قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية صراع الشياطين (الجوكر والأسطورة ج4) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثامن عشر

رواية صراع الشياطين (الجوكر والأسطورة ج4) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثامن عشر

رواية صراع الشياطين (الجوكر والأسطورة ج4) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثامن عشر

تمسك بيدها التي يملأها التجاعيد وهو يحاول التقاط أنفاسه الثقيلة على مهلٍ، فتارة يرسم لها ابتسامة ليطمئن قلبها الملتاع من رؤياه هكذا وتارة يشتد عليه وجعه فيفشل بكبت آثره على وجهه، انسدلت دمعاتها الساخنة على وجهها وهي تراقب ما يحدث معه، حبهما مثال عظيم لأجيال عائلة زيدان، ترى من الذي ينبض قلبه لسيدةٍ كل تلك الأعوام حتى بعد انفصالهم الإضطراري، ربت بيديه في حنوٍ على أصابع يدها وهو يقول بصوته الهزيل:.

متقلقيش عليا، لسه فيا النفس.
إجتازتها عاصفة من الدموعٍ، فقالت بصوتٍ شبه مسموع:
كنت عايز تخبي عليا يا طلعت!..
بلل شفتيه الجافة بلعابه وهو يحاول فرد وجهه المعصور ألمٍ:
مكنتش عايز أشوفك في الحالة اللي أنتِ فيها الوقتي.
ثم ابتسم وهو يسترجع جزء من ذكرياته اللطيفة، التي يحتفظ بها بداخله، وكأنه مناجاته الوحيدة وآماله بالتشبث بما هو عليه، فقال:.

عارفة يا نجلاء، كنت كل ما بتيجي على بالي بحس أني بتغير حتى ولو التغير ده لدقايق، يمكن لما حد كان بيطلب مني مساعدة كنت بتعصب على الطريق اللي وقف بيها العربية وأنا عندي معاد مهم في الوزارة، بس كنت لما بفتكرك بلاقي نفسي بتصرف عكس المتوقع.
وسدد نظرة مطولة إليها، كأنما يستحسن رؤية أثر كلماته عليها، فشعر بالرضا حينما وجدها تبتسم، فتحرك فكيه بصعوبةٍ وهو يستكمل:.

يمكن حزني على غيابك طول الفترة اللي فاتت دي إنك كان بايدك تحوليني لشخص تاني، بس لما شوفت الشاب اللي المفروض ابن طلعت زيدان مكسور وضعيف بالشكل ده مستحملش ويمكن وقتها استحضرت كل طاقة الشر اللي جوايا علشان ازرعها فيه، مهمنيش أي حاجه في الدنيا أكتر من أني اشوفه قوي ومش مزلول حتى لو هيكون نسخة مني، لو القسوة هتولد قوة فأنا عايزه قاسي..
وبألم مزق أضلاعه استرسل باقي جملته المريرة:.

قاسي حتى ولو كان على ابوه..
وضعت يدها على صدرها، تربت بها عليه وهي تشير رأسها بتفهمٍ لما يود قوله، بل أرادت أن تجعله يخف من كلماته فحالته تزداد سوءاً، فقالت بدموعٍ:
متتكلمش كتير علشان متتعبش أكتر..
أجابها بابتسامةٍ صغيرة ترسم على وجهه رغم تعابيره الباهتة:
سيبني أطلع اللي جوايا يمكن بعد كده مقدرش...
وضعت يدها أمام فمه وهي تصرخ به بانفعالٍ:
بعد الشر عليك...

قبل أطراف أصابعها الموضوعة على وجهه وقال بسعالٍ يختلج صدره:
أنا اللي كنت عايزه من الدنيا خدته برجوعك ليا يا نجلاء...
ابتسمت في خجلٍ مازال يداهمها، فظلت لجواره متناسية عالمها الخارجي تماماً، فالدقائق لجوار الحبيب تضاهي عمراً مرساه وجعٍ ونهايته كالبلسمٍ...

سريعاً ما أعاد طرح سؤاله بإستفهامٍ بعدما استمع لهذا الجزء الغامض من حديث عدي الجارحي فقال:
تقصد أيه؟!.
استرق لحظات من الصمتٍ قليلاً ثم أجابه بثباتٍ عظيم:
مراد قتل عمران والوزير، يعني بصريح العبارة هو قرر إنه يسهل للمافيا طريق الوصول ليه وأنت طبعاً متوقع اللي هيحصل لو سمحوله يدخل عالمهم؟..

كاد بأن تصم آذنيه، لم يقوى على تخيل الأمر فكيف ان صار برمته حقيقة! ، عقله الذكي فقد مزياه في تلك اللحظة فلم يعد يتمكن من اتخاذ القرار الصائب، إسترسل عدي كلماته بجديةٍ تامة:
المعلومات اللي ادتهاتي وطلبت مني أشوفها صحيحة ولا لأ، ففعلاً دي كانت مخبأهم بس اللي مراد عمله خلاهم ياخدوا حذرهم أكتر وده مش في مصلحتنا..

خرج صوت رحيم الذي كساه عجز أصابه لأول مرة، فرفقته لأخيه ليست لمجردٍ كونه زميل عمل، فهناك علاقات دوماً تقضي حياتك بالبحث عنها، ليست زوجة ولا رفيقاً بل إحتياج لشخصٍ تشعر بدماءك تتسلل بعروقه، لا تخجل أمامه حينما تقص عليه ما يضيق بصدركٍ وأنت على ثقةٍ بأنه لن يفهمك بشكلٍ خاطئ، وقد وجد رحيم غايته بعدوه اللدود، أخيه الذي اعترف بالروابطٍ فيما بينهما بعد عناءٍ، وجده عدي شارداً والحزن يسيطر عليه فشعر بأوجاعه كونه ينبت بعائلة قوية بالروابط، فأن ذكر تكاتف العائلة ذكرت عائلة الجارحي على رأس القائمة، خرج رحيم من مستنقع شروده على صوت عدي حينما قال بثقةٍ:.

متقلقش هنوصلهم قبل ما حد يأذيه...
خرج عن صمته أخيراً قائلاً بصوتٍ لهجته مخيمة بالظلامٍ المخيف:
مش هسمح لحيوان فيهم بده..
منحه عدي ابتسامة خبيثة وهو يصحح جملته:
مش هنسمح..
لاح على وجه رحيم ابتسامة شيطانية فأي معادلة هذة ستجابه الاسطورة والوحش الثائر في حين أن الجهة المقابلة لهما الجوكر في محيطها فهمس بسخريةٍ:
كده ماتوا...
رد عليه عدي في حبورٍ وحماسٍ:.

وحشني جو المهمات وأقفشات الأفلام دي أوي بس هنعمل أيه لازم نراضي القيادات العليا المنزلية...
أجابه ساخراً:
مش كله عنده ياسين الجارحي واسطة تخلي اللوا يستغنى عنك...
تعالت ضحكات عدي ليجيبه موضحاً:
لا عندك، اللوا لو سايبني كده فعشان فيه ناس كفأ زي الجوكر والاسطورة وناس كتيرة تقدر تسد عين الشمس..
رفع حاجبيه بسخطٍ وهو يجيبه بمكرٍ:
التواضع مبدأ في الحياة..
ثم إعتدل بجلسته ليتحدث بجديةٍ:.

عايزك تستغل علاقاتك بره وتحاول في أسرع وقت توصل لمكانهم، ولو حكمت نشوف اخر مكالمات من موبيل عمران كانت لدولة ايه ولمين..
أومأ برأسه بتأييد، ثم قال:
اعتبره حصل..
وجذب مفاتيح سيارته الموضوعة على المكتبٍ ليودعه وداعٍ مؤقت:
أشوفك بعدين..

وغادر عدي لسيارته أما رحيم فأفرغ ما بداخله في دفعاتٍ الهواء الساخن الذي خرج من جوفه عله يزيح ما بداخله، انتبه لدقاتٍ باب مكتبه فخرج صوته الحازم ليأمر الطارق بالولوج، فدخل الشرطي ليؤدي تحيته ثم قال:
سيادة اللوا طالب يشوفك يا باشا..
أشار له بالإنصرافٍ، ثم نهض ليتبعه ليرى ماذا هناك من أمور هامة...

خطى تجاه سيارته المصفوفة بمكانٍ قريب من قوات الشرطة، فدس مفاتيحه بالسيارة ثم كاد بالدخولٍ إليها ليجد هاتفه يدق للمرة التي تعدت الخامسة، قربه من وجهه بامتعاضٍ، ففتحه وهو يرسم بسمة واسعة ليجيبها قائلاً:
لحقت أوحشك؟.
أتاه صوتها المشكك حينما يختفي من أمامها قائلة بغضبٍ:
أنت فين؟ ، إفتح الكاميرا وأنت بتكلمني.

قوس شفتيه بضيقٍ على تمسكها به متلبساً فكيف سيخدعها، صعد لسيارته ثم تحرك بها ليبتعد عن البناءٍ فقالت بعصبيةٍ:
أنت رجعت لشغلك تاني يا عدي!.
أجابها سريعاً حتى لا تزداد الأمور سوءاً:
لا يا رحمة مرجعتش ولا حاجة انا بس ليا صديق جمايله مغرقاني وطلب مني مساعدة في موضوع شخصي وأنا بحاول أساعده لا أكتر ولا أقل..
لانت حدة لهجتها قليلاً وهي تخبره بدلالٍ:.

متتعصبش طيب، أنا بخاف عليك على فكرة وما صدقت انك تبعد عن جو الاسلحة والقرف ده..
أجابها وهو يتفادى السيارات ببراعةٍ ليتفادى الزحام المروري المزعج:
عارف يا روحي ومقدر ده علشان كده صدقيني معنديش نية في الرجوع بس مستحيل حد قدملي خدمة في يوم من الايام وأتخلى عنه، ورحيم طول عمره جمايله عليا وهو اللي أقنع سيادة العميد مع بابا انه يقبل استقالتي..
دعت قائلة برضا:
هو ده!، ربنا يسعده يارب لا ربنا معاك..

ابتسم ساخراً على ما كان يواجهه منذ قليل والآن، فاسترق السمع لصوت صغيرته فقال بحنان وحب:
أيه ده رحمة لسه صاحية!.
أجابته بانزعاجٍ:
مش راضية تنام خالص مغلباني..
تعالت ضحكاته الشماتة قائلاً:
واضح ان غياب ماما عن القصر خلاكي تعرفي قيمتها..
أجابته في حزنٍ:
رحمة و ياسين مكنوش بيسكتوا غير معاها، معرفش اجازة ايه اللي عمي قرر يعملها في التوقيت ده.
كبت ضحكاته وهو يجيبها بمشاكسةٍ:.

والله ياسين الجارحي ده راجل بيفهم بصحيح، ساب عياله وخطف مراته على يخت يقضوا فيه وقت رومانسي في حين ان عياله نفسهم مش عارفين حتى يقضوه جوه القصر..
ثم قال بخبث:
ايه رأيك نسيب ياسين لنور وعمر ورحمة للواد معتز أو رائد ولا أقولك بلاش أحمد كويس راويح وعنده طولة بال...
وبعد فترة من التفكير قال:
أحنا نشقطها لياسين احسن هو مش كان عايزاها لابنه يشيل من الوقتي...
تعالت ضحكاتها بعدم تصديق على دعابته، فقالت بمزحٍ:.

مشوفتش أب عايز يتخلص من عياله غيرك..
صحح ما قالته بدقةٍ:
لا في ياسين الجارحي..
تعالت ضحكاتها قائلة بمكرٍ: .
ما بلاش بدل ما ارن عليه وأبلغه..
قال بصدرٍ رحب: .
لا مطمن ومش قلقان، اصل انا الوحيد اللي عارف طبعه لما يسافر مع ماما مش بيسمحلها تاخد موبيل او اللاب علشان اللي عمر بيعمله كل سفرية، المهم فكري في اللي قولتهولك ورودي عليا وأهو هيبقى شهر عسل محصلش بدل الزنقة اللي بنمر بيها اليومين دول.

أغلقت الهاتف بوجهه وبسمة صغيرة تزين وجهها الرقيق، فوضع هاتفه لجواره وهو يتابع قيادته بابتسامةٍ تزوره كلما تلاقت الروح برفيقتها..

«بمكتب اللواء»..
أبدى إعجابه بعمل مراد البطولي، ليضيف بعد كلماته الإفتتاحية التي شهدت بمهارته منذ سنوات:
الملف اللي مراد بعته من حساب عمران مهم جداً وهيفيدنا فوق ما تتخيل، فيه اسماء لعصابات دولية ليها توابع(ص. ه. ي. و. ن. ي. ة)، وليهم يد في كل اللي بيحصل، من أول التجارة بالاعضاء والمخدرات لحد التجارة بالنساء وشبكات الدعارة...
تخل عن رداء صمته المطول حينما تساءل بشكلٍ مباشر:.

طيب تمام و مراد؟..
ضيق حاجبيه بعدم فهم: .
ماله؟.
رفع رحيم صوته نسبياً وقد تملكته هالة من الغضبٍ بالمكان الذي يستحق به اظهار وقاره:
يعني خلاص كده هو عمل عمل بطولي وللنتيجة ايه انه جاب المعلومات المهمة وهيبقى بطل بعد ما يموت طيب وقبل كل ده!، يعني الاهم منه ومن حياته المعلومات اللي جابها وهنسيبه ليهم على وعد تكريم وجنازة تليق بالبطل!.
لطم اللواء سطح المكتب بيديه ليرفع صوته بغضبٍ:.

رحيم متنساش نفسك أنت فين وبتكلم مين بالطريقة دي...
نهض عن مقعده وهو يؤدي التحية العسكرية قائلاً:
أسف يا فندم بس أنا مش هسيب الكلاب دول يقتلوا أخويا وأقف أستنى أما احضر جنازته.
وكاد بالمغادرةٍ فتوقف حينما استمع لصوته القادم من خلفه:
أنا مقدر اللي أنت فيه يا رحيم، احنا جانبك في اي وقت وبنحاول نوصل لمكانه متقلقش.

أومأ برأسه في هدوءٍ ثم استكمل طريقه للخارج ليتجه لوجهة تربط طريقه بختام رؤياها، فلم يغيب عنها سوى بضعة ساعات ولكنه اشتاق حقاً لرؤياها...

يوماً واحد فقط الذي مضى على غيابه، بالأحرى أربعة وعشرون ساعة ويخفق قلبها بجنونٍ اشتياقٍ إليه، تخيلاتها بأنه قد يصيبه السوء جعلها بحالةٍ من التخبط، فكيف وقد طلب منها مراقبة حنين وأن تعتني بها جيداً، تساءلت كثيراً ان كان هذا شعورها تجاه غيابه فما بال حنين على ما تعانيه لفراق زوجها الغير مفهوم ومن دون سابق انذار، جذبت شجن الغطاء الموضوع على طرف الفراش الاسود لتداثر به جسد حنين الهزيل، بعدما تمكنت أخيراً من النومٍ، مسدت بيدها على رأسها بملامحٍ حزينة للغاية، كيف لا تحزن وهي الوحيدة التي تشعر بمعاناتها وخاصة حينما بات الامر مشترك فيما بينهما..

بالأسفل..
وصلت سيارة رحيم زيدان للقصر، فتوجه لمكتبه القابع بابه السري من خارج حدائق للقصر، ولج للداخل بعدما أملى على حارسه الشخصي عدة اوامر ومنها استعداء ريان في الحال، جلس على مقعد مكتبه بانهاكٍ شديد، ثم أخرج العقد الصغير من جيب جاكيته ليتفحصه بإهتمامٍ من جديدٍ، ليهمس بضيقٍ شديد:
أكيد انت مش بالغباء ده علشان متسبش حاجة وراك!.

وأعاده سريعاً لجيب جاكيته بحذرٍ فكأنما يحمل بين يديه قطعة فريدة أمانه عليها مراد، ولج ريان للداخل والقلق بديهي على تعابيرٍ وجهه ليعلم ماذا هناك، طلب منه في بدايةٍ الامر الجلوس، ثم بدأ بشرح ما حدث مع أبيه بداية من تورطه مع مافيا دولية بتلك الخطورة ونهاية بمقتله على يد مراد، ترقبه باهتمامٍ لمعرفةٍ ردود أفعاله، فما كان منه ان قال ببرودٍ:.

يستاهل كل اللي جراله، أنا حاولت انبهه مرة واتنين وتلاته بس هو مش شايف غير طريقه المقرف فأكيد نهايته هتكون مشابهة.
تقبل رحيم حالة ريان وخاصة كونه يبغض المحرمات وإرتكابها، فمنذ أن تعرف كلاً منهما على الأخر وهو يجده مثال عظيم لشابٍ ياخف ربه ويعتني بعائلته، توجه ريان للخروج قائلاً بصوتٍ به نبرة اساسلام:
تصبح على خير..
رفع رحيم صوته بتحذيرٍ:.

بلاش حد يعرف باللي حصل وبالأخص مروان العداوة بينه وبين مراد هتكبر أكتر..
إكتفى بإيماءة رأسه وهو يجيبه بتفهمٍ:
متقلقش..
ثم اكمل طريقه للأعلى، فاسترخى رحيم بجلسته على مقعده وهو يفرك رأسه بقوةٍ لعله يخفف من حدة الألم، تسلل لمسمعه اصوات خطوات ثقيلة تقترب منه حتى وقفت في مقابله تماماً، ليتابعها نبرة يعرفها جيداً محملة بالعتاب والحزن:
ليه القسوة دي على أبوك يا ابني!.

فتح عينيه ليجد والدته تقف من امامه، وعينيها منتفخة من كثرةٍ البكاء، جز على شفتيه بأسنانه وهو يجاهد ان يحافظ على ثباته، فالحديث فيما يخص ابيه يجعله متعصب، نهض عن مقعده ثم إقترب منها قائلاً بهدوءٍ وهو يساندها لأقرب مقعد:
اقعدي نتكلم..
جذبت يدها منه وهي تصيح ببكاءٍ:
رد عليا، ليه بتعامله كده وهو معملش فيك حاجة تستاهل كل ده..
ابتسم بسخرية، وهو يردد كلماتها: .

هو فعلاً معملش حاجة، أنا نمت وصحيت لقيت نفسي رحيم زيدان!.
صرخت به بقهرٍ:
وهو عمل ده ليه مش علشانك أنت..
أجابها بحدةٍ وكلماتٍ صادمة:
مستغني عن خدماته اللي لغت شخصيتي وعملت مني صورة مطابقة له، هو مأعترفش بيا كفريد هو شكلني زي ما هو عايز.
ردت عليه بانكسارٍ وهي تبتعد عنه:.

كل ما بشوفك قلبي بيتوجع على تربيتي اللي مبقاش ليها وجود جواك، مبقتش احب اقرب منك ومن جوايا بحس بالغرابة من نحيتك، الله يهديك لنفسك يا ابني..

وتركته وفتحت الباب لتغادر فوجدت شجن من أمامها، فعلى ما يبدو بأنها هبطت للأسفل سريعاً لتراه بعدما علمت بعودته، ولكن ما استمعت اليه من نجلاء جعلها توزع نظراتها بينها وبينه بحزنٍ شديد، صعدت نجلاء للاعلى فاستكملت شجن طريقها للأسفل حتى استقرت أمام مقعد مكتبه الذي يراقبها من خلفه، وقفت من أمامه وهي تتطلع له بحزنٍ شديد، فجلس على مقعده وهو يضم رأسه بين يديه قائلاً بضيقٍ:
نازلة تسامعيني كلمتين انتي كمان؟.

اقتربت منه بخطواتٍ مترددة، حتى وصلت أمام المقعد المتواري من خلف مكتبه الضخم، فقربت يدها من يديه المحتضنة لوجهه، ازاح رحيم يديه ليتطلع ليدها الممدودة على يديه، وكأنها تخبره بأنها لجواره، كأنها بلمستها طيبت جروح قلبه، هي أفضل ما حدث بحياته من الصغر حتى الأن، شعر بأصابعها تلتف من حول يديه الصلبة في محاولة رقيقة لسحبه فأستجاب لها ونهض عن مقعده ليتابعها مثلما ارادت، صعدت شجن للأعلى ويدها متعلقة به، فاتبعها وعينيه لا ترى سواها، توقفت من امامه فشعر بانتهاءٍ الطريق، فرفع زيتونية عينيه عنها ليجدها قد أحضرته أمام غرفة والده، نقل نظراته عليها من جديد فوجد الرجاء والخوف من أن يخذلها مكتوب بالخطٍ العريض بعينيها، زفر على مهلٍ وكأنه يستمد طاقة اضافية تنفذ اليه سريعاً، ثم ولج للداخل، ابتسمت بفرحةٍ وهي تترقبه بالخارجٍ بحماسٍ، وترسم صور تشويقية عما سيحدث بالداخلٍ..

إقترب من الفراشٍ بهدوءٍ وترقب، فوجده ممدد عليه باهمالٍ ومن حوله عدد من الأجهزةٍ لا بأس بها، انحنى بجسده الممشق بيجذب المقعد المجاور للفراش ثم جلس عليه باستقامةٍ ونظراته مسلطة عليه، فتح طلعت عينيه ببطءٍ والدهشة تحتل حدقتيه بنجاحٍ، حينما وجده يجلس بالقرب منه ويطالعه بهدوءٍ، ردد بعدم تصديق:
رحيم!.
سدد اليه نظرة متفحصة وهو يرى ذراعه الذي يخترقه المحلول الطبي، فقال بدهشةٍ:.

أيه اللي خلاك تجيني لحد هنا! ، مش معقول نجلاء أجبرتك..
أجابه سريعاً بصوتٍ حازم:
مفيش حد أجبرني على حاجة، أنا من واجبي كابن اني اتطمن عليك واكون جانبك..
صعق مما استمع اليه، فظن بأنه يتوهم من كمية الأدوية التي تناولها، حاول طلعت الاستناد على جذعيه لينهض باستقامةٍ فعصف به الالم وكاد بالسقوطٍ ليسانده رحيم على الفور وهو يتأمل ملامحه المرهقة فقال بثباتٍ:.

قريب هتسافر وتعمل العملية وهتبقى كويس، بس ياريت تنتظم على الادوية علشان العملية تتعمل في وقت أسرع..
هز رأسه كثيراً وكأنه لا يستوعب ما يحدث، فربت رحيم على ذراعيه بهدوءٍ، ثم كاد بالخروج ولكنه توقف حينما قال طلعت:
مراد فين يا رحيم ..
بلى اي انفعالات أجابه دون التطلع له:
راجع قريب..
وتركه يخمن كلماته الغامضة ثم خرج ليبحث ليجدها مازالت بانتظاره، فما أن رأته حتى احتضنته بفرحةٍ عارمة وهي تردد في سعادةٍ:.

كده أنا متأكدة مليون في المية أن فريد اللي هزم رحيم ...
ثم قالت بمزح وقد إشرأبت بعنقها تجاهه:
بس ربنا يستر ورحيم زيدان ميحضرش تاني ويتلبس هذا الجسد البريء..
اتسعت ابتسامته، فحملها بين ذراعيه وهو يرفع حاجبيه بدهشةٍ:
شايفك منسجمة أوي وبتعرفي تميزي بينهم..
لفت ذراعيها حول عنقه وهي تحرك قدمياها المرفوعة عن الأرض بدلالٍ:.

سهل جداً على فكرة، لنا القيك هادي وكيوت وبتسمع الكلام تبقى فريد والباقي طبعاً انت عارفه..
ابتسم وهو يشير لها بخبث:
عرفه عز المعرفة واتمنى ميظهرش في التوقيت ده علشان هيكون خطر عليا وعليكي وعلى طلعت زيدان اللي صدق ان الشيطان رحيم زيدان اللي قاعد قدامه..
ثم استدار بها مقابل باب غرفة ابيه ليغمز لها بمكرٍ وهو يخفض من صوته:
لسه محتاج وقت علشان يكتشف شخصية ابنه البعيدة عن اللي صنعها..

ثم خطى بها لغرفتهم، ليضعها على الأريكة، فقال وهو يبدل ثيابه:
حنين عاملة ايه؟.
تمكن الحزن منها فقالت بتأثرٍ:
تعبانة ومش راضية تأكل ولا تشرب..
ثم تساءلت بحذرٍ:
هو أنت مخبي عليها حاجة!، يعني فعلاً مراد في مهمة وراجع؟.
وضع التيشرت الخاص به على الفراش ثم جلس في مقابلها ليجذب جاكيته، وضع من أمامها الطوق ورسالة أخيه الغامضة قائلاً في ضجرٍ:.

مراد أختار يحط نفسه في مهمة انتحارية، وكل اللي سابهولي رسالة فيها كلام مش مباشر، والسلسلة اللي اشتراها علشان يهاديها لبنته وكل ده علامات مش مبشرة للي ناوي يعمله..
صُدمت حينما استمعت لما قال، فكيف ستحتمل حنين تلك الحقائق المؤلمة، اكمل رحيم حديثه قائلاً:
قرر يواجه كل ده لوحده وأكيد الميزان كفته هطب ليهم هما لانه قرر يحارب لوحده والكترة بتغلب الشجاعة..
ثم وضع يديه على وجهها ليجعلها تتطلع له باهتمامٍ:.

مهما حصل حنين مش لازم تعرف حاجة، خليكِ جانبها اشغليها باي حاجة المهم انها متفكرش كتير، مراد عمل كل ده علشانها وأكيد مش هيسامحني لو حصلها حاجة..
هزت رأسها بتفهمٍ ثم وضعت يدها على يديه لتسأله بدموعٍ:
وأنت كمان لو سافرت هتكون في خطر..
قال بنظراته الثاقبة: .
وهو في خطر أكبر..
ارتجف جسدها بخوفٍ، فضمها لصدره وهو يهمس لها بعشقٍ:
متفكريش غير في أني جانبك ومعاكِ...

وقربها اليه ليسحبها لعالم ربما افتراضي فالقادم سيكون ثقيل نوعٍ ما...

يعلم جيداً بأن ما فعله سيجعله مطارداً منهما، لذا كان يود تسهيل مهامهم بالوصولٍ اليه ليصل سريعاً لمخبئهم الدانيء، وبالفعل ما هي الا ساعات معدودة حتى هاجمه عدد من الرجالٍ فما كان منه الا الاستسلام فأن قتلهما لن يصل بذلك لهدفه، وفي لمح البصر كان موضع بسيارةٍ مصفحة سوداء، ظل بها لساعاتٍ متتالية، حتى توقفت تماماً ليهبط منها الرجال في محاولةٍ عنيفة لدفع الجوكر للدخولٍ لوقرهم المخيف، دقائق وهو يحسب الخطوات التي يطبعها بهذا المكان الدَنِسَ حتى ازاحت رابطة العين عنه، رمش بعينيه عدة مرات متتالية حتى تمكن من فتحهما، ليجد ذاته مقيد على مقعد بمتتصف سرحٍ كبير ومن حوله عدد مهول من الرجال يطوفون بسبع مقاعد يعتليهم رجال من مختلف الجنسيات فعلم بان الحرس يطوف باسيادهم، سدد اليهم نظرة قاتمة لا يعرف الخوف مكمن بمرساها، ليبدأ أحداهما بالتحدث باللغة العبرية وأخر يقف لجواره ليترجم له ما يفصح به:.

ها أنت ذاك، أتعلم اننا جميعاً مندهشون من شجاعتك أنت وأخيك..
قال الأخر:
ربما قدومك لهنا ومحاربة رجالنا ليس شجاعة منك بل أنك من المؤكد شخصٍ مجنون..
ابتسم مراد وهو يجيبه بنظراتٍ لم ترف لها رمشٍ:
على الأرجح أننا نتشارك بالجنون ذاته والا لما كان يطوف بعقولكم المريضة التعدي على الدول العربية ظناً من أننا سنصمت عن ذلك، فان كنت تراني شجاعاً فهناك الملايين الذي ينبغي عليكم الخوف منهما..

اشتعلت الأعين بلهيبٍ الغضب حينما ترجم بهما ما يقوله هذا المصري، فابتسم أحداهما موجهاً حديثه له:
انتما العرب تصفون الشخص الأحمق بالشجاع فمن الذي يقطع آلاف الاميال ويختار محاربة الشياطين لأجل فتاة مغربية لا يربطه بها أي صلة!
رد عليه مراد بنفس ابتسامته:
كرم أخلاق ومبادئ لا أعتقد أن يعلمها اناس مثلكما قط..
أجابه الأخر بإبتسامةٍ خبيثة وهو يوجه حديثه لأحد رجاله:
حسناً، لنري الضيف كرم ضيافتنا اذا..

اقبل عليه أحد الرجال ليلف من حوله جهاز اتصل بعقله ثم وضع بفمه قطعة منه، فصاح أحد الرؤساء اللعناء من خلفه:
أتركها، دعنا نستمتع بصراخ المصري الشجاع..

ابتسم مراد وهو يكز على اسنانه ليمنع اي صراخ قد يصدر منه بعدما اشتغلت الكهرباء لتسري بجسده فأصابته بألمٍ شديد، ورغم ذلك كان يكز باسنانه بكل ما اوتى من قوةٍ، انزعج الرجل ذو النظارة السوداء من تماسكه، فأشار للرجل برفعٍ معدل الكهرباء فأنخفض وجه مراد في ألمٍ عظيم حتى كاد بأن يدخل بمرحلةٍ الاغماء، فأنزل الرجل السكين بأمراً من احدهما ثم إقترب من مراد ليتمسك بخصلات شعره المنسدلة على وجهه بفعل ما تعرض له من عذاب أليم، ليرفع رأسه بقوةٍ وهو يخبره بمكرٍ:.

والآن سترى الجزء الأخر من ضيافتنا لعلك تعلم من إختارت لمحاربته..
وأشار برأسه تجاه أحد رجاله، فأختفى عن الاعين ليعود بعد قليل بمن يحاوطها بذراعيه ليلقيها بقوةٍ أسفل أقدام مراد الذي تحاولت نظراته لصدمةٍ عارمة حينما وجدها ممزقة الثياب، بوجهٍ ممتليء بالكدماتٍ وكأنها تعرضت لحادث مميت همس بصدمةٍ:
فطيمة..

غلت الدماء بعروقه حينما وجدها فاقدة الوعي من أثر الاعتداء الوحشي الذي تعرضت له فلم يعد يتمكن بضبط انفعالاته حينما وجدها بتلك الحالة المذرية، فسابهم بأفظعٍ الشتائم التي جعلت التعامل معه أشد من سابق، فأقترب منه أحداهم بمحقن غليظ للغاية وهو يحاول تسديده في عروقه، هاج وماج وتحرك بتمردٍ حتى كادت الحبال بالإنقطاع عن جسده، فجذب أحداهما فطيمة من قدميها جراً ليحاول الاعتداء عليها وهي تسترد واعيها على أثر جر جسدها، صرخت بانفعالٍ وهي تراهم يقتربوا منها من جديدٍ، فعلى ما يبدو بأن حالتها النفسية أصبحت بسوءٍ لا وصف له، صاح مراد بشراسةٍ:.

إبتعد عنها والا سأحرص على قتلك بنفسي..
صوته كان النجأة لها مما تلاقته من عذاب حطمها كأنثى، نقلت نظراتها المستغيثة اليه ودموعها تنهمر دون توقف قائلة بأسى:
مراد!..
حكم الضغط على فكيه وهو يجبره على التطلع اليه قائلاً بانتصارٍ:
اذا كنت تريد انقاذ تلك المعتوهه فعليك بالهدوءٍ والاسترخاء قليلاً..
ثم تطلع لمن يحمل المحقن الذي كسرت أبرته الرفيعة من شراسة دفاع مراد:
ضاعف الجرعة..

كاد الرجل بالاعتراض فالمستخدم بأنواعٍ المخدرات كميات قليلة في البداية حتى يتقبلها الجسم والا ستتسبب في حالة وفاة على الفور ولكنه مرغم على طاعة رئيس عمله، فمدد المحقن ليحصل على كمية اضافية استقرت بعروق مراد الذي تقبل الامر لاجل ليس لاجل فطيمة ولكن لكونه رجلٍ لا يحتمل رؤية نساء تهان من أمامه، ربما حينها سيختار أن يقتل رجلاً ذو مراءة على أن يختبر تلك الدقائق القاتلة التي سيشهد بها على نهش ذئاب بشرية لجسد فتاة كان لها حماية من قبل ويرى اخته الصغيرة بها، التف به المكان من حوله وكأنه بصالة متحركة ليفقد بعدها الوعي تدريجياً حتى لامست رقبته صدره، فحل وثاقه ليقبع أرضاً باستسلامٍ..

نهضت بفزعٍ وهي تحاول التقاط انفاسها بانتظامٍ فصرخت برعبٍ:
مراد...

ازاحت عنها الغطاء ونهضت سريعاً تبحث عنه بجناحها الواسع عله عاد دون أن تشعر به، دمعات الحسرة غامت بعينيها وألم شديد يضرب معدتها بقوةٍ كأنها ستوشك على الولادةٍ في الشهر السادس من حملها، بكت حنين بانكسارٍ وهي تهاجم دقات قلبها العنيفة التي تؤكد لها بأن معشوقها ليس بخير قط، هناك أمراً مريب يحدث معه، اختطف بصرها شعاع أمل حينما وجدت سيارة محبوبها أضوائها منيرة بحديقة القصر، فركضت مسرعة للأسفل وهي تردد بفرحةٍ:.

مراد!.

وقف يتابعه من الأعلى بترقبٍ، فأنتهى حازم من البحث بداخل سيارة مراد الخاصة، ليشير بيديه بأنه لم يجد ما بخدمهم تجاه رحيم الذي يقف بأعلى الشرفة ويراقبه بصمتٍ، استدار رحيم بنظراتٍ خائبة الأمل تجاه شجن الغافلة بفراشها في امان لوجوده لجوارها، حرك الهواء قميصه المفتوح بقوةٍ وكأنه يخبره بأن السقيع على وشك الدلوف لينتهي الصيف من فصوله ويحل محله الشتاء القارص، أغلق عينيه باستسلامٍ لنسماتٍ الهواء العليلة التي انعشته قليلاً، ففتح زيتونية عينيه على مهلٍ ليتفاجئ بحنين بالأسفل تدنو من سيارة مراد المصفوفة أسفل القصر، اسرعت بخطاها تجاه السيارة وآمالها الكبيرة تسبقها ليتحطم سريعاً حينما هبط حازم من السيارة ليقف قبالتها وعينيه موضوعة أرضاً قائلاً:.

في حاجة يا حنين هانم؟

شعرت وكأنها كانت تخطو بصحراء قاحلة على أمل رؤية مساحة صغيرة خضراء ولكن تحطم امالها، استدارت وهي تائهة لا تعلم أي طريق يقودها لغرفتها، الحيرة والصدمة كافيلة بهدمها والتغلب على جسدها الضعيف، دوار شرس ابتلعها بجوفه لتسقط على الاعشاب مخشي عليها ليختم الظلام عينيها، فزع رحيم من رؤياها هكذا، فأغلق قميصه وهو يهرول سريعاً للأسفل، حتى وصل اليها ليجد حازم يقف جوارها بانتظاره، رفع وجهها مقابله وهو يرطم صدغيها برفقٍ ليناديها:.

حنين، سامعاني؟.
خشى رحيم ان يمس الجنين السوء فحملها وهو يشير لحازم قائلاً بانفعال:
افتح باب العربية..

اسرع حازم ليفتح بابها فوضعها بالخلف ثم امره بالقيادة لاقرب مشفى ليضعها على السرير المتحرك فألتقطتها منه عدد من الاطباء ليلتفوا حولها بداخل غرفة العمليات لمعرفةٍ ما الذي أصابها بالتحديد، ترقب رحيم بالخارج بقلبٍ ملتاع لا يحتمل تكبد الخسائر التي تخص أخيه من جديد يكفيه ما يلقاه بمفرده، ساعة كاملة قضاها على أعصابه حتى خرج الطبيب المعالج يتساءل:
حضرتك جوزها؟.
أجابه رحيم مسرعاً: .
أخو جوزها، طمني عليها..

أجابه بأسفٍ شديد:
حالتها صعبة جداً، لو كانت في السبع كنا ولادناها، فاحنا فنبذل قصارى جهدنا انها تفضل هنا على الاجهزة لحد ما الايام الاخيرة في السادس تعدي على خير ونولدها في اول السابع على طول بس مش عارف اذا كانت هتقدر تستحمل الايام دي ولا هنضطر نولدها وده خطر على الجنين..
النفسية عامل أساسي في كل ده وهي وضعها النفسي سيء جداً، ادعيلها..

جلس على المقعد باهمالٍ وكأن مصائب العالم بأكمله تكدست فوق رأسه، مرر يديه بين خصلات شعره، يود لو اخترق ما بداخله وابل من المياه البارد ليطيب جروحه، ساعة تلو الاخرى حتى أتت الممرضة اليه لتخبره بأن المريضة تم نقلها لغرفةٍ عادية، طرق رحيم بابها قبل ان يدخل ليراها ممددة على الفراش باستسلامٍ، عينيها تحدق في سقف الغرفة والدموع تهبط من عينيها دون توقف، اقترب منها فجذب انتباهها بخطواته التي على صوتها، فانحنت برأسها مقابله، خرج صوتها مهزوز للغاية قائلة بضعفٍ:.

مراد عايش؟.
يا له من سؤال قاسي عليه هو بالاخص قبل أن يكون قاتل لها، ليته يعلم الاجابة على سؤالها فقال بابتسامةٍ رسمها بالكد:
انتي بترسمي اوهام يا حنين، مراد عايش وبخير هو بس في مهمة سرية وميقدرش يخالف الاوامر ويكلمك..
منحته نظرة بائسة فجلس على المقعدٍ القريب منها ثم قال بثباتٍ:
المهم إنك تشيدي حيلك علشان اللي في بطنك..

أشارت له برأسها والدموع مازالت تنسدل على وجهها بضعفٍ، جخظت عينيه بدهشةٍ وهو يرى ما ترتديه بعنقها من سلسالٍ مشابه لما يحمله فقال بثباتٍ:
ارتاحي وراجعلك تاني.
ثم خرج من الغرفة سريعاً ليرفع هاتفه قائلاً دون ان يستمع للاخر:
لقيت طرف الخيط اللي هيوصلنا لمراد...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة