قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية شهد الحياة للكاتبة زينب محمد الفصل الثالث عشر

رواية شهد الحياة للكاتبة زينب محمد الفصل الثالث عشر

رواية شهد الحياة للكاتبة زينب محمد الفصل الثالث عشر

بمنزل رامي..
كانت شهد تشاهد التلفاز بملل حتى قاطع مشاهدتها صوت رنين الهاتف المنزلي، توجهت نحوه ممسكة بسماعة الهاتف مردفة بهدوء:
الو.
اتاها صوت امرأة تتحدث بجدية: السلام عليكم.
ردت شهد تحيتها: وعليكم السلام، مين حضرتك؟!
تحدثت المرأة بضيق: حضرتك انا الاخصائية الاجتماعية في مدرسة حمزة، احنا عاوزين ولي امره ضروري، اتصلنا على استاذ رامي تليفونه مقفول...
هتفت شهد في قلق: في ايه حمزة بخير..

تحدثت المرأة: مينفعش كلام في التليفون، ياريت حاولي توصلي لوالده ويجي المدرسة ضروري.
اغلقت المرأة الهاتف دون سماع رد شهد، بلغ القلق اقصى مراحله، ذهبت سريعا ل( صفاء)، طرقت الباب عدة مرات ثم دلفت بسرعة مردفة: خالتي معلش قطعت تلاوتك..
نظرت لها صفاء ثم هتفت بتساؤل: في ايه يا شهد.
تحدثت شهد بنبرة يتخللها القلق والخوف: حمزة المدرسة بتاعته اتصلت وعاوزين رامي ضروري وتقريبا تليفونه مقفول..

وقفت صفاء مردفة بقلق: يالهوي في ايه..
هتفت شهد بسرعة: مش وقته يا خالتي، اديني عنوان المدرسة اروح اشوف في ايه.
قالت صفاء: طيب هاتروحي لوحدك..
أومأت شهد مردفة: اه هاروح طبعا، لازم الحق اشوف في ايه؟!
التفت صفاء حولها بتوتر حتى رأت تلك الاجندة، ذهبت نحوها ثم مسكت القلم وكتبت عنوان المدرسة، اخذت شهد تلك الورقة بسرعة متوجهة لغرفتها حتى ترتدي ملابسها على عجالة وبذهنها مئة سنياريو...

بمنزل زكريا...
هتفت الممرضة وهي تمضع تلك العلكة بفمها: اهو يام زكريا نضفت الجرح وظبطته...
هتفت مديحة بسخرية: امال الهانم اغمى عليها ليه يامروة؟!.
اغمضت عينيها بضيق والتزمت الصمت بينما هتفت الممرضة: تلاقيها من الخضة بس يا خالتي.
نظرت مديحة ل( سلمى ) النائمة بكره ثم قالت: تعالي معايا يا مروة برا عاوزكي بكلمتين و اهو نسيب السنيورة ترتاح...

خرجت مديحة ومروة ما ان راهم زكريا حتى هتف بقلق: سلمى اخبارها ايه يا ما...
لوت شفتيها بتهكم مردفة: زي القردة يا اخويا، طب اطمن على امك الاول.
هتف سريعا وهو متجها نحو الغرفة، قلبه يأكله من شدة قلقه عليها: انتي زي الفل ياما، عن اذنكوا.
ثم اغلق الباب في وجوههم، اتسعت عيني مديحة مردفة: شوفتي الواد يابت يا مروة، قفل الباب في وشي ازاي.

هتفت مروة بجدية: . سيبك يام زكريا، انا عاوزة اقولك ان الاغماءة دي اغماءة سكر...
زمت مديحة شفتيها بضيق: اه عارفين سيبك منها انشالله تموت، المهم انا عاوزكي في حوار كدا.
قالت مروة: أمري ياخالتي تحت امرك..
هتفت مديحة بخفوت: انا عاوزة دكتور نسا يكشف على البت اللي جوا دي ويكون سعره حنين، اصل الدكتورة اللي علي اول الشارع مفترية ياختي سعرها ٧٧ جنيه تقولشي بتخترع الذرة..

مروة بفضول: ليه ياخالتي، عاوزة دكتور نسا ليه؟!
هتفت مديحة بمكر: اصل عاوزة اطمن هي بنت بنوت ولا لأ.
اتسعت عيني مروة بصدمة: هو زكريا معملش حاجة امبارح.
لوت شفتيها بتهكم: رفضت ياختي وقعدت تعيط وتقول لا
مروة بخبث: اه انتوا لامؤاخذة شاكين فيها...
ابتسمت بمكر ثم اردفت باختلاق كذبة: اه سمعت طراطيش كلام انها كانت على علاقة بواحد، بس ايه عندك دكتور ولا لأ.

هتفت مروة مؤكدة: اه عندي، في دكتور نسا كبير اوي ومشهور فاتح عيادة في، ، ومخلي تلات ايام للغلابة يكشف فيهم ببلاش وحظك انهاردة هايكشف ببلاش، هاتصل ببت صاحبتي ليها علاقة بالممرضة اللي هناك وتحجزلكوا.
اتسعت ابتسامتها: ببلاش اه حلوة دي ماشي معاكي رقمي اهو لو حجزتي بلغيني اخد المحروسة ونروح...
مروة وهي تخرج الهاتف من صدرها مردفة: ماشي ياخالتي، هاتصل بيها اهو.

في عيادة النسا...
وقفت ليلى على اعتاب غرفة كريم حتى خرجت المرأة من الغرفة مبتسمة ويديها تتشابك مع زوجها يشكلون لوحة جميلة تعبر عن السعادة ابتسمت لسعادتهم ثم دلفت بعدهم مغلقة الباب خلفها، رفع كريم بصره ما ان رأها ابتسم بشدة، كان على وشك التحدث حتى هي قاطعته بفضول:
هما فرحانين اوي ليه كدا.
هتف كريم بهودء: بقالهم سبع سنين مخلفوش والحمد لله ربنا كرمهمغ، حامل في تؤام ولد وبنت..

هتفت بحزن: يااااه سبع سنين..
ثم استطردت: بس الحمد لله ربنا كرمهم ربنا يتمملها على خير...
ابتسم كريم ثم قال بتسرع: عقبالك انشاء الله يا روحي.
اغمضت عيناها بقوة ظهر الحزن على ملامحها رويدا، شعر هو بها اقترب منها مردفا باسف: انا اسف يا ليلى مقصدش..
فتحت عيناها ثم اردفت بتلعثم: كريم هو انت يعني...
حثها هو على التحدث: كملي يا ليلى انا ايه.

زدات وتيرة التوتر بداخلها ولكنها تريد الاطمئنان مردفة: انت عملت تنضيف كويس ليا، انا مش هاستحمل ابقا ح..
قاطعها بحدة: انسي بقا يا ليلى، اطمني مفيش حاجة هاتحصل...
حزنت هي لنبرته تلك خرجت من الغرفة دون رد، وقف كريم يتابعها بعينه ثم ضغط على الجرس، وماهي الا ثواني قليلة حتى اتت السكرتيرة تهتف برسمية:
نعم يا دكتور..

هتف بصرامة: اهتمي بمدام ليلى كويس وابعتيلها عصير فرش ودخلي الكشف اللي بعده، هو فاضل كام كشف..
فاضل ٨ كشوفات، بس في حالة عاوزين يدخلوا ضروري بيقولوا مسألة حياة او موت.
تنهد كريم بنفاذ صبر مردفا: طيب ابقي دخليهم اخر ناس، وزي ما قولتلك مدام ليلى وديلها عصير ومتزعجوهاش فاهمة ولا لأ.
فاهمة يا فندم متقلقش..

في المدرسة..
هتفت شهد بغضب: انا مش فاهمة بردو انتي على اي اساس بتعاقبيه، الواد دا غلط فيه ووقعله كيكته في الارض واللي هي المفروض نشاطه وقطع رسمته...
عقدت الاخصائية حاجبيها بضيق: اه والمفروض ان حضرتك انه يقوم يضربه ويزقه تاني على الارض يعني متعلمش الادب من اول مرة، اول مرة ضربه علشان شد شعر زميلته والولد اتعور ومستر رامي جه وحذرنا حمزة من انفعاله الهجومي دا، وبردوا كاننا مبنتكلمش.

هنا حضرت الروح الصاخبة بداخلها، انتفضت شهد بعصبية: جرى ايه يا ابلة ما تهدي كدا، اصل انا بدأت اتخنق منك، الواد مغلطش زي ما تعاقبي دا تعاقبي دا ولا هو كوسه بقى...
رفعت الاخصائية حاجبيها مردفة: انا مش هارد عليكي، بس والله لابلغ ادارة المدرسة ولازم يتعاقب وياخد فصل اسبوع من المدرسة ولو اتكررت هاطلب تحويله من المدرسة لسوء سلوكه.

ارتفع صوتها قليلا: ياختي بلا قرف، والمفروض انك بتحلي مشاكل، انتي بتحلي على مزاجك لامؤاخذة..
جذبت شهد حمزة في يديها ثم خرجت من الغرفة بل من المدرسة باكملها، وقفت في الطريق عندما سمعت صوت بكائه، انحنت لمستواه: مالك يا حمزة مضايق وبتعيط ليه؟!
اردف حمزة بتلعثم طفولي: بابا هايزعقلي يا شهد علشان قالي قبل كدا ان ابعد عن محمد زميلي ولو عمل حاجة اروح اشتكي للمس...

ثم تابع بلهفة: بس والله يا شهد روحت للمس وقالتلي مايوقعها عادي غصب عنه وهو كان قاصد علشان كدا اضايقت وضربته...
ربتت على شعره بحنان: متخافش يا حبيبي بابا مش هايعملك حاجة.
رفع بصره للسماء واردف ببكاء طفولي: يارب بابا مش يزعل مني..
عانقته هي بقوة ثم ابعتدت عنه هاتفة بحماس: ايه رايك نروح الجنينة اللي هناك دي نلعب فيها شوية وناكل ايس كريم.
مسح دموعه بسرعة: ماشي، يالا...

بمنزل حسني..
القى الحزام الجلدي بعنف على الارضية ثم هتف بغلظة: اتعلمتي الادب ولا لأ يا ولية، اياكي تفكري تكلمي الست مديحة كدا، دي ستك وتاج راسك.
تعالت صوت شهاقتها بالبكاء، بينما هتف بغيظ: ماتردي يا ولية.
رفعت بصرها بتعب ثم هتفت بصوت متقطع: حسبي الله ونعم الوكيل، انا بكرهك ياحسني.
اتجه نحو الحزام مرة اخرى ثم رفعه عاليا مردفا: لا انتي متربتيش بقى يبقى تتربي من جديد.

انزله على جسدها بقوة ظلت تكتم آهاتها مع كل ضربة ولكن انفجرت وظلت تصرخ بألم.

بمنزل رامي المالكي..
جلست التوتر يآكلها كلما نظرت لابنها، بينما هو بداخله غضب العالم بأكمله، نظر في ساعته بضيق مردفا:
الساعة ٥ والهانم لسه مجتش وتليفونها مقفول.
بلعت ريقها بصعوبة مردفة بتوتر: ان شاء الله خير، جيب العواقب سليمة يارب.
مر ساعة اخرى ولم تأتي شهد، انتفض رامي واقفا هاتفا بغضب: لا انا هاروح ابلغ انا مش هاقعد كتير حاطط ايدي على خدي..

اتجه صوب الباب وما ان فتحه حتى ظهرت امامه شهد المبتسمة وحمزة وجهه الملطخ بالالوان، ارتد حمزة لبضع خطوات للوراء بخوف بينما هتفت شهد بمرح عكس ما بداخلها من توتر:
انت فتحت سبحان الله كنت لسه برن الجرس..
تنحى جانبا ثم اشار لحمزة الى الداخل مردفا بصرامة مخيفة: على اوضتك في ثانية تغير وتستناني لغاية ما اجيلك، بسرررعة.

قال كلمته الاخيرة بصوته الجهور انتفض الصغير ركضا نحو الغرفة، ابتلعت شهد ريقها بخوف وايقنت انها سوف تدخل حرب مع رامي بالتاكيد هي سوف تكون الخاسرة، حولت بصرها نحو صفاء رأتها تنظر لها بعتاب ممزوج بضيق، شعرت بيده الصلبة تجذبها خلفه بقوة مردفا بصرامة:
مش عاوز حد يدخل علينا يا ماما، لو سمحتي.

ادخلها للغرفة عنوة بينما وقفت صفاء في الخارج والتزمت الصمت فله الحق بما يفعله، رأته يغلق الباب بقوة اطلقت تنهيدة حارة ثم ذهبت لغرفتها...
بينما الوضع بالداخل مشحون، رجعت للوراء بخطوات هادئة مردفة بتوتر:
بص يا رامي، انا عارفة اننا اتاخرنا بس انت مش عارف حصل ايه..

قاطعها بحدة: عارف وصلي كل حاجة، دا حتى عرفت ان ابني اخد فصل اسبوع من المدرسة، ووصلي اني اب فاشل معرفتش اربي ابني، ولا حتى اختار زوجة محترمة تعرف تحل الموضوع كويس، لا ازاي اخلاقها الو طلعت وسيطرت وردحت وشرشحت في المدرسة والواد بسببها اتكتب في ملفه انه بعد الفصل هايقعد مع الاخصائيات يعيدو تكوينه، لا انا عرفت كل حاجة يا شهد، بس اللي مش عرفته بقى كنتي فين انتي وهو من الساعة ٣ لغاية ٦.

المها كثيرا حديثه عنها وعن سلوكها، تجاهلت سؤاله وذهبت صوب الباب بكبرياء، وقف امامها بغضب وهتف بصوته الجهور:
انطقي، كنتي فين دا كله يا محترمة؟!..
في هذه اللحظة انفجرت غاضبة يكفي كلامه الحاد والمسئ: في ايه انت بتكلمني كدا ليه، انا عملت ايه لدا كله، على فكرة بقى الاخصائية دي قليلة الادب ومضطهدة ابنك وانا اخدتله حقه منها علشان كدا هي اتحرقت مني واضايقت ورزعته فصل من المدرسة.

هتف بصوت اعلى من قبل: وطي صوتك طول مانتي بتكلميني، انتي مش بتكلمي عيل في الشارع، انتي بتكلمي راجل وراجل البيت دا اللي بتاكلي وتشربي من خيره يبقى لما تتكلمي توطي صوتك وعينك في الارض، مش تبجحي وتعلي صوتك، لا دا انا اكسرك واكسر دماغك دي واعيد تربيتك من جديد انتي فاهمة ولا لأ.

اقتربت بوجها احمر للغاية مردفة بتحدي: لا مش فاهمة، واطردني من جنتك دي ومش عاوزة خيرك يا رامي الله الغني عنه ومحدش في الدنيا دي كلها يقدر يكسرني..
جذب مرفقها بعنف قائلا بغضب: انتي ايه متخلفة مبتفهميش، انتي المفروض تعتذري علي اللي هببتيه انهاردة.
حاولت جذب يديها بقوة مردفة: ابعد عني، الي بيعتذر يبقى عارف من جواه انه غلطان وانا بقى مش شايفة اني غلطانة..

لوى رامي يديها بعنف ثم هتف بغضب مكتوم: عارفة ليه علشان انتي واحدة جاهلة مش فارق معاكي التعليم اصلا، هاستنى ايه بقى من واحدة جاهلة زيك.

نفضت يدها بغضب عارم ثم استدارت وهتفت في وجهه بصراخ: اسكت بقى مش كل شوية تزليني بكدا حرام عليك بتعاقبني على حاجة ماليش ذنب فيها ليه يا رامي بتعاقبني على حاجة انا بتمناها لغاية دلوقتي، بتعاقبني على حاجة انا حاسة اني ناقصة بسببها وقليلة في عين الكل بسببها، ارحمني بقااااا.

زمجر رامي بحدة: وانا ذنبي ايه لما ابني يتحول للفصل ويبقى مشاغب، ويقعدوني زي العيل الصغير اتهزق من الادراة وان اخترت زوجة اب مش مناسبة خالص، انتي ازاي تقوليلهم انك مراتي.

في تلك اللحظة رفضت دموعها للخضوع وابت وسالت بكثرة فهتفت بهدوء: انا مكنتش اعرف انك بتستعر مني، بس انا قولتلهم كدا علشان يرضوا يدخلوني، بس علي العموم انا غلطانة يا رامي انا فعلا ماليش حق ان ادخل في حياتك ولا حياة ابنك ولا اعملك مشاكل زي دي، عن اذنك.

خرجت من الغرفة مطأطأة الرأس، تشهق بخفة من اهانته لها، دخلت غرفتها تبكي ثم هتفت بخفوت: تستاهلي يا شهد انتي كدا دايما بتسامحي في اهانتك واللي قدامك بيزيد، يولع هو وابنه، لا حمزة لا، يولع هو بس.
وما ان عم الصمت في الغرفة حتى سمعت بالخارج صوته الحاد: اللي قولته يتنقذ شهد ملهاش دعوة بابني ولا ليها دعوة بيا هي ضيفة معززة مكرمة لغاية ما تيجي من السفر ليها اكلها لوحدها وتفضل في اوضتها.

اتسعت عيناها بصدمة من حديثه، هذا جزاؤها بعد كل ذلك، التزمت الصمت وبداخلها قررت الرحيل والليلة، لن تسمح باهانة مرة ثانية هاتفة لنفسها:
كل الا الكرامة يا شهد، انا هامشي احسن والليلة.

بالعيادة النسائية..
نظر كريم للملف اكثر من مرة مردفا بجدية: خير يا افندم، انا من البيانات اللي قدامي ان المدام سلمى حسني متجوزة امبارح في مشكلة...
هتف مديحة باسلوب مهذب: كل خير يا دكتور..
ثم اشارت لسلمى قائلة بحدة خفيفة: روحي على اوضة الكشف لغاية ما اقول للدكتور كلمتين..

عقد رامي حاجبيه بتعجب، تابع الفتاة بنظراته المتعجبة وما ان راها اختفت تحدث بهدوء: في ايه حضرتك انا هنا الدكتور وانا لازم اسمع حالة المريضة الاول وبعدها اقرر تروح على سرير الكشف ولا لأ...
لوت شفتيها بتهكم مردفة: اهدى بس يا دكتور، دا سرير كشف هو احنا اخدنا دوا ببلاش...
قاطعها بحدة: انا مش عاوز كلام كتير انتي قولتي للبنت اللي برا ان المسألة حياه او موت ايه هي بقى المسألة.

هتفت موضحة: هاقولك يا دكتور انا عاوزك تشوفلي البت دي ينفع تحمل ولا لأ، وكمان عاوزك لامؤاخذة تقولي اذا كانت بقت مدام امبارح ولا من زمان، اقصد غشائها اتفض امبارح ولا من زمان، انتوا اكيد بتعرفوا.
اتسعت عيناه من وقاحتها هب واقفا مردفا بحزم: قومي اطلعي برا.
هتفت بتعجب: في ايه يا دكتور انا قولت ايه غلط!

قال بغضب مكتوم: انتي واحدة تافهة وانا معنديش استعداد افضل اتكلم معاكي، حمل ايه يا ست انتي والبنت لسه متجوزة امبارح، الحمل دا يوم ما تفكرو فيه مش قبل سنة العلم بيقول كدا ابدأ اعمل فصوحات بعد سنة علشان اشوف سبب تأخير الحمل ايه مش من يوم، اما الموضوع التاني انا مش هارد عليكي فيه لان هانزل من مستوايا لو رديت وجوزها لو راجل كان جه معاها مش بعتك انتي، خدي البنت اللي جوا واطلعي برا، الوقت اللي انتي هدرتيه دا كان غيرك اولى منك بيه، براااا.

لم يعطيها فرصة للرد، ضغط على ذلك الجرس بغضب وبسرعة حتى اتت السكرتيرة مهرولة هاتفة:
نعم يا دكتور...
هتف بصوت عالي نسيبا: خلي الست دي تطلع برا..
شهقت هي بسخرية: ما براحة على نفسك يا خويا، في ايه وصفوك مش لاقوك والله تلاقيك دكتور نص كم وما عارف ولا فاهم حاجة...
بغرفة مجاورة..
كانت ليلى ممسكة بالهاتف تبكي هاتفة بصوت مبحوح: انا عاوزة اجاي لحضرتك يا دكتورة هدي محتاجة اتكلم.

هتفت الدكتورة مرحبة: تيجي براحتك، لو حسيتي في اي وقت انك محتاجة تتكلمي متستنيش معاد الجلسة تعالي على طول..
سمعت ليلى اصوات ضوضاء بالخارج واصوات متداخلة وصوت كريم العالي الغاضب عقدت حاجبيها ثم هتفت بسرعة: طيب يا دكتورة هاكلم كريم واجيلك بكرة...
هتفت الدكتورة بلطف: اوك مستنياكي، في رعاية الله.

اغلقت ليلى الهاتف ثم اسرعت للخروج من الغرفة، وجدت العيادة في حالة هرج ومرج اقتربت من السكرتيرة مردفة بقلق: في ايه..
استدرات السكرتيرة هاتفة بضيق: مفيش دي حالة ضايقت دكتور كريم فزعق وهي طولت لسانها.
نظرت ليلى لغرفته ثم هتفت بتساؤل: هو جوا..

أومأت السكرتيرة، تركتها ليلى وتوجهت لغرفته طرقت الباب بخفوت ثم دخلت رأته يقف ينظر من النافذة وصدره يعلو ويهبط بسرعة وكأنه كان يركض لمسافات طويلة، تقدمت منه وتركت مسافة قليلة بينهم ثم هتفت بتوتر: مالك يا كريم، ايه عصبك كدا..

نظر اليها ثم قطع تلك المسافة بخطوة واحدة وعانقها بشدة هو في هذه الحالة في امس الحاجة اليها، تعجبت هي من فعلته ولكنها تركته ولم تقاومه او تمنعه، ساد الصمت دقائق حتى هتفت هي بلطف: في ايه يا كريم مالك..
ابتعد عنها مردفا بضيق: ست متخلفة جايبة الظاهر مرات ابنها اللي متجوزة امبارح علشان الحمل وكمان عاوزة تشوف هي بقت مدام امبارح ولا من زمان، اصل انا دكتور على الناصية..

ربتت على كتفيها ثم هتفت بحنان: طيب اهدى معلش، في ناس كدا كتير..
زفر بضيق: اكتر حاجة مضايقني ان البنت غلبانة ووشها حزين وزي ما يكون مغصوب على امرها والولية القذرة دي متحكمة فيها، انا لو كنت وافقت وكشفت عليها كنت كسرتها، ست متخلفة حرقت دمي والله.
ابتسمت مردفة بهدوء: احلى حاجة فيك انك لايمكن تخالف ضميرك.

تجمدت انفاسه بعد حديثها ابتلع ريقه بصعوبة بالغة، هرب بعيناه بعيدا عنها، ثم شرد في ذكرى يجاهد في نسيانها...

بمنزل زكريا...
كان يدور في المنزل بعصبية حتى سمع صوت المفاتيح في الباب، استدار بغضب، رأى مديحة تدخل وملامح الغضب على وجهها وسلمى ورائها تدخل بتعب، لم تنطق سلمى بكلمة واحدة ثم ذهبت لغرفتها مغلقة الباب خلفها،
هتفت مديحة بتعجب:
مالك يا واد واقف في نص البيت كدا ليه؟!
زكريا بضيق: انتي كنتي فين ياما، انا نزلت ادي للواد سالم الجمعية وقعدت معاه شوية رجعت مش لاقيتكو.

القت حجابها على المنضدة بغضب: كنا عند الدكتور يكشف على السنيورة..
عقد حاجبيه مردفا بتساؤل: ليه ماهي الممرضة قالت انه..
قطع كلامه ثم تذكر امر ما فهتف بعصبية: انتي بردو وديتها لدكتور علشان يكشف عليها نفذتي اللي في دماغك ولا همك القماشة اللي ورتهالك امبارح، انتي ايه ياما مش ملاحظة انك بتشككي في رجولتي.

زفرت بضيق ثم اقتربت منه مردفة بخفوت: الحق عليا اني عاوزة اطمن يمكن تكون ضحكت عليك يا واد وعملت عملية، يا واد بنات اليومين دول الله اكبر تفكيرهم بقى شيطاني وانت بتسمع وانا بسمع، وبعدين انت المفروض تكون اتعلمت من خطوبتك السابقة مش لازم تثق كدا عارف صوابع ايديك دي شكك فيهم، وبعدين انا سمعت ان البت سلمى دي وهي في الصنايع كانت ماشية مع واحد وبتخرج معاه برا كتير احنا ايه عرفنا يا واد انها كانت صاغ سليم..

جاءت امام عينيه ذكرى ليلى اشتعل الغضب بداخله ثم زمجر بحدة: سلممممى، انتي يابنت ال.

بمنزل رامي المالكي..
وضعت اذنها على الباب، تنصت لاي حركة لم تسمع شيئا تاكدت انه لا يوجد احد بالخارج، فتحت باب الغرفة بهدوء، ثم خرجت على اطراف اصابعها تسير بهدوء شديد حتى وصلت لباب المنزل التفت تنظر نظرة اخيرة بحزن سالت دمعة ساخنة من عينيها مسحتها على الفور استدرات وفتحت الباب ثم خرجت مغلقة الباب خلفها تاركة ورائها كل شئ وقلوب تشتعل بعد معرفة غيابها...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة