قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية شهد الحياة للكاتبة زينب محمد الفصل السادس عشر

رواية شهد الحياة للكاتبة زينب محمد الفصل السادس عشر

رواية شهد الحياة للكاتبة زينب محمد الفصل السادس عشر

نهض سريعا مد يديه ليساعدها في النهوض ولكن رفضت بقوة وازاحت يده بعنف قائلة بغضب: ابعد عني.
هتف سريعا بارتباك: شهد انا والله...
قاطعته بعصبية: انت ايه يا رامي، ايه الي انت هببته دا، ازاي قدرت تعمل كدا.
احتدت عيناه بغضب: وايه اللي انا عملته انت مش مراتي ولا ايه.
هتفت بصراخ: على الورق وبس.

زمجر رامي بحدة: لا انتي مراتي ومش ورق وبس، ويكون في علمك لو مبطلتيش سيرة الطلاق وان حد تاني يتجوزك واقسم بالله هاحبسك في اوضتك مش اخرجك منها انا راجل يا شهد مينفعش تكلميني بالاسلوب دا ابدا.
رمقته بضيق ثم هتفت بسخرية: راجل على نفسك مش عليا، فاهم ولا لأ.
انهت حديثها ثم خرجت من الغرفة مغلقة الباب خلفها بقوة، حدق هو في اثرها ثم غمغم: متخلفة ولسانها اطول منها وعاوز قصه...

ثم وضع يده على شفتيه وقبلها واكمل: بس طعمة طعامة، اه منك ياشهد لخبطتيني.

دلفت الى مرحاض النساء، فتحت الصنبور وغسلت وجهها عدة مرات لعلها تهدأ نفسها وتطفئ سخونة وجهها، نظرت لنفسها في المرآه وجدت شفتيها متورمتين نتيجة لاعصاره بهم وقوة قبلته، وضعت يديها على شفتيها تلقائيا سرت رجفة قوية في جسدها عندما تذكرت قبلته، اتسعت عيناها بصدمة: رامي باسني، يالهوي عليا، باسني بوسة زي الافلام بالظبط، يادي الكسوف هابص في وشه ازاي بعد كدا.

عقدت حاجبيها مردفة بتساؤل: بس ياتري ليه باسني، علشان قولتله هاطلق واتجوز حد تاني، اه تلاقي رجولته نقحت عليه.
ثم هتفت لنفسها مؤنبة: انتي غلطانة بردو يا شهد يعني هو جابلك سندوتشات علشان تفطري وانتي تدبي كلامك الاهبل دا، مهما كان دا جوزك لازم اراعي حتة زي دي ومتكلمش على رجالة تانية
ثم عادت تهتف لنفسها مرة اخرى: اه هو جوزي بس زي اخويا...

زفرت بضيق ثم هتفت لنفسها مرة اخرى: يوووه عليا بكلم نفسي تاني، بس انا لازم اخد منه موقف علشان ميكررهاش تاني، اه انا مش فاتحاها سبيل.

هندمت نفسها مرة اخرى ثم اخذت نفس طويل واخرجته ببطئ خرجت من المرحاض وسارت في طرقة طويلة حتى سمعت صوت يناديها التفت بسرعة رأت شاب طويل وسيم مبتسم لها وكأنه يعرفها من قبل دققت النظر حتى استعادت ذاكرتها انه صديق رامي ولكنها نست اسمه هتفت لنفسها بسرعة: يالهوي اسمه ايه، نسيت.

رأته يتقدم منها ولم تختفي ابتسامته وما ان اقترب حتى مد يده لكي يصافحها، تنحنحت هي بإحراج ثم صافحته بابتسامة بسيطة، هتف هو برزانة: ازيك ياشهد عاملة ايه؟!
حمحمت هي بإحراج لعدم تذكرها اسمه مردفة بابتسامتها ذاتها: الله يسلمك يا استاذ، ، انا اسفة نسيت الاسم عندي مشكلة في الاسماء بنساها بسرعة.

رمقها بحزن مصطنع مردفا: اخص عليك ياشهد نسيتي اسمي وانا اللي كنت فاكر انك عمري ما تنسيني زي مانا منستكيش ابدا، من اللحظة اللي شوفتك فيها وانت على طول على بالي عمرك ماغبتي ابدا واسمك اتحفر جوايا.
اصطبغ وجهها باللون الاحمر ثم هتفت بارتباك: اه، احم شكرا...
ضحك بخفة على ارتباكها ثم هتف: يا ستي انا سامي صاحب رامي.
ثم استطرد بتساؤل: الا قوليلي انت بتعملي ايه هنا؟!

اشتغلت هنا، قصدي يعني اشتغلت في الدور اللي تحت مشرفة جودة.
اجابها مزاحا: وياترى بقى عارفة يعني مشرفة جودة.
هزت رأسها بتأكيد: اه مدام سهير فهمتني شوية في الشغل ولسه هافهم ان شاء الله.

وقفت هايدي في اخر الطرقة تتابعهم من بعيد وبرأسها مئة خطة شيطانية للايقاع بتلك الدخيلة شهد من وجهة نظرها، عزمت على تنفيذ اول خطة، رفعت هاتفها بهدوء ثم التقطت لهم بعض الصور، ابتسمت بمكر ثم هتفت لنفسها: وقعتي تحت ايدي وكويس أوي انك جيتي تشتغلي هنا، كدا اللعب هايبقى حلو أوي.

بمنزل زكريا...
وضعت له الطعام على الطاولة وظلت منتظرة حتى يأمرها بشئ اخر، وضع ملعقة طعام في فمه مردفا بخشونة: امي فين؟!.
ردت هي بوجه شاحب وصوت مجهد: نزلت قالت وراها مشاوير.
رفع بصره اليها يرمقها بتصفح من بداية وجهها الشاحب حتى ثيابها المبتلة رق قلبه وتأثر لمنظرها ثم هتف بضيق: مغيرتيش هدومك ليه؟!
هتفت بتهكم: مقدرش الا لما امك تأمر ان اغيرها.

ترك الملعقة بعنف ثم هتف بصرامة شديدة: لمي نفسك يا سلمى انا عمال اضغط على نفسي علشان مش اقوم واضربك قلمين يظبطوكي.

صمتت وخفضت بصرها ارضا، عاد هو لاكمال طعامه بينما هي شردت في حديث والدتها، ماذا لو نفذته وعاملته معاملة حسنة وزودت جرعة حنانها، هل حقا سوف تكسبه في صفها؟ ام تأثير والدته اقوى ومهما فعلت سوف تظل في ذلك الجحيم؟ ماذا لو كان بالفعل تأثيرها هى اقوى من مديحة واخذته في صفها؟ هى في وضع يستحق التجربة، رفعت بصرها ترمقه وجدته يأكل بوجه عابس، بلعت ريقها بصعوبة ثم جلست على مقربة منه، حول بصره عن الطعام ناظرا لها بقوة حتى هتفت هي بصوت دافئ حنون:.

زكريا ممكن اسالك سؤال؟!
ضيق عينيه بتركيز مردفا: اسالي؟!
ارتبكت قليلا ولكنها شجعت نفسها على الحديث: هو انت عمرك سمعت عني كلمة وحشة قبل كدا، يعني بتاعت ولاد والكلام دا.
ابعد بصره عنها ولم يعطيها رد وتظاهر باكمال طعامه، ولكنها تجرأت ومدت يديها تلمس يديه بخفة، سرت رعشة بجسده ثم التفت اليها بسرعة متحفزا يهتف بخشونة: في ايه ياسلمى، عاوزة ايه مني؟!

هتفت هي بأعين مليئة بالدموع وبصوت مبحوح: والله ما عاوزة حاجه كل اللي انا عاوزاه انك تحكم عقلك انا يا زكريا عمري ما كان ليا في الشمال وطول عمري براعي ربنا في كل حاجة، انا كان ممكن اهرب ومش اتجوزك بس كملت واتجوزتك هل انا هاعمل كدا لو انا بحب واحد، انت اخدت حقوقك كاملة وشوفت انا محافظة على نفسي وشرفي ازاي، مامتك بتكرهني ومبتحبنيش وانت عارف كدا ومتأكد بلاش تقسي قلبك زيها علشان خاطري، احنا خلاص اتكتب علينا نكمل مع بعض، انا تعبت من الشتيمة والتهزيق والضرب وقلة القيمة دي، انا عمري ما حد عاملني كدا، انا مش قد كدا يا زكريا، انا تعبت والله ونفسي ربنا يرحمني بقى من العذاب اللي انا فيه واموت واخلص.

كان حديثها صادقا عفويا نابع من اعماق قلبها، لم تستطيع التحكم في دموعها وهبطت كالشلالات بكت بكاء مرير على حالها، حاولت التحكم في شهاقتها فشلت، رق قلبه لها جذبها لاحضانه مربتا على ظهرها بحنان ثم هتف:
اهدي ياسلمى متعيطيش.
رفعت نفسها ثم هتفت بأعين باكية: ارجوك ارحموني بقىط من العذاب دا، انا اضعف من اني اكمل حياتي كدا.

مسح دموعها مردفا بهدوء: خلاص ياسلمى مش هاعملك حاجة ولا هاخلي امك تعملك حاجة، انا يمكن اتعصبت وصدقتها في كلامها، اصل يعني هي امي هاتكدب ليه وتسوء سمعتك وانتي مراتي.
دفنت وجهها في راحتيها مردفة بصوت مبحوح من كثرة البكاء: والله ماعملت حاجة كل كلامها كدب والله انزل اسال عليا في الحارة.

وقع في حيرة ما بين صدق حديثها الذي لمس قلبه بقوة، وحديث امه تنهد بقلة حيلة قلبه يريدها وعقله يرفضها حسم امره مردفا بخشونة: طب قومي يالا تعالي غيري هدومك المبلولة دي وبعدين نبقا نتكلم كدا هتاخدي برد.

نظرت له تتمعن في معنى حديثه اهو صدقها فعلا، سوف يرحمها من ذلك الجحيم، بدأت بودار حديث والدتها تظهر، الحياه احيانا تحتاج الى مكر ايتها الصغيرة يجب ان تواكبي حياتك و تجعليها تسير كما تردين لا تجعلي نفسك للدنيا تحرككي كما تشاء، يجب من الان ان تعلني الحرب على مديحة مستخدمة كل اسلحتك حتى تفتكي بها...

نهضت معه تسير بخطوات هادئة نحو غرفتها، دلفت وبداخلها خوف كبير ولكنها يجب ان تهزمه الان، خرج صوتها مهزوزا قليلا:
زكريا لو سمحت ممكن تقفل الباب بالمفتاح علشان انا بتكسف لما امك تدخل فاجأة علينا.
ابتسم بسعادة ثم هتف سريعا وهو يتلفت حوله باحثا عن مفتاح الغرفة: اه، اه هاقفل الاوضة هو فين انا عاينه فين.

بالمصنع...

مر هو بين العمال والعاملات يتابع عملهم رأها تقف بعيدا تتابع عملها بتركيز، لاحظت هايدي نظراته المسلطة على شهد عزمت بداخلها على تنفيذ اول خطة، انتظرت حتى انتهى من مروره اليومي والقاء الملاحظات وسارت معه باتجاه مكتبه جلس على كرسيه براحة بعدما رأها تعمل واطمئن قلبه عليها يعلم في قرارة نفسه انها تتجاهله وبالرغم من ذلك لمحها وهي تنظر له بطرف عينيها ابتسم عفويا على فعلتها الطفولية ثم انتبه من شروده على صوت هايدي الحاد:.

رامي لو سمحت ركز معايا شوية.
حمحم هو في حرج مردفا بتساؤل: خير يا هايدي معلش شردت في الشغل شوية.
كنت بقولك عاوزة اقولك على حاجتين مهمين..
قولي مستنية ايه؟!
جلست امامه ثم تكلمت بجدية: أول حاجة انا شوفت بنات هايلين لتصوير الموديلات، واتفقت معاهم على اسعار كويسة مرضية ليهم ولينا في نفس الوقت.
كويس اوي يا هايدي..

ثم تابع حديثه بتحذير: بس خلي بالك الصور تكون محترمة مش عاوز حركات ملهاش لزمة، تتصور وتعرض الموديل كويس وكمان قبل ما يروحوا الطباعة اشوفهم الاول، دي الحاجة الاولى ايه بقى الحاجة التانية...

عبست قليلا مردفة بضيق مصطنع: انا يهمني الشغل وانه يطلع كويس ومبحبش العاملات يتكلموا مع بعضهم ولا الاختلاط كمان، انا عتبي على شهد انهاردة شوفتها واقفه بتتكلم مع سامي وهزار وضحك والعمال بيبصوا عليهم افرض لجنة جت فاجأة من جهاز ادارة المشروعات يقولوا ايه، ولما جيت اكلمها وافهمها انه غلط كدا زعقت وقالتلي مالكيش دعوة.

صمت والصمت كان علامة استفهام لدى هايدي، قطبت بين حاجبيها مردفة بتساؤل: ساكت ليه يا رامي؟!
كان وجه خالي من التعبيرات لم تفهم ماذا يدور بداخله حاولت ان تستشف فشلت، ثم هتف ببرود: لو خلصتي كلامك روحي خلصي شغلك مبقاش كتير على معاد الانصراف.
تملكها الغيظ من بروده: في ايه يا رامي دا رد ترده عليا، انا بكلمك في ايه وانت بتكلمني في ايه.

امسك القلم الموضوع امامه ثم طرق بيه عدة طرقات هادئة على سطح مكتبه: اولا انا اسمي مستر رامي، ثانيا انتي قولتي اللي عندك وانا خلاص سمعت، ثالثا بقى والاهم ياريت ياهايدي تركزي في مجال شغلك وبس.
تقلصت ملامحها بغضب وسيطرت عليها نيران الغيرة مردفة بفظاظة: هو انا ليه كل ما احاول اقرب منك تبعدني وخصوصا من وقت ما ظهرت الست شهد.

اجابها ببرود متناهي: كلمة تانية هانسى انك قريبة سامي، وانا هانسى العشرة لو سمحتي تحافظي على الحدود اللي ما بينا وتقومي تشوفي شغلك حالا.
رمقته بغضب ثم خرجت من الغرفة مغلقة الباب خلفها بقوة، بينما هو زفر بضيق محاولا تهدئة نفسه حتى لايزيد الطين بلة.

بمنزل زكريا...
دخلت مديحة الشقه نظرت بارجائها الاجواء هادئة، الطعام موضوع على الطاولة، رفعت احد حاجبيها مردفة لنفسها: ماشي ياهانم سايبلي الاكل على الترابيزة من غير ما تشليه...
اتجهت صوب باب غرفة زكريا، ثم طرقت بعنف حتى اتاها صوته الغاضب: ايه ياما بتخبطي على ميتين مابراحة...
حاولت فتح الباب ولكنه كان مغلق هتفت بعصبية: انت قافل الباب ليه يا زكريا...

في الداخل همست له سلمى: قولها واحد ومراته نايمين عاوزاة ليه الباب يتفتح.
هتف زكريا بصوت عالي: واحد ومراته نايمين لازم نقفل الباب.
شهقت بسخرية: مراتك!، امال مش مراتك يا حيلتها.
ثم تابعت بمكر: مش مراتك دي اللي كنت بتضربها امبارح علشان كانت ماشية مع واحد.
شعر بالغضب من حديثها واراد ان ينهض ليواجها ولكن يد سلمى منعته مردفة بنفس همسها: بلاش تبوظ اليوم يا زكريا...

ابتسم لها ثم اخذها في احضانه مردفا ببرود: اسمها كنت شاكك ياما، والحمد لله اتاكدت من شرفها، مراتي اشرف واحدة واهو ادينا اتصالحنا والحمد لله.
مديحة وقد تملكها الغيظ: ماشي يا زكريا بكرة لما تاخد على دماغك مترجعش تعيط.
تركتهم ودخلت غرفتها، ظلت تدور حول نفسها بعصبية: ماشي يابنت سميحة اخدتي الواد مني، فاكرة اني هاسكتلك لاوالله ما يحصل، انا بقى هاعرفك اللعب على أصوله ازاي وهاظبطك.

جلست شهد بجانبه في السيارة وبدأت تتظاهر بالتجاهل، بينما هو صدره يحترق من نيران الغيرة، قبض بعصبية على عجلة القيادة حتى ابيضت يداه، فهتف الصغير ببراءة:
بابا انا عاوز آكل في ماك انهاردا.
التفت شهد له ثم هتفت: لا يا حمزة هانروح البيت ونعمل اكل جميل.
نظر رامي للصغير في المرآة الصغيرة التي امامه مردفا:
حاضر يا حبيبي هانروح المول ونتفسح شويه ونتغدا.

كانت على وشك الرد ولكنها امتعنت فاجأة عندما تذكرت عقابها له...

بمنزل كريم..
صدع صوت رنين هاتفها بقوة، خرجت من المطبخ تبحث عنه حتى رأته موضوعا على تلك المنضدة الصغيرة، رأت اسم كريم ينير الشاشة ابتسمت ابتسامة واسعة ثم هتفت:
ألو...
هتف الاخر بهيام: يأحلى ألو في الدنيا.
ضحكت ضحكة صغيرة ثم هتفت بجدية مصطنعة: عاوز ايه يا دكتور بتتصل ليه؟

تنهد كريم بقوة ثم قال: الدكتور مخنوق من الشغل ففكر انه ياخد مراته حبيبته ويخرجها ويغديها او يعيشها مش فارقة، ويقضوا يوم لطيف مع بعض.
شعرت بالسعادة لذلك الاقتراح ولكنها هتفت بحيرة: طيب وعمي هانسيبه لوحده.
هتف بنفي: لا هابعت الممرضة تكوني انتي لبستي وغيرتي، اتفقنا.
قالت بحماس: اوك اتفقنا.

اغلقت المكالمة وتوجهت لغرفتها وقفت امام ملابسها بحيرة، شعرت بالعجز وقلة الحيلة ف كريم انيق ومهندم ووسيم وهي بجانبه صفر على الشماال ملابسها قديمة، لفت انتباها تلك البلوزة وتذكرت هو كم يحبها نظرت لها بحب ثم هتفت:
لازم اغير من نفسي ومش معقول جاي يفسحني البس اسود، انا هالبس البلوزة دي واهو اسمي افرحه بحاجة.

في المول...
وقفت بتذمر: الله احنا مش قولنا هناكل، جايبنا عند محلات اللبس ليه؟!
استغفر ربه في سره فهذه القصيرة الغبية تثير اعصابه في ثواني: المطعم زحمة وبعدين حمزة محتاج لبس وانا كمان محتاح كذا حاجة بالمرة انهاردا الخميس نشتري ونقضي اليوم.
نظرت حولها وجدت محلات اطفال في الاتجاه الثاني اشارت له ان يأتي خلفها مردفة بضيق: طيب يالا خلينا ننجز في يومنا دا.

رفع احد حاجبيه بذهول ثم هتف لنفسه: هي بتعاملني كدا ليه كأني شغال عندها...
رفع بصره لاعلى ثم قال: يارب اطول بالي عليها علشان مخنقهاش واخلص منها.

ذهب ورائها دلفوا لذلك المحل المخصص لملابس الاطفال كان مكتظ بالناس شعر رامي بالضيق، بدأت في اختيار الملابس وتنسيقهم واعجب رامي بذوقها وتركها تختار ما تشاء ولم يتدخل في اي قطعة، فرحت هي باختيارها ملابس لحمزة وفرحت اكثر ان رامي تركها تفعل ما تريد ولم يتدخل ولكنها تعجبت من وقوفه ورائها في كل مكان، التفت بنصف جسدها ثم هتفت بهمس: انت واقف ورايا كدا ليه يا رامي، روح اقف عند الكاشير هاخلص واجيلك.

قطب ما بين حاجبيه مردفا بخفوت: لا طبعا مش هاسيبك لوحدك، انتي مش شايفة المحل زحمة ازاي.
هتفت بتعجب: زحمة هايخطفوني يعني ولا ايه؟!
نظر حوله بضيق ثم هتف بخشونة: لا في رجالة في المحل وممكن حد يقف جنبك ولا وراكي ويلمسك وانتي مش واخدة في بالك.
ابتسمت ابتسامة بلهاء: انت بتغير عليا يا رامي.
هز رأسه بتأكيد ثم هتف بخفوت شديد: طبعا انتي مش مرا...

قاطعه صوت امراءة تقف بجانبهم تنظر لهم بغيظ: مش وقته حضرتك جو الرومانسي دا، المكان زحمة وخنقة وانا بقالي ساعة عاوزة اوصل للبنطلون اللي وراك.
تنحنح رامي في حرج قائلا: اسف، اتفضلي يافندم.
حرك شهد قليلا لامام هاتفاا: اخلصي بقا خلينا نخلص من ام المحل دا.

في مكان أخر بالمول...
وقفت بحزن امامه: هو انت واخدني تشتيرلي هدوم علشان هدومي مش عاجبك..
داعب وجنيتها باصابعه مردفا بحنان: اخص عليكي ليه بتقولي كدا بالعكس والله انا في قمة سعادتي لما لبستي اكتر بلوزة بحبها وهافضل طول عمري اقولك البسيها دي ليها ذكريات حلوة اوي معايا، انا كنت بسهر في المستشفى احب فيكي وانتي لابساها وطبعا انتي مكنتيش في بالك.

اصطبغت وجنيتها باللون الاحمر القاني ثم ابعتدت قليلا قائلة: احم امال انت عاوز تشتريلي لبس ليه؟!
ابتسم لخجلها قائلا: انا مش هاشتريلك هدوم وبس، هاشتريلك كل حاجة وكمان اهم حاجة هاشتريلك دبلتي الي هاتتحط في ايدك وتزينها، انا عاوز احس انك مراتي وانا مسؤول عنك.
لمعت عينيها بسعادة مردفة: بجد هاتشتريلي دبلة ؟

هز رأسه مؤكدا: اه يالا بقا علشان الحاجات اللي هانشتريها كتير واليوم يكيفينا اصل بكرة في مفاجأة حلوة ليكي.
عقدت حاجبيها بتساؤل: مفاجأة ايه؟!؟
اتسعت ابتسامته على فضولها ثم غمز لها قائلا: ودي تبقى مفاجأة يالا يا مدام ليلى نلحق نخلص.

على الجانب الاخر...
وقفت تنظر له بتحدي قائلة: لا يا رامي هادخل معاك، تسيبني واقفة هنا ليه؟!
زفر بحنق قائلا: يابنتي الله يهديك انا بقولك دا محل رجالي يعني مينفعش تدخلي معايا.
هتفت باندفاع: انا مراتك ادخل انقيلك.
اقترب منها هامسا: دلوقتي بقيتي مراتي، مش كنتي في مقام اختي.
هتفت بعصبية: يوووه انا مراتك بس اختك عادي فيها ايه؟!

جذبها من يديها ثم اجلسها على مقاعد مخصصة للجلوس هاتفا بصرامة: فيها انك تقعدي انتي وحمزة هنا ساكتة فاهمة ولا لأ لغاية ما اخلص واجيلك.
جلست بضيق بينما انتظر حمزة ذهاب والده ثم التفت لشهد قائلا: شهد انتي وبابا ليه بتتخانقوا على طول.
اطلقت تنهيدة قوية قائلة بعدها: مش عارفة...
ولكنها استطردت: بحس براحة لما بناقروا واضايقه مش عارفة ليه..
هتف الصغير ببراءة: مش فاهم.

نظرت له قائلة بمزاح طفولي: احسن سيبك انت ابقى فكرني بعد ما نخلص نجيب ايس كريم وناكله..
هز الصغير رأسه بحماس مردفا بصياح: هييييييه ماشي هافكرك
دلف رامي للمتجر ثم وقف بحيرة حتى اقترب منه البائع قائلا بابتسامة صغيرة: خير يا افندم بتدور على حاجة معينة.
نظر رامي بحيرة للملابس: اه اه عاوز اي حاجة..
عقد البائع ما بين حاجبيه مستغربا: عاوز اي حاجة ازاي يا افندم.

اتجه رامي صوب قميصا من اللون الابيض ثم اخذه وقال: هاتلي بنطلون جينز لايق عليه...
اوك يا افندم ثواني..
التفت رامي ثم نظر من خلف الزجاج عليها هي وحمزة هامسا لنفسه: انا عارف انها هبلة ومش هاترضا تخلني اشترلها اي حاجة علشان كدا اشتريت ليا ولحمزة...

بمنزل زكريا...
نظرت سلمى لزكريا وجدته يغط في نوم عميق وانتظمت انفاسه، سالت الدموع من عينيها كلما تذكرت لمساته لها وانها سلمت نفسها بارادتها بكت بصمت على نفسها في كل لمسة كانت تحترق من داخلها كانت تتظاهر معه بالتجاوب وبداخلها تريد الصراخ ونفضه بعيدا عنها، ولكن ما باليد حيلة ويجب ان تستمر في هذه التمثيلية حتى تنجو من ذلك الجحيم...

بالمول..
وقفت شهد بتذمر قائلة بتحدي: لا ويمين الله ما انت شاريلي حاجة مش هادخل.
جز على اسنانه هاتفا بغضب مكتوم: يالا يا شهد ادخلي نشتريلك زي ما اشترينا لنفسنا.
هتفت بسخرية: شكرا علشان تعايرني بعد كدا ابدا الله الغني.
رفع حاجبيه باعتراض ثم هتف بصرامة شديدة: طب بصي يا شهد واقسم بالله لندخل ونشتري جيبات واسعة ولبس واسع علشان لبسك مش عاجبني ضيق ومجسم جسمك.

ابتسمت بمكر قائلة: انت غيران عليا اعترف ان انت غيران علشان ادخل معاك جوا.
هتف الصغير بسرعة: قولها يابابا انت غيران خلينا نخلص بقا انا جوعت والله.
نظر بصدمة لحمزة ثم هتف بضيق: اه غيران عليكي يا ست شهد مش مراتي لازم اغير اخلصي بقى.
رفعت رأسها بكبرياء مردفة بتحذير: ماشي انا مراتك بس اختك يالا بينا.
نظر لها بذهول على تفكيرها ثم هتف: مراتي بس اختي ازاي من انهي اتجاه.

اشارت له ان يأتي ورائها بالامبالاة: يالا بس تعاال وبعد كدا هابقى افهمك.
ذهب ورائها يحاول التحكم في اعصابه قدر المستطاع، ولكنه سمعها وهي تقول: لو سمحتي انا عاوزة بنطلون واس...
لم يتركها تكمل حديثها حيث قاطعها بصرامة شديدة: لا عاوز جيبات واسعة وكمان بلوزات واسعة لو سمحتي اهم حاجة واسعة.
ابتسمت بمكر مردفة بهمس: بتغير عليا اوي.
نظر لها بضيق مردفا بخفوت: يا شيخة اتنيلي...

واكمل بسره: جاتك نيلة بحلاوتك دي اللي مالهاش حل، اه منك يا شهد.
انتهوا من شراء الملابس ولم يتخلى الشراء من المضايقاات والمشاجرات بينهم، اخذهم رامي الي احد المطاعم الشهيرة الموجودة بالمول، انتهوا من طعامهم حتى هتف رامي بتعب:
يالا بقا نروح علشان حمزة اتأخر في نومه.
هزت شهد رأسها بنفي قائلة: لا هناكل ايس كريم الاول.
طب يالا هناكله في الطريق.
لا هانبهدل الدنيا ناكله هنا احسن.

زفر بضيق لاعطائه اوامر ثم هتف: طيب يا شهد هاروح اجيب متتحركوش من مكانكوا.
نهض حمزة مسرعا قائلا: لا انا عاوز اروح معاك وانقي براحتي وكمان تلعبني اللعبة اللي هناك دي.
هتف رامي بصرامة: لا يا حمزة علشان مينفعش نسيب شهد لوحدها.
ضحكت بخفة مردفة بمزاح: متخافش مش هاهرب ولا اروح في حتة، خليه يروح معاك.
خفق قلبه بشدة اثر ذكرها لهروبها قائلا بضيق: طيب متتحركيش ماشي.

أومأت دون الكلام ذهب رامي ومايين الثانية والاخرى يتلفت ورائه يتفقدها، بينما ظلت تنظر حولها بملل ولكن سرعان ما تغيرت ملامحها للصدمة فور رؤيتها ل...
بعد مرور بعض الوقت..
ابتسم رامي لحمزة مردفا: خلاص بقى يا حمزة كفاية كدا خلينا نرجع لشهد ونجيب الايس كريم.
ابتعد الصغير عن اللعبة قائلا: ماشي حاضر..

اخذه رامي واشترى المثلجات وذهب لشهد، اقترب من الترابيزة يتلفت حوله لم يجدها، الحقائب موجودة ولكنها ليست موجودة في المطعم، تجمدت انفاسه وسرعان ما خفق قلبه بشدة ثم تردد في ذهنه جملتها:
متخافش مش هاهرب ولا اروح في حتة، متخافش مش هاهرب، ماتخافش مش هاهرب...
انتبه على هزة حمزة له: بابا شهد فين...
هتف بصوت مضطرب للغاية: مش عارف انا قولتلها متتحركيش.

نظر حوله وجد مجموعة من البنات يتحدثون اقترب منهم بلهفة قائلا: لو سمحتوا انا اللي كنت قاعد على الترابيزة اللي جنبكوا كان معايا واحدة لابسة جيبة لونها اسوو...
قاطعته فتاة مردفة بتذكر: اه انا شوفتها خارجة من المطعم رايحة ناحية الباب الرئيسي...
بلع رامي ريقه بصعوبة بالغة مردفا بصوت مهزوز: شكرا، يالا يا حمزة...

اخذ رامي حمزة والحقائب خارجا بسرعة رهيبة من المول، التفت حوله عدة مرات لم يراها، هتف الصغير بصوت يغلبه النوم:
بابا فين شهد عاوز انام.
هز راسه بحيرة مردفا بقلق: مش عارف راحت فين وسابتني...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة