قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية شيخ في محراب قلبي للكاتبة رحمة نبيل الفصل الثلاثون والأخير

رواية شيخ في محراب قلبي للكاتبة رحمة نبيل الفصل الثلاثون والأخير

رواية شيخ في محراب قلبي للكاتبة رحمة نبيل الفصل الثلاثون والأخير

مدام؟ فاطمة الصغننة بقت مدام؟ وياترى اللي اتجوزك عارف انك مستعملة؟
كانت مجرد جملة صغير تتكون من بضع كلمات، لكنها ابدا لم تكن كذلك على وقع من بالغرفة، استشاط هادي غضبا وهو يفتح عينه بصدمة من تلك الجملة الوقحة التي وصلت لمسامعه ولم يكد يستدير لمواجهة صاحب الجملة الا و وجد قذيفة تنطلق جهة جمال بغضب كبير...

لم يشعر زكريا بنفسه سوى وهو ينهض منطلقا له بشكل مرعب ينقض عليه بغضب جحيمي وجملته مازالت تتردد على مسامعه، أمسك زكريا رأس جمال ليضربها في الحائط خلفه بكل جنون وغضب وهو يصرخ بكل ما يعرف من سباب والغضب قد عماه حتى عن فاطمة التي كانت تفتح عينها بصدمة لما يحدث وقد بهتت ملامحها وشعرت أنها على وشك الدخول لتلك الحالة مجددا وهي نفسها الحالة التي كانت عليها أثناء الاعتداء مخدرة لا تستطيع الحديث أو الحركة لذا كلما خافت أو حزنت تدخل في نفس الحالة...

كان زكريا يصرخ ك المجنون وهو يضرب بعنف شديد يبعد العساكر عنه وقد تحول لزكريا الذي جاهد على أخفاءه بعيدا عن زوجته، جاهد ألا تراه ابدا بتلك الهيئة وها هو في ثواني فقط يتحول إليه ضاربا بكل شيء عرض الحائط...

كاد العساكر يتدخلون لمنع ما يحدث وسحب زكريا للخارج، لكن توقفوا بإشارة من وكيل النيابة الذي شعر وكأن نيران تحترق داخله من حديث جمال لذا رأى أن افضل شيء هو أن يدع زوج المعنية هو من يتصرف، وهو بالنهاية رجل شرقي يعلم جيدا حساسية تلك الامور لذا هو ابدا لن يمنعه...

كان هادي يحاول جذب زكريا بصعوبة من فوق جمال الذي لم يعد بقادر على فتح عينه حتى، ولم يبتعد زكريا عنه سوى عندما تدخل جمال الاباصيري ورشدي اللذان دخلا سريعا بسبب الصراخ...
جذب كلا من جمال ورشدي زكريا للخارج بينما زكريا ما زال يصرخ بجنون في جيمي ومصطفى يسبهم بكل ما يعرف من سباب لم يتخيل يوما أن ينطق بها فمه وقد اعماه غضبه و نسى مبادئه في لحظة جنون...

واخيرا أُغلق الباب بعدما خرج زكريا ومن معه، لكن صرخاته ما زالت تصل واضحة وبشدة للجميع بالداخل...
كان جسد فاطمة ينتفض بعنف شديد وهي تتنفس بصعوبة تحاول اجبار عقلها على عدم الدخول في تلك الحالة اللعينة ليس الان، وليس بعيدا عن زكريا فهي بدونه لن تجد من يطمئنها لتعود كما كانت...

في الخارج كان زكريا يصرخ كالمجنون ودموع تهبط من عيونه دون وعي ولا أحد يستطيع إيقافه عن ذلك وكأن غضبه قد أعطاه قوة جيش بأكمله...
بك هادي لما يحدث مع رفيقه وهو يضمه بخوف هامسا له: خلاص يا زكريا اخر الحكاية قربت بس ابوس ايدك بلاش تعمل في نفسك كده
توقف زكريا عن الصارخ وهو يشعر بهادي يكبله في أحضانه ليبكي أكثر وهو يقول:
دبحوها يا هادي ولسه بيدبحوها.

ضمه هادي أكثر وهو يحاول أن يقويه ثم ابتعد عنه وهو يشير للمكتب قائلا:
انا هدخل عشان التحقيق وعشان لازم حد يكون مع فاطمة تمام بس انت اهدا ارجوك
جلس زكريا بتعب على أحد المقاعد وهو يشعر أن غضبه قد استهلك كل قوته ليهز رأسه بتعب وهو يقول:
ادخل ليها يا هادي وقولها اني مستنيها برة.

هز هادي رأسه ليدخل سريعا وهو ينظر لزكريا بحزن وخوف من سقوطه لكن اطمأن حينما رأى رشدي وهو يجلس جواره جاذبا رأسه لتستقر على كتفه ثم أخذ يربت عليها بحنان كأم تهدأ طفلها وهو يهمس له ببعض الكلمات...
ابتسم هادي بسمة صغيرة وهو يدخل للمكتب تاركا زكريا رفقة رشدي الحضن الدافئ للمجموعة
تقدم هادي ليجلس على المقعد المقابل لفاطمة وهو يميل قليلا هامسا لها يتساءل:
فاطمة أنتِ كويسة!؟

نظرت إليه فاطمة برعب وهي تهمس: زكريا؟
هو بخير ومستنيكِ برة هنخلص ونطلع ماشي؟
هزت رأسها تحاول بث الدفء والقوة اللتان فقدتهما بمجرد خروج زكريا لنفسها، لتسمع صوت وكيل النيابة يعلو مجددا في المكان:
ها يا مدام فاطمة هما دول؟

رفعت فاطمة رأسها بخوف قليلا لهم لتجد أن جمال كان شبه مستند على أحد العساكر بينما جواره مصطفى الذي كان يرمقها بخبث وبسمة ذكرتها جيدا ببسمته ذلك اليوم بعدما انتهوا من قتلها لتحتد نظراتها فجأة وهي تهمس بنبرة مخيفة أودعت بها كل ما تحمل من غضب واشمئزاز وكره:
اه هما،
حسنا ضع الصناديق في هذا الجزء، نعم نعم هنا شكرا لك.

أنهى فرانسو كلماته وهو يدون شيء في دفتر ثم رفع نظره لتلك السيدتان اللتان تنظران له بشغف وترقب ليبتسم وهو يقول فاردا ذراعيه بفرحة:
الطلبية وصلت يا سيدات وبكده نقدر نقول إن المحل بقى شبه جاهز
وفي لحظة كان فرانسو يتراجع للخلف بفزع يخفي وجهه خلف الدفتر الذي كان يحمله بخوف من القردتان اللتان كانتا تقفزان بشكل مخيف أمامه...

كانت بثينة تضم ماريانا وهي تقفز معها بفرحة كبيرة جدا فها هي أول خطوة في بناء مستقبل للصغير قد تمت، فعندما وافق فرانسو أن يترك الصغير لماريانا كان بشرط أن يظل في فرنسا شهرا ليرتب له مستقبله والذي كان بدايته هو محل الهدايا الذي سيفتتحه لأجل ماريانا...

ابتسم فرانسو يراقبهما ببسمة واسعة حتى شعر بشيء يتمسك بقدمه بعنف شديد ليخفض نظره ويرى الصغير الجميل صغير صديقه الذي رحل وهو مازال ابن بضع شهور فقط لا يعي على شيء...
شكرا الك بابا فرانسو، امي كتير سعيدة بهالمحل
ابتسم فرانسو وهو يحاول منع دمعة من الهبوط لينحني وهو يحمل الصغير باسم يقول ببسمة واسعة مقبلا خده:
اه انظروا لذلك الرجل الصغير الذي يساعد والدته.

ابتسم باسم بشدة وهو يضم فرانسو أكثر سعيدا بذلك الحب الذي بدأ يستشعره مؤخرا من والدته بعد قطيعة طويلة باردة، يشعر واخيرا أنه طفل طبيعي كأصدقاءه بعدما كان يرى نفسه منبوذا من الجميع حتى والدته، واخيرا توقفت والدته عن إحضار أصدقائها المقرفين للمنزل وأضحت تهتم به كثيرا...

بكى فرانسو بحنين شديد يتذكر رفيقه الحبيب الذي رحل في حادث سير تاركا خلفه ابنه و زوجته، تنفس براحة أكبر وهو يضم الطفل بعد أن نفذ وصية رفيقة الأخيرة وهو يهمس بشوق:
وصيتك اتنفذت يا حبيبي وصيتك اتنفذت ربنا يرحمك يارب
بالضبط وهنا هنحط الورود عشان الشمس وبكده يكون المحل بقى فلة اوي
ضحكت ماريانا وهي تنظر حولها لذلك المحل الكبير الذي اشتراه لها فرانسو ذو الجدران الزجاجية وهي تقول ببسمة:.

ايه والله ما في احلى من هيك
ابتسمت لها بثينة وهي تنظر خلفها لترى زوجها وهو يلاعب الصغير أمام المحل لتبتلع ريقها وهي تقول:
شكلهم حلو اوي سوا
لم تفقه ماريانا ما تقصده بثينة إلا عندما استدارت لترى ما تراه، ارتسمت بسمة واسعة على شفتيها وهي تهمس بدموع حزن:
الله يرحمك محمد، كنت بتمنى يكون معي لهلا.

ابتسمت لها بثينة وهي تتجه لها وتضمها بحنان هامسة: هو معاكم، وشايفكم، هو فوق جنب بابا وهما الاتنين شايفينا واكيد هما فرحانين لاننا فرحانين
مسحت ماريانا الدمعة التي سقطت منها وهي تبتسم لبثينة بامتنان شديد فهي أضحت أقرب رفيقة لها في الآونة الأخيرة...
يلا يا جماعة عشان باسم جعان وانا كمان جعان اوي
ابتسمت ماريانا وهي تنظر لفرانسو الذي قال وهو يغمز لبثينة: يلا بوسي عزماكم على أكل مصري.

صرخت ماريانا بفرحة كبيرة وهي تضم بثينة قائلة: اوووه بوسي حبيبتي اشكرك، لكم تمنيت أن اتذوق الطعام المصري يوما.
ابتعدت وهي تتجه لطفلها تحمله بفرحة ثم قالت بسعادة وهي تسبقهما بعدما رأت النظرات بينهما:
سأنتظركما مع باسم في السيارة لا تتأخرا
استدار فرانسو لبثينة وهو يبتسم لها ثم فتح ذراعيه وهو يدعوها له لتركض إليه وهي تهتف بسعادة كبيرة:
انا فرحانة اوي اوي يا فرانسو حاسة كأني، كأني واخيرا حرة
يسلملي البطل.

كانت نظرات فاطمة تخترقهما بقوة واحتقار واشمئزاز وهي تتذكر معاناتها وتعبها وكل ما حدث لها بسببهما، مكوثها في مصحة نفسية ثلاث سنوات وتلك الأيام التي كانت تخشى النوم فيظهروا لها بكوابيسها، ثلاث سنوات جحيم عاشتهم في تلك المصحة بعدما تدهورت حالتها وأضحت تخشى الاقتراب من أحد أو النوم، كانت تشعر وهي نائمة بأيادي عديدة تمتد لجسدها بطريقة قذرة، كان عقلها لا يشفق عليها وهو يرسم لها أنها ما زالت في تلك الغرفة الصغيرة، كان يجعلها تشعر بأنفساسهم مازالت تتلمس بشرتها لتحرقها، ثلاث سنوات قضتهم في عذاب حتى تمكنت من العيش شبه طبيعية كالجميع هذا إن تغاضينا عن الحالة التي تأتيها كل فترة أو عن الرعب وهي نائمة أو عن خوفها من النظر لاي رجل حتى لا ترى نظرة شهوة بعينه لها تعيد إليها ذكرى تلك الليلة...

واخيرا انتهى التحقيق مع الجميع ليصدح صوت وكيل النيابة وهو يملي الشخص جواره بعض الكلمات ثم ارفق بهم شهادة فاطمة والأدلة التي تم العثور عليها في حاسوب مصطفى...

نهض هادي وهو يصافح وكيل النيابة شاكرا إياه على تعاونه ثم نظر لفاطمة يدعوها لتتقدمه، نهضت فاطمة من مقعدها بتردد وهي تتجه للخارج في نفس الوقت الذي بدأ بعض العساكر في جذب كلا من مصطفى وجمال للخارج ليتوقفوا بمحازاة فاطمة التي نظرت لهما قليلا بشر ثم وفي ثانية كانت يدها ترتطم بوجه مصطفى في عنف شديد لم تعرفه يوما اتبعته بعدها بصفعة أشد على وجه جمال وهي تردد بتشفي وانتصار ونبرة حاقدة:.

هكتفي بقلم بس وهسيب الباقي لجوزي واظن إنه مش هيقصر معاكم، أصله كريم جدا
أنهت حديثها وهي تتحرك للخارج تحت بسمات هادي الشامتة بنظرات الفزع على وجوه الاثنين وقد كان يقف خلفها تحسبا لأي شيء يستدعي تدخله...
بمجرد فتح الباب كان زكريا ينتفض من أحضان رشدي وهو يركض مستقبلا فاطمة بين أحضانه وكأنها عادت بعد سنين بعد وشوق...
ضمها بشدة وهو يتأكد أنها بخير هامسا: أنتِ كويسة؟ صح؟

ابتسمت فاطمة تنظر له بدموع تتخللها تنهيدات راحة: لأول مرة احس اني كويسة كده يا زكريا شكرا ليك
ضمها زكريا إليه بحب وهو يحمد ربه على انتهاء تلك المحنة واخيرا بعدما نفذ لها وعده وانتقم لأجلها، رفع نظر لهادي الذي أشار له بعينه أن كل شيء تم كما خُطط له والان هم فقط في انتظار المحاكمة...

كانت تتحرك صوب الباب بسرعة ولهفة شديد تمسح كفها في إحدى المناشف بعدما خرجت من المطبخ صوب الباب ظننا منها أن ابنتها قد عادت، لكنها توقفت فجأة وهي تلمح وجه زوجها يقف أمام الباب بنظرات مرهقة وتعب قد أخذ كفايته منه...
ايه يا منيرة مش هتدخليني؟

نظرت له منيرة بتحفز شديد وهي تبتعد عن الباب تفسح له مجال المرور ليدخل مرسي بخطوات متراخية يجلس على اول مقعد قابله، تبعته منيرة وهي تفكر في سبب مجيئه بعد كل ذلك الوقت...
خير يا مرسي؟ فيه حاجة حصلت ولا ايه؟
وهو لازم يكون في حاجة حصلت عشان اجي اشوف عيلتي يا منيرة؟
رفعت منيرة حاجبها بتعجب شديد من نبرته تلك وهي تردد: لا ابدا يا خويا براحتك ده بيتك طبعا بس اصلا مش من عادتك يعني.

انتبهت منيرة لملامح الوجع التي ارتسمت على وجهه وهو يبتلع ريقه مرددا:
انا طلقتها،
فتحت منيرة عينها بصدمة كبيرة وهي تنظر له لا تفهم حديثه أو أنها تدعي عدم الفهم ليوضح هو الأمر:
طلقتها يا منيرة ورجعت ليكم تاني.

كانت حقا ترغب في أن تنفجر ضحكا الان وهو يخبرها أنه طلق زوجة أخيه المرحوم التي تزوجها بعد وفاة أخيه بفترة بدعوة أنه أحق من الغريب ليهتم بأبناء أخيه وزوجته و دون حتى أن يأخذ شورتها ذهب وأحضر زوجة ارتها الويل والذل بالاعيبها حتى ملّ هو الشجار اليومي ليقرر أن يحضر لها منزلا رفقة ابنتها حتى يريح رأسه من المشاكل وايضا ليبعد ابنته عن أي أحد يعرفهم...

والله مش عارفة اقولكم مبارك ولا ربنا يجعلها اخر الاحزان؟ بس معلش هو ايه اللي رجعك تاني لينا؟
صمتت تراقب ملامح الخزي التي اتخذت طريقها على وجهه وهو يقول: رجعت عشانك وعشان بنت،
لا، لا يا مرسي اوعى تقول الكلمة دي، لان من وقت ما عملت اللي عملته في بنتك و انت خلاص فقدت حقك في إنك تكون كده
فيه ايه؟ ايه الصوت والزعيق ده؟

كان هذا صوت نحمده التي كانت في الفترة الأخيرة تحاول قدر الإمكان الابتعاد عن فاطمة ومشاكلها لتجد الان صوت أخيها وزوجته يعلو لذا اعتزلت غرفتها واخيرا وهي تذهب لترى ماذا حدث...
متدخليش أنتِ يا نحمده عشان ده حساب بيني وبين اخوكِ وبنصفيه
صمتت نحمده بصدمة من حديث منيرة ذاك وهي تبتلع اعتراض كاد ينفلت منها تتابع بصمت ما يحدث وتخاذل أخيها وهو يطأطأ رأسه بشكل غريب...

استدارت منيرة تواجه مرسي مجددا وهي تهتف بوجع: كنت فين انت وبنتك محجوزة في مصحة نفسية عشان مش قادرة تعيش طبيعي زي اي بنت في سنها؟ ها قولي كنت فين؟
صمت مرسي ينظر للاسفل يحاول منع دموع النظم من غزو عينيه لتكمل منيرة بصراخ حرق قلبها قبله:.

اقولك انا؟ كنت وقتها بتدور على اي واحد كبير في السن يتجوزها عشان يغطي على العار اللي انت بتقول عليه، طب. طب كنت فين وهي كل يوم بتدبل وبتصرخ إن حد يسمعها، كنت فين وغيرك بيقوم بدور انت اتكسفت تقوم بيه عشان كلام الناس؟ كنت فين؟ قولي كنت فين وانا وبنتي الكل بينهش فينا؟
صمتت منيرة وهي تتنفس بعنف تراقب مرسي الذي تصدعت قشرته الواهنة...
بابا؟

صمت الجميع فجأة وسكتت الاصوات بسماع تلك الهمسة التي خرجت وكأنها خرجت من بئر سحيق...
تقدمت فاطمة للداخل يتبعها زكريا الذي كان متحفزا لأي شيء...
ايوة يعني هفضل طول حياتي بوزي في بوزك كده؟
انتبهت شيماء لحديث ماسة لتنظر لها بتعجب لا تفهم حديثها، لتوضح ماسة ما تقصده من وراء حديثها:
يعني اخوكِ مش عايز يتحرك؟ انا زهقت وعايزة اتجوز بقى.

ابتسمت شيماء عليها ثم قالت بعد صمت ثوانٍ: تعرفي اني احيانا بشفق على اخويا؟ اه والله ساعات بقعد مع نفسي افكر يا ترى هيفضل مستحملك لامتى؟
زفرت ماسة باستخفاف ثم قالت وكأنها لم تسمع ما قالته شيماء: البيت بتاعنا توضيبه خلص من اسبوع وماما عايزة تمشي بس انا مش راضية، بقنعها نفضل قاعدين على قلبكم كده يمكن اخوكِ يتكسف على دمه ويتجوزني ونخلص، بس نقول ايه اخوكِ عديم احساس ما شاء الله.

من بعض ما عندكم يا استاذة ماسة
انتفضت كلا من ماسة على صوت رشدي الذي دخل المنزل للتو يتبعه هادي...
أباظة؟ انت سمعت انا قولت ايه؟
كانت تتحدث بفزع شديد أن يكون سمع ما قالته للتو عنه، ليجيب رشدي عليها ببسمة مع هزة رأس صغيرة منه. لتبتسم هي له وهي تنهض قائلة:
حلو اوي، ومتكسفتش على دمك؟
انا برضو اللي اتكسف؟ اقولك يا ماسة انا جبت اخري منك وخلاص تعبت هادي اتصل بالمأذون.

نظرت له ماسة ببسمة غبية وهي تقول بتفاجئ: مأذون ايه بس يا حبيبي ركز احنا كاتبين الكتاب، بس فاضل نعمل فرح
ابتسم رشدي لها قبل أن يتجه لغرفته قائلا بخبث: وده ملفتش نظرك لحاجة؟
لحق هادي برشدي وهو مازال يرسل قبلات وغمزات لشيماء التي كانت تحمر خجلا من أفعاله...
نظرت ماسة للباب الذي اغلقه هادي للتو خلفهم تفكر في مقصد رشدي من حديثه هي حقا لم تفهم مقصده، لما سيحضر مأذونا وهما متزوجان بالفعل منذ زمن؟

هو اخوكِ قصده ايه بكلامه؟
نظرت لها شيماء بسخرية كبيرة وهي تردد: يعني مش بتاعة مشاكل وبس لا وكمان غبية؟ أعانك الله يا رشدي يا اخويا
أنهت حديثه وهي تتجه صوب الغرفة الخاصة بها تفكر في ذلك الذي سرق قلبها ويجلس الان مع أخيها تاركة خلفها ماسة وهي تفكر في مقصد رشدي والذي يبدو أنه سيأخذ سنين حتى يصل إليها...
واخيرا.

كانت تلك كلمة هادي وهو يرتمي على الفراش بتعب شديد بعدما انتهوا من تلك القصة التي نغصت حياة الجميع في الآونة الأخيرة...
ابتسم رشدي وهو ينزع ثيابه ملقيا إياها ارضا: مش مصدق إن أخيرا خلصنا من الحوار ده، ناقص بس يوم المحكمة ويبقى اتعشت.

لم يلقى رشدي ردا من هادي ليستدير بتعجب كبير وهو يناديه، لكنه وجده يتسطح على بطنه مبتسما بغباء للهاتف لذا تحرك رشدي ببطء ليتسطح على معدته جواره وهو ينظر لهاتف هادي ويجد أنه يتحدث مع أخته...
ضحك هادي بخفوت وهو في عالم بعيد كل البعد عما يحيط به وهو يكتب بمهارة عالية وأصابع سريعة:
طب ايه نخلي الفرح اخر الاسبوع مع زكريا ولا نخليه لوحدنا احسن؟

ثوانٍ ووصل الرد له والذي كان عبارة عن كلمات وجوارهما وجه خجول: لا خليها لوحدنا احسن
ابتسم هادي أكثر وهو يكتب لها: طب تحبي نقضي شهر العسل فين يا عسل إنت يا عسل؟
ابتسم رشدي وهو يستدير برأسه للهاتف يتابع ذلك الحوار الشيق الذي يثير اشمئزازه:
اي حتة فيها تلج عشان نفسي العب بالتلج اوي
مصمص رشدي شفتيه بشفقة مصطنعة وهو يهمس: يا مسكينة محرومة يا عيني من التلج.

لم يهتم له هادي أو ينتبه له بالأحرى بل أخذ يكمل حديثه بها: اي رأيك نخرج انهاردة سوا؟
ابتسمت شيماء من الجانب الآخر بخجل وهي تكتب له: ايوة يا ريت عشان بجد زهقانة اوي وماسة قرفتني في عيشتي، بس قول لرشدي الأول
تحدث رشدي بسخرية: عندك حقك والله ماسة مقرفة فعلا، بعدين يقولي ايه يا ستي توكلوا على الله
ابتسم هادي وهو يبتعد قليلا عن رشدي متجاهلا إياه وهو يكتب: لا فكك من رشدي أنتِ مراتي يعني ميقدرش يفتح بقه.

أنهى كلماته وهو يستدير لرشدي الذي يلتصق به قائلا: لا مؤاخذة يا رشدي
ولا يهمك يا حبيبي خد راحتك
ابتسمت شيماء بشدة من الجانب الآخر وهي تنهض بسرعة تقول بلهفة: طب هقوم اجهز لبسي بسرعة
ماشي يا حبيبتي لا اله الا الله
محمد رسول الله
تشنج رشدي وهو ينظر له هامسا: ايه الاستاذ استدعوه يقف على الحدود ولا ايه؟

ألقى هادي الهاتف جواره وهو يتسطح بحالمية مغمضا عينه يمني نفسه بساعات مع حبيبة القلب وجواره رشدي ينظر له ببسمة غبية وهو يهمس له:
حلو الحب يا هادي صح؟
اوي اوي يا حبيبي
ابتسم رشدي وهو ينهض ينظر له بشر ثم قال قبل ان يهجم عليه بغضب شديد:
لا والأحلى بقى مرارة الحب، دوق معايا مرارة الحب يا هادي.

استدار الجميع لصوت فاطمة الذي اخترق الأجواء المشتعلة منذ قليل ليجدوها تقف على باب المنزل ترمقهم بتعجب، لكن لم تتمكن من فتح فمها لتكرير سؤالها لتجد فجأة والدها يركض صوبها جاذبا إياها لاحضانه بشكل افزعها وهي تعود للخلف كرد فعل غير إرادي منها...

ضمها مرسي بشدة وهو يبكي طالبا منها بدموع صامتة أن تسامحه على تقصيره في حقها كأب، لكن فاطمة شعرت بالغرابة وهو يضمها شعور عجيب اكتنفها في تلك اللحظات وهي تستشعر ضمته هل هذا عناق الاب؟ هل هو باهت هكذا؟ بلا مشاعر وبلا اي دفء؟ ام أن هذا الأمر معها هي فقط؟
ابتعد مرسي عن ابنته وهو يستشعر برودتها لينظر في وجهها يجدها تناظرة بتعجب شديد وكأنه للتو قام بعمل خارق، لكنه لم يأبه بل مد يده وأمسك وجهها بحنان:.

حبيبتي أنتِ بخير؟ حد منهم كلمك؟ انا عارف انك كنتِ انهاردة في النيابة
استدارت فاطمة ببطء وهي تنظر لزكريا متأكدة أنه هو من اخبرها ليخفض زكريا نظهر يتلاشى نظراتها تلك...
نظرت فاطمة بعدها لوالدها وهي تهز رأسها بنعم: اه صحيح فعلا انا كنت انهاردة في النيابة بجيب حقي يا بابا
قالت اخر كلماتها وهي تضغط عليها بقصد ليبهت وجه مرسي وهو يبتعد عنها قائلا بخذلان كبير وخجل:
فاطمة يابنتي انا ب،
ولا يهمك.

نظر لها مرسي بتعجب لا يفهم ما تقصد لتقول فاطمة ببسمة تحاول بها منع تساقط دموعها:
مش انت برضو كنت هتبرر تصرفك وتعتذر وانا بختصر كل ده وبقولك ولا يهمك انا مش زعلانة
فاطمة
استدارت فاطمة تنظر لزكريا الذي كان يحدجها بنظرات معاتبة لحديثها ذاك مع والدها وبهذا الشكل لكنها تحدثت وهي تنظر له وقد بدأت دموعها تتساقط:
ايه يا زكريا؟ انا قولت حاجة غلط ولا ايه؟ انا بس بوفر عليه الكلام يمكن يكون مستعجل ولا حاجة.

نظرت فاطمة في أعين والدها الذي ولأول مرة ترى دموعه تهبط: ولا يهمك يا بابا محصلش حاجة دول هما يا دوبك كام سنة عشتهم بعيدة عن حضنك وكله بيتهمني ويشاور عليا كأني مجرمة وانت كنت واقف تتفرج، ولا يهمك محصلش حاجة دي حياتي بس اللي اتدمرت وانت معملتش حاجة عشان تصلحها يا بابا.

بكت وهي تتحدث لا تتذكر شيء واحد قد يشفع له عندها حتى قبل الحادثة كان دائما باردا معها هي و والدتها يعاملهم وكأنهم شيء ثانوي في حياته لا أهمية لهم ابدا...
أنا اسف يابنتي حقك عليا انا اسف
سقطت دموعها وهي تهز رأسها تهمس بوجع: متعتذرش يابابا متعتذرش، انا مش زعلانة منك والله لاني لما قعدت وفكرت لقيت إن كان عندك حق. اصل مين اللي هيتحمل إن بنته تكون من غير شر،
فاطمة.

تعبت، فاطمة تعبت يا زكريا تعبت وملت من كل ده، هو انا مش مكتوب ليا اعيش زيي زي اي بنت في سني؟
كانت تتحدث وهي على وشك الانهيار بعد كل ما مرت به اليوم بينما زكريا يغمض عينه بوجع على ما يحدث معها ليسمع صوتها يردد قبل أن تتحرك صوب غرفتها...
انا مسمحاك يا بابا. مسمحاك بس مش عشانك لا عشان نفسي.

أنهت حديثها وهي تدخل لغرفتها ثم أغلقت الباب بهدوء تاركة خلفها الجميع كل في حال مختلف عن الاخر لكن ما يجمعهم هو الحزن والوجع لما حدث مع فاطمة...
يسير في ممرات المدرسة بتعب شديد وارهاق كبير لعدم أخذه ما يكفيه من النوم البارحة وهو يفكر في فاطمة وحالتها النفسية تنهد وهو يدلف أحد الفصول وعينه موجهه على واحدة معينة ثم أخبرهم أن يخرجوا كتبهم الخاصة...

كانت اسراء تشعر بالرعب الشديد كلما استدار زكريا صوبها وقد غابت عن المدرسة لايام خوفا من المواجهة والان يبدو أنه حان الوقت لذلك...
كان زكريا يشرح لهم كعادته وقد نحى أفكاره جانبا يحاول تصفية ذهنه لما هو مقدم عليه فها هو على وشك إنهاء آخر مشكلة في حياته حتى يتفرغ بعدها لحبيبته الجميلة ويفكر كيف يكسر جبال الاحزان التي تستوطن قلبها...

واخيرا انتهى من شرح الدرس ليبتسم بسمته المعتادة وهو يضع قلمه على المكتب:
احنا بكده نكون انتهينا من نصف المنهج بالضبط وباذن الله بكرة في مراجعة شاملة عليه
صمت قليلا ثم قال بجدية: وبما أننا خلصنا الحصة بدري ممكن اللي عنده اي سؤال في أي جزئية من اللي درسناه يتفضل يسأل
جلس زكريا على مكتبه وهو يستقبل بعض الأسئلة من الطالبات أمامه غير غافلا عن اسراء التي كانت تحاول بأقصى جهدها أن تختفي عن أنظاره...

نظر زكريا في الوجوه أمامه وهو يقول: ها حد تاني عنده سؤال؟
صمت عم المكان ليتنهد زكريا وهو يعود بظهره للخلف ثم قال وهو يدعي التفكير:
طب ايه رأيكم نستغل الوقت الفاضي ده ونتكلم شوية اعتبروني اخوكم
صمت وهو ينظر في الوجوه وقد انتبهت له جميع الفتيات ليقول ببسمة لهن:
عايز اعرف كل واحدة حلمها ايه؟

سؤال بسيط افتتح به زكريا الحوار بينه وبين طالباته، لتبدأ كل واحدة في رفع يدها والتحدث بحماس شديد عن حلمها ليبتسم لهن زكريا وهو يشاركهن الحديث بلهفة توازي لهفتهن ثم وفجأة تحدث:
انسة اسراء؟
انتفضت اسراء بفزع بعدما كانت تحاول الاختباء خلف صديقاتها وهي تستمع لاسمها من المعلم لتقف وهي تبتلع ريقه تكاد تبكي تتخيل ابشع السيناريوهات وهو يخرج رسالتها ويقوم بفضحها على مرأى ومسمع من الجميع...
نعم يا استاذ.

ابتسم زكريا بسمة صغيرة وهو يتحدث بنبرة عادية وكأن لا شيء حدث: مقولتيش ايه هو حلمك؟
ها؟ حلمي؟
هز زكريا رأسه بنعم وهو ينتظر اجابتها لتتحدث هي بتوتر شديد لا تفهم ما يحدث ولما لم يتحدث في أمر الرسالة:
عايزة ابقى، هو يعني نفسي لما اكبر ابقى زي اختي
اختك؟ وهي اختك بتشتغل ايه؟
ابتسمت اسراء بتوتر وهي تقول: ممرضة
ابتسم لها زكريا بتشجيع: حلو ممرضة مهنة جميلة جدا ونافعة، اتفضلي اقعدي.

جلست اسراء وهي تتنفس الصعداء ليبدأ زكريا في التحدث عما يريده بطريقة غير مباشرة:
كل احلامك جميلة جدا باذن الله تحققوها، بس متنسوش وانتم في طريق تحقيق حلمكم انكم تحطوا ربنا قدام عينكم دائما، بلاش خلال الطريق ده تقفوا في محطة غلط او تتعلقوا بشخص غلط، وقصدي هنا بالشخص هو شخص من الجنس الآخر
صمت ينظر للوجوه أمامه يحاول معرفة إذا كان مقصده قد وصل اليهن ام لا ليكمل حديثه:.

بنات كتير اوي ممكن أثناء رحلة تعليمها أو عملها أو حياتها عامة تتعلق بشخص وتقعد تبني أحلامها عليها وبمجرد رحيل الشخص ده بتدمر أحلامها عشان كده اللي قصدي عليه أن أحلامكم تتبني عليكم انتم مش على حد تاني واحذروا الفتن اللي منتشرة حاليا.

صمت ثم قال وهو يستمع لحرس انتهاء اليوم الدراسة: نصيحتي ليكم هي انكم تحطوا ربكم دائما قدام عينكم واتقوا الله دائما في كل تصرفاتكم وبلاش تمشوا ورا أي ذنب لمجرد أن عدد مرتكبيه كبير وبقى في عيون الكل عادي، و بلاش ترخصوا قلوبكم لأنها غالية، غالية جدا
أنهى حديثه وهو يتجه للخارج سريعا يتنفس براحة وقد رأى صدى رسالته على وجه اسراء. توقف فجأة وهو يسمع صوتها وهي تناديه وكأنها خرجت من أفكاره لتتمثل أمامه...

توقفت اسراء امام زكريا وهي تخفض رأسها للاسفل بخجل شديد تبكي: استاذ انا اسفة والله مش،
على ايه يا آنسة اسراء محصلش حاجة، اهم حاجة دلوقتي اجتهدي عشان تكوني اضطر ممرضة اتفقنا
رفعت اسراء نظرها لزكريا بامتنان شديد وهي تهز رأسها بنعم ليبتسم لها زكريا ثم رحل ينظر في ساعته وبعدها أخرج هاتفه ليجد اتصالات عديدة من هادي ورشدي وقد نسي أنه وضع هاتفه في وضع الصامت...

الو يا رشدي، انا جاي في الطريق اهو، اجهزوا انتم بس، نص ساعة واكون عندكم
خرجت فاطمة من الغرفة الخاصة بها في فزع شديد وهي تستمع لصوت الطرق العنيف على الباب...
كانت تعدل من وضع الحجاب على رأسها وهي تضع قطعة بسكوت اي فمها تتحدث بصعوبة بسببها:
طيب جاية، قولت جاية
فتحت الباب بحنق شديد وهي تصرخ في الطارق: فيه ايه قولت جااااا، زكريا؟ بتعمل ايه هنا؟

ابتسم زكريا وهو يكسر قطعة البسكوت التي تتناولها ليأخذ قطعة منها وهو يتناولها غامزا:
ما هذا، بسكوت يأكل بسكوت؟
ضحكت فاطمة على حديثه وهي تمضغ القطعة التي تبقت في فمها تقول بخجل:
لسه جاي ولا ايه؟
هز زكريا رأسه وهو ينظر داخل المنزل متساءلا عن والدتها لتقول هي أنها خرجت منذ قليل للسوق...
ابتسم لها زكريا ثم سحبها خارج الشقة وهو يغلق الباب قائلا
حسنا تعالي معي.

نظرت فاطمة بيده التي تجذبها بتعجب شديد: اجي فين؟ طب اصبر طيب اغير العباية دي اصبر بس
لم يعطها زكريا الفرصة لقول كلمة وهو يجذبها خارج البناية متجها للبناية الخاصة به بلهفة وحماس شديد ثم أخذ يركض بها على الدرج تحت صرخاتها المتعجبة من تصرفاته وهو الرزين الهادئ...

أخذ زكريا يطرق الباب بعنف وهو ينظر لها ببسمة غريبة لم تفهم لها معنى، لكن فجأة فُتح الباب بواسطة وداد التي ابتسمت لهما غامزة لزكريا الذي قبلها بحب شديد وهو يهمس لها بشكرا، ثم تحرك صوب البهو وخلفه وداد وفاطمة التي كانت تشعر بالغرابة، لكن كل ذلك تلاشى بمجرد ما دخلت البهو لتجد المكان كله مزين بشكل جميل والجميع يقف به ينتظرونها وهم يطلقون في وجهها قصاصات ملونة جميلة وهم يصرخون في صوت واحد والبسمات تعلو الوجوه كلها:.

مفاجأة
صدمت فاطمة وهي تنظر للوجوه حولها فالجميع بلا استثناء كان هنا والدتها وعائلة كلا من زكريا ورشدي وهادي وحتى ماسة وفرج وجمال رفيق الشباب وايضا ام اشرف التي تعرفت عليها سابقا وشاب اخر يقف جوارها يحجز بينها وبين فرج خمنت أنه اشرف.
سقطت دموع فاطمة بعدم فهم وهي تنظر للجميع الذين كانوا يبتسمون لها باتساع لتنفجر فجأة في البكاء بتأثر مما فعلوه لها...
اتجه زكريا صوبها بسرعة وهو يضمها لاحضانه بحب كبير...

ليه كده يا فاطمة المفاجأة معجبتكيش؟
بكت فاطمة أكثر وهي تمسح وجهها في ثيابه ليبتسم بحنان: لا لا دي جميلة اوي اوي
وأنتِ بتعيطي عشان جميلة اوي اوي؟
بكت فاطمة وهي تهز رأسها بنعم ليضحك زكريا وهو يبعدها عنه قائلا بصوت عالي:
طب يا جماعة الغوا الحوار عشان فاطمة بتعيط خلاص مش هنكمل المفاجأة
انتفضت فاطمة بسرعة وهي تصرخ بهم: لا لا محدش يعمل حاجة.

انفجر زكريا يضحك عليها وعلى ملامح الرعب التي تلبستها عندما تحدث لتضربه هي بخفة في صدره ثم نظرت للجميع وهي ترى أمامها عائلة كبيرة كانت جوارها دائما ولم تبخل يوما عليها بشيء لتمسح دموعها وهي تقول بصوت متأثر:
انا بحبكم كلكم اوي اوي
البنات بس
قال زكريا وهو ينظر للجميع بتحذير لتهز فاطمة رأسها بنعم وهي تضحك:
ايوة البنات بس والشباب شكرا ليكم
لا متشكريش حد برضو انا اللي عملت كل ده لوحدي.

خرج صوت مستنكر من حنجرة جمال وهو يصيح به ملقيا ما بيده ارضا: نعم يا خويا ده انتم كنتم معلقيني فوق عشان الزق الزينة لما ضهري انكسر
تحدث هادي بحنق شديد وهو يمسح أصابعه من الحلوى متحدثا وفمه ممتلئ بقطعة جاتوه:
وانا فضلت ساعة متذنب في محل الحلويات عشان الاقي تورتة تليق بجنابك
وفي الاخر أكلتها لوحدك
ابتسم هادي بغباء وهو يقول: ايوة ما انا هبطت من كتر الوقفة.

نظر زكريا لرشدي وهو يقول سخرية: وانت مش هتذلني بحاجة؟
هز رشدي رأسه بلا وهو يجيبه ببسمة: لا انا كنت بشرف بس على التجهيزات معملتش حاجة اساسا
ضحك زكريا وهو يتجه لهم ثم ضمهم جميعا سويا كأب يعانق صغاره قائلا بمشاكسة:
يا ختي على الحلوين يا ختي
ضحك جمال بعنف وهو يبادله العناق: تستحق السعادة كلها يا زكريا ربنا يسعد قلبك دايما
ابتسم له زكريا وهو يهمس بالشكر ثم ضم رفاقه بقوة وهو يمطرهم بوابل من الشكر...

ركضت جميع النساء صوب فاطمة معانقين إياها وخاصة وداد التي كانت تضمها بحنان شديد مربته على رأسها وهي تتذكر ما قصه عليهم زكريا البارحة وقد أخبرهم كل ما حدث مع تلك الصغيرة المسكينة...
علت الضحكات في المكان بين الجميع وايضا الصرخات السعيدة علت المكان ليقطع كل ذلك صوت عالي جذب انتباه الجميع والذي لم يكن صادرا سوى من فرج الذي كان يقف على أحد المقاعد وهو يهتف بساعة كبيرة:.

وبالمناسبة السعيدة دي حبيت أبلغكم الخبر السعيد اللي كل الحارة كانت مستنياه،
صمت قليلا ثم نظر لام اشرف وأشرف الحانق وهو يقول بصراخ سعيد: اشرف وافق على جوازي انا وامه
اغتاظ اشرف من حديثه وهو يتحدث لوالدته بغضب: شوفي برضو بيقول ايه طب والله لا،
قاطع حديثه صراخ هادي الصاخب وهو يركض لفرج حاملا إياه على كتفه بفرحة وجميع الشباب حوله يهللون له وكأن فريقهم المفضل قد نال للتو كأس العالم...

ضحكت فاطمة بشدة لما ترى لتشعر فجأة بأحد يسحبها لإحدى الغرف، لكنها لم تفزع أو تخاف فهي تعلم جيدا من فعل ذلك لتبتسم باتساع وهي ترى زكريا يرمقها ببسمة واسعة هامسا لها:
اذا سيدتي ألا اجد بسمة تكافأني على ما فعلت؟
ابتسمت فاطمة وهي تلقي بنفسها بين أحضانه تهتف بعشق: وفي وقت ألمي الذي لا أعرف مصدره قد يكون صدرك هو ملجأي
إذا أما حان الوقت لتدفئِ ملجأك وتسكنيه؟

ابتسمت له فاطمة باتساع ليكمل هو حديثه: اعتقد أنه حان الوقت لتصبحي اجمل عروس.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة