قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية شهد الحياة للكاتبة زينب محمد الفصل الختامي الأول

رواية شهد الحياة للكاتبة زينب محمد الفصل الختامي الأول

رواية شهد الحياة للكاتبة زينب محمد الفصل الختامي الأول

دخل إلى شقته التي لم يرفض أبدا التخلي عنها حتى بعدما تحسنت حالته الاجتماعية، واستطاع في وقت قصير تكبير مصنعه والعمل عليه بكل قوته وجهده، ليصل إلى أحلامه في وقت قياسي، ولكن دخوله هذه المرة لم يكن مثل كل مرة هادئا أو مبتسما أو مجهدا حتى، بل كان دخول عاصف ينوي قطع رأس تلك البربرية شهد، أو غرس أسنانه بغيظ في ذراعها حتى يهدأ من فتيل غضبة الذي اشتعل فور رؤيته لها على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي، وهي تبث فيديو تحكي به تجربتها وما مرت به تشجيعا لبقية الفتيات، الحمقاء سعيدة بتعليقات الشباب لها، اتسعت عيناه بجحوظ عندما قرأ تعليقات سخيفة مشيدة بجمالها الفتان وقوتها ومثابرتها، وما زاده غضب حينما ضحكت بصوت خافت تخفي خجلها من رسائلهم الوقحة تلك!

وقف بمنتصف الصالة يبحث عنها بجنون وهو يشد جسده وكأنه داخل لتو حلبة مصارعة يا أما قاتل أو مقتول في ذلك العشق الجنوني، أغلق عيناه لثوان ثم وبأعلى صوته صرخ: شهد.

هي ثوان فقط استغرقتها حتى تخرج بأقصى سرعتها من غرفة ابنتهم تيا، رفعت قميصها القطني الطويل إلى حد ما الملتصق بجسدها، فأظهر أدق تفاصيلها الأنثوية، هرولت نحوه بقلق احتل ملامحها، طالعها من رأسها إلى أخمص قدمها مرورا بلون شفتاها النبيذي، فالجميلة في هذه الفترة تحديدا تتابع صيحات الموضة بجنون، وأحدث صيحات أدوات التجميل، هذا اللون جديد ومختلف كليا عن ما وضعته من قبل، نعم هو يحفظهم كالمجنون، ولم لا يحفظهم وهو الذي يفسده في كل مرة، بلل شفتاه محاولا تهداه تلك النيران المنافسة لنيران غضبة، نيران من نوع آخر، تخصصها هياج مشاعره فقط!، لكن لن يتنازل سيلقنها درسا، وبعدها يفسد أحمر شفتاها بكل صدر رحب!

اقترب منها بخطوات متمهلة، ومازال جموده يحتل ملامحه، توترت للحظات فابتعدت وهي مازالت تقبض فوق قميصها غير منتبهة لارتفاعه، وظهور ساقيها له بطريقة أكثر إغراء، ذلك النداء الذي يحثه على ترك غضبه مؤقتا يريد قتله، حتى ذلك الضجيج احتل صدره مجددا، حسنا سينه بانطلاق لسانه السليط نحوها.
ايه اللي هببتيه ده يا هانم!
قال جملته بنبرات مختلفة ما بين الهدوء والصياح، فبدا غير طبيعي!

رفعت إحدى حاجبيها وهي تتقدم منه، تتحسس جبهته بقلق:
أنت كويس يا روحي!
ضيق عينيه يرمقها بتعجب، فاقتربت أكثر واحتضنته بقوة:
أكيد فيك حاجه، مالك يا حبيبي، أنا قلبي كان مقبوض طول اليوم عليك.

نظر لها من أعلى، نتيجة لقصر قامتها، مدت يديها وجذبت يده عنوه، لتجعله يحاوط جسدها رغما عنه، مع ابتسامة ماكرة وهي تلصق شفتاها بعنقه بعدما رفعت نفسها لتقف على أطراف أصابعها، قبلات عديدة متفرقة طبعتها برقة، وعقلها يعمل بجهد للخروج من تلك المعضلة التي أوقعت نفسها بها، بعدما أدركت سبب غضبه من نبرة صوته الأولى، نبرته تلك لم تخرج أبدا إلا في مصائبها الهوجاء، هي تعلم تمام المعرفة بشخصيته، كما تعلم أيضا كيف ستخرج منها على خير!.

لن ينخدع بها مجددا، ابتعد عنها وهو يقبض فوق ذراعيها بعنف صائحا بجنون: بطلي تستعبطي عليا، أنتي إزاي تعملي بث تتكلمي فيه من غير أذني يا هانم!
ابتعدت عنه بضيق بالغ، بعدما نجحت في إبعاد يده، ملتزمة الصمت، مستخدمة إحدى خططها الأخرى، خطة أ فشلت، باء تأتي على الفور وتحتل ملامحها!، جلست فوق أقرب كرسي واضعة ساق فوق الأخرى بكل عنجهية متعمدة هز ساقيها بطريقة بطيئة..

جن جنونه لفعلتها تلك مشيرا على نفسه: أنا بكلمك على فكرة!
رفعت إحدى حاجبيها تزامنا مع إبعاد خصلاتها المتمردة خلف أذنها، قائلة بصوت هادئ: أنا عمري ما أتكلم طول ما أنت بتتكلم بالطريقة الهمجية دي!
والله!
صاح بها متهكما، فهزت رأسها عدة مرات ببطء مما جعله يتقدم منها في ثوان هاتفا بغضب: قومي كلمي جوزك باحترام، باين إن دلعتك زيادة عن اللزوم لما تتعاملي معايا كده، على فكرة كده بتزودي غضبي أكتر.

وقفت لتستخدم الخطة ج، فهي تعلم إذا استفزته أكثر، سينتظرها عواقب وخيمة!
نظرت إليه بحزن زائف، مقتربة منه هاتفة بصوت باكي: نار إيه يا قاسي يا مفتري، انت ليه بتكره النجاح ليا، ده أنا حتى بحب النجاح ليك.
ارتفعت ضحكات ساخرة منه، ليتحدث بعدها: لا قوليها بأدائك الأصلي.
أداء!

أومأ إيماءه بسيطة وهو ينظر في عمق عيناها مباشرة مردفا: مفيش حد في الدنيا دي فاهمك قدي، اعتذري حالا على المهزلة دي، وبالمناسبة اجتماعك مع البنات الهبله في النادي ده ملغي، وشغلك في مكتب أبو صاحبتك مرفوض، مع إني كنت رافضه أصلا، بس أهو رفضته بزيادة، نوم جنبي مفيش، كلام معايا مرفوض، تتكلمي معايا عن طريق عيالك ياقمر يا جميلة يااللي نفسي مراتي تبقى زيك.

خص حديثه الأخير بتعليقات الشباب هاتفا بحنق، وغل، وحقد، تابع حديثه بغل أكبر: أنا المفروض عقابي يبقى أكبر من كده، زي مثلا إن أكثر دماغك دي نصين.
انتظرت حتى ينهي حديثه، ثم عقدت ذراعيها قائلة بابتسامة شيطانية وبداخلها يعلم نتيجة وقوع تلك الكلمات عليه: أقولك اللي أحسن من ده كله نتطلق أفضل!

توقعت!، وبالفعل جذب إحدى التحف الزجاجية بجانبه ثم ألقاها أرضا متهشمة بعنف، تاركا إياها بعدما أرسل إليها نظرات تحمل العديد من المشاعر المتضاربة!، قرر بأن يدخل لغرفتة منعزلا بها حتى يتصراع مع أنفاسه المتلاحقه.

مرت أكثر من خمس ساعات وهو وحده بالغرفة، رفعت الأطباق بضيق ووجه واجم نحو المطبخ، متجاهلة نظرات أطفالها وخاصة حمزة الذي بدا وكأنه نسخة مشابها من أباه، مع اختلاف طيبة قلبه!، الآن تصف زوجها بالقسوة!، أما كارما تلك الصغيرة الجميلة الهادئة مثل أباه، توقفت للحظات وهي تنظر لهم مفكره بتعجب، جميعهم يشبهوه في شخصيته!، وقع بصره على الصغيرة تيا ذات العشر أشهر النائمة في سريرها الهزاز بسلام، لتهتف ساخرة لنفسها: الأمل فيكي يا تيا!

مازالت نظرات حمزة لها تزداد تركيز، له الحق لم يتغيب رامي قط عن موعد الغذاء، وبالتأكيد أخبرته تلك البلهاء أخته بكل شيء كعادتهم.
قررت أن تقطع الصمت متسائلة: مالك يا حمزة بتبصلي ليه؟!
نهض من مكانه ثم وقف أمامها يتحدث بصوت خافت: لو حضرتك عاوزة تدخلي لبابا علشان يتغدا، ادخلي هاخد بالي من تيا متقلقيش.

تسربت الدماء الى وجهها بحرج رغم صغر سنه الذي لا يتعدى الثالثة عشرا إلا أنه أصابها في مقتل، تلعثمت كالطفلة وهي تخبره: لا خد اخواتك واطلع عند خالتو سلمى فوق.
هز رأسه بالموافقه فورا، وقبل أن يتحرك كانت تجذبه نحوها تقبله فوق وجنته بحب: هو أنا قولتلك إن بحبك النهارده.
ابتسم لها محتضنا إياها بقوة: آه تقريبا تلات مرات.

لم تبخل أبدا في إخداقه بمشاعرها الحنونة واللطيفة، لم تسيء إليه يوما، ولم تمل من إخباره بمدى حبها له، معاملتها اللطيفة له كانت السبب الرئيسي في عدم تفكيره بأنها ليست والدته.

انتظرت مغادرتهم لسلمي بعدما أخبرتها بما فعلته بحق رامي، وكالعادة سلمى تستضيف أطفالها بحب، رغم مرور أعوام على زواجها من سامي إلا أنها لم ترزق بأطفال، توقعت تذمره وضيقه، ولكن قابلها بالحنان والدفيء، حتى إنها حاولت اللجوء لطب لسرعة حملها، وقف لها بالمرصاد، رافضا فكرتها تلك، وبالتأكيد هي تعلم خوفه الشديد عليها بسبب مرضها، لم يعارض على ترك شقته واستأجر شقة أخرى في نفس بناية شهد ورامي، بالعكس وافق وبشدة متفهما حاجتها الدائمة لشهد، ملخص علاقتها معه تتضمن في كلمة بسيطة في النطق عميقة بالمعنى ألا وهي العوض.

أما شهد وقفت تفكر بهدوء ماذا تفعل، وأي خطة تستخدمها، زفرت بحنق عندما وقف كبريائها بالمرصاد لها، تدفقت أفكارها اللعينة وهي تخبرها بكل أفعاله السيئة معها، مثلا، كم من مرة منعها من زيارة إحدى صديقاتها وتحديدا بعدما علم أن لديها أخ شاب، ياله من قاس راجعي، رفعت رأسها بكبرياء ودخلت إلى الغرفة متجاهلة نظراته المتوعدة لها، توهجت صوب دولابها وانتقت أفضل منامه حريرية لديها وتحديدا لونها الوردي الذي يعشقه هو، جذبتها بطرف أصابعها وتحركت صوب المرحاض كالفراشة، فضولها يأكلها حتى تنظر إليه ولكن لا ستسمر حتى يعود هو متأسفا عما بدر منه، ارتدت وتعطرت وتزينت، وخرجت في أبهى صورها..

راقب خروجها من المرحاض كالفراشة، تدندن بصوت ناعم، وهي تجلس على الأريكة أمامه تضع طلاء أحمر اللون في أظافرها، ارتفع حاجبيه غير مصدقا لم تفعل!، الوقحة تضع طلاء لأظافرها ولم تعيره أي انتباه، أو تحاول مراضاته، جز فوق أسنانه بغيظ، وهو يتابع انفعالاتها وابتسامتها الماكرة حتى انتهت تماما ثم جلست وتمددت أكثر بالأريكة، تتابع هاتفها بهدوء تام، تساءل متعجبا من أين لها هذا الهدوء!، أجفل حينما رن جوالها، مجيبة على الفور...

أيوه يا حبيبتي إزيك!
حبيبتك إيه، بصي بنتك أحطلها كام معلقه لبن بالظبط على المية، أنا حاسة أنها لسه جعانه!
تؤتؤ لا اهدي كده متعيطيش، هما الرجالة كده!
رجاله إيه، هي الخطوط فتحت على بعض، أنا سلمى يا شهد.
بصي خاصمية اوعي تكلميه، وفي سرك اوعي تسامحيه، والملايكه هتلعنه كل شوية.
تلعن مين يا شهد، اوعي تكوني اتجننتي وبتتكلمي كده على رامي.
طبعا، انا مرة سمعت شيخ بيقول كده صدقيني.

لا استني انزل علشان أشوفك صوت وصورة وأنتي بتتعلقي من رجلك.
طيب سلام، بعدين نتكلم، هبقى ابعتلك في مسج الطريقة إيه.
أغلقت الاتصال وهي ترسل لسلمى تخبرها طريقة تحضير الحليب لابنتها تيا الصغيرة، والرسالة بالتأكيد لم تخلو من السباب لها.
أغلقت الهاتف وألقته بعنف متناسية وجود رامي للحظة، قائلة بحنق: رجاله تجيب النكد.
ده أنا هوريكي ياعني إيه نكد.

صرخت بأعلى صوتها وانتفضت كمن لدغها عقرب حينما استمعت إلى صوته بجانب أذنها كفحيح الأفاعي.
أشارت له بيد مرتعشة وهي تنتقل ببصرها بينه وبين الفراش: أنت جيت إزاي ورايا.
التوى فمه متهكما وهو يقوم بتقلديها: من وقت ما الملايكة هتلعني.
ابتلعت لعابها بعدما جف حلقها قائلة: ده، جوزها هي، مش أنت، أنت الملايكه راضية عنك يا بيبي.

اقترب منها بخطوات متمهلة وهي تتراجع بخوف، تطالع انفعالاته ونظراته الحادة، أشارت له بيدها وهي تقول بتلعثم مع ابتسامة مرتعشة: اسكت مش أنا كنت داخلة أصالحك علشان أنا غلطت.
هتف ساخرا: يا حرام، واهتمامك بضوافرك هو اللي شغلك عني!
رفعت يدها نحوه قائلة بنبرة طفولية: ده علشان انت بتحبهم يا بيبي.
حاصرها بيده حينما التصقت بالحائط: بطلي بيبي دي، علشان مش افسخك قلم، يفوقك.

نظرت له بحزن عندما مطت شفتيها لأمام قائلة بنبرة يغلب عليها الدلال: وأهون عليك يا بيب، آه قصدك يا حبيبي!
هز رأسه ليقول بجمود: عاوزه الصراحة آه في اللحظة دي تهوني ونص وتلت أربع كمان.
حاوطت عنقه لتتعلق به قائلة برجاء: متبقاش قماص، وخلي قلبك أبيض.

أزاح يدها بضيق ليقول بعصبية: قماص إيه، أنا فعلا زعلان، أنتي إزاي تتجرأي وتعملي كده، مبسوطة بالشباب وهي بتبصلك وشوفي كام واحد اخدلك شوت اسكرين واحتفظ بصورتك عنده.
هتفت بتبرير: رامي، أنا كنت بحاول اشارك في التريند واشجع البنات اللي مكملتش تعليمهم يكملوا زي، ويكونوا حاجه كمان أحسن مني، أنا مكنتش طالعه أرقص ولا أتمايع على حد.
احتقن وجهه بحمرة الغضب، فصرخ بها بغضب: أنا بغير..

عم السكون المكان بعد صراخة هذا، وابتعدت بخوف بعدما استمعت لصراخة هذا الذي كان بمثابة أول مرة تستمع له، تراجعت أكثر حينما وجدته يكمل بغضب أشد وهو يشير نحو صدره: جوايا هنا نار، مبستحملش أشوف حد يشكر فيكي حتي، متلعبيش على جناني يا شهد، أنا لغاية دلوقتي مش عاوز أزعلك مني، وبراعي صغر سنك وحاجات كتير أوي.

هزت رأسها بصمت ومازالت عيناها تتعلق بانفعالات وجهه وارتفاع صدره وهبوطه في وتيرة سريعة، تركها وتوجه نحو الفراش يجلس عليه محاولا ضبط عميلة تنفسه.

حثها عقلها على التقدم نحوه لتحاول مراضاته، فتقدمت خطوة، وتوقفت الأخرى، ساقيها لم تقو على التحرك أكثر، ولكنها تقو مثلا على الهرب، شجعت نفسها مليا وتقدمت منه ثم جلست بجانبه واضعه رأسها فوق كتفه قائلة بخفوت: أنا بحبك أوي يا رامي، متزعلش مني، كان لازم استئذنك الأول.

سحب نفسا طويلا ثم زفره على مهل: بتعصبيني بأفعالك المجنونة دي، أنا ليا طاقة وبستحمل كتير، بس خلاص في حاجات مينفعش فيها الهدوء وخصوصا معاكي.
ابتعدت قليلا عنه، وهي تنظر له بأعين باكية وصوت خافت للغاية ونبرة مهزوزة: أنت مبقتش تحبني، وخلاص زهقت مني.
دقيقه لم ينبس بكلمة واحدة، اكتفى بالنظر إليها مذهولا من تفكيرها، صمته أقلقها فعادت مردفة ببكاء: أنت فعلا مبقتش تحبني.
أنتي عبيطة!
متشمنيش.

قالتها وهي تمسح دموعها المتساقطة فوق وجهها، تبرم بحنق وهو يتمتم بضجر: وقال إيه بقول للبنات تجربتي، وبنصح البنات، مش لما تفهمي أنتي الأول.
لكزته بيده بغيظ قائلة: ينفع ترد كده.
ضحك ساخرا: امال ارد اقول إيه، بعد ده كله وبعد بغير دي أبقى مبحبكيش.
طب قولي بحبك يا شهد، علشان نفسيتي تهدى.
هز رأسه برفض قائلا بخشونة: مش هتطلع كويسة، مش هقدر اطلعها.
الملايكة هتلعنك.
قالتها بعيون ضيقة، ونبرة تحمل التهديد...

لا هتدعيلي علشان متجوز واحده بالدماغ دي.
نهضت بعصبية ثم غادرت الغرفة بغضب، عادت له مرة أخرى بعصبيتها وهي تقف أمامه تدبدب بقدمها: صالحني حالا، زي ما صالحتك، كبريائي هيموتني مش قادرة.
رفع بصره يطالعها بملل، حينما جذبها بقوة، لتقع فوق ساقيه، محتضنا وجهها بين يده، مقبلا إياها بقوة في بادئ الأمر معبرا عن غضبه وغيرته، ثم تحولت ببطء لقبله رقيقة حانية، محاولا بث مدى عشقه لها.

مر يومان على تلك الزوبعة، ارتدت ثيابها المكونة من جيب واسعة باللون الأسود وبلوزة ذو أكمام واسعة باللون الوردي وحجاب أبيض، رفعت هاتفها تلتقط العديد من الصور لها، هنا وهناك، بأوضاع عدة، حتى ترسلهم إلى زوجها المستبد رامي، أرسلتهم بالفعل وانتظرت تعليقه برسالة جاءت جافة حادة لو ممستحيش البتاع اللي في شفايفك ده هجي واكسر كل الميكب ده .

زمت شفتاها بحنق من تحكمه وجذبت منديلا ورقيا تمسحه بعنف، مع ضحكات خافتة من حمزة الذي يقف بجانب باب الشقة يحمل تيا الصغيرة وبجانبه كارما يتابعان مشهد خروجهم المتكرر في كل مرة، تقدمت منهم بضيق وهي تحاول الثبات في خطواتها، حملت تيا بترو، فقال حمزة بقلق: سيبها يا ماما، حضرتك مش عارفة تمشي بالجزمة الكعب دي...

هبطت ببصرها تنظر لرفع الكعب وحدته قائلة: هو طويل ورفيع بس الشوز حلوة مفيش كلام، متخافش خليك جنبي بس، علشان لو وقعت تسندني، مبقاش فضيحة اوي.

هز رأسه بصمت وغادرا الشقة متوجهين بسيارتهم الخاصة بعدما علمها رامي القيادة مع تذمرات عدة منه، ومحايلات أكبر منها، توجهوا نحو المول وانتهوا من مشترياتهم، ثم إلى النادي، جلسوا أخيرا بإحدى الطاولات، فقامت شهد بخلع حذائها بتعب وإرهاق متمتمة: آه يانا، هموت مش قادرة..
وقفت كارما تقول برجاء طفولي: ماما ممكن اروح العب هناك مع أصحابي في المدرسة.
روحي.

راقبت اندفاعها نحو اصدقائها، ثم حولت بصرها قائلة لحمزة بمكر: قوم يا حبيبي وسيب التليفون من ايدك، أبوك مش هينفك في حاجه، قوم اقعد مع صحابك شوية.
هتف بتلعثم: بابا ماله بالتليفون، أنا بلعب لعبه عادي.
من امتى وأنت بتكدب عليا، مش هو مخليك تبلغه بكل تحركتنا.
علشان خايف علينا يا ماما، يمكن أي حد يضايقنا وهو مش معانا.
التوى فمها بسخرية قائلة: آه طبعا، انت هتقولي.

أردفت بعد برهه: قوم اقعد مع أصحابك، وانا هتصل بيه أكلمه شوية، لغاية ما طنط ليلى تيجي.
أومأ واتجه نحو اصدقائة ومازال يضغط فوق أزرار جواله يخبر والده، هتفت بسخرية: مجند الواد علشان يراقبني، أب جاحد.
أنهت حديثها وهي تضع تيا بعربتها الخاصة بها، حادثته بالفعل على الرسائل الخاصة بالواتساب تناغشه أحيانا وتمازحه أحيانا.
أنسه شهد.
رفعت بصرها ترمق ذلك المتطفل الغبي، قائلة: أنسه!

جلس ذلك الشاب طويل القامة، عريض المنكبين، جسد رياضي، وملامح وجهه حادة، مرتديا نظارة شمسية..
انا سيف، معد برامج قناة، ، وكنا عاوزينك تطلعي معانا حلقة تحكي تجربتك بشكل اوسع.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة