قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية صراع الشياطين (الجوكر والأسطورة ج4) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الرابع عشر

رواية صراع الشياطين (الجوكر والأسطورة ج4) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الرابع عشر

رواية صراع الشياطين (الجوكر والأسطورة ج4) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الرابع عشر

خصلات شعرها المتناثرة على وسادته جعلته يشم عبيرها التي امتزجت مع رائحته، مازال يستند بمرفقه على الوسادة المطولة يتأملها ببسمة عشق مشتقة من صمام القلب المهوس بها، ربما لم ينجح عقله المشوش بالسيطرةٍ عليه تلك المرة فكانت هي من تجذبه للتطلع إليه، ولكن نجح جنينها الصغير بالاستيلاءٍ على إهتمامه حينما تحرك بخفة ليداعب بطنها برفقٍ، جعل الأخر يقرب أنامله بحذرٍ شديد ليتفقد حركته، ابتسامة لطيفة رُسمت على جانبي شفتيه، فأنخفض لمستوى صغيرته مناجياً بصوتٍ منخفض للغاية:.

أنتي كمان مش جايلك نوم ولا أيه؟..
شعر بحركتها أسفل يديه فاتسعت بسمته شيئاً فشيء وهو يستكمل كلماته بحريةٍ مستغلاً نوم قصيرته الثقيل:
شكلنا كده هتجمعنا صفات كتيرة مشتركة، أنا متفائل إنك هتكوني قوية وزكية زيي بس الأهم من كل ده..
وأشرأب بعنقه ليتأكد من غفلت حنين ليستكمل بحرصٍ:
إنك هتكوني طويلة زيي مش قصيرة لأمك..

الدقائق لجوارها يشعر وكأنها كنز ثمين لا يعوضه مال ولا سلطة، يود بأن يستغل كل ثانية أتاحت له بالبقاء لجوارها، إهتز هاتفه الجوال لينبهه بإستلامه مكالمة، قرب مراد الهاتف إليه بحاجبي معقود حينما وجد رقم مغربي وبالأخص رقم فطيمة، تعجب من اتصالها فهو بالفعل تلاقى مكالمة منها منذ ما يقرب اليومين حينما كانت تدعوه لحضور حفل زفافها، ضغط على زر الإجابة ثم قال ببسمةٍ مشرقة:
اهلاً بعروستنا الجميلة...

أتاه صوتها المتلعثم وكأنها تحاول جاهدة ان توصل له رسالة سرية مخبأة بلهجةٍ صوتها المنكسر؛ ولكنها تخشى ليس على ذاتها ولكن على شقيقتها المسكينة التي ستدفع هي الثمن، فقالت بصوتٍ مرتجف ما املى عليها:
مراد في حاجات مهمة لازم تعرفها، أرجوك تعالى بأسرع وقت على المكان اللي هبعتلك عنوانه في رسالة..

وقبل أن تضيف كلمة اغلق عمران الهاتف سريعاً ليجعله بحالةٍ من الحيرةٍ والتخبط، حاول الإتصال بها مجدداً ولكنه لم يستطيع، مكالمتها غامضة، زرعت القلق بداخله، فعلى الفور استعلم من المطار على اقرب طائرة ستصل لدولة المغرب الحبيب ثم اعد حقيبته بهدوءٍ شديد حتى لا تستيقظ حنين فتتعلق به وترفض تركه كالفتاة الصغيرة التي تتمسك بذراعٍ ابيها حينما يخرج من المنزل للعمل، شعور غريب احتل قلبه، لا يعلم إن كان سيعود مرة أخرى أم ستكون تلك الاخيرة، ساقته قدميه تجاه خزانته السرية، فأخرج منها عُلبة قطيفة اللون، فتحها بابتسامةٍ زينت وجهه وخاصة حينما يتعلق الأمر بحوريته وفتاته الصغيرة، لامست أصابعه السلسال الصغير المشابه للسلسال الكبير الذي شراه لحنين من قبل فطلب مسبقاً تصميم طوق صغير مشابه له حتى يقدمه لفتاته الصغيرة بعد ولادتها، لا يعلم لما أخرجها بذاك الوقت بالتحديد ولكنه يخشى عدم استطاعته على تسليمها اياه، منح حنين نظرة أخيرة ثم طبع قبلة مطولة على يدها الموضوعة على جنينها بتملك ليخرج من غرفته فوجد الحارس بانتظاره، اشار له بحدةٍ وبجدية تامة وهو يتحرك تجاه غرفة رحيم:.

نزل الشنطة.
حمل الحارس الحقايبة الصغيرة قائلاً بوقارٍ:
تحت امرك يا باشا...
ثم تخفى من امامه عينيه، كاد مراد بطرق باب غرفته ولكن قبض يديه بعد تفكير بالوقت المتأخر، استدار بجسده بعدما حسم قراره بالمغادرة، هبط للأسفل ففتح الحارس باب السيارة، اخرج مراد من جيبه ورقة صغيرة ثم دون عليها كلماتٍ مختصرة، ليضعها بالعلبة الصغيرة ثم قدمها للحارس قائلاً بلهجةٍ تحذيرية:
العلبة دي توصل لرحيم بعد الحفلة..

أشار له بتأكيدٍ وهو يستلم العلبة منه ليغادر مراد على الفور...

لقاء محرم كان سببٍ في حملها بجنين إفاقها من غفلتها، فعادت لترى الطريق الصائب حينما تحملت مسؤوليته، وربما حينما أدركت معاني الأمومة، لوهلة كانت تشعر بأن قلبها أباده قسوة مشاعر الأهل وإهانة إياد لها حينما شكك بصحة ما تحمله بأحشائها، فكانت تشعر بأنها هزيلة لا تستطيع المقاومة أمام تيار الحياة القاسي، ويشاء الله تعالى بأن تصبح امرأة ناضجة تختار طريق الإيمان والتوبة حتى تقبلها الله بقبول حسناً فعادت الامور لمرساها، وها هو من أحببته يداوي جرح قلبها العميق، ولكن تلك المرة وهي تحل له وهو يحل لها، حلال شرعه الله عز وجل، أزاحت صباح اخر عائق بينهما فأصبحت الروح واحدة والجسد واحد، غفلت على صدره وهي تتأمل الفراغ من حولها بشرودٍ اقتحمه هو قائلاً بصوته الرجولي:.

اللي فات ده كان أصعب مرحلة مرينا بيها، بس أخرها انك بقيتي زوجة ليا يا صباح..
رفعت وجهها لتقابل نظراته، فقالت بحبورٍ وكأنها تحاول إخفاء توترها:
يمكن الولد كان هو السبب الأساسي في الجوازة دي، بس صدقني الوقتي مش ندمانه على العلاقة دي ولا اني ارتبطت بيك، بالعكس انا فرحانه لأننا اتغيرنا وبقينا افضل من ما كنا...
شدد من احتضانها هامساً بعشق:
أنا بحبك اوي يا صباح ومش عايز حاجة من الدنيا غيرك انتِ وابني...

على استحياء حركت يدها على ظهره لتتشبث به مرددة بخجلٍ:
وأنا كمان بحبك...

ضم الليل عهد عاشق وثق عشقه بلحظةٍ شهد على مراسمها القمر بذاته، وشعل فتيل الصباح حينما سطعت شمسه الذهبية لتنير العالم بدفئها، فاليوم هو الموعد المحدد للقاء، موعد ترقبه شاب منذ أن كان عمره لا يتعدى الثامنة عشر، ولكنه واجه عدة عقبات وأساسها خوف حبيبته من ان تضع يدها في يديه المترقبة لها، خوفها جعله يتحد ذاته لينجح اخيراً بكسر حاجز الخوف بداخلها، وعاشق أخر مر بأوقات مزقته أرباً حينما كانت معشوقته لجواره ولكن لم تشعر به بتاتاً، كانت كالصنم الذي لا يتحرك مهما حدث ورغم ذلك لم يفقد رغبته بها بل ظل لجوارها يترقب لحظة افاقتها حتى بعدما طالت المدة، وأخر هائم بفتاته منذ النظرة الأولى وحينما جرح ببتر جزءٍ من قدميه كان يرغب بالابتعاد عنها ولكنه وجد ذاته يتألم أكثر منها فعاد يطالب ببقائها لجواره، اليوم اختبار يشهد عليه الصبر والتحمل، فمن أحبك بصدق سيحتمل ما لا يطيق سماعه عقل البشر، سيقال عنك عاجز او مكسور وربما لن يعود ولكنه سيتمسك بك قائلاً بكل ثقة بلى سيعود، بلى سيطالب بحقه المحفوظ بالقلب الذي عشقه حد الجنون!.

لم يكن القصر مزين بطريقة مبالغ به، فكان كل شيئاً بسيط للغاية، الزهور البيضاء تحيط به من كل جانب، الخدم يتسابقون في طهي الطعام وتنظيف الحدائق وخاصة حول المسبح الكبير فقد زين بعدد من الطاولات لتشهد على حفل الزفاف البسيط الذي قرر سليم كناياته، وشاركه ريان وجان بالأمر فكان كلاً منهما يود الزواج في جو اسري بسيط بعيداً عن جو الصحافة والاعلام...
بالأعلى..

إمتلأت غرف العرائس بفريق الميكب ارتست لتقم احداهن بتزين اظافر العروس والأخرى بتجهيزها بوضع مستحضرات التجميل البسيطة على وجه كلاً منهما...
.
فردت ذراعيها بتكاسل، وهي تفتح عينيها للبحث عنه جوارها، اعتدلت بجسدها على الفراش وهي ترتدي حذائها البنك المشابه لشكل الأرنب، تفحصت الجناح بعينيها وهي ترفع صوتها بعض الشيء:
مراد...

ضيقت عينيها بذهولٍ حينما طوفت المكان بنظراتها لتتأكد من أنه ليس هنا، هاتفت ذاتها بصوتٍ منخفض ينم عن تفكيرها الذي لحقها بصوتٍ مسموع:
اكيد نزل من بدري..

وأمسكت حنين بهاتفها لترسل برسالةٍ نصية لشجن بأن تستعد هي الاخرى حتى تهبط كلاً منهن للحفل، ثم تركت هاتفها وأخرجت فستانها الزهري الطويل من خزنتها، ارتدته ببسمةٍ اعجاب حينما تأكدت بانه لا يظهر مفانتها وخاصة بطنها المنتفخة، فجذبت حجابها وعقدته بشكل مرتب لتغادر جناحها باحثة عنه لا تعلم بأنه ذهب لأجل غير مسمى!..

أوراق الزهرة المبللة لامس وجهها كريشة النعام التي تلامس الحرير، ارتسم على وجهها بسمة لطيفة وهي تحارب نومها الكسول ورغم انه تغلب عليها مازال يحرك زهرته على وجهها ليحثها على النهوض، تلقائياً بدأت أشجان بفتح جفنيها الثقيل رويداً رويداً لتتفاجئ به يجلس جوارها ويداعب وجهها بورق الزهور الناعم، استندت على جذعيها وهي تهم بالنهوض قائلة بخجلٍ:
فريد!..
أجابها بنبرته الهادئة وعينيه تراقب رجفة وجهها:.

أتأخرت بسببك
رمشت عدة مرات بعدم فهم لما يود قوله، فتركها وتحرك تجاه الخزانة ففتحها ثم أخرج حقيبة كبيرة ملفوفة بعنايةٍ فاذا بفستانٍ من اللون الأبيض مرضع بالألماس ينفرد من أمامها تطلعت له شجن بدهشةٍ وإعجاب فقالت كالبلهاء:
ده ليا...
تأملها بنظرة ماكرة من زيتونية عينيه ليغمز لها بخبث:
مش عايزة تبقي عروسة؟!..
تبلد حسها فبدت لا تعلم اسعادة تشعر ام عدم تصديق، فرددت بتوترٍ:
آآ، بس!..

جذب يدها ليقربها اليه وهو يستند بجبهته على جبهتها هامساً بصوتها الذي لفح وجهها كالنسمة الباردة التي ازاحت جمرة وجهها الساخن:
أنا اللي هجهزك بنفسك..

لم تعي ما يقوله الا حينما عاونها على ارتداء الفستان الباهظ، ومن ثم جذبها لتجلس على المقعد، وبحركة سريعة جذب المقعد للمرآة لينحني من أمامها وهو يرتب خصلات شعره جيداً والأخرى تتابعه بصدمة وعدم مقدرة على النطق او حتى السؤال عما يفعله، أخفى شعرها خلف طرحة صغيرة من اللون الأبيض ثم وضع طرحة الفستان الابيض من فوقها، أبعد علبة مستحضرات التجميل ثم استند بجسده الثقيل على السراحة وهو يرمقها بنظرة متفحصة قائلاً بخبث: .

تتجوزيني؟.
ابتسمت شجن على استحياء ثم قالت بمرحٍ: .
على حسب اللي بيتقدم مين حبيبي فريد ولا رحيم زيدان؟!.
انحنى بجسده تجاهها فعادت للخلف بارتباكٍ من قربه الشديد منها، فما كان منه الا ان اعاد خصلة شعرها الظاهرة من خلف الحجاب قائلاً بثباتٍ وهو يتطلع لوجهها:
كده أفضل..
ثم نهض ليربع يديه امام صدره بانتظار يدها التي ستحتضنه، ابتسمت شجن وهي تتعلق بذراعيه فمال عليها ليهمس بمكرٍ:.

انتِ اللي بايدك تحددي اللي قدامك مين فيهم!..
وهبط بها بخطواتٍ واثقة لقاعة القصر، سعدت نجلاء كثيراً حينما وجدت الفرحة تكتب بخطٍ عريض على جبهة شجن...
على الطاولة المستديرة المقربة من المسبح، زفر بغضب:
يا عم هو كان هيحصل حاجة لما يجوزونا معاهم...
تعالت ضحكات آدم الذي اجابه:
ما خلاص يا فارس هتعمل حوار..
تدخل مروان بالحديث قائلاً بمكر:.

خدوا بالكم سليم اللي قاصد يعملها فيكم، زي ما تقول مستخسر يديكم اخواته يا جدع...
تطلع له فارس بغيظٍ بينما لم يبالي آدم بحديثه فهو يعلم غايته المعتادة، وهنا تدخل يامن بالحديث فقال ساخراً:
قولي يا مروان ايه اخبار الخطوبة..
تهجم وجهه بشدة فابتسم فارس قائلاً بشماتة:
ما ترد يا خفيف..
زفر بضيقٍ وهو يجيبه بملل:.

كنت فاكر ان المشكلة مراد بس للاسف مطلعش هو بس، يارا مش راضية ترتبط بيا الا لما اخلص الكلية اللي بعيد فيخا بقالي اربع سنين وقال ايه هسببلها حرج!.
تعالت ضحكاتهم الرجولية فضرب فارس كتفيه وهو يقول بعدم تصديق:
هتذكري وتنجحي زي الخلق يا عنايات!.
دفعه وهو يقول بحدة:
ايدك عني ياض...
أشار لهما يامن بعدم تصديق:
هو ده رحيم!..

نقلت الابصار على من يتقدم بها، ليجلسها باول طاولة للحفل ولجوارها نجلاء التي الحت عليها لمعرفة تطور العلاقة بينها وبين ابنها...

بغرفة القصر الرئيسية...

جلس في عتمتها يخبئ أحزانه مثل الظلام الذي يضم أوجاعه، لا يشعر بالفرح مثلما يشعر من حوله، يشعر بانه بمفرده، ربما انجب الابن والابنة ولكن لا أحد لجواره، لا احد يستطيع ان يتشارك معه ما يحزنه، نهض طلعت من محله وهو يتوجه للخزانة ليخرج الدواء المسكن لألمه الشديد، فجذبه وكاد بالعودة لمقعده ولكن سرعان ما تعثرت قدميه فكاد بأن ينكفئ على وجهه ولكن يد صلبة حالت بينه وبين السقوط، يد منحت القوة لتلقفه بشراسة وكأنها تصحح له مفاهيم مخطئة!..

وصل مراد للمكان المذكور برسالته النصية، فولج للداخل وهو يبحث عن فطيمة بإستغرابٍ لمنحه عنوان كذلك فكان من الممكن ان تطالبه بزيارة منزلها لمعرفة ما تود قوله ولكن ارسالها برسالة زرع الشكوك بداخله، شعر بهدوء المكان على عكس المتوقع فرفع صوته قليلاً:
فطيمة!..

تلوت بالم وهي تجاهد بالصراخ من خلف كاتم فمها القماشي، تود منعه من الاقتراب، ولكن رابطة فمها قوية للغاية، ذرفت عينيها الدموع وهي تراه يبحث عنها ومن حوله تقام المؤامرات للفتك به فما لبس سوى دقائق حتى خرج الفئران من الجحور لتنفيذ مخططاتهم!.

بمكانٍ أخر بعيد عن مطاف القاهرة والمغرب، وبالأخص بأيطاليا...
استلم رسالة بشفرة خاصة بما حدث منذ قليل، لينقلب وجهه بغضبٍ شديد، فنهض عن مقعده وهو يصيح بعصبيةٍ:
حسناً اقضوا عليه قبل أن يصل إلى هنا، لا أرغب في رؤية هذا المصري مرة أخرى أقض عليه داخل قصره قبل ان يصل لأخيه، لنرى الآن من سيتمكن من ايقافنا!..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة