قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية شظايا قسوته للكاتبة رحمة سيد الفصل العشرون

رواية شظايا قسوته للكاتبة رحمة سيد الفصل العشرون

رواية شظايا قسوته للكاتبة رحمة سيد الفصل العشرون

ودفعته سيلا عنها برقتها المعهودة، قبل أن تموت سَيلاً بين ذراعيه!
وبالطبع من شدة تأثير لمساته وذوبانها بين يديه التي تعرف مبتغاها جيدًا!
وهمست بضعف حزين بعض الشيئ:
سليم، لو سمحت!
أبتعد قليلاً رفقًا بها، رفقًا على خجلها وعذرية تلك اللمسات لها!
على مشاعر متضاربة تعصف بها فجأةً دون رحمة!
ليبادلها الهمس بابتسامة هادئة:
حاضر
وسرعان ما أختفت تلك الابتسامة لتتبدل بحدة ظهرت مكتسحة تلك الحروف:.

بس لو لقيت حد شافك ولو صدفة كدة بشعرك ده، هرتكب جنايتين
ثم سألها بمكر:
عارفة اية هما؟
هزت رأسها نافية ببلاهة:
لا، أية هما!
واجابته كانت مع اقترابه القلق ليهمس بجوار أذنها وكأنه سرًا يخشى افتضاحه:
اول جناية هخرمله عينيه اللي بيبص بيها ويمكن اموته خالص، وتاني جناية هخدك أحبسك واتجوزك غصب عنك
ثم غمز لها بطرف عينيه متابعًا بنفس المكر الذي يجتاحه:
وإنتِ مش ادي بصراحة.

وقد تدافع مقصد أخر لعقلها جعل الدموع تترقرق بين بحر عيناها اللامع ليزداد لمعانًا!
- هي ليست من مستواه الأجتماعي -!؟
تلك الجملة إرتكزت بين أطياف سماءها الخجولة لتمحي ذاك الخجل في ثواني وتحل محله الحزن المعتاد..
الحزن لإهانة قُدمت خاطئة لها، هي بالفعل مش أده ولكنها أكبر!
فسألها متلهفًا للمحه تلك الدموع التي اصبح يكرهها بين عيناها:
مالك في إية؟
اجابته وهي تنظر للأرض بصوت مختنق:.

أمشي عشان محدش يشوفك هنا مينفعش، أنت مش ادي مينفعش تقف معايا هتسوء سمعتك
وقد وصله مقصد تلك الطفلة - الهشة - فعليًا، تحزن وتبكِ من كلمة غير مقصودة!
كالماسة إن لمسها أي شخص بعنف من دون قصد - تنكسر على الفور -!
ليمسح على أنفها التي كادت تصبح حمراء وهو يقول مشاكسًا:.

ماتبقيش زي الطفلة كدة، ولا زي إية، إنتِ طفلة فعلاً، انا قصدي مش قد عصبيتي، مش قد غيرتي على أي شخص يخصني ولو جدتي، مش قد قسوتي، اللي معاكِ، بتبقى مجرد شظايا!
وتعجب من نفسه بالفعل، في البداية يبرر تصرفاته لعقله الذي ينهره على تلك الحماقات...
وفي النهاية يداوي ما فعله، بترطيبًا خفيفًا ولكن قويًا ممن يشعر به!
ختامها مسك كما يقولون !
وقالت بصوت مضطرب وهي تنظر حولها تتفقد المكان:.

طب آآ دارين، دارين ممكن تيجي او خالتو
مط شفتيه بلامبالاة شقية ؛
عادي يعني، محدش يقدر يقولي تلت التلاتة كام
اومأت بنصف ابتسامة قائلة:
طب يلا، عشان عاوزة انام
وقال بشقاوة:
طب ما تنامي هو انا ماسكك؟
دفعته وهي تكمل ضاحكة بحزم:
أطلع عشان انام
ثم مسحت على شعرها بإرهاق واضح متابعة:
بكرة ورانا شغل كتير في المطبخ، عايزة ألحق ارتاح.

وشهقت وهي تلاحظ انها مازالت خالعة حجابها، فركضت باتجاهه لتمسكه إلا ان سليم امسكه قبلها ليخفيه خلف ظهره، فتوسلته بخفوت:
سليم لو سمحت هات الطرحة
هز رأسه نافيًا، ثم بنبرة جعلت القشعريرة تسير في جسدها من مغزاها:
طب ما تريحي بكرة، أنا مش عايزك مرهقة خالص ده لسة اللي جاي احلى
إبتلعت ريقها، وتلك المرة اقتربت هي، رويدًا رويدًا حتى اختلطت أنفاسهم!
تلك المرة هي مضطرة للمجازفة.

وسحبت حجابها وسط شروده الهائم في اقترابها، وكادت تبتعد مهللة بانتصار:
اخدتها بردو
ولكنه ألصقها به مرة اخرى، وانظاره مثبتة على شفتاها، ليردف بعبث:
بس يا حبيبتي، هو دخول الحمام زي خروجه
وفي لمح البصر ودون أن يعطيها الفرصة للصدمة او الاندهاش كان يقبض على شفتاها باشتياق لم يراعي في قوانينه قلقها العارم منه!
يلتهم ما كان يتوق لالتهامه طيلة الأيام الماضية!

وهي تحاول التملص من بين حصاره الحديدي بذراعيه، لتدفعه اخيرًا لاهثة:
بس بقااا اخرح برررررة يلا
اومأ ببرود عابث:
إيتس أوكيه، براحة يا حبيبتي
حبيبتي ؟!
همسة تصاحب تيارات مصدومة من الخجل، والتوتر، والخوف!
هل هي حبيبته بالفعل، ام مجرد كلمة تلقائية خرجت هربًا دون المرور على - فلتر الإهانة والقسوة لديه -!
ولمَ يهمها ذلك من الأساس؟!

أستفاقت من شرودها على صوت الباب الذي أغلقه قبل أن يغادر بعدما نال مبتغاه الذي أزداد بعدما حققه!

وجلست جميلة في الحديقة تهز الكرسي الخشبي الذي تجلس عليه بقوة..
تفكر وتفكر، التنفيذ خطوة ليست بالسهلة نسبةً مع الصقر !
تفكر وتدبر وتنصب الخيوط ولا تعلم أن القدر خير معاونًا لها!
انه ادمى قلوبهم عشقًا مكبوتًا سينفجر من سهمًا واحدًا منها!
ظلت تهمس وهي مرتكزة بنظراتها على اللاشيئ:
قبل ما ادبسهم لازم أعرف أن كان سليم خلاص حبها ولا لسة
صمتت برهه تفكر لتكمل بعدها متساءلة لنفسها ؛
طب هعرف ازاي بقا!

هزت رأسها وهي تردف بحيرة:
بس ازاي اخليهم يتجوزوا وسليم مفكر إنها فاقدة الذاكرة
مسحت على رأسها وهي تتابع شاردة:
اجباريًا لازم سليم يعرف الحقيقة بس بعد التدبيس
اتسعت ابتسامتها قبل أن تمسك بالهاتف الذي بجوارها ثم تتصل ب يوسف شقيق دارين الوحيد
ليأتيها صوته بعد ثواني مرددًا:
ست الحبايب بتتصل بيا مرة واحدة لا لا المفاجأة هاتموتني
ضحكت قبل أن تقول:
مش هاتبطل مشاكستك دي يا ولد
لا اكيد، وحشاني صدقيني.

لو وحشاك كنت جيت تشوفني يا يوسف، مش مطنشني كدة وباعت لي اختك بس
معلش والله الشغل متلتل فوق راسي
لا مفيش اعفاء، عايزاك هنا النهاردة او بكرة بالكتير
من عنياا، انت تؤمر يا قمر
ماشي يا حبيبي، بس اكيد عشان عايزاك ضروري
تمام تمام خير اللهم اجعله خير
تقلقش خير ان شاء الله
ماشي يا حبيبتي يلا عاوزة حاجة
عاوزة سلامتك، سلام
مع السلامة.

أغلقت ويجتاحها شعور باليقين أنها اختارت الشخص الصحيح تمامًا..
من سيشعل فتيل غيرة الصعيدي بداخل - ذاك العنيد - سليم!

كفاية يا مجدي، أحنا مابقاش ينفع نكمل مع بعض بعد كل اللي حصل.

قالتها رقية وهي تقف امام مجدي الذي خرج لتوه من المرحاض بصوت ضعيف واهن..
نبرة تخللها الألم والضعف درجاتها!
إن كانت تعلم أن هذا هو جزاء ما ستفعل لما كانت فعلت ابدًا!
إن وضعت العقاب والجزاء والفعل بينهما قبل أي شيئ، سيكون التردد المصير الحتمي!
ليرمقها بنظرات ساخرة يتوارى خلفها الكثير والكثير من بذور القلق من قرار قد يصدر وهو لا طاقة له به و رد:
اية ده معقول تعبتي بسرعة كدة.

ثم اقترب منها يربت على كتفها باستهانة ساخرة:
معلش انا عارف إن رد فعلي كان قاسي شوية، لا شويتين، بس مش بعد ما تركبِ الوحش الجنان، تطلبي منه الهداوة!
هز رأسها نافية لتتابع:
لأ، أنا مش طالبة منك الهداوه، انا طالبة طلب وحيد واخير
وعند ذكر النهاية، تتلف أوتار قوته وصبره!
وهل ما زال يعشقها؟!
بالتأكيد نعم، سنين وسنين من العشق لا يزيلها شهرًا من الألم!
ولكنه سألها بثبات ظاهريًا فقط:.

ولو انك ملكيش طلبات، بس اطلبي خير؟
تنهدت وهي تنطقها بوهن:
نتطلق، خلينا ننفصل بهدوء يا مجدي، أنت لا يمكن تنسى اللي حصل، وانا لا يمكن استحمل واكتم جوايا اكتر من كدة.

اقترب منها في لمح البصر يقبض على ذراعها بقسوة مرددًا:
مش إنتِ اللي هتحددي ننفصل ولا لا ده اولاً، ثانيًا طلاق مابطلقش، ثالثًا انا حذرتك إن حد من اهلك يعرف، احنا ادامهم اسعد زوجين في العالم
هزت رأسها نافية بأصرار وقوة نبعت من إهانة باتت لا تُطاق:
لا كفاية، لازم يعرفوا بقا مش هخبي تاني خلاص
وكاد يصفعها ولكن تماسك بصعوبة، كونها وصلت لمرحلة اللامبالاة في الخطأ..
هو لا يريد أن يصبح مثلها بالمرة!

اقترب منها يمسك يدها ولأول مرة منذ فترة برفق ليقول:
اوعي تفكري إن أنتِ لوحدك اللي بتعاني، أنا يمكن تعبان أكتر منك، عمرك شوفتي طفل غلط واهله ماعقبوهوش؟
هزت رأسها نافية:
لا بس أنا آآ
قاطعها وهو يبتعد بصلابة وصرامة لاذعة:
مابسش يا رقية، النقاش انتهى، طول حياتنا واحنا بتناقش لحد ما عملتِ اللي عملتيه، دلوقتي فترة الأوامر بس
هزت رأسها نافية بجمود ؛
انا عمري ما هامحي شخصيتي يا مجدي.

اومأ ببرود وهو يخرج من الغرفة:
وانا مش عايزك تمحيها اساسًا يا حبيبتي
غادر ليتركها تكز على أسنانها بغيظ، لتهمس متوعدة له:
و3 ايام ضعف خلصوا يا مجدي، وبس خلاص مش هاسكت تاني!

وكانت سيلا ساكنة بمكانها كالعادة، لتجد دارين تدلف دون أي اذن، كأعصار حارق يود النشب في كل من امامه، ثم سحبتها من يدها بعنف وكأنها عروس للعب!
فسألتها سيلا بتوجس:
في أية إنتِ وخداني على فين؟
اشارت لها دارين ان تصمت بصوت امر:
اخرسي ماسمعش صوتك
حاولت سيلا أن توقفها مرددة ؛
طيب هحط طرحة على شعري
هزت الاخرى رأسها نافية بخبث شابه الحقد الدفين:
أنا اصلاً وخداكِ عشان شعرك ده!
سألتها سيلا ببلاهه ؛
يعني إية!؟

ووصلوا امام غرفة دارين، فدلفت هي وسيلا ثم اغلقت الباب، لتتجه نحو المقص تمسك به ثم اقتربت من سيلا مرة اخرى والشر يتطاير من بين عيناها..
بينما الاخرى تشعر بقلبها يُعتصر بخوف وقلق من تلك الخبيثة لتسألها متوجسة:
إنتِ هتعملي إية؟
اجابتها ببرود حاقد:
هادمر اي حاجة بتجذبه ليكِ!

طرق سليم باب الغرفة التي تقطن بها نادين، ليفتحه ببطئ ليراها تمسك القلم بين يديها البيضاء الناعمة، وامامها أوراق بيضاء ترسم عليها بشرود تام..
ولكن وكأن تلك المرة ذلك الشرود حاولت أخراجه على هيئة رسومات نابعة من فراشة يتحكم بها القلب!
اقترب منها بابتسامة ليسأل المساعدة بجدية:
أية الاخبار؟
اجابت بجدية متحمسة لطريقًا اُنير امامها:.

الحمدلله في تحسن يا استاذ سليم، أديتيها ورق وقلم ترسم لعلها تقدر تخرج اللي جواها في الرسم ده، ولقيتها استجابت وبترسم
اومأ سليم بامتنان:
طب الحمدلله، أن شاء الله تتشفى تمامًا وتخرج من الصمت ده
رددت خلفه:
إن شاء الله
ثم تنحنح قائلاً بجدية شبه آمرة:
أطلعي برة معلش وخدي الباب في إيدك عشان عاوز اتكلم معاها في حاجة
اومأت بهدوء:
حاضر.

غادرت بهدوء ليتجه سليم نحو نادين التي لم يهتز لها جفن، وما إن جلس بحوارها واستنشقت رائحته المنفردة حتى نظرت له وهي تهمس بابتسامة:
سليم
تهللت اساريره بفرحة عارمة لم تُبقى خلية من خلاياه إلا وتمرغت فيها، ليمسك يدها مرددًا بسعادة:
عرفتيني يا نادين، يا الله ماتتخيليش فرحان بتطورك ده أزاي!
جلس بجوارها ليبدء حديثه بسؤاله الهادئ:
نادين، إنتِ عارفة ياسين صح؟
صمت، ثم صمت ثم هزة رأس مؤكدة بابتسامة!

وكأنها كانت تبحث بين جنبات عقلها عن اسم غيره ولكن، لم تجد سواه تتذكره كما كان، فاشقت الابتسامة ثغرها دون تردد!
فأكمل سليم بحزم حنون:
ياسين عايز يتجوزك يا نادوو، موافقة عليه؟
لم يجد رد فسألها بود:
بتحبي ياسين يا نادوو؟
اومأت بلا تردد بنفس الابتسامة الشاردة، لتتسع ابتسامة سليم وهو ينهض قائلاً:
كدة تمام اوي
ثم اخرج هاتفه ليتصل بياسين وعيناه ترافق نادين التي عادت لرسمها مرة اخرى، ليأتيه صوت ياسين المتلهف:.

الووو ايوة يا سليم
ياسين اية اخبارك؟
مستني ردك على احر من الجمر
طب تمام، حيث كدة بقا هات الحاجة الوالدة والوالد ونورونا
بجد، أنت مش متخيل فرحتني ازاي، روح اللهي ربنا يبتليك بواحدة تطلع عينك، آآ قصدي تفرح قلبك
ضحك سليم قبل أن يردف بصوته الأجش ؛
ماشي يا مشاكس، يوم الخميس الساعة 7 بليل يناسبكم؟
يناسبنا جدًا، ده انا هقوم ألبس من دلوقتي
ماااشي، يلا مع السلامة
سلام يا برنس.

اغلق الهاتف وهو يتنهد بارتياح، إلتفت لنادين مرة اخرى لتقع عيناه على الرسمة التي رسمتها..
وما أن دقق بها حتى أتسعت حدقتا عيناه صدمة حقيقية!
وهو يرى ياسين وكأنه يتجسد امامه..
الصورة تمثله حرفيًا!
وكأن تلك الملامح حُفرت بذاكرتها بشكلاً من الذهب فكان من السهل أن ترسمها بذلك التطابق!
اقترب منها يربت على شعرها بحنان خالص وهو يهمس:.

كدة أنا اتطمنت إنك هاتكوني مع الشخص الصح، من خلال معلوماتي عن ياسين، اقدر احط أيدي الاتنين في مياة باردة!
وما إن انتهى من جملته حتى سمع صوت عالي بالأسفل و...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة