قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية شهد الحياة للكاتبة زينب محمد الفصل العشرون

رواية شهد الحياة للكاتبة زينب محمد الفصل العشرون

رواية شهد الحياة للكاتبة زينب محمد الفصل العشرون

في عيادة الطبيبة النفسية...
ابتسمت الطبيبة بود: ها بقا قوليلي انهاردا عاوزة تتكلمي
عن ايه...
ليلى بحزن: من يومين شوفت شهد واتخانقت معاها، انا مش عارفة صح ولا غلط...
قاطعتها الطبيية بعملية: اولا بس عرفيني مين هي شهد؟!؟

ليلى: شهد دي صاحبة عمري متربين مع بعض انا اكبر منها بسنة، طول عمرها صاحبتي الجدعة عمرها ما قالت لأ على حاجة، عمرها ماعملت فيا حاجة وحشة ابدا، اسراري كلها معاها وهي بردوا، بس خانتني وفضحتني انا مش عارفة هي ليه عملت كدا.
الدكتورة هدى: وفضحتك ازاي؟!

ليلى بدموع: يوم الحادثة بابا قلق عليا لان تليفوني كان مقفول كلمها بليل الساعة ٣ وهي جتلي المستشفى ويومها حلفتها ما تقول لحد هي كانت عاوزة تبلغ وانا اصريت اني اروح ولما روحنا قولتلها متقوليش لحد، وهي وعدتني بس خلفت وعدها، تاني يوم جه زكريا يضربني وموتني ضرب وقالي ان شهد هي اللي فضحتني بابا مات بسببها، انا مكرهتش في حياتي قدها هي السبب.
هتفت هدى بتعجب: ومكرهتيش اللي اغتصبك.

رفعت بصرها ترمقها بعدم فهم: قصدك ايه؟!
تنهدت الطبيبة قائلة بحزم: بصي ياليلى انا طول الجلسات اللي فاتت انتي بتتكلمي وانا بسمع بس مهمة الطبيب النفسي انه يعالج ويدي حلول او يصلح اخطاء المريض عاملها او هايعملها، انتي ليه لغاية دلوقتي مبلغتيش عن الحيوان دا والمفروض انه يتقبض عليه ليه سكتي، ليه اصلا سميتها فضيحة.
ليلي: عشان، عشا...

قاطعتها هدى بهدوء: خليني اكمل واسميحلي ان اكون حازمة بعض الشيء والومك على قرارات وحاجات اخدتيها في حياتك انا حقيقي متعجبة لكدا، اولا انتي السبب في كل دا انتي اللي فضحتي نفسك لما اختارتي انك تسمي حادثة الاغتصاب فضيحة، انتي لو كنتي فكرتي شوية بس كنتي بلغتي واخدتي حقك من الحيوان دا واتسجن وخلتيه عبرة لكل واحد فكر انه يعمل كدا في واحدة، كنتي بقيتي في نظر الكل المجني عليها ودا فعلا انتي مجني عليها بس بعملتك او بتفكيرك دا حطيتي نفسك في خانة مع الجاني زيك زيه، لانك سكتي وخبيتي الموضوع مين هايصدق انك على حق كلهم هايقولوا اه تلاقيها كانت مبسوطة وبرضاها، انا حقيقي مستغربة ازاي بنت زيك تبقا في سن النضج دا وتختار تسكت امال القانون دا عملوه ليه مش علشان يجبلك حقك، احنا ممكن نقول لو مع ان لو دي اكبر حاجة غلط الانسان ممكن يقولها، بس هاقولها علشان بعد كدا تفكري بعقل سليم، لو قولنا ان لو بلغتي ووالدك عرف باللي حصل كان هايقف زي الجبل يدافع عنك وياخد حقك بس باللي انتي عملتيه وسكوتك سببله حالة صدمة وعلشان كدا مات وطبعا الاعمار بيد الله ودا أجله ونصيبه وكمان يمكن خطيبك مش ضربك ولا عمل فيكي كل دا يمكن يختار انه يحترمك ويبعد بهدوء ومن غير مشاكل، لكن بسكوتك خلاه في حالة من التكهنات، انتي ببساطة بتعلقي اخطائك على شماعة الاخرين.

ليلى بضيق: انتي بتتهميني اني السبب في دا كله وهي اللي فضحتني شهد هي السبب...

هدى بجدية: جينا لنقطة شهد ودي اهم نقطة، انتي شايفة انك اتظلمتي صح طب مانتي بتظلميها زي مانتي اتظلمتي يعني انتي بقيتي ظالمة، انا لما سألتك مين شهد في بداية كلامك قولتي جدعة متربين مع بعض عمرك ما شوفتي منها حاجة وحشة صعب جدا يا ليلى ان حد بالاخلاق دي وعشرتيه طول السنين دي ويجي يعمل كدا، طب هاسالك سؤال هي اعترفت بدا حسيتي انها كدابة مثلا وهي بتقولك لا مقولتش...

صمتت ليلى قليلا، وهزت راسها بنفي: لا كانت بدافع عن نفسها جدا وبتحلف انها مقالتش.
هدى بعتاب: طب انتي ليه موقفتيش وعاتبيتها وفهمتي منها، ليه اختارتي الحكم انهم قالوا هي قولتي اه يبقا هي اللي قالت وفضحتني.
هتفت ليلى باندفاع: لا ثواني ماهي الوحيدة اللي عارفة، امال مين قالهم ان حصلي كدا.

هدى: ممكن تكون مثلا واحدة في المستشفي كانت معاكي حبت تتطمن عليكي جت وسالت عليكي وحكت اللي حصلك وقالت كان معاها واحدة اسمها شهد، بصي يا ليلى انا لو قعدت اتخيل مين اللي قاال غير شهد على استعداد اطلعلك مية سيناريو واحكهولك، وفي كل سيناريو انتي هاتصدقي، ليه معطتيش نفسك فرصه تسمعيها ليه مصرة تظلمي زي ما اتظلمتي؟!، ليه بتهربي من مشاكلك، ليه مبتحكميش عقلك، ليه بتمشي ورا عواطفك.

هتفت ليلي بانكسار: كلكوا جايين عليا، انتي كمان بتغلطيني زي كريم، محدش حاسس بيا.

هدى بهدوء: بصي يا ليلى محدش جاي عليكي بالعكس احنا بنحاول نطلعك من الجو اللي انتي معيشة نفسك فيه، انتي ممكن تبقي اقوى من كدا، انتي مش لوحدك دكتور كريم معاكي ودا المفروض انه يبقا مصدر قوتك وامانك انتي ربنا بيحبك علشان كدا في حد وقف جنبك واللي شايفة انه مستعد يحارب علشانك، ليه بقا دور المنكسرة والمغلوبة على امرها، لما ممكن تقفي وبعلو صوتك تقولي انا اتظلمت انا المجني عليها انا وانا وانا، ليه عايشة في الظلام، والمفروض ان كريم هو النور اللي هاتكملي بيه...

ابتسمت ليلى بسخرية وهي تهتف ببكاء: اهو كريم دا بالذات هو اللي مخليني عايشة في الظلام، اهو كريم انا الي بحارب علشان افضل جنبه، اهو اللي مفروض يكون مصدر قوتي هو مصدر ضعفي وقلة حيلتي.
قطبت مابيين حاجبيها تهتف باهتمام: ليه كدا؟!

ليلى: ام زكريا خطيبي اللي كنت قولتلك انها طردتني من البيت وبتكرهني لقيتها جايلي على البيت وبتطلب مني ١٠٠٠٠ الاف جنيه تمن سكوتها على الحادثة بتاعتي ومتقولش لابو كريم على اللي حصلي وتسكت ومتفضحنيش.
تسألت الطبيبة بحذر: وانتي هاتعملي ايه هاتديها الفلوس.
أومأت ليلى: اه طبعا هاديها انا مش هاستحمل عمو جمال يبصلي بصة مش كويسة، كفاية دا الحاجة الوحيدة الحلوة اللي بتعوضني عن ابويا.
هدى: وكريم عارف؟!

هزت راسها بنفي واردفت ببكاء: لا كدبت عليه هي هددتني لو قولتله وعمل فيها حاجة هاتبعت حد تاني يقول، انا كدبت عليه وخلاص، هي اخر فلوس ممكن تطلبها مني وتبعد عني.
هدى: هو انتي فاكرة ان دي اخر فلوس هتطلبها بالعكس دي مش هاتسيبك اوعي تسيبها تبتزك اوعي هاتبقي بتغلطي غلطة فوق غلطاتك اللي مبتنتهيش.
ليلي بإصرار: لا انا هاديها الفلوس وهاتفق معاها ان دي اخر فلوس وتبعد عني.

زمت الطبيبة شفتيها بضيق: كدا غلط يا ليلى صدقيني، شوفتي نتيجة تفكيرك وصلك لايه، وصلك ان واحدة تبتزك، قولي لكريم وواجههي مشاكلك ومتخافيش، ووالد دكتور كريم راجل بيفهم وهايفهم مدى اللي انتي اتعرضتيله.
هزت راسها برفض وهي تهتف: لا يا دكتورة انا قررت هاعطيها الفلوس وهاتفق معاها ولا كريم ولا ابوه هايعرف حاجة.
ثم استطردت وهي ترمقها برجاء: ارجوك دا سر ما بينا اوعي تقولي لكريم.

هدي بضيق: كل كلمة بتقوليها هنا في المكتب دا مبتطلعش برا، بس رجاء مني انا شخصيا ياريت تفكري وبلاش تعطيها الفلوس واجهي مشاكلك بقوة وبلاش ضعف، صدقيني هترتاحي اكتر.
ليلى بضعف وقلة حيلة: ان شاء الله، عن اذنك.
تركت ليلى غرفة الطبيبة والحزن يسيطر على قسمات وجهها، عبثت في هاتفها ثم اجرت اتصالا بكريم:
الو.
كريم: ايه يا ليلتي، خلصتي الجلسة.

ليلى بصوت حزين: اه، وهاروح اقابل جارتي اللي قولتلك عليها هاديها الفلوس واروح.
سألها كريم بقلق: في ايه صوتك ماله!
ليلى: مفيش بس حاسة اني تعبانة علشان اتكلمت في حاجات مكنتش عاوزة اتكلم فيها.
هتف كريم بلطف: معلش يا قلبي هاتهدي كمان شوية وان شاء الله قريب هاتتحسني.
ليلى: ان شاء الله، سلام.

بالمصنع...
هتفت شهد بضيق: يا رامي مش قولتلك متبقااش تجبني هنا المكتب، يقولوا عليا ايه؟!
هتف رامي بالامبالاة: يقولوا اللي يقولوه، وبعدين متنسنيش انا كنت عاوز اقولك ايه.
شهد: قول عاوز ايه؟!
رامي بشرود: انتي حلوة اوي وانتي لابسة كدا.
اتسعت عيناها بصدمة وهتفت: ها؟!

تنحنح رامي بإحراج ثم هتف: انا هاروح اجيب شوية حاجات للمصنع خليكي في المصنع حتى لو اتأخرت واياكي تخرجي وتروحي في حتة، ومالكيش دعوة بحد ماشي.
هتفت بتهكم: طب ماتقولي اقعدي وربعي ايدك بالمرة وحطي لزقه على بوقك..
زفر بحنق وهو يقول: استغفر الله، هو انتي متعرفيش تقولي حاضر، في ايه ياشهد عشرة بيتكلموا معاكي.
شهد: اصل انت بتقول كلام مش منطقي خالص والله.

رامي: والله انتي اللي مش منطقية اصلا، انا هاروح مش هتأخر.
شهد: حاضر.
اقترب منها ثم مد يديه يمسك بوجهها ويهتف بحنان: خلي بالك من نفسك لغاية ما ارجعالك، لو حسيتي ان الشغل كتير عليكي اقعدي ومتخافيش من حد.
رفعت بصرها وهي تبتسم: هو انت اصلا بيخلهم يدوني شغل، كل ما اقولهم عاوزة اشتغل بجد يقولولي مستر رامي أمر ان شغلك بسيط.

رامي بنبرة حنونة للغاية: اه طبعا انا مش جايبك تشتغلي وتتعبي في نفسك، انا جايبك تتسلى مش اكتر، المهم علشان متعطلنيش اهتمي بنفسك وخلي بالك منها.
هتفت بمزاح: هي مين دي؟!
هتف وهو يطبع قبلة رقيقة على احدى وجنيتها: نفسك...
تركها وخرج من الحجرة، حدقت في اثره وهي تهتف بتنهيدة قوية وابتسامة عريضة تزين وجهها: انا شكلي حبيتك ولا ايه، ربنا يستر وقلبي مش يوجعني.

باحد البنوك المصرية..
هتفت سميحة بارتباك: يعني يا انسة الفلوس دي بقت بتاعتي وفي حسابي والرقم معايا صح.
هتفت الموظفة بعملية: ايوة يا فندم زي مافهمت حضرتك الخطوات بالظبط.
أومأت سميحة مع ابتسامة بسيطة ثم خرجت من البنك، وقفت على اعتابه وهي تهتف بارتياح: الحمد لله كدا اول خطوة صح، عقبال الباقي سلمى تتطلق واخد شهد من عند صفاء ونروح في حتة محدش يعرفنا فيها ويرجعوا بناتي لحضني، وابقا كدا انتقمت من حسني.

وصلت مديحة للعنوان المنشود، رأت ليلى تقدم عليها بثياب مرتبة وجميلة التوى فمها بسخرية: بنت عم احمد بقت بنت ذوات انتي وقعتي عليا من السما.

وقفت ليلى امامها وهي تنظر لها بازدراء ثم اخرجت المال من حقيبتها واعطتهم لمديحة التي تناولته منها بفرحة فهتفت ليلى بتحذير ولهجة حاسمة: بصي علشان اقولك بس دي اخر فلوس ممكن اديهالك علشان بس متفكريش كل شوية تتصلي عليا، وتقوليلي عاوزة فلوس انا مش هاديلك ولا مليم زيادة.

رفعت حاجبيها ببرود وهي تقول: طب اهدي على نفسك ياختي، جاية محموقة كدا ليه، ولا تكونشي البت شهد هي اللي قالتلك تقولي كدا مانتوا الاتنين مكروشين من الحارة ومفضحوين زي بعض وتلاقيها هاتموت مني.
قطبت مابين حاجبيها وهي تقول: شهد اطردت ليه ومين طردها؟!.
شهقت مديحة بصدمة: هو انتي متعرفيش انها مشيت في نفس اليوم اللي انتي مشيتي فيه، يعيني جوز امها طردها ومشيت.
ليلى: وهو طردها ليه؟، وهي مالها بالموضوع؟.

قهقهت مديحة بشر: اصل اتقال عليها نفس الكلام اللي قالوه عليكي واللي انا لامؤاخذة مطلعاه عليكوا انتوا الاتنين.
هتفت بتلعثم: انتي!، قولتي ايه؟!..
اقتربت مديحة وهتفت بصوت كفيفح الافعى: قولت اللي انتوا تستحقوه لما الواد عبدو وحسين طلعوا يصحوا زكريا الفجر ويقولوله على اللي حصلك، ولاجل الحظ انا اللي فتحت الباب وقابلتهم...
(فلاش باااك).

قطبت ما بين حاجبيها وهي تهتف بصوت ناعس: في ايه ياواد ياحسين انت وعبدو بتخبطوا كدا ليه؟!، في مصيبة ولا ايه؟!
أومئ حسين وهو يقول بمكر: اه مصيبة ومش اي مصيبة لامؤاخذة، امال استاذ زكريا فين؟!.
هتفت بحدة: نايم، واخلص قول اللي عندك اصل والله اقفل الباب في وشك.

عبدو: هاقولك انا يام زكريا انا شفت البت شهد نازلة من بيتهم بتتسحب استغربت اوي مشيت وراها من غير ما تاخد بالها ولقيتها رايحة المستشفى لليلى خطيبة ابنك كنت هامشي بس رجعت ودخلت وراها ولقيتها بتكلم واحد وبتعيط، وقفت ممرضة زميلة ليلى وحكتلي على كل حاجة بس ايه بعد ما لهفت مني ٥٠ جنيه.
ضيقت عينيها بتركيز وهي تهتف بفضول: وايه اللي حصل يا واد؟!

استطرد عبدو حديثه باندفاع: عرفت ان فيه واحد اغتصبها ولقوها مرمية في الشارع.
شهقت مديحة بصدمة: يالهوي اغتصاب.
أومئ عبدو مؤكدا: اه والله يام زكريا، احنا كنا جايين نقول لزكريا.
خطرت على ذهنها فكرة شيطانية فهتف بخبث: بصوا بقا انا هاقولكوا تعملوا ايه ولو نفذتوه وعملتوا الي انا عاوزاه صدقوني هتاكلوا الشهد من ورايا...
هتف حسين باندفاع: قولي يام زكريا احنا تحت امرك...
( باااااااااااااك ).

مديحة بازدراء: وبس ياختي قولتلهم يطلعوا عليكي لامؤاخذة سمعة بطالة انتي والمجبورة شهد وانتي اهو اطردتي وهي بردوا، وانتقمت منكوا، عن اذنك ياحبيبتي ضيعتلي وقتي.
تركتها مديحة تحت تأثير الصدمة، ظلمت شهد وظلمت نفسها قبل اي شخص، زاغ بصرها وقل نفسها تدريجيا، اين كريم؟!، هي الان تحتاج لحضن كريم، وهمسااته اللطيفة التي تهدئ من روعها، صدقت الطبيبة كريم يتلخص في كلمة وهي الامان، اين الامان هي تشتاق اليه...

بالمول...
هتف رامي بحنق: لا انت تخلص شوف تجبلها هدية ايه؟! انا مقرر من زمان.
حمزة: انت هاتجيب ايه يا بابا؟!.
رامي: هاجبلها سلسلة دهب عليها اسمها وانت عاوز ايه نجيبه؟!
حمزة: انا سالت مريم صاحبتي وقالتلي ان اختها اسمها شهد وبتحب القطط اوي وكل اللي اسمهم شهد بيموتوا في القطط.
رامي: ايوا بقا ايه علاقة اخت صاحبتك بشهد، مش فاهم.
حمزة: يابابا انت مش فهمت منا كدا هاشتري لشهد قطة.
رامي: لعبة ولا حقيقة.

حمزة: حقيقة طبعا.
رامي: انت متاكد انها هاتعجبها.
أومئ حمزة بسعادة: اه طبعا...
تنهد قويا وهو يهتف: طيب يلا نلحق ونشتري، علشان متأخرش على شهد.

بالعيادة...
دخلت بأعين حمراء ووجه حزين تسأل عن امانها(كريم)، لم تعطي للممرضة فرصة باعطاؤه خبر وجودها، اندفعت صوب الغرفة تبكي، رفع كريم بصره رأها على ذلك الحال خفق قلبه بشدة، انتفض من مكانه بسرعة يتفحصها جيدا وهو يهتف:
مالك فيكي ايه، حد عمل فيكي حاجة..
هتفت بصوت مبحوح ونبرة بكاء كالاطفال: احضني ياكريم، احضني اوي، انا حاسة قلبي هايقف..

عانقها بسرعة، مدت يديها الصغرتين تبادله عناقه وتضمه لها بقوة وتدفن وجهها في عنقه وبكائها لم يهدأ للحظة، التزم الصمت وظل يمسد بيده على انحاء جسدها رأسها ظهرها، حتى هدأت شهقاتها وبكائها واستكانت في حضنه ابتعد عنها ثم هتف:
ممكن افهم في ايه، مين زعلك لدرجاتي.
قالت ليلى بصوت مبحوح: عرفت ان شهد مظلومة، عرفت ان طلعت ظالمة، كلامكوا صح، انا مرحمتهاش زي ما الناس مش رحموني.

كريم بحنو: وانتي ايه عرفك؟!، شوفتيها؟!
هزت رأسها بنفي وهي تهتف: لأ مشوفتهاش بس حد قالي وحكالي اني ظلمتها وان ام زكريا اللي كنت مخطبالو هي اللي خططت لدا كله، وفضحتنا وهي كمان اطردت زي.
كريم: اه يعني الست جارتك اللي اخدت الفلوس هي اللي حكتلك.

أومأت برأسها واستمرت عيناها تفيض بالدموع على قسوتها مع صديقتها، ، بينما هتف كريم بصوت حنون وبلطف: طب اهدي ياحبيبتي، كل حاجة وليها حلها، وان شاءالله تسامحك وتعديها.
ابتسمت بتهكم وهي تهتف: انا متاكدة انها هتسامحني وبسرعة كمان، بس هل انا هاسامح نفسي، هل انا ياكريم هاقدر اتعامل معاها عادي من غير ما ابص في عينها واحس ان كنت ظالمة وبظلمها معايا...

كريم: الانسان بيغلط يا ليلى، ومفيش حد كامل الكامل لله وحده، ولازم لما نغلط نعترف ونعتذر وبدام اللي قدامنا هايسامحنا بسهولة يبقا نحمد ربنا ونشكره، عذاب ضميرك هايفضل موجود بس صدقيني هايقل مع مرور الزمن.
عانقته مرة اخرى وهي تقول: انا بقيت حاسة اني عايشة في دوامة وعمري ما هاطلع منها تاني.

ربت كريم على رأسها هاتفا بحنان: هاتطلعي والله يا قلبي، طول مانا معاكي هاتطلعي، انا سندك وضهرك وقوتك انا معاكي في اي حاجة.
زدات من احتضانها له وهي تهتف بنبرة صادقة نابعة من اعماق قلبها: ربنا يخليك ليا ياكريم، ومتحرمش من وجودك.

بالمصنع...
هتفت مدام سهير بصرامة: شيماء انا بقولك اهو لو مبطلتيش كلام على شهد هابلغ مستر رامي ياخد موقف منك، احنا جايين هنا للشغل وبس مالكيش دعوة بحد.
هتفت شيماء ذات الشعر القصير المجعد والعيون السوداء والبشرة القمحية: الله هو انا قولت ايه غير انها مبتشوفش شغلها وقاعدة ليل نهار مرتاحة ومرة تتكلم مع مدير مصنع ومرة تتكلم مع مدير الحسابات، وكدا بصراحة ميرضيش ربنا.

سهير: مالكيش دعوة بردوا، وخلي في بالك مستر رامي لو وصله كلامك هايعاقبك جامد، اقعدي احسن وشوفي شغلك وبلاش قطع ارزاق.
رفعت حاجبيها ببرود وهي تهتف: ماشي يا ابلة، اما نشوف اخرتها مع ست الحسن...

اصطبغت وجنيتها باللون الاحمر لشدة احراجها من كلامه المعسول: متشكرة جدا يا استاذ سامي، دا من زوقك والله.
ابتسم سامي بمكر: والله مش كلام انا مبحبش اجامل ابدا يا شهد، متعود لما اشوف حاجة جميلة اقول عليها جميلة على طول، وانتي بصراحة انهاردا جميلة جدا.
ثم تابع: هو رامي اللي منقيلك اللبس دا صح.
نظرت لنفسها بتعجب هامسة لنفسها: هو مكتوب عليه رامي اللي جبهولي ولا ايه.

حولت بصرها اليه تساله: هو رامي قالك انه اشترالي لبس.
سامي: لا مقاليش ولا حاجة بس انا فهمت اصل دا زوق رامي في اللبس لازم البنت تلبس واسع بيغير هو اصله حبتين.
هتفت بعدم فهم: بيغير!
هز رأسه وهو يهتف بنبرة خبيثة: اه مش انتوا بتحبوا بعض متهايلي!
هتفت سريعا باندفاع: لا لا لا منبحبش بعض انا ورامي اخوات.
زفر براحة ثم اتسعت ابتساماته: طمنتي قلبي انا كنت خايف يكون مابينكوا حاجة.

قطبت مابين حاجبيها باستفهام: وانت خايف يكون مابينا حاجة ليه؟!
سامي بمكر: اصل كنت خايف تحبيه مثلا وتفهمي معاملته معاكي انه بيحبك رامي طيب وطبعه شديد وبيغير حبتين على اهل بيته يعني كان كدا برضوا بيلبس ميمي اخته واسع وبيغير عليها بس هو لا حب ولا هايحب زي اميرة دي بينهم قصة حب قوية جدا.

ابتعلت ريقها وهي تهتف بارتباك: وانت حضرتك بتقولي الكلام دا ليه مش فاهمة يحبها ميحبهاش شئ ميخصنيش رامي اخويا وانا اخته، وعلى العموم عن اذنك وقفتي معاك ملهاش لزمة.
تركته بقلب مشتعل أيعقل كل هذه المعاملة لم تكن حب، ولما لا سامي اقرب شخص لرامي وبالتأكيد يعرف شعوره جيدا اتجاهها ولهذا تحدث سامي بناء على ذلك، بينما سامي ابتسم بمكر على دهائه وهتف هامسا لنفسه:.

يا سلام عليك يا واد يا سامي، طب والله مفيش منك اتنين.

وصلت مديحة بعد عناء للعنوان المنشود ثم سالت عن:
لو سمحت ياخويا تعرف واحد اسمه سامح سايبر.
اه بصي اخر الشارع على اليمين هاتلاقي السايبر بتاعه الباب لونه احمر كدا.
أومأت وشكرته وسارت وهي ترتب افكارها جيدا حتى تقدمت من السايبر وهي تطرق الباب، وماهي الا ثواني قليلة حتى فتح لها شاب هزيل البنية وفي يده سيجارة يشربها ببطء، هتفت مديحة: انت استاذ سامح؟!.
هز رأسه وهو يتفحصها وقال: اه انا خير؟!

تصنعت الابتسامة وقالت: كل خير ياخويا، احنا هنتكلم في الشارع.
أومئ لها وهتف بوقاحة: اه لامؤاخذة مينفعش تدخلي جوا في حاجات مش مظبوطة وانتي وليه كبيرة ومينفعش.
لوت فمهما بضيق وهتفت: لا ياخويا ولا داخلة ولا عاملة انا جايلك في حوار وسمعت انك بتركب وشوش ناس على صور وتعملهم لامؤاخذة صور مش مظبوطة فانا كنت عاوزك تركبلي صور كدا.
القى سيجارته ودهس عليها بقدمه وهو يقول: راجل ولا ست.
مديحه: لأ ست.

سامح سايبر بطمع: لا كدا الاتعاب هتختلف، الست ب الف ونص والراجل ب ٨٠٠ جنيه..
شهقت بصدمة: الف ونص علشان تحط صورة على صورة لا كتير نزلهم شوية.
سامح سايبر: انتي عاوزة شغل نضيف ولا لأ، لو نضيف يبقا تدفعي اللي بقول عليه.
زمت شفتيها بضيق وهتفت: طيب قولي اجيب صور ايه.

سامح سايبر بالامبالاة: مش فارقة مطبوعة او صورة تليفون بس اهم حاجة يكون وش الست باينة وواضحة، وتعالي بكرا في نفس المعاد دا وبعدها بيومين تعالي استلمي الصور...
ثم استطرد: اه بكرة نص الفلوس ويوم استلام الصور النص التاني.
أومات برأسها وذهبت وشردت بذهنها كيف تحصل على صور لوجه سلمى دون اثارة الشكوك بها حتى خطرت على بالها فكرة لئيمة ابتسمت بمكر على دهائها وهمست لنفسها:.

يا سلام عليكي يابت يا مديحة، عليكي دماغ انما ايه دهب.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة