قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية صراع الشياطين (الجوكر والأسطورة ج4) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثالث

رواية صراع الشياطين (الجوكر والأسطورة ج4) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثالث

رواية صراع الشياطين (الجوكر والأسطورة ج4) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثالث

توقف محله بصدمة وهو يحاول ان يكذب حواسه بسماعه لصوتها، استدار بإتزانٍ للخلف ومازال يدعي توهمه فصعق حينما رأها تقف أمام عينيه، بدا مرتبكاً للغاية وهو يحاول التماسك أمامها، إقتربت صباح منه بعدما جذبت كيس الطعام والمال الموضوع بظرفٍ أبيض لجواره لترفعهما أمام عينيه وبكل ما أوتت من قوة ألقته بوجهه وهي تتطلع له بنظرة قهر ختمتها حينما قالت:
«إحنا مش محتاجين عطف منك يا إياد بيه. »..

ثم استدارت لتغادر من أمامه، تاركة حصون قلبها تنهار تباعاً وهي تبتعد بخطاها عنه، هذا القلب البائس الذي يهوى سماع صوته المتغيب عن مسمعها لفترة، أبسط مطلباته أن ينعش إسمه أذنيها، أسرع إياد خلفها فمد يديه ليصنع حاجز يمنعها من دخول الغرفة، رفعت عينيها المختبئة أسفل نقابها الأسود لتتطلع إليه بنظرة غامضة، فقالت بلهجةٍ يصاحب طرب الآنين صداها وهي تنحني بجسدها لتحمل الحقيبة الموضوعة أسفل قدميها:.

أنا أقدر أتحمل أي حاجة لكن ابني مالوش ذنب يجوع عشانك او عشاني..
وحملت الكيس الممتلأ بالألبان الصناعية ثم كادت بالدخول متحاشية عدم الإحتكاك به، سد عليها الطريق بكافةٍ السبل، لتتحرر عقدة لسانه أخيراً:
لازم نتكلم يا صباح...
حدجته بنظرةٍ إمتعاض وهي تسأله بدهشةٍ مصحوبة بألم مكنون:
هنتكلم في أيه؟، أنت واحد بتعطف على ولد يتيم وجزائك عند ربنا أظن الأعمال دي مش بيبقى فيها كلام ولا أيه؟.

رد عليها بإنفعالٍ شديد:
أنا ابني مش يتيم...
أفتر وجهها عن بسمة إستهزاء فرفعت حاجبيها بذهولٍ:
هو ابنك!، مش يمكن يكون ابن حد من اللي غلطت معاهم زمان ولا حاجة...
أخفض عينيه أرضاً بحرجٍ حينما تذكر كلماته المهينة إليها، فقد الكلمات البسيطة التي قد تجد له مخرج أمن من هذا المأزق، فقال وعينيه ترفض التطلع لعينيها:
أنا أتغيرت يا صباح مبقتش الشيطان اللي كنتي تعرفيه...

انسدلت دمعة خائنة من عينيها، فردت عليه بقسوة ألمته:
مهو باين التغير، لدرجة إنك مكتفي بعطفك علينا بالاكل والفلوس ودا أقل حاجة واحد بنفوذك يقدر يعملها!.
ثم استطردت بقول:
انت مهمكش حتى تشوف ابنك أو تعترف بيه من الأساس...
وببكاءٍ مرير أضافت:
انت مختبرتش ربع معاناتي يا إياد ولا عمرك هتعشها انا لحد الآن بعاني...
ورفعت يدها تزيح الدمعات العالقة بأهدابها وهي تبوح بما يخنقها: .

أنا لحد الآن مش عارفة اسجل الولد ولا حتى اديته أبسط حقوقه إنه يكون له إسم...
وإندفعت للداخل لتستدير برأسها إليه قبل ان تغلق الباب بوجهه:
متحلمش إني ممكن انسالك كل دا وأصدق إنك فعلاً اتغيرت أنت زي ما أنت مفيش إختلاف...
دوى صوت الباب بوجهه بقوةٍ، فصلت بين واقعه، دق بقبضته على بابها وهو يرفع صوته بضيقٍ شديد من حكمها المتسرع:
اتغيرت وهتشوفي دا بنفسك...

ثم ترك محله وتوجه للمغادرة بغضب فتراجع ليقف مكانه من جديد ليدق بلطفٍ وهو يسألها بحزنٍ:
طب ممكن تخليني أشوفه!..
لم تنصاع إليه او حتى إستمع لحركة خافتة تمنحه أمل بسماحها له، فغمغم أمام الباب المستند بجبينه عليه:
مرة واحدة بس...

طال إنتظاره ومازالت الحركة ساكنة فكانت إجابة صريحة منها بالرفض، توجه للمغادرة بقلبٍ مهزوم، دوى صوت إنكساره بداخله، خطواته البطيئة تجر أزراء الخيبة والآنين، ليتوقف محله بصدمةٍ حينما تحرر مقبض الباب من جديد، لتمنحه اذن الإقتراب، وقف محله بعدم استيعاب فاستدار برأسه ببطءٍ تجاه بابها، لم يصدق عينيه حينما رأه مفتوحاً، بقلب يقرع اشتياقاً لروية وجه صغيره، تعمقت نظراته بها وهو يراها تقف جوار الباب بعينيها الغائرة بالدموعٍ، قائلة بصوتها المتقطع:.

مقدرش أحرمك منه زي ما حرمته من حاجات كتيرة اوي...

لمعت عينيه بالدمع العزيز وهو يجابها بالا تسقط أبداً لفرط غيرته عليها، فنقل نظراته بصعوبة من عليها لتتجه للفراش الصغير الموضوع جوار الحائط، ليجده يحرك قدميه الصغيرة بخفة، ارتسم على وجهه بسمة شوق وفضول لرؤية وجهه، فاراد ان يسرع بخطواته ولكن قدميه لم تسعفه، طل من أمام عينيه بوجهه الملائكي الصغير، فمه صغير للغاية وأنفه، ملامح وجهه بأكملها لا تبدو بارزة له، انسدلت الدمعة المتحجرة بعينيه وهو يبتسم بعدم تصديق، ليته يكمل فرحة قلبه بفتح عينيه الصغيرة وبالفعل قبل الصغير تلبية أمنيته الغالية وفتح عينيه، ابتسم إياد بفرحة وهو يوزع نظراته بينه وبين صباح بحماسٍ ختمه بإحتضانه وهو يطبع القبلات على وجهه الناعم، ظل حامله لأكثر من نصف ساعة فوضعه على الفراش ثم تمدد جواره يتأمله بملامح متلهفة لرؤية كل حركة صغير يفعلها، تركت صباح الباب مفتوح ثم توجهت للركن الصغير المقابل اليه لتعد للصغير الطعام ورغماً عنها كانت تختطف النظرات إليهم، وجدته يتعمق بنظراته تجاهه ليردد بلسانٍ حالم وصوتٍ مسموع:.

جان إياد عمران...

بغرفة آدم...
نثرت على وجهه بعض قطرات المياه وهي ترجوه بأن يستعيد وعيه، ففتح عينيه ببطءٍ شديد ليراها تتطلع له في اهتمامٍ، ووجهها تملأه الدموع ..
إحتضنته سما ببكاءٍ وهي تردد بصوت متقطع: .
حرام عليك اللي عملته فيا دا انا قلبي كان هيقف..
عبث بعينيه وهو يحاول فتحهما جيداً فردد بإستغراب وهو يتأمل وجه أخيه ووجه حازم الحارس الشخصي لرحيم زيدان فتساءل بإستغرابٍ وهو يمرر يديه على خصرها:
هو أيه اللي حصل؟..

جلس فارس على الكومود من جواره ليشاكسه بمرحٍ:
بتسأل أيه اللي حصل، أسال على الخساير الجسمانية اللي حصلتلي أنا وحازم وإحنا شايلنك من هناك لهنا...
ثم تطلع لحازم ليبتسم له في ود:
شكراً على اللي عملته يا حازم ...
أجابه حازم وهو يهم بالرحيل:
على أيه يا باشا أنا في الخدمة وربنا يطمنك على البيه الكبير...
أجابه آدم تلك المرة بإمتنانٍ:
تسلم يا حازم ...

ابتسم اليهم ثم توجه للمغادرة ليقف محله لينفذ مهامه المطلوبة منه فعليه مرقبة ما يحدث بالقصر جيداً ليبلغ سيده بكل شاردة وواردة تحدث، فولج للمصعد ثم أخرج هاتفه ليرى هل من رسائل إليه ليجد رسالة هامة من الجوكر تمنحه مهمة سريعة بإحضار شخص ما لقاعة القصر في التو والحال..

بكاء سما وتمسكها بقميصه جعل فارس ينسحب من الغرفة بهدوءٍ ليترك لهما مساحتهم الخاصة، مرر آدم يديه على حجابها الوردي وهو يهمس بتعبٍ:
ما خلاص يا عم بسيوني انا كويس أهو، وبعدين مش فارس قال ان الدكتور بيقول شوية إرهاق عشان اتبرعت بالدم من غير فطار او أي حاجة...
رفعت عينيها إليه فخلعت نظارتها لتزيح دموعها وهي تجيبه بنحيب: .
متجبش سيرة بسيوني تاني يقطعه هو وعينه اللي تحيب الأرض نتعك عين جابتك أرضي...

رفع حاجبيه بسخطٍ وهو يردد بتقزز:
نتعك!، وات ايفر المهم...
سألته باسترابة: .
أيه؟..
قرب وجهه منها وهو يغمز بعينيه بجراءة: .
سيبك من بسيوني كفة وقوليلي اللي أنا شايفه دا بجد؟.
أجابته بذهولٍ:
أيه اللي انت شايفه؟.
ردد بنظرة تتعمق بملامح وجهها الأحمر من أثر البكاء:
يعني خوفك عليا وحضنك الجميل دا أنتي شوية وكنتي هتغنيلي سيبني جوا حضنك دا اللي فاضلي...
لكزته بصدره بقوة فتصنع الألم وهو يحتضن صدره: . آآه...

فزعت وهي تتمسك بيديه في محاولةٍ بائسة لرؤية ما أصابه، فابتسم وهو يقترب منها بتسلية وبنظراته شرٍ ينتهى بقطف أحدى زهور حقيبتها فقطع مهامه صوت شجار حاد يأتي من الأسفل، انزوى حاحبيه وهو يردد بإستغراب: .
هو في ايه؟.
ثم تحامل على ذاته وهبط ليرى ماذا يحدث؟.

خشى ريان أن تزداد الأمور سوءاً بين أخيه و مراد فهو يعلم جيداً كم يمقته، أشار الجوكر بيديه لمكانه وهو يوجه حديثه ليارا:
هو دا العريس؟..
أومأت برأسها كثيراً كدليل على صحة حديثه، سبقه رد مروان الحاد:
أيه مش عاجبك!..
تدخل ريان سريعاً وهو يحدجه بنظراتٍ محذرة:
مروان مش هحذرك تاني فاهم!..

سحب كلماته وهو يتطلع ليارا التي تعنفه بنظراتها هي الأخرى وكأنه يبارز بالسيف، تحركت خطى مراد ليقف من أمامه بنظراتٍ متعجرفة، وبثقة كبيرة وضع يديه بجيوب بنطاله الرياضي، ليخبره بلهجة مخيفة:
أه مش عاجبني، ومش موافق على جوازك منها واللي عندك أعمله..
تحولت ملامحه للغضب الشديد، فكبت غيظه بصعوبةٍ وهو يرد عليه:
كنت عارف إنك هترفض لإنك مش بتحب غير نفسك وآآ...

إنطلق صوت مراد بحدة إهتز لإجلها الاجساد رعباً وقد تملكته موجة الكبرياء والعزة وهو يشير له بأصابعه:
إلزم حدودك معايا ومتنساش أنا مين...
ثم استرسل حديثه بعدما تقدم خطوة ليقف من أمامه مباشرة:
أخوك اللي واقف جانبك دا ميقدرش يعملي حاجة، ولا أنت تقدر يبقى تبص على قدك وتتكلم بإحترام، أنا هنا عشان أنا حابب دا مش إجباري من حد فاهم؟.
حاول سليم التدخل بالأمر فقال بهدوء:
هو ميقصدش يا مراد تلاقيه بس آآ..

بترت كلماته حينما أشار له بجدية وهو يتابع:
أنا من يوم ما دخلت البيت دا وأنا معنديش عداء مع حد، محيت كل اللي فات من قبل ما أخطي حاجز البوابة وإبتديت صفحة من اول وجديد ومستعد أقطعها هي كمان لو عيل زي دا فكر إنه يهني أو يدوس لي على طرف كل واحد هنا مينساش نفسه ولا ينسى هو بيتكلم مع مين وعلى ايه...
ووجه نظراته لمروان ليرمقه بنظرة قاتلة، أنهاها بقول:.

أنا معنديش مشكلة معاك من البداية عشان أرفض جوازك من يارا دي حياتها ودا إختيارها المشكلة عندك انت، حتى طريقتك بطلبها مني وانت عارف إن كل حاجة بايدي لسه واقف وبتكابر وبتكلمني من غير إحترام لفرق السن اللي بينك وبيني لا وفاكر إنها رجولة...
منحه نظرة قاتمة وهو يحاول التماسك، فزفر بغضب وهو مجبر على الصمت، فقال فارس بهدوء:
هو اكيد ميقصدش يا مراد...

طافته نظراته ليفكر قليلاً بنظرات تسلية، ثم تحرك ليقف من أمام مروان ليشير له بإصابعيه متعمداً إسترجاع شيئاً غامض فسأله بطريقة مباشرة:
عايزها؟.
تطلع له بحيرة وهو يحاول دراسة معالم وجهه، فأجاب مؤكداً:
طبعاً..
انتصب مراد بوقفته وهو يأمره بانتشاء سينتقم لاهانته المتعمدة: .
يبقي تطلبها مني وحالا وبأدب...

سحب نظراته الهائجة تجاه ريان فأشار له بتنفيذ أوامره فهو المخطئ ببدء الأمر، جز على أسنانه وهو يتحدث بغضب: .
ممكن أطلب منك أيد يارا...
ضيق عينيه بسخرية من طريقته فقال ببرود: .
معحبتنيش...
كاد بأن يصرخ بكلماتٍ خارجه عن السيطرة فتمسك آدم بذراعيه وهو يهمس بصوتٍ منخفض:
عديها بدل ما الحوازة تضيع عليك..
إنصاع لكلماته المنطقية فكاد بالحديث ليقطعه مراد بتعجرف:
ابتسم وأنت بتقول..

رسم بسمة مصطنعة ود لو أنها سلاحاً حاد يتخلص به مما بحدث:
ممكن اطلب من حضرتك أيد يارا بنت خالة حضرتك..
لأ، مش موافق...
كان رده صادم للشباب بأكملهم المتابعون لحوارهما منذ البداية، لانت التعابير حينما ابتسم مراد وهو يكمل حديثه الرائع:
الا لما تتخرج من جامعتك الأول ساعتها أوعدك بجواز وليلة على طول...
أفتر وجهه عن بسمة خافتة، فقال بلهفة:
يعني نقرأ الفاتحة...

ترقب رده ولكنه لم يتحدث بل رفع يديه ليقرأها فسعد الحميع بتخطي تلك الأزمة المعرقلة فيما بينهما، تجمع الشباب والفتيات بأكملهم بغرفة الصالون لقراءة الفاتحة على إتفاقية الزواج بين مروان ويارا، عج الصمت فيما بينهما حينما بدأ مراد بالحديث:
أنا كدا حققت كل اللي إتطالب مني وأخرهم فرح نغم ويوسف اللي تقريباً كل ترتيباته خلصت.
منحته نغم نظرة غامضة وهي تستمع له بذهولٍ، فترقبت ما يقول..

استرسل مراد كلماته وعينيه تتنقل على الوجوه بدراسة تعابير وجوههم المتشوقة لسماع ما يقول وخاصة حنين التي انضمت لهم مؤخراً، وقف محله وهو يستكمل حديثه الهام:
وبكدا أكون وفيت وعدي مع رحيم اللي المفروض هكون جانبه كتف بكتف لحد ما مهمتنا تخلص، بس قبل ما أستعد لسفري فاضل اخر خطوة بالمشوار اللي تعبنا فيه انا ورحيم...

تعجب الجميع من كلماته المبهمة بالنسبة اليهم، فبدت علامات التعحب تسري على الوجوه ليتحدث سليم عن مطالبها حينما قال:
أنت تقصد أيه يا مراد؟.

رفع عينيه الزرقاء تجاه حازم الواقف أمامه يترقب اشاراته وبعد دقائق، سمع خطوات ثقيلة تتجه للقاعة ليظهر من خلفها اخر من توقعوا رؤياه فكيف لميت أن يحيا من جديد، جحظت الاعين وهي تتطلع لطلعت زيدان الماسد من أمامهم بكبريائه المعهود، ويديه تستند على عصاه الملفوفة من الذهب، يتطلع لهما بهدوءٍ كان مميت على البعض وغير مألوف للبعض الأخر، بصعوبةٍ بالغة تحركت ريم لتنطق بصدمةٍ لا مثيل لها:
بابا!..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة