قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية صراع الشياطين (الجوكر والأسطورة ج4) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثاني عشر

رواية صراع الشياطين (الجوكر والأسطورة ج4) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثاني عشر

رواية صراع الشياطين (الجوكر والأسطورة ج4) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثاني عشر

انكمشت ملامحه بذهولٍ حينما وجد أبيه بإنتظاره بجناحه الخاص، أغلق مراد الباب من خلفه ليتحرك بخطاه الثابت تجاه المقعد الذي يعتليه طلعت زيدان، جلس من أمامه وهو يتفحص ملامحه بترقب، غمره الصمت وكأنه يبحث عن كلماتٍ افتتاحية يخبر بها ابنه عما يود قوله، فخرجت كلماته بارتباكٍ:.

كنت متوقع انك أول ما هتخرج مصر هتطلع تشوفني بس الظاهر عندك انشغالات اهم مني..

ولاحت على وجهه بسمة صغيرة:.

بس الانشغالات دي مزعلتنيش مدام مرتبطة برحيم أخوك...

نبرة صوته كانت غريبة بعض الشيء وكأنه مريض أو يحاول اخفاء شيئاً، تقلصت ملامح وجه مراد باستغرابٍ فقال بشكٍ:.

حضرتك كويس؟.

نهض طلعت عن محله وهو يستقيم بوقفته بصلابة وكبرياء لطالما عهد عن مراد رؤيته فقال بإختصارٍ موجز:.

أنا كويس بس جيت اطمن عليك..

عندما تكون القوة حليفة لشخصية عهد عنها الاتزان والصلابة وحينما يضربها تيار عاصف يوشك على اقتلاعٍ جذروها تتقلب الأمور بشكلٍ جذري، هكذا ما شعر به طلعت زيدان وهو بطريقه للخروج من وكر الجوكر، توقفت قدميه عن الخطى تجاه الخروج واستدار ليكون مقابله بالتحديد قائلاً بتأثرٍ:.

في ألم جوايا مدفون من سنين، بيوم واحد كان السبب في كل الوجع اللي جوايا ده، يوم حسيت فيه اد أيه انا ضعيف ومكسور من جوايا، بس كان لازم اكون طلعت زيدان اللي مبيهزهوش حاجة، اليوم ده كان يوم وفاة أخوك رحيم اللي اخد من عمري يوم بعد يوم وانا برقبه وهو بيموت وأنا مش قادر اني حتى اساعده بس النهاردة حسيت بالخوف والفرح وأنا بستلم نتايج التحليل والفحوصات، حسيت بالخوف من اللي جاي وخصوصاً من عمران لانه مش ناوي على خير والفرح لأني هعيش نفس المعاناة اللي عاشها ابني وأكيد هشوفه قريب...

صدمة كبيرة سكنت بتعابيرٍ وجه مراد وهو يحاول استيعاب ما استمع اليه لتو، هل ابيه اصيب بالكانسر الذي أختطف أخيه التؤام من قبل؟!، لربما كانا العلاقة مختلفة كلياً بين الابن وابيه وبالاخص فريد ولكن بالنهاية الدماء التي تسري بالعروق واحدة، قطع المسافة الصغيرة بينهما وهو يردد بعدم تصديق:.

أيه الكلام اللي حضرتك بتقوله دا...

اجابه بصوت مهزوز للغاية:.

الحقيقة يا مراد أنا مريض سرطان!..

عدم الاستيعاب في مثل تلك المواقف هي أمراً متوقع فربما الأمر كان كالكارثة ولكن تقبله محال، وقف من أمامه وهو لا يعي ما المحتم عليه فعله، رباط تلك العائلة قائم على الصرامة والتحدي، المودة والمحبة نبات ينمو حديثاً بأتحاد الجوكر والاسطورة ولكنه مازال مقيد، فربما العناق كان ابسط الامور، احتضنه مراد بقوة والدمع قد تلألأ بحدقتي عينيه الزرقاء، فقال وهو يشعر بانهمار دمعات أبيها:.

بكره الصبح هيكون عندك أكبر الدكاترة أو هسفرك أميركا تتعالج هناك مش هسيبك هتكون كويس...

ضمه طلعت لصدره فما يقوله يستطيع هو فعله ولكنه كان بحاجة لضمه، كان بحاجة اليه، ابتعد عنه سريعاً حينما استمع لصوت زوجته وهي تقول بضيقٍ:.

انت هنا يا طلعت وأنا قالبة عليك الدنيا!.

أزاح دمعاته سريعاً وهو يستعد صلابته وثباته قائلاً:.

خير يا نجلاء في حاجة ولا ايه؟.

قالت وهي تهم بالاقتراب منهم:.

في أن عندنا أكتر من فرح مع بعض وناقصنا طلبات كتيرة والحرس دول عاملين زي الانسان الالي بيسمعوا وبينفذوا اللي بيتقال من غير تفكير ولا حتى تحكيم عقل.

رسم مراد بسمة بسيطة وهو يجيبها:.

ولا يهمك يا ست الكل قوليلي طلباتك ايه وأنا هنفذها وبنفسي...

رُسمت بسمة واسعة على وجهها، فقالت وهي تمسد بيدها على كتفيه:.

بجد هتساعدني!..

أجابها مؤكداً:.

جربي...

ظهرت الفرحة جلية عليها فاشارت له باتباعها، حانت منه التفاتة صغيرة تجاه والده الذي منحه إشارة تحمل معاني التفهم، خرج خلفها ثم هبط لباحة القصر يستمع بعناية لما تود فعله والحرس من جواره في حالة من الدهشةٍ والتخبط لمعاونته لها بنفسه رغم وجود الخدم والحرس!.

****************.

وكأنه كان يتوقع زيارته ولكن تأخرت كثيراً عن المتوقع، ظل قابعاً بمحله، يراقبه بنظراتٍ تحمل معاني الحقد والكره، على عكس الاسطورة الذي تحرك بجمود تجاه المقعد الذي وضعه الشرطي له بمنتصف الغرفة، رفع قدميه ليضعها على جسد المقعد ثم انحنى بجسده قليلاً ليكون مقابله وجه لوجهاً، الصمت يسيطر على وجه رحيم المخيف تاركاً عينيه تفترسه كالفأر الصغير الذي يهرب من براثين كائن مفترس يفترق عنه بالجسد والقوة، دقائق الصمت كانت تضمن حكمة ودهاء من ينتقي الكلمات ليبدأ بحديثه أخيراً قائلاً:.

أتمنى أنك تكون مبسوط هنا معانا ومتكنش مليت في فترة انتظارك لخطة معالي الوزير اللي بيفكر في طريقة لتهريبك من هنا...

انزوت قسمات وجه بيبرس بصدمةٍ من معرفته هذا الامر بالتحديد فاستكمل رحيم حديثه بثقة تلاحق كلماته المرتبة:.

بس أطمن وطمنه أننا اتعلقنا بيك جداً ومتهنش علينا أننا نتخلى عنك بسهولة...

نهض بيبرس عن محله وهو يقترب منه بغيظٍ وغضب:.

هخرج يا رحيم واللي عندك اعمله..

لم تتلاشى بسمته قط بل استكمل بنفس الثبات الذي يمتلكه:.

مش هيحصل طول ما انا واقف قدامك، ومتقلقش الوحدة اللي انت حاسس بيها دي مش هتطول كتير، هانت وحبايبك يشرفوك هنا في تخشيبة واحدة...

تعالت ضحكات بيبرس الشيطانية، فرد عليه قائلاً بسخرية:.

أنت ياما واثق في نفسك زيادة عن اللزوم يا بتحاول تتجاهل الناس اللي انت اتورطت معاهم، ونفس الناس دي مش هتعدي اللي انت و مراد زيدان عملتوه في المغرب بالساهل...

اخفض قدميه عن المقعد، ثم وقف من امامه لا يفصلهما سوى مسافة تكاد منعدمة، تعمق بالتطلع اليه بكل ثقة يمتلكها، وكأنه لا يهاب القادم او يشعر بالخوف منه، فقال بنفس لهجته الساخرة:.

بيبلغوك اللي بيحصل اول بأول، بس يا ترى بلغوك بهديتهم ليا؟.

انعقد حاجبيه بدهشةٍ:.

هدية ايه؟.

اتسعت بسمة رحيم وهو يجيبه ببرود:.

لو قولتلك على الهدية هتزعل وزعلك في الوقت ده مش في صالحي، بيقولوا ان اللعبة أي حد ممكن يبتديها لكن النهاية والاحداث البطل اللي بيتحكم فيها، وأنا خلاص مسكت اللي يخليك زليل تحت رجلي..

وتركه في حيرة قاتلة ثم تحرك تجاه باب الخروج وقال دون التطلع له:.

فكر في كلامي كويس...

وغادر رحيم من قسم الشرطة بأكمله، فتح الحارس باب السيارة فأرتدى نظارته القاتمة ثم استقر بالمقعد الخلفي بهدوءٍ، تحرك السائق على الفور ولكنه بعد دقائق بسيطة توقف بأمرٍ منه أمام عربة صغيرة لرجلٍ بسيط مخصصة لبيع (غزل البنات)، هبط رحيم زيدان متحاشياً تجمهر الحرس من حوله ليصل للرجل الذي سكن الخوف تعابير وجهه من رؤية ما يحدث من أمامه فظن بأنه فعل جرمٍ شنيع لذا أرسلت له الشرطة قواتها بأكملها، أهتز الرجل وهو يجاهد بخروج كلماته:.

احنا على باب الله يا بيه، همشي من هنا لو فيه ازعاج للسلطات بس ابوس ايدك متكسروش العربية دي اللي باكل عليها أنا وعيالي عيش...

بسمة صغيرة رسمت على جانبي شفتيه، فأشار بأصبعيه للحرس من حوله ليعود كلاً منهما للسيارات من خلفه، فنزع النظارات عنه وهو يقول:.

مش من حق السلطات انهم يشتروا غزل البنات ولا ايه؟.

ارتبك الرجل وأجابه بتلعثم:.

العربية كلها تحت امرك يا بيه..

جذب رحيم أحد الاكياس المعيأة من أمامه ثم أخرج من جيب سترته مبلغ ضخمٍ ليقدمه للبائع الذي تفحص ما بيديه بصدمةٍ وذهول فقال:.

بس ده كتير أوي يا بيه..

أجابه رحيم وهو يهم بالصعود لسيارته:.

مكانك هنا كويس جنب شغلي فاكيد هعدي عليك كل يوم...

ابتسم الرجل وشكره كثيراً وهو يدعو لها، غادرت السيارة وهو بالخلف هائم بما يحمله بين ذراعيه، يشتاق لرؤياها، يشتاق لرؤية خجلها بعد قضاء ليلة زواجهما الاول، ربما انتزع منه مراد هذة الفرصة؛ ولكنه سيستغل اليوم والغد لقضاء أيامٍ مميزة قبل السفر لمهمته الأخيرة المتعلقة بهذة القضية لينهيها من جذورها..

***************.

بحديقة القصر...

الأرجيحة تتحرك برفقٍ كأنها تحرص على من تحملها بين أحضانها، رغماً عنها انصاعت لهزاتها فغفلت على سطحها، الهواء العليل كان ينعشها لدرجة انستها بأن الأرجيحة بجسد صغير لا يسع تقلباتها الانفعالية، اهتز جسد حنين بعنفٍ حينما اوشكت على السقوط ارضاً ففتحت عينيها بذعراً لتقابل وجهه من أمامها بعدما أسند ذراعيه كالدرع البشري ليحيل بينها وبين العشب خشية من أن تتأذى ابنته مرين التي تحملها بأحشائها، القصيرة ذات اللسان السليط بتر لسانها فلم تعد تتمكن من قول شيئاً حينما رأت من كانت تحلم به أمامها، كاد بتعنيفها على اهمالها بنومها بمكانٍ مكشوف كهذا والقصر يعج بالحرس والشباب ولكن بسمتها ويدها التي حاوطت رقبته جعلته يغفل عن قول ما ود قوله، فراقب بوح عينيها بتركيزٍ، ثم قال ومازالت قدميه بانحناء من ليكون على نفس مستواها:.

قولتلك متأذيش نفسك، ده مكان تنامي فيه!..

ابتسمت وهي تجيبه بهمسٍ مغري:.

عارفة انك جانبي فأكيد مش هتسمح لحاجة وحشة تحصلي ..

جلس جوارها وهو يحتضن وجهها بيديه وشعور الاضطراب يتملكه، فقال بجدية لم تكن تنتظرها:.

أنا جانبك أو لأ متعرضيش نفسك انتِ وبنتك لخطر انتِ في غنى عنه..

اختبأت بأحضانه متجاهلة حديثه، فرفع ذقنها ليجبرها على التطلع اليه قائلاً بتشديد على كلماته:.

فاهمه يا حنين؟.

أومأت برأسها بخفة ثم سحبت يديه الموضوعة على خصرها لتضعها على بطنها المنتفخ بخجلٍ، أخذته الرعدة حينما شعر بحركة الجنين، احاسيس متخبطة جعلته في حالة من التوتر، انخفض قليلاً وهو يحاول يسترق السمع لحركتها فابتسم على حماقتة، دمعة فاترة جابت عين حنين فقالت بارتباكٍ:.

متسافرش تاني يا مراد، بخاف عليك وبعيش في قلق لحد ما بترجع...

قربها لصدره وهو يمسد بيديه على خصرها قائلاً بصوته الرخيم:.

ده شغلي يا حنين، خاليكي دايماً على ثقة اني ببذل مجهود فوق طاقتي عشان أرجعلك...

ثم قال بابتسامة جميلة:.

وبعدين انتي كل مرة تقولي الكلمتين دول وبرجعلك...

تشبثت به بقوةٍ وجسدها يرتجف بخوفٍ لا تعلم سببه، حتى هو شرد بالجزء القادم المتعلق بضريبة مغامراته الخطيرة...

****************.

بغرفة شجن...

كانت تقف أمام السراحة تمشط خصلات شعرها بشرود، تبتسم تارة وتعود لواقعها تارة اخرى، وجهها كحبات الكرز من شدة خجلها بتذكر ليلة أمس، مخبئها الوحيد هي غرفتها التي عادت اليها على الفور، فكرة البقاء معه بنفس ذات الغرفة وأمام العائلة أمراً سيسبب لها احراجٍ كبير، فردت شعرها على خصرها وهى تعدل من قميصها القطني، خرج تنفسها مضطرباً للغاية فعلى صدرها تزلزلاً لانفعالها حينما تسلل لأنفها رائحة البرفنيوم الخاصة به، حتماً هو بغرفتها ويرأها بقميصها القطني القصير وشعرها المنفرد بعشوائية، فكرة التطلع للخلف كانت الاسوء على الاطلاق، لذا ظلت متخشبة محلها وكأنها على وشك السقوط بمياه عصيفة، رفعت شجن يدها على رقبتها تحاول أخفاء ذاتها، ابتسم من يقف على مسافة منها فهو يعلم بأنها تشعر بوجوده وخاصة بحركات جسدها الخجول، اقترب بضعة خطوات لتطبع المرآة صورته فأرتبكت عينيها وهي تتطلع اليه، اصبحت تواجه الأمر المحتم فالآن لن تتمكن من منعه من الدلوف لغرفتها دون آذن منها، اقترب منها رحيم ليستند بذقنه على كتفيها مقربها منه بذراعيه الايمن هامساً وعينيه تتطلع لانعكاس صورتها:.

مش في أوضتك ليه؟.

لعقت شفتيها بارتباكٍ وهي تجاهد لقول:.

ما أنا في اوضتي...

بحركة سريعة اجبرها على الاستدارة لتكون مقابله:.

اوضتك هي اللي هكون انا فيها...

ابتلعت ريقها بارتباكٍ، فجذبها من ذراعيها ثم فتح باب الشرفة المجاور لشرفة غرفته، ثم ولج للداخل ليغلق ستار غرفته، راقبته بخوفٍ فقالت بتردد:.

انت بتقفلها ليه؟..

خلع جاكيت بذلته الاسود ثم وضعه على المقعد ليجيبها بهدوءٍ دون التطلع لها:.

يمكن حد من الحرس يطلعلي هنا وانا اكيد مش هسبها مفتوحة يشوفك حد بلبسك ده ولا أيه..

جذبت طرف القميص لتحاول تغطية ساقها قائلة بانفعال:.

ما انت اللي جبتني كده من غير ما حتى اغير هدومي...

اقترب منها ببسمة ماكرة فتراجعت للخلف وهي ترتجف من فرط خجلها وخاصة حينما كان يحرر قميصه رويداً رويداً، سقطت على الفراش فقالت بذعرٍ:.

بتعمل ايه؟.

القى قميصه عليها وهو يتجه لحمام الغرفة قائلاً بخبثٍ متخفي خلف ثبات لهجته:.

بديكي قميصي تلبسيه أهو أحسن من اللي كنني لابساه امبارح ده هيغرقك متقلقيش...

وأغلق باب الحمام فعادت لتتنفس بصورةٍ طبيعية والابتسامة الرقيقة تزين وجهها، التقطت قميصه ثم ارتدته وهي تبتسم بخجل، كأنه يتعمد ان يجعلها تشم رائحته اينما ذهبت، يريدها ان تعتاد على وجوده لجوارها، أغلقت ازرار قميصه الاسود وهي تمسد بيدها عليه بشرودٍ، رغماً عنها تقرب يدها من انفها لتتسلل رائحته اليها فتبتسم بخجل، تابعها رحيم من خلف الباب بعشقٍ يقتتل ما بجوارحه، ولكنه يود تتفيذ تعليمات يارا بالتعامل معها فمازالت ينبغي التعامل معها بحذرٍ حتى لا يفقد ما وصل اليه من نقاط مربحة بعلاقته بها، خرج بعد قليل بعدما ابدل ثيابه لبنطال ابيض قصير بعض الشيء وتيشرت أسود اللون، اقترب من الفراش فاستقامت بجسدها وهي تراقب كل فعل يرتكبه باهتمامٍ، جلس على الاريكة المطولة أمام شرفته ثم مدد قدميه ليضع الحاسوب عليها، تصنع انشغاله بالعمل ثم قال دون ان يلتفت اليها:.

شجن، هاتي الشنطة اللي جانبك دي..

أومأت برأسها برفقٍ فحملت الحقيبة واتجهت اليه، مدتها له فقال:.

افتحيها هتلاقي ملف أزرق عندك هاتيه..

فتحتها ثم كادت بسحب الملف ولكن شيئاً ما لفت انتباهها فجذبته وهي تردد بفرحةٍ عارمة:.

غزل البنات!..

ووضعت الحقيبة لجواره متناسية امر الملف ثم تناولت ما بيدها بفرحةٍ، اغلق اللاب ثم وضعه لجواره وهو يتأملها بسرور، فكأنه هو من يتناوله بدالاً عنها، انتهت من محتويات الكيس الصغير بنهمٍ، ولكنها انتبهت لمراقبته لها، فوضعته لجوارها وهي تمسح فمها قائلة بحرج:.

انت عارف انه نقطة ضعفي ومش بقدر امسك نفسي لما بشوفه...

اقترب ليجلس جوارها بابتسامة صغيرة، فازاح القطع المتناثرة على وجهها، ارتبكت من قربه المفاجئ لها فتأمل عينيها بنظرة جعلتها هائمة بزيتونية عينيه، كالمغيبة انصاعت له وكأنها تناست كل شيء، الدقائق لجوارها كانت أسعد ما يلاقاه فبعد قليل غفلت على صدره وهو يداثرها بالغطاءٍ، يراقب ملامح وجهها بعشقٍ يتضرم بنيران فتيلها لا ينطفئ أبداً...

***************.

خرجت من الغرفة بغضبٍ وهي تصيح بعصبيةٍ بالغة:.

ده عاشر فستان اقيسه ولو قولت وحش تاني يا جان هسيبلك الاتليه وأمشي..

تطلع لها من يجلس على المقعد واضعاً قدماً فوق الأخرى، فرفع نظارته ليلقي نظرة متفحصة عليها ثم اعدل نظارته مرة اخرى ليشير لها بيديه وهو يستكمل قراءة رسائل هاتفه:.

وحش قيسي غيره...

غلت الدماء بعروق سلمى فتطلعت للفتيات المساعدات من جوارها ثم حملت الفستان الابيض بين يدها لتقترب منه وبحركة سريعة القت الهاتف من يديه ارضاً لتصرخ بانفعالٍ:.

بطل برود وسيب الموبيل، أنا بقالي ساعتين ونص عمالة اقيس وأقلع وأنت بتتآمر وبتقول ده وحش وده مش عارف ايه، انا ماشية شوف بقى الفستان اللي يعجبك وبالمرة شوفلك عروسة..

وتركته وخرجت من الاتليه بغضبٍ شديد فاصطدمت بريان الذي يقف أمام احد الغرف هو الأخر، تعجب من الحالة الغريبة التي تسيطر عليها فقال باستغرابٍ:.

رايحة أيه؟، وجان فين؟

أجابته بضيقٍ شديد:.

خارجة من المكان ده ومش هتجوز خاليه هو بقى اللي يلبس الفستان...

وتركته وكادت بالرحيل فلحق بها قائلاً بلطفٍ:.

طيب بس فهميني في ايه يا سلمى اهدي كده واتكلمي...

اوشكت على الحديث ولكنها شهقت بفزعٍ من هول ما رأته فلم تستطيع السيطرة على ذاتها فانفجرت من الضحك وريان يتابعها باستغرابٍ فتطلع للخلف ليصعق هو الاخر!..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة