قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية شيخ في محراب قلبي للكاتبة رحمة نبيل فصل خاص ثاني

رواية شيخ في محراب قلبي للكاتبة رحمة نبيل فصل خاص ثاني

رواية شيخ في محراب قلبي للكاتبة رحمة نبيل فصل خاص ثاني

يلا يا ماسة جهزي الأكل عشان الكل وصل برة
كانت فاطمة تتحدث وهي تدور في المطبخ الذي يحوي النساء غير واعية لماسة التي كانت تقف على باب المطبخ تتجاهل الجميع حولها موجهه عينها على باب المنزل وهي تنتظر على احر من الجمر تلك التي تراسل زوجها من فترة على هاتفه...

انتبهت فاطمة أن لا رد وصل لها من قِبل ماسة لترفع عينها بتعجب تبحث عنها، حتى وجدتها مازالت على نفس وضعها منذ بدأت تلك الحفلة وكأنها تخشى أن تتسلل تلك الفتاة من أمام عينها...
ماسة، ماسة، أنتِ يابنتي ما تردي
استدارت ماسة ترمقها بنظرة خاطفة قبل أن تعود بعينها للباب مجددا بسرعة كبيرة وهي تجيب بلا اهتمام:
فاطمة اعملي اللي أنتِ عايزاه وسيبيني في حالي. وبعدين فين الزفتة بثينة.

الزفتة بثينة وراكِ يا حبيبتي نعم اؤمريني؟
استدارت لها ماسة سريعا وهي تشير بعينها للباب قائلة: مش هوصيكِ يا بوسي مش عايزة البنت تطلع سليمة من هنا
ابتسمت بثينة وهي تشير لعينها بمعنى ( من عينيّ الاثنتين )
ضربت صابرين كف بكف وهي تستغفر ربها: ريا وسكينة ياربي؟ يابنتي أنتِ وهي ارحموا نفسكم شوية، ربنا ما يوقعني معاكم يارب.

تجاهلت بثينة حديث صابرين وهي تنظر مع ماسة للباب متحدثة بهمس بينما بدأت جميع النساء خلفها في تجهيز الطعام:
بقولك يا ماسة راقبي شوية لغاية ما اروح الحمام وارجع على السريع
ابعدت ماسة عينها بصعوبة عن الباب وهي تنظر لبثينة بشك: بت أنتِ مالك؟
تعجبت بثينة من سؤال ماسة لتقول بعدم فهم: مالي يعني؟
من وقت ما جيتي وأنتِ كل خمس ثواني تدخلي الحمام
ابتسمت بثينة بعدم تصديق لذلك السؤال وهي تجيب عليها قبل أن تتركها:.

ياربي أنتِ بقيتي مش طبيعية بجد حتى الحمام مفلتش منك
ضحكت فاطمة بشدة عليهما وما كادت تفتح فمها بكلمة حتى وجدت بثينة تستند على الجدار وهي تمسك معدتها بوجع شديد تحاول كتم تأوهها:
بثينة مالك؟
هكذا صرخت شيماء والتي كانت الأقرب لها لتنتبه لها ماسة وهي تفتح فمها بصدمة متحدثة بغباء:
خلاص يا بوسي ادخلي الحمام براحتك يا قلبي والله مش همنعك.

رفعت بثينة عينها لماسة وهي تتألم بشدة ثم قالت من بين أسنانها: مش عارفة اتف عليها، حد يقلعني الجذمة ويرميها في وشها الحيوانة دي
تحدثت فاطمة بخوف شديد وهي ترى توجع بثينة ذلك: جماعة حد يتصل بالدكتور بسرعة البت بتفيص
تحدثت صابرين بسرعة وهي تدور حول نفسها لا تعرف ماذا تفعل: طب حد يناولني كوباية ماية بسكر الاول
رفعت بثينة عينها وهي تتنفس بصعوبة بسبب الوجع وتضغط على معدتها أكثر:.

هو انا ضغطي عالي يا متخلفة، الله يحرقكم هموت منكم يا عبط، نادوا حد بيفهم يا متخلفين هموت منكم
ركضت ماسة سريعا صوب الجميع وهي تبعدهم بنزق هاتفة بهم: ابعدوا يا همج البت هتموت منكم ابعدوا،
انحنت ماسة وجلست ارضا حوار بثينة وهي تنظر لها محاولة معرفة اين الألم ولم تنتبه ليد بثينة التي تتوسط معدتها بوجع...
الوجع فين بالضبط يا بثينة، حاسة بوجع فين قوليلي؟

رفعت بثينة عينها لماسة وهي تحاول أن تصفعها قائلة بسخرية: في صباع رجلي الصغير
وسريعا توجهت أنظار الجميع لقدم بثينة بغباء منقطع النظير لتصرخ بثينة برعب من كم الغباء الذي يحيط بها:
حد يلحقني يا ناس هموت من غبائهم حد يلحقني
كان الجميع في الخارج مندمج مع زكريا وابنه وما يحدث لولا ذلك الصوت الذي قاطع جلستهم تبعه صوت صراخ ماسة بغضب شديد...
انتفض فرانسو وكأن حية لدغته وهو يصرخ بفزع: دي بثينة اللي بتصرخ؟

عاد صوت صراخ بثينة يصدح مجددا في المكان تبعه صوت صياح ماسة فيها:
بقولك اهدي يا متخلفة وانا هعالجك
صاحت بثينة وهي تبعد ماسة عنها التي تحاول رفع ثيابها لمعرفة ما حدث معها:
حد يبعد الست دي عني هتقتلني
زفرت ماسة بغيظ شديد وهي تهتف: بقى ده جزاتي عشان بحاول انقذك؟ هو أنتِ نسيتي اني دكتورة ولا ايه؟
كانت ماسة تتحدث بحنق شديد مستنكرة حديث بثينة التي تنكر للتو مهاراتها في العلاج...
دكتورة حيوانات يا حيوانة.

هكذا صرخت بثنية في وجه ماسة التي تحدثت بهدوء مريب في مثل هكذا موقف:
طب والانسان ايه؟ ما هو حيوان ناطق، بعدين اسمعي كلامي كان فيه بقرة جاتلي من اسبوع نفس حالتك كده
نظرت بثينة لماسة وما كادت تجيبها حتى عاد الالم اقوى لتصدح صرختها في المكان جاعلة قلوب الجميع تسقط ارضا...
تحرك فرانسو من محلة بفزع شديد وهو يركض صوب المطبخ صارخا في رشدي:
مراتك بتقتل مراتي يا رشدي.

نظر رشدي لأثر فرانسو وهو يضرب كف بكف يزفر بقوة حقا هو تحمل كثيرا، يقسم أنه سيسجن تلك المجرمة التي يعيش معها هذه المرة...
دخل فرانسو للمطبخ بسرعة كبيرة دون حتى أن يستأذن ولا يعي ما يحيط به لتنتفض فاطمة بعيدا عن بثينة وهي تعيد نقابها سريعا على وجهها تبتلع ريقها حامدة ربها أن لم ينتبه لشيء هنا...
انحنى فرانسو جوار بثينة وهو يقول بخوف شديد لوجعها ذلك: بثينة حبيبتي حصل ايه؟ مالك؟

تشبثت بثنية سريعا بيده وهي تقول بتوجع: مش قادرة يا فرانسو حاسة اني هموت، فيه وجع في بطني مش طبيعي هموت
أنهت حديثها بصرخة عالية متألمة ليفزع على أثرها فرانسو وهو ينحني حاملا إياها ثم خرج بها سريعا من المطبخ ومنه لباب الشقة وخلفه ماسة التي كانت تصرخ به أن يتركها وهي ستعالجها بينما بثينة تصرخ بزوجها أن يركض بها بعيدا عن أيدي ماسة...

تابع الجميع خروج فرانسو من المكان برعب ليلحق بهم هادي وهو يقول: هروح معاه عشان مش هيعرف يسوق بحالته دي وكمان عشان اطمن على بثينة،
أنهى حديثه وهو يخرج سريعا، لكن أثناء ذلك اصطدم في سيدة كانت على وشك دخول الشقة ليعتذر منها ويرحل سريعا دون حتى أن يلقي نظرة عليها...
تحركت السيدة لداخل الشقة وهي تنظر في جميع الوجوه بتعجب شديد فكانت ملامح الرعب والخوف تحتل جميع الأوجه لتقول بعدم فهم:
سلام عليكم،.

استدارت إليها جميع الرؤوس بسرعة لتشعر بتوتر شديد وهي تدرك أنها بالفعل أتت في وقت غير مناسب، ابتلعت ريقها وهي تحاول الابتسام:
هو انا جيت في وقت مش مناسب ولا ايه؟
كانت أعين ماسة تمر على تلك السيدة من أعلى لاسفل وهي تكتظ تحرقها بنظراتها:
أيوة فعلا وقت غير مناسب إطلاقا يعني بثينة دلوقتي ربنا يتولاها برحمته مين اللي هيحلق عليكِ معايا؟

نظر رشدي بصدمة لماسة وما تقوله ليجدها تنظر للسيدة بنظرة مرعبة تحمل نهايتها...
عفوا؟ مش فاهمة
هكذا تحدثت السيدة لا تفهم شيء من حديث ماسة السابق لتقول ماسة ببسمة:
لا ابدا اتفضلي ادخلي، ده احنا هنريحوكِ يا شابة
انحنى جمال على رشدي وهو يهمس له: الدور الدور هتموتي ياللي عليكِ الدور
نظر رشدي لجمال بغيظ شديد وهو يبعده عنه ثم اتجه صوب باب الشقة يجذب ماسة بعيدا عن السيدة قائلا ببسمة جامدة:.

مدام اروى اهلا بحضرتك اتفضلي بعتذر بس حصل قبل ما تيجي ظروف كده فاعصاب الكل مشدودة
ابتسمت اروى بتوتر من حديث رشدي ونظرات زوجته ثم اتجهت الداخل وهي تحاول الابتعاد قدر الإمكان عن ماسة قائلة:
هي دي مرات حضرتك؟
أيوة يا قلبي هي دي مرات حضرته
أجابت ماسة وهي ترميها بنظرات مخيفة لتشعر بيد رشدي تضغط بقوة على ذراعها وهو يشير للسيدة قائلا بتحذير:.

مدام اروى تبقى مصممة ديكور وجاية عشان تشوفك عايزة تعملي عيادتك ازاي؟ وللاسف معندهاش مواعيد فاضية غير النهاردة فعزمتها تحضر الحفلة معانا ومنها تبلغيها كل اللي عايزة تعمليه في العيادة يا دكتورة
فتحت ماسة عينها بصدمة من حديث رشدي لتنظر له وهي تسأله بعينها إن كان ما قاله للتو صحيح ليبتسم هو لها بسمة جليدية يهز رأسه، ابتلعت ماسة ريقها وهي تنظر ارضا بخجل قائلة بصوت خفيض تشير للسيدة للداخل:.

اتفضلي معايا ندخل جوا
أنهت حديثها وهي تنظر لرشدي باعتذار ليتجاهل هو نظرتها يعود للرجال ليقول لهم ببسمة واسعة مشيرا لغرفة الطعام:
اتفضلوا يلا يا جماعة عشان نتغدى سوا،
نظرت ماسة له لكنه أبدا لم يلتفت إليها لذا لحقت بالسيدة للداخل حيث تحركت جميع النساء عدا فاطمة التي كانت تبحث عن زكريا بعينها لكنها لم تجده لذا تبعت الجميع...
بسرعة يا هادي الله يكرمك.

كان فرانسو يحدث هادي ويده تضم بثينة إليه أكثر دون وعي منه يربت على ظهرها ليطمئن نفسه قبلها بينما هي كانت تصمت دقائق قبل أن يعود الألم مجددا لها...
نظر هادي للخلف بتوتر شديد وهو يرى حالة بثينة يشعر بالرعب يتلبسه كلما ارتفع انينها ليزيد من سرعته أكثر واكثر خاصة عندما سمع صوت شهقتها وهي تقول:
فرانسو فيه، فيه دم، دم ووو،.

توقفت عن الحديث وهي تنظر بأعين غائرة صوب بقة الدم التي أخذت في الاتساع لتصيب ذلك الذي يحملها بهلع كاد يوقف قلبه وهو يصرخ في هادي:
سوق بسرعة يا هادي بسرعة
كان يصرخ ويده ترتجف وهو يضمها لا يدري ماذا يفعل أو كيف يتصرف، كاد يبكي كطفل صغير خائف لولا توقف السيارة ونزول هادي بسرعة مخيفة وهو يفتح له الباب...

حمل فرانسو بثينة بين ذراعيه يحاول الثبات واخفاء ذلك الارتجاف الذي تمكن من جسده كله وهو يصرخ بهلع بمجرد دخوله:
دكتور، دكتور بسرعة ارجوكم مراتي بتنزف،
كان يتحدث وهو يلتفت حوله كطفل صغير لا يعلم أين يذهب لولا صوت هادي الذي أشار له على إحدى الغرف التي كُتب أعلاها (الطوارئ )، ركض فرانسو بزوجته صوب الغرفة وهو يشعر بالدماء تتسرب من أوردته وضربات قلبه تكاد تصم آذانه...

دخل الغرفة سريعا وهو يصرخ بالطبيبة التي تجلس على أحد المكاتب أن يساعده:
ارجوكِ ساعديني مراتي بتنزف مش عارف هي مالها
انتفضت الطبيبة من محلها وهي تتجه صوبه مشيرة له على أن يضعها على الفراش ثم سريعا قامت بالضغط على أحد الازرار لتدخل ممرضة سريعا للمكان وتجد الطبيبة تعدل من وضع بثينة التي كانت تغلق عينها تدريجيا...
معلش اتفضل برة لغاية ما اخلص فحص المريضة.

كاد فرانسو يفتح فمه معترضا لولا الممرضة التي أشارت له بهدوء أن يخرج:
لو سمحت وجودك هنا مش هيفيد فممكن تنتظر برة لغاية ما نعرف مالها؟
نظر فرانسو لبثينة وهو يشعر بالخوف وبالرغم من ذلك هز رأسه يخرج ليقف جوار هادي الذي ربت على كتفه مؤازرا...
متقلقش هتكون بخير
دي، دي، دي كانت بتنزف يا هادي. كانت
صمت لا يستوعب ما حدث وهي من كانت منذ ساعات قليلة فقط طبيعية لا شيء بها والان...

مسح وجهه بتعب شديد وهو يدعو ربه أن تصبح بخير لأجله هو فهو لم يعد يملك غيرها في هذه الحياة، هي من يعيش لأجلها، لقد كان منذ ساعات فقط يخطط بداية جديدة معها يخطط ويرتب كيف سيسعدها والان دمائها تغرق ثيابه...

مرت ساعتان و فرانسو يكاد يفقد أعصابه من التوتر والخوف خاصة بعدما تم نقلها منذ ساعة تقريبا لغرفة العمليات، بينما جواره هادي يحاول أن يهدأ نفسه قبل فرانسو فتلك التي ترقد بالداخل أخته التي لم تلدها والدته، ابنة عمه التي اعتنى بها طوال عمرها وكأنت له كأخت وابنة...

سقطت دمعة منه لكنه مسحها سريعا وهو يراقب خروج الطبيبة التي كانت تتنفس بتعب شديد ثم رفعت عينها لتجد الرجلين يقتربان منها بسرعة واحدهما يهتف برعب:
مراتي. مراتي مالها يا دكتورة؟ هي كويسة؟
هزت الطبيبة رأسها تطمئنه: متقلقش هي بخير بس للاسف الجنين نزل،
عاد فرانسو للخلف بفزع وهو يستمع لكلمات الطبيبة التي نزلت عليه منذ قليل كالصاعقة يبتلع ريقه مرددا وكأنه يهزي:
جنين؟ هي كانت حامل؟

كان يتحدث وهو لا يستوعب الأمر فالطفل الذي كانت تنتظره منذ سنين، منذ تزوجها من أربعة عشر عامًا جاء ورحل دون حتى أن يشعروا به، شعر بالهواء يُسحب من حوله وهو يتخيل ردة فعلها إن علمت، يا الله ستموت كمدا على ما حدث، لا يهتم حقا هو لا يهتم إن فقد طفله فهو يثق أن لله في ذلك حكمة، لكن هي، يا الله كيف سيخبرها، أخرجه من تلك الهوة التي أُلقيّ بها صوت الطبيبة وهي تجيبه على سؤاله المعلق:.

أيوة كانت حامل في الأسابيع الأولى وبسبب تعرضها لضغط كبير ومع السن للاسف اجهضت واحد من الطفلين
فتح هادي عينه بصدمة وهو يستمع لحديث الطبيبة ليقول سريعا: طفلين؟ يعني هي دلوقتي،
ابتسمت الطبيبة وهي تجيبه: أيوة لسه فيه طفل كمان. بس المدام لما تفوق هنحتاج نعمل فحوصات واحتياطات كتير عشان نتفادى تكرار اللي حصل مع الطفل الاول. مبارك ليكم.

أنهت حديثها وهي تتحرك مبتعدة عن الغرفة وتبعها بعض الممرضين الذين يسحبون سرير ذو عجلات تتمدد عليه بثينة بملامح باهتة بعض الشيء ركض فرانسو وامسك بيها وهو يتحدث إليها وكأنها تسمعه، يتحدث ودموعه تهبط بشدة لكن الفرق أن تلك الدموع تتخللها بسمة واسعة وهو يقبل يدها:
حلمنا اتحقق يا بثينة هتكوني ام يا قلبي، ربنا استجاب لدعواتك يا حبيبتي.

ابتعد فرانسو قليلا عن الفراش ليجد أن الممرضين على وشك رفعها ليضعونها على فراش مستقر في إحدى غرف المشفى لذا تقدم منهم سريعا وهو يخبرهم أنه هو من سيحملها...
وبكل حنان قد يمتلكه إنسان رفعها وهو يضعها على الفراش بحب شديد ثم انحنى ليقبل جبهتها بحنان شديد وبعدها امسك يدها وهو يراقب خروج الممرضين ليجلس جوارها.
ابتسم هادي بسعادة وهو يراقب تصرفات فرانسو هامسا بدموع سعيدة: سلمت امانتك لايد أمينة يا عمي.

سعيد بل أكثر من سعيد أن فرانسو لم يخيب أمله يوما أو يشعره أنه أضاع أمانة عمه و والده...
كان المكان يعمه صخب عالي والتهاني تتقاذف في كل مكان والجميع سعيد لاجل رشدي وترقيته التي حصل عليها، بينما رشدي نفسه كان القلق يتآكله منذ حادث هادي من ساعة تقريبا وأخبره أن بثينة قد دخلت غرفة العمليات وأن حالتها مقلقة...

كان يقابل الجميع ببسمة وهو يرى التوتر قد احتل وجه جميع أفراد العائلة يحاولون إنهاء هذا الحفل باسرع وقت للذهاب إلى المشفى سريعا...
واخيرا وبعد ساعات انتهى الحفل ليزفر زكريا بتعب وهو ينادي زوجته لتخرج له فاطمة سريعا وهي تعدل من وضع نقابها:
نعم يا زكريا؟
ابتسم لها زكريا وهو يشير لها بعينه أن تتبعه: يلا عشان هنروح المستشفى نشوف فرانسو ونشوف الدنيا عندهم حصل فيها ايه؟

ابتسمت له فاطمة وهي تهز رأسها ثم نظرت حولها تبحث عن اطفالها لتجد محمد يحتضن عائشة التي سقطت في النوم وهو يقول:
بابا انا هاجي معاكم المستشفى،
حبيبي مش هينفع عشان تفضل مع اختك
يا بابا انا عايز اروح معاكم
كاد زكريا يفتح فمه رافضا للأمر لولا حديث ماسة التي خرجت من غرفتها وهي تعدل من وضع حجابها قائلة بلهفة:.

ماشي يا محمد ادخل نيم عائشة جنب بسنت وتعالى بسرعة. متقلقش يا زكريا ام اشرف وفرج هيقعدوا هنا مع الاولاد
هز فرج رأسه والذي كان العمر والسن قد ظهر على وجهه وجسده وحركته التي أصبحت أبطأ فهو أصبح على مشارف السبعين من عمره:
متقلقش يابني هما كده كده نايمين يعني مش هيعملوا حاجة، روحوا انتم وطمنونا على بثينة.

هز زكريا رأسه لفرج ثم انحنى وحمل ابنته لغرفة بسنت واضعا إياها على الفراش جوارها مقبلا جبهتها بحنان ثم وضع الغطاء على الاثنتين وخرج ليجد الجميع يقف في انتظاره عدا الفتاتين لينطلق الجميع للخارج سريعا.
كانت ماسة تسير جوار رشدي وهي تحاول أن تجبره على النظر إليها والتحدث معها، لكن لن يكون رشدي إن لم يجعلها تعض أناملها ندما لما فعلت...

توقف جمال بالسيارة الخاصة به أمام المشفى بعدما اوصل صابرين وفتاتيه لمنزله بسبب نوم الفتاتين ثم هبط متجها للداخل وخلفه الباقون...
تحدث رشدي في الهاتف وهو يبحث بعينه عن رقم الغرفة التي قال عليها هادي:
أيوة يا زفت انا في الدور الثاني ومفيش اي اوضة بالرقم اللي إنت قولت عليه ده
تحدث هادي من نهاية الممر وهو يرفع يده مشيرا للجميع: انا هنا يا زفت اتعميت ولا ايه؟

رفع رشدي عينه وهو يرى هادي ليشير للجميع حيث هو...
وصل الجميع أمام الغرفة لتتحدث ماسة بلهفة وخوف: مالها ماسة يا هادي؟ الدكتور قالكم ايه؟
كانت ماسة تتحدث بخوف شديد حقا على بثينة وهي تنتظر إجابة هادي بفارغ الصبر، لكن يبدو أن هادي لم يكن ينتبه لها في الأساس بل كان يبتسم لشيماء وهو ينحني عليها هامسا ببعض الكلمات لها...

زفر رشدي بحنق وهو يهبط بصفعة على رقبة هادي من الخلف: انت يا حيوان هو ده وقته؟ ما تتنيل تقول البنت فيها ايه؟
رفع هادي عينه بغضب شديد لرشدي وهو يرد له الضربة لكن على كتفه متحدثا بضيق:
ما تتكلم بلسانك يا عم ايه الغباء ده؟
تحدث جمال بنفاذ صبر وهو يبعد هادي عن الباب بضيق: ابعد ياض من وشي عشان مقتلكش
ابعد جمال هادي وهو يطرق الباب طرقات خفيفة...

في الداخل وقبل ما حدث بدقائق كانت بثينة تستفيق من اغمائها وهي تنظر حولها بتعجب شديد...
هو فيه ايه؟
انتبه فرانسو لها وهو يقف جوارها ممسكا بيدها في حنان شديد: حياتي أنتِ بخير؟
نظرت بثينة لفرانسو وهي تبتسم له بحنان تتذكر لحظات الرعب التي عاشها من ساعات بسببها:
انا بخير يافرانسو هو بس كان مجرد مغص معايا من الصبح وبعدين زاد عليا و،
صمتت قليلا وهي تفتح عينها بصدمة: دم، انا نزفت يا فرانسو صح؟

ربت فرانسو على يدها بحنان ليجعلها تهدأ هامسا بحب: اششش خلاص يا قلبي كله عدى الحمدلله وربنا رزقنا على التعب ده كله
نظرت له بثينة بعدم فهم وهي تسأله بعينه ما لم تتمكن من نطقه ليبتسم هو منحنيا يقبل جبهتها يهمس جوار أذنها:
مبارك يا قلبي ربنا عوض صبرنا خير يا بسبوسة
حسنا إن كانت منذ ثوانٍ لا تفهم شيء فهي الان تشعر بغباء شديد يتلبسها وهي تسأله:.

مش فاهمة هو انا حصلي ايه؟ شيلت المرارة؟ والله قلبي كان حاسس انها فرقت من شلة المعاتيه اللي بقعد معاهم دول
ضحك فرانسو بصخب عليها وهو يقترب منها هامسا بعدما هدأ: لا يا قلبي ربنا رزقنا ببسبوسة صغيرة هتشرفنا كمان 8 شهور
صمتت بثنية قليلا ولم تبدي أي ردة فعل فهي لم تستوعب بعد الأمر ليطول صمتها دقائق وهي تهمس بخوف أن يتبدد ذلك الامل الصغير الذي أشرق في قلبها:.

صغيرة؟ يعني، يعني بيبي؟ يعني قصدك على البيبي اللي هنجيبه من الملجأ؟
لا قصدي على البيبي اللي هنجيبه من بطنك
كان يتحدث وهو يضحك بخفوت عليها فيبدو أنها لم تفق كليا من المخدر الذي حُقنت به...
فتح بثينة عينه بفزع شديد وهي تتحسس معدتها: انا، بطني انا؟
لا بطني انا
انت حامل؟
فتح فرانسو عينه بصدمة كبيرة من حديثها وهو يرى تخبطها ليقول بحنق شديد:
حامل ايه يا هبلة أنتِ؟ أنتِ هتوديني في داهية ولا ايه؟ أنتِ اللي حامل.

سقطت دموع بثينة بعنف وهي تهمس بعدم فهم: انا حامل؟ ازاي ده الدكتور قال اني مش،
قاطعها فرانسو وهو ينظر لها بجدية: الدكتور قال إن الاحتمال ضعيف اوي لكن مقالش مستحيل، وحتى لو مستحيل اكيد مش مستحيل على ربنا يا بثينة، مبارك يا قلبي
انفجرت بثينة فجأة وهي تشهق بعنف تردد بعدم تصديق: انا؟ حامل؟ انا حامل يا فرانسو؟ فيه طفل صغير في بطني؟

تحسست بطنها بعدم تصديق وهي تهتف من بين شهقاتها: انا عندي طفل في بطني يا فرانسو، انا هبقى ام
بكت أكثر وهي تكاد تنهار من الصدمة تنظر لفرانسو باستجداء أن يتأكد الخبر الذي سمعته للتو ليهز فرانسو رأسه بنعم وهو يضمها لاحضانه يحتوي انهيارها...
كانت تبكي وهي تردد أنها ستصبح أم وكأنها تحاول إقناع نفسها بالأمر الصمت فجأة وهي تقول مبتعدة عن احضان فرانسو:.

بس بس البيبي يا فرانسو البيبي اللي هنجيبه من الملجأ كده مش هن،
قاطعها فرانسو وهو يمسح دموعها بجدية: هنجيبه يا بثنية، انا نويت ومش هرجع ابدا في القرار ده غير اني حاسس إن ربنا رزقنا بسبب نيتنا دي وكمان انا عايز اخ او اخت لابننا عشان ميكونش وحيد
ابتسمت بثنية باتساع وهي تهز رأسها بنعم ولهفة فهي خشيت للحظة أن يتراجع فيما قرر...

فاق الاثنان على صوت طرق على الباب ليدخل بعدها الجميع للغرفة بعدما أذن لهم فرانسو. اندفعت ماسة سريعا للفراش وهي تصرخ بفزع:
حصل ايه يا حزينة ما أنتِ كنتِ زي القرد الصبح
نظرت لها بثينة باستنكار وهي تقول ساخرة: ما هو من نقك يا ختي
مش كنتِ سمعتي كلامي وخلتيني اكشف عليكِ بدل بهدلتك دي؟ ألا صحيح أنتِ طلع عندك ايه؟
تحدثت شيماء وهي تنظر لماسة بسخرية: ما هو حضرتك اديها فرصة تفتح بقها عشان نعرف.

تحدث فرانسو وهو يضحك بخفوت: الحمدلله هي بخير وكمان كام شهر وهيشرف كمان عضو العيلة
فتح الجميع أفواههم بصدمة مما قالوا ليقطع ذلك صوت فاطمة الذي كان مختنقا بالدموع لا تصدق أن الله استجاب لدعوات الجميع، فلطالما كانت تبكي وهي تدعي الله أن يقر عين رفيقتها كلما رأت نظرة وجع في عينها:
بجد يا بثينة؟ مبارك يا روحي مليون مبارك. ربنا يجعله ذرية صالحة ويقر عينك بيه يا قلبي.

بكت بثينة بتأثر وهي تفتح ذراعيها لفاطمة لتذهب لها فاطمة تضمها بحب تشاركها البكاء بينما شيماء تبكي بعيدا لا تصدق أنه واخيرا تحقق امل الجميع...
قاطع جمال هذا الجو الكئيب بسبب بكاء النسوة: مبارك يا فرانسو يا حبيبي يتربى في عزك يا رب
ابتسم فرانسو بسعادة وهو يستقبل التهاني من الجميع ليقاطع حديث الجميع اقتراب رائف وهو ينظر لبثينة بدقة:
وياترى بقى الطفل ده ولد ولا بنت؟

نظرت بثينة للاسفل وهي تهز رأسها بعدم معرفة: معرفش والله يا رائف بس كل اللي يجيبه ربنا كويس يا قلبي
هز رائف رأسه وهو يبتسم ابتسامة جانبية يدور حول الفراش وكأنه شرطي يستجوب متهم لديه:
معلوم معلوم، يعني مش هتعترفي، شكلك خايفة خالتي ماسة تنقحك عين تجيبك الأرض ولا خايفة ماما تبهدلك ابنك ولا خايفة خالتي فا،
توقف عن حديثه بسبب قبضة زكريا الذي رفعه من على الارض متحدثا بشر من بين أسنانه:.

لا يا حيلتها كله إلا فاطمة سامع؟
نظر رائف لزكريا بحنق شديد وهو يحاول أبعاد يده عنه متذمرا لإفساد زكريا الدور الذي كان يلعبه بعدما شاهده البارحة في إحدى الافلام:
لو سمحت إنت كده بتعطل سير التحقيق خلينا اشوف شغلي والا هطلعكم كلكم برة
هادي، شيل ابنك ده من وشي لاحسن اقتله واخلصك من بلاويه
ارجوك اعملها يا اخي اعملها وانا هبقى محامي الدفاع لو عايز.

هكذا تحدث هادي وهو ينظر لزكريا برجاء بينما كانت ماسة تكاد تحرق رائف ليشير لها:
اهو شوفوا بتبصلي ازاي؟ تعرفي لولا إنك هتبقي حماتي انا كنت،
لم يكمل حديثه بسبب شيماء التي كتمت فمه بخجل شديد من الجميع وهي تقول:
انا آسفة يا جماعة بس للاسف ابني مترباش والله معلش انتم مش غرب واكيد عارفين المعلومة دي.

زم هادي شفتيه بضيق من ابنه وتصرفاته يتوعده بعينه ليختبأ رائف خلف والدته برعب من نظرات والده وهو يلعن ذلك الفيلم الذي شاهده، فهو من صغره كان يحب مشاهدة الأفلام وتقليدها...
كانت بثينة تضحك بعنف على حديث ذلك الرائف اللطيف: طب والله عسل يا رائف
فزع فرانسو من حديثها وهو يشير لها بتحذير: اسمعي أما اقولك انا هاخدك واهج بيكِ من القارة كلها لغاية ما تولدي، مش ناقص ابني يطلع زيه.

تشنج هادي بضيق شديد وهو يستمع له: ليه يا خويا ماله ابني؟
رفع فرانسو حاجبه بسخرية وكأنه يخبر هادي ( حقا وتسأل مابه ابنك؟ )
تنحنح هادي وهو يقول بحرج قليلا: اياكش بس هو اهبل شوية وبتاع مشاكل بس والله طيب
ابتعد رائف عن شيماء وهو يقترب من هادي يضمه بحب من قدمه هامسا له:
والله ماليا غيرك يا بابي
ضحك هادي بخفوت وهو يلاعب شعر ابنه بحنان رغم كل ما يفعله إلا أنه يوما لم يغضب منه حتى لو ادعى عكس ذلك...

ابتسم محمد وهو ينظر للمشهد أمامه قائلا: لم اتخيل يوما أن أشاهد رائف يتصرف كطفل طبيعي لديه مشاعر
ضحك زكريا وهو يضم ابنه جواره بحنان ليستوعب فجأة الطول بينهما: انظروا للصغير الذي أضحى يماثلني طولا
حتى وإن تخطيتك يا ابي ستظل تاجا فوق رأسي وستظل مكانتك محفوظة دائما في قلبي.

ابتسم فرانسو وهو يشير على زكريا وابنه هامسا لبثينة: بصي ركزي مع محمد أنا عايز عيل يتكلم زيه كده، أنتِ مشوفتيش الولد ده بيعمل ايه؟ ده بيغني لشاكوش بالفصحى
صدحت ضحكة بثينة في المكان ليعم الغرفة جو جميل من البهجة والحب بين الجميع حتى ماسة ورشدي الذي ضم ماسة إليه بحب رغم كل ما فعلته. مقبلا رأسها بحب...
اخر مرة يا ماسة؟
موعدكش الصراحة أصل ده داء فيا.

هز رشدي رأسه بيأس منها لتسارع هي بالقول: هحاول والله هحاول عشان خاطرك هبطل
ابتسم رشدي وهو يهز رأسه لها هامسا: حتى لو مقدرتيش هتقبلك زي ما أنتِ اعمل ايه بقى قدري
اقترب هادي من شيماء وهو يهمس لها: هو فين مراد؟
نظرت له شيماء ببسمة وهي تقول: رجع مع ماما البيت وقال هيبات هناك
حلو اوي احنا نفوت عليهم نرمي ليهم رائف وبعدين نرجع سوا للبيت ايه رأيك؟

خجلت شيماء بشدة من حديث هادي لتقول بخفوت: بطل عمايلك دي يا هادي مش،
هشششش خلاص خلصت انا هتصل بعم ابراهيم واقوله
ضحكت شيماء بيأس منه وهي تهمس له: ومستغرب ابنك طلع كده ليه؟
ضحك هادي بعنف وهو يجيبها: لا ما انا عارف إنه طالع ليا مع اني كنت أتمنى أنه ميكونش فيه نسخة مني بس قدرنا وقدر البشرية.

ضحكت شيماء عليه وهي تحمد الله في قلبها على ما رزقها فهي رغم كل ما عانته في حياتها إلا أنها واخيرا تستطيع القول أن عوض الله يستحق الانتظار حتى وإن انتظرته طوال العمر...
أشار زكريا لفاطمة بعينها أن تأتي خلفه تاركا الجميع في الداخل يمزحون ويضحكون على أحاديث ابنه ورائف...
خرجت فاطمة خلف زكريا وهي تنظر له بتعجب لتجده يمسك يدها ساحبا إياها لممر جانبي وهو يبتسم لها قائلا بحنان:.

ماليّ أرى دموعٍا تحتل جفونك اميرتي؟
ابتسمت فاطمة وهي تمد يدها من أسفل النقاب تمسح دموعها مرددة بحب وفرحة:
فرحانة اوي يا زكريا فرحانة اوي عشان بثينة
انظروا لكتلة اللطافة تلك
ابتسمت له فاطمة وهي تنظر حولها قائلة بخفوت: طب يلا نرجع قبل ما حد ياخد باله
كادت تتحرك لولا يد زكريا التي منعتها وهو يقول: لا انتظري قليلا فأنا لم اخبرك بسبب خروجنا من الغرفة بعد،.

نظرت له فاطمة بترقب لتجده يخرج ظرف من جيبه وهو يلوح به أمام عينها هاتفا بفرحة شديد:
لقد كتب الله لنا زيارة بيته يا فاطمة
نظرت فاطمة ليده ثوانٍ قبل أن تشهق بادراك لا تنتبه أنها تقف في ممر مشفى عام:
احنا؟ انا وانت؟
هز زكريا رأسه وهو يبتسم باتساع مضيفا: ومحمد وعائشة كلنا هنروح سوا
بكت فاطمة وهي تهتف بدون تصديق: زكريا ده بجد؟ انت، انت مش بتهزر صح؟ انا مش مصدقة، انا عايزة احضنك دلوقتي حضن كبير اوي اوي.

نظر زكريا حوله نظرة سريعة ثم ابتسم وهو يفتح ذراعيه لها قائلا: حسنا وأنا اطالب بمكافئتي الآن،
وقبل أن ينهي حديثه كانت فاطمة ترتمي في أحضانه وهي تضم نفسها أكثر هاتفة بحب:
زكريا انا بحبك اوي يا زكريا.
ضحك زكريا بخفوت وهو يضمها إليه هامسا ببسمة حنونة: حسنا اعتقد أننا تناقشنا في اجابتي سابقا يا جميلة،.

الكثير من الحب وبعض البسمات، وايضا بضع قطرات من الصداقة مع رشة أمان ولا ننسى مقدار من الصدق؛ تلك هي الوصفة السرية للسعادة في الحياة...

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة