قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية صراع الشياطين (الجوكر والأسطورة ج4) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الحادي عشر

رواية صراع الشياطين (الجوكر والأسطورة ج4) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الحادي عشر

رواية صراع الشياطين (الجوكر والأسطورة ج4) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الحادي عشر

الطائرات الورقية البيضاء تعلق بالسماء ببراعةٍ وكأن من يحركها فنان محترف، أحداهن تتمايل بخفة في محاولة خبيثة لقطع حبل الطائرة المجاورة له، بينما الأخر يصد هجماته بمهارةٍ وإتقان، لاح على وجه الجوكر بسمة انتصار حينما تمكن من قطع الخيط الرفيع عن طائرة رحيم فتطلع جواره متعمداً غمسه بنظرة تحفها النصر قائلاً بغرور:
متسهنش بذكاء اللي واقف معاك حتى ولو في اللعب..

إبتسم رحيم وهو يجذب خيطه المقطوع ليضعه جواره متعمداً تجاهل شطره الاخير من الحديث، فأستند بجذعيه على السلم الخشبي الصغير ليهبط من أعلى سطح الغرفة الصغيرة التي كانت بمثابة استغلال لاستعمال الطائرات من على اعلى ارتفاع بالمنزل، هبط للأسفل لترفرف عينيه على نهاية سطح منزله البسيط فيراها وهي تضع الطعام على قطعة الحصير الصغيرة كمحاولة لمعاونةٍ حنين التي بدأت بتناول قطع البيتزا بنهمٍ، وقف مراد لجواره وهو يتطلع لما يجعله شارداً هكذا فقال:.

بتفكر لسه في أيه خلاص سوء التفاهم اللي فات كله اتحل، أشجان خلاص اتقبلتك زي ما أنت بشكلك وأسمك الجديد..
اتسعت بسمة ساخرة على شفتيه وهو يجيبه بألمٍ يصعب وصفه: .
اتقبلتني بس وهي مش مستوعبة هي داخلة على أيه!..
ثم استدار بجسده كلياً تجاه أخيه ليستكمل حديثه بحزن:.

زمان كان حلمنا بسيط زي أي اتنين بيحبوا بعض، يمكن السبب اللي خلاها تنفر مني كل الوقت دا ان فريد اللي كانت تعرفه كان شاب بسيط بيشتغل بدراعه عشان يكفي مصاريف يومه، شاب مالوش في المشاكل ولا بيحب الحوارات أما اللي قدامها دلوقتي هو واحد ميعرفش غير القتل وأخدان الحق والانتقام، كل ده يا مراد كنت بفكر فيه قبل ما ازعل منها ومن تصرفاتها...
بدى غير راضٍ عن طريقة حديثه فقال بإعتراضٍ جلي:.

انت مش بتقتل في خلق الله ده شغلنا ودي رسالتنا، مهو مش معقول هنسيب ناس تفلت بعمايلها القذرة دي عشان منقتلش!، مش ده كلامك ليا، أنت اتغيرت من يوم واحد قضيته بالبيت دا ولا أيه!.
تعالت ضحكات رحيم فجلس على السور المقابل له متابعاً على شاردة وواردة تفعلها، فقال بغموضٍ:
لأ، متغيرتش أنا بشتغل طول الوقت حتى وأنا هنا متقلقش..
ضيق عينيه بذهولٍ، فباغته بسؤالٍ ساخر:
بتشتغل وأنت هنا ازاي!..
أجابه بعد صمت مطول:.

أنا عرفت مين اللي من الداخلية اللي بيساعد الناس دول او تقدر تقول أتاكدت من شكوكي..
إقترب منه بإهتمامٍ والجدية تنبع بسؤاله الحازم:
مين؟!..
بلل شفتيه بلعابه وهو يتابع حنين بنظرة جعلت مراد يسأله بشكٍ:
مين يا رحيم...
أجابه بكلماتٍ غير مباشرة:
طول الفترة اللي فاتت انت كنت خايف ان حنين تتأذي من اللي بنعمله بس أنا كنت بأكدك انهم مش هيأذوها وده لسبب بسيط ان اللي بيساعد الشبكة دي جوا مصر هو أبوها...

صعق مراد من هول ما استمع اليه فقال بعدم تصديق:
معقول!..
هبط أسفل السور وهو يجيبه دون التطلع اليه:
زي ما بقولك كده ومن المتوقع ان الكلب اللي اسمه عمران هو اول واحد هيهاجمنا...
كاد بأن يجيبه ولكن قاطعهما صوت حنين الغاضب:
الأكل برد!.

هبط كلاً منهما فجلسوا سوياً، قربت منهم حنين الطعام وهي تهمس لشجن بخبثٍ فتبتسم الأخرى على استحياء، لاحظ رحيم شرود مراد المخيف بالنسبة اليه فكأنه يضمر شيئاً خطير، شيئاً سيكون مساره مغلق على محبوبته فكيف ستتقبله ان حتم الامر ليكون قاتل ابيها؟!.

بقصر ريان عمران..

غفل الصغير بين أحضانه، فطبع قبلة حنونة على جبهته، ثم تسلل على أطراف قدميه ليضعه بالفراش، تابعته صباح بابتسامةٍ عذباء وهي تكبت انفاسها حتى لا يستيقظ الصغير، استقام إياد بوقفته بعدما داثره بالغطاء وهو يلقي نظرة متفحصة عليه ثم كاد بالخروج لتنتبه حواسه لها، بدت مرتبكة حينما حاصرها بنظراته فلم تكن ترتدي نقابها، نعم هو زوجها ولكن باحة الخجل لم تحطها بعد، وقف أمامها وهو يجاهد للحديث فقال بتوتر:.

كنت بحطه في سريره...
أشارت برأسها برفقٍ وكأنها لا تفقه بأي ردٍ تجيبه، فحك مقدمة أنفه بإرتباكٍ وهو يتساءل:
أنتي فطرتي؟..
قالت وعينيها تتهرب من لقائه:
لا...
أجابها بابتسامة مشرقة:
ايه رأيك نستغل نوم جان ونخرج نفطر في اي مكان هادي..
اومأت برأسها بتأكيدٍ:
معنديش مانع...
بدت سعادته على صفحة وجهه فقال وهو يخرج من الغرفة:
هستناكِ تحت..

وغادر ليترك لها مساحة خاصة، أو لربما ملأ مساحة قلبها الذي عاد لينبض من جديد، فربما الحديث والمعاتبة تسد فجوة الماضي..

استيقظت من نومها بفزعٍ حينما شعرت بشيئاً غامض يسحب قدميها، فأزاحت ريم الغطاء ثم كشفت عن ساقيها فرأت حبل رفيع ملفوف على ساقها، وأحداً يسحبه برفقٍ، رفعت طرف الخيط وهي تتابعه بدهشةٍ، فكان طوله ممتد لأسفل باب غرفة سليم فتحت باب غرفته فاذا بها معتمة للغاية، لعقت شفتيها بخوفٍ وهي تهمس:
سليم، سليم..

اضاء الضوء الغرفة بأكملها لتراه يقف من أمامها، حاملاً بين ذراعيه فستانها الأبيض الذي أرسلت صورته اليه من سنوات عديدة، فكان حلمها ان ترتدي هذا الفستان الذي يشبه تفاصيل ملابس الاميرات، امتلأت عينيها بالدموع والايتسامة تنير وجهها، كانت بحالة مرتبكة للغاية لا تعلم أتبكي ام تبتسم، اسرعت اليه وهي تلتقط الفستان بين يدها، تتأمله بسعادة، فدارت به وهي تردد بفرحة:
مش معقول هو نفس الفستان بجد مش مصدقة..

ربع يديه امام صدره وهو يتأمل فرحتها برضا، فقال بمكر:
قولتلك لما انوي انك تبقي زوجة ليا هتلاقي الفستان عندك..
تلاشت بسمتها لسيطر الخوف على قسمات وجهها فتساءلت بشك وعينيها تراقب باب الغرفة المغلق:
تنوي ايه بالظبط!.
تعالت ضحكاته الرجولية، وهو يشير لها بمرحٍ:
خلاص رحيم قرر أنه يخف حزب العصابة واختارنا مع الدفعة الاولى...
ضيقت عينيها بعدم فهم: .
حزب ايه؟.
قال وهو يهم بالاقتراب منها:.

يعني بعد تلات أيام من دلوفتي فرحنا، والمقصود بالحزب الاول فهو انا وجان وريان...
تهدلت ملامحها بارتباكٍ فقالت كمحاولة للتهرب من نظراته الجريئة:
طيب وآدم وفارس!.
أجابها ببسمة انتشاء:
هيتربوا وبعدين نجوزهم، واهو اخواتي البنات يبقوا جانبي شوية...
حدقته بنظرة نارية فابتسم وهو يقربها منه قائلاً بغمزة مشاكسة:
أنا مش عايزة أقسم فرحتي لحد غير بيكي، بعد كدا اجوزهم وافرح بيهم...

تلون وجهها بخجلٍ فتراجعت للخلف وهي تحمل الفستان قائلة بتهرب:
هروح اقيس الفستان في اوضتي..
وهربت من أمامه مسرعة والاخر يتابعها ببسمة تزيد من وسامته ولمعة العشق تخلد بحدقتي عينيه...

بمكان أخر بعيد عن القاهرة...
رفع هذا الغامض سماعة الهاتف وهو يردد:
لا تقلق سيدي فأنا أعلم كيف أوقعه بالفخ الذي أعددته له...
لا هذة المرة سأكون أكثر حذراً، الإيقاع بهما معاً أمراً شبه مستحيل ولكن ربما يمكننا التغلب عليهم حينما نستدرج كلاً منهم بمفرده والخطة المثالية للإيقاع بمراد زيدان قد أجريت بالفعل، أعدك بأن عينيك ستخلد صورته وهو ضعيف وزليل بين يدي...

ربما ظن أن الأمر انتهى بالمغرب ولكنه سيلاحقه من جديد...

عاد مراد للقصر بصحبة شجن وحنين بعد أن رفض رحيم بأن يخبره الى أي مكان يقصده لحين عودته، فصعد لجناحه مسرعاً وقد تبدل وجهه لألف لونٍ حينما قرأ محتويات الرسالة التي زارت هاتفه لتو، فتح باب غرفته ليتفاجئ بمن يجلس بالداخل بإنتظاره!..

بين حوائط السجن العفنة، ذات اللون الرمادي، وبالأخص بمنتصف الغرفة التي تحمل مصباح كهربائي يتدلى من طرف السلك المكشوف الذي يتبختر يميناً ويساراً، كان يجلس محله بملامحٍ منكمشة وكأنها كبرت ألف عامٍ، يود ان يحطم حوائط المعتقل ليلوذ بالحرية التي قيضها العمل السيء، يعلم بأن خروجه من هذا المكان هو مسألة وقت لا اكثر، وكما ارسل اليه احد الرجال بأنهم ينتظروا أن تهدأ الامور قليلاً حتى يتمكن العدو الخائن من اخراجه باستخدام منصبه ولكن ما في الامر بأنه تم اعتقاله على يد رحيم زيدان فالامور تحتاج الى ترتيب ماهر حتى لا يكشف الامر، صرير الباب المزعج جعل بيبرس يراقب بأهتمامٍ الضيف الذي زار معتقله البائس فما كان منه الا ان ارتسم الهدوء الزائف ملامح وجهه حينما رأى من يقف أمامه بشموخٍ وكأنه يقف بمحله المتوقع!، ولكن ترى هل سيكشف أوراق لعبته في أول جولة؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة