رد عليها وهو يرمقها بنظرة تحذيرية:
طيب وهتستفادي أيه بس، القعدة ورا ملهاش أي طعم، أنا هأخد منة ونروح أي مكان رومانسي نتعشا فيه من غير ما حد يحس بأي حاجة..
همست سما بضيقٍ:.

شايفين الرومانسيه يا جدعان، امال ياخويا أخوك مش طالعلك ليه، دا انا ساعات بحس إنه كان في بور سعيد مش في امريكا واد مش مفتح كدا...
لكزتها منة بيدها وهي تشير لها بعصبية:
خدي اللي مفتح وابقى قابليني لو قدرتي تسدي قدامه..
لوى فارس شفتيه بسخطٍ:
أنتوا بتتعزموا على جوز شربات، ما تلم نفسك انتي وهي ياختي..
ثم جذب معصمها قائلاً:
يلا احنا نمشي ونبقى نحل مشاكلنا في أي مكان قبل ما اخوكي يأخد باله مننا..
بالخلف...

كان ريان يتابع ما يحدث بالأمام بصدمة، فوزع نظراته بينه وبين سليم المنشغل بالحديث مع طلعت زيدان ، تابع مروان ما يحدث وهو يقول بضيقٍ ملحوظ:
أهو قاعد يهزر ولا همه حد، خليكم انتوا قاعدين جنبي كدا زي كيس الجوافة...
سحب آدم هاتفه خلسة، ثم رفعه ليدون رسالة مطولة ليتأملها بنظرة رضا أخيرة ثم وضع الهاتف بجيب سراوله ليتابع بعينيه هدفه المقصود...

بالجهة المقابلة لهما كان يتابع الحديث مع طلعت بابتسامةٍ صغيرة، حينما انتبه لصوت هاتفه، رفع سليم الهاتف مقابل وجهه بذهولٍ حينما وجد الرسالة من آدم القى عليه نظرة متفحصة قبل ان يفتحها، ليقرأ محتوياتها بصدمةٍ.
عامل ايه يا درش، حبيت أبلغ عن الحيوان أخويا، قاعد مع الحريم ومزاجه عالي، خد بالك بدل ما يوسف اللي يدخل هو اللي يدخل وتبقى كارثة، أخوك آدم، فاعل الخير الصدوق..

تلقائياً نقلت أنظاره تجاه شقيقاته ليجده متخفي جوارهم، أشار سليم بيديه للحرس المتلقون لتعليماته سابقاً، فتحوكوا معاً ليحملوا فارس بين أيدهم لأحد السيارات الخاصة بعائلة زيدان...

تتمايل بين ذراعيه وتترك له حرية التحكم بها، يحترم حركاتها البطيئة لاجل ثقل فستانها الأبيض المرصع بالألماس الأبيض، بسمتها المرسومة وهي تتأمله بهيامٍ وشرود به ولد بداخله مشاعر مرتبكة بين حلمه الشغوف بها وحقيقتها الماسدة بين ذراعيه، صلوات قلبه إخترقت العوالم ليستجيب ﷲ عز وجل لدعواته المتكررة بالحصول عليها، أشار مسؤول الموسيقى إليه فحملها ثم طاف بها عدد من المرات، تعلقت نغم برقبته وهي تبتسم وتطالبه بالتوقف خشيةٍ من ان تسقط من بين يديه ولكنه لم يقبل بتركها حتى انتهت الموسيقى وتعالت معه صيحات الشباب الحماسية، عاد كلاً منهما للمقاعد، فصعد يامن للمسرح بعدما انضم وصل للزفاف منذ قليل، فمد يديه بيد يوسف قائلاً ببسمة عملية لعدم توافق الصداقة فيما بينهما:.

ألف مبروك...
أومأ برأسه وهو يبادله الابتسامة:
الله يبارك فيك...
انتهى السلام المختصر فيما بينهما ثم عاد ليجلس جوار جان والشباب بعدما ألقى بنظراته الخاطفة تجاه فاطمة ، شرد مروان مطولاً بتلك الفتاة التي حرم بالزواج بها بدون ان يستكمل تعليمه، مر من جوارها وعينيه تراقبها فكاد بأن يتحدث إليها ولكن ابتلع كلماته حينما راى أنظار سليم تحاوطه، فجذب يوسف قائلاً بمزح وهو يدعي بأنه كان يقصده من البداية:.

أيه يا عريس هتفضل قاعد كدا كتير، تعال معانا ورا..
اتابعه يوسف للخلف، فأحتفل به شباب عائلة زيدان بالرقص على اللحن الشعبي بحرافية أذهلت طلعت زيدان الذي يتابع ما يحدث ببسمة هادئة ترسم على ثغره...

جلست على حافة مسبحه الخاص تراقبه بنظراتٍ خطيرة تنم عن تفكيرٍ غامض يهاجم عقلها، رفع ذاته على سطح المياه وهو يعيد خصلات شعره للخلف بكلتا يديه، صعد الدرج الجانبي للمسبح ثم جذب المنشفة ليجفف المياه عن جسده، فجلس على الأريكة المخصصة للمسبح بجوارها، صمتها الغير معهود كان بمثابة تحضيرها لكارثة ما، فكان عليه الحذر منها، اكتشف الأمر حينما باغتت بسؤالها المتوقع:
هي المهمة دي برضه كان فيها ستات ومزز؟.

تحكم احترافي بملامح وجه الجوكر وهو يحرك المنشفة على شعره باكمله، متجاهل تماماً لشعلة للنار المتأججة من امامه، قرضت اظافر يدها بغيظٍ وهي تطرح سؤالها من جديد:
مش بكلمك!..
تركزت كامل نظراته عليها، فقال بثباتٍ وحدة:
طبعاً كان فيها ستات لكن مزز دي مبدققش فيهم عشان أعرف...
استندت بمرافقيها عن حافة المسبح ثم نهضت وهي تضع يدها حول جنينها، لتجيبه بغضب:.

قول كدا بقى أنا كنت شامة ريحة ستات في الموضوع وأكيد بقى كنت هايص وحجتك محفوظة...
نهض عن محله وهو يقترب منها، فوقف مقابلها وهو يجيبها بمكرٍ:
هو أنتي معندكيش ثقة في نفسك يا حنين؟..
وضعت يدها في خصرها وهي تجيبه بضيقٍ:
عندي ياخويا بس معنديش فيك أنت...
قطع المسافة بينهما، حتى صار لا يفصلهما شيء، لعقت شفتيها بإرتباكٍ من قربه المفاجئ منها، اخفضت يدها وهي تشير له بتوترٍ:.

واثقة فيك يا عم بس معنديش ثقة في النسوان اللي جانبك...
انفلتت ضحكة منه فحك جبينه ليخفيها وسرعان ما عاد لاتزانه سريعاً وهو يجذبها اليه ليتعامل معها بشكلٍ مضحك وكأنها يتلبسها عفريت الغيرة النسائية المعتادة في وقتٍ غير مرحب به بالمرةٍ:.

حنين أنا مكنتش مع ستات يا روحي، أنا كنت في شغل، وشغل يعني ضرب نار وعصابة وتغفيلات ومصايب سودة مش معقول هجازف بحياتي وأقعد احب في مزة اجنبية وينتهي بيا الحال في خبر كان!.
رفعت حاجبيها في سخطٍ، فتساءلت بحدة:
يعني ضرب النار والموت هما اللي مخوفينك من النسوان مش نزهتك ولا إنك بتحبني يا مراد!..

ابتسم في انتشاء وهو يرى قصيرته ذات اللسان السليط تتأجج ناراً من فرط غيرتها، حملها بين ذراعيه وهو يغمز لها بخبثٍ:
النزاهة والحب دول شكليات سهل التخلي عنهم في الوقت اللي هتخدم فيه بلدك...
لم تكن مدركة لما يحدث فمن فرط غضبها لم تشعر بأنها محمولة على ذراعيه ولا بوجودها بجناحهم الخاص، وضعها على الفراش ثم تمدد جوارها وهو يجذب الغطاء ليستمع لكلماتها المندفعة باعتياد على الثرثرة المعتادة:.

دا انت ليلتك سودة، فاهمني بسرعة تقصد أيه؟.
ابتسم في حبورٍ وهو يضيف بلهجته الماكرة:
يعني لو هتسحب معلومة من واحدة مزة زي ما بتقولي فأكيد كل ظابط وليه طريقته، تدلع تتمادى تعمل اللي تعمله مفيش حد من المسؤولين هيحاسبك على الطريقة المهم انت هتخرج بأية!..
لكزته في كتفيه العاري وهي تجيبه بسخرية:
هتخرج بعيل...

ثم بحثت جوارها عن شيء حاد فأبتسمت في انتشاءٍ حينما وجدت التحفة الموضوعة لجوارها، فجذبتها وهي تقربها منه قائلة بغضبٍ:
أنا نفسي اتجنن وأتسببلك في اصابة كبيرة كل ما عينك تيجي تزوغ على واحدة من النسوان دول تبص للعاهة المستديمة تفتكر اللي جرالك واللي هيجرالك مني!..

وزع نظراته بينها وبين ما تحمله بين يديها، تعمقه بالتطلع لعينيها مباشرة جعل قلبها ينبض بتوترٍ ملحوظ، شرود وعدم وعي مؤقت يصطحبها بخفةٍ لمكانٍ لا وجود له بدنيا البشر، جنة بعيدة المذاق عما يكمن بالقلوب الحاقدة، لم ترأف قلوبهم بتذوق ما هو متاح لعشاق الغرام، خطف ما بيدها وهي لا تعي بأنها لم تعد تحمله، ليجذبها إليه، ليرغمها بأن تدخل تلك البوابة الفاصلة بينها وبين جنة عالمهما الخاص...

ابتلعت ريقها بصعوبةٍ بالغة وهي تتأمل من يقف أمامها بثباتٍ قاتل، سكون حركتها المطولة جعله يتقدم بخطاه حتى اغلق الباب من خلفه ليبقى أمامها بالتحديد، طالت دقائق الصمت وتعمقت النظرات فيما بينهما، تراجعت وتراجعت وقلبها يخفق بقوةٍ كلما إقترب منها ليحاصرها بين حائط منزله الشاهد على ذكرى حبهما الطفولي وبين جسده الذي يشكل حاجز بشري بالنسبة لجسدها الذي يبدو مقارنة به هزيل للغاية، الصمت فقط هو سيد الموقف فيما بينهما، حتى اخرج هو من جيب جاكيته الورقة الموقعة بخطها فقال بشبح لبسمة شبه ظاهرة على زواية فمه:.

شجن!، بتدلعي نفسك على أوراق رسمية!.
خطفت نظرة بطيئة للورقة التي يحملها بين يديه ثم عادت لتتطلع له وهي تجيبه بصوتها الشبه مسموع:
وأنت كاتب إسم متجوزتنيش بيه...
اتسعت بسمته الخبيثة على شفتيه وهو يقترب بوجهه منها ليهمس بإعجابٍ:
الفترة اللي سيبتك فيها فادتك كتير لدرجة إنك بقيتي تكشفي أوراقي ودا صعب لأي حد...
أغلقت عينيها بقوةٍ وهي تلتقط أنفاسها بصوتٍ مسموع، فقالت دون التطلع له:.

والستات كمان بقت من ضمن اوراقك!..
نجحت بأن تصيب هدفها بأغضابه، فلكم الحائط من جوارها وهو يكز على أسنانه بغضبٍ فتعال صوته بعصبيةٍ بالغة:
أنا مش قادر أفهم بالظبط أنتي عايزة أيه؟!..
رفعت عينيها إليه وقد لمعت حدقتيها بدمعاتٍ ظاهرة، فقالت بصوتها المتقطع من اثر إختناقه:
عايزاك أنت...

بتر ما كان على طرف لسانه من كلماتٍ حادة تستعد لإجابتها عن هذا الإتهام، تطلع لها بصمت يحوم حوله عدم التصديق لما يستمع إليه، التوتر والإرتباك الظاهر على ملامح وجهها ليس خوفاً منه كسابق عهده ولكن لقربه منها، تعلقت عينيه الزيتونية على رحيق شفتيها، فكانت تثير بداخله شيئاً قد فقده مع آنين الذكريات.

أيام، أشهر، سنوات قضاها بالصبر والتحمل لتكن له عن طيب خاطر، وها هو يشعر بها ويستمع لدقات قلبها التي تقرع الدفوف بإرتباك قربه منها، ماذا ينتظر بعد؟!.
إرتواء الروح من ڤثيارة العشق شيئاً شبه معدوم ولكنه رغم إفتقاره للعلاقات النسائية الا انه كان لا يرى سواها هي...

ليت هذا القلب يتوقف لثواني عن بوحه بعشقك، ليته يتوقف عن قرع دفوف الغرام، ليته يعقل ويستمع لمناجاتي والشكوى التي احملها منك لعله يخفف من حبه الشغوف، ليته عقلاني يحكم بالمشاعر ويكف عن التحكم بجسدي، ليته يشعر بالآنين الذي دفعتني للعيش به، ليته يكف عن الوقوف بكفتك فتصبح كفتي خالية الرجا، فتميل الموازين تجاههك أنتِ...

أصابع يديه تلامس وجهها برفقٍ وتردد، إقترابه كان كقرع دفوف الخطر لمعركة من المؤكد بأنه سيربحها، تحولت لمسات يديه من الرفق إلى التماسك والقوة حينما شعر بأنها تحاول التهرب منه، أجبرها على تتبع خطاه الذي إنتهى بغرفته البسيطة، التي قضى بها ليالي وأعوام يحلم بالحصول عليها طوال أيام طفولته، وها هو حلمه الثمين يتحقق بعد أشهر من زواجه بها..

ربما كانت تخشاه، وربما أيضاً كانت تقتل رعباً من رؤياه، أما الآن فهي تشعر بأن قناع رحيم زيدان قد زاح، ترى ولأول مرة محبوب الطفولة أمامها، لمساته الرقيقة وهمساته القاتلة جعلتها ترى أمامها من تلهفت الاشواك إليه، فريد الحب الأول والأخير بحياتها، حياة شجن التي منحها اسماً يميزه بها عن باقي من ينادونها، هي من إخترقت القوانين التي وضعها الشيطان والذي لم يمنح الغفران لأحداً من قط سواها!..

أغلقت عينيها بقوةٍ حينما ضمها لصدره، فاستمعت دقات قلبه التي تنبض بعنف لتخرج ما كن من عشقٍ متراكم لسنواتٍ لها، قد شهدت حوائط هذا المنزل على عشق طفولي منذ أعوام وعادت لتشهد على هذا الزواج الذي تم فعلياً بعدما تقربت القلوب وإعترفت بعشقهما رغم عناد كلاً منهم، إنطبقت أصابعه بين اصابعها، فغفلت على صدره وهو يحتضنها بعشقٍ وتملك، حتى أن عينيه كانت ترفض النوم فكان يراقبها بإهتمامٍ وخوف من ان يكون ما حدث بينهما مجرد حلم وليس حقيقة، ولكنه صوت انفاسها التي تلفح صدره القاسي تؤكد له بأنها حقيقة ملموسة بين ذراعيه وقريبة من قلبه النابض خلف صدره العاري...

تسابقت السيارات لزف العريس لشقته الزوجية، فصارت بينهما روح الدعابة لمنعه من العبور ليصل لمدخل العمارة، إبتسم آدم والذي كان يقوم بقيادة السيارة وهو يشير ليوسف الجالس بالخلف:
أصحابك الاندال عايزين يضيعوا عليك الليلة بس العبد لله هيوريهم الرجولة اللي بجد...
أجابه يوسف وهو يحتضن نغم بقلق:
ربنا يستر...

وبالفعل تفادى آدم السيارات ببراعة وحرافية عالية حينما جعل سيارته تمر من على عجلتين بأستنداهما على الدرابزين الفاصل بين المارة والمياه، تعالت صرخات نغم بخوف ويوسف يبذل ما بوسعه لتهدئتها ولكنه يرتاب من أمرصديقه الغربي المجنون، كاد أصدقائه بالتغلب على آدم ولكنه اسرع برفع سرعة السيارة حتى أمن لهم محل عبور أمن بعدما اوقف السيارة أمام مدخل العمارة بالتحديد، ثم فتح الباب الخلفي من سيارته بإستخدام الريموت المتحكم بها، هبط يوسف وهو يعاونها بالنزول بعد ان حمل طرف فستانها الثقيل، اشار له آدم وهو يستعد للرحيل بسيارته غامزاً له بمكرٍ:.

عد الجمايل يا كبير...
بسمة صافية نبعت على شفتيه وهو يجيبه بإمتنانٍ:
كله هيتردلك قريب يا عريس...

وصعد بها لشقتهم بالطابق الثالث من البناء، فتح بابها من امام عينيها، فولجت بفضول لرؤية شكلها الأخير بعدما اكتمل كل شيئاً بها، زار وجهها الإبتسامة الحالمة وهي تستشعر بدفء المكان لوجوده لجوارها، شعرت بأنها ستكون جنتها الصغيرة بعيداً عن جو القصر البارد، ولجت للداخل وهي تتأمل غرفة نومها على استحياءٍ حينما شعرت بوجوده خلفها، حرك يديه بحركاتٍ دائرية على ذراعيها وهو يردد ببسمة صغيرة:
مبروك يا عروسة...

استدارت في مقابله وهي تجيبه بدلالٍ:
الله يبارك فيك يا عريس، وانت كمان مبروك عليك أنا..
تعالت ضحكات يوسف وهو يشاكسها بالحديث:
غرور من اول يوم!، شكلنا هنقضي ايام مع بعض زي العسل...
شاركته الضحك وهي تفتح خزانتها قائلة بخبثٍ:
طيب برة بقى عشان عايزة اغير هدومي وانام...
ثم جلست على الفراش وهي تحرر الطرحة البيضاء عن خصلات شعرها قائلة بإرهاق:
تعبت اوي النهاردة يا جو...
ثم نهضت وهي تصفق بيدها:.

يلا يا بيبي إختارلك اي اوضة من برة عشان جسمي مكسر وعايزة أرتاح..
رفع حاجبيه بصدمة من طريقتها، فامسك بمعصمها قائلاً ببلاهةٍ:
هو مين دا اللي يطلع، دا انا قتيل هنا النهاردة...
تعالت ضحكاتها بخجل، وخاصة حينما قربها إليه فهمست على استحياءٍ قبل ان يقترب منها:
نصلي الأول...

ابتعد عنها وهو يبادلها الابتسامة، مشيراً لها برأسه، مرت الدقائق على كليهما، ليقف إمام بها حتى انتهت صلاتهم بدعائه، فحملها بين ذراعيه ثم ولج لغرفتهما الخاصة لتصبح زوجته شرعاً...

كشف الجلباب الأسود عن الشمس لتسطع بضوئها الساطع لتنير الكون بأكمله، رفع هاتفه وهو يصدر اوامره المعتادة قائلاً بحزم:
هاتلي الطلبات دي على العنوان اللي هبعتهولك...

وأغلق هاتفه ثم ولج للغرفة مجدداً ليجلس على المقعد المقرب من فراشها، يتابعها بزيتونية عينيه الساحرة لساعتين متتالية دون أي ملل، ملامح وجهها المرسوم بداخل لوحة قلبه فتزداد ابتهاجاً حينما تتعلق العين به، عبثت بملامحها حينما انعكس ضوء خافت على وجهها ففتحت عينيها بتكاسل وهي تفرد ذراعيها بدلالٍ، لتخفض قدميها البارزة من اسفل قميصه الأبيض، بسمة مثيرة مرسومة على وجهها وهي تفتح عينيها لتتذكر حلمها الخجول الذي جمعها به، رفعت وجهها لتتلاشى بسمتها تديجياً حينما وجدته يجلس مقابلها ويتأملها بعينيه التي تفترس ملامحها ، بلعت ريقها بتوتر زاد من حدته حينما نهض بقميصه المفتوح وهو يقترب منها، ليجلس جوارها على حافة الفراش قائلاً بلهجته الثابتة:.

كل دا نوم!..

لعقت شفتيها بتوتر وهي تحاول اخفاء جسدها بقميصه الصغير، اشتعلت حمرة وجهها من فرط خجلها، فابتسم رحيم وهو يتأمل الحالة التي تختبرها بقميص طفولته البائسة، ترى إن أراد ان يرتديه هل سيليق به بعد ان اصبح رجلاً مفتول العضلات هكذا، عاد بذاكرته للخلف حينما كانت تهرول إليه غير عابئة بما ترتديه، ربما كانت طفلة صغيرة لا تعي لشيئاً مثلما أصبحت الآن، لم يرغب في ان يستنزف طاقتها لذا أمسك بيدها لتقف معه، جذبت القميص بقوة ويدها ترتجف بين يديه، التقط غطاء الفراش وهو يداثرها ليخفيها عن عينيه مثلما ارادت هي فيكفي ما حدث بالأمس، يود أن يجعلها تعتاد عليه وعلى وجوده ولكن بالتدريج ليس حتماً، فتح باب الغرفة وهي تتأمله بنظرات تعجب وفرحة بآنٍ واحد فعاد بعد قليل ليضع على الفراش الكثير من الحقائب قائلاً:.

اشترتلك على ذوقي، أنا بره متتأخريش عشان الفطار ميبردش..
وكاد بالخروج ولكن كلماتها أسرت قلبه وجعلته يبتسم تلقائياً حينما قالت:
فريد..
استدار وبسمته مرسومة على وجهه، فابتلعت ريقها بارتباكٍ وهي تقول:
شكراً...
إقترب منها ليقف من أمامها وهو يتساءل بثباتٍ عجيب:
على ايه؟.

اصطبغ وجهها بحمرة قاتمة، فبدت مرتبكة للغاية كيف ستشكره على تفاهمه وصبره الشديد معاها ليلة أمس، وزعت نظراتها بينه وبين الفراش لتقول بصعوبة وأصبعها يشير على الحقائب متناسية تماسكها بالغطاء الذي انكشف عنها:
على اللبس...
منحها نظرة متفحصة وبسمته الماكرة تزداد دهاءٍ، فأعدل من ياقة قميصها المدفون خلف رقبتها وهي لا تعي بانها تقف امامه بقميصٍ قصير: .
بتاعي القميص دا!.
أجابته بتلقائية:.

اه أخدته من الدولاب أمبارح مانا جيت هنا من غير لبس...
جذبه بحركةٍ مصطنعة:
طيب يلزمني، رجعهولي...

تطلعت لذاتها وليديه الممسكة بطرف ياقته لتدفعه للخلف وهي تجذب الغطاء بصدمة، تعالت ضحكات رحيم ولأول مرة تستمع لصوت ضحكاته الذي رفرف وكأنه كبت لسنواتٍ طويلة، ربما كانت تعبر البسمة عن سعادته ولكن صوت ضحكاته الرجولية كان بمثابة التغلب على الروح الشريرة بداخله، تأملته بشرودٍ تام وهي يضحك على ما حدث فخرج من باب الغرفة وهو يشير له بكلماته التي تخرج بصعوبة:
دقايق وتكوني بره عشان الاكل..

اغلق الباب من خلفه فجلست على الفراش وهي تتأمل الفراغ الذي كان يقف به ببسمة سعادة تزور وجهها الخجل، لتلتقط الملابس بفرحة وهي تستعد للانضمام اليه، خرجت بعد دقائق لتجده ساكناً بمحله على الطاولة التي تجمع مقعدين والكثير من الطعام الشهي، كان يعبث بهاتفه بجمود بعدما تلقى احد الرسائل الغامضة، جلست شجن مقابله فبدأت بتناول طعامها وهي توزع نظراتها بينه وبين الطعام بشرود، رفع عينيه لها ببسمة ماكرة وهو يقرأ ما يقبع بداخلها، جذب السكين وهو يقطع قطع الجبن بالشوكة قائلاً دون ان يتطلع لها:.

عايزة تقولي أيه؟..
تطلعت له بارتباكٍ وهي تلتقط انفاسها لتسأله بشجاعة مؤقتة:
مين البنت اللي كانت معاك امبارح دي؟.
تناول ما بالملعقة وهو يتعمد عدم التطلع لها ليشم رائحة غيرتها تفوح اكثر من ذلك فقال بهدوءٍ:
يهمك تعرفي!.
سحبت نظراتها للارض بخذلان فهي تعلم خصاله تماماً، من المؤكد بانها ستعاني على يديه، جذب المنديل الورقي وهو يجفف فمه ثم مد يديه اليها قائلاً بهدوء:
تعالي..

لم تفهم مقصده فجذب يدها ثم اجبرها على التحرك لتجلس على قدميه ليبدأ بالحديث قائلاً:
كل واحد في الدنيا لما يرتكب الذنوب بيكون له عقاب والبت اللي شوفتيها دي هي العقاب للحقير بيبرس..
انقبض قلبها لذكرى هذا اللعين فرددت بعدم فهم:
عقاب!.
قص لها ذو الفم المعقود عما حدث بمهمته وعن ريحانة، قص لها بادق التفاصيل وهو لم يعتاد على الشرح او الحديث مع أحد، لا يعلم لما يضع القوانين للعالم بأكمله وتنهار امامها هي!.

انتهى رحيم من قص ما حدث وهي تستمع له بصدمة من وجود أناس مثلهم، وسعدت لعودة فطيمة وانقاذهم للفتيات، ولكن بدى الازعاج ملياً على وجهها وهي تجاهد بقول:
طيب، يعني حصل حاجة بينك وبينها؟..
تعمق بالتطلع لها وسعادة العوالم باكملها ترفرق بداخله وهو يرى الغيرة مكتوبة على جبينها كبزوغ الشمس، فقال وعينيه تتأمل ضيقها وتوترها:
محصلش حاجة بيني وبينها ولا بيني وبين أي واحدة...

اخفضت عينيها باستحياء فرفع ذقنها ليجبرها بالتطلع اليه قائلاً بألمٍ:
مبشوفش حد غيرك انتي، كنت برسم صورة ليكي جواكي وبتخيلك لما بقيتي بالسن دا، كنت مستعد ادفع عمري كله عشان أوصلك واشوفك ولو لمرة...
انسدلت الدموع من عينيها، فقالت بخجل:
بس انا جرحتك وآآ..
بتر كلماتها حينما وضع يديه على فمها قائلاً بكلماته المهيبة:.

ولو كنتي ارتكبتي أخطاء اكبر من كدا كنت هسامحك، وعقابي اكيد هيكون له أخر لإنك الحاجة الوحيدة اللي بتخلي قلبي يدق، الحاجة الوحيدة اللي مخلياني اتمسك بفريد اللي كان مبقاش له وجود جوايا يا شجن أنتي اللي بتفكريني بكل حاجة حلوة كانت جوايا في يوم من الايام، انتي السبب في اني اتغلب على الشيطان اللي جوايا ويتزرع طاقة نور تساعدني اتغير ولو شوية..
وإحتضنها بقوة وهو يهمس من بين سيل الاشواق:.

انتي إختصار لكل الكلام الجميل اللي جوايا...

رفعت يدها على كتفيه، تعانقه بشدة مثلما يعانقها، ابتسم وهو يشعر بأنها تتقبله بكل ذرة بوجدانها، صار حلمه حقيقة وقد اتى ذات اليوم الذي كان يضعه على لائحة الاحلام المستبعدة، دق جرس الباب مرات عديدة بصورة مزعجة، ابتعدت شجن عنه وهي ترتدي حجابها باستغرابٍ من الطارق، زرر قميصه جيداً وهو يفتح النافذة الصغيرة الملتصقة بالباب القديم فابتسم من يقف بالخارج حاملاً لعلب البيتزا ليغمز له بعينيه الماكرة قائلاً بخفة:.

بيتزا وبيبسي وحنين!.
ابتسم رحيم وهو يجيبه بتذمر مصطنع بعدما القى نظرة على حنين التي تستند على درابزين الدرج وتلتقط انفاسها بصعوبة:
الييتزا والبيبسي اوكي حنين لأ..
اتاه صوتها من الخارج وهي تجيبه بغضبٍ:
الباكيدج على بعضه مفيش ترجيع لحاجة يا اخ..
تعالت ضحكات مراد، فطوفها بذراعيه ثم اشار لرحيم بغلظة:
هو كدا هتفتح ولا اكسر الباب وهو اساساً مش مستحمل نفخة...
ابتسم رحيم وهو يفتح الباب ليجيبه بمرح:.

لا وعلى ايه تنور بيتنا المتواضع...

ما حدث بالمغرب شن حرب عظيمة بالارجاء، جعل الفئران تخرج من مخبائها، الخوف كان ينخر في العظام والفضول يكاد يقتلهم لمعرفة من فعل ذلك بوكرهم، كانت الشكوك عائدة على الحكومة المغربية ولكن كانت الصدمة لهما حينما أبلغتهم سيدة هذا المكان القذر بان من فعل هذا شابين أعزلين، كانت ضربة قاتلة للجميع، الصدمة حفيلة للوجوه بان ما حدث هو من فعل رجلين فقط!..

اجتمع الجميع ممن يعملون بالدول المتفرقة بمكان واحد بتركيا لمعرفة ما يحدث فأن مس السوء احد الأماكن الخاصة بهما فأنه بالفعل قريب منهم، لذا عليهم الحذر والقضاء على هذا العدو، حصدت الاراء بان يتم فحص الفيديوهات الاخيرة التي بعثت لهما من وكر المغرب وبالفعل تم الأمر فكانت تعاونهم تلك السيدة في كشف وجوههم، فظهر امامهم تسجيل دخول مراد لغرفة فطيمة ليغزو صوتٍ من بينهم وهو يردد بصدمة:
مراد زيدان!..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة