قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية صراع الشياطين (الجوكر والأسطورة ج4) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثامن

رواية صراع الشياطين (الجوكر والأسطورة ج4) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثامن

رواية صراع الشياطين (الجوكر والأسطورة ج4) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثامن

عينيها تراقب كل إنشن بالغرفةٍ وكأنها تتوقع رد فعل لمخططاتها الماكرة، دقيقة تليها الأخرى حتى وجدت رد الفعل المتوقع لما كانت ستقترف على فعله، دقات باب غرفتها العنيفة جعلت الإبتسامة الماكرة تتسلل لشفتيها، فتوجهت سريعاً للسلة الصغيرة الموضوعة جوار بابها فألقت ما بيدها ثم إرتدت حجابها على مهلٍ لتفتح باب غرفتها وتقف بإتزانٍ عجيب أمام صوت حازم المندفع وهو يدق بابها بشراسةٍ:.

أشجان هانم لو حضرتك مفتحتيش الباب دا حالاً أنا مضطر أكسره...
بترت كلماته حينما وجدها تقف أمامه بهدوءٍ عجيب، فرفعت حاجبيها متصنعة الدهشة وهي تباغته بسؤالها:
وتكسر الباب ليه يا حازم؟!..

ألقى نظرة متفحصة على يدها مما أكد ظنونها مما يحدث، ضيق عينيه بإستغرابٍ لما تلاقاه من مكالمة عاجلة من رحيم زيدان بضرورة التوجه لجناح شجن بالحالٍ، فقد أملى عليه ما يحدث بالداخل من محاولتها للإنتحار؛ ولكنها تقف أمامه بثباتٍ عجيب وكأن شيئاً لم يحدث من الأساس، خشى العودة لموقعه بحراسة القصر فتعود لفعل ما تفعله فقال وعينيه موضوعة أرضاً:
أنا أسف يا هانم بس أنا مجبر أدخل أوضة حضرتك وأتأكد بنفسي...

ربعت يدها أمام صدرها بإتزانٍ وهي تسأله بخبثْ:
تتأكد من أيه بالظبط وأوضة أيه اللي تفتشها!..
تملكته الحيرة فبدى حائراً بإختيارٍ ما سيقول، كل ما يشغله كونها تنوي فعل شيئاً قد يكلفه حياته، إبتسامة نصر تشكلت على وجهها والأخر يراقبها بزبتونية عينيه، يرى لفتاته الهاشة كناية جديدة يرآها لأول مرة، وكأنها نجحت بخداعه، إبتسم رحيم وهو يراقبها من خلف شاشة حاسوبه وخاصة حينما تابعت بقول:.

قول للي بعتك يطمن أنا عاقلة، وعرفه إن اللي شافه دا ادوية مدة صلاحيتها منتهية وأنا كنت بتخلص منها مش أكتر...

وأغلقت باب غرفتها بوجهه ثم جلست على الفراش وهي تضع ساقٍ فوق الأخرى بدلالٍ، متعمدة أن يراها بأبهى طالة ليرى بذاته بأنها بدت أكثر مكراً، تسللت البسمة على ثغره، فأفصح عن بسمة إعجاب بما حدث معه منذ قليل، تأكد بأنها تعلم برؤيته لها ومراقبتها، تعمق بالتطلع لشاشته قبل أن يفصله صراخ مراد عن التشبع بالتطلع إليها، اغلق حاسوبه وهرول للغرفة الجانبية ليراه يتصبب عرقاً وهو يهز رأسه بعنفٍ ويهدر بشراسةٍ:.

حنين، لأ...
إقترب منه فهز جسده بقوةٍ وهو يناديه بقلقٍ:
مراد، مراد!..
فتح عينيه بفزعٍ وهو يتفحص المكان من حوله بذعرٍ ظناً بأن حلمه صار حقيقة بشعةٍ، سيطر على إنفعالاته حينما وجد أخيه أمامه، فأعاد شعره المتناثر على عينيه للخلف وهو يزيح عرقه عن جبينه، جلس مقابله وهو يفطن ما رآه منذ قليل فقال:.

أنت مصمم تقلق نفسك وتحط إفتراضات ملهاش وجود، صدقني محدش من الكلاب دول هيقدر يعرف عننا حاجة وبعدين الكارت الرابح بقى في أيدينا...
منحه نظرة مشككة لما قال، فأستكمل رحيم موضحاً:.

ريحانة هي مفتاح اللي جاي، بيبرس لما هيعرف اللي حصلها أكيد مش هيفضل ساكت ووفي للشياطين دي بالعكس الإنتقام منهم هيبقى حلمه المستحيل وإحنا اللي هنقدر نحققله، هو اللي هيدلنا على الناس اللي وراهم ولازم عشان دا يحصل نخلص من الكلاب دول الأول ونرجع مصر بريحانة بأقرب فرصة ودا مش هيحصل غير وأيدك في أيدي...
مرر يديه على جبينه وهو يجاهد صداع رأسه الشديد، فأجابه بعد وهلة من الصمتٍ القاسي:.

عشان توقع الناس دي لازم ندمر اللي بيساعدوهم، البنات اللي مهمتهم الوحيدة إختيار الضحايا لازم يدقوا من نفس الكأس، دي هتبقى أول ضربة..
إبتسم رحيم وهو يستمع لإقتراحه الذكي فقال وهو يسلط عينيه على الهاتف المجاور له بغموضٍ:
ضربة في مقتل، بس كدا هيأخدوا حذرهم أكتر وأكيد كشفنا هيكون أسرع...
إظلمت عينيه الزرقاء بهالةٍ مخيفة من الحقدٍ وهو يرد عليه بعزمٍ وإصرار على الإنتقام:.

موتهم هيكون الأقرب، الصبر في المهمات اللي زي دي بيكلف ناس حياتها وشرفها يا رحيم...
أومأ برأسه بتفهمٍ، فنهض مراد عن الفراش ثم إلتقط جاكيته ليشير له بهدوءٍ، خرج كلاً منهما لتنفيذ الجزء الأول من الخطة المنشودة للقضاء على الثروة الثمينة لهؤلاء...

تم عقد قران إياد و صباح، فجلس جان جواره وهو يحمل الصغير بفرحةٍ كبيرة حينما علم بما ينوي تسميته، أشار بيديه لريان وهو ينهره بحدةٍ:
شايف أخوك طلع أصيل إزاي وسمى ابنه على إسمي وأنت معملتهاش..
رفع ريان حاجبيه بسخطٍ، فدفعه بيديه بغضبٍ:
هو أنا إتجوزت ولا دخلت لسه دنيا ما أنا متلقح جانبك أهو!..
ضحكات رجولية إقتحمت مجلسهم السري، فأستدار كلاً منهما، فوجدوا سليم من أمامهم فقال بمرحٍ:.

متقلقوش هتدخلوا دنيا وهتعيشوا حياتكم وكل حاجة، طول ما انا موجود متشلوش هم أنا هكتب إسمكم مع الوفد الأول...
تساءل مروان بإستغرابٍ:
وفد أيه دا؟..
جلس على الاريكة المقابلة إليهم وهو يجيب بغرورٍ:
هنجوزكم بس بالدور بس عشان ريان صعب عليا هتنازل وأخليه هو وجان معايا في نفس اليوم...
هب فارس واقفاً وهو يسأله بغلظةْ:
طب وأنا؟..
منحه نظرة صارمة مطولة وكأنه يبت في أمره لينهيها بقوله الساخر:.

لا انت مع أخوك يا سبع في الدور التاني...
لوى شفتيه بتذمر وهو يطرح سؤالاً أخر:
وليه مبقاش معاكم إن شاء الله انت بتلوي دراعي يابو نسب؟..
إبتسم بسخريةٍ وهو يجيبه بسخطٍ:
مزاجي كدا، حابب أخد أخواتي البنات في حضني شوية أنا حر...
حدجه بنظرةٍ قاتلة وهو يهمس بخفوت:
ربنا على الظالم...
إستغل إياد إنشغالهم بالحديث فمال برأسه تجاه أخيه فهمس بخفوتٍ:
عرفت منين موضوع صباح؟..

إنتبه له، فانحنى تجاهه وهو يهم بالحديث فقاطعه جان حينما قال بتعجرف:
كنا بنراقبك يا مان امال فاكر أيه يعني بعد كل المجهود دا وهنسيبك تمشي كدا إفرض شيطانك وزك هنعمل ايه وقتها...
استدار ريان تجاهه بصدمةٍ، فقال بضيقٍ بدى على معالم وجهه:
دا انت لو بيعذبوك مش هتقر كدا، طيب حور قول أي حجة...
أشار له بيديه وهو يجيبه بحنقٍ:
طيب ونكدبوا ليه مدام الحكاية كلها خير في خير...

ثم غمز بعينيه للصغير قائلاً بإبتسامته الجذابة:
مش كدا ولا ايه يا جو؟..
كاد ريان بأن يجيبه فتدخل سليم قائلاً بملل:
حتى يا ربي الكبار العاقلين قلبوا هما كمان انا عارف ان الأيام اللي هقضيها بالمكان دا أسود من قرن الخروب، دا أنا حرمت نفسي من الخروجات وبقيت أشوف ريم معدية بالصدفة من قدامي عشانهم، وأنا ايه اللي جابرني على الليلة السودة دي أنا هعيش حياتي بالطول والعرض واللي يغلط هجيبوا من قفاه...

ابتلع مروان ريقه بإرتباكٍ وهو يردد بخوفٍ:
قفا أيه لا هما هيحترموا نفسهم...
وقف محله وهو يرفع صوته ببسمة واسعة:.

اه فكرتني بمناسبة الإحترام، بكرا الفرح هيكون في منطقة شعبية يعني مكان مختلف عن الحفلات بتاعتنا، بمعنى لو قفشت حيوان بيفكر يقل بعقله بس ورحمة ابويا وأمي لاخلي حازم يعلقوا، دول ناس مختلفين عننا يعني نكون محترمين الكام ساعة دول لحد ما ربنا يكرم والليلة دي تعدي على خير، الكلام مفهوم يا شباب ولا في حاجه مش واضحة؟..
أجابه فارس بضيقٍ شديد:.

مفهوم يا كبير، هما يعني إخترعوا الموبيلات دي عشان تقضي الغرض الاسود دا...
أشار له سليم بيديه بإعجابٍ وهو يضيف:
تقضوها مكالمات تقضوها فيديو ميهمنيش المهم تكونوا قاعدين ورا مع الرجالة فاهمين مع الرجالة وتنسوا تماماً البنات إعتبروا نفسكم لسه في مرحلة التعارف لحد ما نرجع بيتنا، أنا نبهت اهو عشان وربي اللي هيغلط ما هيترحم، ومن غير تصبحوا على خير...

وتركهم وغادر والوجوه يكسوها هالة من الحزنٍ والضيق، فقال آدم الذي يتابع حوارهما بصمتٍ من البداية:
الرجالة ورا والستات قدام دا ميتم ولا ايه دا؟..
زفر جان بملل وهو يسترسل حديثه:
اهي ليلة وهتعدي...
استشاطت نظرات ريان المسلطة على اخيه مروان فقال بغضب:
أنا ضامن نفسي بس مش ضامن الحيوان دا...
أفتر عن وجهه بسمة ماكرة قد تؤدي بحياته غداً إن كسر القواعد التي وضعها سليم زيدان!..

لم يكن من السهل أبداً رصد عدد من الفتيات التابعات للعمل اللعين بإستدراج البنات لهذا المستنقع، وللقول كان الفضل يعود لله سبحانه وتعالى ثم لريحانة و فطيمة حينما أخبروهم عن خططاهم بإستدارج الفتيات وبالأماكن التي يسلط عليها الأعين، فلم يستغرق بحثهم كثيراً وخاصة بالبحث بدار المغتربات، إقترح مراد طريقة آمنة لتجعل الأمور مغمورة إليهم، فمن الذكاء أن تسدد الضربة إليهم بدون كشف الأقنعة، فأستاجروا عدد من النساء الأكثر إجرماً ثم جعلوهن ينفذون مخططاتهم...

يقال إنك حينما تقترف جرماً ربما إن ذكرت ذاتك بإنك قد تكون أنت المجني عليه بيومٍ ما قد تصرف نظرك عن إرتكابها، ولكن حينما ينقلب بك الحال فتصبح أنت من تواجه جزء من الظلم والإستعباد الذي فرضته على غيرك يصبح الأمر عادل، تسللت النساء تباعاً للأماكن المرصودة ثم طرقن باب الغرف القابعة بها هؤلاء النسوة وما أن فُتح الباب حتى أوسعهن ضرباً ثم جردهن من ملابسهن ليصوروهن مثلما فعلوا مع الفتيات البريئات ليجبروهن على العمل كعاهرات طوال حياتها، فكاونوا يهددهون بالفيديو المسجل وهن عاريات فكنا يعملان بالإجبار، أما الفتيات المختطفات ومن تم خداعهن بالسفر للزواج كانوا يسجلان لهن تسجيلات لاول رجل يعاشرهن حتى يكن بأيدهم إبتزاز ليجبروهن على العمل مثلما حدث مع فطيمة..

جلسوا أرضاً وهن يحاولن تخبئة اجسادهن من الكاميرات، ذاقوا ما أذقوه للفتيات اللاتي ترجتهم بأن يتركوهم ويدعوهم وشأنهم، باتوا على دراية كاملة بما يحدث لهن من إنكسارٍ وقهر، أجسادهن إختطلت بالدماء لقاء ما تلاقوه من ضرباً مبرح من هؤلاء النسوة المستأجرون من قبل رحيم، و مراد قصاصٍ لما فعلوه بالفتيات ولاجل ان يعيقوا حركاتهم بالسيطرة على المزيد، سددت أول ضربة بنجاحٍ باهر ورجت صداها بمخيمهم اللعين، فجن جنونهم بما حدث وخاصة ان الفتيات اللاتي استهدفنا كنا بأماكن مختلفة، حيث حدث الهجوم بوقتٍ واحد وفي نفس ذات اللحظة، جلست كبيرتهم المزعومة، وهي تضرب كفٍ بالاخر في حالة من الصدمةٍ عن كناية هذا الشخص المجهول الذي يتسبب بضربات فاضحة إليهم، فباتت الأعين تترصد الحركات الاخيرة والقادمة للصالة المشبوهة حتى تتمكن من السيطرة على الوضع قبل ان تخرج من يدها زمام الامور فتصل لأسيادها فلم يتردد كلاً منهما بقطع رقبتها جراء ما يحدث!..

جلست تحتضن ابنها الرضيع بإستحياءٍ من طريقة زواجها للفعل المهين التي إقترفته، جلست سارة و سلمى لجوارها، فمنذ قدومها للقصر حتى عقد القران ولم تتركها كلاً منهن، الوقت بات متاخراً للغاية فأعدت لها سارة فراش مرتب للبيات بغرفتها ولجواره وضع فراش صغير الحجم ليكون بإستقبال الرضيع، إقتربت منها سلمى وهي تلقي نظرة متفحصة عليه، فمدت يدها إليها قائلة ببسمة لطيفة:
البيبي نام إدهوني انيمه بسريره...

بادلتها صباح الإبتسامة وهي تضعه بيدها برفق، فحملته بفرحة وهي تتجه للفراش بخطواتٍ حذرة حتى لا يستيقظ، ثم جلست مقابله وهي تهز التخت بسعادة، ابتسمت سارة وهي تراقب ردة فعلها وتعلقها بالصغير، فجلست مقابل صباح وهي تربت على قدميها قائلة بهدوءٍ:
جوازك مصلحة لإبنك، وبعدين من كلام ريان عرفت أنه إتغير، أبدأي حياتك معاه من أول وجديد والأيام هي اللي هتثبتلك دا...

رفعت عينيها تجاهها، فانسدلت الدموع ببطءٍ من حدقتيها، فقالت بصوتٍ شبه مسموع:
خوفي من مواجهة فاطمة و يامن، إحنا ظلمناهم أوي، تفكيرنا كان كله شر نحيتهم...
ردت عليها بإبتسامتها الطيبة التي لم تفارقها:
اللي بيعدي بيكون سهل يتنسى لما بنشوف بعيونا النتيجة اللي بقى الإنسان دا عليها وإنتوا إتغيرتوا للأحسن معتقدش إنهم مش هيسامحوا لو شافوا التغير دا بنفسهم...

شردت بحديثها الصائب، فمن المفترض طلب السماح، فطريق الظلام بدده النور الذي أنا قلبها التعيس، ما واجهته من تجربة قاسية نجحت بطرح شخصية جديدة بداخلها، لتجعلها مختلفة كلياً عما واجهته من قبل...

طرقت باب الغرفة أكثر من مرةٍ بإستغرابٍ من عدم ردها رغم انها كانت تتحدث معها على الهاتف منذ قليل، فتح الباب أخيراً وطلت حنين من خلفه وهي تتفحص الطارق من خلف حجابها الموضوع بشكل غير مرتب، تشكلت بسمة عريضة على وجهها وهي ترى شجن أمامها، ولجت للداخل بخطواتٍ متألمة وهي تضيف بضيقٍ:
كل دا عشان تفتحي!..
خلعت إسدالها وهي تغلق الباب جيداً من خلفها لتشير لها بغضب:
مش بستر نفسي ياختي...

إنتابها حالة من الفزعٍ حينما رأت الفوضى العارمة الحادثة بالجناح، بقايا الطعام ملقاة على الطاولات بشكلٍ مقزز، مشروب مراد المفضل معبأ بعدة أكواب موضوعة على الكومود بجوارها، استدارت شجن لتكن مقابلها فقالت بصدمةٍ:
أنتِ أكلتي كل الأكل دا!..
خمست بيدها مقابل وجهها وهي تضيف بضجرٍ:
ما تصلي على النبي كدا أمال، مش شايفة أنا بأكل ليا وللبيبي...
رمقتها بنظرة مهتمة وهي تتطلع لبطنها المنتفخ، قائلة بشك:.

هو دا البيبي فعلاً ولا أنتي تخنتي!..
قالت وهي تبتسم بغرور:
لا هو يا بت إتطمني أنا لسه سمبتيكة ومزة...
تنقلت عينيها لطاولة الطعام وهي تشير لها بشكٍ:
معتقدش إنك هتفضلي كدا كتير، انتي بقيتي في الكام؟.
مررت يدها على بطنها المنتفخة بسعادةٍ:
في الخامس...
جلست على الفراش وهي تلف يدها حول رقبتها بألم، جلست حنين على الجهة المقابلة لها وهي تسألها بلهفةٍ:
ها غيرتي رأيك وهتباتي معايا؟.

أومأت برأسها بهزة بسيطة وهي تزيح الحجاب عنها لتمدد جوارها:
للأسف مضطرة...
داثرت ذاتها وهي تتساءل بإستغراب:
وأيه اللي جابرك ياختي...
اغلقت شجن عينيها ثم تقلبت بالفراش بالإتجاه الاخر لتخفي إحمرار وجهها، فكيف ستحظى بنومٍ مريح بملابس محتشمة وحجابها، بعدما تأكدت بأنه يلاحقها كالظل...

تغمدت أشعة الشمس ضوء القمر، لتسطع بأشعتها الذهبية الفتاكة..
كانت تستعد بغرفتها بوضع المسك الوردي على بشرتها فاليوم هو المحدد لزفافها، بداخلها ينبض خجلاً عظيمٍ من المساء وما يخفيه من ليلة مخجلة لها، ولكنها تشعر بالسعادة كونه سيمسك يدها لباقي العمر، سيكون لجوارها، فتح الباب على مصراعيه ثم ولجت نجلاء وهي تحمل أعواد البخور بين يدها لتدنو من نغم وهي تطوف بها قائلة بفرحة:.

ألف مبروك يا قلبي، ربنا يجعل أيامك كلها سعادة وفرح يارب...
إبتسمت نغم وهي تجيبها على إستحياء:
وبخليكي ليا يا نوجة..

لاحقتها منة و سما بالدخول فاليوم الزفاف الأول لإبنة عائلة زيدان، الزفاف الاول الفريد من نوعه، حيث عهد عن عائلات زيدان بالزواج من الطبقات المخملية المرموقة فلاول مرة تحطم بكر هذة العائلة تلك القاعدة الأساسية، لتتزوج بشابٍ بسيط أختارته عن كسب وطيب خاطر بأنه من يستحقها، تراه رجلاً والكلمة تشمل معاني عديدة، هو من تحدت رحيم زيدان وأبيها لأجله، وهو من ستخطو لجواره وهي مرحبة وممتنة لإختيارها، ولجت شجن للداخل وهي تستند على ذراع حنين فمازالت رقبتها تؤلمها للغاية ورغم عدم تمكنها من حضور الزفاف الا إنها تتمكن من البقاء مع عروس أخيها لتؤدي واجباتها على أكمل وجه، احضرت إليها سما احد المقاعد ووضعته على مقربة من نغم جلست شجن لجوارها وهي ترمقها بنظرة حنونة، ارتبكت نغم وهي تجاهد لقول:.

كان نفسي تحضري الفرح بس اهم حاجة صحتك...
ثم قالت بإرتباكٍ:
أنا عارفة إن علاقتنا شبه منعدمة بس أنا إتعودت على كدا، وبحاول إني أتغير وأحب أحتك باللي حواليا...
رفعت شجن ذقنها بيدها وهي تقول باسمة:
كل واحد فينا طباعه مختلفة عن التاني، الظروف والوقت اللي إتعرفنا فيهما مكنوش مناسبين للتعارف، بس انا متأكدة ان الوقت اللي جاي هو المناسب لينا...
إنحنت ريم مقابلهم وهي تهمس بمكرٍ:.

كلام سر دا ولا نصايح ما قبل الجواز؟.
لكمتها نغم بغيظ بينما إمتزج وجه شجن بالأحمر حينما استطردت نجلاء بقولها المازح:
شجن اللي عايزة حد ينصحها مستحيل تقدم نصايح من هذا النوع...
تعالت الضحكات فيما بين الفتيات، فوضعت حنين طبق التسالي عن يدها وهي تقول بفمٍ ممتلئ بالطعام:
جرى أيه يا وزة منك ليها انتوا هتستفرضوا بالولية وأنا موجودة أيه كيس جوافة انا!.
اجابتها منة بمشاكسة:
لا كرونبة...

اشارت لها بغيظ وهي تلكمها بغضب:
يا بنتي أتقي الله في لسانك اللي هتتسحلي منه دا...
سما وهي تدنو منها لتشير لها بتشفي:
صدقتيني إنك لسانك اطول من خرطوم الفيل أبو زلومة...
كادت بالتشاجر معها ولكنها علقت بالضحكات المتتالية فتشاركها الجميع بسعادة ليستكمل كلاً منهن إرتداء ملابسهن إستعداداً للزفاف...

صعدت فاطمة خلفهم بإستغرابٍ، فوقفت امام الغرفة وهي تتساءل في ذهولٍ:
في أيه يا سلمى سحباني وراكِ أنتِ و سارة كدا ليه؟..
فتحت سارة باب الغرفة لتظهر ملامح من تجلس على الفراش بوضوحٍ وخاصة حينما رفعت النقاب عن وجهها، تهدلت ملامحها وهي تهمس بعدم تصديق:
صباح!..
استدارت خلفها وهي توزع نظراتها بينهما بصدمة، إقتربت منها سلمى قائلة برجاء:
فاطمة عشان خاطري إسمعيها بس...

هدأت نظراتها الشرسة وهي تحاول ضبط إنفعالات وجهها وخاصة حينما رأتها ترتدي نقاب وتجلس بحزنٍ، جلست مقابلها وهي تتحاشى التطلع إليها، فلفت انتباهها الصغير القابع بالفراش جوارها، انتباها الدهشة رغم إنها حاولت الثبات قدر الإمكان، بدأت صباح بالحديث فقالت بصوتها الباكي:.

اللي عملته معاكي كان صعب ولو انا مكانك مش هسامح بس بالرغم من دا بطلب منك إنك لو قدرتي تسامحيني هكون ممنونة ليكي طول عمري، أنا مش قادرة أصدق إني وصلت للدرجة دي من الحقارة وإني في يوم كنت بالقذارة دي...
تأملتها في ذهولٍ مما اصبحت عليه، وخاصة حينما شرحت لها سلمى ما حدث بإيجازٍ شديد ختم بمعرفتها لأمر الطفل والزواج، أشفقت فاطمة على دمعاتها الصادقة التي إخترقت عواطفها فقالت بتأثر:.

وأنا مسامحة يا صباح علشان حاسة إنك أتغيرتي بجد...
ثم نهضت وهي تبتسم لها قائلة في حبورٍ:
وألف مبروك على الجواز، على فكرة لو مكنش إياد إعتذارلي انا و يامن من فترة مكناش صدقنا إنه إتغير...

ابتسمت بفرحةٍ لمسماحتها لها، وبمعرفة ما اقدم إياد على فعله، شعور الراحة الذي خيم عليها جعلها هادئة البال للحظات افتقدتها منذ زمن، كان الفضل يعود بعد الله سبحانه وتعالى لمساندة سلمى، و سارة لها، حملت صغيرها بين يدها وهي تزيح الدمعات العالقة بأهدابها بارتياح...

بأبهى الثياب الغربية هبط من سيارته ليلحق به الشريك المنصف له بالجاذبية ليخطو معاً بتثاقل حتى وقف كلاً منهما أمام من يدعى حوسين الذي تذكرهم فور رؤياهم، فتح الباب ثم هبط الدرج ليلحق به مراد و رحيم، المكان كان هادئٍ بعض الشيء، وصلوا لنهاية الممر بالرواق الطويل، فأقترب الصبي من السيدة التي تجلس على المقعد المريب والذي يعطي إنطباع الزعامة عنها، إنحنى وهو يهمس لها برغباتهم بنفس النساء، حانت منها نظرة جانبية تجاههم، فهزت رأسها هزة بسيطة، ليشير لهما بيديه وهو يهم تجاه الغرف، أرشد رحيم لغرفته أولاً ثم تابع مراد معه ليصل للغرفة المجاورة..

ولج للداخل ليجدها تجلس على المقعد الجانبي بإرتباكٍ، وكأنها كانت بإنتظاره، او ربما كانت تترقب رؤيته على قيد الحياة، أغلق رحيم الباب من خلفه ثم إقترب ليجدها تهم بالإقتراب منه قائلة بلهفةٍ:
اللي عملتوه قلب الدنيا هنا، أنا كنت فاكرة إنهم وصلوا ليكم لأني عرفت إنهم كشفوا اللي عمل كدا!.
أشار لها بيديه وهو يتحدث بثباته المعتاد:
إهدي وفهميني بالجديد...
جلست على المقعد القريب منه وهي تباشر بقولها:.

من شوية عرفت إنهم قدروا يوصلوا لواحدة من اللي عملت في البنات كدا وإنها اعترفت أن في واحد أدلها فلوس كتيرة والعنوان وطلب منها تصور الفيديو لواحدة فيهم، الست دي وصفتلهم شكله وتقريباً وصلوله...
بسمة ساخرة رسمت على محياه وهو يتذكر كيف تنكر كلاً منهما قبل أن يتفقوا معهن، فالوجوه المسجلة لديه من المحال الوصول إليها، جذب رحيم أحد المقاعد وهو يجلس بالقرب منها ليسألها بشكل جاد:.

سيبك من كل دا وقوليلي قدرتي تعملي اللي أنا قولتلك عليه!..

أغلق باب الغرفة من خلفه، وهو يبحث عنها بلهفةٍ الإطمئنان عليها، يود تنفيذ وعوده لها ولكنه بحاجة للإطمئنان بتنفيذ ما قيل عن أمرها بعدما دفع مبلغ طائل من المالٍ، صُدم مراد حينما وجد على الفراش فتاة أخرى ترتدب ثيابٍ تظهر أكثر مما تخفي، تتقرب منه بطريقة مقززة، دفعها عنه برفق وهو يسألها بصرامة:
أين الفتاة التي كانت بالغرفة أمس؟..
وضعت يدها حول عنقه وهي تجيبه بطريقتها المغرية:.

دعك منها فأنا سأعرف كيف اسعدك...
أبعدها عنه وقد تملكه الغضب لمجرد تصور السوء يمسسها، فقال بحدة وهو يلوي ذراعيها خلف خصرها ليكرر ما قال:
دعك مني وأخبريني اين الفتاة؟..
صرخت بألم وهي تحاول فك عقدة لسانها من شدة الألم:
لا أعلم، إتركني...

من حكمة الجوكر المعهود كانت الثبات والتحكم الإنفعالي الذي فقده بمجرد تصور ما قد يفعله هؤلاء الشياطين بتلك الفتاة التي رأي بها شقيقته، دفعها بعنفٍ وهو يخرج من الغرفةٍ، ليقف أمام تلك السيدة وهو يصيح بعصبيةٍ:
أين الفتاة؟..
نفثت دخان سيجارها بشراسةٍ وهي تعتدل بجلستها لتجيبه ببرود:
رأيت أنها لا تناسبك فأختارت لك الأفضل...
جز على أسنانه بغيظٍ وهو يعيد تكرار ما قال:
أين الفتاة، ماذا فعلتي بها؟!.

إنتباهم الشكوك حول كناية هذا الرجل، فأشارت بيدها لرجالها الذين تجمهروا حوله كالحشد، هاجمه أحداهما فصد لكمته ببراعةٍ ورفع قدميه ليمزق عنق الذي كاد بمهاجمته من الخلف، إحتد غضب أربعة منهم فأخرجوا السلاح الابيض ليحاصروه، نظراته الثاقبة لم تحتد او ترتعد خوفاً خشية مما رأه، مازالت خطاه الواثقة تطبع محلها عن جدارةٍ وحرافية، حاوطته وكلاً منهم يشير بالسلاحٍ امام وجهه رغبة في رؤية الخوف بين شاطيء عينيه الزرقاء الهادئة، ليثور أمواجه حينما تصدى لهم ببراعةٍ، ليعيق حركة احداهما وهو يطرق يديه أرضاً بقوةٍ جعلته يتخلى عن سلاحه بصدرٍ رحب..

صوت الهرج والمرج القابع بالخارج جعله يخرج سريعاً ليرى ماذا يجري بالخارج، صعق حينما رأى عدد من الرجال يهاجمون اخيه، على الفور توقع كشف ما اخفوه فخرج ليقف خصمٍ قوي إليه، كاد أحداهما ان يصيب مراد بجرحٍ بظهره ليجد ذراع احداهما يضع من امامه لتخترقه السكين، نظرات أكثر شراسة من الخصم المواجه، إرتعب الرجل وتخلى عن سكينه ليتراجع للخلف بخوفٍ مما يواجه، رفع رحيم ذراعيه وإنتشل الخنجر عن معصمه ليلقيه أرضاً ومن ثم ناوله لكمة أسقطته طريحاً للأرض، تداخل احد الرجال بأستخدام السلاح، فعاق رحيم طريقه ليرفع ذراعيه عالياً مجبره على التمدد أرضاً ثم التقط السلاح من يديه ليفككه في اقل من الثانية ليصير فتات امام أعين الجميع، إهتز جسد المرأة في جزع، فتراجعت للخلف وهي تهدر بصوتٍ شاحب:.

من أنتم بحق الجحيم...
إقترب منها مراد وهو يلف ذراعيه حول عنقها قائلاً في سخطْ:
الموت الذي سيحوم بمملكتك الوضيعة وبمن خلفك...
لف يديه بقوة، فغاب الدماء عن وجهها، ليسأل بكل ذرة غضب ثارت بعروقه:
أين فطيمة، أخبريني ماذا فعلتم بها والا إقتلعت عنقك...

أشارت له على الباب المجاور لها وهي تجاهد لإلتقاط أنفاسها الثقيلة، تركها فاصطدم جسدها الممتلأ بالأرض وهي تعافر للإلتقاط انفاسها، ثم اسرع بالدخول للباب الجانبي، نجح رحيم بالقضاء على أشباه الرجال بالخارج والسيطرة على الوضع كاملاً، فأسرع تجاه ريحانه ليرفع صوته وهو يلتقط أحد الأسلحة الملقاة أرضاً:
نفذي اللي طلبته منك حالاً...

أومأت برأسها وهي تركض تجاه غرفة السيدة المحظورة، انتشلت مفتاحها من حول عنقها وهي تلتقط أنفاسها كالذبيحة، حتى انها لم تستطيع الدفاع عن المفتاح الذي قد يتسبب بمقتلها، فتحت ريحانة الغرفة ومن ثم الخزنة العملاقة لتلتقط احد الحقائب وهي تضع بداخلها كل الفلاشات والملفات التي قابلتها لتخرج على الفور من المكان بعدما أبلغت الفتيات بالخروج لإنهيار الحصن المنيع الذي يمنعهم من الهرب، وبالفعل ما ان رأوا الرجال جثث هامدة حتى هرولت كلاً منهن للخارج، لنيل الحرية المسلوبة..

تتبع رحيم، مراد ليأمن له الحماية اللازمة لما قد يواجهه خلف هذا الباب الغامض، ورغم تشابكه مع عدد من الرجال الا انه ركض سريعاً بحثاً عنه...
بنهاية الردهة المطولة المظلمة، وجدها مقيدة على مقعد متحرك، وجهها مغطي بالكدمات القاتلة، حركها مراد بصدمة وخوف من إن تكون فقدت الحياة، فردد بصوته المنخفض:
فطيمة!.

فتحت عينبها بصعوبة وهي تتطلع له بعدم تصديق، فحاولت الحديث من خلف اللاصق، ازاحه عنها فقالت بدموع حارقة:
شاكوا فيا...
هز رأسه بثبات وهو يحاول أن يبث لها الطمأنينة:
ولا يهمك خلاص كلهم ماتوا ونالوا الجزاء اللي يستحقوه، وأنا هوفي بوعدي وهخرجك من هنا..

اشارت له بالنفي والدموع تتساقط على وجهها كالشلال، لتشير لها على بطنها، لم يفهم ما تود قوله فرفع الجاكيت عنها ليصعق حينما وجد حزام ناسف حول خصرها، تطلع لها بصدمة وهو يحاول ان يستعيد إتزانه ليتمكن من حل الأمر ولكن عقله المشتت جعله كالعاجز يردد فقط بثبات:
متخافيش أنا هخرجك من هنا...
مراد، إبعد عنها فوراً...

كلمات محذرة نطق بها رحيم وهو يقف خلفه ويتفحص نوع البارود المحاوط لتلك الفتاة، وقف على قدميه وهو يستدير إليه قائلاً بتصميم:
أنا مش هخرج من هنا من غيرها...
وزع رحيم نظراته بينهما، ثم وضع السلاح عن يديه أرضاً وهو يقترب منها ليشير له بالإبتعاد قائلاً:
طيب خلاص سيبلي أنا الموضوع دا وروح انت خرج البنات، مفيش وقت...
وقف محله يتابع ما يفعله بتركيزٍ فصاح به رحيم بغضب:.

أنت سمعت أنا قولتلك أيه أخرج من هنا أنا أكتر خبرة منك بالتعامل مع النوع دا...
كلمات إندفعت على لسان رحيم الذي يشير له بشراسةٍ وهو يحسه على الخروج، وزع مراد نظراته بين فطيمة وأخيه بإرتباك من أن تنفجر القنبلة فيخسر كلاً منهما، جذب رحيم الاسلاك بحيرة وهو يبحث عن غايته، فأنتبه بأنه مازال بجواره، فنهره بحدةٍ:
مراد خرج كل البنات من هنا حالاً مفيش وقت...

هز رأسه بإستسلامٍ وهو يشيعه بنظرة أخيرة ثم ركض مسرعاً ليخرج ما استطاع قبل أن تنفجر القنابل بالملهى بأكمله، بكت فطيمة بكاءٍ حارق وهي تردد بصوتها الهزيل:
كان نفسي أشوف ماما وبابا وأخواتي للمرة الأخيرة..
فتح الحزام المحاوط لبنطاله وهو يخرج المناسب بأستعمله ليفكك القنبلة، فقال ليلهيها بالحديث:
متقلقيش يا فطيمة هتشوفيهم وهتحققي كل أحلامك انتي مش نفسك تكوني مضيفة طيران!.

ابتسمت رغم ان الدموع تملأ عينيها وقد باتت خطته الماكرة بتشتت ذهنها بالتفكير عن مصير كلاً منهم، فقالت ببسمة ألم:
كان نفسي في حاجات كتيرة اوي وأولهم إني أنا و قاسم خطيبي نسافر اسطنبول...
وتلاشت بسمتها وهي تعلق بمرارة:
بس كل الأحلام دي مبقاش ليها وجود بعد دخولي للمكان دا وحتى لو خرجت يا ترى هيقبل إنه يتجوزني بعد اللي أنا واجهته؟..

رفع عينيه لها بحزنٍ غمره للأعماق وهو يرى النساء تعاني وكأنهن خلقن للبكاء والعوايل، ما ذنبها بما وقع على كاهلها، جذب احد الأسلك ووضع المشرط عليه وهو يحدد مصيرهما بالصمت انتهى بقوله الغامض، المرتبط بجانب عشقه المجن:
لو بيحبك هيغفرلك أي حاجة حتى لو كان ليكي ذنب فيها...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة