قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية صراع الشياطين (الجوكر والأسطورة ج4) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثالث عشر

رواية صراع الشياطين (الجوكر والأسطورة ج4) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثالث عشر

رواية صراع الشياطين (الجوكر والأسطورة ج4) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثالث عشر

ضحكاتها أنعشت خلايا قلبه، تلقائياً رسمت بسمة خافتة على شفتيه وكأن رؤيتها تبتسم نقلت السعادة إليه، انزوت ملامح وجه ريان بتعجب وهو يراها منغمسة بالضحكٍ فأستدار تجاه ما تتطلع لها فاندهش حينما وجد جان يرتدي طرحة العروس وهو يبتسم بغزلٍ، هز رأسه يساراً ويميناً بيأسٍ من تغير عصبة عائلة زيدان وان كان الامر غير متوقع من جان بالأخص، إقتربت منه سلمى وهي تجاهد لرسم ملامح الجدية على وجهها مبدية حزنها بما يفعله معها منذ الصباح حتى الأن، وقفت من أمامه وهي تتحاشى التطلع له ليشعر بجرمٍ ما ارتكبه بحقها، خلع طرحة الفستان من اعلى رأسه وهو يهمس بمرحٍ:.

مقولتليش رأيك في الطرحة اللي اختارتها؟.
حدجته بنظرةٍ نارية ثم عادت لتتطلع للفراغ من جديد قائلة بسخرية:
مش لما ألقى الفستان المناسب الأول!.

بسمة خبث رسمت على جانبي شفتيه، فحينما استحوذ على نظراتها المهتمة أخرج يديه التي تحمل فستانها المختار من خلف ظهره، كاد فمها أن يصل للأرض من فرط إعجابها بما يحمله، فقد كان الأجمل من بين ما ارتدته على الاطلاق، ابتسمت وهي تركض اليه بحماسٍ فانتشالته من يديه وهي تقول بلهفةٍ:
هجربه..

هز رأسه وهو يرسم بسمة بسيطة على طرفي شفتيه، انسحب ريان من بينهما بخفة وهو يبتسم ساخراً على، طريقة ابداء الرأي فيما بينهما، عاد ليقف أمام غرفة معشوقته من جديد لتطل هي بالأبيض فتجذب عقله الذي انسحب عن محله ليتطلع لها بذهولٍ، والأخرى تكاد تقتل من فرط خجلها فقال:
هو ده، حاسس انه اتفصل عشانك...

ابتسمت سارة على استحياء وانسحبت سريعاً للداخل بعدما عبرت انذارت عينيه عن جرمٍ فاحش سيرتكبه بالفعل ان ظلت هي أمامه...

حينما تهاجمك الحياة بكل ما أؤتت من قوة وتنجح بأن تجردك من كل قوة إمتلكتها يوماً تشعر وكأنك تخطو على نهاية طريقٍ رسمته بألوانٍ مبهجة تستقبل الحياة بألوانها فتمسح الخطوط المضيئة بذاتك لتنغمس بالظلمات، على يقين بأن النور لم يعد ليزور عينيك البائسة، فيرسل لك الله شخصٍ غريب عنك يحمل الضياءٍ لعالمك المظلم، فيضيء لك الطريق ويخبرك بأن الظلام لم يعد مصيرك، فحينما تعود للحياة مجدداً تكن حريصاً للغاية بأختيارٍ لن يكون سببٍ في سقوطك من جديد، لطم الهواء البارد وجه ريحانة ليمنح وجهها الحزين حزمة من الأمل المنعش بين طياته، دموعها تنهمر بضعفٍ كلما تذكرت ما كانت عليه من قبل ومن السبب وراء ذلك، طافها فكرها المسكين تجاه طلبها الغريب الذي أخبرت به رحيم قبل أن تأتي للشقة التي منحها اياها، نهضت ريحانة عن الأريكة ثم توجهت للمطبخ الصغير الموجود بنهاية الرواق الطويل لتعد ما يسد جوعها، فما أن أتت هنا وهي منعزلة عن العالم بأكمله حتى انها امتنعت عن الطعام، فتحت البراد المقابل لها ثم ألقت نظرة متفحصة على محتوياته فجذبت بعض ثمار الفاكهة الطازج لتسد جوعها ثم لمحت علب الحليب المغلفة فأخرجت أحداهن ثم وضعتها على الطاولة القريبة منها لتحضر كوب من خلفها ولكنه انفلت رغماً عنها فتهشم على الفور، تأففت بضيقٍ فأحضرت السلة الصغيرة ثم اقتربت لتجمع محتويات الكوب ولكن سريعاً ما جلست أرضاً تتلوى ألمٍ حينما اخترقت زجاجة صغيرة باطن قدميها، فُتح باب الشقة ثم استمعت لصوت أقدام تقترب منها فاذا بحارس رحيم الشخصي يقف أمامها وسلاحه مصوب تجاه مصدر الصوت، أخرجت ريحانة الزجاجة العالقة بقدميها وهي تقول بألمٍ بدى بصوتها الهزيل:.

مفيش حاجة، الكوباية انكسرت..
وضع حازم سلاحه خلف ظهره ثم أعاد جاكيت بذلته ليقترب منها وهو يتفحص حجم اصابتها فقال بثباتٍ:
متقلقيش جرح سطحي..

هزت رأسها بعلمها لذاك الامر فتركها وتوجه للحمام المجاور له ثم أحضر علبة الاسعافات الاولية ليعود اليها، انحنى ليساندها حتى عاونها على الجلوس على المقعد القريب منهما ليطهر جرحها ثم لفه جيداً ليعيد جمع الزجاح المنثور ثم احضر كوب فارغ ليسكب به الحليب ثم وضعه أمامها، حانت منها نظرة جانبية تجاه هذا الحارس الذي يعمل كالربوت الآلي، ازاح حازم الحليب المسكوب على الأرض بحرصٍ ثم كاد بالتوجه للخارج فاستوقفته قائلة باستغرابٍ:.

أنت كنت بره كل ده أنا افتكرت انك مشيت من زمان.
أجابها بشكلٍ صارم وهو يتحاشى التطلع لها:
الاوامر كده ومقدرش اكسرها.
وتركها وغادر على الفور فابتسمت وهي تردد بسخربة:
على اخر الزمن بقى عندي بودي جارد!.

بشقة يوسف...

انتهت نغم من اعداد وجبة عشاء بسيطة، فبعد عناء كبير تمكنت من طهي البيض مع قطع السجدق الشهي وبعض من انواع الجبن ومقرمشات البطاطا اللذيذة لتصنع مائدة ناجحة وان كانت لم تكد في تحضيرها، ثم وضعت الخبز على الطاولة المستديرة وزجاجة المياه البارد، اعتلى وجهها بسمة اعجاب وهي تتطلع لمحتويات المائدة فمن كان يصدق أن سيدة القصر ستقف ذات يومٍ بالمطبخٍ لتعد الطعام، خرج يوسف من حمام الغرفة، باحثاً عنها بالغرفة، التقطت اذنيه صوتها المنادي فخرج من الغرفة للردهة ليقف محله مشدوهاً حينما وجدها قد أعدت طعام إليه، اقترب يوسف منها وهو يوزع نظراته بينها وبين الطعام قائلاً بحماسٍ:.

اللي شايفه ده صح!، لأ إن شاء الله ميطلعش مقلب..
ابتسمت وهي تجيبه على استحياءٍ:
متأڤورش يا يوسف...

استند بجسده على حافة المقعد وهو يمنحها نظرات دافئة، حدقتي عينيه تحاوطها هالة من العشق والسعادة التي سكنت قلبه لما قدمته من خدمة بسيطة له، كاد بالإقتراب ولكن قرع جرس الباب استوقفه فأنتبه إليه، تعجبت نغم فمن الذي سيزوراهما في وقتٍ كذلك، فتح يوسف الباب ليتفاجئ بكلاً من رحيم و مراد أمام عينيه، ومن خلفهما شجن و حنين ابتسم بسعادة وهو يشير لهما:
أيه المفاجأة الجميلة دي، اتفضلوا...

دلفوا سوياً للداخل، فانعقد حاجبي نغم بعدم تصديق، اقترب منها رحيم وهو يخرج من جيب سترته السوداء الأنيقة علبة من اللون الأسود القطيفة ثم قدمها لها قائلاً ببسمة صغيرة ترسم على جانبي شفتيه:
ألف مبروك...

ألتقطتها نغم منه وهي مازالت لا تستوعب ما يحدث، وخاصة حينما احتضنها ومسد على ظهرها بحنان اخوي افتقدته لأعوامٍ شتى، إزدادت سعادتها اضعافاً مضاعفة حينما رأت حنين وشجن تقتربن منها، لتهنئها بصدرٍ رحب، أشار لهما يوسف بتصميم:
جيتوا بالوقت الصح يلا نتعشى مع بعض..
أجابه مراد بحدة وهو يتفحص وقته الثمين:
أنت أكيد بتهرج أكل ايه اللي في الوقت ده!..

جذبت حنين المقعد وجلست لتبدأ بتناول شطائر الخبز المغموس بالجين قائلة بابتسامة عريضة:
سيبك من آلة الوقت ده يا يوسف انا وشجن هناكل..
جلست شجن من جوارها وهي تبدأ بتناول الطعام هي الأخرى ونغم تراقبهما بسعادة، نقل يوسف نظراته تجاه رحيم بحيرةٍ من أن يطلب منه تناول الطعام ففجأه حينما جذب المقعد وجلس بهدوءٍ تام ليشرع بتناول طعامه هو الأخر...

الصراع للسلطة حتماً يكمن بالصبر والذكاء لوضع خطة محكمة لتحقيق رغبة غالية ولكن حينما يكون الصراع لتحقيق الانتقام يصبح الدافع هو الرغبة، ظنت تلك الفتاة بأنها خرجت بالفعل من مستنقع الشياطين سالمة، بل عادت لأهلها ومحبوبها بعد أن فقدت الآمال بأنها قد تخرج من ذلك المكان اللعين على قيد الحياة وحينما أوشكت الحياة على منحها بسمة تفاؤل عاد الشر يتشكل في بشر يحركهم الشيطان كالدمى المتحركة، لتعود تحت سيطرتهم من جديد، ولكن تلك المرة ليست بمفردها بل شقيقتها الصغيرة التي خرجت معها لتعاونها بشراء المستلزمات اللازمة من اجل زفافها الذي تحدد بالفعل، اصبحت الآن مقيدة لجوارها لا حول لها ولا قوة، فتحت عينيها ببطءٍ سديد وهي تحارب ألم عينيها لما تلقته من لكمة قاسية حينما حاولت التمرد على من قام بخطفها فأعتدى عليها بالضرب المبرح ليجبرها على فقدان الوعي مرة أخرى، بدأت الرؤيا تتضح شيئاً فشيء فأرتجف جسدها حينما وجدت عدد من الرجال يطوفها ومن أمامها يقف رجلاً يغزو الشيب شعره وعينيه تقص قصص الشر ألواناً، يتطلع لها بنظراتٍ حارقة ليختمها بقول:.

أنتي بقى البنت المفعوصة اللي هدت الكيان اللي مفيش جهة أمنية قدرت تهده!..
ابتلعت فطيمة ريقها بصعوبةٍ بالغة وهي تحاول رفع صوتها المهتز:
انتوا مين؟.
صفعها عمران بقوة وهو يجيبها بأسلوبٍ حاد:
احنا هنا اللي بنسأل يا روح أمك...
بكت فطيمة بقهرٍ وهي تخطف نظرات تجاه شقيقتها المقيدة، كانت تبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً، بكت وهي تقول بخفوتٍ:
يا باشا أختي ملهاش ذنب أختي آآ...

بترت كلماتها حينما ضغط عمران على ذقنها بقوة كادت بأن تعتصر فكيها ليصرخ بها بانفعالٍ:
اسمعي يا بت، انتي هنا عشان تنفذي اللي هنطلبه منك بالحرف والا وقسماً بالله لندفنك هنا انتي واختك...
وجذب الهاتف من رجاله ليدفعه تجاهها قائلاً:
هتطلبي مراد زيدان وهتقولي اللي هبلغك بيه بالنص والا أنتِ الجانية على نفسك...
استمعت لما قاله جيداً وخاصة ما أخبرها بقوله لمراد، جحظت عينيها بصدمةٍ فقالت بدموعٍ:.

لأ مستحيل هعمل كده...

استقام عمران بوقفته وهو يبتسم بشرٍ مخيف، فأشار بيديه لأحداً من رجاله فاقترب منها، أغلقت عينيها بقوةٍ ظناً من انها ستخوض الحرب المعتادة لهؤلاء اللعناء فربما كان مقدر لها ذلك حتى وان كانت هربت من مستنقعهم الدانيء، ولكن هيهات فلم تشعر بلمساتٍ أحد ولكن صوت صراخ شقيقتها كان بمثابة صفعة لم تعهدها من قبل، شلت نظراتها وهي تراها تتعرض للاعتداء الوحشي من هذا اللعين الذي يحاول أن يجردها من ملابسها فصرخت بوجع لا يعلم مكنونه سوى انثى تعرف جيداً ماذا يعني الشرف للامرأة:.

هنفذ اللي أنت عايزه، سيبها...

على شاطئ النيل، وخاصة أمام العربة التي يلتف من حولها حشد من الناس لشراء حمص الشام، كان يقف مراد لجوارها، يتأملها وهي تلتهم محتويات الكوب ببسمة صغيرة، ولجواره رفع رحيم يديه محاولاً جاهداً أن يخفي ابتسامته المتلاحقة على طريقة حنين المضحكة بتناول الحمص بالملعقة، اما شجن فتحررت ضحكاتها وهي تلكزها برفق:
يا حبيبتي براحة هو حد بيجري وراكِ...
وضعت الكوب جوارها وهي تحدقها بنظرة قاتلة:.

وانتي مالك يا يت حلويات انا عايزة اكل حاجة حرشة كده..
أشار رحيم بيديه على الكوب قائلا بسخرية:
وده يعني هيفي بالغرض ولا ايه نظامك!.
اكملت تناول طعامها قائلة ببسمة رقيقة:
لأ تمام...
تدخل مراد قائلاً بصوتٍ خشن حاد يتضح كونه جادي ولكنه ساخر:
أنا شايف انكم مكبرين الموضوع حنين حبيبتي بتحب تعمل فوضى وهي بتأكل وده من قبل حتى الحمل..
تعالت ضحكات شجن فقالت حنين بتذمر:
بقى كده يا مراد، طب خد مش عايزة منك حاجة..

وقدمت له الكوب الفارغ فتطلع له بابتسامة زادت من وسامته الجذابة، ثم هبطت ارضاً لتجذب شجن قائلة بغضب:
انا نفسي أعرف انتي منشكحة على أيه، بكره نشوف أما تحملي وتوصلي زيي للسادس كده هيبقى حالك ايه..
تورد وجهها بخجلٍ فتهربت من نظرات عينيه، انصاعت ليد حنين التي بدورها جذبتها تجاه العربة القريبة منهما وهي تقول بلهفة:
الله درة!..

هز رحيم رأسه بنفاذ صبر على تغير موقف حنين رغم الحديث المطول الذي دار بين رباعياتهم، جذب انتباهه مراد، فكان شارد الذهن، عينيه الزرقاء تراقب قصيرته ذات اللسان السليط وتسجل كل رد فعل ولو كان بصغير، استغل رحيم ابتعاد الفتيات عنهما لشراء أكواز الذرة الساخن ليباغته بقول:
حاسس أنك مش طبيعي من فترة!، مالك يا مراد أنت لسه خايف على حنين؟..

تطلع له بنظرة مطولة وكأنه يتركه يدرس ما يخفيه وتفحصه عينيه، فقال بوجومٍ:
خوفي بيزيد في كل شهر بتقرب فيه حنين من الولادة، خايف مكنش جانبها في أكتر وقت هتحتاجني فيه، خايف أكون سبب وجعها وحزنها..
وبوخزاتٍ من الالم استرسل حديثه:.

خايف مشفش بنتي ولا هي كمان تشوفني، خايف من حاجات كتيرة اوي يا رحيم بس عمرها ما كنت مرتبطة بيا أنا عمري ما خوفت من الموت ولا خوفت من اللي مكتوبلي بس الخوف اللي جوايا سببه حنين واللي في بطنها...

نقل زيتونية عينيه بتلقائية حينما بدأ مراد بالقص عن غاليته تجاه شجن روحه، هو أيضاً يعدها سبب للمحاربة حتى يحظى بحياته فيعود لاجلها ولكن خوف مراد يرأه مبالغ به ولكن لا يعلم بأنه يحق له ذلك وخاصة بما دبر له من عقول شيطانية للفتك به اولاً لأنه من وجهة نظرهم الأخطر والجريء الذي يهدد عرشهم اللعين ولكن ترى ماذا سيفعل الجوكر بمفرده؟.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة